• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين / مقالات
علامة باركود

الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف (المبحث الأول)

الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين

المصدر: نُشر هذا البحث ضمن بحوث ندوة الوقف والقضاء، وقد عُقدت الندوة في مدينة الرياض في المدة من 10-12 صفر 1426هـ
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/8/2011 ميلادي - 8/9/1432 هجري

الزيارات: 18130

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المبحث الأول

التعريف بمفردات عنوان البحث، وعناية القضاء الإسلامي بالأوقاف وإثباتها

 

وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: التعريف بمفردات عنوان البحث.

المطلب الثاني: مشروعية إثبات الأوقاف والأصول الإجرائية لإثباتها.

المطلب الثالث: عناية القضاء الإسلامي بإجراءات إثبات الأوقاف.

المطلب الرابع: أنواع توثيق الأوقاف وإثباتها.

 

المطلب الأول

التعريف بمفردات عنوان البحث

المراد بالأصول:

الأصول في اللغة: جمع، مفرده (أصل)، والأصل في اللغة: أساس الشيء[1]، وما يستند وجود الشيء إليه، كالأب فإنه أصل للولد، والنهر فإنه أصل للجدول[2].

والمراد بالأصول هنا: القواعد والأحكام الكلية الإجرائية المتعلقة لإثبات الأوقاف.

 

المراد بالإجراءات:

الإجراءات في اللغة: جمعٌ، مفرده (إجراء)، مصدر من الفعل (أجرى)، وأصله من الفعل (جري)- الجيم، والراء، والياء-، وهو انسياح الشيء، ومنه: جرى الماء، أي: سال[3].

والمراد بالإجراء هنا: التصرف الإرادي الشكلي الذي يتخذه القاضي ومن في حكمه لتسيير النظر في إثبات الأوقاف وتوثيقها.

ويدخل في ذلك: الاختصاص في إثبات الوقف، وطلباته، وعُمَد (عناصر) إثباته، وشروط إثباته، وإصدار الإثبات للوقف، ومحضر إثبات الوقف، وتصحيحه، وتفسير الإثبات المتعلق به ونحو ذلك مما تناوله هذا البحث.

 

المراد بالإثبات:

الإثبات في اللغة: مأخوذ من الفعل (ثبت)، وهو يعني دوام الشيء واستقراره، يقال: أثبت الشيء: أقره، وأثبت الكاتب الاسم: كتبه أو سجله عنده[4].

والمراد به هنا: إصدار ثبوت الوقف، وتوثيقه بكتابته لدى الجهة الولائية المختصة.

 

المراد بالأوقاف:

الأوقاف في اللغة: جمعٌ، مفرده (وقف)، والوقف: الحبس، مصدر قولك: وقفت الشيء إذا حبسته، ومنه: وقف الأرض على المساكين.

وللمساكين وقفًا: حبَّسها، لأنه يحبس الملك عليه[5].

والوقف في الشرع: تحبيس جائز التصرف أصل ما يملكه مما ينتفع به مع بقاء عينه، وتسبيل منفعته[6].

 

المراد بعنوان البحث مركبًا:

الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف هي: القواعد والأحكام الكلية الإجرائية التي يسير عليها القاضي ومن في حكمه عند النظر في إثبات الوقف وتوثيقه.

 

التوثيق وعلاقته بالإثبات:

من الألفاظ ذات العلاقة بالإثبات: التوثيق.

 

المراد بالتوثيق:

التوثيق في اللغة: يطلق على معان، منها:

الإحكام، فيقال: وثقت الشيء، أي: أحكمته، ومنه: قولهم: أخذ الأمر بالأوثق، أي: بالأسد الأحكم.

ومنه: الشد في الرباط، فيقال: أوثقه في الوثاق، أي: شده في الرباط، ومنه: قول الله- تعالى-: ﴿فَشُدُّوا الْوَثَاقَ﴾ [محمد: 4] ، ويقال: وثقت الشيء توثيقًا فهو موثق[7].

وفي المعجم الوسيط: وثق العقد ونحوه: سجله بالطريق الرسمي، والوثيقة: الصك بالدين أو البراءة منه[8].

وفي الاصطلاح: تدوين ثبوت الوقف أو تسجيل إنشائه وفقا للإجراءات المقررة على وجه يحتج به[9].

 

العلاقة بين الإثبات والتوثيق:

يظهر من المعنى اللغوي لكل من الإثبات والتوثيق أنهما يستعملان في كتابة الحق وتدوينه عقدًا كان أو دينًا أو غيرهما، ومنه: توثيق الأوقاف.

ويظهر من معنى الإثبات استعماله في إقرار الشيء.

كما يظهر من معنى التوثيق استعماله في إحكام الشيء وشده في الرباط، ويتحقق كل واحد من هذه المعاني (إقرار الشيء وإحكامه، وشده في الرباط) في الوقف بإقراره من قبل الحاكم وتوثيقه بالكتابة؛ ليدوم استقراره.

ولكن يغلب عرفًا استعمال الإثبات لإقرار ثبوت الحق أو صحته ولائيًا ومن لوازم ذلك كتابته.

كما يغلب استعمال التوثيق في تدوين الحق على وجه يصح الاحتجاج به، وذلك يقضي استيفاء ما يلزم لإثباته ولائيًا.

وقد يستعمل أحدهما بمعنى الآخر.

 

المطلب الثاني

مشروعية إثبات الأوقاف والأصول الإجرائية لإثباتها

الوقف مشروع في الشريعة الإسلامية، ويدل لذلك الكتاب والسنة والإجماع، وبيان ذلك كما يلي:

1- قول الله - تعالى-: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92].

ومن المحبوب الذي ينال البر بإنفاقه: المال بإيقافه في سبيل الله.

 

2- ما رواه عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: "إن عمر بن الخطاب أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النبي- صلى الله عليه وسلم -يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها"، قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير متمول، قال: فحدثت به ابن سيرين فقال: غير متأثل مالًا"[10].

 

3- ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"[11].

ففي هذا الحديث والذي قبله مشروعية الوقف وبيان عظيم ثوابه عند الله- تعالى.

وقد حكى ابن قدامة (ت: 620هـ)[12] والنووي (ت: 676هـ)[13] الإجماع على مشروعية الوقف.

وإثبات الوقف بتقرير الحاكم له وتسجيله ورسم الإجراءات اللازمة لذلك أمر مقرر شرعًا، ويدل عليه الكتاب والسنة.

أما الكتاب: فقول الله- تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ [البقرة: 282].

فالآية نصت على توثيق الدين بالكتابة، فدلت على مشروعيتها في كل حق وشأن له خطر، ومن ذلك الوقف بإثباته وتوثيقه ورسم الإجراءات اللازمة لذلك.

 

وأما السنة: فما رواه ابن عمر- رضي الله عنهما-: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة"[14].

ففي الحديث مشروعية كتابة الإنسان ما يوصي به مما له وعليه وما يريد فعله في ماله من وجوه البر والصدقة، والوقف مثله.

والتوثيق معروف عند الفقهاء، فقد دون الفقهاء أحكامه وبينوا أهميته ورسموا الإجراءات اللازمة لإثبات الأوقاف وتوثيقها.

وعليه عمل الناس من زمن النبي- صلى الله عليه وسلم - ومن بعده من الأجيال المتعاقبة حتى يومنا هذا.

 

يقول السرخسي (ت: 490هـ): "اعلم بأن علم الشروط من آكد العلوم وأعظمها صنعة؛ فإن الله- تعالى- أمر بالكتاب في المعاملات فقال- عز وجل-: ﴿إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: 282]، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم -أمر بالكتبة في المعاملة بينه وبين عامله، وأمر بالكتاب فيما قلد فيه عماله من الأمانة، وأمر بالكتاب في الصلح فيما بينه وبين المشركين، والناس تعاملوه من لدن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -إلى يومنا هذا، ولا يتوصل إلى ذلك إلا بعلم الشروط، فكان من آكد العلوم"[15].

كما أن في إثبات الأوقاف وضبط إجراءاتها حفظًا لها من الاندراس والنسيان أو الاعتداء عليها بالظلم والعدوان وضبط جميع الحقوق المتعلقة بها، وهو مقصد معتد به في الشرع.

 

المطلب الثالث

عناية القضاء الإسلامي بإجراءات إثبات الأوقاف

لقد اعتنى القضاء الإسلامي بالأوقاف ورسم الأصول الإجرائية لإثباتها، فقد كان القضاة يعتنون بها ويتفقدونها، فهذا القاضي لهيعة بن عيسى الحضرمي أحد القضاة بمصر (ت: 204هـ) يسعى حين ولي القضاء إلى إثبات الأوقاف مما كان في أيدي القضاة أو في أيدي أهلها، فلقد "كان من أحسن ما عمله لهيعة في ولايته أن قضى في أحباس مصر كلها، فلم يبق منها حبسًا حتى حكم فيه، إما ببينة تثبت عنه، وإما لإقرار أهل الحبس"[16].

وكان لهيعة يقول عن الأوقاف: "سألت الله أن يبلغني الحكم فيها فلم أترك شيئًا منها حتى حكمت فيه وجلدت الشهادة به"[17].

ويقرر الفقهاء بأن على القاضي عند توليه قضاء بلد أن يباشر بالنظر في أمر الموقوف والوصايا على الجهات العامة التي لا ناظر عليها[18].

وفي الأندلس جعل بعض حكامها للأوقاف خطة (ولاية) للعناية بها وبغلتها، فيثبتها ويصونها ويحافظ عليها من التبديل والاعتداء، وتثبت ذرعتها، وتنفذ شروط موقفها وكافة ما يلزم لها[19].

 

ولقد كان توثيق الأوقاف ورسم الإجراءات اللازمة لإثباتها موضع اهتمام العلماء الذين ألفوا في علم التوثيق، ويسمى- أيضًا: "علم الشروط"، وهو فرع من علم الفقه يبحث في كيف تدون العقود والإقرارات والمحاضر والسجلات القضائية طبقًا للأحكام المرعية وعلى وجه يصح الاحتجاج بها[20].

وأهدافه: صيانة الحقوق، صرف الارتياب عنها، وقطع المنازعة بين المتعاملين، والتحيز عن العقود الفاسدة[21].

وقد أشاد العلماء بعلم التوثيق فقال ابن فرحون (ت: 799هـ) بأنه: "صناعة جليلة شريفة، وبضاعة عالية منيفة، تحتوي على ضبط أمور الناس على القوانين الشرعية، وحفظ دماء المسلمين وأموالهم والاطلاع على أسرارهم وأحوالهم..."[22].

 

ويقرر الفقهاء بألا يكتفي الموثق بمعرفة أنموذج الوثائق وصيغها من غير معرفة بفقه الأحكام والإجراءات التي تؤسس عليها هذه الصيغ والنماذج، فهذا ابن أبي الدم (ت: 642هـ) يمهد لعدم الإكثار من ذكر نماذج هذه الوثائق من المحاضر والسجلات في كتابه "الدرر المنظومات في الأقضية والحكومات"، فهو يقول: "واعلم أنا لا نرى الاشتغال بذكر صورة هذه الأشياء والإكثار منها، كما فعله جماعة من كتاب الشروط الذين خلوا من معرفة الفقه وعلم الفتوى، ونصبوا نفوسهم لتأليف هذه الحجج التي يكتبونها في مجالس الحكام وعلى أبواب المساجد؛ فإن هذا القدر لن يجهله من يتصف بصفة العلم، وهذه الأشياء عند الفقيه الماهر كشربة ماء بارد في يوم صائف، ومتى قنعت همته بعلم الوثائق فقط من غير ترو من علوم الشريعة فقد أسكنته الحضيض ورضي بالأدون، والمعالي لن تدرك بالهوينا"[23].

 

ولقد أدرج بعض الفقهاء أحكام الإثبات والتوثيق ورسومه في كتب الفقه العام، ومن ذلك: السرخسي الحنفي (ت: 490هـ) في كتابه: "المبسوط"[24]، كما أدرجه آخرون في الكتب المؤلفة في القضاء خاصة، ومن ذلك: ابن فرحون المالكي (ت: 799هـ) في كتابه: "تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام"[25]، وابن أبي الدم الشافعي (ت: 642هـ) في كتابه: "الدرر المنظومات في الأقضية والحكومات"[26].

 

كما صنف بعض العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية كتبًا في الإثبات والتوثيق ورسومه (إجراءاته)، وأدرجوا فيها ما يتعلق بالأوقاف، ومن ذلك عند الحنفية كتاب: "الشروط وعلوم الصكوك" لأبي نصر السمرقندي (ت حوالي: 550هـ)، وقد خص صيغ الأوقاف وما تشتمل عليه من رسم كتابتها وأحوالها الشرعية بالباب الثامن والعشرين[27]، ومن ذلك عند المالكية كتاب: "المقنع في علم الشروط" لأحمد بن مغيث الطليطلي (ت: 459هـ)، وقد تناول صيغ الأوقاف وما تشتمل عليه من رسم كتابتها وأصولها الشرعية بعدد من صيغ الوثائق وفقهها[28]، ومن ذلك عند الشافعية كتاب: "جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود" لشمس الدين الأسيوطي من علماء القرن التاسع، وقد تناول فيه الأحكام الشرعية والأصول الإجرائية لإثبات الوقف وتوثيقه في أحكام قررها وصيغ حررها[29].

 

كما أن من الفقهاء من خص صيغ ما يثبته القضاة من محاضر وسجلات مشتملة على الأصول الشرعية لإثبات الأوقاف وتوثيقها اللازمة لها بمؤلف مستقل، مثل: كتاب: "رسوم القضاة" لأبي نصر السمرقندي (ت حوالي: 550هـ)، وقد تناول فيه صيغة إثبات الوقف مشتملة على أصولها الشرعية والإجرائية[30].

 

المطلب الرابع

أنواع توثيق الأوقاف وإثباتها

توثيق الأوقاف وإثباتها ثلاثة أنواع:

1- الأوراق العادية (غير الرسمية) لتوثيق الوقف.

وهو إثبات عرفي غير ولائى؛ إذ هو يصدر من أشخاص ليست لهم صفة ولائية من جهة الدولة.

2- تسجيل إثبات عقار الوقف بحجة استحكام.

وهو إثبات ولائي يصدر عن موظف عام في الدولة وفق الإجراءات المرسومة شرعًا ونظامًا.

3- تسجيل إنشاء الوقف ولائيًا (رسميًا).

وهو إثبات ولائي مثل سابقه

 

وأبين هذه الأنواع فيما يلي:

النوع الأول: الأوراق العادية لتوثيق الوقف:

وهي التي يحررها الناس فيما بينهم لتوثيق الأوقاف أو إنشاء وقفيتها دون الرجوع إلى الدوائر الحكومية المختصة سواء حرره الملتزم بنفسه أم أملاه على غيره ووقع عليه أم كتب الكاتب شهادة به[31].

وليس لها بذلك صفة ولائية في الإثبات.

 

أوصاف الأوراق العادية الصالحة للاحتجاج:

لا يعمل بالتوثيق العادي في الإثبات أمام القضاء إلا إذا استوفى الأوصاف التالية[32]:

1- أن تكون الكتابة مستبينة- أي: مكتوية- على شيء تثبت عليه وتظهر فيه من الورق ونحوه، فلا يعتد بالكتابة في الهواء أو على سطح الماء.

2- أن تكون الكتابة مرسومة على الوجه المعتاد- أي: مكتوبة- على الطريقة المعتادة في كل زمان ومكان ما يناسبه.

3- أن تثبت نسبة الكتابة إلى كاتبها على وجه يوثق به، فتكون خالية من التزوير ومن التغيير الذي يخل بالثقة فيها، وبنسبتها إلى كاتبها.

وسيأتي بيان لحكم العمل بالأوراق العادية ووظيفتها في إثبات الأوقاف في المبحث الثاني.

 

النوع الثاني: تسجيل إثبات عقار الوقف بحجة استحكام:

والمراد به: إثبات موظف عام أثناء ولايته وفي حدود اختصاصه تملك عقار الوقف في غير مواجهة خصم ابتداء.

 

النوع الثالث: تسجيل إنشاء الوقف ولائيًا:

والمراد به: إثبات موظف عام أثناء ولايته وفي حدود اختصاصه تسجيل إنشاء الوقف[33].

وذلك كتوثيق المحاكم إنشاء الوقف الثابت ملكيته لصاحبه، وكتوثيق كتاب العدل إثبات الإيصاء بعقار أو غيره معلقًا على الوفاة، ويكون في مصارف الوقف.

 

أوصاف التوثيق الولائي:

للتوثيق الولائي- وهو النوع الثاني والثالث- أوصاف ثلاثة[34]، وهي كالتالي:

1- أن يحرره موظف حكومي:

والمراد بالموظف الحكومي: المولى من قبل الدولة.

وهذا يشمل في وقتنا: قضاة المحاكم، وكتاب العدل، على تفصيل سنذكره في الاختصاص النوعي لإثبات الأوقاف[35].

فإذا لم يول مثل هذا العمل لم يحق له توليه، ولو قام به لم يعتد به.

 

2- أن يكون توثيق الوقف وإثباته من أعمال وظيفته:

فلابد أن يكون توثيق الوقف وإثباته من أعمال وظيفة من قام بهذا العمل، وإلا لم يعتد به.

 

3- أن يستوفي التوثيق كافة الإجراءات الولائية اللازمة له:

فلا يعتد بالتوثيق الرسمي إلا إذا صدر طبقًا للإجراءات المرسومة لهذا التوثيق مما هو مقرر شرعًا ونظامًا، ومن ذلك: أن العقار لا توثق وقفيته ولائيًا إلا أن يكون عليه حجة مسجلة- كما في المادتين السادسة والأربعين بعد المائتين، والسابعة والأربعين بعد المائتين من نظام المرافعات الشرعية السعودي.

وإذا لم يكن عليه حجة مسجلة فيجري توثيقه وفق القواعد والإجراءات المقررة لإجراء الاستحكام- كما في المادة الثامنة والأربعين بعد المائتين من نظام المرافعات الشرعية السعودي.



[1] مقاييس اللغة 1/ 109.

[2] المصباح المنير في غريب الشرح الكبير.

[3] مقاييس اللغة 1/ 448، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير 1/ 97.

[4] مقاييس اللغة 1/ 399، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير 80، المعجم الوسيط 1/ 93.

[5] مختار الصحاح 733، القاموس المحيط 1112-1113، مادة (الوقف)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير 669.

[6] دقائق أولي النهى لشرح المنتهى 2/ 489، الروض المريع شرح زاد المستقنع 5/ 530، وللمقارنة انظر: أحكام الوقف في الشريعة الإسلامية 55-88.

[7] مقاييس اللغة 6/ 85، مختار الصحاح 708، لسان العرب 10/ 371-372، المعجم الوسيط

2/ 1101-1012.

[8] 2/ 1101-1012.

[9] مستفاد من تعريف حاجي خليفة لعلم الشروط [كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون 1/ 1045].

[10] متفق عليه، فقد أخرجه البخاري واللفظ له 2/ 982، كتاب الشروط، باب الشروط في الوقف، 3/ 1019، كتاب الوصايا، باب الوقف كيف يكتب؟، وأخرجه مسلم 3/ 1255، كتاب الوصية، باب الوقف.

[11] أخرجه مسلم 3/ 1255، كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته.

[12] المغني 6/ 187.

[13] شرح صحيح مسلم 11/ 86.

[14] متفق عليه، فقد أخرجه البخاري واللفظ له 3/ 1005، كتاب الوصايا، باب الوصايا، وأخرجه مسلم 3/ 1249، كتاب الوصية.

[15] المبسوط 30/ 167-168.

[16] الولاة والقضاة 424.

[17] المرجع السابق 424، النظم الإسلامية لحسن إبراهيم وأخيه 286.

[18] دقائق أولي النهى لشرح المنتهى 3/ 477، كشاف القناع عن متن الإقناع 6/ 325.

[19] تاريخ القضاة في الأندلس من الفتح الإسلامي إلى نهاية القرن الخامس الهجري 574 وما بعدها.

[20] كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون 2/ 1045.

[21] المبسوط 30/ 168، رسوم القضاة 21.

[22] تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام 1/ 282.

[23] الدرر المنظومات في الأقضية والحكومات 494.

[24] انظر: 30/ 167-209.

[25] انظر: 1/ 282-292.

[26] انظر: 494-590.

[27] انظر: 531-552.

[28] انظر:207-210.

[29] انظر: 1/ 313-393.

[30] انظر: 41، 239.

[31] مستفاد من: طرق القضاء في الشريعة الإسلامية 79، توثيق الديون في الفقه الإسلامي 348.

[32] كشاف القناع عن متن الإقناع 5/ 249، الإتقان والإحكام شرح تحفة الحكام 1/ 63، درر الحكام شرح مجلة الأحكام 1/ 61، المدخل الفقهي العام 1/ 326، وسائل الإثبات في الشريعة الإسلامية في المعاملات المدنية والأحوال الشخصية 305.

[33] مستفاد من: علم القضاء 1/ 49، توثيق الديون في الفقه الإسلامي 346.

[34] مستفاد من: طرق القضاة في الشريعة الإسلامية 78، توثيق الديون في الفقه الإسلامي 347.

[35] انظر: المطلب الخامس من المبحث الخامس.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف (مقدمة)
  • الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف (المبحث الثاني)
  • الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف (المبحث الثالث)
  • الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف (المبحث الرابع)
  • الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف (المبحث الخامس)
  • الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف (المبحث السادس)
  • الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف (المبحث السابع)
  • الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف (المبحث الثامن)
  • الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف (خاتمة)

مختارات من الشبكة

  • الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف (WORD) ، (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • توثيق الأوقاف: الأصول الشرعية والأساليب الإجرائية (WORD)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • التمهيد شرح مختصر الأصول من علم الأصول (الشرح الصوتي)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • المحصول الجامع لشروح ثلاثة الأصول: تحقيق وشرح لرسالة ثلاثة الأصول وأدلتها (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منظومة إبانة الأصول عن الثلاثة الأصول على اعتقاد السلف الصالح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بناء الأصول على الأصول - دراسة تأصيلية (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب الأصول من علم الأصول(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تخريج الفروع على الأصول من كتاب الإقناع لأحمد سعد جاويش(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الخطوات الإجرائية بالبرنامج العلاجي: الواقع والمأمول(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب