إشعار بتصحيح أشعار

إشعار بتصحيح أشعار

يقفُ القارئ وهو يقرأ كتبَ العلم ويراجِعُ فيها على كثيرٍ من الأخطاء في وزن الشعر، وضبطه، وكتابته، وأذكر هنا نماذج من ذلك، تتجاوز (25) خطأ، من (13) كتابًا، وأوردها على حسب وفيات المؤلفين:

1-جاء في "تاريخ مدينة السلام" للخطيب البغدادي (ت:463هـ) (9/9):

"فناديتُ ماليَ منْ حرفةٍ فجاوبَ ♦♦♦ حوشيتَ من ذا وحواشي"

وصوابه: فجاوبَ حُوشيتَ مِنْ ذا وحُوشي.

• وفي (9/10):

"وكنتُ أُلقَّب بالببغاء قديمًا ♦♦♦ وقد مزَّق الدهر ريشي"

وصوابه: وكنتُ أُلقَّبُ بالببغاء ♦♦♦ قديمًا وقد مزَّقَ الدهرُ ريشي

• وفي (9/10):

"قد أصبح الناس في بلا ♦♦♦ ءٍ وفي غلاء تداولوه"

وصوابه: قد أصبح النّاسُ في بلاءٍ

• وفي (9/103):

"رَف المنامُ إلى طيف خياله  ♦♦♦ لو أن طيفًا كان من أبداله"

وصوابه: زَفَّ المنامُ إليَّ...

• وفي (9/113):

"يا قلبُ ما أنت من نجدٍ وساكنهٍ ♦♦♦ خلفت نجدًا وراء المذبح الساري"

وصوابه: المُدْلجِ

وهذه أمثلة، وثَّم غيرُها.

♦♦♦

2- جاء في ترجمة العلامة لغدة الأصبهاني في "معجم الأدباء" لياقوت الحموي (ت:626هـ) (2/876):

"يا قصيرَ العُمْر ما هذا الأملْ؟ ♦♦♦ كل ذا الحرصِ وقد حان الأجلْ

ارتض الدنيا وكنْ ذا وَجَلٍ ♦♦♦ فجنانُ الخُلد حُفَّت بالوجلْ"

والصواب: ارفضِ الدنيا.

وقد جاء على الصواب في "الدر الثمين في أسماء المُصنِّفين" لابن الساعي ص360.

وقولُه: "ارتض الدنيا" خلاف المقصود.

♦♦♦

3- في "إنباه الرواة على أنباه النحاة" للقفطي (ت: 646هـ) (1/357) من قصيدة للحسين بن حميد الحموي الضرير في الإمام الشافعي:

"ومَنْ عرَفَ الدنيا تحقَّق أمرها ♦♦♦ شراب وما فيها فليس برائقِ"

والصواب: سراب.

♦♦♦

4-جاء في "غاية الإحكام في أحاديث الأحكام" لمحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري (ت:694هـ) (1/183):

"...وأصبح صوتٌ بمكة عال يسمعون الصوت، ولا يدرون مَنْ صاحبه يقول:

جزى الله ربُّ النّاس خيرَ جزاء ♦♦♦ به رفيقين قالا خيمتَيْ أمِّ مَعْبدِ"

وتكرَّر هذا في (1 /184).

والصواب:

.................. خيرَ جزائهِ = رفيقين ...............

♦♦♦

5- جاء في ترجمة أبي عمرو الداني في "معرفة القرّاء الكبار على الطبقات والأعصار" للذهبي (ت: 748هـ) (2/778) في أرجوزته في القرّاء، وفي عقود الديانة:

"والفاضل المعروف بابن الأوزاعي  ♦♦♦ ومثلهم من أهل الإتباع"

والصواب حذف (ابن)، وحذف الهمزة من (الاتباع).

• وجاء فيه (2/922) في ترجمة البارع: الحسين بن محمد البغدادي الدبّاس (ت:524هـ): "ومن شعر البارع:

ذكرَ الأحبابَ والوطنا ♦♦♦ والصبيَّ والأهلَ والسكنا"

والصواب: والصِّبا. يَقصدُ الشاعرُ صِباه لا صَبيَّه.

♦♦♦

6- جاء في "اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية" لابن القيم (ت: 751هـ) ص58

"قال ذو الرمّة:

إذا غيّرَ النائي المُحبينَ لم يكدْ ♦♦♦ رسيسُ الهوى مِنْ حبِّ ميةَ يَبْرحُ"

والصواب: النأيُ.

♦♦♦

7-جاء في "الغرر السوافر عما يحتاج إليه المسافر" للزركشي (ت:794هـ) ص28:

"فسرْ في بلادِ الله والتمس الغنى ♦♦♦ فما الكرخ بالدنيا ولا الناس قائم"

ورجعتُ إلى المخطوط المعتمد، فرأيتُه فيه هكذا:

"فما الكرخ الدنيا، ولا الناس قاسم"

وبهذا النص أورَده محققٌ آخرُ لـ"الغرر السوافر" -وهو مرزوق علي إبراهيم- ص39.

والصواب:

فما الكَرَجُ الدنيا، ولا النّاسُ قاسمُ

8- وجاء البيت في "التيسير بشرح الجامع الصغير" للمناوي (ت: 1031هـ) (1/441) هكذا:

"قال ابنُ باذان:

فسرْ في بلاد الله والتمس الغنى ♦♦♦ فما الكدح الدنيا ولا اليأس قاسم"

9- وجاء في "بحث فيما زاده الشوكاني من أبيات شعرية صالحة للاستشهاد بها في المحاورات وعند المخاصمات وأضافها إلى ما يصلح لهذه الأغراض في ديوان ابن سناء الملك" المطبوع بهذا العنوان (!) ضمن "الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني" (ت: 1250هـ) (12 /6313):

"دعيني أجوبُ الأرض في طلب العلا ♦♦♦ فما الكرح الدنى ولا الناس قاسم"

والصواب كما تقدَّم:

فما الكَرَجُ الدنيا، ولا النّاسُ قاسمُ

وليتضحَ المعنى أنقلُ ما قاله الحميري في "الروض المعطار" عن ذلك:

"الكَرَج: "بفتح الكاف والراء المفتوحة وبالجيم المعجمة، أول حصن من معاقل الجبل، فمن همذان إلى نهاوند مرحلتان، ومن نهاوند إلى الكرج مرحلتان، ولم تكن في أيام الأعاجم مدينة مشهورة، وإنما كانت في عداد القرى العظام، وهذا الحصن هو حصن أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي أحد أكابر قواد المأمون، وهو الذي قال فيه مادحُه:

إنما الدنيا أبو دلف بين باديه ومحتضرِهْ فإذا ولى أبو دلف ولت الدنيا على أثرِهْ كل مَنْ في الأرض مِنْ عربٍ بين باديه إلى حضرِهْ مستعيرٌ منك مكرمة يكتسيها يوم مفتخرِهْ

فقال له المأمون: قد جعلنا نستعير المكارم منك، فقال: يا أمير المؤمنين قول زور، وكلام غرور، أصدقُ منه ابنُ أختٍ لي حيث يقول:

دعيني أجوبُ الأرض في طلب الغنى ♦♦♦ فما الكَرَجُ الدنيا ولا النّاسُ قاسمُ"

وفي هذا الكتاب - أعني: "بحث فيما زاده الشوكاني من أبيات شعرية..."- أخطاء كثيرة تستوجب الإفراد.

•    •    •

10- جاء في ترجمة الفقيه سلمان بن عبد الحميد البغدادي ثم الدمشقي في "الجوهر المنضد في طبقات متأخري أصحاب أحمد" لابن المبرد (ت: 909) ص45 أنَّ مِنْ شعره:

وقائلةٍ: أنفقتَ في الكُتْبِ ما حوتْ ♦♦♦ يمينُك مِنْ مالٍ فقلتُ: وعَيني"

لعلِّي أرى فيها كتابًا يَدلني ♦♦♦ لأخذِ كتابي آمِنًا بيميني"

وكأنَّ المحقق ظنَّ أن الفقيه الشاعر يوافق القائلة فيما قالته من إنفاق المال في الكتب، ويزيد عليها أنه أنفق عينه كذلك -أي بصره- في قراءتها، وليس هذا المراد هنا.

والصواب: دَعِيني = اتركيني.

♦♦♦

11-جاء في "قوت المُغتذي على جامع الترمذي" للسيوطي (ت: 911هـ) (1/24):

"قال الحافظ قطب الدين القسطلاني:

أحاديثُ الرسول جلاء الهمومِ ♦♦♦ وبرءُ المرء من ألم الكُلومِ"

والصواب: جلا. بلا همزة حتى لا ينكسر الوزن.

وجاء في هذه القصيدة:

"ففاق مصنّفات الناس قدمًا ♦♦♦ وراقَ فكان كالعَقد النظيمِ"

والصواب: كالعِقد. بكسر العين.

♦♦♦

12-جاء في "خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى" للسمهودي (ت:911هـ) (1/438):

"ولله درُّ القائل:

قربُ الديار يزيد شوقَ الوالهِ لا سيما إنْ لاح نور جمالهِ أو بشَّرَ الحادي بأنْ لاح النقا وبدتْ على بُعْدٍ رؤوسُ جبالهِ فهناك عليل الصبر مِنْ ذي صبوةٍ وبدا الذي يُخفيهِ مِنْ أحوالهِ"

والصواب: عِيلَ.

♦♦♦

13-جاء في "المُرافق على المُوافق" للشيخ ماء العينين ابن الشيخ محمد فاضل بن مامين (1/7):

"في زخرف القول تزيينٌ لباطلهِ ♦♦♦ والحقُّ قد يعتريه سوءُ تغيير"

والصواب: سوءُ تعبير.

• وفي تقريظٍ للكتاب في آخره (2/827):

" إذا صَرَّ صَرَّ البازي فلا ديك صارخٌ ♦♦♦ ولا فاختٌ في أيكه يترنَّمُ"

وعلق المحقِّق بقوله على "صرَّ" الأولى: "أي صوّت، و"صرَّ" الثانية مصدر".

وهذا خطأ، والصواب: صَرْصَرَ.

وهي كلمة واحدة، فعل ماض. وفي لسان العرب: "صَرَصَرَ الطائرُ صَوَّت، وخصَّ بعضُهم به البازِيَ والصَّقْر".

• وجاء في (2/831) هذا البيت:

"أردافها أعناقها وثغورها ♦♦♦ كُثْبُ نِعاجٍ مهاً عقود جمان"

هكذا ضبطَ المحقِّق الشطرَ الثاني، والصواب:

كُثُبٌ، نعاجُ مهًا، عقودُ جُمانِ

فالشاعرُ يُشبِّهُ ثلاثة بثلاثة، وبضبط المحقِّقِ يختلُّ المعنى والمبنى.

♦♦♦

وبعد: فهذه نماذج، والأخطاء في الشعر كثيرة جدًا، وليت المحققين الذين لا أُنس لهم بالشعر والعروض يعرضون أعمالهم على مَنْ لديه معرفة بذلك.

طبعات الكتب المذكورة على ترتيب ذكرها:

• تاريخ مدينة السلام للخطيب البغدادي، دار الغرب الإسلامي.

• معجم الأدباء لياقوت الحموي، تحقيق: د. إحسان عباس، دار صادر.

• إنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، تصوير دار الفكر العربي، القاهرة.

• غاية الإحكام في أحاديث الأحكام لمحب الدين الطبري، تحقيق: حمزة الزين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1 (1424هـ-2004م).

• معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار للذهبي، تحقيق: د. طيار آلتي قولاج، نشر مركز البحوث الإسلامية التابع لوقف الديانة التركي، إستانبول، ط1 (1416هـ - 1995م).

• اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية لابن القيم، تحقيق: فواز أحمد زمرلي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1 (1408هـ-1988م).

• الغرر السوافر عمّا يحتاج إليه المسافر للزركشي، تحقيق: أحمد مصطفى القضاة، المكتب الإسلامي، ط1 (1409هـ-1989م).

• الغرر السوافر عمّا يحتاج إليه المسافر للزركشي، تحقيق: مرزوق علي إبراهيم، دار الفضيلة، القاهرة، لعله في (2003م).

• التيسير بشرح الجامع الصغير للمُناوي، تصوير مكتبة الإمام الشافعي في الرياض.

• الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني، تحقيق: محمد صبحي بن حسن حلاق، مكتبة الجيل الجديد، اليمن.

• الجوهر المُنضد في طبقات متأخري أصحاب أحمد لابن المبرد، تحقيق: د. عبدالرحمن العثيمين، مكتبة الخانجي، القاهرة. ثم أخرجته مكتبة العبيكان، الرياض، ط1(1420هـ-2000م).

• قوت المغتذي على جامع الترمذي للسيوطي، تحقيق: توفيق محمود تكلة، دار النوادر، بيروت، ط1 (1433هـ-2012م).

• خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى للسمهودي، تحقيق: محمد الأمين محمد محمود أحمد الجكني، ط1 (1418هـ-1998م) ولم تذكر المطبعة ولا مكانها.

• المرافق على الموافق لماء العينين ابن الشيخ محمد فاضل بن مامين، تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، القيم، الدمام، ط1 (1425هـ-2004م).