• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

أيهما أسبق الشعر أم النثر؟

أيهما أسبق الشعر أم النثر؟
د. إبراهيم عوض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/2/2013 ميلادي - 7/4/1434 هجري

الزيارات: 120843

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أيهما أسبق الشعر أم النثر؟

فنون الأدب في لغة العرب (2)


ومن الأسئلة التي تطرح في هذا السياق أيضًا: أي الفنين أسبقُ من الآخر: الشعر أم النثر؟ وكثير من النقاد على أن الشعر سابق على النثر، ومن هؤلاء د. طه حسين في محاضرته التي ألقاها سنة 1930م بقاعة الجمعية الجغرافية بالقاهرة بعنوان: "النثر في القرنين الثاني والثالث للهجرة"، ثم نشرها بعد ذلك في كتابه: "من حديث الشعر والنثر"، وكذلك كاتب الفصل الخاص بفن الشعر من كتاب "التوجيه الأدبي" الذي اشترك في تأليفه طه حسين وأحمد أمين، وعبدالوهاب عزام، ومحمد عوض محمد، ونشر في بداية الأربعينيات من القرن الفائت، والعقاد في فصل عنوانه "الشعر أسبق أم النثر؟" من كتابه: "حياة قلم"، إلا أن الناظر في المسألة يتحقق بكل بساطة أن الشعر أعقدُ من النثر؛ إذ لا يكفي أن يمسك الأديبُ بالقلم ويقرِّر أن ينظم شعرًا فيفعل، بل لا بد أولاً أن تكون لديه موهبة الشعر، كما لا بد أن يهبط عليه ما يسمى بالإلهام، أيًّا كانت حقيقة ذلك الإلهام، بخلاف الأمر في كتابة مقالة أو تأليف قصة مثلاً؛ حيث يكون للتنظيم والإرادة مدخل كبير فيهما، كذلك فإنه إذا كان الأدباء قلةً بين البشر، فإن الشعراء هم قلة القلة، وينبغي ألا نغفُل عن ذكر الحقيقة التي يعلمها كل إنسان، وهي أن قيود الشعر كثيرة وصعبة؛ فعندنا الوزن، وعندنا القافية، وعندنا قِصَر البيت الذي ينبغي أن يضع فيه الشاعر فكرته، أو قطعةً مستقلةً من تلك الفكرة، ويفرغ منها فيه، وهذا أشبه بمن يحجل في القيود، ويمتِّع بحركاته هذه - المقيَّدة - مَن يشاهدونه مع ذلك، أو من يمشي على حبل في الهواء مع احتفاظه باتزانه، وإيهامنا أنه يتصرَّف بتلقائية وثقة تامَّين، ومعلوم أيضًا أن الإبداع الشعري بطبيعته قليل، وأن مداه قصير، وحصاده محدود، على عكس النثر، ولعلنا لم ننسَ ما يقال عن الشعراء الحوليين المُحككين في الجاهلية، وهم الشعراء الذين كان الواحد منهم يصرف عامَهُ "أو حوله" كله في نظْم قصيدة واحدة من بضع عشرات قليلة من الأبيات وتنقيحها، وسواء صح هذا على حرفيته، أو كان تعبيرًا مجازيًّا عن شدة اهتمام تلك الطائفة من الشعراء بتجويد إبداعهم واجتهادهم في إظهاره على أبهى صورة - فإن المغزى واضحٌ في أن الشعر ليس في سهولة النثر أبدًا، وهو ما عبَّر عنه الحُطَيئة مثلاً حين قال:

الشِّعر صعبٌ، وطَويلٌ سُلَّمُهْ
إذا ارتَقى فيه الذي لا يَعْلَمُهْ
زلَّتْ به إلى الحَضيض قَدَمُهْ
يُريد أن يُعربَهُ فيُعجِمَهْ

 

وكذلك قول الفرزدق مثلاً: إنه قد تأتي عليه أوقات يكون خلْعُ ضرسه فيها أهونَ عليه من نظْم بيت واحد من الشعر، وهذا بالتأكيد هو السبب فيما يُروى من أن العرب كانت تحتفي بشعرائها وتحتفل بهم أيما احتفال، مما لم يَرِدْ مثيلُه عن الخطيب أو القَصَّاص، كما أنه هو السبب في أن الشعراء وحدهم كانوا يتصلون في اعتقاد الناس بعالم الجن والشياطين عند العرب، أو بعالم الآلهة عند الإغريق، مما لم يُقَلْ شيءٌ منه عن سائر الأدباء، ولقد عرَفنا في عصرنا شعراء تحوَّلوا إلى كتابة الرواية أو المقال الأدبي مثلاً، لكننا لا نعرف روائيين أو كُتَّاب مقالات تحولوا إلى كتابة الشعر؛ إذ الشعر يقوم على الموهبة كما هو معروف، بخلاف غيره من فنون الأدب التي يمكن بشيء من الإرادة والاهتمام ممارسةُ كثير من الأدباء لها.

 

فمن لم تكن لديه تلك الموهبة، فلن يكون شاعرًا، وإن أمكن في بعض الحالات أن يكون ناظمًا.

 

لكن هل معنى ذلك أن النثر أسبق من الشعر؟ صعب أيضًا القول بهذا، وإن كنت أظن أن الشعر والنثر ظهرا جميعًا في ذات الوقت، فكلاهما أدب من الأدب، كل ما هنالك أن الشعر لم يستطعْه إلا الشعراء؛ أي: أولئك الفئة الذين أسبغ الله عليهم عطية الشعر من البشر، وأن النثر كان يستطيعه فئات كثيرون منهم، ولسنا نقصد هنا النثر بإطلاق، بل النثر الأدبي الذي يتميز بدفء الوجدان، ويحرص مُبدِعُه على توفير الإيقاع واللجوء إلى التعبير التصويري فيه ما أمكَن، وإلا فالناس كلهم يستطيعون، كما كان يظن مسيو جوردان في مسرحية موليير: "Le Bourgeois Gentilhomme"، أن يكونوا ناثرين، ما دام النثر هو أن يتكلمَ الإنسان بغير الشعر، حتى لو كان هو الكلام اليومي الذي لا صلة بينه وبين الأدب والفن؛ إذ كان تعليقه - حين عرَف أن اللغة؛ سواء أكانت شعرًا أم نثرًا، لا تخرج عن ذلك أبدًا - أنه قد ظل إذًا أربعين سنة كاملةً يتكلَّم النثر دون أن يدري.

 

والحق أن لو كان القائلون بسبق الشعر على النثر، يقصِدون النثر الفكري والعلمي لا النثر الأدبي، لوافقناهم على ما يقولون، فهذا الضرب من النثر يحتاج إلى أن تكون الأمَّة قد قطعت مرحلة طويلة من التطور العقلي والفكري، قبل أن تظهر تلك الكتابة النثرية لديها، أما إذا أُريد النثرُ الفني، فلا مُشاحَّة في مواكبته الشعر، إن لم يسبقه ولو اعتباريًّا على الأقل، وإن كنا نتحرَّج من القول بسبق النثر الفني على الشعر؛ لأن النثر الفنيَّ والشعر كليهما أدب، كل ما في الأمر أن الله قد يسر كل أديب من الأدباء لِما خُلِق له؛ فهذا شاعر، وهذا قَصَّاص، وهذا كاتب رحلات، وهذا مؤلف مقالات..، وهَلُمَّ جرًّا.

 

وقد أكد كاتب فصل "الشعر" في كتاب "التوجيه الأدبي"، أن الشعر "أقدم ضروب الأدب جميعًا"، أما "الأدب المنثور، فهو أحدث من الشعر كثيرًا، وهو يستشهد بقصائد "هوميروس"، التي كانت - حسب قوله - "تُنشَد ويُتغنَّى بها قبل أن يُؤلَّف كتاب أو يظهر أثر فني"، وكذلك بالشعر الجاهلي، الذي كان كما قال، "ينشد في المجامع والمحافل، وتتداوله الرواة، وتتناقله الأفواه، وله في الحياة الاجتماعية آثارٌ واضحة قوية، ثم نبحث عن النثر الجاهلي، فلا نكاد نجد له أثرًا، فإذا أمعنا في البحث، ألفينا نُتَفًا من سجع الكهنة والحكماء، يُشَكُّ كثيرًا في صحة نسبتها إلى قائليها، بل إلى العصر الجاهلي نفسه، ثم هي - فوق هذا - ليست بالأثر الأدبي الخطير".

 

ثم يمضي الكاتب فيضرب مثلاً ثالثًا من الأدب الإنجليزي؛ حيث نجد أن أقدم الآثار الأدبية هي القصائدُ التي تصور أعمال "بيولف"، وترجع إلى القرن السادس أو السابع الميلادي، وبالمثل فقصائد "تشوسر" في "قصص كانتربري" هي أجلُّ الأعمال الأدبية لدى الإنجليز المُحدَثين، حسبما ورد في كلامه وهو يعزو هذه الظاهرة إلى أن الأدب المنثور يتطلب معرفةً بالكتابة، والكتابة اختراع متأخِّر في تاريخ كل أمَّة.

 

بيد أنه من المفيد هنا الإشارة إلى أن "تشوسر" صاحب "قصص كانتربري"، كان يكتب النثر أيضًا ترجمةً وتأليفًا، بل إن له كتابًا عن الأسطرلاب، ألفه لابنه الصغير "لويس"، الذي كان يدرس حينها في أوكسفورد، بما يفيد أن الكتابة النثرية كانت متقدمة في عهده، حتى لتوضع بها المؤلَّفات العلمية أو شبه العلمية، وهذا أقوى رد على استشهاد الكاتب بهذا الأديب الإنجليزي؛ لتعضيد رأيه في سبْق الشعر على النثر.

 

بل إن "تشوسر" في بعض حكاياته متأثر بقصص "بوكاشيو"، وهي قصص نثرية لا شعرية، ليس ذلك فحسب، بل إن إحدى تلك القصص - وهي القصة الأخيرة - قد كُتبت نثرًا، وهذا رد آخر على دعوى الكاتب، ومن معاصري "تشوسر" يمكن أن نذكر "جون ويكليف" المصلح الإنجليزي المشهور، وصاحب الخطب الكنَسية المُتَّقدة حماسةً، والخُطب أحد فنون النثر.

 

ولدينا قبله المؤرخ "جيفري أوف ما موث" ابن القرن الحادي عشر، وعندنا أيضًا ناثرون في اللغة الأنجلوساكيونية السابقة على الإنجليزية، أما بالنسبة إلى "هوميروس"، فمن أين يا تُرى استمدَّ موضوعاته التاريخية والخرافية التي أدار عليها ملحمتيه المعروفتين؟

 

أليس مما كان الناس قبله وفي عصره يروونه نثرًا في مجالسهم ومنتدياتهم قبل أن يحوله هو شعرًا؟ أم ترى الكاتب يقول: إنهم لم يكونوا يتحدثون طوال حياتهم إلا بالشعر المنظوم؟ إن هذا لهو المستحيل بعينه!

 

ذلك أن تأخر معرفة الأمم للكتابة والقراءة ليس بمانع من ظهور الإبداع النثري؛ إذ إن البشر لا يملكون فقط أيديًا للكتابة، بل قد زوَّدهم الله بأفواه للكلام أيضًا، وإذا كانوا في فترة من فترات تاريخهم لا يستطيعون أن يكتبوا، فإن هذا لا يمنعهم من الإبداع النثري شِفاهًا، أترى الأمم الجاهلة بالقراءة والكتابة لم تكن تخطب مثلاً، أو تحكي قصصًا، أو تضرب الأمثال؟

 

فإن قيل: إنه لم تصلْنا تلك الإبداعات النثرية، فمن السهل تفسير ذلك بأن الذاكرة لا تقدر على الاحتفاظ بالنصوص النثرية مَقدرتَها على الاحتفاظ بنصوص الشعر؛ لِما فيه من أوزان وقوافٍ تساعد على ذلك الحفظ كما هو معلوم، وطه حسين - وهو واحد ممن اشتركوا في وضع الكتاب الذي نحن بصدده - إن لم يكن هو كاتب الفصل الخاص بالشعر، يقول بوجود خُطَب جاهلية تجمع بين الإقناع والإمتاع، ومن ثم كانت تتسم بالجمال الفني، كل ما هنالك أنها - لعدم شيوع الكتابة بين العرب آنذاك - لم تصلنا؛ لأنها لا تعتمد على الوزن والقافية، فكان من الصعب على الذاكرة أن تحتفظ بها احتفاظها بالشعر، وهذا الكلام موجود في محاضرته: "النثر في القرنين الثاني والثالث للهجرة" المنشورة في كتابه: "من حديث الشعر والنثر"، ثم إن المنطق يقول بما قلناه من أن الأمر كله أدب، ثم بعد ذلك يكون هذا شعرًا، وذلك قصصًا مثلاً، ولدينا في الجاهلية - إلى جانب الشعر - المثل والقصة والخطابة وسجع الكهان، لا الشعر وحده فقط، أما إذا قلنا بالشك في تلك الفنون، فقد قال "دافيد صمويل مرجليوث" المستشرق البريطاني أيضًا بالشك في الشعر الجاهلي كله على بكرة أبيه، كما تابعه "طه حسين" فأعلن ارتيابه في معظم ذلك الشعر على الأقل - إن لم يكن فيه جميعه - أي إن هذا باب لا يمكن إغلاقه في وجه محبي الجدل المُولعين بالخصام، ثم إننا لا نقول بأن كل ما وردنا عن الجاهليين من نثر، قد أتانا على صورته الأصلية؛ إذ إن الذاكرة البشرية لا تستطيع - مهما كانت قدرتُها على الاستيعاب والحفظ، كالذاكرة العربية قبل الإسلام - أن تحفظ كل شيء، لا تخرم منه حرفًا، حتى لو كان المحفوظ شعرًا تساعد موسيقاه وقلة نصوصه على المحافظة عليه أفضل من سواه، فما بالنا بالنصوص النثرية التي تخلو من ذلك العامل المساعد؟

 

أما قوله: إن الشعر في صدر الإسلام كان أغزر من النثر، فماذا تراه فاعلاً أمام أحاديث النبي - عليه السلام - وخُطبه، وهي تكافئ وحدها عدة دواوين شعرية من حيث الحجم، رغم أنها لا تغطّي كل ما قاله النبي - عليه السلام - في هذا الصدد كما هو معروف؟

 

وكذلك لا ينبغي أن ننسى خطب الخلفاء والولاة، والقادة العسكريين والعلماء، وأئمة المساجد، وما كان القُصَّاص يروونه من قصص في المساجد وغير المساجد، وكُتَّاب "أخبار عَبيد بن شَرية الجُرْهمي في أخبار اليمن، وأشعارها وأنسابها"، الذي سجّل فيه صاحبُه ما كان يقع بينه وبين معاوية بن أبي سفيان من حوارات تاريخية، وكان معاوية قد استقدمه؛ ليستمع منه إلى أخبار ملوك اليمن.

 

ويذكر ابن النديم أن عَبيدًا وفَد على معاوية، فسأله عن الأخبار المتقدمة وملوك العرب والعَجَم، وسبب تبلبُل الألسِنة، وأمر افتراق الناس في البلاد، وكان قد استحضره من صنعاء اليمن، فأجابه إلى ما سأل، فأمر معاوية أن يدوَّن ذلك ويُنسب إلى عَبيد، وعندنا - فضلاً عن هذا - ما تركه لنا عروة بن الزبير والزهري، وأبان بن عثمان وغيرهم من كتابات في السيرة النبوية.

 

ولا ننسَ قبل كل هذا كُتَّاب الدواوين، وما كانوا يحبرونه من رسائلَ وبيانات رسمية، وهذا كله ليس إلا أمثلةً على ما وراءه.

 

كذلك إن قلنا: إن الشعر أسبقُ من النثر الفني، فمعنى هذا: أن من كانوا يريدون أوانذاك أن يعبّروا عن مشاعرهم ويصوروها بصورة فنية؛ إما أن يكونوا كلهم شعراءَ، وإما أن يتكلم الشعراء وحدهم، ويخرس من لا يتصفون بموهبة الشعر، وكلا الأمرين لا يمكن أن يكون، وأما إن مضينا خطوةً أخرى وشبَّهنا الشعر بالطوابق العلوية من البيت، والنثر بالطابق الأرضي منه، فلنا أن نقول حينئذ: إنه لا بد من إقامة الطابق الأرضي أولاً؛ حتى يمكننا بناءُ الطوابق الأخرى، وقد قال بذلك الرأي بعض الباحثين؛ كمرجليوث، الذي أكد في دراسته المشهورة المسماة: "The origins of Arabic Poetry"، وهي الدراسة التي شكك فيها في وجود الشعر الجاهلي كله، أن السجع العربي قد ظهر أولاً قبل أن يظهر الرجز، وهو أبسط ألوان النظم، ثم تأتي في النهاية قصائد الشعر كما نعرفها في الأوزان الأخرى الأكثر تعقيدًا؛ أي: إن النثر عنده سابقٌ على السجع، وهذا سابق على الرجز، وذاك سابق على سائر أوزان الشعر، وقد قال "بروكلمان" من قبله بذات الرأي، ويجد القارئ كلام المستشرق الجرماني في مقدمة الفصل الثالث من الجزء الأول من كتابه عن "تاريخ الأدب العربي"، وهو الفصل المسمى: "قوالب الشعر العربي".

 

كذلك لا بأس من إعادة القول بأننا في الشعر أمام فن أدبي أكثرَ تعقيدًا وقيودًا من فنون النثر، فكيف يكون ذلك الفن أسبقَ من تلك الفنون الأكثر سهولةً؟

 

وفي بداءة الفصل الأول من الباب الثاني من كتابه: "الأدب وفنونه"، يؤكد د. عز الدين إسماعيل أيضًا أسبقيةَ الشعر على النثر؛ استنادًا إلى سبب بيولوجي ونفسي؛ إذ الشعر تعبير عن الانفعالات كما يقول، على حين أن النثر هو وسيلة التعبير عن الأفكار، وإن الإنسان ليتساءل: ألم يكن الإنسان القديم يفكر حتى يقال: إنه ابتدع الشعر أولاً، وظل لا يعرف غير الشعر، إلى أن عرَف التفكير، فابتدع النثر بدوره للتعبير عنه؟ ثم ألا يقبل النثر هو أيضًا أن يكون أداةً للتعبير عن الانفعالات؟ فماذا يصنع من لا يستطيعون الشعر إذًا؟ أيكبتون انفعالاتهم ولا يتخلَّصون منها، فتؤذيهم في نفوسهم أذًى شديدًا؟ ثم أليس هناك الشعر التعليمي وهو يعبر عن الأفكار؟ ولقد فهِمنا أن يقال: إن الشعر مرتبط بحاجة نفسية رغم تأكيدنا أن النثر هو أيضًا مرتبط بهذه الحاجة، كما أن الشعر مرتبط بالأفكار، مثلما النثر مرتبط بها، وهو ما سيقوله المؤلف بعد قليل، لكننا لا نفهم كيف يكون الشعر مرتبطًا بحاجة الإنسان البيولوجية، أتراه يُؤْكل؟ أتراه يُشْرب؟ أتراه يساعد على التخلص من فضلات الأكل والشرب مثلاً؟ فكيف يقال: إنه يقوم بحاجة الإنسان البيولوجية إذًا؟ والكاتب ذاته لم يوضِّح ماذا يقصد بهذا، بل ألقى كلمته ومضى، وكأنها مسألة بديهية لا تحتاج إلى توضيح أو حِجاج، رغم أنها بكل تأكيد ليست كذلك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عن كتاب: "تطور الأساليب النثرية".. رد على مؤلفه
  • تعريف الشعر بين القدماء والمحدثين
  • اللغة والشعر بين خصوصية الاستعمال والإدلال بالقوة
  • أقسام الشعر
  • أمثلة على قصيدة النثر
  • وماذا عن الشعر الملحمي؟
  • الشعر نثرا

مختارات من الشبكة

  • أيهما أولى: التصدق أم سداد الديون؟(استشارة - الاستشارات)
  • أيهما أفضل يوم عاشوراء أو يوم عرفة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أيهما منشغل عن الآخر؟!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أيهما أفضل العمرة في رمضان أم في أشهر الحج(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أيهما أفضل: الوتر بثلاث ركعات متصلة أو الوتر بثلاث منفصلة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفاتيح الخير ومفاتيح الشر فمن أيهما نحن؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى اسم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبيان أيهما أبلغ هو أو محمود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المبتور والموصول أيهما تحب أن تكون؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أيهما أختار المعدد أو المطلق؟(استشارة - الاستشارات)
  • أيهما أختار دراستي أو عملي ؟(استشارة - الاستشارات)

 


تعليقات الزوار
2- شكرا للمجهود الرائع
عمر الحيراوي - العراق 23-01-2016 03:58 PM

أود شكر الأستاذ الدكتور إبراهيم عوض على مجهوده العظيم في خدمة العلم بكل ما أوتي من قوة ومجهود رائع وكبير
وإن الموضوع في غاية الأهمية واستفدت منه كثيرا
في بحث إحدى قريباتي في كلية التربية قسم اللغة العربية

1- شكر للدكتور إبراهيم عوض
محمد رأفت مصطفى - مصر 22-08-2013 12:29 AM

أود شكر أستاذي الدكتور إبراهيم عوض على مجهوده العظيم في خدمة اللغة والدين الإسلامي بكل ما أوتي من قوة ومجهود وعلم كما أشكر المهندس عبدالحميد ضحا وكل أعضاء شبكة الألوكة على مجهودهم الرائع.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب