• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / من روائع الماضي
علامة باركود

لقيط بن يعمر الإيادي حاجة وتراث

مصطفى شيخ مصطفى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/11/2009 ميلادي - 29/11/1430 هجري

الزيارات: 144788

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
(1)
تناهى إلى سمعه وهو يعملُ كاتبًا في دواوين كسرى: أنَّ كسرى سيغزو إيادًا قومه، فماذا فعل؟ أصرَخَ؟ أم ملأ قصر كسرى عويلاً؟ أم ذهب إلى كسرى، فسجد له يناشده العفوَ، ويستجديه؛ علَّه يبصر قومه بعين الرضا؟ أم أنَّه توجَّه إلى مستشاري كسرى، فحاول استمالتهم؛ علَّ كسرى يعدل برأيهم عن غزو قومه؟

لا شيءَ من ذلك فعل، بل تثبَّت من الخبر، تَرَكَ جرحه ينزف، ووضع عليه ملحًا، وصمت متألِّمًا، وعمد إلى دواة وقلم، وكتب قصيدةً من أجمل القصائد في العربية يُحذِّر قومه فيها من كسرى ونواياه في غزوهم، بدأ القصيدة كما كان شعراء الجاهليَّة يبدؤون قصائدَهم في الوقوف على الأطلال، فقال في بدايتها:
يَا دَارَ عَمْرَةَ  مِنْ  مُحْتَلِّهَا  الْجَرَعَا        هَاجَتْ لِيَ الْهَمَّ وَالْأَحْزَانَ وَالْوَجَعَا
تذكِّر القصيدة بوضع الأُمَّة في هذه الأيام، فأوجه التشابه كثيرة بين وضع إياد قبيلة الشاعر، وقد انغمست في لهوها وملذَّاتِها، وتركت نفسها عُرضة لكسرى وجيشه، وبين وضع الأمة، وقد ذلّت لأذلِّ أهل الأرض من اليهود شذار الآفاق، ما أحوجنا إلى أن نقرأ هذه القصيدة بقلوبنا وعقولنا، فضلاً عن قراءتها بالألسن! والقادة والحكام في هذه الأمة أشدُّ حاجةً لقراءتها، فضعف الأمة وتفرُّقها وتشرذمها كضعف وتفرُّق إيادٍ قبيلة الشاعر، وتنازع وتشاحنٌ بين دول الأمة كالبغضاء التي سادت فروعَ عشيرة الشاعر، وقياداتٌ لا تختلف في كثير ولا قليل عن قيادات وزعماء وأمراء عشيرة إياد، وقد أكلها الضَّعف وهَدَنَها الفُرقة، ولفَّها الهوان بثوبه وأصابتها المذلَّة،كتب الشاعر القصيدة ووضعها في كتاب، وعنونه بالعبارات التالية - وفي العنوان تنبيه وأيُّ تنبيه -:
كتابٌ من لقيط إلى مَن بالجزيرة من إياد، بأنَّ الليث كسرى قد أتاكم فلا يشغلنَّكم سوق النقاد.

ثمَّ إنَّ العنوان يذكِّر بتشابُهٍ آخر، فقد حذَّر قومه من أن يشغلهم سوق المال عمَّا ينتظرهم من عدوِّهم، وكأنَّ لقيطًا يطلُّ علينا عبر القرون والزَّمن، ويُحذِّرنا من أن تشغلنا أسواقُ المال، بل كأنَّه اخترق حجبَ الزمان والمكان، فأطلَّ علينا ورأى اهتمامنا بالبورصة وأسعار العملات وتجارة الأسهم، إنَّه مؤشر مُهِم، وفي بداية القصيدة فيه من التنبيه ما يكفي لو تنبَّه الغافلون.

حمل همَّ عشيرته، فهل حملنا هَمَّنا كأمَّة؟! حريٌّ بكلِّ من له اهتمام بالشأن العام أن يقرأَ، ويقرأ هذه القصيدة مرارًا وتكرارًا، في المطلع عبارات تذكِّر بأوجه التشابه بين الحالتين: حالة إيادٍ، وحال الأمة، فوَضْعُ الأمة ليس أفضل من وضع إياد، فكلاهما في وضع يثير الهمَّ والحزن والألم، إنَّ ما يفعله اليهود في فلسطين وفي غزة وغيرها، وفي الأقصى يَمْلأ القلوب همًّا وحزنًا وألَمًا؛ "هَاجَتْ لِيَ الْهَمَّ وَالْأَحْزَانَ وَالْوَجَعَا"، وإليك القصيدةَ، والتي لنا عودٌ بقراءة سريعة لها، وإن كانت هذه القصيدة تستحقُّ الدِّراسة المستفيضة من المختصين؛ علَّها تحظى بما يَحظى به بعض الأدب الهابط هذه الأيام.
يَا  دَارَ  عَمْرَةَ  مِنْ  مُحْتَلِّهَا  الْجَرَعَا        هَاجَتْ لِيَ الْهَمَّ  وَالْأَحْزَانَ  وَالْوَجَعَا
تَامَتْ فُؤَادِي بِذَاتِ  الْجِزْعِ  خَرْعَبَةٌ        مَرَّتْ   تُرِيدُ   بِذَاتِ   الْعَذْبَةِ    الْبِيَعَا
بِمُقْلَتَيْ   خَاذِلٍ   أَدْمَاءَ   طَاعَ    لَهَا        نَبْتُ  الرِّيَاضِ  تُزَجِّي  وَسْطَهُ   ذَرَعَا
وَوَاضِحٍ  أَشْنَبِ  الْأَنْيَابِ  ذِي   أُشُرٍ        كَالْأُقْحُوَانِ   إِذَا   مَا    نُورُهُ    لَمَعَا
جَرَّتْ لِمَا  بَيْنَنَا  حَبْلَ  الشُّمُوسِ  فَلاَ        يَأْسًا  مُبِينًا  أَرَى   مِنْهَا   وَلاَ   طَمَعَا
فَمَا   أَزَالُ   عَلَى   شَحْطٍ    يُؤَرِّقُنِي        طَيْفٌ  تَعَمَّدَ  رَحْلِي   حَيْثُمَا   وُضِعَا
إِنِّي   بِعَيْنَيَّ    إِذْ    أَمَّتْ    حُمُولُهُمُ        بَطْنَ  السَّلَوْطَحِ  لاَ  يَنْظُرْنَ  مَنْ  تَبِعَا
طَوْرًا   أَرَاهُمْ   وَطَوْرًا    لاَ    أُبِينُهُمُ        إِذَا   تَوَاضَعَ    خِدْرٌ    سَاعَةً    لَمَعَا
بَلْ أَيُّهَا الرَّاكِبُ الْمُزْجِي عَلَى عَجَلٍ        نَحْوَ    الْجَزِيرَةِ    مُرْتَادًا    وَمُنْتَجِعَا
أَبْلِغْ   إِيَادًا   وَخَلِّلْ    فِي    سَرَاتِهُمُ        إِنِّي أَرَى الرَّأْيَ إِنْ لَمْ أُعْصَ قَدْ نَصَعَا
يَا لَهْفَ  نَفْسِيَ  أَنْ  كَانَتْ  أُمُورُكُمُ        شَتَّى  وَأُحْكِمَ  أَمْرُ  النَّاسِ   فَاجْتَمَعَا
أَلاَ   تَخَافُونَ   قَوْمًا   لاَ   أَبَا    لَكُمُ        أَمْسَوْا  إِلَيْكُمْ  كَأَمْثَالِ  الدَّبَا   سُرُعَا
أَبْنَاءُ   قَوْمٍ   تَآوَوْكُمْ    عَلَى    حَنَقٍ        لاَ   يَشْعُرُونَ   أَضَرَّ   اللَّهُ   أَمْ   نَفَعَا
أَحْرَارُ   فَارِسَ   أَبْنَاءُ   الْمُلُوكِ   لَهُمْ        مِنَ الْجُمُوعِ  جُمُوعٌ  تَزْدَهِي  الْقَلَعَا
فَهُمْ   سِرَاعٌ   إِلَيْكُمْ    بَيْنَ    مُلْتَقِطٍ        شَوْكًا وَآخَرَ يَجْنِي الصَّابَ  وَالسَّلَعَا
لَوْ    أَنَّ    جَمْعَهُمُ    رَامُوا    بِهَدَّتِهِ        شُمَّ الشَّمَارِيخِ  مِنْ  ثَهْلاَنَ  لانْصَدَعَا
فِي  كُلِّ  يَوْمٍ  يَسُنُّونَ  الحِرَابَ  لَكُمْ        لاَ  يَهْجَعُونَ  إِذَا  مَا   غَافِلٌ   هَجَعَا
خُزْرٌ     عُيُونُهُمُ     كَأَنَّ     لَحْظَهُمُ        حَرِيقُ  نَارٍ  تَرَى   مِنْهُ   السَّنَا   قِطَعَا
لاَ الْحَرْثُ يَشْغَلُهُمْ بَلْ لاَ  يَرَوْنَ  لَهُمْ        مِنْ  دُونِ  بَيْضَتِكُمْ  رِيًّا   وَلاَ   شِبَعَا
وَأَنْتُمُ  تَحْرُثُونَ  الْأَرْضَ  عَنْ  عَرَضٍ        فِي   كُلِّ   مُعْتَمَلٍ   تَبْغُونَ   مُزْدَرَعَا
وَتُلْحِقُونَ    حِيَالَ    الشَّوْلِ     آوِنَةً        وَتُنْتِجُونَ    بِذَاتِ    الْقَلْعَةِ     الرُّبُعَا
وَتَلْبَسُونَ    ثِيَابَ    الْأَمْنِ     ضَاحِيَةً        لاَ تَفْزَعُونَ  وَهَذَا  اللَّيْثُ  قَدْ  جَمَعَا
أَنْتُمْ   فَرِيقَانِ   هَذَا   لاَ    يَقُومُ    لَهُ        هَصْرُ  اللُّيُوثِ  وَهَذَا  هَالِكٌ   صَقَعَا
وَقَدْ   أَظَلَّكُمُ   مِنْ   شَطْرِ    ثَغْرِكُمُ        هَوْلٌ   لَهُ    ظُلَمٌ    تَغْشَاكُمُ    قِطَعَا
مَا   لِي   أَرَاكُمْ   نِيَامًا   فِي   بُلَهْنِيَةٍ        وَقَدْ تَرَوْنَ شِهَابَ الْحَرْبِ قَدْ  سَطَعَا
فَاشْفُوا  غَلِيلِي  بِرَأْيٍ  مِنْكُمُ   حَسَنٍ        يُضْحِي  فُؤَادِي  لَهُ  رَيَّانَ   قَدْ   نَقَعَا
وَلاَ  تَكُونُوا  كَمَنْ  قَدْ  بَاتَ  مُكْتَنِعًا        إِذَا   يُقَالُ   لَهُ   افْرُجْ   غَمَّةً    كَنَعَا
قُومُوا  قِيَامًا  عَلَى  أَمْشَاطِ  أَرْجُلِكُمْ        ثُمَّ افْزَعُوا  قَدْ  يَنَالُ  الْأَمْرَ  مَنْ  فَزِعَا
صُونُوا  خُيُولَكُمُ   وَاجْلُوا   سُيُوفَكُمُ        وَجَدِّدُوا   لِلْقِسِيِّ   النَّبْلَ    وَالشِّرَعَا
وَاشْرَوْا تِلاَدَكُمُ  فِي  حِرْزِ  أَنْفُسِكُمْ        وَحِرْزِ  نِسْوَتِكُمْ   لاَ   تَهْلِكُوا   هَلَعَا
وَلاَ   يَدَعْ   بَعْضُكُمْ   بَعْضًا    لِنَائِبَةٍ        كَمَا  تَرَكْتُمْ   بِأَعْلَى   بِيشَةَ   النَّخَعَا
أَذْكُوا الْعُيُونَ وَرَاءَ السَّرْحِ وَاحْتَرِسُوا        حَتَّى تُرَى الْخَيْلُ  مِنْ  تَعْدَائِهَا  رُجُعَا
فَإِنْ   غُلِبْتُمْ   عَلَى   ضِنٍّ    بِدَارِكُمُ        فَقَدْ    لَقِيتُمْ    بِأَمْرٍ    حَازِمٍ    فَزَعَا
لاَ  تُلْهِكُمْ  إِبِلٌ   لَيْسَتْ   لَكُمْ   إِبِلٌ        إِنَّ    الْعَدُوَّ    بِعَظْمٍ    مِنْكُمُ    قَرَعَا
هَيْهَاتَ  لاَ  مَالَ  مِنْ  زَرْعٍ  وَلاَ  إِبِلٍ        يُرْجَى  لِغَابِرِكُمْ  إِنْ  أَنْفُكُمْ   جُدِعَا
لاَ   تُثْمِرُوا   الْمَالَ   لِلْأَعْدَاءِ    إنَّهُمُ        إِنْ  يَظْفَرُوا  يَحْتَوُوكُمْ  وَالتِّلاَدَ   مَعَا
وَاللَّهِ  مَا  انْفَكَّتِ  الْأَمْوَالُ  مُذْ   أَبَدٍ        لِأَهْلِهَا    إِنْ    أُصِيبُوا    مَرَّةً     تَبَعَا
ياَ  قَوْمِ  إِنَّ  لَكُمْ  مِنْ  إِرْثِ   أَوَّلِكُمْ        عِزًّا قَدْ  أَشْفَقْتُ  أَنْ  يُودَى  فَيَنْقَطِعَا
مَاذَا   يَرُدُّ    عَلَيْكُمْ    عِزُّ    أَوَّلِكُمْ        إِنْ  ضَاعَ  آخِرُهُ   أَوْ   ذَلَّ   واتَّضَعَا
وَلاَ    يَغُرَّنَّكُمْ    دُنْيَا    وَلَا     طَمَعٌ        لَنْ   تَنْعَشُوا   بِزِمَاعٍ   ذَلِكَ   الطَّمَعَا
يَا  قَوْمِ   بَيْضَتُكُمْ   لاَ   تُفْجَعُنَّ   بِهَا        إِنِّي  أَخَافُ  عَلَيْهَا  الْأَزْلَمَ   الْجَذِعَا
يَا  قَوْمِ  لاَ  تَأْمَنُوا   إِنْ   كُنْتُمُ   غُيُرًا        عَلَى  نِسَائِكُمُ  كِسْرَى  وَمَا   جَمَعَا
هُوَ   الْجَلاَءُ   الَّذِي    تَبْقَى    مَذَلَّتُهُ        إِنْ  طَارَ  طَائِرُكُمْ  يَوْمًا   وَإِنْ   وَقَعَا
هُوَ  الْفَنَاءُ   الَّذِي   يَجْتَثُّ   أَصْلَكُمُ        فَشَمِّرُوا  وَاسْتَعِدُّوا   لِلْحُرُوبِ   مَعَا
وَقَلِّدُوا     أَمْرَكُمْ      لِلَّهِ      دَرُّكُمُ        رَحْبَ الذِّرَاعِ بِأَمْرِ الْحَرْبِ مُضْطَلِعَا
لاَ  مُتْرَفًا  إِنْ  رَخَاءُ  الْعَيْشِ  سَاعَدَهُ        وَلاَ  إِذَا  عَضَّ   مَكُرُوهٌ   بِهِ   خَشَعَا
لاَ   يَطْعَمُ   النَّومَ   إِلاَّ   رَيْثَ    يَبْعَثُهُ        هَمٌّ   يَكَادُ   أَذَاهُ    يَحْطِمُ    الضِّلَعَا
مُسَهَّدَ     النَّوْمِ     تَعْنِيهِ      أُمُورُكُمُ        يَؤُمُّ   مِنْهَا    إِلَى    الْأَعْدَاءِ    مُطَّلِعَا
مَا  زَالَ  يَحْلُبُ  دَرَّ  الدَّهْرِ  أَشْطُرَهُ        يَكُونُ      مُتَّبِعًا      يَوْمًا       وَمُتَّبَعَا
وَلَيْسَ      يَشْغَلُهُ      مَالٌ      يُثَمِّرُهُ        عَنْكُمْ  وَلاَ   وَلَدٌ   يَبْغِي   لَهُ   الرِّفَعَا
حَتَّى  اسْتَمَرَّتْ  عَلَى  شَزْرٍ   مَرِيرَتُهُ        مُسْتَحْكِمَ السِّنِّ لاَ قَمْحًا وَلاَ  ضِرَعَا
كَمَالِكِ   بْنِ   قَنَانٍ   أَوْ    كَصَاحِبِهِ        زَيْدِ  الْقَنَا  يَوْمَ  لاَقَى  الْحَارِثَيْنِ   مَعَا
إِذْ   عَابَهُ   عَائِبٌ   يَوْمًا   فَقَالَ    لَهُ        دَمِّثْ  لِنَفْسِكَ  قَبْلَ  الْيَوْمِ  مُضْطَجَعَا
فَسَاوَرُوهُ     فَأَلْفَوْهُ     أَخَا      عِلَلٍ        فِي الْحَرْبِ  يَحْتَبِلُ  الرِّئْبَالَ  وَالسَّبُعَا
مُسْتَنْجِدًا   يَتَحَدَّى    النَّاسَ    كُلَّهُمُ        لَوْ قَارَعَ النَّاسَ  عَنْ  أَحْسَابِهِمْ  قَرَعَا
هَذَا   كِتَابِي   إِلَيْكُمْ   وَالنَّذِيرُ   لَكُمْ        فَمَنْ رَأَى  مِثْلَ  ذَا  رَأْيًا  وَمَنْ  سَمِعَا
لَقَدْ بَذَلْتُ  لَكُمْ  نُصْحِي  بِلاَ  دَخَلٍ        فَاسْتَيْقِظُوا  إِنَّ  خَيْرَ  الْقَوْلِ  مَا  نَفَعَا
(2)
ذكرت بعضًا من أوجه التشابُه بين حالِ الأُمَّة وقبيلة الشَّاعر لقيط بن يعمر الإيادي، أضيفُ معلومة أخرى أنَّ هذه من القصائد اليتيمة، فالشاعر حين حزب قبيلته أَمْرٌ، قال هذه القصيدة، ولم يعثر له في كتب الأدب على قصيدة أخرى.

أَشَغَلتْنا سوقُ الأسهم كما كان يَخشى الشاعر على قبيلته من أن يشغلها سوق النقد؟ أم شغلتنا الزِّراعة عن الاهتمام بالهمِّ الأساس، وقد سلبنا اليهود أرضنا ومقدساتِنا، كما كان يخشى لقيط على إياد من كسرى وما جَمَع؟ وإليك عنوانَ الكتاب الذي أرسل:"كتابٌ من لقيط إلى مَن بالجزيرة من إياد، بأنَّ الليث كسرى قد أتاكم، فلا يشغلنَّكم سوق النقاد".

اهتمَّ الشَّاعر بقبيلته، والخطر الذي يتهدَّدها، وأضحت همَّه أنَّى توجَّه، وحيثُ سار، غريب كيف يشغل همَّه وضع قبيلته، ونهنأ وقد احتلَّ اليهود أرضنا في فلسطين وفي غزَّة، وسلبوا الأقصى، فطالوا التراب والحجر والمقدسات؟!
فَمَا أَزَالُ عَلَى  شَحْطٍ  يُؤَرِّقُنِي        طَيْفٌ تَعَمَّدَ رَحْلِي حَيْثُمَا وُضِعَا
ثمَّ إنه يحرِّض قومه على الوحدة، ويُحذرهم الفرقة والتنافر والبغضاء، وقد أحكم عدوُّهم أمره في معاداتِهم، ونحن اليومَ أحوجُ من إياد إلى التحذير، وإنْ كان حالنا في التشرْذم والفرقة كحالهم، بل أشد وضوحًا:
أَبْلِغْ   إِيَادًا   وَخَلِّلْ    فِي    سَرَاتِهُمُ        إِنِّي أَرَى الرَّأْيَ إِنْ لَمْ أُعْصَ قَدْ نَصَعَا
يَا لَهْفَ  نَفْسِيَ  أَنْ  كَانَتْ  أُمُورُكُمُ        شَتَّى  وَأُحْكِمَ  أَمْرُ  النَّاسِ   فَاجْتَمَعَا
كان عدو إياد فارس، أمَّا عدونا فهم اليهود ومن يُساندهم، جموعهم في الأرض تتضافر وتدفع لاستئصال أرضنا:
أَحْرَارُ  فَارِسَ  أَبْنَاءُ  الْمُلُوكِ  لَهُمْ        مِنَ الْجُمُوعِ جُمُوعٌ تَزْدَهِي الْقَلَعَا
في القصيدة الكثير والكثير، فهو يحذِّر قومه من أن تشغلهم الزِّراعة والعمل بها، ويتركون حماية أنفسهم، فأين نحن من ذلك؟
لاَ الْحَرْثُ يَشْغَلُهُمْ بَلْ لاَ يَرَوْنَ لَهُمْ        مِنْ  دُونِ  بَيْضَتِكُمْ  رِيًّا  وَلاَ  شِبَعَا
وَأَنْتُمُ تَحْرُثُونَ الْأَرْضَ  عَنْ  عَرَضٍ        فِي  كُلِّ  مُعْتَمَلٍ   تَبْغُونَ   مُزْدَرَعَا
وَتُلْحِقُونَ   حِيَالَ    الشَّوْلِ    آوِنَةً        وَتُنْتِجُونَ   بِذَاتِ    الْقَلْعَةِ    الرُّبُعَا
وَتَلْبَسُونَ   ثِيَابَ   الْأَمْنِ    ضَاحِيَةً        لاَ تَفْزَعُونَ وَهَذَا اللَّيْثُ  قَدْ  جَمَعَا
في كلِّ شطرٍ من القصيدة تحذير وتنبيه، فما أحْوجَنا إلى قراءتها شطرًا شطرًا! يُحرِّض قومه على النُّهوض والتهيُّؤ لعدوِّهم، والفزع الذي قد يوصل إلى الأمن:
قُومُوا قِيَامًا عَلَى أَمْشَاطِ أَرْجُلِكُمْ        ثُمَّ افْزَعُوا قَدْ يَنَالُ الْأَمْرَ مَنْ فَزِعَا
هذه بعض الوقفات على بعضٍ من مكنونات القصيدة، ولا بد من وقفات أُخَر.
(3)
إنَّ قراءة قصيدة لقيط إضافةً لكونِها من التُّراث، فهي حاجة لنا في هذا الزَّمن، وقد تكالبت علينا الأُمم، وتداعت كما تتداعى الأَكَلة إلى قصعتها، فها هو لقيط يطلُّ علينا كما أطلَّ على قومه بنصيحة يعجب منها ذَوُو العقول الرَّاجحة؛ حيثُ يرفعُ لواء المقاطعة مع الأعداء ومَنْعِ التعاوُن معهم، وهي أسئلةٌ لمن يضعُ مال الأُمَّة في أيدي وبنوك الأعداء بحجج واهية، تفطَّن لها لقيط من آلاف السنين، ونبَّه لخطورتها؛ حيث يقول:
هَيْهَاتَ لاَ مَالَ مِنْ زَرْعٍ وَلاَ إِبِلٍ        يُرْجَى لِغَابِرِكُمْ إِنْ أَنْفُكُمْ جُدِعَا
لاَ  تُثْمِرُوا  الْمَالَ  لِلْأَعْدَاءِ  إنَّهُمُ        إِنْ يَظْفَرُوا يَحْتَوُوكُمْ وَالتِّلاَدَ مَعَا
وَاللَّهِ مَا انْفَكَّتِ الْأَمْوَالُ مُذْ  أَبَدٍ        لِأَهْلِهَا  إِنْ   أُصِيبُوا   مَرَّةً   تَبَعَا
ثمَّ يحذرهم من أن يُجتثُّوا من أصلهم إنْ هم توانَوْا وخنعوا وخضعوا لعدوِّهم، ويثير فيهم النخوة والغَيْرة على نسائهم، فهو يُحذرهم من أنَّ كسرى وأتباعه سيقتلونَهم ويستحلون نساءَهم، وقد رأينا على شاشات التِّلفاز في العصر الحديث بَغْيَ أدعياءِ الحضارة الغربية، وتجاوُزهم لكلِّ موروث ديني أو ثقافي لأهل الأرض في "أبو غريب" وغيره؛ حيث يقول:
يَا قَوْمِ بَيْضَتُكُمْ  لاَ  تُفْجَعُنَّ  بِهَا        إِنِّي أَخَافُ عَلَيْهَا الْأَزْلَمَ الْجَذِعَا
يَا قَوْمِ لاَ تَأْمَنُوا  إِنْ  كُنْتُمُ  غُيُرًا        عَلَى نِسَائِكُمُ كِسْرَى وَمَا جَمَعَا
حريٌّ بنا أنْ نقرأَ القصيدة ونقرأَها ويقرأَها ويَحفظها أبناؤنا وبناتنا، وأنْ تكونَ في مناهجنا، وأن تدرَّس في جامعاتنا ومدارسنا، ففيها أكثرُ مما ذكرت، وتَحتاج لمزيد من الدِّراسة والضوء، وخاصَّة من أرباب الصنعة الأدبيَّة، والمهتمين في هذا المجال، الراجين للأمة النهوض من كبوتها.

ثمَّ يُحدِّد صفات القائد لمرحلةِ الدِّفاع عن وجود العشيرة "الأمة"، فلا بُدَّ أن يكون خبيرًا بالحرب، جَسورًا لا يَخشى في الله لَوْمَةَ لائم، صبورًا على المكروه لا يجزع ولا يخاف، ذو رأيٍ سديد وقلب من حديد، ليس له مال يشغله عن مهامه في الدِّفاع عن العشيرة "الأمة"، واشترط ألا يكون له ولدٌ يريد له القيادة، كما يفعل كثير من حكام الأُمَّة، فيشغله عن أداء مهامه في الدِّفاع وتحمُّل تبعات مواجهة الأعداء؛ حيث يقول:
وَقَلِّدُوا     أَمْرَكُمْ     لِلَّهِ      دَرُّكُمُ        رَحْبَ الذِّرَاعِ بِأَمْرِ الْحَرْبِ مُضْطَلِعَا
لاَ  مُتْرَفًا  إِنْ  رَخَاءُ  الْعَيْشِ  سَاعَدَهُ        وَلاَ  إِذَا  عَضَّ  مَكُرُوهٌ   بِهِ   خَشَعَا
لاَ   يَطْعَمُ   النَّومَ   إِلاَّ   رَيْثَ   يَبْعَثُهُ        هَمٌّ   يَكَادُ   أَذَاهُ   يَحْطِمُ    الضِّلَعَا
مُسَهَّدَ     النَّوْمِ     تَعْنِيهِ     أُمُورُكُمُ        يَؤُمُّ   مِنْهَا   إِلَى    الْأَعْدَاءِ    مُطَّلِعَا
مَا زَالَ  يَحْلُبُ  دَرَّ  الدَّهْرِ  أَشْطُرَهُ        يَكُونُ      مُتَّبِعًا      يَوْمًا      وَمُتَّبَعَا
وَلَيْسَ      يَشْغَلُهُ      مَالٌ      يُثَمِّرُهُ        عَنْكُمْ  وَلاَ  وَلَدٌ   يَبْغِي   لَهُ   الرِّفَعَا
حَتَّى  اسْتَمَرَّتْ  عَلَى  شَزْرٍ  مَرِيرَتُهُ        مُسْتَحْكِمَ السِّنِّ لاَ قَمْحًا وَلاَ  ضِرَعَا
ثمَّ يختم ببيتين من أجمل الشِّعر وأصدقه وأعذبه، فهو يراهم نيامًا، ولا بُدَّ من أن يستيقظوا، وقد رأى بدوي الجبل الشَّاعر الحديث ذاتَ الرُّؤيا التي رَآها لقيط:
نَحْنُ مَوْتَى يُسِرُّ جَارٌ لِجَارِهْ        مُسْتَرِيبًا مَتَى يَكُونُ  النُّشُورُ
فكلاهما رأى الرُّؤيا ذاتها رغْم آلاف السنين، فهذا لقيط يقول:
هَذَا كِتَابِي  إِلَيْكُمْ  وَالنَّذِيرُ  لَكُمْ        فَمَنْ رَأَى مِثْلَ ذَا رَأْيًا وَمَنْ سَمِعَا
لَقَدْ بَذَلْتُ لَكُمْ نُصْحِي بِلاَ دَخَلٍ        فَاسْتَيْقِظُوا إِنَّ خَيْرَ الْقَوْلِ مَا نَفَعَا
بَقِيَ أن نذكر أنَّ كسرى كشف ما فعله لقيط وهو أحدُ كُتَّابه، فطلب أن يحضر لقيط، دخل على كسرى مرفوعَ الرَّأس غير هيَّابٍ ولا وَجِل، فلم يستطع لقيط أن ينكر ما فعل، أمر كسرى بقطع لسانِه، ثمَّ أمر به فقتل، وبَقِيَ له الذِّكْرُ الحسن، وكان لقيط في عداد الخالدين، رَغْم مرور آلاف السنين على الواقعة، ما أحوجَ الأمةَ إلى ألسنة كلسان لقيط، وإلى شِعْرٍ كشِعْره، وإلى نُفُوس أبيَّة كنفسه، وإلى قائد بالمواصفات التي ذكرها لقيط!




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البداية... !
  • أتتك بحائن رجلاه
  • وفاء نادر
  • أوفى من السموءل
  • السموءل بن عادياء
  • ذو الإصبع العدواني (1/2)
  • ذو الإصبع العدواني (2/2)
  • حجية بن المضرب
  • المقنع الكندي
  • وعد عرقوب
  • ندامة الكُسَعِي
  • ناقتان وجمل تساوي موءودة
  • خبر الفرزدق مع نوار
  • عثمان بن طلحة
  • قيس بن الخطيم
  • حرب البسوس
  • حتى لا يصرخ لقيط جديد

مختارات من الشبكة

  • الدرة من حديث لقيط بن صبرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لقيط بن عامر العقيلي(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • شرح حديث: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • علماؤنا وتراث الأمم – القوس العذراء وقراءة التراث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • اللقطة واللقيط في المذهب المالكي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الطفل اللقيط.. أزمة تعكس ألما(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الأطفال اللقطاء: حقوقهم وعناية المملكة العربية السعودية بهم (PDF)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • اللقيط: إسلامه وولاؤه وماله وميراثه(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • شرح عمدة الطالب لنيل المآرب: باب الوديعة إلى باب اللقيط(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • المستثنيات باجتهاد الفقهاء من باب السبق إلى نهاية باب اللقيط (دراسة فقهية مقارنة) (PDF)(رسالة علمية - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
4- ما أشبه
المتحرك - العربية السعودية 03-03-2015 04:46 PM

ما أشبه اليوم بالبارحة

3- لله دره
سيد محمد الغوث - موريتانيا 26-02-2014 04:13 PM

لا فض الله فاك يا شيخ وبارك الله فيك وبث فينا من أمثال لقيط

2- تكتب بماء الذهب
الفريدي - السعودية 26-11-2013 07:57 PM

من القصائد التي لا يمل القارئ من تكرارها ،،

1- شكر وتقدير
أبوخديجة - مصر 23-05-2010 06:49 AM

الشيخ الفاضل
جزاك الله خيرًا وأعظم أجرك في الدنيا والآخرة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب