• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أنور الداود النبراوي / مقالات
علامة باركود

تفسير سورة الغاشية

تفسير سورة الغاشية
أنور الداود النبراوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/11/2012 ميلادي - 23/12/1433 هجري

الزيارات: 451391

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة الغاشية

سبب تسميتها:

لأنها بدأت بأسلوب استفهام عن حديث الغاشية ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾ [الغاشية: 1]، والغاشية اسم من أسماء القيامة.

 

مناسبتها لما قبلها:

لما أشار سبحانه في سورة الأعلى بقوله: ﴿ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُها الأَشْقَى ﴾ [الأعلى: 10] إلى المؤمن والكافر، والجنة والنار إجمالًا، فَصَّلَ ذلك في هذه السورة، فبسط صفة النار والجنة وأهل كل منهما.

 

♦ ♦  ♦


﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾ [الغاشية: 1]

 

الخطاب موجه للرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وحده وأمته تبعًا له، ويجوز أن يكون عامًّا لكل من يتأتى خطابه.

 

أي: هل بلغك يا محمد نبأ يوم القيامة، فإننا سنعلمك شأنه الخطير، وما فيها من الأهوال الطامة والشدائد.

 

والاستفهام أريد به التعجب والتشويق إلى معرفة هذا الخبر؛ لما يترتب عليه من الموعظة، والإشعار بأنه من الأحاديث البديعة التي حقها أن يتناقلها، ونظيره قوله تعالى: ﴿ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ ﴾ [ص: 21] وقوله:﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَ﴾ [النازعات: 15]وقوله:﴿ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الصف: 10] ويجوز أن يكون للتعظيم؛ لعظم الحديث عن الغاشية ﴿ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾ أي: نبأها وخبرَها.

 

و﴿ الْغَاشِيَةِ ﴾: الداهية الشديدة التي تغشى الناس جميعًا بالأهوال والشدائد من الأولين والآخرين، وتشملهم بشدائدها، وتكتنفهم بأهوالها؛ قال تعالى:﴿ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴾ [الإنسان: 7].  وسميت القيامة غاشية؛ لأنها إذا حصلت لم يجد الناس مفرًّا من أهوالها، فكأنها شيء يغشى الناس ويغطِّيهم؛ قال تعالى: ﴿ يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِم﴾ [العنكبوت: 55]، وقد تحدث القرآن عن القيامة كثيرًا، ووصفها بأوصاف عظيمة؛ قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ﴾ [الحج:1، 2].


♦ ♦ ♦

 

ثم قسم الله - سبحانه وتعالى - الناس في هذا اليوم إلى قسمين فقال:

﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ﴾ [الغاشية: 2]

وجوه الكفرة الفجرة من المشركين واليهود والنصارى في يوم القيامة خاضعة ذليلة لما يظهر عليها من أنواع الخزي والفضيحة والهوان، والخشوع يطلق على المذلة؛ كما قال تعالى:﴿ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ﴾ [الشورى: 45] وقال:﴿ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ﴾ [القلم: 43].


وأوثرت الوجوه عن أصحابها في مثل هذا المقام؛ لأن حالة الوجوه تنبئ عن حالة أصحابها؛ إذ الوجه عنوان لما يجده صاحبه من نعيم أو شقوة؛ قال تعالى في عكسهم: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ﴾ [عبس: 38 - 39].


وهذه الآية وما بعدها جواب عن الاستفهام التشويقي، كأنه قيل من جانبه - صلى الله عليه وسلم -: ما أتاني حديثها، فأخبره الله تعالى.

 

♦ ♦ ♦

﴿ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ ﴾ [الغاشية: 3]

قال بعض أهل العلم: هم الكفار الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، والمبتدعة من عبَّاد الضلالة، وهؤلاء وإن دخلوا في الآية إلا أن هذا القول غير صحيح؛ وذلك لأن الله قيد هذا بقوله: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ﴾ أي: يوم تأتي الغاشية، وهذا لا يكون إلا يوم القيامة.

 

والصواب: عاملة عملًا يكون به النَّصَب وهو الدأب في العمل بالتعب، وهذا تعريض بأهل الشقاء بتذكيرهم بأنهم تركوا الخشوع لله والعمل بما أمروا به تكبرًا، فعذبهم الله سبحانه في الآخرة بأعمال شاقة، وهي جر السلاسل، وحمل الأغلال الثقيلة، والخوض في نار جهنم، كما يخوض الرجل في الوحل، فهي عاملة تعبة من العمل الذي تكلف به يوم القيامة؛ لأنه عمل عذاب وعقاب؛ قال تعالى: ﴿ سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ﴾ [المدثر: 17].


فالمعذب في النار يحمل ما لا يُطاق، ويلقى من العذاب الصعب الأليم، فأهل النار في النار في عمل وتعب ونصب وشقاء؛ قال تعالى:﴿ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا ﴾ [الجن: 17]؛ أي: عذابا شاقًّا شَدِيدًا؛ لأنه يتصعد المعَذَّبَ - أي يعلوه - ويغلبه فلا يطيقه، والصَّعود: العقبة الكؤود.. قال عكرمة: هو صخرة ملساء في جهنم يُكلَّف صعودها، فإذا انتهى إلى أعلاها حُدر إلى جهنم، ومن ذلك عذاب أمِّ جميل زوجة أبي لهب؛ قال تعالى: ﴿ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ﴾ [المسد: 4]، في الدنيا وكذلكفي الآخرة تحمل الحطب في النار.

 

♦ ♦ ♦

 

﴿ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً ﴾ [الغاشية: 4]

تدخل نارًا شديدًا حرُّها، تحيط بهم من كل مكان، وهي نار جهنم التي بلغت من حموها أنها فضِّلت على نار الدنيا بتسعة وستين جزءًا، وأفاد وصفها بأنها حَامِية دوام حرِّها وتجاوزه المقدار المعروف؛ لأن الحمي صفة لازمة للنار، فكان وصفها به دليلا على شدة الحمي؛ كما قال تعالى: ﴿ نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ ﴾ [الهمزة: 6].


قال ابن عباس: قد حميت فهي تتلظى على أعداء الله.

 

♦ ♦ ♦


ولما كان ذكر الاحتراق بالنار يُحضر في الذهن تطلُّب إطفاء حرارتها بالشراب، بيَّن الله شرابهم فقال:

﴿ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آَنِيَةٍ ﴾ [الغاشية: 5]

﴿ تُسْقَى ﴾: تلك الوجوه بعد مدة طويلة من استغاثتهم من غاية العطش ونهاية الاحتراق ﴿ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ﴾: من عين ماء انتهى حرُّها وغليانها، وقد أوقدت عليها جهنم منذ خلقت، قال المفسرون: لو وقعت منها قطرة على جبال الدنيا لذابت، فهذا شرابهم؛ كما قال تعالى: {﴿ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُوَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [الكهف: 29] إذا أدنيت من وجوههم تناثرت لحومهم، وإذا شربوا منها قطَّعت أمعاءهم:﴿ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 15].

 

وهذه العين في نار جهنم، ورغم أن الماء يطفىء النار؛ وذلك لأن أمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا، أليست الشمس تدنو يوم القيامة من رؤوس الناس على قدر ميل، والميل إما ميل المكحلة وهو نصف الإصبع، أو ميل المسافة كيلو متر وثلث أو نحو ذلك، ولو كانت الآخرة كالدنيا لشوت الناس شيًّا، ومثله أن الناس يوم القيامة يكونون في مكان واحد، ومع ذلك فمنهم من هو في ظلمة شديدة، ومنهم من هو في نور: ﴿ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ﴾ [التحريم: 8] فالله - تبارك وتعالى - على كل شيء قدير، فهم يسقون من عين آنية في النار، ولا يتنافى ذلك مع قدرة الله عز وجل.

 

♦ ♦ ♦

 

﴿ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ﴾ [الغاشية: 6]

بيان لطعامهم إثر بيان شرابهم أي: ليس لهؤلاء الذين هم أصحاب الوجوه الخاشعة العاملة الناصبة يوم القيامة طعام، إلا ما يطعمونه من ضَرِيع.

 

والضريع شجر ذو شوك عظيم ترعاه الإبل ما دام رطبا، وإذا يبس تحامته وهو سم قاتل، ويسمى الشبرق، وقيل: هي شجرة نارية تشبه الضريع.

 

وقال ابن كيسان: هو طعام يضرعون عنده ويذلون ويتضرعون إلى الله تعالى طلبا للخلاص منه، فسمي بذلك، وهو شر الطعام وأبشعه وأخبثه في غاية المرارة والنتن والخسة. ومن طعام أهل النار الزقوم، قال تعالى: ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ ﴾ [الواقعة: 51، 52]،، ومن طعامهم - أيضًا - الغسلين، قال تعالى:﴿ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ *وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ﴾ [الحاقة: 36]، ولا تعارض في ذلك؛ فإن العذاب ألوان، والمعذبون طبقات، فمنهم أكلة الزقوم، ومنهم أكلة الغسلين، ومنهم أكلة الضريع.

 

♦ ♦ ♦

 

﴿ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ﴾ [الغاشية: 7]

قال المفسرون: لما نزل قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ﴾، قال المشركون: إن إبلنا تسمن من الضريع، فنزلت:﴿ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ﴾ وكذبوا في قولهم هذا، فإن الإبل لا تأكل الضريع ولا تقربه.

 

والسِمَن: وفرة اللحم والشحم يقال: أسمنه الطعام، إذا عاد عليه بالسمن، والإغناء: الإكفاء ودفع الحاجة.﴿ لَا يُسْمِنُ ﴾ لا ينفع الأبدان في ظاهرها.

 

﴿ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ﴾ ولا ينفعها في باطنها ولا يحصل به مقصود ولا يندفع به محذور.

 

♦ ♦ ♦

 

ثم ذكر الله عز وجل القسم الثاني من أقسام الناس في يوم الغاشية وهم أهل الجنة فقال:

﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ ﴾ [الغاشية: 8]

ذات نعمة وبهجة وحسن وضياء، كالقمر ليلة البدر، قد جرت عليهم نضرة النعيم، فنضرت أبدانهم، واستنارت وجوههم، وسرُّوا غاية السرور، بما أعطاهم الله عز وجل من السرور والثواب الجزيل، وناعمة من النعمة والترف ونعومة العيش وحسنه، وهي اللين وبهجة المرأى وحسن المنظر:﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: 22، 23] فإن بالنَّظر إلى الرب جل جلاله تحصل النُّضرة.

 

وقد علم من سياق توجيه الخطاب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الوجوه الأولى وجوه المكذبين بالرسول، والوجوه المذكورة بعدها وجوه المؤمنين المصدقين بما جاء به.

 

ودل قوله ﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾: على أن الغاشية عامة في الفريقين، لكن مع اختلاف أحوالها باختلاف الناس، فمنهم من تغشاه بهولها، ومنهم من تغشاه بنعيمها، فتطلق على الخير كما تطلق على الشر، بمعنى الشمول والإحاطة التامة.

 

فالغاشية لأهل النار لأنها غشيتهم بالعذاب حسًّا ومعنى، ظاهرًا وباطنًا، فمع الذلة العمل والنصب حسًّا وبدنًا، ثم صلي النار الحامية، وكان يكفي أن تصلى نارًا. ولكن جاء الوصف بـــــــ "حامية"، زيادة في إبراز عذابهم، وزيادة في غشيان العذاب لهم، ثم يسقون من عين آنية متناهية في الحرارة; فيكونون بين نار حامية من الخارج، وحميم من الداخل تُصهر منه البطون، فهو أتم في الشمول للغاشية لهم من جميع الوجوه.

 

والغاشية لأهل الجنة بأن يغشاهم نعيم كامل وسرور شامل، ووجوه وضاءة مكتملة النعمة، تعرف فيها نضرة النعيم. ومن إطلاقها على الخير ما جاء في الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه))؛ رواه مسلم.

 

♦ ♦ ♦

 

﴿ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ﴾ [الغاشية: 9]

المراد بالسعي: العمل الذي يسعاه المرء ليستفيد منه. وعبر به هنا مقابل قوله في ضده "عاملة" والرضا: ضد السخط، أي هي حامدة ما سعته في الدنيا من العمل الذي هو امتثال ما أمر الله به على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - والإحسان إلى عباد الله، لأنها وصلت به إلى هذا النعيم وهذا السرور وهذا الفرح، فهي راضية إذ وجدت ثوابه مدخرًا مضاعفًا، فحمدت عقباه، وحصل لها كل ما تتمناه، بخلاف الوجوه الأولى فإنها غاضبة - والعياذ بالله - غير راضية على ما قدمت.

 

وتأمل في لفظ "سعيها"، مما يدل على الجد والاجتهاد، وقوة الاستجابة لله والمبادرة إلى الطاعات والخيرات، كما قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون﴾ [الجمعة: 9]. ثم إنه - تعالى - قال ﴿ لِسَعْيِهَا ﴾: فهو سعيها لا سعي غيرها:﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ﴾ [النجم: 39 - 41].

 

♦ ♦ ♦

 

﴿ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ [الغاشية: 10]

في محلها ومنازلها، فمحلها في أعلى عليين، ومنازلها مساكن عالية، والعلو ضد السفول فهي فوق السماوات السبع كما أن النار تحت الأرضين السبع.

 

ومن المعلوم أنه في يوم القيامة تزول السماوات السبع والأرضون، ولا يبقى إلا الجنة والنار، فهي عالية، وأعلاها ووسطها الفردوس الذي فوقه عرش الرب جل وعلا، لها غرف ومن فوق الغرف غرف مبنية يشرفون منها على ما أعد الله لهم من الكرامة، منازل ودرجات بعضها أعلى من بعض، والدرجة مثل ما بين السماء والأرض، قال تبارك وتعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 4] إلى قوله: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون: 10، 11].

 

فما ظنك بدار أعدها الله عز وجل وهو الخلاق العليم، دار النعيم الخالد لأوليائه، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال الله تبارك وتعالى: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17] وقال الله تعالى: ﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [الزخرف: 71].

 

♦ ♦ ♦

 

ووصف تبارك وتعالى هنا ديارهم بسبعة أوصاف فقال:

﴿ لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً ﴾ [الغاشية: 11]

فلا تسمع في هذه الجنة نفسًا لاغية، أو قولةً لاغية، فضلا عن الكلام المحرَّم، قال تعالى: ﴿ لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ﴾ [الطور: 23]، إنما ثَمَّ ذكر الله تعالى، وذكر نعمه المتواترة عليهم، والكلام الحسن الذي يفرح القلوب، ويشرح الصدور، منزلة أدبية رفيعة، قال تعالى: ﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا ﴾ [مريم: 62]. فالجنة دار جد وحقيقة فلا كلام فيها إلا لفائدة لأن النفوس فيها تخلصت من النقائص كلها، فلا يلذ لها إلا الحقائق والسمو العقلي والخلقي، ولا ينطقون إلا ما يزيد النفوس تزكية، فكل ما فيها جد، كل ما فيها سلام، قال تعالى: ﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ﴾ [الواقعة: 25، 26].


كل ما فيها تسبيح، وتحميد، وتهليل، وتكبير، يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس، فهم دائمًا في ذكر الله عز وجل، تسبيح وأنس وسرور، يزور بعضهم بعضًا في حبور لا نظير له.


♦ ♦ ♦

 

﴿ فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ ﴾ [الغاشية: 12]

في هذه الجنة ينابيع كثيرة سارحة، وعيون على الدوام جارية، أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، من شرب منها لا يظمأ بعدها أبدا، ويذهب من قلبه الغل والغش والحسد والعداوة والبغضاء، يفجرونها ويصرفونها كيف شاؤوا، وأنى أرادوا لا تحتاج إلى حفر ساقية، ولا إقامة أخدود كما قال ابن القيم رحمه الله:

أنهارها في غير أخدود جرت

 

 

سبحان ممسكها عن الفيضان




 

وبيّن الله عز وجل ما هي هذه العيون فقال: ﴿ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ﴾ [محمد: 15].

 

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنهار الجنة تفجر من تحت تلال- أو: من تحت جبال– المسك))؛ رواه ابن حبان، وقال الألباني: حسن صحيح.

 

وهذا وصف للجنة باستكمالها محاسن الجنات؛ قال تعالى: ﴿ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرً﴾ [الإسراء: 91] ومن لوازم العيون والأنهار، كمال النعيم، فأشجار ورياحين، وروح وريحان وجنة نعيم. وروى ابن حبان عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِيهِ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن في الجنة بحر الماء وبحر العسل وبحر الخمر وبحر اللَّبن، ثم ينشق منها بعد الأنهار)) صححه الألباني.

 

♦ ♦ ♦

 

﴿ فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ ﴾ [الغاشية: 13]

عالية ناعمة كثيرة الفرش، مرتفعة السمك، عليها الحور العين، فيرى المؤمن إذا جلس عليها جميع ما أعطاه له ربه في الجنة من النعيم الكبير، والملك العظيم، ويرى من في الجنة، وفي ذلك من التشريف والتكريم ما لا خفاء فيه.

 

قالوا: فإذا أراد ولي الله أن يجلس على تلك السرر العالية، تواضعت له فإذا استوى عليها ارتفعت، فيجلسون عليها يتفكهون {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ}[يس: 56].


♦ ♦ ♦

 

﴿ وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ ﴾ [الغاشية: 14]

﴿ وَأَكْوَابٌ ﴾ أوانٍ ممتلئةٌ من أنواع الأشربة اللذيذة، وأكواب جمع كوب، وهو إناء له ساق ولا عروة له ولا خرطوم، مدور الرأس ليمسك ويشرب منه من أي طرف﴿ مَوْضُوعَةٌ ﴾: معدة مرصدة لمن أرادها من أربابها، ليست مرفوعة عنهم، بل هي موضوعة لهم تحت طلبهم واختيارهم، يطوف بها عليهم الولدان المخلدون؛ لإتمام التمتع وكمال الخدمة والرفاهية، متى شاؤوا شربوا فيها من هذه الأنهار الأربعة التي سبق ذكرها.


♦ ♦ ♦

 

﴿ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ﴾ [الغاشية: 15]

{وَنَمَارِقُ}وسائد من الحرير والإستبرق وغيرهما مما لا يعلمه إلا الله، جمع نمرقة ﴿ مَصْفُوفَةٌ ﴾ قد صفت للجلوس والاتِّكاء عليها، أينما أراد الجالس أن يجلس وجدها، وعلى رأس كل واحد وصائف كأنهن الياقوت والمرجان، وقد أريحوا عن أن يضعوا هذه النمارق، ويصفُّوها بأنفسهم، على أحسن وجه تلتذ العين بها قبل أن يلتذ البدن بالاتكاء إليها.

 

♦ ♦ ♦

 

﴿ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ﴾ [الغاشية: 16]

الزرابي: جمع زربية وأصلها أذربية نسبة إلى "أذربيجان" بلد من بلاد فارس وبخارى، مشهور بنعومة صوف أغنامه، واشتهر أيضا بدقة صنع البسط ورقة خملها. والمقصود: لهم في الجنة بسط فاخرة، ذات خمل رقيق منسوجة من الصوف الملون الناعم وهي أعلى أنواع الفرش، تفرش للزينة ولجلوس أهل الترف واليسار عليها، ﴿مَبْثُوثَةٌ﴾ منشورة في كل مكان، مملوءة بها مجالسهم من كل جانب، وهذا يدل على اكتمال نعيم الجنة من كل جانب، حيث اشتمل على ما تراه العين، وما تسمعه الأذن، وما يتذوقون طعمه من شراب وغيره.

 

قد غشيتهم النعمة والسعادة، كما غشيت الظالمين النقمة والشقاوة، وهذا وعد للمؤمنين أن لهم في الجنة ما يعرفون من النعيم في الدنيا، وقد علموا أن ترف الجنة ما لا يبلغه الوصف بالكلام، فجمع ذلك بوجه الإجمال في قوله تعالى ﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ﴾ [الزخرف: 71].

 

لكن الأرواح ترتاح بمألوفاتها فتعطاها، فيكون نعيم أرواح الناس مما ألفوه، وكانوا يتمنونه في الدنيا ثم يزادون من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فلا تظن أن هذه النمارق، وهذه الأكواب، وهذه السرر، وهذه الزرابي تشبه ما في الدنيا؛ لأنها لو كانت تشبه ما في الدنيا لعلمنا حقيقة نعيم الآخرة، والله تبارك وتعالى يقول:﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17]. وإنما الأسماء واحدة والحقائق مختلفة، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: (ليس في الآخرة مما في الدنيا إلا الأسماء فقط) رواه البيهقي وصححه الألباني.

 

فنحن لا نعلم حقيقة هذه النعم المذكورة في الجنة، وإن كنا نشاهد ما يوافقها في الاسم في الدنيا، وفرق بين هذا وذاك.

 

♦ ♦ ♦

 

ثم قال تعالى منبها عباده إلى النظر في مخلوقاته الدالة على توحيده، وكمال عظمته وقدرته:

﴿ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴾ [الغاشية: 17]

الاستفهام للإنكار والتوبيخ، إنكارًا عليهم إهمال النظر في الحال إلى دقائق صنع الله في بعض مخلوقاته، والنظر: نظر العين الذي يفيد الاعتبار بدقائق المنظور، يعني: أينكرون ما ذكر من البعث وأحكامه، ويستبعدون وقوعه عن قدرة الله تعالى، فلا ينظرون نظر اعتبار إلى هيئة الإبل التي خلقها الله جل جلاله عليها: وإنها خلق عجيب، وتركيب غريب، في غاية القوة والشدة، وهي مع ذلك تلين للحمل الثقيل، وتنقاد للقائد الضعيف، وقد اجتمع فيها ما تفرق في غيرها من المنافع من أكل لحمها، وشرب لبنها، والحمل عليها، والتنقل عليها إلى البلاد الشاسعة، وعيشها بأي نبات أكلته، وصبرها على العطش، وطواعيتها لمن يقودها، ونهضتها وهي باركة بالأحمال الثقال. قال الله تعالى: ﴿ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يس: 73].


فمنافعها كثيرة جدًّا، وأهلها الذين يستعملونها أعلم منا بذلك، فلهذا خصت بالذكر دون ما سواها من الحيوان كالغنم والبقر والظبي وغيرها؛ لأنها أعم الحيوانات نفعًا، وأكثرها مصلحة للعباد، وكم قد جرى ذكر الرواحل وصفاتها وحمدها في شعر العرب، ولا تكاد تخلو قصيدة من طوالها عن وصف الرواحل ومزاياها.

 

وكان شريح القاضي يقول: اخرجوا بنا حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت.

 

ومن عجائب الإبل: كثرة حنينها، وتأثرها بالصوت الحسن على غلظ أكبادها.

 

قال أهل التفسير: لما نعت الله تعالى في هذه السورة ما في الجنة عجب من ذلك أهل الكفر وكذبوه، فذكر لهم الله تعالى صنعه فقال: ﴿ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴾ وكانت الإبل أعظم عيش العرب، لهم فيها منافع كثيرة، فكما صنع لهم ذلك في الدنيا صنع لأهل الجنة فيها ما صنع.


♦ ♦ ♦

 

ثم انتقل بهم إلى التدبر في عظيم خلق السماء إذ هم ينظرونها نهارهم وليلهم في إقامتهم وظعنهم، يرقبون أحوال المطر، ويلحظون لمع البروق فقال:

﴿ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ﴾ [الغاشية: 18]

وينظرون إلى السماء بما فيها من النجوم، والشمس، والقمر وغير هذا من الآيات العظيمة،من الذي خلقها على ما لها من السعة والكبر والثقل والإحكام وما فيها من الغرائب والعجائب؟! كما قال تعالى:﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ﴾ [ق: 6].

 

وكيف رفعت هذا الارتفاع العظيم؟! حتى لا ينالها شيء بلا عمد محسوس يدعمها ولا سند يسندها، مع أن العادة أن السقوف لا تكون إلا على عمد، لكن هذا السقف العظيم المحفوظ قام على غير عمد نراه﴿ اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَ﴾ [الرعد: 2]. وليست هذه الآيات السماوية هي كل الآيات، فهناك آيات كبيرة عظيمة لا ندركها، ولم يتبين كثير منها حتى الآن.

 

♦ ♦ ♦

 

﴿ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ﴾ [الغاشية: 19]

ألا ينظرون إلى الجبال الصمُّ الصِّلاب، العاليات الشامخات، والتي لا تميد ولا تميل ولا تزول، وهذه الجبال راسية في الأرض بمقدار علوها في السماء، بل إن الجبل الظاهر على السطح عبارة عن ثلث المساحة الكلية للجبل، وتثبيت الجبال للأرض يكون بامتداد جذورها في طبقات قشرة الأرض بأضعاف ارتفاعها الخارجي، حيث تتعرض قشرة الأرض لاضطرابات واهتزازات الطبقة اللينة تحتها.

 

فلولا أن الله عز وجل خلق هذه الجبال لمادت الأرض بأهلها، فهي راسية ثابتة لا تتزحزح ولو جاءت الأعاصير العظيمة، بل إنها تحجب الأعاصير لئلا تعصف بالناس، ولهذا تجدهم ينزلون سفوح الجبال ليكونوا في مأمن من تلك الأعاصير والرياح العظيمة، كما يعتصمون بها عند الخوف، ويتخذون فيها مراقب للحراسة.

 

فالله جل وعلا نصب الجبال بهذا الارتفاع لتكون رواسي في الأرض، لئلا تميد بالناس، يقول الله جل جلاله: ﴿ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [النحل: 15]. وهي مكونة من أحجار كثيرة، وفيها المعادن المتنوعة، وعليها تنزل المياه التي يُنتفع بها في سقي النبات وري الحيوان، فينتفع الناس بمياهها وأشجارها.

 

♦ ♦ ♦

 

﴿ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ﴾[الغاشية: 20]

وانظروا كيف سطَّح الله هذه الأرض الواسعة، فمدت مدًّا واسعًا، وسهلت غاية التسهيل؛ ليستقر الخلائق على ظهرها، ويتمكنوا من حرثها وغراسها، والبنيان فيها، وسلوك الطرق الموصلة إلى أنواع المقاصد فيها.

 

وأما جسم الأرض الذي هو في غاية الكبر والسعة، فيكون كرويًّا مسطحًا، ولا يتنافى الأمران، كما يعرف ذلك أرباب الخبرة، وقد استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن الأرض ليست كروية، بل سطح ممتد وهذا خطأ، لأن هناك آيات تدل على أن الأرض كروية، والواقع شاهد بذلك، يقول الله عز وجل:﴿ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ﴾ [الزمر: 5] والتكوير التدوير، ومعلوم أن الليل والنهار يتعاقبان على الأرض، فإذا كانا مكورين لزم أن تكون الأرض مكورة، فإذا كان يوم القيامة تمد الأرض مد الأديم؛ أي مد الجلد، قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ ﴾ [الانشقاق: 4]. حتى لا يكون فيها جبال، ولا أودية، ولا أشجار، ولا بناء، يذرها الرب عز وجل قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتا.

 

والذي حسَّن اقتران الإبل مع السماء والجبال والأرض في الذكر هنا، هو أنها تنتظم كلها في نظر جمهور العرب من أهل تِهامة والحجاز ونجد وأمثالها من بلاد أهل الوبر والانتجاع، فنبه الله سبحانه وتعالى البدوي على الاستدلال بما يشاهده من بعيره الذي هو راكب عليه، والسماء التي فوق رأسه، والجبل الذي تجاهه، والأرض التي تحته، على قدرة خالق ذلك وصانعه، وأنه الرب العظيم، الخالق المالك المتصرف، وأنه الإله الذي لا يستحق العبادة سواه، ومن ثم الإقرار لله تعالى بالوحدانية والألوهية، نتيجة لإثبات ربوبيته تعالى لجميع خلقه.

 

والمعنى كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: هل يقدر أحد أن يخلق مثل الإبل، أو يرفع مثل السماء، أو ينصب مثل الجبال، أو يسطح مثل الأرض غيري؟! فالقادر على خلق هذه المخلوقات وحفظها ووضعها على قواعد الحكمة، قادر على أن يُرجع الناس في يوم يوفى فيه كل عامل جزاء عمله.

 

♦ ♦ ♦

 

﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ﴾ [الغاشية: 21 ، 22]

أي ذكّر كل أحد في كل حال وفي كل مكان، وذكِّر الناس وعظهم، وأنذرهم وبشرهم، فإنك مبعوث لدعوة الخلق إلى الله وتذكيرهم، وليس عليك إلا ذلك، فإذا قمت بما عليك، فلا عليك بعد ذلك لوم، كقوله تعالى:﴿ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45].

 

وهذا تطمين للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولنفسه الزكية، فإنه لما حض الله سبحانه وتعالى المشركين على النظر في هذه المخلوقات؛ أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بتذكيرهم، وتذكير البشرية كلها، لأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بُعث إلى الناس كافة، وقد ذكَّر النبي عليه الصلاة والسلام ووعظ وأرشد، وكذلك خلفاؤه من بعده الذين خلفوه في أمته في العلم والعمل والدعوة، وهذه الذكرى لا ينتفع بها كل الناس؟ لا ينتفع بها إلا المؤمن، ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55].


أما غير المؤمن فإن الذكرى تقيم عليه الحجة لكن لا تنفعه، ويستدل من الآية أن العبد إذا ذُكِّر ولم يجد من قلبه تأثرًا وانتفاعًا فعليه أن يتهم نفسه، فإنه لو صحَّ إيمانه لانتفع بالذكرى.

 

﴿ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ﴾ يعني أن محمدًا عليه الصلاة والسلام ليس إلا مذكرًا مبلغًا، قال تعالى:﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ﴾ [الرعد: 40]والتوفيق كله بيد الله عز وجل وحده، قال سبحانه:﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاء﴾ [البقرة: 272].


والنبي صلوات الله وسلامه عليه قد قام بذلك خير قيام، فذكّر وأنذر منذ بعث وقيل له: ﴿ قُمْ فَأَنْذِرْ ﴾ [المدثر: 2]. إلى آخر ساعة من حياته الشريفة، لم يأل جهدًا في التذكير في كل موقف، وفي كل زمان، مع ما أصابه من الأذى من قومه ومن غيرهم، وإلى أن توفاه الله، حتى إنه ختم حياته داعيا إلى الله ومذكِّرًا، وهو يقول: "الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم" رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني.

 

﴿ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ﴾

المصيطِر: هو المجبِر المكرِه، والمعنى: ليس لك على الناس سلطة ولا سيطرة، فتخلق الإيمان في قلوبهم وتكرههم عليه، بل السلطة والسيطرة لله رب العالمين، وإنما عليك البلاغ وقد بلغت، فلم تؤت قوة الإكراه على الإيمان، والإلجاء إلى ما تدعوهم إليه، كما قال: ﴿ أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 99].

 

فلا يجزع المرء إذا ذكّر إنسانًا، ثم وجده يعاند أو يخاصم، أو يقول: أنا أعمل ما شئت، أو ما أشبه ذلك، قال تعالى:﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56].

 

وكذلك كان التوجيه الرباني للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِين﴾ [الشعراء: 3]لا تهلك نفسك إذا لم يؤمنوا، فإن إيمانهم لهم وكفرهم ليس عليك.

 

جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل))؛ متفق عليه.

 

♦ ♦ ♦

 

﴿ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ ﴾ [الغاشية: 23]

وحرف﴿ إِلَّا ﴾ للاستثناء المنقطع وهو بمعنى لكن. والتولي: يعني الإعراض فلا يتجه للحق، ولا يقبل الحق، ولا يسمع الحق، حتى لو سمعه بأذنه لم يسمعه بقلبه كما قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾ [الأنفال: 20، 21] أي لا ينقادون.

 

قال ابن كثير: تولى عن العمل بأركانه، وكفر بالحق بجنانه ولسانه، وهذه كقوله تعالى: ﴿ فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴾ [القيامة: 31 ، 32].

 

والمراد: لكن من أعرض عن الطاعة، واستكبر ولم يقبل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أو كفر بالله بعد التذكير، فإن الله يعذبه العذاب الأكبر.

 

♦ ♦ ♦

 

﴿ فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ ﴾ [الغاشية: 24]

العذاب الأكبر الشديد الدائم يوم القيامة، ولم يذكر المفضل عليه يعني: لم يقل: الأكبر من كذا، فهو - إذن - قد بلغ الغاية في الكبر والمشقة والإهانة، فكل من تولى وكفر فإن الله يعذبه العذاب الأكبر في جحيم، حرها شديد، وقعرها بعيد.

 

وهناك عذاب أصغر في الدنيا، فقد عذبوا في الدنيا بالجوع والقحط والقتل والأسر، وقد يكون بابتلاء المتولي المعرض بأمراض في بدنه، أو في عقله، أو في أهله، أو في ماله، أو في مجتمعه، وكل ما ينال الكافر من العذاب قبل ذلك في الدنيا، وفي البرزخ، صغير في جنب عذاب ذلك اليوم. والمقصود من الاعتراض بهذه الجملة: الاحتراس من توهمهم أنهم أصبحوا آمنين من المؤاخذة على عدم التذكر.

 

♦ ♦ ♦

 

﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ﴾ [الغاشية: 25]

لستَ مكلَّفا بجبرهم عل التذكُّر والإيمان، لأن مرجعهم إلينا لا إلى أحد سوانا، قال تعالى: ﴿ أَلَا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُور﴾ [الشورى: 53]، ونحاسبهم حين رجوعهم إلينا في دار البقاء، فإنه إلى الله المتاب وعليه الثواب.

 

والإنسان مهما تمرد وامتدت به الحياة فإنه راجع إلى ربه جل جلاله؛ قال تعالى:﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾ [هود: 123]، فعلى العبد الاستعداد لملاقاة الله يوم القيامة، قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴾ [الانشقاق: 6]، يوم يكلم الله العباد مباشرة بلا ترجمان، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة))؛ متفق عليه.

 

وكم من ذنوب اقترفناها قد سترها الله عز وجل، ولم يعلم بها أحد لكنّ الله تعالى يعلمها! فعلينا أن نستغفر الله عز وجل كثيرًا، وأن نكثر من الأعمال الصالحة المكفرة للسيئات، حتى نلقى الله عز وجل ونحن على ما يرضيه سبحانه وتعالى.

 

♦ ♦ ♦

 

﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾ [الغاشية: 26]

علينا لا على غيرنا حسابهم وجزاؤهم بعد رجوعهم إلينا بالبعث، فإن حسابهم هو الغرض من إيابهم، وهو أوقع في تهديدهم على التولي، وفيه إيذان بأن تأخير عقابهم إمهال، فلا يحسبوه انفلاتًا من العقاب، بل سيحاسبهم الله على النقير والقطمير مما أسلفوا وما جنته جوارحهم؛ عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ليس أحد يحاسب إلا هلك))، قلت: يا رسول الله، أليس الله يقول: حِسَابًا يَسِيرًا؟ قال: ((ذاك العرض، ولكن من نوقش الحساب هلك))؛ رواه مسلم.

 

ولابد للمرء أن يخلو بربه عزّ وجل يوم القيامة فيقرِّره الله بذنوبه، ثم يسترها السِّتير الرحيم برحمته؛ عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم يا رب حتى إذا قرره ذنوبه ورأى نفسه أنه قد هلك قال: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق: ﴿ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18]))؛ متفق عليه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة الزلزلة
  • تفسير سورة القدر
  • تفسير سورة القارعة
  • تفسير سورة الهمزة
  • تفسير سورة الأعلى
  • تفسير سورة قريش
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 14 : 15)
  • سورة الغاشية
  • فوائد من سورة الغاشية
  • تفسير سورة الغاشية
  • تفسير سورة الغاشية

مختارات من الشبكة

  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين تفسير سورة يونس (الحلقة السادسة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل (34) تفسير سورة قريش (لإيلاف قريش)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سورة المفصل ( 33 ) تفسير سورة الماعون(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 32 ) تفسير سورة الكوثر ( إن شانئك هو الأبتر - الجزء الرابع )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب