• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

حميد ركاطة والرؤية الفنية في نقد القصة القصيرة جدا

د. جميل حمداوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/10/2013 ميلادي - 27/11/1434 هجري

الزيارات: 20121

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حميد ركاطة والرؤية الفنية في نقد القصة القصيرة جدا


توطئة:

عرفت القصة القصيرة جدا في الوطن العربي مجموعة من المقاربات النقدية، مثل: المقاربة التاريخية، والمقاربة الفنية، والمقاربة التكاملية، والمقاربة الانطباعية، والمقاربة الببليوغرافية، والمقاربة الأنطولوجية، والمقاربة البنيوية، ومقاربة التلقي، والمقاربة الميكروسردية، والمقاربة المنفتحة...

 

ومن النقاد العرب الذين طبقوا المنهج الفني نذكر الناقد المغربي حميد ركاطة في كتابه (القصة القصيرة/ قراءة في تجارب مغربية)[1]، فقد درس فيه الباحث مجموعة من المتون المغربية ذات الطابع القصصي القصير جدا لكل من: حسن برطال، وإسماعيل البويحياوي، وحسن البقالي، وأنيس الرافعي، وعبد الله المتقي، ومصطفى لغتيري، وعز الدين الماعزي، والسعدية باحدة، والزهرة رميج، ووفاء الحمري، وسناء بلحور.


هذا، ويتخذ الكتاب طابعا نقديا تحليليا نصيا. وبهذا، يكون حميد ركاطة قد تجاوز ماهو تنظيري إلى ماهو عملي وتطبيقي، ونأى بنفسه بعيدا عن السجالات النقدية التي تخوض في القضايا النظرية والمنهجية.


إذاُ، ماهي القضايا النقدية التي يطرحها كتاب حميد ركاطة؟ وماهو منهجه النقدي؟ وماهي أهم الملاحظات النقدية التي يمكن تسجيلها حول هذا المنهج في دراسته لهذا الفن الأدبي المستحدث؟

 

القضايا النقدية:

ينقسم كتاب (القصة القصيرة/ قراءة في تجارب مغربية) لحميد ركاطة إلى قسمين، فقد خصص القسم الأول لمبدعين مغاربة ذكور في مجال القصة القصيرة جدا، مثل: حسن برطال، وإسماعيل البويحياوي، وحسن البقالي، وأنيس الرافعي، وعبد الله المتقي، ومصطفى لغتيري، وعز الدين الماعزي. في حين يضم القسم الثاني مجموعة من الأصوات النسائية، مثل: الزهرة رميج، والسعدية باحدة، ووفاء الحمري، وسناء بلحور.


ومن ثم، يعد حميد ركاطة من أكثر نقاد المغرب تراكما في مجال نقد القصة القصيرة جدا إلى جانب كل من: جميل حمداوي، وحميد لحمداني، وسعاد مسكين، ومحمد يوب، ومحمد اشويكة، ونور الدين الفيلالي، وعبد العاطي الزياني. ومن ثم، يتميز حميد ركاطة عن هؤلاء بالنفس النقدي الطويل، وزخم الإنتاج، وتمتعه بروح نقدية نشيطة ودؤوبة، بله عن خفة الروح ومرحها ودعابتها.


وعليه، يتناول حميد ركاطة في القسم الأول من الكتاب مجموعة من الأصوات الإبداعية الذكورية، مبرزا سمات كتابتها الفنية والجمالية، عارضا قضاياها الدلالية. ومن هنا، تتسم قصص عبد الله المتقي -مثلا- بالعبثية، والسريالية، والكتابة المغايرة، والنزعة الدرامية، والتنوع اللغوي والأسلوبي. في حين، تتميز قصص إسماعيل البويحياوي بالتحريض والرفض، وتعرية الإيديولوجيات الزائفة، وتنويع اللغات والأساليب. بينما تنحو كتابة حسن برطال منحى التكثيف والحذف والإضمار، وتوظيف الصورة الومضة والتاريخ والرمزية. علاوة على ذلك، تتميز كتابة أنيس الرافعي بالتجريب والمغايرة والتساؤل، والبحث عن الجديد، ورفض الواقع السائد في مختلف مظاهره المتناقضة جدليا. لكن عز الدين الماعزي يتميز عن هؤلاء بتناوله لعوالم طفولية متنوعة في مواضيعها وتجاربها وأشكالها.


وتتسم قصص حسن البقالي " بتمريرها الهادئ للعديد من المفاهيم من خلال بناء متميز، ارتكز على قوالب خاصة وتقنيات كتابة مغايرة لبناء أحداث قصصه القصيرة جدا، كاعتماد النص الموازي من خلال ممارسة لعبتي النفي والإثبات مع القارئ، لصنع حدث النص الجديد بشكل عاصف. فالحكاية تحافظ على مقوماتها وأسسها، مع الانفتاح على توظيف جمالي متعدد، جعل مجموعة (الرقص تحت المطر) زاخرة ومتسمة بطابع كتابة جديدة."[2].


وعليه، يتشابه الكتاب الذكور فيما بينهم في بعض الخصائص، ويتفرقون في خصائص أخرى؛ مما دفع حميد ركاطة إلى القول المجمل:" لقد نحى كتاب المجموعات القصصية المدروسة، سواء في الجزء الأول من هذا المشروع النقدي أم في جزئه الثاني، نحو تقديم قصصهم بوجه مغاير ومختلف، وهو ما أفرز تنوعا في النظر إلى قالب القصة أو جمالياتها أو أساليب تناولها. بعضهم ارتكز على النص الموازي، والبعض الأخر على التناص والتراث أو التاريخ أو الاشتقاق اللغوي أو التجريب العالم، أو توظيف تقنيات أجناس سردية أخرى كالمسرح والقصة والحكاية والرواية والشعر، أو بعض الأشكال التعبيرية الأخرى كالتشكيل والعبثية والسريالية، لكنها وإن اختلف في التناول، وجدت لها نقط التقاء متعددة في بحثها عن قصة مغايرة جديدة متفردة ومتميزة؛ وهو ما أفرز ثراء وتنوعا في سعي حثيث نحو إقرار هوية القصة، وإبرازها كجنس قادم بقوة لمشهد ثقافي، لازال لم يؤمن بعد بقدرتها على ضخ دماء جديد مشهد ثقافي، لا يزال البعض فيه يرفض مجرد الإنصات لنبضها الصادق، وتناولها المغاير، بل يقلل من قدرتها على التعايش والاستمرار، فكتبوا شهادة موتها، معلنين عن موت الحكي، وهو لا يزال برعما في شجرة الحكاية "[3].

 

أما في القسم الثاني، فقد أبرز حميد ركاطة خصوصيات الكتابة النسائية المغربية في مجال القصة القصيرة جدا، بالتوقف عند سمات هذه الكتابة دلاليا وفنيا وجماليا. وفي هذا الصدد، يقول حميد ركاطة:"دخول القاصات المغربيات غمار تجربة كتابة القصة القصيرة جدا، أبرز نهاية السيطرة الذكورية على "كتابة " هذا الجنس الأدبي من جهة. ومن جهة أخرى، أبرزت العمق الفكري في كتابة القصة نفسها، ونظرة المرأة إلى المتغيرات المتسارعة؛ مما ساهم في إتحافها ببعض الخصوصيات الجديدة. فكتابة المرأة تتم بالجسد والرمز معا، وهو ما أبرز تناولا مغايرا، وجسد بعمق نظرة المرأة إلى الرجل وإلى بنات جنسها ومحيطها في أدق خصوصياته، مفرزا وعيا عميقا وساحرا في الوقت نفسه لواقع المرأة، وأبان عن معاناتها الحقيقية بقوة إحساس لتغيير النظرة القدحية إليها، مع طرحها لمنظورها الخاص للعديد من المفاهيم، كالجنس، والفحولة، والذكورة، والحزن، والفرح، والغبن، والرجل، وفقدان الثقة، والحرية، من داخل عوالمها مترجمة خيبات الأمل التي طالتها، والحصار الذي ضرب عليها، وصورتها التي تم تشويهها عبر أحقاب، من خلال تحويلها لموضوع للشهوة والمكر والخيانة، وكأنها فاقدة الملامح بسبب تسليط القهر على ذاتها.

 

لقد توفقت نصوص هذه المجاميع في طرح قضايا القصة القصيرة جدا من منظور نسائي، بحثا عن هوية خاصة، تبرز ملامحها الحقيقة ونظرتها للقضايا الإنسانية، من خلال انتقاد العقلية الذكورية التي تستحضر ذكراها دوما كسرير لكل المكبوتات، ومشجبا يعلق عليه فشل الرجل الّذر يع"[4].

 

هذا، وتنبني الكتابة النسائية على الجسد، والتغني بالذات، والانطواء على العالم الداخلي، ورصد أسرار المرأة وتطلعاتها وأحلامها وآمالها ومعاناتها النفسية والاجتماعية، وطرح ثنائية الذكورة والأنوثة، وتبيان موقف المرأة من الآخر. ومن ثم، تتميز هذه الكتابة أيضا بتكسير الطابو، والتمرد عن اللغة السائدة، والثورة على الأعراف والتقاليد البالية.


وهكذا، تصور الزهرة رميج موت الحب الإنساني، وتفسخ القيم الأخلاقية، وتدهور الأسرة، والتقاط الصراع الذاتي. وفي هذا الصدد، يقول حميد ركاطة:" إننا أمام صيحة صارخة ضد كل مس بالقيم الإنسانية، وبكل مقاربة للنوع الاجتماعي، من خلال تحذيرات الكاتبة، ورسائلها المتعددة التي راهنت على تعرية الزيف، وكشف النقاب عن موت القيم والأخلاق، من خلال ومضات قصصها القصيرة جدا التي تميزت برصانة أفكارها، ومتانة بنائها وأحداثها التي جمعت بين الحبك المتين والعصف بانتظار المتلقي. فهي لم تتمرد على القالب الكلاسيكي بشكل مطلق، بقدر ما حافظت على خطية السرد، باعتماد تأثير مقصود يسلط الضوء على القيمة الأخلاقية والرسم بالكلمات لمواقف ساخرة جدا.

 

إن موت الحب يعني موت أسباب وجودنا وكينونتنا كأفراد، ويعني ضمنيا وقيميا تأصيل حقول كراهية الآخر، وموت السلم والتعايش والأخلاق. وهو إعلان عن حالة إفلاس مطلقة جسدتها مواقف، أبرزت تفككا في العلاقات واللامبالاة والتجاهل والصراع من أجل لا شيء. فالحياة الزوجية بخصوصيتها وأسرارها كشفت عن انهيار صرح التعايش الإنساني، تاركة فراغا روحيا، وتفككا في البنيات والمواثيق الغليظة. والصورة التي يقدمها الأزواج عن أنفسهم ليست حقيقية؛ لأن كل الوقائع تكذبها، وقائع استمدت من نصوص هذه المجوعة التي راهنت بقوة على الفضح والتنديد من أجل الالتفات والإصلاح قبل فوات الأوان [5] ".

 

وتنماز كتابات السعدية باحدة بالتنوع البوليفوني، واستخدام السخرية، والثورة على الواقع الإنساني والاجتماعي المحبط على مستوى القيم. وفي هذا الإطار، يقول حميد ركاطة:" لقد تطرقت المجموعة إلى العديد من المواضيع، ووظفت العديد منالتقنيات، مستلهمة طريقة الكتابة الشذرية /العجائبية /التاريخ /اللعب على التناص، ونوعت أساليب الخطاب، باعتماد المخاطب والجمع والغائب، وأحيانا انتفت الأمكنة، بلاستحال العثور عليها، فضمتها رحابة اللغة والصور التي كانت تتراص، جاعلة من المعنىمقصدا وهدفا من خلال التلاعب بالمصطلح وتنويع أغراضه. كما انتقدت النصوص العنفوالتقليد الأعمى، ونعت بحزن شديد كرامة الإنسان المفتقدة والعلاقات الاجتماعية التيأضحت غير ذات قيمة، بل حتى العلاقات الخاصة والحميمية جدا. كما تم توظيف السخرية كمعبرللمطالبة بتصحيح الأوضاع من أجل البحث عن حياة أفضل، وبتغيير الأوضاع ذاتها.[6]".


ونجد هذه النزعة الانتقادية أيضا لدى وفاء الحمري في قصصها القصيرة جدا التي ترصد فيها تناقضات المجتمع العربي على كافة الأصعدة والمستويات. وفي هذا النطاق، يقول حميد ركاطة:"عموما تمتاز نصوص القاصة وفاء الحمري بتنوع على مستوى المضامين، وبرصد قوي للواقع العربي المليء بالمتناقضات والفواجع، وبإحالاتها الساخرة والكاريكاتورية التي فضحت الكثير من عيوبه، من خلال توجيه رسائلها القصيرة من أجل استنهاض الهمم في زمن بات فيه الإنسان العربي مفتقدا لهويته، مسلوب الإرادة، هائما على وجهه، يبحث عن ذاته الغريبة التي تنكرت له في نهاية المطاف. فأغلب شخوص المجموعة، وكما أشرت إلى ذلك سابقا، بدت بوجوهها السلبية عاجزة عن الفعل والتأثير في مجتمعها الذي يزداد انهيارا وتفسخا، فانمحت كل معالمه ومقوماته الأساسية، وماتت قيمه، وبادت أخلاقه.[7]".

 

أما فيما يخص سناء بلحور، فتطفح قصصها بمشاعر ذاتية وإنسانية، مع تصوير صراع الإنسان مع ذاته وواقعه المحبط. وفي هذا السياق، يقول حميد ركاطة:" أما المبدعة سناء بلحور فقد تطرقت للعلاقات الإنسانية الأشد تعقيدا، بحثا عن إطلالة على عوالم الروح وصفاء المشاعر والأحاسيس الدافئة، وهي تضع بين يدي القارئ قصصا تبحث شخوصها القلقة عن الأمل الضائع أو المنفلت من بين أنياب الردى، تصارع من أجل الانتصار لعدالة قضاياها الإنسانية.[8]".

 

إذاً، فهذا الكتاب هو نوع من المقارنة بين الكتابة الذكورية والكتابة الأنثوية في القصة القصيرة جدا في المغرب، وقد تبين لنا بأن الكتابة الرجولية هي كتابة واقعية ذات طابع اجتماعي انتقادي، تنفتح نسبيا على الكائن الأنثوي من خلال فعل الرغبة واللذة والجنس والشبقية. في حين، تتميز الكتابة الأنثوية بالانطواء على الجسد، وطرح جدلية الذكورة والأنوثة، والاهتمام بالذات الشعورية واللاشعورية، وتصوير عالم الأسرة، مع انفتاح نسبي على الواقع المحيط وعوالم الرجل المتنوعة.

 

المنهج النقدي:

لم يكتف حميد ركاطة في كتابه النقدي القيم بما هو دلالي ومجتمعي، بل كان هدفه الأساس هو رصد الفنيات والجماليات، سواء أكان ذلك على مستوى اللغة أم الأسلوب أم المعمار أم البلاغة أم التركيب. وفي هذا الصدد، يقول حميد ركاطة:" إننا إزاء مجموعة من القراءات الجمالية سعت إلى سبر أغوار المضامين، لتقريب القارئ العربي والمغربي من قضايا القص القصير جدا وهواجسه إماطة للبس، وإبرازا لبعض ما بدا لنا من خصوصيات، ارتأينا أنها تدخل في رهانات القصة الجديدة، واستشرافا لمستقبلها الواعد.هذه المحاولة، إذن، مجرد اجتهاد شخصي لا يهدف إلى نقد القصة القصيرة جدا، بقدر ما يروم لفت نظر القارئ والمهتم إليها خصوصا، بعد تعدد الإصدارات، ونزوح العديد من الكتاب لخوض غمارها إما تجريبا أو تحديا، أو بسبب إغوائها وإثارتها التي لا تقاوم.


أملنا أن يجد القراء في هذه المحاولة ما يحفزهم على تكوين وجهات نظرهم الخاصة، وإبداء مواقفهم التي نتمنى أن تثير النقاش، وتثريه في الوقت نفسه حول القضايا الحقيقية للقصة القصيرة جدا، لوضع هذا الجنس الأدبي على المحك بهدف تطويره، والسير به قدما خدمة لقضية الأدب بصفة عامة."[9].


وبعد ذلك، يترصد حميد ركاطة الجوانب الفنية والجمالية في المجموعات القصصية القصيرة جدا بالمغرب بنوعيها: الرجولي والأنثوي. ومن ثم، فقد توقف الباحث عند مجموعة من الخصائص الفنية والجمالية البارزة في هذه الكتابات الإبداعية، مثل: خاصية الخطاب المنفلت عند حسن برطال، وحضور بلاغة الإضمار وتكثيف لغة الحكي عند إسماعيل البويحياوي، وهيمنة الكتابة الرمزية عند حسن البقالي، وخاصية التشييد المغاير للغة القصصية عند أنيس الرافعي، وطغيان ملمح السخرية عند عبد الله المتقي، وحضور القصة الجديدة عند مصطفى لغتيري، وبروز جمالية التشكيل عند عز الدين الماعزي، مع التوقف أيضا عند تنويع الخطاب واللعب على التضاد عند السعدية باحدة، والإشارة إلى بلاغة الصمت عند وفاء الحمري، وحضور التنويع الجمالي عند الزهرة رميج، وتدفق مجموعة سناء بلحور بدفء المشاعر وقلق الشخصيات.

 

ملاحظات تقويمية:

يلاحظ أن كتاب حميد ركاطة هو عبارة عن دراسات نقدية تطبيقية، قد تناول فيها متون القصة القصيرة جدا في الوطن العربي بالتحليل والتقويم والدرس إن شكلا وإن مضمونا، من خلال التوقف عند الأضمومات الذكورية والمجموعات النسائية. وقد دفعه كل هذا إلى ممارسة نوع من المقارنة والموازنة النقدية، حينما استخلص مجموعة من النتائج التي تتعلق بالكتابة الذكورية والكتابة النسائية. وينضاف إلى هذا، أن كتاب حميد ركاطة لم يكن كتابا تنظيريا في مجال القصة القصيرة جدا، بل كان كتابا للتحليل النقدي والنصي.لذلك، لم يطرح الباحث منهجية نقدية جديدة لمقاربة القصة القصيرة جدا في ضوء مكوناتها الداخلية وعناصرها البنيوية الشكلية والدلالية والوظيفية. بل اكتفى بالمقاربة الفنية الجمالية التي تزاوج بين الدلالة والشكل معا، معتمدا في ذلك على ما هو معروف من التقنيات السردية والفنية والبلاغية والأسلوبية في الساحة الثقافية العربية بصفة عامة، والساحة الثقافية المغربية بصفة خاصة.

 

إذاً، فما أحوجنا -اليوم- إلى مقاربة نقدية شاملة ومتنوعة، تمتح آلياتها التطبيقية ومفاهيمها الإجرائية من داخل النصوص الإبداعية! وهذا ما نأمله أن تقوم به المقاربة الميكروسردية في تعاملها مع النصوص القصصية القصيرة جدا، بمراعاة أركان هذا الجنس الأدبي الجديد، وتمثل شروطه الفنية والجمالية والدلالية والمقصدية.

 

خلاصة:

وخلاصة القول، يتبين لنا -مما سبق ذكره- أن حميد ركاطة طويل النفس في نقده، ومتنوع المشارب والمرجعيات والمنابت، ومتعدد القراءات والمقاربات، على الرغم من أن المنهج النقدي الذي يتحكم في رؤيته الوصفية هو المنهج الفني الذي يرتكز على تحليل النصوص القصصية القصيرة جدا في ضوء المعطيات الدلالية والفنية والجمالية.

 

وعليه، فقد انضم حميد ركاطة مبكرا إلى لائحة نقاد القصة القصيرة جدا في الوطن العربي بكتابه (القصة القصيرة جدا / قراءة في تجارب مغربية)، إلى جانب بعض النقاد الآخرين الذي يعدون عربيا على أصابع اليد، مثل: يوسف حطيني، وأحمد جاسم الحسين، وجاسم خلف إلياس، وهيثم بهنام بردى، وعبد الدائم السلامي، وجميل حمداوي، وسعاد مسكين، وحميد لحمداني، ومحمد يوب، ومحمد اشويكة، ونور الدين الفيلالي، وعبد العاطي الزياني...

 

هذا، ويحسب حميد ركاطة في مجال نقد القصة القصيرة جدا على فئة النقد التطبيقي التحليلي العملي. ويعني هذا أن هناك نوعين من النقد القصصي القصير جدا في عالمنا العربي، نقد تنظيري مع أحمد جاسم الحسين، ويوسف حطيني، وجميل حمداوي، وحميد لحمداني، وسعاد مسكين، ومحمد اشويكة... ونقد تطبيقي مع جاسم خلف إلياس، وعبد الدائم السلامي، وحميد ركاطة، وعبد العاطي الزياني، ومحمد يوب...



[1] - حميد ركاطة: القصة القصيرة جدا / قراءة في تجارب مغربية، منشورات وزارة الثقافة، مطبعة المناهل، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2013م.

[2] - حميد ركاطة: نفسه، ص:124.

[3] - نفسه، ص:260-261.

[4] - حميد ركاطة: نفسه، ص:183.

[5] - نفسه، ص:203-204.

[6] - نفسه، ص:227.

[7] -نفسه، ص:246.

[8] - نفسه، ص:259.

[9] - حميد ركاطة: القصة القصيرة جدا / قراءة في تجارب مغربية، ص:8.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القصة القصيرة جدا بالمغرب: نظرة بانورامية
  • القفلة في القصة القصيرة جدا
  • الرؤية الواقعية الإسلامية في القصة القصيرة جدا
  • حميد لحمداني والصورة الروائية البوليفونية
  • مكونات القصة القصيرة جدا وسماتها عند الأديبة الكويتية هيفاء السنعوسي
  • أنطولوجيات القصة القصيرة جدا في الوطن العربي
  • مقاربة الجملة الفعلية في القصة السعودية القصيرة جدا
  • بلاغة الصورة السردية الموسعة أو المشروع النقدي العربي الجديد
  • مقاربة المتخيل في القصة القصيرة جدا
  • أنواع المقاطع السردية في القصة القصيرة جدا (أضمومة تفاحة الغواية للطيب الوزاني أنموذجا)
  • أسماء الشخصيات في القصة القصيرة جدا بين التعريف والتنكير

مختارات من الشبكة

  • الاتجاهات الفنية للقصة القصيرة في المملكة العربية السعودية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حكم تمثيل الأنبياء في الأعمال الفنية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لمحة عن المقتضيات الفنية عند عبدالقاهر الجرجاني(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مهارات الإلقاء الفنية (الجزء الثاني)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مهارات الإلقاء الفنية (الجزء الأول)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العبث بالذائقة الفنية(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • السمات الفنية في شعر النابغة الجعدي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الخصائص الفنية لمدرسة أبولو(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الصين: افتتاح معرض الأعمال الفنية الثقافية الإسلامية الصينية التركية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الفهارس الفنية لكتاب: (اللغة والناس WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب