• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / قصص ومسرحيات للأطفال
علامة باركود

قصة خلق الإنسان - للأطفال

قصة خلق الإنسان
زينب جويل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/3/2012 ميلادي - 23/4/1433 هجري

الزيارات: 105768

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كان لأمٍّ سبعة أطفالٍ: خمسُ بناتٍ (فاطمة - عائشة - خديجة - رقيَّة - هند)، وولدانِ (إبراهيم - وأحمد)، كانوا يعيشون في بيتٍ بسيطٍ، يحفظون فيه القرآنَ، وبعضَ الأحاديث الصَّحيحة، التي تناسب سنَّهم، ويتعلَّمون الفقهَ، والتَّوحيد، والأخلاقَ الحميدة، والعفافَ، والطَّهارة.

 

وكانت أكبرَهم سنًّا فاطمةُ، كانت في الرَّابعةَ عشرةَ من عمُرها.

فسألت فاطمةُ ذات يوم أمَّها فقالت:

فاطمة: أمِّي الحبيبةَ، أريد أن أعرفَ منك كيف خلَق اللهُ - سبحانه وتعالى - الإنسانَ؟

الأم: ابنتي الحبيبةَ، هل تعرفين أولاً من أوَّل إنسانٍ خلَقه اللهُ تعالى؟

 

فاطمة: نعَم، أعرف يا أمِّي، هو آدمُ - عليه السلام - أبو البَشر.

الأم: أحسنتِ يا فاطمةُ، وهل تعرفين من أي شيءٍ خلَقه اللهُ - سبحانه وتعالى؟

 

فاطمةُ: نعَم يا أمِّي، أعرف أن اللهَ خلَقه من طين.

عائشة: ولكن يا أمِّي أنا لا أعرف كيف خلق الله آدم - عليه السلام - من طين؟ وأريد أن أعرفَ منكِ يا أمي.

الأم: حسنًا يا بناتي، سأروي لكم الآن كيف خلَق اللهُ آدمَ - عليه السلام؟

إن اللهَ - سبحانه وتعالى - حكيمٌ في أفعاله، يعلم كلَّ شيء، ومحيطٌ علمُه بكلِّ شيءٍ، هل تعلمْن ذلك يا بنيَّاتي؟

 

فاطمة وعائشة وخديجة: نعم يا أمي، فالله - تعالى - يعلم كلَّ شيء، ويعلم ماذا سنفعل قبل أن نفعل.

 

الأم: أراد الله - سبحانه وتعالى - أن يخلق بشرًا، فأعْلَم الملائكة بذلك.

 

فقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ [البقرة: 30].

 

فقالت الملائكة: ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾ [البقرة: 30]؟

 

فاطمة: لماذا قالت الملائكة هذا الكلامَ؟

الأم: قالت الملائكة ذلك؛ لأنها تعظِّم اللهَ - سبحانه وتعالى - وتجلُّه ولا تريد أن يعصيَه أحد.

 

ولكنَّ الله - سبحانه وتعالى - رد عليهم فقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30].

 

فعرَّفهم الله - سبحانه وتعالى -  بنفسه وبكمال علمه، وأنه لا يخلُق شيئًا عبَثًا، ولا لغير حكمة، ثم بيَّن لهم ذلك، بأن خلَقه الله - سبحانه وتعالى - بيده؛ تشريفًا له على جميع المخلوقات.

 

عائشة: كيف ذلك يا أمي؟

الأم: قبض الله - سبحانه وتعالى - قبضةً من جميع الأرض سهْلِها وحزْنِها، وطيِّبها وخبيثها، وأبيضِها وأسْودها، وأصفرها وأحمرها.

 

خديجة: ولماذا يا أمي لم يخلقْنا الله من نوع واحد؟

الأم: هذه حكمة الله يا بنيَّتي، فهذه طباع الناس اليومَ؛ فمنهم السهْل والصعْب، والطيِّب والخبيث، وأيضًا ألوانهم مختلفة؛ فمنهم الأبيض والأسود، والأصفر والأحمر.

 

فاطمة: أمي، وهل هذه القبضات كانت طينًا؟

الأم: لا يا بنيَّتي، فهذا كلُّه كان ترابًا، ثم ألقى الله - سبحانه وتعالى - عليه الماء، فصار طينًا، ثم لمَّا طالت مدة بقاء الماء على الطين، تغيَّر فصار حمأً مسنونًا.

 

عائشة: أمي، ما معنى: "حمأً مسنونًا"، فإني أقرأ في كتاب الله: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ ﴾ [الحجر: 26]، ولا أدري ما الحمَأُ المسنون؟

الأم: حبيبتي عائشة، الحمأ المسنون، هو: طين أسود، اسودَّ من بقاء الماء عليه مدة طويلة.

 

خديجة: جزاك الله خيرًا يا أمي، أكملي يا أمي هذه القصة الجميلة، فأنا مشتاقة لسماعها.

الأم: حسنًا يا خديجة، أعرف أنك في عجَلة دائمًا.

بعدما جعله الله - سبحانه وتعالى - حمأً مسنونًا، صوَّره ثم أيبسَه، فصار كالفَخَّار الذي له صلصلة.

 

عائشة: ماذا يعني يا أمي هذا؟

الأم: نعَم حبيبتي عائشة، يعني أنه أصبح جسدًا بلا رُوح.

 

فاطمة: وكيف يا أمي صار إنسانًا يأكل ويشرب ويتكلَّم ؟

الأم: أحسنت يا فاطمة؛ دائمًا تسألين عن الأشياء المهمَّة.

 

نفخ الله فيه الرُّوح، وقال له: كن، فكان إنسانًا، له عظام، ولحم، ودمٌ، وعروق، وأعصاب، ورُوح، وعقل.

 

خديجة: وهل تركه الله يا أمي بعدما خلَقه؟

الأم: لا يا حبيبتي، ألم أقل لك: إن الله لم يخلقْ شيئًا عبثًا ولا لعِبًا؟

 

فاطمة: مَعْذرةً يا أمي، نحن نعلم أنَّ الله - سبحانه وتعالى - خلَق آدم - عليه السلام - وذريتَه لشيء عظيم، ونريد أن تخبرينا ما هو يا أمي؟

الأم: أحسنتِ يا فاطمة، خلَقه الله - سبحانه وتعالى - وكرَّمه وأعطاه كل خير ونعمة؛ حتى يعبدَه - سبحانه وتعالى - ولا يشركَ به شيئًا، ألم تحفظوا قوله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]؟

 

عائشة: ماذا حدث بعد ذلك لآدم - عليه السلام؟

الأم: بعدما خلَقه الله ونفَخ فيه من رُوحه وأعدَّه لكل علم وخير، أتمَّ عليه النعمة بأن علَّمه الأسماء كلها، ثم أراد الله أن يرى الملائكةُ كمالَ هذا المخلوق، فعرَض عليهم المسمَّياتِ، فقال - سبحانه وتعالى - لهم: ﴿ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 31].

 

فعجز الملائكة - عليهم السلام - عن معرفة أسماء هذه المسمَّيات، وقالوا: ﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 32].

 

فقال الله - سبحانه وتعالى - لآدم: ﴿ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ﴾ [البقرة: 33].

فلما أنبأهم آدم - عليه السلام - بأسمائهم، رأت الملائكةُ مِن كمالِ آدم - عليه السلام - وعلْمِه ما لم يكن في حُسبانهم، فعرَفوا بذلك كمالَ علم الله وحكمته، وعظَّموا آدم غاية التعظيم.

 

فأراد الله - تعالى - أن يظهَر هذا التعظيمُ والاحترامُ لآدم من الملائكة ظاهرًا وباطنًا، فقال لهم: ﴿ اسْجُدُوا لِآدَمَ ﴾ [البقرة: 34]؛ احترامًا له وتوقيرًا، وعبادةً لله - سبحانه وتعالى - بامتثال أمره.

فبادَروا كلُّهم بالسجود، وكان إبليسُ بينهم فأمره اللهُ بالسجود معهم، فأبى.

 

فاطمة: أمي، وهل كان إبليس من الملائكة؟

الأم: لا يا بنيَّتي، لم يكن من الملائكة، إنه من الجن، خلَقه اللهُ من النار، وخلَق الملائكة من النُّور، وخلَقنا نحن من الطين.

 

عائشة: ولماذا كان معهم يا أمي؟

الأم: لأنه يا بنيَّتي كان قبل ذلك مجتهدًا في العبادة؛ حتى سمَّوْه طاوسَ الملائكة، ولكن بعد هذا الحدث تغيَّر وأظهر ما كان يُخفي من الكِبْر.

 

خديجة: ولماذا لم يسجد يا أمي؟

الأم: لم يسجد إبليس لآدم - عليه السلام - لأنه تكبَّر وعاند، وظن أنه خيرٌ من آدم - عليه السلام - فقال: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾ [الأعراف: 12].

 

عائشة: ماذا فعل الله به يا أمي بعد عنادِه هذا؟

الأم: أخرجه اللهُ - سبحانه وتعالى - من الجنة ولعَنه؛ لأنه تكبَّر وعصى الله، فقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ  * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [ص: 77، 78].

 

فاطمة: وهل بقي آدمُ وحيدًا في الجنة يا أمي؟

الأم: لم يبق وحيدًا يا حبيبتي، بل جعل الله له من يؤانسه، زوجَه حوَّاءَ، خلقها اللهُ من ضِلَعه، فلمَّا رآها الملائكة قالوا: من هذه يا آدم؟ قال: هي حواء.

فعاش آدم وزوجُه حياةً طيبة سعيدة في الجنة، يأكلون من ثمارها، ويشربون من مائها، ويتلذَّذون بكلِّ ما فيها، إلا شجرةً واحدة، أراد الله - سبحانه - أن يختبرَهما فيها.

 

فاطمة: أمي، ألم يُخلق أبونا آدم في الجنة؟

الأم: نعم، خُلق آدم - عليه السلام - في الجنة.

 

فاطمة: فلماذا نحن الآن في الأرض؟ نحن نحب الجنة ونريد أن نعيش فيها!

الأم: يا بنيَّتي، إبليس اللعين، الذي عاند وتكبَّر ولم يسجدْ لآدم، أظهر عداوته لآدم أمام الله - سبحانه وتعالى - بعدم سجوده له وبقوله: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾ [ص: 76].

ثم قال: ﴿ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [ص: 82، 83].

 

فلمَّا رأى آدم وزوجَه في الجنة منعَّمينِ مكرَّمينِ بما أعطاهما الله، غضِب وعزم على إخراجه وزوجِه من الجنة، فكيف يُحرَم هو من هذا النَّعيم ويترك آدم وزوجه يتنعَّمان فيها؟


فأخذ يوسوس لهما بأن يأكلا من هذه الشجرة التي نهاهما الله عنها، وأخذ يتظاهر لهما بالنُّصح، وقال لهما: ﴿ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ [الأعراف: 20، 21]، وأقسَم بالله على ما يقول.

 

فخُدِع آدم به؛ لأنه لم يتصور أن يقسِم أحدٌ بالله كاذبًا، فصدَّقه، وغفَل عن أمر الله - تعالى - وأكَل هو وزوجُه من الشجرة، فبدتْ لهما سوءاتُهما، وانكشفت عوراتُهما، فسارعا إلى الشجر يستتران بورقها: ﴿ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [الأعراف: 22].

 

عندها عرَف آدم وزوجُه أنهما أخطأا، فقالا: ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]، فلما علم الله صِدق توبتهما، تاب عليهما، وعفا عنهما: ﴿ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 37]، وأمرَهما بالهبوط إلى الأرض فقال: ﴿ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ [البقرة: 36].

وحذَّر الله - سبحانه وتعالى - آدم وزوجَه من هذا العدو الذي أخرجهما من الجنة.

 

رقية: أنا أكره إبليسَ جدًّا يا أمي؛ لأنه أخرجنا من الجنة، إنه يا أمي لا يحب لنا الخير.

الأم: أحسنتِ يا رقية، فهو لا يريد لنا السعادة أبدًا، بل يريد منا أن نكونَ مثلَه في النار، فلا بد أن نكرهَه ونحذَر من وساوسه؛ حتى لا نكونَ معه في النار.

 

خديجة: أنا يا أمي لن أسمع كلامه أبدًا - إن شاء الله - وسأحافظ على صلاتي وسجودي لله - سبحانه وتعالى - حتى لا أكون مثلَه.

الأم: أحسنت يا خديجة؛ إن الشيطان يحزَن من هذا جدًّا، فاجتهدي؛ حتى تحزنيه كما أحزن أبانا.

 

فاطمة: أمي، أريد أن أسأل سؤالاً قبل أن نختم القصة.

الأم: تفضلي يا فاطمة.

 

فاطمة: أريد أن أعرفَ فوائد هذا التراب الذي خُلق أبونا منه؟

الأم: هذا يا فاطمة سؤال جيِّد، وإليك يا بنيتي فوائدَه:

1- التراب رافعٌ للحدَث: فإذا عُدم الماء، أو لم نستطعِ استخدامَه في الطهارة لمرض أو غيره، تطهرْنا وتيممْنا بالتراب؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وجُعل ترابُها لنا طَهورًا إذا لم نجدِ الماء)).

 

2- التراب مطهِّر للنجاسة: فقد قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((طَهورُ إناءِ أحدكم إذا ولَغ فيه الكلبُ أن يغسلَه سبع مرَّاتٍ، أوَّلهن بالترابِ)).

 

ففي العلم الحديث أثبتوا أنْ لا شيءَ يزيل نجاسة لعاب الكلب مع كثرة المنظِّفات والمطهِّرات غيرُ هذا التراب.

 

وأيضًا ثوبُ المرأة إذا طال فجرَّ الذيلُ نجاسةً، يطهُر هذا الذيلُ بالتراب، وأيضًا النعل إذا كان فيه نجاسةٌ يطهُر بدَلْكِه بالتراب.

 

3- التراب يصنع الله لنا منه الغذاء: فمنه تنمو النباتات والأشجار والثِّمار، فيأكل منه الإنسان والحيوان، ثم يتغذَّى الإنسان على هذا الحيوان، فلولا خلقُ الله لهذا التراب، لَما خُلق النبات ولا الحيوان، ولا عاش الإنسانُ، فالحمدُ لله.

 

4- التراب مادة للخير والبركة والنماء: فالتراب الطيِّب إذا أنزل الله عليه الماء، استجاب له، وأنبت من كلِّ زوج بهيج، فكذلك الإنسان الطيِّب المؤمن، إذا نزل عليه القرآنُ، استجاب لأمر الله وأظهر ذلك.

 

قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾ [الحج: 5]، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مثَلي ومثَل ما بعثني الله به من الهُدى والعلم كمثل غيثٍ أصاب الأرض، فكانت منها طائفةٌ قبلت الماءَ فأنبتت الكلأَ والعشب الكثير، وكانت منها أجادبُ أمسكت الماءَ، فنفع الله بها الناسَ فشربوا ورعَوْا وسَقَوْا، وأصاب طائفةً أخرى منها الماءُ، وهي قيعانٌ لا تُمسك ماءً ولا تنبت كلأً، فذلك مثَل من فقُه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلِم وعلَّم، ومثَل من لم يرفعْ بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلتُ به)).

 

5- التراب سبب في شفاء الجروح: فإذا جُرح الإنسان، يضع إصبعه في فمه ثم يضعُه في التراب، ثم يضعُه على جُرحه ويقول: ((بسم الله، تربةُ أرضِنا، برِيقةِ بعضِنا، يُشفى سقيمُنا، بإذن ربِّنا)).

 

6- التراب تُستخرج منه الكنوز: كالذهب والفضَّة، والمعادن بأنواعها، والنِّفط؛ فهو سبب في جعل الإنسان ثريًّا.

 

7- التراب والطين نصنع منهما البيوت: فبيوت الطين منه، والمنازل والمؤسسات والعمائر والعقارات منه.

 

8- التراب تُصنع منه الأواني: كأواني الفَخَّار، والزُّجاج، والصيني.

 

9- من التراب تُصنع الجواهر الثمينة: فكذلك المؤمن هو من ترابٍ، وهو ثمينٌ إذا استقام، وعمِل لِما خُلق له.

 

10- التراب يمتص الصدمات: لذلك يضعونه في الحدائق عند لعب الأطفال؛ لأنهم إذا سقطوا عليه يلين لهم فلا يؤلمهم، بخلاف الصخر؛ فإنه يؤذي الإنسان إذا سقط عليه، فكذلك المؤمن يمتص الغضبَ ويصبر على الأذى، ويلين لذكر الله وللمؤمنين.

 

رقية: أمي، أنا أحب التراب جدًّا؛ لأنه لا يؤذيني، وأحب أن ألعب بالتراب أنا وهندٌ.

الأم: نعم يا رقية، ونحن أيضًا نحب التراب؛ لأنَّنا خُلقنا منه، ولكن انتبهي، فلا تأكلي التراب، ولا تضعيه في عينك؛ لأن هذا يؤذيك.

 

عائشة: سبحان الله! كلُّ هذا من التراب، الحمد لله الذي خلَقَنا من التراب.

خديجة: جزاك الله خيرًا يا أمي؛ فقد تعلمت منك كثيرًا، ولكن يا أمي الحبيبة، أخي إبراهيمُ كيف خُلق؟ ونحن أيضًا كيف خُلقنا؟ فإني لم أرَ ترابًا عليه عندما أتيتِ به؟

سألت خديجة هذا السؤال؛ لأنَّ أخاها إبراهيمَ كان أصغرَهم.

الأم: يا بنيَّتي، أنا حكيتُ لَكُنَّ قصة خلقِ أبينا آدمَ، أما نحن، فلم نخلقْ مثلَه؛ ولكنْ هو أصلُنا.

 

فاطمة: أنا يا أمي أحفظ هذه الآية: قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 12 - 14].

الأم: أحسنتِ يا فاطمة.

وأنت يا عائشة اذكري آيةً تدل على خلق الإنسان مما حفظتِ من القرآن.

 

عائشة: قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ﴾ [السجدة: 7 - 9].

الأم: أحسنتِ يا عائشة.

وأين أنت يا خديجة، ماذا حفظت في خلق الإنسان؟


خديجة: قال - سبحانه وتعالى -:﴿ أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ * فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ﴾ [المرسلات: 20 - 23].

الأم: أحسنتنَّ جميعًا، فإن الآيات في خلق الإنسان كثيرة، ففي سورة الحج يخبرنا خالقنا - سبحانه وتعالى - كيف خلَقَنا، فقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾ [الحج: 5].

 

وقال - سبحانه وتعالى - في سورة غافر: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [غافر: 67].

 

والآن أفسِّر لكُنَّ يا بناتي ما حفظتن في كتاب الله.

أولاً: خلقنا الله - سبحانه وتعالى - من النُّطفة، وهي: الماء المَهين الضعيف (وتظلُّ نطفةً أربعين يومًا في بطن الأمِّ).

 

ثم يجعل - سبحانه وتعالى - هذه النُّطفة علقةً، وهي: القطعة اليسيرة من الدَّم الغليظ الجامد (وتظل أيضًا أربعين يومًا).


ثم يجعل - سبحانه وتعالى - هذه العلقةَ مُضْغةً، وهي: قطعة لحمٍ قدر ما يمضغه الإنسان (وتظل أيضًا أربعين يومًا).


ثم يجعل الله - سبحانه وتعالى - هذه المُضغة عظامًا.

 

ثم يكسو الله - سبحانه وتعالى - هذه العظامَ لحمًا.

 

وهذا الشَّكل شكل المضغة المخلَّقة وغيرِ المخلَّقةِ.

 

 

 

وهذا حديث صحيح يؤكد ما أقول لكُنَّ، فنحن يا حبيباتي نؤمنُ بكلِّ ما جاء في القرآن والسنَّة الصحيحة، أليس كذلك؟

 

فاطمة: نعم يا أمي، أنا أحب معرفة الدَّليل من الكتاب والسنَّة، تفضلي يا أمي وقولي لنا الحديث.

الأم: قال عبدالله: حدَّثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق، قال: ((إنَّ أحدَكم يُجمع خلْقُه في بطن أمِّه أربعين يومًا، ثم يكونُ علَقة مثلَ ذلك، ثم يكونُ مضغةً مثلَ ذلك، ثم يبعثُ الله ملَكًا فيؤمرُ بأربع كلماتٍ، ويقال له: اكتبْ عملَه، ورزقَه، وأجلَه، وشقيٌّ أو سعيدٌ، ثم ينفَخُ فيه الرُّوحُ))؛ أخرجه البخاري.


ثم بعد تخلُّقه يأتي الملك لكتابة أربع كلماتٍ بأمرٍ من الله - سبحانه وتعالى - له: يكتب عملَه، ورزقَه، وأجلَه، وشقيٌّ أم سعيدٌ.

 

ثم ينفخُ اللهُ - سبحانه وتعالى - فيه الرُّوحَ.

ثم يَكْبَرُ في بطن أمِّه حتى يكون طفلاً.

 

ثم يخرج من بطن أمِّه وهو في أشدِّ الضَّعف.

فيُلقي الله في قلب أمِّه حبَّه، فترعاه في حالة ضعفِه.

 

وهو في هذه الحالة الضعيفة يرزقُه الله - سبحانه وتعالى - بغذاءٍ يناسبه، من ثدْيِ أمِّه، يتغذى عليه حتى يستطيعَ الأكل.

 

ثم يهيِّئ له من يرعاه ويربِّيه ويوجهِّه في صغره.

ثم يكبَر ويكون قويًّا شابًّا، يميِّز بين الخير والشر.

 

عائشة: سبحان الله يا أمي، هذا شيء عجيب! لا يستطع أحدٌ أن يفعل مثلَه أبدًا.

فاطمة: سبحان الله! هذا يدل على قدرة الله، فكيف يخلُق من الماء بشرًا؟

 

خديجة: ويدل أيضًا على رحمة الله بهذا الطفل، بأن رزَقه أمًّا ترعاه، وغذاءً وشرابًا يناسبه حتى يكبَر، فسبحان الله العظيم الرحيم!

 

رقية: أنا أحب الله كثيرًا يا أمي؛ فهو رحيم بنا، وأيضًا يا أمي أحب اللهَ؛ لأنه خلَقنا في صورة جميلة، فأنا حفظت هذه الآية: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4].


الأم: أحسنتُنَّ جميعًا، وأحسنتِ يا رقية على استدلالِك بالآيةِ، فالله - سبحانه وتعالى - خلَقنا في أحسنِ صورةٍ، وأعدلِ قامةٍ.

 

فاطمة: عرفتُ الآن يا أمي لماذا نشكر الله، وعرفت يا أمي الحبيبة لماذا نعبدُ الله، فالله لم يخلقْ هذا الإنسانَ وما فيه من جوارحَ إلا لشيءٍ عظيم، وهو عبادته - سبحانه وتعالى - ولولا هذا الأمرُ العظيم، لجعلَه حيوانًا لا عقْل له.

 

الأم: بارك الله فيك يا فاطمة، هذا كلام جميل جدًّا، فالإنسان يتعلَّم؛ كي يعرفَ الله، ويؤمنَ به، ويعرفَ قدرته، فيزدادَ بذلك العلمِ إيمانًا ويقينًا وحبًّا لخالقِه.

 

فهذا العلم يكون طريقُه إلى جنَّة عَرْضها السمواتُ والأرض.

 

أما إن كان العلم لا يَزيده إيمانًا ولا يقينًا ولا عبادةً لله، فهذا العلم لا فائدة منه، فنحن لم نُخلق إلا لعبادتِه - سبحانه وتعالى - لا شريكَ له.

 

عائشة: أمِّي الحبيبة، أكملي لنا قصة خلْقنا؛ فأنا أريد أن أعرف المزيد؛ حتى أشكرَ الله أكثرَ.

الأم: عائشة حبيبتي، إنَّ الله لم يخلقِ الإنسان دون أن يهيِّئ له المكان المناسب والجو المناسب.

 

فالله خلَق لنا السماء والأرض، والشمس والقمر، والهواء والنبات، وأيضًا خلَق لنا الحيوانات والنجوم والجبال، والبحار والأنهار.

 

خديجة: سبحان الله! كلُّ هذا من أجْلنا؟

الأم: نعم يا خديجة، كلُّ هذا من أجلنا.

 

رقية: وماذا نفعل بكل هذا يا أمي؟

الأم: يا رقية، نحن دون هذه المخلوقات: السماءِ والأرض، والشمس والقمر، والهواء والنبات، والبحار والأنهار - لن نعيش.

 

يا رقية، خلَق الله - سبحانه وتعالى - لنا السماء سقفًا محفوظًا، يحفظنا الله بهذا السقف من الإشعاع الضارِّ بنا، فهذه السماء تشبه سقف البيت الذي نحتمي به من الحرِّ والبرد والمطر، فكذلك السماء يحفظنا الله بها مما يضرُّنا من هذه الأشعَّة المحرقة، وخلَقها الله - سبحانه وتعالى - بلا عَمَد، فهي لا تقع على الأرض، ولا عَمَد فيها يقيها من الوقوع، فالله يمسكها أن تقع على الأرض، وهذا يدل على عظمته - سبحانه وتعالى.

 

أما الأرضُ، فهي للاستقرار عليها، فدون أرضٍ يا رقية على أيِّ شيء نمشي، ونجلس، وننام، وكيف نزرع يا رقية؟

أما الشمس والقمر، فمن يذكر لي فائدتهما؟

 

خديجة: الشمس يا أمي ضياءٌ لنا، والقمر نورٌ لنا بالليل، فإني حفظت هذه الآيةَ: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا ﴾ [يونس: 5]، وأيضًا يا أمي تُدْفئنا في الشتاء، وهي مفيدةٌ للنبات والحيوان، ومفيدة أيضًا لنا لعظامِنا وشعَرنا، والشمسُ والقمر لهما فائدة عظيمة يا أمي؛ نعرف متى نصوم، ومتى نفطر، ومتى نحج.

 

الأم: أحسنتِ يا خديجة، هذه فوائدُ عظيمةٌ جدًّا يا خديجة.

ومن يذكر فائدة الهواء والماء والنبات والبحار والأنهار؟

 

عائشة: الهواء يا أمي: حتى نتنفَّس؛ فدون الهواء نموت، والماء: حتى نشرب؛ فدون الماء نموت؛ فقد قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30].

 

والنبات: طعام لنا ولأنعامنا؛ فدون النبات لا يعيش الإنسان ولا يعيش الحيوان، والأنهار والعُيون والآبار: مصدر الماء الذي نشربه، والبحار: يخرُج منها اللؤلؤ والمرجان والأسماك اللذيذة، فأنا أحبُّ السمك جدًّا.

الأم: أحسنتِ يا عائشةُ، فكل ما ذكرتِه يدل على خالقٍ عظيمٍ.

ولكنْ، من يقول لي فائدة الجبال؟

 

فاطمة: أمي، أنا حفظت في كتاب الله: ﴿ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ [النحل: 15]؛ فعلمتُ بهذه الآية أنه دون الجبال ستَميد الأرض ولن تستقرَّ، ولن تصلح للاستقرار عليها، فالجبال تثبِّت الأرض بإذن الله، وهذه فائدة عظيمة، فدون هذا الاستقرار لن نستطيع العيش عليها، بل ستكون سببًا في شقائنا كما يحصل في الزَّلازل.

 

وأيضًا يا أمي، يُستخرج منها الرُّخام والجرانيت، وغير ذلك مما ينفع الإنسانَ في بناء بيته وفي كسْب رزقه.

الأم: أحست يا فاطمة، وأحسنتُنَّ جميعًا، فليس في الكون شيءٌ خُلق بلا فائدةٍ ولا نفع، فلله الحكمة البالغة في خلقه.

 

فاطمة: وهل نحن نستحقُّ كلَّ هذا يا أمي؟ فهذا شيء عظيم جدًّا أن يكون كلُّ هذا لنا.

الأم: فاطمة، أرأيتِ كم أعطانا - سبحانه وتعالى - حتى نعبدَه، فنحن يا فاطمة إذا عبدْنا الله وحده، واجتهدْنا في ذلك، واتَّبعنا الطريق المستقيم، واستعنَّا بهذه النعم على طاعته، نستحق - بفضل من الله - هذه النِّعم.

 

رقية: أنا أحب الله جدًّا يا أمي، وسأعبده، وأريدك أن تعلِّميني كيف أصلي؛ حتى يرضى الله عني، ويدخلَني الجنة، وحتى أتنعَّم بكل هذه النعم في الدنيا، وأدخل الجنة في الآخرة.

 

هند: وأنا يا أمي، أريد أن أعبدَ الله؛ فأنا أحبُّ الجنة.

خديجة: أمي، هل سنعيش دائمًا يا أمي على هذه الحال؟

الأم: يا خديجة، في هذه الدنيا يتقلَّب الإنسان ويتغيَّر حالُه،  فالصغير يكبَر حتى يكونَ شابًّا، ثم يكون رجلاً، ثم يضعف ويضعف جسده، ويكون عجوزًا، ثم يموت ويُدفن في التراب الذي خُلق منه.

 

عائشة: وهل بعد الموت يا أمي يدخل الجنة؟

الأم: يا عائشة، قبل دخول الجنة لا بد من الاختبار.

فالإنسان بعد دفنه يُسأل في قبره عن ربِّه دينه ونبيِّه.

 

فإن كان في دنياه مطيعًا لله، مطيعًا لرسوله، واتبع دينه الإسلام، فسيلهمه الله الجواب وينعم في قبره ويرى مكانه في الجنة كلَّ صباح ومساء.

 

وإن عصى الله، وعصى رسوله، ولم يتبعْ دين الإسلام، فسيعذَّب في قبره ويرى مَقعده من النار كلَّ صباح ومساء، ولن يلهمَه الله الجواب، ويردُّ على الملائكة بقوله: لا أدري، فيقولون له: لا دريْتَ ولا تليْتَ، ويضربونه بمِطرقة من حديد بين أذنيه، فيصيحُ صيحة يسمعُها من يليه إلا الثَّقلين الإنس والجن (عافانا الله جميعًا وجعلنا من أهل الجنة).

 

خديجة: وماذا بعد ذلك يا أمي؟

الأم: بعد هذا يا خديجة يتحلل جسمه، ويصير رمادًا؛ أيْ: ترابًا كما كان.

 

عائشة: وكم سنبقى في هذا القبر يا أمي؟

الأم: سنكون في هذا القبر وعلى الحال الذي كنا عليه، سواء كان خيرًا أو شرًّا - عافانا الله - حتى قيام الساعة.

 

رقية: ومتى تقوم الساعة يا أمي؟

الأم: فاطمة ستخبرك يا رقية، هيا يا فاطمة، قولي لها متى تقوم الساعة؟

 

فاطمة: يا رقيَّة، لا يعلم أحدٌ بموعد قيام الساعة إلا اللهُ - سبحانه وتعالى - ألم تحفظي آخرَ سورة النازعات؟ قال - سبحانه وتعالى -:﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا ﴾ [النازعات: 42، 43]، وأنا حفِظت في سورة لقمان قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ﴾ [لقمان: 34]، والآيات كثيرةٌ في أن الله لم يُعلِمْ أحدًا بموعد قيام الساعة، حتى النبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يعلمُ متى تقوم.

الأم: أحسنتِ يا فاطمة، جوابك جيد، بارك الله فيك.

 

عائشة: ماذا بعد ذلك يا أمي؟

بعد النَّفخة الأولى التي يموت فيها كلُّ ما على الأرض، كما قال - سبحانه وتعالى - في سورة الرحمن: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27] - يُنفخ في الصور النَّفخةُ الثانية، فتموتُ الملائكةُ، ثم يموت أيضًا إسرافيل الموكَّل بالنفخ في الصُّورِ، ثم يحيي الله إسرافيلَ فينفخُ نفخةَ البعث والنشور.

عائشة: ما معنى البعث والنشور يا أمي؟

الأم: معناه القيام من القبور، والرجوع إلى الله على الحال التي وُلدنا عليها.


خديجة: وكيف ذلك يا أمي؟

الأم: ينزل من السماء ماءٌ كماء النطفة، فيحيي الله - سبحانه وتعالى - كلَّ الناس للوقوف بين يديه - سبحانه وتعالى.

فيقفون في ذلك اليومِ خمسين ألفَ سنة، ثم يُقضى بين العباد، ويحاسَب كلُّ إنسان على ما عمل في نعم الله.

 

فاطمة: هذا يعني يا أمي أننا في هذه الدنيا نعمل لهذه الآخرة؟

الأم: نعم يا بنيَّتي؛ فإن أتعبتِ نفسك واجتهدت واستقمت وجاهدت نفسك على طاعة الله، أدخلك الله الجنة، التي لا تعب ولا عناء ولا شقاء ولا مرض فيها،  وفيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر من النعيم والجمال والحُسن.

 

عائشة: إننا يا أمي سنرتاح راحة تامَّة، ونتنعم نعيمًا جميلاً، أنا يا أمي سأعمل لهذه الجنة الجميلة، أنا مشتاقة إليها جدًّا.

الأم: رزقكِ الله العلم النافع، والعمل الصالح المتقبل يا عائشة، فهذه الجنة جائزة لمن ينجح في الاختبار.

 

خديجة: يا أمي، أنا سأذاكر جيدًا؛ حتى أذهب إلى الجنة، وآخذ هذه الجائزة الجميلة.

الأم: يا خديجة، أقصِد بالاختبار طاعتَك لله، ومحافظتَك على الصلوات، وطاعتَك لوالديك، وصدقَك في القول والعمل، وبُعدَك عن المحرَّمات.

 

رقية: أنا أحب الجنَّة يا أمي، وسأحفظ القرآن، وأطيعك وأطيع أبي؛ حتى أفوز أنا أيضًا.

هند: وأنا أيضًا يا أمي لن أعصيَك، وسأحفظ القرآن؛ حتى أفوز بالجنة.

الأم: أحسنتِ يا رقية، وأحسنتِ يا هند، وأتمنى لكُنَّ وأتمنى لأخيكم السعادة الدَّائمة في الدنيا بطاعته، وفي الآخرة بالجنة التي عَرضُها السموات والأرض أعدَّت للمتَّقين.

 

وفي الختام أقول لكم:

علينا شكر الله - سبحانه وتعالى -  على ما أنعم به علينا من الصِّحة والعافية، بأن نجعلَها في طاعته - سبحانه وتعالى - فكما أنه خلَق هذا الخلْق وحده؛ فهو مستحِقٌّ للعبادة وحده لا شريك له.

 

فلنستعدَّ للوقوف بين يديه - سبحانه وتعالى - فسوف نُسأل عن كل صغيرة وكبيرة، وستشهد علينا كلُّ جوارحنا: ماذا عمِلنا بها؟

فلنتقِّ الله فيها؛ فالنعيم في هذا اليوم مقيمٌ، والعذاب في هذا اليوم أليمٌ، ومُهينٌ، وشديدٌ.

 

رزقنا اللهُ الجنة، وعافانا جميعًا من النَّار.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خلق الله الإنسان لحكمة ولم يخلقه عبثا
  • استحالة خلق الإنسان عبثا
  • القرآن وخلق الإنسان
  • حقيقة خلق الإنسان
  • التفكر في خلق الإنسان (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • قصة يوسف: دروس وعبر (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القصة لغة واصطلاحا(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • الابتلاء بالعطاء في ظلال سورة الكهف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القيم المستفادة من قصص الأطفال للكاتب "السيد إبراهيم"(مقالة - حضارة الكلمة)
  • قصص فيها عبرة وعظة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص لخصائص القصة الشعرية إلى عصر الدول المتتابعة(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • اقرأ (قصة قصيرة 2) (قصة للأطفال)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • اقرأ (قصة قصيرة 1) (قصة للأطفال)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خلق الأمانة (قصة للأطفال)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • خلق آدم وسجود الملائكة له (قصة للأطفال)(مقالة - حضارة الكلمة)

 


تعليقات الزوار
10- رانيا
Malilka - الجزائر 07-02-2015 06:02 PM

شكرا على هذا سبحان الخالق والحمد الله على كل حال

9- قصص الأنبياء الرائعة
sila - الجزائر 06-05-2014 08:37 PM

الله يجازيكم ألف خير مع التمني لكم بدوام التقدم هذه القصة كانت عبرة للإنسان بحيث يجب للإنسان أن يعرف أنه عديم القدرة أمام المولى عز وجل

8- العجب
أبومريم الصومالى - الصومال 05-11-2013 10:42 AM

الحمد لله والشكر له تعجبت بصورة الإنسان نطفة وما بعدها من المراحل .
أنى لك تكبر يا إنسان ألا ترى حالك قبل أن تولد
ينبغى لنا أن نعبد الله جل وعلا.

7- الحمد لله والشكر لله
اونسة - المغرب 11-06-2013 11:53 PM

كل من يقرأ هذه القصة عليه أن يتذكر أنه إنسان ضعيف وفوق ضعفه أنه متناسي للنعم التي أنعمها عليه الخالق الذي أبدع كل شيء.فسبحان الله وجزاكم المولى بألف الجزاء.

6- سبحان الله
موده - السعودية 26-05-2013 09:19 PM

سبحان الله تعالى الذي خلقنا

5- إبداع
امجاد خلف - السعوديه 16-02-2013 04:06 PM

إبداع ما شاء الله

4- خلقة الإنسان
فاطمة - سريلنكا 25-08-2012 05:40 PM

لو تذكر الإنسان أنه كان ضعيفا لشكر الله دوما....
ولم يكفر أبدا بالرب سبحانه الذي خلقه...
نعم خلق الإنسان ضعيفا وجهولا وناسيا...

3- achoukrou wo altawdjih
alou sow - senegal 22-07-2012 03:54 PM

assalamou aleykoum worahmatoulahi achkouro

2- هدفي من هذه القصة
زينب جويل - المملكة العربية السعودية 08-04-2012 10:56 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
هدفي من هذه القصة أن أعلم أولادي وأولاد المسلمين كيف خلقوا؟ ولماذا خلقوا؟ بطريقة سهلة يفهمها الصغير والكبير.
وأيضا هدفي أن كل أم أو أب ومعلم ومعلمة إذا أراد أن يعلم أبناءه فعليه بأسلمة العلوم التي يعطيها لهم حتى ينشؤوا على طاعة الله ويكون العلم سببا في حبهم وقربهم إلى خالقهم ومبدع الكون سبحانه وتعالى.
واقرئي أيضا الحواس الخمس على الرابط http://www.alukah.net/Culture/0/39905/

1- شكر
سمية - الجزائر 07-04-2012 03:50 PM

بارك الله فيك على هذا الموضوع القيم وجزاك الله خيرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب