• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

شعر رشيد أيوب: دراسة تحليلية نقدية

د. أورنك زيب الأعظمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/1/2015 ميلادي - 22/3/1436 هجري

الزيارات: 114969

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شعر رشيد أيوب

دراسة تحليلية نقدية


ملخص البحث:

مِن بين شعراء الرابطة القلَميَّة الذين خلَّفوا مآثرَ رائعة خالدة أربعة، وهم: جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، ونسيب عريضة، ورشيد أيوب.

 

فجُبران اشتهَر برَسمه وموسيقاه ونثرِه الشِّعري، وميخائيل نعيمة نال الخلودَ لأجل "الغربال" الذي وضَع أصولاً نقديَّة ممتازة، ونسيب عريضة متَّصف بحرارة العاطفة وحيرته المتشكِّكة وكآبته!

 

وأما رشيد أيوب (1871-1941م) فهو شاعرٌ يمكن تحديدُ شعره في حدود الحبِّ والألم والخمر، بجانب الرنَّة الموسيقيَّة، والطَّلاوة والرِّقة وعدم التكلُّف.

 

وُلد هذا الشاعر الْمُفلِق في قرية بسكنتا، وهي قريةُ ميخائيل نعيمة في لبنان، ومن ثَم هاجر إلى أمريكا الشمالية بعد رحلاتٍ قام بها إلى باريس ومانشستر، سمّاه المِّؤرخون وأصحابُ التراجم بـ"الشاعر الشاكي"؛ لكثرة ما شكا الزمان، إلا أنه اختار لنفسه لقب "الدرويش"، وهذا كله راجعٌ إلى هجرة بلاده، وما عاناه من المشاكل والصعوبات في حياته.

 

وبعدما انتظم في سلك أعضاء الرابطة القلميَّة أصدر ثلاثةَ دواوين؛ "الأيُّوبيات" في 1917م، و"أغاني الدرويش" في 1928م، و"هي الدنيا" في 1939م، ولم تعطه المنيَّة مزيدًا من الفرصة للقيام بإبداعاتٍ أخرى.

 

محتويات شعره:

ولو أن رشيد أيوب لم يَقرِض كثيرًا من القصائد والمنظومات بالنسبة لغيره من شعراء الرابطة، ولكن شعره يتنوَّع محتوًى ومشتملاً؛ ففيه ما في شعراء العرب العرباء من الفَخر بالنفس وما يشبهه، وذِكر الحبيب وما يمارسه العاشق من أنواع الوَجد؛ من خلال ذِكره لها، وتَرداد بيانها أمامه، والحماسة التي هي أشهرُ أصناف الشعر العربي.

 

وكذا يشمل شعرُه ما يميِّزه عن غيره من شعراء العربية؛ فلدَيه ذِكرٌ كثير لوطنه الذي قد أنسى ذِكرَ حبيبه سليمى في كثير من الأحيان، فهو يحرِّض العربَ على تحريره، والحفاظ على عزَّته، كما يُعرب عن علاقته الشديدة الوطيدة معه، وفوقَ ذلك نجد أنه جاء بتعابيرَ رائعةٍ حديثة، ومعانٍ جديدة لكلمات قديمة، كما اقتبس من القرآنِ والحديثِ والشعراءِ العرب القدامى.

 

وكذا نجد أنه في معظم الأحيان يوافق ما قاله الشعراء الدوليُّون الآخرون، كما يحاول أن يختلف عنهم في التعبير وأداء المعاني، وهكذا، فيكون شعره جامعًا بين القديم والجديد في جانب، وفي جانبٍ آخر يتجاوز حدود الوطن فيصبح عالميًّا بما أنه يوافق ما قاله الشعراء الأجانب كما يختلف عنهم.

 

وفيما يلي دراسة وجيزة لكلِّ ما علا ذِكره تحت موضوعات مستقلة:

لبنان في شعره:

ونريد أن نخصَّ لبنان بالذِّكر في شعره؛ لما حوَاه الكثيرُ من أبياته في ذِكراه، وما عاناه من الشدائد، وما يتطلبه من أبنائه، ومن ثَم تحريض العرب على تحريره، وأشياء أخرى.

 

فيقول وهو يتذكَّرهم:

فللَّهِ عَيشي فيه كَم كان مُخصِبًا
وللهِ عَيشي فِيهِ كَم كانَ حالِيَا
أُقلِّبُ طَرْفي في مُحيطي فَلا أرى
منَ القَومِ إلاَّ خاليَ البالِ لاهِيَا
رُوَيدكُمُ يا قَومُ فالجوعُ قد سَطَا
وعَمَّ فأعمى النَّائِحاتِ البَواكِيَا
رُوَيدكُمُ يا قَومُ فالوَطَنُ الذي
تدَفَّقَ مِنهُ الخَيرُ قد صارَ خالِيَا
كَأني بِسوريَّا وقَد طالَ عَهدُها
عَلى مَضَضِ الأيَّامِ تخشى التَّلاشِيَا
كَأني بِلُبنَانٍ وَقَد نَطَحَ السُّهَى
وعَيناهُ تجتازُ البُحورَ الطَّوامِيا
يَشقُّ عَلَيهِ أن يَرى كُلَّ نازِحٍ
سَقاهُ زُلالاً يُنكرُ اليوم ساقِيَا

 

ويقول وهو يَذكر عهدَه الأول معهم:

وقالوا رَأينَا شَريدًا يَجُولْ
بَعيدًا عن النَّاسِ في مَعزلِ
يَبِيتُ اللَّيالي يَؤمُّ الطُّلولْ
ويَبكي على عَهدِهِ الأوَّلِ
فقُلنا دعوهُ عَراهُ جُنونْ
ومرَّت لَيالٍ وكرَّت سنونْ
ولم يَرجعِ

 

ويعبِّر عن حبه للُبنان على رغم البعد عنه:

لقيتُكِ لَمَّا نَصَبنا الخيامْ
ألا تذكُرين زمانَ اللِّقاء
فأسكَرتِ قلبي بخمرِ الغرامْ
وخلَّفتِ نفسي بوادي الشَّقاء

ثمَّ غِبتِ

ألا تذكُرينَ بشطِّ الغَديرِ
على صخرةٍ قد جلَسنَا هناكْ
ولَمَّا انحنَيتِ لصوتِ الخريرِ
لَمحتُكِ في الماء مثلَ الملاكْ

حينَ لُحتِ

ولَمَّا مَشَينا لنجني الورودَ
بِظلِّ فراشاتها الحُوَّمِ
تعبتِ فودَّعتِ هذا الوجودَ
وقلتِ لأغصانها خيِّمي

ثمَّ نمتِ

وأودى الزمانُ بعهدِ الهَوى
ولكنَّ قلبيَ ذاكَ الأمينْ
حفظتك فيهِ برغمِ النَّوى
فواعجباهُ ألا تَذكُرينْ

أَينَ كنتِ

 

والواقع أن لبنان قد أصبح حبيبًا لديه؛ فنرى أنه كثيرًا ما يذكره، فيقول مثلاً:

ذكَّرُوهُ بالحِمى فارتعَشا
وهوَ كالمجنونْ
مُغرَمٌ في الحبِّ قِدْمًا قد نشا
قَلبهُ المحزُونْ
لا تَلوموهُ فذا صَبٌّ سَقيمْ
نازِحٌ مِسكِينْ
ليس يُحييهِ سوَى ذاك النسيمْ
في حِمى صِنِّينْ
يرقُبُ الأفلاكَ إن جنَّ الظلامْ
في حَشاهُ نارْ
وهْوَ يحسو الخمرَ مُضنىً لا ينامْ
يُنشد الأشعارْ
لم تزِده الكأسُ إِلاَّ عَطَشًا
أبدًا ظَمآنْ
يتغنَّى عُمرَه كيف مَشى
برُبى لُبنَانْ

 

ويقول كذلك:

ألبنانُ هل مرَّ الزمانُ الذي بهِ
يُقالُ هنِيئًا للذي فيك يرتَعُ
ألبنانُ أهوَالُ الحروبِ فظيعَةٌ
ولكنَّ هولَ الموتِ بالجوعِ أفظعُ
سلامٌ على لبنانَ والجبَلِ الذي
بَكاه النَّدى والمستجيرُ المروَّعُ

 

فما نجده في شعره من ذكر الحبيب وما يتعلق به ليس إلا ذِكرَ لُبنان وما تعلَّق به من الأمور.

 

وبجانب الحب أشدُّ من العذاب الأليم؛ كما قال الشاعر:

فصِحتُ بالساقي ألا هاتِها
صِرفًا فأنجو من عذاب أليمْ

 

فكان الشاعر يجد لذَّة في ذكراه وحبِّه؛ فهو يودُّ أن يخلَّد فيه هذا الحب، فيقول:

مَن مُرجِعٌ هيهاتَ لي جَهلي
فالقلبُ قد أمسى بلا شُغلِ
قطَفَت يدُ الدنيا أزاهرَهُ
فخلَت خلاياهُ من النحلِ
وعفَت ميادينُ العِراك بهِ
ما بينَ عزِّ الحبِّ والذلِّ
لم يبقَ فيهِ للهوى أثَرٌ
إِلاَّ كظلِّ فراشةِ الحَقلِ
ليست جراحٌ كنتُ أحملها
من نبلِ تلكَ الأعينِ النُّجْلِ
وبرُوقُ وعدٍ كنتُ أرقبها
بالوصل غابَت في دُجى الْمَطْلِ
ودموعُ ياسٍ كنتُ أذرِفُها
في الليل مِن عينيَّ كالوَبْلِ
بأمرَّ مِن عيشٍ أكابدهُ
مُذ صار كلُّ الشُّغلِ للعقلِ

 

وعن هذه الجهة يعبد القلب الذي ثبت فيه الحبُّ للحبيب:

يا أهلَ العشق بربِّكُمُ
أسمعتُم ما أتَكَبَّدُهُ
كاتمتُ الدمعَ هوًى فوَشى
والدمع كذلِكَ أعهدُهُ
وسقيتُ القلبَ حميَّا الحُبْ
بِ فخان القلبَ تجلُّدُهُ
حَتَّامَ يواخي السِّترَ فتىً
لمسَ الأفلاكَ تنَهُّدُهُ
يا مَن أوشكتُ أحجُّ لهُ
وكرَبِّ الكعبَةِ أعبُدُهُ

 

ليس هذا فحسب؛ فقد كان يحبُّه في عمره البالغ 50 سنة، وفي أرذل العمر؛ فكأن حبَّه سيطَ مِن دمه حتى أحبَّ أن يكون شهيدَه، فيقول:

في حِمى الخمسينَ قلبي
إن أنا غَنَّيتُ أنَّا
وإذا ما رحتُ أبكي
راحَ قَلبي يَتَغَنَّى
حارَ هذا الدهرُ فينَا
إذ رأى ما كان منَّا
لم نزَل في ظلِّ عيشٍ
مُستَطَابٍ نَتَهَنَّى
وسَنَبقى ما حَييِنَا
مثلما مِن قبلُ كُنَّا

 

ويقول:

وخمرةٍ كشعاعِ الشمس صافيَةٍ
قَد ذكَّرَتني بأيَّامي وماضيها
فقلتُ والكأسُ في كفِّي مُشعشعَةٌ
وفي فؤادي لهيبٌ مثلُ ما فِيها
لم يبقَ إِلاَّك صافٍ أستلذُّ بهِ
فقد مضى من ليالي العمر صافيها

 

ويقول:

واصبري فالصبرُ مفتاح الأمورْ
يُبلغ المَرءَ إِلى سُبلِ الرَّشادْ
واذكُريني عند هاتيكَ الصُّخورْ
إن تمادى في لياليكِ السُّهادْ
واحفَظي الدَّمعَ إذا طالَ الغِيَابْ
وَتَرَامَت بي صُرُوفُ الزَّمَنِ
وانتَهَى الأمرُ وقَد عَزَّ الإيابْ
فاعلمي أني شَهِيدُ الوَطَنِ

 

وبما أن الحب لا يُنسيه سوى الخمر فقد لجأ إليها، فما نجده من كثرة ذِكرها فهو لأجل ذلك! فيقول:

لا تشتكي الدنيَا إِلى أحَدٍ
فلَكَم مَررتِ بأبلغِ الدرسِ
فالنَّاسُ يبتَعِدونَ عن رجُلٍ
يشكو إلَيهم حالَةَ البُؤسِ
هاتي من الأشعارِ أطربَها
وتجاهلي ما فيكِ من يأسِ
عُودي عَنِ الأحلامْ
في عَالَمِ الأمسِ
وامشي مَعَ الأيَّامْ
والخَمرُ في الكأسِ
حتى إذا ألفَيتها سَكِرَت
وكَأنَّني جُرِّدتُ من حِسِّي

 

ويقول:

قالوا مُقِلٌّ وقالوا ذو ثراءٍ ومَن
في الناس مثلي غدَا لغزًا لدى النَّاسِ
إن رُحتُ أُنشدُ أشعاري فآونَةً
يبدو سُروري ويبدو تارةً ياسي
إني بنَشوَةِ كأسٍ قد لهوتُ بها
عَن نشوَةِ اليأس قد ضيَّعتُ جُلاَّسي

 

وقد عبَّر عن الخمر بتعابيرَ متعدِّدة؛ نصرف عنها الذِّكر مخافةَ التطويل.

 

وليس هذا فحَسب؛ فهو يبكي على فقدِ الأمن في العالم فيقول:

لَيتَني يا لَيتَني موسى الكَلِيمْ
فَأُنادي اللهَ من رَأسِ الجَبَل
رَبِّ إن الناس في لَيلٍ بَهِيمْ
حَيثُ بَدرُ الأمنِ في الدنيا أفَلْ
يَستَضِيئُونَ بِنَارٍ كَالجَحِيمْ
أوجَدوها من حُرُوبٍ تَشتَعِلْ
عَبَدُوا رَبًّا لَها مُنتَسِبَا
فَغَدوا يَمشونَ عُميَ البَصِرِ
فَاعطِني لَوحَ الوَصايا سَبَبَا
لِسلامٍ يا إلهَ البَشَرِ

 

وفقدُ الأمن يعقب الرقَّ والظلم، وعلى هذا فهو يدعو الناس إلى الحرية، ويعتبرها أغلى من كلِّ ما في الأرض؛ يقول:

عادت إِلى الأشجارِ أوراقُها
وعادتِ الدنيا تُثيرُ الشُّجونْ
تذكَّرَ المسكينُ وادي الحمى
ونامَ بالأحلامِ تحتَ الغصُونْ
مُرِّي عَلَيهِ اليومَ ريحَ الصَّبَا
وأيقِظيهِ من سُباتِ الجنون
تَحَرَّشي بالوَرَقْ
وأسمِعِيهِ الحفيفْ
رُدِّي إليه الرَّمَقْ
من قبلِ يأتي الخريفْ
يومَ تمرِّينَ على نائمٍ
أحلامهُ قد بدَّدَتها المَنونْ
قالوا ربيعٌ قلتُ أين الصَّبَا
أينَ الفَراشاتُ وأينَ الطيورْ
أيَّامَ أعْدُو خلفها حافيًا
وكيفما في الحقلِ دارَت أدورْ
طائرةٌ لكنَّني مثلها
مِن فرَحي ما بينَ تلك الزهورْ
وكلُّ ما في الوجودْ
لَنَا حَلالٌ مُباحْ
لا عاذلٌ لا حسودْ
لا غربةٌ لا انتزاحْ
هذا ربيعٌ أعطني مِثلَهُ
وخذ إذا ما شئتَ كلَّ الدهورْ

 

وبالجملة فمعظم ما يَحويه كلامه هو عن لبنان وما تُعانيه من أنواع المظالم والدعوة إلى استقلاله، لو قلنا: إن شعره محصورٌ في الحنين وإن محتواه الرئيسيَّ ليس إلا بما أشار إليه الشاعر ذاتُه فمنه قوله:

فحنينٌ وأنينٌ وزفيرٌ
ذاك دَأبي منذُ ودَّعتُ البلادْ

 

لما جانبَني الصواب، وهكذا فلو أنه لم يُصبح شهيد الوطن فإنَّه مات على الحنين إليه.

 

سيرته الذاتية:

ونعرف أنَّ ما يقول الشاعر يَنبع عن خاطره، وبالتالي فهو يدلُّ على سيرته الذاتية، وبجانب هذا فنرى أنَّ رشيد أيوب قد أبان في أبياته عن عاداته وأخلاقه وأوصافه؛ فهو خيرُ مصدر عن سيرة الشاعر؛ لأننا نفقد الكثير عنه، فهو يقول وهو يشير إلى عزة نفسه:

قد قضيتُ العمرَ لا أطلبُها
نائيًا في غربتي أندبُها
فمياه الذلِّ لا أشربها
تُخصِبُ الأرضَ فلا أقربُها
رائدًا إلا إذا عزَّ حماها

 

ويفتخر بغنى نفسه:

مِن أين شأنُكَ مثل شاني
أنا لستُ عبدًا للزَّمانِ
يا طالب الدنيا وما
أدركتَ في الدنيا المعاني
فكفيتَ نفسك بالغنى
وأنا غِنى نفسي كفَاني

 

ويقول كذلك:

ولما رأيتُ المالَ يَستعبد الورى
وآمالَ نفسِ الحرِّ تقضي بأن يَحيا
عكَفتُ على الإقلال علمًا بأنه
يلَذُّ لنفسي الانتصارُ على الدنيا

 

ويقول عن حريته:

 

دارت عليَّ صروفُها
فرأيتُ مُنقلَبَ الأمورْ
وصبَرتُ حتى قيل لي
لله دَرُّك مِن صَبورْ
لو تحمِلُ الأيام ما
حُمِّلتُ نادَت بالثبورْ
إن الزَّمانَ إذا سطا
يسطو على حرِّ الضميرْ
خُلُق الزمانِ عداوةُ ال
أحرارِ من بَدء العصورْ

 

ويشير إلى طلبه للعُلى:

أذلك ذنبي يا زمانُ بأنني
قضيتُ مَشيبي في الوفا وشبابِيَا
ولي حسناتٌ يا زمانُ كثيرةٌ
فما لك ترويها عليَّ مَساويا
خُلِقتُ ولي نفسٌ تجول لدى العُلى
ولو كان فوقَ الأرض جِسميَ ماشِيَا

 

ولا بدَّ لمن يطلب العلى أن يصبر؛ فهو يفتخر بهذا الجانب من سيرته:

يا قلبُ إنَّ النفس في شغلٍ
راحت تبثُّ الكونَ شَكواها
قل لي بربِّك لا تكن يئسًا
أيَّ العَوادي ما عرفناها
واصبر قليلاً نحن في سفَرٍ
وسنلتقي يومًا بمغناها

 

وهو قد تعوَّد المِحَن فقال:

تجري الليالي على خيلٍ مطهَّمةٍ
فكيف يلحَق مَن مثلي مطاياها
لا تحسبوا أنني أشكو لكم مِحَني
إني لراضٍ عن الأيام مِن حالي

 

وعلى هذه فهو يوصي نفسَه بالصبر، فيقول:

أيا نفسُ صبرًا لحكم القَضا
ويا نفس مهما دهَتكِ الشجونْ
فلا تجزعي

 

وبما أنه قد عانى كثيرًا من أجل فراق وطنه؛ فقد رجَّح العزلة، وجعَل يحبُّها:

 

أتَعاطى في اعتزالي القدَحا
ليتني مِن سَكرتي لم أُفِقِ

 

والنَّوى تثير الهوى؛ فهو يتلذَّذ بما يجد من أجل البعد عن الحبيب:

والرِّيح يحيا العاشق ال
مُشتاقُ من نفَحاتها
والليلُ أصغى فيه لل
أفلاك في رنَّاتها
أنا أعشق النفس التي
تلتذُّ في حسراتها

 

إنه لا يقنط، بل هو يأمل العروج بعد الزوال، والحياةَ بعد الممات المادِّي، فيقول:

نذمُّ الدَّواهي إن دهَتنا وربَّما
إذا رحلَت عنا مدَحنا الدواهيا
فما هي إلا كالغيوم إذا انجلَت
تُخلِّف جوًّا مشرقَ الوجه صافيا

 

إنه يرحم الفقير، فيقول:

إذا عيني رأَت أعمى فقيرْ
في طريقٍ باسطًا إحدى يدَيهِ
دقَّ قلبي دَقَّة العطفِ الكثيرْ
لضريرٍ ضاقت الدنيا لديهِ
ثم نادِ الله كالطفل الصغيرْ
ضَعْ إلهي نظرًا في مقلتيهِ

 

ويقول وهو يوصي بالجود:

ألا لَيتَ لي ما قد دَعاه بَنو الورى
حُطامًا فأعطي البائسينَ وأنفَحُ
سموحٌ هوَ المَرءُ المُفرِّقُ مَاله
ولكنَّ مَن يُعطي من القلبِ أسمحُ
ألم تَرَني والدَّهرُ أصمى حُشاشتي
أعلِّمُ وَرقاء الحمى كيفَ تصدحُ
إذا صلحت بالمال نفسٌ فإنَّها
بإعطائها ممَّا لديها لأَصلحُ
فما المال إِلاَّ بعد موتك بارحٌ
وما الجود إِلاَّ صُنعُ ما ليس يبرحُ

 

وبالجملة فهو يتَّصف بمحاسن الأخلاق، وحسناته متعدِّدة كثيرة، فيقول:

ولي حسناتٌ يا زمان كثيرةٌ
فما لك تَرويها عليَّ مساويا

 

وإنه من الشعراء الذين لم يكَد الناس يَفهمونهم؛ فهو يقول مشيرًا إلى هذا الجانب من تفوُّقه:

على أنهارِ آلامي
حلَت للناسِ أنغامي
ولكن لم أجِد أحدًا
يُضمِّدُ جُرحيَ الدامي
لذا علَّقت قيثاري
على صَفصاف أحلامي
وقلتُ لمهجةٍ تعبَت
ألا يا مهجتي نامي

 

ويُعجب بتفوُّقه على غيره من الناس:

أنا النائحُ الشَّادي أنا مَسرحُ الهوى
أنا الشاردُ الهادي أنا آيةُ الدهرِ

 

ونختم هذا بقصيدتِه التي قصَّ فيها حياته مفصَّلةً، وهي كما يلي:

آهًا على زمانٍ
إذ كنتُ في الصغَرْ
للَّهوِ في نهاري
في اللَّيلِ للسَّمَرْ
وكنتُ معْ رفاقي
لا نعرفُ الحَذَرْ
نمشي معَ الصَّبايا
دَلِيلُنَا القَمَرْ
وللصِّبَا حديثٌ
نَقضِيهِ بِالسَّهَرْ
بِاللهِ خَبِّريني
يا نجمةَ السَّحَرْ
ألَيسَ مِن رُجوعٍ
لذلكَ الزَّمانْ


آهًا على زَمانٍ
في أوَّلِ الهوى
والنَّفسُ ما تمادَت
والقلبُ ما اكتوى
لا أعرفُ التَّجافي
لا أفهَمُ النَّوى
وكان لي شَبابٌ
وكان لي قُوى
حتى أتَت سُلَيمى
طَوَتهُ فانطَوى
يا كلَّ تَذكاراتي
وكلُّها جَوى
باللهِ حدِّثِيني
عن ذلكَ الزمانْ


قد كان لي رجاءٌ
يا نفسُ وانقَضى
مُذْ صِرتُ في زمانٍ
لا يعرفُ الرِّضى
والحزنُ في فؤادي
كالسيفِ مُنتَضى
واضَيعَةَ الأمَاني
فَمَا مضى مضى
والآنَ فَاستَعِدِّي
لمَوقفِ القضا
غدًا متى افترَقنَا
وطِرتِ في الفَضا
لا بدَّ من هناءٍ
في ذلكَ الزَّمان

 

جمالُ شعره البلاغي والأدبي:

ونودُّ في هذه العجالة أن نشير إلى بعض الجوانب لجمال شعره البلاغي والأدبي، وهي ستخبرنا عن روعة شعره، نتحدَّث عن هذا تحتَ موضوعات مستقلَّة بصورةٍ موجزة للغاية.

 

تشبيهات واستعارات جميلة: في شعر رشيد أيوب تشبيهاتٌ واستعارات نادرة جميلة، فستجد في كل قصيدة ما يَشفي غَلَّتك، فأكتفي بذِكر بعض منها.

 

يشبِّه الشباب بالغسَق حين قال:

وفشا الشَّيب برأسي فمَحا
صبغةً كانت به كالغسَقِ

 

ويقول وهو يشبِّه غمَّه بالغمائم:

فقلتُ لها هاتي الأشعَّةَ وانظُري
فؤادي ففيه الغمُّ بينَ الغمائمِ

 

وحرفا "الغين والميم" في بداية كلٍّ من الكلمتين يزدانُ بهما الشعر موسيقيًّا.

 

ويشبِّه الزفرة بالبرق فيقول:

آهِ كم مِن زفرةٍ أرسلتُها
مثلَ برقٍ ضحِكَت بين الغمومْ

 

ويقول وهو يشبِّه الحزنَ بالسيف:

والحزن في فؤادي
كالسيف مُنتضى

 

ولنرَ ما يلي من الاستعارة:

وينفخ الناي بلحن الرها
تَذكار عهدٍ من قديمِ الزمانْ
يا نجمةً عنا خفَاها الضبابْ
ولم تزَل بين الدَّراري تدورْ

 

فالنجمة هي لبنان التي بَعدت عن الشاعر بعد النجوم.

 

ويستعير الحزن الشديد بالعذاب الأليم الواقع المذكور في القرآن:

فصِحتُ بالساقي ألا هاتِها
صِرفًا فأنجو من عذاب أليمْ

 

ومن هنا نجدُه يقوم بتصويرٍ جميل لمختلِف الأشياء والأمور، وننقل تصويرًا واحدًا مخافة التطويل:

عادَت إِلى الأشجارِ أوراقُها
وعادَتِ الدنيا تُثيرُ الشُّجون
تذكَّرَ المسكينُ وادي الحمى
ونامَ بالأحلامِ تحتَ الغُصونْ
مُرِّي عَليهِ اليومَ ريحَ الصَّبَا
وأيقِظيهِ من سُباتِ الجنونْ
تَحَرَّشي بالوَرَقْ
وأسمِعِيهِ الحفيفْ
ردِّي إليه الرَّمَقْ
من قبلِ يأتي الخريفْ
يومَ تمرِّينَ على نائمٍ
أحلامهُ قد بدَّدَتها المنونْ
قالوا ربيعٌ قلتُ أين الصَّبَا
أينَ الفَراشاتُ وأينَ الطيورْ
أيَّامَ أعدو خلفها حافيًا
وكيفما في الحقلِ دارَت أدورْ
طائرةٌ لكنَّني مثلهَا
من فرَحي ما بينَ تلك الزهورْ
وكلُّ ما في الوجودْ
لَنَا حَلالٌ مُباحْ
لا عاذلٌ لا حسودْ
لا غربةٌ لا انتزاحْ
هذا ربيعٌ أعطني مِثلَهُ
وخذ إذا ما شئتَ كلَّ الدهورْ

 

عدم التكلف: الشيء البارز جدًّا في كلامه المنظوم هو البساطة؛ فنجد كلامه مطبوعًا للغاية من حيث أداءُ المعنى، فهو يأخذ الموضوع بأسلوب يفهمه كلُّ جاءٍ وآتٍ؛ فمثلاً يقول:

وقَفنا عند مرآهُ
حيارى ما عرَفناهُ

 

ويقول عن طولِ عمره:

إلى كم أنفق العُمرا
ولم أدرك له أمرا

 

ويقول كذلك:

روحي تَروحُ وتغتَدي
أبدًا تحنُّ إِلى اللِّقاءْ
حتى إذا بخِلَت علَي
ها الأرضُ يمَّمَتِ السماءْ
فإذا سمعتِ الرَّادِيُو
يا أختَ روحي في المساءْ
فاصغي إِلى نَغماتها
في طيِّ موجات الهواءْ
قولي إذا ولَّى الأسى
والقلبُ حلَّ به العَزاءْ
روحان قَد جمعَتهما
رُغمَ النَّوى لغةُ الفضاءْ

 

وستجد كل قصيدة أو منظومة تقرأها مليئة بالبساطة.

 

الرنَّة الموسيقية: قال مجنون الغورخفوري عن غالب: إنك تجد كلَّ قصيدة أو غزليَّة تقرؤها مليئةً بالرنَّة الموسيقية، والآن أقول نفس القول في تراث رشيد الشعريِّ؛ فقد وجدت وستَجدون كلَّ قصيدة منه ومنظومة مليئةً بالرنة الموسيقية، فننقل فيما يلي:

على أنهارِ أعلامي
حلَتْ للناسِ أنغامي
ولكن لم أجِد أحدًا
يضمِّد جُرحِيَ الدامي
لذا علَّقتُ قيثاري
على صَفصاف أحلامي
وقلت لمهجةٍ تعبَت
ألا يا مُهجتي نامي

 

وقال أيضًا:

 

إلى كم أُنفق العُمرا
ولم أدرك لهُ أمرا
فَأبدو تارَةً زيدًا
وآونَةً أُرَى عَمرا
تُقَلِّبُني يدُ الأيَّا
مِ في السرَّاءِ والضرَّا
فأقضي العُمرَ مُختَبِرًا
أذوقُ الحُلو والْمُرَّا
فلمَّا أن عَرَكتُ الده
رَ بطنًا كان أم ظَهرا
بلوتُ الناسَ أجمعَهم
ولكن لم أجِد حُرَّا
فكم خِلٍّ أذكِّرُهُ
عَساها تَنفعُ الذكرَى
فلم أنظُر لَهُ أثرًا
ولم أسمع لَهُ ذكرا
هيَ الدُّنيَا لجاهلِها
أتَت مُنقادةً تَترى
ومن عجَبٍ له فِيها
حظوظ تفلقُ الصَّخرا
وكم من عالِمٍ عَبَثًا
يُعالجُ عُمرَه الفقرا
لَهُ عينٌ إذا نَظَرَت
تُرَدُّ كَلِيلَةً حَسرَى
يبِيتُ الليل مُكتَئِبًا
تُصافحُ كَفُّهُ الصَّدرا
ولي نَفسٌ محجَّبَةٌ
مَعاذَ الله أن تُزرَى
تُصَاحِبُني مُمَنَّعةً
إِلى أن أسكنَ القبرَا
إلى كم أُنفق العمرا
ولم أدرك لهُ أمرا

 

وهذه هي نهاية الموسيقا؛ حيث قال:

الليل ومِثلي يسهدُه
والنجم ومثلي يَرصدُه
تَفنى الأيامُ ولي نَوحٌ
ورقاءُ الدَّوحِ تردِّدُهُ
عَجَبًا أشتاقُ إِلى رَشَأٍ
مرعَاهُ حَشايَ ومَورِدُهُ
وتَظَلُّ النفسُ تحِنُّ لَهُ
وبظلِّ فؤاديَ مَرقَدُهُ
يا أهلَ العشق بربِّكُمُ
أسمعتُم ما أتَكَبَّدُهُ
كاتمتُ الدمعَ هوًى فوشى
والدمعُ كذلك أعهدُهُ
وسقيتُ القلبَ حميَّا الحبْ
بِ فخان القلبَ تجلُّدُهُ
حَتَّامَ يواخي الستر فتًى
لمسَ الأفلاكَ تنهدُهُ
رفقًا بِمعنِّ هواك فقد
كادَ العوَّادُ تعددُهُ
واعطف مولايَ على دنِفٍ
فلعلَّ بعطفِك تُسعِدُهُ
لم يُبق هواك به رمقًا
هيهات يُشاهِدُهُ غَدُهُ

 

بدعة التعابير والمعاني: إنه جاء في شعره بتعابيرَ وأساليبَ ومعانٍ بديعة، كما وجَّه بعض الكلمات والمصطلحات إلى جهةٍ بديعة من المعاني؛ فمثلاً يقول وهو يأتي بتعبير للاستِلذاذ بالهلاك:

ألا أين وادي الغَرامْ
فقد ظلَّ قلبي هناكْ
فأنَّى لعيني المنامْ
وقلبي استلذَّ الهلاكْ
هناك بوادي الغرامْ

 

ويَمضي قائلاً وقد أتى بتعبير جميل كذلك:

لقد طال عهدُ النَّوى
ومرَّت عليه سنونْ
نسيتُ مكان الهوى
ومستودَعاتِ الجنونْ
ألا أين وادي الغرامْ

 

ويقول وهو يأتي بمعنًى جديد:

وقَفنا عند مَرآهُ
حيارى ما عرَفناهُ

 

بينما الشعراء الآخرون قد ذكروا في شعرهم معرفةَ مثل هذه المواضع.

 

ويقول وهو يسوِّي بين الحب والشِّعر والزهر والفقر والغربة:

سلوهُ ربَّما المسكي
نُ سوءُ الحظِّ أقصاهُ
فقالوا إنَّهُ صَبٌّ
وفرطُ الحُبِّ أضنَاهُ
وقالوا شاعرٌ يَشكو
فما تُجديهِ شَكواهُ
وقالوا زاهدٌ لَمَّا
رأوه عافَ دُنياهُ
ومنهم قال درويشٌ
غريبٌ ضاعَ مأواهُ
سألنَاه بلا جَدوى
وولَّى ما عرفناهُ

 

ويقول وهو يأتي بتعبير جميل:

وأهوى الربيعَ فأنفاسُه
دواءٌ لجسمي العَليلِ الضعيف

 

فاعتبر أنفاس الربيع دواءً لجسمه العليل الضعيف.

 

ويقول، وهذا معنًى جميل:

 

جلستُ في الرَّوض وحدي عند ساقيةٍ
يردِّد الماءُ فيها صوتَ ألحاني
والريح تَخفُق مِن حولي مُهيمِنةً
كما يُهيِّم قلبي الخافقُ العاني

 

وكأنه أخذ التعبير من قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ﴾ [سبأ: 10].

 

ويقول وهو يجعل القلبَ ما يعبد وما يحجُّ به:

 

يا أهلَ العشق بربِّكُمُ
أسمعتُم ما أتَكَبَّدُهُ
كاتمتُ الدمعَ هوًى فوشى
والدمع كذلك أعهدُهُ
وسقيتُ القلبَ حُميَّا الحبْ
بِ فخان القلبَ تجلُّدُهُ
حَتَّامَ يواخي الستر فتًى
لمسَ الأفلاكَ تنهدُهُ

 

ويقول عن شدَّة حزنه:

تَذَكَّرتُ أَوطَاني عَلى شَاطِئ النَّهرِ
فَجَاشَ لهِيبُ الشَّوقِ في مَوضعِ السرِّ
وَأرسلتُ دَمعًا قَد جَنَتهُ يَدُ النَّوَى
عَلَيَّ فَأمسى فيَّ مُنتَحِبَ القَطرِ
عَدُوَّانِ مُنذُ البَدءِ لكن لِشقوَتي
قَدِ اتَّفقَا أن أقضيَ العمرَ بالقَهرِ
فَلا النَّارُ في صَدري تُجَفِّفُ أدمُعي
وَلا عَبَرَاتي تُطفِئُ النَّارَ في صَدري

 

وليس هذا فحَسب؛ فقد اتخذ الشاعر أسلوبًا يؤهِّله ليُعدَّ من بين الشعراء الأفذاذ، وهو أسلوب الْمُحادثة الذي لم يَستخدمه سوى شعراء قليلين، إلا أنه جاء بأكملِ صورة له؛ فهو يقول مخاطبًا عصفورًا يردُّ عليه:

مرَّ عُصفورٌ بِفَخٍّ مَرَّةً
قال لِمْ يا صاحبي أنتَ وَحِيدْ
فأجابَ الفَخُّ أبغي عزلَةً
إِنَّ عيشي في اعتزالي لرَغيدْ
ليس للإنسان في الدنيا سِوى
أملٍ ما بينَ وَعدٍ ووَعيدْ
لا أرَى في الناس إِلاَّ كُلَّ ما
يجلبُ الهمَّ وللبَلوى يَزيدْ
فلماذا أنتَ ثاوٍ في الثَّرى
سأل العصفورُ ما هذي القيودْ
قال إني عَابِدٌ لا يَنثني
عن صَلاةٍ وركوعٍ وسجُودْ
وكذا الحَبلُ الذي في عاتقي
مَلبس النسَّاكِ أصحاب العهودْ
والعصا هذي التي تَنظرُها
فهْيَ عُكَّازي قِيامًا وقُعودْ
فانظرِ القَمحَ الذي أعدَدتُهُ
فضل قوتي لفقير أو شريدْ
فاشتَكي العصفورُ إني جَائعٌ
تائِهٌ في مَهمَهِ القفرِ طَريدْ
هل ترى من فضلةٍ تُطعمني
يا تَقِيًّا إنَّ جوعي لشَديدْ
قال هاكَ القمحَ كُلْهُ فمشى
ذلك العصفورُ للقمحِ سعيدْ
مدَّ مِنقارًا إلى القمحِ سعيدًا
رام أخذَ الحَبِّ مُغرًى بالوعودْ
أطبَقَ الفَخُّ عَلَيهِ ماسكًا
عنقَهُ في مخلبٍ يَفري الحديدْ
فَبكى العصفورُ لَمَّا أن رأى
نفسه عمَّا قريبٍ سيَعودْ
قال حقًّا قالت الأمثال لا
تأمَن الدنيَا فما فيها وَدودْ

 

هذا الأسلوب اختاره القلائل من الشعراء الدوليِّين؛ مثل شاعر الشرق (إقبال).

 

أبياته أمثال سائرة: وعندما نقرأ أبياتَه نشعر كأنها أمثالٌ عربية سائرة، أو على الأقل ستتحوَّل إلى أمثال سائرة في المستقبل؛ فمثلاً يقول:

فصاحبُ الفنِّ سلطانٌ بدولته
كصاحب المال إذ يغترُّ بالمالِ

 

ويقول:

ليس للإنسانِ في الدنيا سِوى
أملٍ ما بين وعدٍ ووعيدْ

 

ويقول كذلك:

وكبيرُ القوم فيهم كالصغير
لِمَلاك الموت كلٌّ سجَّد

 

ويقول:

وفيتُ للحبِّ دَينًا
ومن يفِ الدَّين يسعَدْ

 

ويقول:

فاذكروني عند هاتيك الصخور
إنما الذكرى لقلبي خيرُ زاد

 

ويقول:

هي دنيا والشقا فيها ضروب
ليس للدنيا وِداد وذِمام

 

 

ويقول:

والمرء إن لم يبنِ قسمًا له
في عالم الأحلام قاسى الصِّعابْ

 

ويقول:

من يَحفظِ التاريخُ آثارَهُ
ما زال حيًّا وهْوَ تحت الترابْ

 

وأبيات أخرى كادت تصبح أقوالاً وأمثالاً سائرة.

 

التأثر بالأدب العربي الكلاسيكي: ونجد الشاعرَ من خلال أبياته أنَّه يقتبس من القرآنِ والحديث وكلام العرب القديم؛ فهو يقول مثلاً:

فصِحتُ بالساقي ألا هاتِها
صِرفًا فأنجو من عذابٍ أليم

 

هنا عبَّر عن ألَمِ الحب بالعذاب الأليم؛ آخذًا ذلك من القرآن (سورة البقرة: 10).

 

وأخذُه عن القرآن كثير، فسأُفرد له ذِكرًا.

 

ويقول عن السبب وراء جعود وجهه:

ضحِكَت لما رأَتني
غارقًا في بحر سنِّي
جعَّدَت وجهي الليالي
فخَلا من كلِّ حُسنِ

 

كأنَّ هذا التعبير مأخوذٌ من قوله عليه السلام: ((شيَّبَتني هود)).

 

ويقول عن إغاثة الإخوان، ولو بالدَّمع الغزيز:

تلكَ البلادُ وَليتَ شِعْ
ري كم بها مِن مستَجيرِ
يَبغي بها الأترَاكُ ويْ
حَ الظَّالمينَ ذَوي الفُجُورِ
يا أيُّها العرَب الكرا
مُ وكلَّ ذي قلبٍ كبيرِ
لقدِ استجاروا ما لهم
غيرَ المهاجرِ من مجيرِ
أنا إن عجزتُ عن الإغا
ثةِ ما عجَزتُ عن الشعورِ
لَبَّيتُهُم لكنَّ مِن
عينيَّ بِالدَّمعِ الغَزيرِ

 

كأنه مأخوذ من قوله عليه السلام: ((من رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)).

 

ويقول وهو يأخذ التعبير من الشاعر الحماسيِّ:

وكم هيَّجَت قلبَ المَشوقِ حمامةٌ
بتغريدِها من فوقِ أغصانها الخُضرِ

 

وقال الشاعرُ الحماسي:


لقد هتفَت في جُنحِ ليلٍ حمامةٌ
على فَننٍ وَهنًا وإنِّي لنائِمُ
كذبتُ وبيتِ اللهِ لو كنتُ عاشقًا
لما سبقَتني بالبكاءِ الحمائمُ

 

 

ويقول عن غربتِه مشيرًا إلى جوار الحمامة له:

كأني وإيَّاها غَريبانِ نَشتكي
صُروفَ الليالي والليالي بنا تُزري

 

وهذا ما قاله امرُؤ القيس:

أيا جارَتا نحنُ غريبانِ ههنا
وكلُّ غريبٍ للغريب نَسيبُ

 

إلا أنَّ رشيد أيوب قد زاده معنًى.

 

وقال عن اتِّحاد الروحين ما يلي:

روحانِ قد جمَعَتهما
رغمَ النَّوى لغةُ الفضاءِ

 

وهذا مأخوذ من قول الشاعر الحماسي:

إني أرى وأظنُّ أنْ ستَرى
وضَح النهارِ وعاليَ النَّجمِ

 

ويقول عن قلة فُرص التمتُّع:

هوَّنَ الله وعدَنا فالتقَينا
وتذكَّرنا الليالي فبكَينا
يومَ كنَّا في بساتينِ الصِّبا
مِن ثمار الحبِّ نَجني ما اشتَهينا
وَهَنَت مِثلي ولكِن لم يزَل
في حواشي العمرِ ما يَجلو لدَينا
قلتُ هذي روضَةٌ هيَّا بنَا
نتَصابى فمشينَاها الهُوينى
وجَلَسنا في حِمى صَفصافةٍ
خيَّمَت أغصانها عَطفًا علينا
وعقَدنا موثقًا أنْ لا نوًى
بعد هذي.. هكذا كنَّا نوينا
إنَّما لَمَّا طوَينا ساعةً
يعلمُ اللهُ بها كم قد طوينا
دارت الدنيا بنا دورتَها
فتَفَرَّقنا كأنَّا ما التقَينا

 

هذا عين ما لدى شعراء الحماسة؛ فممَّا جاء في ذلك:

ألاَ يا حبَّذا نفَحاتُ نَجدٍ
وريَّا رَوضِه غِبَّ القطارِ
وأهلُك إذ يحُلُّ الحيُّ نجدًا
وأنت على زمانِك غير زارِ
شُهور ينقضينَ وما شعَرنا
بأنصافٍ لهنَّ ولا سِرارِ

 

ليس هذا فقط، بل هو يخالفهم في قوله؛ فمثلاً يقول غيرَ ما قاله امرُؤ القيس:

فإذا ما كان دَمعي كالغدير
ليس يُطفي نارَ بركانِ الوِداد

 

بينما يقول امرُؤُ القيس:

وإنَّ شفائي عَبرةٌ مُهَراقةٌ
فهل عندَ رَسمٍ دارسٍ مِن معوَّلِ

 

ويقول وهو يخالف الخنساءَ في سؤالها عينَيها الجودَ بالدَّمع،وجاء بمعنًى جديدٍ وزيادات أخرى:

عجبتُ لعيني حين قلتُ لها اذرِفي
وقد سبقَتني والدموعُ بها حُمرُ
ويا وَيلَ نفسي يومَ قلتُ لها اصبري
ولم أدرِ أنَّ النَّفس فارَقها الصَّبرُ
ويا ويحَ قلبي كيفَ باتَ مُقلَّبًا
على جَمرةٍ ما زال يُضرِمُها الدهرُ
نثَرتُ خليلي فوقَ قبرِك أدمُعًا
يقصِّرُ عن أوصافِها النَّظمُ والنثرُ

 

قالت الخنساء:

أعينيَّ جُودا ولا تَجمُدا
ألا تَبكيانِ لصخرِ النَّدى

 

ويقول مخالفًا لما قال امرؤ القيس:

فأنا دونَ المَلا شاني عجيبٌ
ليس يحلو لي سوى الليلِ الطويلِ

 

بينما قد ملَّ امرؤ القيس من الليل الطويل فقال:

ألا أيُّها الليلُ الطويل ألا انجَلي
بصبحٍ وما الإصباحُ منكَ بأمثَلِ

 

تأثره بالقرآن وأخذه منه: عند كلِّ أديبٍ أو شاعر عربي كبير نجدُ تأثرًا واضحًا بالقرآن الكريم حتى من ادَّعى وضع كتابٍ جديد مثلِ القرآن، كان إمَّا ماهرًا في القرآن، أو قد ذاق حلوه ومرَّه مرارًا كثيرة، فنجد الشاعر المتنبي الذي ادعى النبوة والأديب ابن المقفع الذي ادّعى تقديم قرآن جديد وآخرين أمثالهما قد تأثَّروا بكلمات القرآن ومصطلَحاته وتعابيره وأساليبه، وشاعرنا هذا، ولو لم يدَّعِ شيئًا كمن سبقوه إلا أنه متأثِّر بالكتاب العزيز إلى حدٍّ بعيد، ويزيِّن شعرَه ويجمِّل كلامه بمقتبَساته ومُستعاراته؛ فمثلاً يقول عن حزنه الشديد:

فصِحتُ بالساقي ألا هاتِها
صرفًا فأنجو من عذابٍ أليم

 

هنا عبَّر عن ألم الحبِّ بالعذاب الأليم آخذًا من القرآن.

 

ويقول جائيًا بمعنًى جميل مقتبَسٍ من قوله تعالى: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾ [يوسف: 18]:

خلوتُ بنفسيَ في غرفتي
ولي معَ نفسي حديثٌ طويلْ
فلمَّا عكَفتُ على حِرفتي
أطالعُ كُتبي بصبرٍ جميلْ

 

وجاء بتعبيرٍ بليغ، إلا أنه مأخوذ من القرآن:

فنحيا جَميعًا في مكانٍ مؤبَّدٍ
ولا يُختشى فيه شقاءٌ ولا ضرُّ

 

فقد قال تعالى: ﴿ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ﴾ [الجن: 13].

 

وقال عن قسوة القلب:

ويا ليلةَ الأعطافِ منها أخو الهوى
يُكابد قلبًا قاسيًا قُدَّ مِن صخرِ

 

ويكأنه مأخوذ من قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ ﴾ [يوسف: 27].

 

وللخوض في شيء حتى الموت تعبيرٌ جميل جاء به القرآن، فقال: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴾ [التكاثر: 1، 2].

 

ومن هنا أخَذ الشاعر فجاء بما يأتي:

ولي نفسٌ محجَّبةٌ
معاذَ الله أن تُزرى
تُصاحبني ممنَّعةً
إلى أن أسكنَ القبرَ

 

ويقول، وهذا معنًى جميل:

جلستُ في الروضِ وحدي عند ساقيةٍ
يردِّدُ الماءُ فيها صوتَ ألحاني
والريحُ تخفق مِن حولي مهيمنةً
كما يُهيِّم قلبي الخافقُ العاني

 

وكأنه أخذ التعبير من قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ﴾ [سبأ: 10].

 

ويقول عن السَّبع الطباق المذكورة في القرآن [سورة نوح: 15]:

يا قلبُ إنَّ النفسَ في شُغلٍ
راحت تبثُّ الكونَ شكواها
قل لي بربِّك لا تكن يَئسًا
أيُّ العوادي ما عرَفناها
واصبر قليلاً نحن في سفَرٍ
وسنلتَقي يومًا بمغناها
لا لا تَلُمها فهْي قد طوَتِ السْ
سَبعَ الطِّباقَ لتسألَ اللهَ

 

وليس هذا فحسب، بل هو يرشد الناس كناصحٍ إلى الاعتصام بحبل الله القويِّ فيقول:

وبحبلِ الله كن معتَصِما
لا تسَل عما بِطيِّ الخافيات

 

والمراد من حبل الله غيرُ خافٍ على من له أدنى إلمامٍ بالقرآن وعلومِه.

 

عالميَّة شعره:

وقد شعَرتُ من خلال دراسةِ شِعره أنه يتَّصف بالعالميَّة والآفاقية؛ ففيه ما في شعراء العالم مِن موافقةٍ لأقوالهم تارةً، ومخالفتهم تارة أخرى، وتجديد لمعانيهم تارة ثالثة، وهكذا، فنعرف أنَّ ما كان يَقرضه هذا الشاعرُ لم يكن محصورًا في نطاق ضيِّق، بل كانت أخيلته وأفكاره دوليَّة كذلك.

 

يقول غالب الشاعر الأوردي الفحل:

آگهي دامِ شنيدن جسقدر چاهے بچهائے = مدعا عنقا هے اپنے عالمِ تقرير كا

 

ترجمة: مهما بسَط العقلُ حبالة الاستماع فإنَّ ما أريد بخطابي لن يبلغَ شأوه.

 

وإليه ذهب رشيد أيوب في شعره التالي:

على أنهارِ أعلامي
حلَتْ للناسِ أنغامي
ولكن لم أجد أحدًا
يضمِّد جرحيَ الدامي
لذا علَّقتُ قيثاري
على صَفصافِ أحلامي
وقلتُ لمهجةٍ تعبَت
ألا يا مهجتي نامي

 

ويقول في مكانٍ آخر:

سمِعَتني في طريقي
ابنَةُ الكوخِ أُغَنِّي
حَسِبَتني مُستَهامًا
وهوَى الغِيدِ فتَنِّي
فَأطَلَّت بِفُؤادٍ
مَلأتهُ بالتَّمَنِّي
ضحكت لَمَّا رَأتني
غارقًا في بحرِ سنِّي
جَعَّدَت وَجهي اللَّيالي
فخَلا من كلِّ حُسنِ
هيَ لم تدرك معاني ال
حبِّ في نَغْمةِ حُزني
وجمالَ الدَّمعَةِ الخرْ
ساءِ جالَت تحتَ جَفني
تمتَمَت إذ ودَّعَتني
هُوَ درويشٌ يُغَنِّي

 

والفرق بينه وبين غالب أن ما قاله رشيد أيوب في أبيات قد أدَّاه غالب في بيت واحد.

 

ويقول غالب المذكور أعلاه:

كوئي ميرے دل سے پوچهے ترے تير نيم كش كو = يه خلش كهاں سے هوتي جو جگر كے پار هوتا

 

ترجمة: هل أحد يسأل قلبي عن سهمك الذي تركَني بين جريح وقتيل: أنَّى لي هذا الخلجان إذا اخترق السهمُ الكبد؟!

 

وإليه أشار رشيد، إلا أن ما يطويه الجرحُ من الألم لا يُبلغه القتل:

سلَبَت محاسنُ وجهِك الأرواحا
وغدا لها قتلُ النفوسِ مُباحا
وبدَت طلائعُ مُقلتيكِ فأثخنَت
بسيوفها أهلَ الغرامِ جِراحا
فكأنما العُشَّاقُ آلُ أميَّةٍ
وكأنَّ طرْفَكِ أصبح السفَّاحا

 

ومن أشهر الأبيات الأوردية:

ايك بهي آه سليقے سے اگر هوجائے
رات دم توڑ دے گهبراكے سحر هوجائے

ترجمة: لو خرج آه بصورة منتظمة للَفِظ الليلُ أنفاسه الأخيرة وبدا السَّحر.

 

وإليه ذهب رشيد أيوب في شعره التالي:

 

له زفَراتٌ كلما جنَّه الدُّجى
يشقُّ بها سِترَ الدجى ويمزِّعُ

ويقول غالب المذكور أعلاه:

 

جان دي دي هوئي اسي كي تهي
حق تو يه هي كه حق أدا نه هوا

ترجمة: فدَيتها بنفسي وقد وهبَها لي، والواقع أني لم أودَّ حقَّ التضحية.

 

وإليه ذهب الشاعر رشيد أيوب:

 

فالوفي
من يَبذلُ النفس ولم يكتفِ

 

فكأنَّ هذا ترجمة عربية لذاك البيت الأوردي.

 

هذا، وله أشياء يتوافق فيها هو والشعراء العرب، كما يختلف عنهم ويتميز، وقد أشَرنا إليها قليلاً، ولكنه يتطلب دراسة مستقلَّة به.

 

وبالجملة فلو أن شعر رشيد أيوب مليءٌ بالحنين إلى الوطن، ومن ثَم بالحب له، والألم لأجله، كما أنه يبلغ أعلى درجة من الأدب العربي، متَّصفًا بكل ما يلزم لصيرورة كلامه أدبًا عربيًّا عاليًا، إلا أنه بجانب فصاحته وبلاغته يَليق بأن يعدَّ من بين الآداب العالمية.

 

المصادر والمراجع

1- القرآن الكريم.

2- أبو تمام: ديوان الحماسة.

3- ادب پارے (مجموعة القصائد والمنظومات الأوردية المقرَّرة في المنهاج الدراسي للثانوية لحكومة أوترابراديش).

4- دواوين رشيد أيوب المضبوطة على ويكيبيديا؛ الموسوعة الحرة.

5- ديوان غالب بشرح البروفيسور سليم الجشتي، اعتقاد ببلشنغ هاؤس، نيو دلهي، 1992م.

6- رياض الصالحين للحافظ محيي اليدن النووي، دانش بكدبو، دلهي، 1980م.

7- شرح القصائد العشر للعلامة التبريزي، دار الكتب العلمية، لبنان، 1985م.

8- شرح ديوان الخنساء، دار التراث، بيروت، 1968م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مناقشة رسالة دكتوراه عن (القرآن الكريم في مواقع الإنترنت العربية: دراسة تحليلية نقدية)
  • نحو منهج نقدي إسلامي

مختارات من الشبكة

  • الشعر في ديوان جولة في عربات الحزن(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الشعر العربي الحديث في شرق إفريقيا (إريتريا والصومال أنموذجا) دراسة أدبية تحليلية نقدية تاريخية(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • البواعث النفسية في شعر فرسان عصر ما قبل الإسلام (دراسة نفسية تحليلية)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • باقات من شعر المغرب العربي: دراسة تحليلية لأبنيتها الجمالية والدلالية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بلاغة الافتنان: دراسة تحليلية في شعر زهير بن أبي سلمى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تطور الشعر العربي في محافظة أعظم كره (دراسة تحليلية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • البناء البلاغي في شعر علقمة بن عبدة الفحل (دراسة تحليلية)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • زينة المرأة: النمص(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • مفهوم الشعر عند قدامة من خلال كتابه نقد الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • إبداع الشعر الملحمي الإسلامي .. شعر أحمد شوقي نموذجا(مقالة - موقع د. محمد الدبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب