• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية / أدب الأطفال (دراسات في أدب الأطفال)
علامة باركود

الطفولة والأدب في شعر إبراهيم شعراوي

محيي الدين صالح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/7/2011 ميلادي - 8/8/1432 هجري

الزيارات: 20239

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أدب الأطفال من منظور إسلامي

(إبراهيم شعراوي نموذجًا)

على سبيل الترجمة: إبراهيم شعراوي ومكانته الأدبية


هو إبراهيم بن عبدالرحمن بن شَعْراوي بن عبدالرحمن بن حسين بن جاسر بن أحمد كاشف، من مواليد قرية الجنينة والشباك بالنوبة القديمة، بمحافظة أسوان في السَّادس من صفر 1347هـ الموافق 25 يوليو 1928م، وهو أصغر إخْوَتِه؛ (فاطمة، ثم شعراوي، ثم إبراهيم)، وهو حفيدُ الرِّاوية النوبية الشهيرة (زينب كوتود) التي تنسب إليها كثيرٌ من حكايات الجدَّات؛ لدرجة أنَّ المعاصرين لها كانوا يقولون: إن الصَّبِية أو الفتاة التي لا تأتي لسماع حكاياتها تقضي عمرها بلا زواج! لذلك حرصَتْ معظم الأمهات على اصطحابِ بناتهن إلى بيتها من جميع القرى المُجاورة، وقد تعلَّم "إبراهيم شعراوي" منها الكثيرَ من السِّيَر الشعبيَّة التي كانت تداول في النوبة؛ مثل: السِّيرة الهلاليَّة، إضافةً إلى الحكايات والروايات النوبيَّة، والقصص التُّراثية الَّتي تتضمن أشعارًا نوبية، وتأثير هذه الجدة على "إبراهيم شعراوي" واضحٌ في كثيرٍ من الإبداعات التي كتبها شعرًا ونثرًا بعد ذلك خلال مشواره الأدبي.

 

مكث "إبراهيم" في قريته مدَّةً يسيرة من طفولته، ثم هاجر إلى القاهرة مع أسرته، دخل الكتاتيب، وحفظ القرآن الكريم فيها، والتحق بمدرسة "راتب باشا" الابتدائيَّة، وهي مدرسة أنشأها ذلك الباشا تحت رعاية الأمير "عباس حلمي" لأبناء الفقراء، وفي أثناء ذلك حضر كثيرًا من الندوات الشعريَّة في صِبَاه الباكر، وكانت بعض هذه الندوات تُقام بمدرسة عابدين الخيريَّة، ويحضرها الدكتور "إبراهيم ناجي"، ويديرها الدكتور "مصطفى عبداللطيف السحرتي"، ويشارك فيها الدكتور "محمد عبدالمنعم خفاجي".

 

وقد كانت مصر في تلك المرحلة تَمُوج بالثَّقافة والفكر، فما من يومٍ يمرُّ لا يسمع فيه "شعراوي" حديثًا لـ "مصطفى النحاس" أو "نجيب الهلالي" أو "العقاد" و"طه حسين" و"كامل السوافيري" و"الشيخ الشرباصي"... وكثيرٍ من رُوَّاد الفكر والأدب والسياسة.

 

وكان "إبراهيم شعراوي" متفوقًا في دراسته، فالتحق بمدرسة "الخديوي إسماعيل" الثانوية، وتخرَّج فيها، وكان مجموعُه يؤهِّله للالتحاق بكلية الهندسة مجانًا، ولكنه لم يلتحق بها؛ ليقتحم سوق العمل؛ لِيُسهم في رفع دخل الأسرة، فعُيِّن سكرتيرًا بوزارة التربية والتعليم، مسؤولاً عن بيت الطلبة السودانيِّين بالقاهرة، حيث كان يتعلم الطلبة السودانيُّون في الجامعات المصرية، وهو بيتٌ للطلبة شبيه بالمدن الجامعيَّة الآن، وفي أثناء عمله انتسب إلى كلية التِّجارة جامعة القاهرة، ولم يكمل مشواره التعليمي؛ لانشغاله بالعمل السِّياسي والصِّراع الوطني، واعتُقِل من جرَّاء ذلك، فلبث في السجن بضع سنين.

 

استفاد "شعراوي" من عمله في وزارة التربية والتعليم؛ حيث اندمج في الساحة الأدبيَّة والثقافية في القاهرة، وأسْهَم في كثيرٍ من المنتديات والأُمْسيات الشِّعرية والنشاط الأدبيِّ بالصُّحف والمجلاَّت والإذاعة والتلفزيون... حتى صار اسمًا لامعًا رغم أحواله الماليَّة السيِّئة، وبعد أربع سنوات سافر إلى سلطنة عمان معارًا، وقضى بها عشرين عامًا من 1974 إلى 1994، وأصدر أكثرَ إبداعاته هناك، حيث اهتمَّت بنتاجه الأدبي وزارةُ الثقافة والإعلام بسلطنة عمان، وأعطَتْه المكانة اللائقةَ به.

 

ومن إبداعات "إبراهيم شعراوي" التي استعَنْتُ بها في هذا الكتاب كمصادِرَ للبحث:

• ديوان أغاني المعركة.

• أبطال الكلمة.

• ماذا يقول أبوك عنِّي؟

• "حكايات وأغانٍ على حروف الهِجاء" (4 أجزاء).

• أوبريت الوسام.

• "الذئب" (حاصل على جائزة عيد الطفولة).

• قواعد المرور.

• أين عنزانة؟

• حكايات أسد عجوز.

• الطفل الذي رأى الدنيا كلها.

• التفاحات المغردة.

• العصفور الذهبي.

• ماء الحياة.

• الهدايا المسحورة.

• أبو زيد الهلالي.

• نهاية أسد.

• مغامرات ثعلب.

• الكلب والحمار.

• رحلة مع قطرة ماء .

• رحلة ذئب.

• الخرافة والأسطورة في بلاد النوبة.

• راضية.

• النوبة وحوار الثقافات.

• الخال سليمان والسلامة والأمان.

• وادي القرود.

• انتصار الحمار (مسرحية شعرية).

• الأسد والبهلوان (مسرحية شعرية).

• رسالة من زعيم الهنود الحمر (مترجمة عن الإنجليزية).

 

ومن المخطوطات التي تحت الطبع له:

• حكايات الجدات.

• "الثعلب والسلحفاة الحكيمة" (شعر).

 

ومن الدِّراسات التي كُتِبَت عن الشاعر كتاب "إبراهيم شعراوي متصوِّفًا" لمؤلفه "محيي الدين صالح"، حيث تمَّ فيه دراسةُ كلِّ القصائد التي أبدعها "شعراوي" من منظورٍ ديني، سواء كانت موجَّهة للأطفال أو الكبار، حيث كانت الفكرةُ هي إظهارَ الوجه الإسلاميِّ المكثَّف في إبداعات الشاعر المتنوِّعة، ودراسة أخرى عن رواية "راضية" بقلم الدكتور "مصطفى عبداللطيف السحرتي"، وكذلك الدكتور "عز الدين إسماعيل"، ودراسة عن ديوان "أغاني المعركة" للناقد "محمد مفيد الشوباشي"، ودراسة عن ديوان "سرب البلشون" الذي شارك فيه "شعراوي" بقصائده تحت عنوان "مذكرات نوبيٍّ صغير" صدر عام 1966م، وشارك فيه أربعة شعراء مع "شعراوي"، أعدَّ الدراسة الدكتور "كيلاني حسن سند"، ودراسة أخرى في ديوان "سرب البلشون" أيضًا أعدها "محيي الدِّين صالح".

 

هذا وقد قُدِّمَت عنه رسالة دكتوراه في كلية اللغة العربية بأسيوط، عنوانها: "الاتِّجاه الإسلاميُّ في أدب إبراهيم شعراوي"، للدكتور "الريدي عبدالحفيظ" في مارس 2009م تحت إشراف الدكتور "زهران جبر".

 

الطفولة والأدب:

سيبقى الأدب العربيُّ في موقع الصَّدارة مهما تداعَتْ على أصحابِها الأممُ، وسيستمرُّ التُّراث العربيُّ في عطائه المتواصل للثقافة الإنسانيَّة رغم رياحِ التغريب التي تهبُّ على المنطقة العربيَّة، ولقد أصاب الشاعرُ العربيُّ وأجاد، عندما وصف مكانةَ الأبناء في قلوب الآباء قائلاً:

وَإِنَّمَا أَوْلاَدُنَا بَيْنَنَا
أَكْبَادُنَا تَمْشِي عَلَى الأَرْضِ

 

و"حطَّان بن المُعَلَّى" صاحبُ هذا البيت لَم يبالغ في الوصف، فكما أنَّ الناس حريصون على سلامة أكبادهم؛ فإنَّ حرصهم على أولادهم أكبَرُ وأهم؛ فهُم في أشدِّ الحاجة إلى العناية والرعاية؛ لأنَّهم في مرحلة لاحقةٍ سيكون عليهم دورٌ مُماثل تجاه من بعدهم من أجيال... وهكذا، وإذا لم يكن لديهم الرَّصيد الوافر من الثقافة والأخلاق والعلم والأدب، فإنَّ العاقبة ستكون وبالاً على المجتمع.

 

مِن هُنا اهتمَّت الشُّعوب والأمم المختلفة بتذليل كلِّ العقبات للنُّهوض بالمستوى الأدبيِّ والثقافي والعلمي عند الأطفال منذ نعومة أظفارهم، كلُّ مجتمع يهيِّئ لهم المعرفة حسب معتقداته، أو عاداته وتقاليده، والموروث الحضاريُّ للأمم هو الذي يُبَلور جهودَ الكبار نحو الصِّغار، وهنا يظهر دَوْر الأدباء الذين يشاركون في تشكيل وجدانيَّات الأطفال وتهذيبِها وتوجيهها، من خلال ما يقدِّمونه من مؤلَّفات وقصصٍ وأشعار بالأسلوب الذي يُناسب الأطفالَ ويروقُ لهم، في المراحل السِّنية المختلفة، وهذا هو سبب صعوبة كتابة "أدَب الأطفال".

 

ومع أنَّ عدد الأدباء عمومًا أكثر من الحصر، فإنَّ الذين يُجِيدون الإبداعَ في أدب الأطفال قليلون، ومن هذه الفئة القليلة في الأدب العربي، نجد الأديب الشاعرَ "إبراهيم شعراوي"، الذي جنَّد نفسه باقتدارٍ في هذا الميدان، ملتَزِمًا المنهج الإسلاميَّ شكلاً ومضمونًا، وأوقف كثيرًا من جهوده لهذا الغرض الأدبي النَّبيل في محور أدَب الأطفال، برغم أنَّه أديبٌ متميِّز، وشاعر متمكِّن عندما ينبَرِي في ساحات التصوُّف أو التُّراث أو الوجدانيَّات والسِّياسة والإخوانيَّات، وكأنه تخيَّر لنفسه أصعب الدُّروب ليسلكها، ويقدم من خلالها رسالته إلى مجتمعه عبر فلذات الأكباد، وقد وضعتُ في نهاية الكتاب سيرة ذاتية مفصلة عنه.

 

والأديب الشاعر "إبراهيم شعراوي" له منهج يدل على أنه يحاول بقدر الإمكان أن يضع نفسه في دائرة المستثْنَيْن بـ"إلا" في قوله تعالى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ﴾ [الشعراء: 227]، فقد جرَّد "شعراوي" قلمه لِيَجُوس خلالَ القوافي، ويستخرج من الشِّعر كنوزَه، وفي نفس الوقت لِيَجول في ساحات النَّثر، وفي الحالتين يصبُّ جلَّ هَمِّه في إظهار مبادئ الإسلام للنَّشء، والتعريف برموزه بأسلوب مبسَّط جذَّاب، وهو لا ينسى رسالتَه نحو الأطفال، حتَّى وهو مغترب عن وطنه الصَّغير، ولا يتجاهل ذلك التواصُلَ المعهود عنده مع الصِّغار، فاعتبر أنَّ أطفال المهجر الذي أوى إليه في رحلة البحث عن لقمة العيش هم أبناؤه، فاستمرَّ في العطاء بِنُكران ذات إلى كلِّ الأطفال من خلالهم.

 

أمَّا "أدب الأطفال" من حيث المصطلَحُ، فإنَّه يسمَّى بذلك تجاوزًا، أو على سبيل المتعارَف؛ لأنَّ "أدب الأطفال" لغةً معناه الأدب الذي يكتُبه الأطفال، والأمر ها هنا ليس كذلك، ولكن لا بأس من الإيجاز المعبِّر.

 

والأطفال المُهيَّؤون لتلقِّي الأدب يمرُّون بمراحل عمريَّةٍ مختلفة، لكلِّ مرحلة منها ما يناسبها من ألوان الأدب؛ فالأطفال من عمر سنة إلى ثلاث سنوات؛ أيْ: في مراحل الإدراك الأولى يُناسبهم "الترقيص" من المربِّية، سواء أكانت الأم أم الجدَّة، وترقيص الأطفال يكون بالغناء والكلام الموزون، ويعدُّ من أقوم وسائل التربية.

 

ومن سن 3 - 5 يكتسب الطِّفلُ سلوكياته من الأسرة والبيئة.

 

وفي المرحلة التالية من 5 - 8 مرحلة المغامرة والاقتداء والصَّداقات المحدودة.

 

وتبدأ بعد ذلك ما يسمَّى بمرحلة الرُّجولة المبكِّرة للطفل، حتى تنتهي مراحل الطُّفولة عند سنِّ 16 سنة.

 

وهناك بعض البلاد تَعتبر مرحلة الطُّفولة ممتدَّة حتى سنِّ (18) سنة، مثل أورجواي، ودول أخرى في أمريكا الجنوبية[1]، وهذه إشكاليَّة لها ما يُبَرِّرها، حيث إنَّ المرحلة العمرية من 16 إلى 18 سنة - وهي مرحلة المراهقة - اعتبرها بعض المهتمِّين استكمالاً للطفولة، واعتبرها آخرون بدايةً للمرحلة التالية، ولكلٍّ من التوجُّهين مُبَرِّراتُه الوجيهة، أمَّا فيما يتعلَّق بالأدب الذي يكتب لهذه المرحلة العمرية، والأسلوب المناسب لها، والموضوعات، وطريقة العرض، ومن خلال اهتماماتهم، وبناءً على التصنيف القانوني والشَّرعي الذي يمدُّ سنَّ القاصر إلى ما بعد 18 سنة، فإنني أرى أن تكون مرحلةُ الطفولة الأدبيَّة حتى سنِّ 18، واحترم الرأي الآخر في هذا الصَّدد.

 

وفي إحصاءٍ صادر عن منظَّمة الأمم المتحدة للتعليم، أنَّ نسبة الأطفال تشكِّل من تعداد الدُّول ما يتراوح بين 25 % إلى 40 % [2].

 

وهذا يؤكِّد أهمية العناية بأدب الأطفال والتَّقنين له بوضع الضَّوابط والتشريعات التي تحمي النَّشْء من عبث العابثين، وهذه ليست دعوةً مبتكرة؛ فقد سبقت بعض الدُّول الأوربية في وضع تشريعات تنظِّم هذا اللون من الأدب، دونَ الألوان الأدبيَّة الأخرى، كما فعلَتْ فرنسا وبلجيكا وتركيا، وكثيرٌ من الدول[3]، وذلك في المؤتمر الدَّولي للصحافة والسينما الخاصَّة بالأطفال سنة 1950، كما أنَّ المؤتمر الثالث لوزراء التربية والتعليم العرب الذي عُقِد تحت رعاية جامعة الدُّول العربية سنة 1968 بالكويت، وصَّى بالاهتمام بأدب الأطفال، وطالب بِوَضْع الكتب والمِجلاَّت المناسبة للأطفال، ووقف سيل المسلسلات والمجلاَّت الوافدة الضارَّة بالمفاهيم العربيَّة والهادمة للنواحي الدِّينية[4].

 

وبالنسبة للشكل العامِّ لأدب الطفل، والمضمون العامِّ أيضًا، فإنَّ الثقافة الأوربية ركَّزت على جوانب الخيال العلميِّ من خلال الإنسان الخارق للطَّبيعة، والمفاهيم المترتِّبة على ذلك، في حين نجد الثَّقافة الأمريكيَّة قد ركزت على القصص البوليسيَّة والجاسوسية، وكلٌّ مِن الثقافتين الأوربيَّة والأمريكية تُنشئ معطياتِها لأدب الطِّفل حسب الموروث الثَّقافي الذي أوحَتْ به حضارتُهم أو إرثهم من ثقافات الآخرين.

 

أمَّا الثقافة العربيَّة فقد ركزت على الخيال بِسَرد القصص على ألسنة الحيوان والطَّير، مرجعيَّتُهم في ذلك هو تأثُّرهم بما قصَّه القرآن الكريم، عن (غرابٍ) يبحث في الأرض لِيُري ابن آدم كيف يواري سوءة أخيه، (وهدهدٍ) يحمل كتابَ سيدنا سليمان إلى ملكة سبأ، (وناقةٍ) لها شِرْب يوم معلوم، ثم تدور على منازل البشر ليحلبوا منها، (ونملةٍ) تأمر قومها أن يدخلوا بيوتهم؛ تجنُّبًا للهلاك، ومع أن هذه القصص التي رواها القرآن الكريم كانت أحداثًا حقيقيَّة، ولم تكن خيالاً، فإنها غذت الخيال الأدبي عند المبدعين المسلمين.

 

ولذلك، فمن المنطقيِّ أن يدور أدب الطفل العربي عمومًا، والإسلاميُّ بوجه الخصوص في هذا الفلَك الذي استوحى الأدباءُ خيوطه من موروثهم الثقافي الدِّيني، هذا رغم التَّداخل والتلاقح الذي حدث بين الثقافات المختلفة؛ أخذًا وعطاءً.

 

ومن الملاحَظ أن أعدادًا كبيرة من القرَّاء الكبار يقرؤون أدب الطفل لأسباب متعدِّدة، سواء كان للترويح عن النَّفس، أم أخذ العِظة والعِبرة، بالإضافة إلى الأسباب العلميَّة والمتابعة، وفي نفس الوقت نجد أنَّ "كثيرًا من الأطفال يفضِّلون المطبوعات والأفلامَ والبرامج الخاصة بالكبار، على ما ينتج خصيصًا لهم، فإذا راعَيْنا كلَّ ما نعرفه عنْ نفسيَّة الصِّغار واستِجاباتهم لتصرُّفات الكبار، ورغبتهم في تقليد والديهم، وقدرتهم على هذا التَّقليد، وحاجتهم إليه، وذكَرْنا تأثُّرَهم بمحيطهم، أمكنَنا القول بأنَّ لمطبوعات الكِبار وأفلامِهم تأثيرًا بليغًا في نفوس الأطفال"[5].

 

وهذا يؤكِّد على ضرورة عدَم الازْدواجيَّة في معايير الالتِزام الأخلاقي في كلِّ الكتابة الأدبيَّة، سواء كان للكبار أم للصِّغار، كما يوجب تقويم مناهج الكتابة في أدب الأطفال، بما يتناسب مع الأخلاق والقِيَم والخصوصيَّة والهُوية والمعتَقدات والثوابت.

 

وفيما يتعلَّق بالشِّعر، فإنَّ الطفل العربي حسب بداية تكوين وجدانيَّاته على الكلام الموزون الغنائيِّ في مراحل الترقيص الأولى من جهة، وبسبب شاعريَّة اللُّغة العربية في أساسها من جهةٍ أخرى، فإنَّ هذا الطفل يميل تلقائيًّا إلى جماليَّات الإيقاع في الشِّعر، ويَطْرب لها، ومن ثَمَّ، فإنَّ التأثير عليه وبثَّ القيم والمثُل من خلال نفس المَجال يكون أسهل وأفضل، وفي نفس الوقت فإنَّ إفساد ذوق الأطفال وتدميرَ وجدانياتهم من خلال الشِّعر يكون أفتكَ وأقسى، ولذلك تَبنَّى أعداء العروبة والإسلام فكرةَ خلخلة علاقة الأطفال بالكلام الموزون مبدئيًّا؛ لإقامة جدار عازلٍ بين الطفل العربيِّ المسلم وبين وجدانيَّاته، ثم بث القُبْح والجفاف العاطفيِّ في نفسه منذ الصِّغر، حتى يكون ولاؤه مهتزًّا بعد ذلك.

 

وقد أعلنوا ذلك صراحةً عندما قال قائلهم: "إن الأطفال سوف يعتقدون أن الشعر لا بدَّ من أن يكون نظاميًّا "موزونًا" منتهيًا بقوافٍ، كما أنَّهم سوف يُسلِّمون بكونه يتعامل مع ما هو جميلٌ وعاطفي، ولهذا فمن الضروريِّ جدًّا تحطيمُ هذين المعتقدين إذا ما أُريدَ أيُّ تقدُّم في الموضوع"[6].

 

هكذا يعلنون رأيهم، وللأسف يتبنَّى آراءهم بعضُ مرْضَى النفوس من المنتسبين إلينا، وفي مقابل ذلك نجد أنَّ الغيورين من الأدباء الإسلاميِّين يقفون لتلك الدعاوى الهدَّامة بالمرصاد، ويفنِّدون مزاعمهم.

 

فالخصوصيَّة التي تميِّز أسلوب التخاطب مع الطفل العربيِّ تجعله متلقيًا حساسًا، وكما يقول الشاعر "إبراهيم شعراوي" فإنَّ "الأذن الموسيقيَّة هي موهبةُ الإنسان التي تجعله يسمع البيت الشعريَّ لأول مرة، فيعرف ما فيه من عيوب، ويؤلِمُه الخطأ في الوزن مثل الصَّفعة على الأذن"[7].

 

أمَّا الأستاذ "محمود قاسم" - الحائز على جائزة الدولة في مصر في تبسيط العلوم سنة 1988 - فإنه يؤكِّد أن كلَّ إناء ينضحُ بما فيه، وأن الذين يكتبون أدب الأطفال يجب أن يكونوا على مستوى المسؤوليَّة، قائلاً: "الكتابة للأطفال هي تفريغُ البراءة التي في الذَّات إلى الآخرين، سواء في صورة قصصٍ أو حكايات أو معلومات، ثم معاودة قراءتها"[8].

 

والأديب الإسلاميُّ المعروف الأستاذ "عبدالتواب يوسف"، يرى أنَّه "سوف يظلُّ الشعر عمادًا للأدب، وقد كان دائمًا هو ديوانَ العرب، وهذا اللَّون إذا ما قرأه الأطفالُ أثرى لغتَهم، وأضاف إليها، واستمتعوا بالحكايات، وطَرِبوا لها، ثم إنه من مجموع هذه المواعظ والقِيَم سوف يخرج الصغير بدستورٍ للحياة، إنْ هو سار على دربِه وصَلَ"[9].

 

وهذا الكلامُ القاطع الذي يقوله الأستاذ "عبدالتواب يوسف" بصِفَتِه من الخُبَراء المعدودين في الثقافة العربية فيما يتعلَّق بأدب الأطفال، يجعلنا نسترجع مرَّة أخرى تلك اللَّبِنة الأولى أو البَذْرة الرَّئيسة في أعماق الأطفال؛ حيث إنَّ "الترقيص للإنسانِ من أقوَمِ الوسائل لتربية الطِّفل، وتنشئته، وغرس جميل الخصال، وحميد الفعال في ذهنه قبل أن يشتدَّ، حتَّى تتمكَّن من أخلاقه، وتُنقش في مخيَّلتِه نقْشَ المعول في الحجَر، فيشبَّ الطفلُ وقد انطبعت في جسده، وامتزجت بلحمه ودمه، فلا يمكن بعد ذلك محْوُها من ذهنه"[10].

 

ورُوي عن سيدنا عليِّ بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه وأرضاه - أنَّه قال: "من أراد أن يَزْرَع الثِّمار ويَجْنِي في شهورٍ قليلة، فليَزْرع حِنطة، ومن أراد أن يزرع ويَجْني الثِّمار لسنواتٍ متواصلة فليزرع نخلة، ومن أراد أن يزرع ويجني الثِّمار إلى الأبد فليعلِّم الناس"، ولا شكَّ أن تعليم النشء هو أساسُ التعليم.

 

و"إبراهيم شعراوي" وبعضُ رفاقه مضوا في هذا السَّبيل، وأبدعوا فيه شعرًا ونثرًا، ونتاجهم الأدبيُّ المتميز يعدُّ من أروع النماذج للأدب الهادف، الذي يخدم قضية الإنسان في معترك الحياة، حيث تؤهِّله وتدعم مسيرته وتثبت خطواته، وهذا هو التوجُّه الذي ارتضَتْه "رابطةُ الأدب الإسلامي" العالميَّةُ منهاجًا لها، ودعَتْ كلَّ المنتمين لَها إلى الالتزام به، بل أهابت بكلِّ الأدباء المسلمين، وأوصَتْهم بضرورة التمسُّك بالخلق القويم عند صياغة إبداعاتهم عمومًا، وفيما يتعلَّق بأدب الأطفال خاصة.

 

أمَّا سببُ اختيار "إبراهيم شعراوي" نَمُوذجًا، فلأنَّه - بالإضافة إلى اهتمامه بتهذيب أخلاقيَّات الأطفال من خلال الأدب - اهتمَّ أكثر بِرَبْطهم باللُّغة العربية الفصحى؛ لكونها لغةَ القرآن الكريم، كما ينصُّ على ذلك في تقديمه لمجموعة مؤلَّفاته التي تحمل عنوان "حكايات وأغانٍ على حروف الهجاء" في أربعة أجزاء، يقول: "والكتاب يَهْدف إلى تحبيب الشِّعر العربي الفصيح إلى أطفالنا منذ نعومة أظفارهم، وتعريفِهم بالحروف، ومَنْحِهم القدرةَ على الإحساس بجمالياتها، كما يقدِّم قيمًا اجتماعية ساميةً لأجيال المستقبل"[11].

 

وهو إذْ ينادي بتقوية انتماء الأطفال إلى لغتهم، فإنَّه يقدِّم النَّموذج، ويلتزم في كلِّ كتاباته - شعرًا ونثرًا - باللُّغة الفصحى، ولم أجد له أيَّةَ كتاباتٍ بغيرها، وهو بذلك يمثِّل القدوةَ فيما ينادي به، ويدعو إليه.

 

كما أن "شعراوي" يمتاز "بالموسوعيَّة" في فِكره؛ لتأثُّرِه بأكثرَ من ثقافة، محليَّة كانت، أم عالميَّة، فهو قد نَهَل من معين الثَّقافة العربية الإسلاميَّة كغيره من الأدباء، مع احتكاكه المباشر بأكثرَ من مجتمعٍ وبيئة، في مصر والسُّودان والخليج العربي، وتشرَّب قدرًا مناسبًا من مَنابع الثقافة الإنجليزيَّة، وترجم منها شعرًا ونثرًا، وزاد على هذا وذاك بأن غاصَ في أعماق مجتمعِه الصغير الوديع، المتواجِد عند نقطة الْتِقاء الحضارة العربية بالحضارة الإفريقية (وهي بلاد النوبة)، وتلقَّف - بحكم نشأته في هذه المنطقة - كلَّ الحكايات والأساطير، والأمثال الشعبيَّة، والأحاجي التي وردَتْ في اللغة النوبية، ومزَجَ كلَّ هذه الثقافات في بوتقةِ مَداركه، وخرج على الملأ بمعطياتٍ أدبية فريدة، تجعل أفئدة الأطفال تأوي إليها وتستأنِسُ بها، كما لا يجد الكبارُ في أنفسهم حرجًا من الإبحار عبر شواطئه.

 

ومن الواضح أنَّ حكايات الجدَّات التي كانت سائدةً في مجتمع النوبة منذ بداية التاريخِ المعروف للنوبة، واستمرَّت حتى العِقْد السادس من القرن العشرين، ثم توقَّفت بعد ذلك - هذه الحكايات شكَّلَت جانبًا كبيرًا من الجوانب الوجدانيَّة عند كل الأجيال التي عاصرَتْ هذه الفترة، وهم في سنِّ الطفولة، و"إبراهيم شعراوي" بصفتِه من مواليد العقد الثَّاني من القرن العشرين، بالإضافة إلى حساسية الشُّعراء التي وُلِدَت معه، فإنه قد تأثَّر بشكل مضاعَفٍ بهذه الحكايات، ومؤشِّرات هذا التأثُّر تبدو واضحةً في كثيرٍ مِن إبداعاته الأدبية في الأسلوب والمنهج والتطبيق، وطريقة السَّرد.

 

ولأن أكثرَ إبداعات "شعراوي" وأجملها وأجودها، نجدها في مجال الشِّعر؛ فإنَّني أبدأ به، وأركِّز عليه، وأسترسل فيه بإسهاب، ثم أتعرَّض لِمَنثوره بإيجازٍ، بقدر ما يوضِّح المعنى المطلوب على سبيل الاستشهاد به، أما الأعمال الأدبيَّة المترجمة من لغاتٍ أخرى؛ مثل: اللُّغة النوبية كما في كتاب "حكايات الجدات"، أو من اللُّغة الانجليزية كما في كتاب "النوبة وحوار الثقافات"، أو ديوان "رسالة من زعيم الهُنود الحمر"، فإنَّني أتناول هذه الأعمال المترجَمة بشكلٍ عابر، ليس إهمالاً لها أو تقليلاً مِن قيمتِها في مجال أدب الطفل، ولكن لأنَّ في إبداعات "شعراوي" الأصلية باللُّغة العربية ما يَفِي بالغرَض من تأليف هذا الكتاب.

 

والشاعر "إبراهيم عبده شعراوي"، من مواليد قرية "الجنينة والشباك" في أعماق بلاد النوبة في أقصى جنوب مصر سنة 1928 م، قريبًا من الحدود المصريَّة السُّودانية، وكان لهذه النَّشأةِ في منطقة التَّماس أثرٌ بالغ في تكوينه الوجدانيِّ، وهو من أسرة نوبيَّة عريقة، لها امتدادٌ في كثيرٍ من قُرَى النوبة، كما أنَّ لها فروعًا عديدة خارج مجتمع النوبة، وفي بعض البلاد العربية كالمملكة العربية السعوديَّة (منطقة جيزان بالتحديد).

 

وهو أديبٌ موسوعي، له إنتاجٌ متميِّز في كثيرٍ من فنون الأدب والثقافة، كرَّمه الرئيس جمال عبدالناصر سنة 1956؛ لدوره الكبير في رفع الرُّوح المعنويَّة لأبناء الوطن إبَّان العدوان الثلاثيِّ على مصر، بإصدار ديوان "أغاني المعركة"، والمشاركة في إصدار ديوان "أغاني الزَّاحفين" مع مجموعةٍ من شعراء الوطن، كما أصدر عبدالناصر أمرًا بإعادة طباعة ديوان "أغاني المعركة" بكمِّيات كبيرة على نفقة الدَّولة؛ لتوسيع دائرة انتشار هذه الإبداعات المؤثِّرة.

 

واستمر عطاء "شعراوي" حتى في فترة اغترابه عن وطنه، حيث سافر للعمل بـ"سلطنة عمان"، فأصدر وهو هناك مجموعةً متميِّزة من الأعمال الأدبيَّة للطِّفل العربيِّ، حتى إنَّ حكومة سلطنة عمان كلَّفَته بوضع بعض الكتب التربويَّة المدرسية لتلاميذها في المراحل الدراسية الأولى، ثم قامت بإخراجها في طبعات فاخرة جدًّا؛ مثل: كتاب "الطِّفل الذي رأى الدنيا كلها"، وكتاب "حكايات أسد عجوز"، وغيرها من المؤلفات.

 

ولجهوده المتميِّزة والمستمرَّة في أدب الطفل؛ كرمه الرئيس "حسني مبارك" بمنحه نوط الامتياز من الطَّبقة الأولى؛ لفوزه بجائزة الدولة التشجيعيَّة في الأدب سنة 1987 م، وكذلك أصدرَتْ له الهيئة المصرية العامة للكتاب مجموعته الرائعة "حكايات وأغانٍ على حروف الهجاء" في أربعة أجزاء فاخرة أنيقة، تليق بمكانة الشاعر وبأهمية الموضوع.

 

له كثير من المؤلَّفات الأدبية المتنوِّعة في ميادينَ شتَّى، منها كتابه غير المسبوق الذي يحمل عنوان "الخرافة والأسطورة في بلاد النوبة"، الذي يعتبر مرجعًا هامًّا لكلِّ من يريد دراسة مجتمع النوبة وثقافتها، كما أنَّ هذا الكتاب يعدُّ من المحاور الرئيسيَّة لكثيرٍ من الرِّوايات والقصص التي صدرت لبعض أدباء النوبة، وكثيرٍ من الكتب التي تناولَت النوبة في مصر.

 

بدأ "شعراوي" رحلته عبر دروب الأدب قبل نهاية الأربعينيَّات وهو دون العشرين، وشارك في الأمسيات التي كانت تقيمها الجمعيَّات، والروابط الأدبية في القاهرة في ذلك الوقت، كما كان يسافر إلى الأقاليم القريبة من العاصمة في أمسيات أدبية وثقافية، بصحبة جمعيَّة العشيرة المحمَّدية التي أطلقت عليه حينذاك لقب "أبو الإلهام"، وشارك في إصدار بعض المجلاَّت من خلالهم، ونشر عددًا من البحوث والمقالات والقصائد منذ سنة 1948 م في كثيرٍ من المجلاَّت والصُّحف والإصدارات العربية، سواءٌ كانت تصدر في مصر، أو السودان، أو بعض البلاد العربية.

 

وعرفانًا بدوره الرائد في الأدب عمومًا، والأدب النوبي بوجه الخصوص؛ كرمه النادي النوبي الثقافي بالقاهرة، ومنحه "درع النوبة" كوسامِ استحقاق، وذلك في حفلٍ كبير أقيم خصيصًا لتكريمه في أول مايو 2004 م، وأطلق عليه لقب "شيخ أدباء النوبة"؛ باعتباره أستاذ الأجيال، والقدوة الصالحة للأدباء، كنموذج يُحْتذى به في السُّلوك والإبداع.

 

وقد سبَق أن أصدرت من قبل دراسة عن الجوانب الصُّوفية عند "شعراوي"، وذلك في كتاب بعنوان: "إبراهيم شعراوي متصوِّفًا"، وهناك جوانب أخرى كثيرةٌ في إبداعاته، تحتاج إلى دراسات متخصِّصة، وفي هذا الاتِّجاه تأتي هذه الدراسة التي بين يدَيْك، كمحاولةٍ للتَّأصيل والتنظير لأدب الطفل من خلال أحد رموزه البارزين.

 

وأدب الطفل في مجمله موضوعٌ قديم وجديدٌ في نفس الوقت؛ لأنَّ جهود الشعراء والأدباء في هذا المضمار جاءت لتحلَّ محل حكايات الجدات التي توارَثْناها عبر مئات السنين، ثم تضاءل دورُها في تنشئة الأجيال الحديثة؛ بسبب المستجدَّات التي طرأَتْ على شكل العلاقات الأُسَريَّة، وأسلوب الحياة، وإمكانياتها، ومعطيات العلم الحديث والتقنية، ومحاولات تعويض الأطفال عمَّا فقَدوه مع مرور الأيام من التُّراثيات الشفهيَّة لم تكن حكرًا على الرِّجال فقط، فقد أسْهَمت الأديبات بإبداعات متنِّوعة شعرًا ونثرًا، وإذا كانت حكايات الجدَّات بصيغتها التقليديَّة قد اختفَتْ عن الساحة الأدبية المعاصرة، فإن هناك لونًا آخَر من هذه الحكايات من "جدات المستقبل" اللاَّئي حاوَلْن سدَّ الفراغ بالأسلوب الذي يتناسب مع عصرهن، فأبدعَتْ بعض الأديبات قصصًا كثيرة؛ منهنَّ الأديبة "علية توفيق"، والأديبة "نجيبة العسَّال"، ومن الشاعرات المعروفات في ساحات أدب الطفل الشاعرة المصرية: "نوال مهنى"، والشاعرة العمانية "سعيدة بنت خاطر"، ومن قبلهن الشاعرة الكبيرة المرحومة "علية الجعار" التي ملأت ساحاتٍ رحيبةً بأدبها الإسلاميِّ المتميز، سواء للكبار أو الصِّغار، هذا بالإضافة إلى عددٍ كبير من الشَّاعرات على مستوى الوطن العربي.

 

وإذا كان الكتابُ عن تقويم مناهج الكتابة في أدب الأطفال وعنوانه "أدب الأطفال من منظورٍ إسلامي"، فإنَّ هذا التقويم لا يتمُّ إطلاقًا في دراسة واحدة عن شخصيَّة واحدة، ومن مؤلِّف، أو باحثٍ واحد، وإنما يحتاج إلى دراسات متعدِّدة تحمل الكثيرَ من الرُّؤى والنظريات والاتجاهات - حتَّى المتباينة منها - وكلُّ ذلك يصب في قوالب التمحيص والتدقيق؛ لنصل إلى التقويم، ولذلك فإن إضافة جملة "إبراهيم شعراوي نموذجًا" في عنوان الكتاب، هي إضافة مقصودة، الغرض منها تحديدُ التوجُّه الذي أتبنَّاه فيما يتعلق بأدب الطفل من المنظور الإسلاميِّ، والذي أرى في "شعراوي" نموذجًا له.



[1] فيليب بوثيار، "جمهور الأطفال"، ترجمة محمد الحناوي، دار الكتاب المصري 246.

[2] المصدر السابق ص 12.

[3] السابق، ص 251.

[4] جمعية ثقافة الطفل بالقاهرة، "عامان على ثقافة الطفل"، يوليو 1970.

[5] فيليب بوثيار، "جمهور الأطفال"، ص20.

[6] إريك بولتون، "كتابة الشعر في المدارس"، ترجمة ياسين طه، ص 1 صادر عن وزارة الثقافة والفنون العراقية عام 1978.

[7] مجموعة من الأدباء، "تجربتي في الكتابة للأطفال"، ص 125، الهيئة المصرية للكتاب.

[8] السابق، ص 164.

[9] عبدالتواب يوسف، "دراسة في ديوان إبراهيم العرب"، ص 6 الهيئة المصرية للكتاب.

[10] د. أحمد عيسى، "الغناء للأطفال عند العرب"، المقدمة، وزارة المعارف بمصر.

[11] إبراهيم شعراوي، "حكايات وأغانٍ"، ص 4، الهيئة المصرية للكتاب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أدب الأطفال بين الواقع والتَّطلُّع
  • بين أدب الأطفال وأدب الشباب
  • مِنْ وظائف أدب الأطفال
  • إبراهيم شعراوي وتكملة المسيرة من خلال النثر

مختارات من الشبكة

  • الطفولة في ديوان (مراكب ذكرياتي) للشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الطفولة والأسرة في حياة الرافعي وشعره(مقالة - حضارة الكلمة)
  • قراءة في صفات أدب الأطفال(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • أسئلة أطفالنا العقدية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أدب البكاء وهزيمة الطفولة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مدخل إلى أدب الطفولة(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • من أدب الطفولة الإلحادية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أدب الطفولة(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • أدب الطفولة(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الحفاظ على براءة الطفولة: دور الأهل في اختيار الملابس المناسبة(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب