إلى صديقي الأثير

إلى صديقي الأثير

أعْلَمُ أن قلمي لم يستطِعْ أن يعبِّرَ عن خَلَجَات نفسي، أو يُفصح عن مكنونات قلبي، ولكن حسبي أن تشعر بصدق عاطفتي، وصفاء مودتي.

وما إخَالُك إلا صادقًا في محبتك، وفيًّا في صداقتك، كريمًا في عطائك، حريصًا على منفعة إخوانك، وهذا وربِّ الذاريات خيرُ شاهدٍ على حسن تربيتك، وصفاء معدِنك، وطِيب أَرَومَتِك.

صديقي الأثير، أكتب إليك من عفوِ الخاطر، ولسان القلم، صحيحٌ لم يرقَ حرفي إلى أسلوب البيان العالي، ولم أجتهد في تزويق العبارة، وتشقيق الكلام كما يصنع بعض الأدباء؛ لأن قناعتي أن حديث الأرواح لا يحتاج إلى كدِّ القريحة، أو إرهاق الفِكْرِ، فضلًا عن التعمُّق، والإغراق في القول، وإنما يكفيه أن يخرج من قلب صادق، وهذا كفيلٌ بأن يتسنَّم ذِروة الفصاحة، ويبلغ قِمَّة البلاغة.

صديقي العزيز، لقد طافت بذاكرتي بعض الأحداث؛ فأثارت في نفسي ألوانًا من الذكريات الجميلة، التي صنعناها معًا، وإني والله كلما أتذكرها أحِنُّ إلى لقائك.

فنعم الصديق أنت، الصديق الذي يكون ظهيرًا لصاحبه، يساعده في اجتياز مِحَنِه المتتابعة - لَهُوَ الأحقُّ بالاحترام والتقدير.

إن الصداقة الحقيقية قائمة على التقوى من أول يوم، ولا يخفى على حاذق مثلك منزلةُ الصديق الحميم يوم القيامة، وإزاء ذلك فإني أطمع أن أدَّخِرَ صداقتك ليوم التلاقِ، فهناك تظهر آثار المحبة، وتتجلى معاني الأخوة.