• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

قضية الأدب الإسلامي

د. عبدالقدوس أبو صالح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/5/2011 ميلادي - 1/6/1432 هجري

الزيارات: 49199

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قضيةُ الأدَب الإسلامي أصبحتْ من القضايا الأدبية المهمَّة، المطروحة في الساحة الأدبيَّة في عددٍ متزايد من أقطار العالَم العربي والإسلامي، بعدَ أن بدأ الأدبُ الإسلامي م- نذ عقدٍ يسيرٍ من السنين - يأخُذ نصيبه الوفيرَ مِن الحضور والانتشار، على الرغم مِن التعتيم الإعلامي الذي سُلِّط عليه وعلى مسيرته في بادِئ الأمْر.

 

وسوف أتناول في هذا البحثِ الأمورَ التالية:

1- وجود هذا الأدب في مختلف عصورِنا الأدبيَّة.

2- مفهوم هذا الأدَب وسِماته.

3- مسوغات الدَّعْوة إليه.

 

وجود الأدَب الإسلامي بيْن القديم والحديث:

الأدَب الإسلامي ليس بدعةً مستحدثة، ولا شيئًا طارئًا، بل هو حقيقة مشهودة منذُ انبلج فجرُ الإسلام، وقد استمرَّ عبرَ القرون وخلالَ العصور حتى يومِنا هذا.

 

والأدَب الإسلامي يملك مصدرًا لا يملكه أدبٌ آخر، وهو كتابُ الله - عزَّ وجلَّ - فقد شاء الله - سبحانه وتعالى - أن تكونَ معجزةُ الإسلام الكبرى معجزةً بيانية، ويقول الأستاذ محمد قطب[1]: "لم يجِد الإسلام تعبيرَه الفني الكامِل في غيرِ القرآن".

 

وهناك الحديثُ النبوي؛ فالرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - أفصحُ العرَب، وأبلغ الناس، وأخْطَب الخُطباء، وقد أُوتي جوامعَ الكَلِم.

 

وإذا كان مجالُ المحاضرة يضيق عن تِبيان موقف الإسلام مِن الشِّعر، فلا بدَّ من أن نقرِّر أنَّ موقف الإسلام من الشِّعر لا يختلف عن موقفه مِن غير الشعر، فالإسلام يُحِلُّ للناس ما ينفعهم، ويحرِّم عليهم ما يضرُّهم؛ ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157].

 

وما مِن شكٍّ في أنَّ إعجاز القرآن وصيغَه في طرائق التعبير الفنِّي يمثِّل دعوةً ضِمنيَّة للناس إلى أن يَتَّبعوا طرائقه في الدعوة إلى الإسلام، حتى يؤثروا في القلوب كما يؤثرون في العقول، وحتى يُؤدَّى الإسلامُ حيًّا مؤثرًا "لا نظرية ذهنية"، أو جدلاً كلاميًّا، وهذا يقوم وحْده دليلاً على أنَّ القرآن وقَف من الأدب موقفًا إيجابيًّا واضحًا.

 

ونجد في القرآن الكريم عِدَّة آيات تذكُر الشعر أو الشعراء، وقد تضمَّن أربع منها ما كانتْ تفزع إليه قريش في وصْف القرآن الذي بهرها وأعجزَها مِن أنه شِعر، وأنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - شاعر، وأمَّا الآية الخامسة فتذهَب إلى نفي الشِّعر عن الرسولِ الكريم، ثم تتوالَى في سورة الشعراء عدةُ آيات أُخَر، تستهدف الشعراءَ وتُقسِّمهم إلى صِنفين متمايزين.

 

وقد فَهِم بعضُ الناس مِن مجمل هذه الآيات كلها، ومِن تنزيه الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الشِّعر أنَّها تبيِّن ضمنًا موقف الإسلام من الشعر، وأنَّه موقفٌ أقل ما فيه الغضُّ مِن شأن الشِّعر وتهجينُه ما دام الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد نُزِّه عنه.

 

وقد بيَّن ابنُ رشيق في "العمدة" وجهَ الخطأ في فَهم الآية التي تَنفي الشِّعر عن الرسولِ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - ﴿ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ﴾ [يس: 69]، وانتهى بعدَ البيان المفصَّل إلى أن قال[2]: "ولو أنَّ كونَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - غيرُ شاعِر غضَّ مِن الشِّعر، لكانتْ أميَّته غضًّا مِن الكتابة، وهذا أظهرُ مِن أن يخفَى على أحد".

 

كما بيَّن الأستاذ محمد قطب وجهَ الخطأ في فَهم الآيات التي جاءتْ في سورة الشعراء، فقال[3]: "إنَّ الآياتِ التي وجهت للشعراء العرَب في الجاهلية لم توجَّهْ ضدَّ الشعر في ذاته، ولا وُجِّهت ضدَّ الشعراء على إطلاقهم، وإنما ضدَّ نوْع معيَّن مِن الشعراء؛ ﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 224 - 227].

 

صحيح أنَّ سِياق الآيات يومِئ بأنَّ الشعراء الملعونين هم الأصل، والمستثنين هم القِلَّة، ولكن ذلك مِن ناحية كان يصدُق على الشعراء الموجودين في الجزيرة العربية يومئذٍ - وقد يصدُق على كثيرٍ مِن الشعراء في كلِّ وقت - ولكنَّه من ناحية أخرى لا يلعن الشِّعرَ كشِعر، ولا يُطلق اللعنةَ على الشعراء عامَّة، وإنَّما يلعن سلوكًا نفسيًّا معينًا يتَّبعه أولئك الشعراء، فمَن خلص منه فلا تثريبَ عليه، والمطلوب هو الإيمان.

 

ولا على المؤمنين - حين يكونون شعراء - أن يقولوا الشِّعر في حدودِ تصورهم الإيماني ومفاهيمهم الإيمانية، وهم آمِنون مِن اللعنة، بل هم مُثابون على قولِهم بما ينال المؤمنون مِن الثواب".

 

وهذه أقوالُ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومواقفه تُوضِّح موقفَ الإسلام مِن الشِّعر، ومِن ذلك استماعُه للشِّعر ومكافأته عليه، ومناشدةُ الأنصار أن يَذودوا عن الإسلامِ بألسنتهم كما ذادوا عنه بأسنَّتهم، وقولهُ لحسَّان - رضي الله عنه -: ((اهجُهم ورُوح القدس معك))، وإقامتُه لحسان منبرًا يقوم عليه منافحًا عنِ الإسلام والمسلمين، وقد قام الإمامُ الجمَّاعيلي بتأليف رِسالة سمَّاها: "رسالة أحاديث الشِّعر"، وقد نشَرها الأستاذ جميل سلطان بدمشق.

 

وقد ذهَب بعضُ النقَّاد المعاصرين[4] إلى أنَّ تهجين الإسلام للشِّعر والشعراء أدَّى إلى ضَعْف الشعر المخضرم، واستشهدوا لزعمهم بقولِ الأصمعي: شعر حسَّان في الجاهلية مِن أجود الشعر، فقطع ملكتَه في الإسلام لحالِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم".

 

ونحن نقرُّ بأنَّ الشعراء المخضرمين قلَّ إنتاجهم؛ لأنَّهم أُصيبوا أمام إعجاز القرآن بما يُمكن أن نسمِّيَه بالصدمة الفنيَّة، ولأنَّ القرآن - كما يقول الأستاذ محمَّد قطب[5]: "أغْناهم عن جمالِ الأداء بجمال التلقِّي والانفعال"، ولكن شِعر المخضرمين - وعلى رأسهم حسَّان بن ثابت - لم يضعُف، وإنما اختلط الأمْر على الأصمعي لما حُمِل على حسَّان ممَّا لم يُحْمل على غيره مِن الشعراء؛ كما يقول الأصمعي نفْسُه، ويقول ابن سلاَّم في "طبقات فحول الشعراء"[6]: "أشعرُهم - أي أشعر شعراء القُرى - حسَّان بن ثابت، وهو كثيرُ الشِّعر جيِّده، وقد حُمل عليه ما لم يحملْ على أحد، لما تعاضهت قريشٌ واستبَّت وضعوا عليه أشعارًا كثيرة لا تنقى".

 

والأصمعي بعد ذلك مِن اللُّغويِّين ورُواة الشعر القديم، ومقاييس النقْد عندَه تدور حول جزالة الألفاظ والتراكيب، وشِعر حسان وغيره مِن الشعراء المخضرمين رقَّت ألفاظهم وتراكيبهم بتأثيرِ القرآن، وفي مقابلِ ذلك أخذتْ أشعارهم قيمًا وأبعادًا جديدة، وسَمتِ الشعر الإسلامي في العصرين النبوي والراشدي بسِمات رفيعة؛ إذ ارتفع مضمونُ الشِّعر إلى مستوى فِكري وإنساني مستمدٍّ مِن الإسلام الذي حدَّد ارتباط الأدَب بالدِّين، كما ربَط الأدب بالأخلاق، وصار الشاعر المسلِم يعبِّر عن ضمير الجماعة المسلِمة، ولم يَعُدِ الشعر آلة فنية، بل صار شعرًا ملتزمًا، وأداة مِن أدوات الدعوة، وسلاحًا للجهاد في سبيلِ الله.

 

وهناك مِن النقَّاد مَن بالغ في الحديث عن الرِّدة الفنية لدَى الثالوث الأُموي جرير والفرزدق والأخطل، ولكن الدكتور شوقي ضيف أثبت في كتابه "التطور والتجديد في الشعر الأُموي" أنَّ هذه الردَّة لم تكن ردَّةً مطلقة لدى الثالوث الأموي، حتى كان الأخطل النصراني يُضمِّن مدائحَه للخلفاء معاني إسلامية تمثِّل المثل العليا في المجتمع الأموي.

 

وأُضيف إلى ذلك أنَّ تلك الردَّة وازنها شعرُ الفُتوح الذي انطلق على ألْسِنة عشرات الشُّعراء؛ ليكونَ على الرغم مما ضاع منه ملحمةً إسلاميةً رائعة، كما وازن تلك الردَّة من طرَف آخر شعر الفرْق الإسلاميَّة التي كانتْ في جدلها وخصوماتها تدور حوْل موضوعات إسلاميَّة معيَّنة، رغم اضطراب التصوُّر وانحرافه في مواقِف بعض هذه الفِرق.

 

وهناك مَن بالغ أيضًا في الحديث عن تيَّار المجون في الشِّعر العباسي، وعدَّه دليلاً على ضعْف الشِّعر الإسلامي أو انزوائه، وقد ردَّ النقَّادُ على هذه المبالغة بأنَّ الشعر العباسي كان في مجمله شعرًا إسلاميًّا، وأمَّا شِعر المجون فهو لا يخرُج عن شذوذ فَرْدي سقَط فيه بعضُ الشعراء الذين أُتيح لهم حظٌّ من الذيوع والشُّهرة.

 

وقد وازن تيارَ المجون تياراتٌ أخرى هي أقربُ إلى عقيدة الإيمان، وألْصَق بجمهور المسلمين، فهنالك شِعر الدِّفاع عن أهل السُّنة، ويمثِّله عليُّ بن الجَهْم والإمام الشافعيُّ وعبدُالله بن المبارك وغيرُهم كثيرون، وهناك تيَّار الزُّهد الذي يقِف فيه أبو العتاهية أُمَّةً وحده، وهو الذي لم يستطعْ معاصروه ولا غيرُ معاصريه أن يجمعوا شعرَه الغزير، ويقِف وراء أبي العتاهية جمٌّ غفير مِن شعراء الزهد، منهم محمود الورَّاق، ومحمد بن كناسة، ورابعة العدوية، وهناك تيَّار الحماسة الإسلامية الذي أسْهم فيه فحولُ الشعراء العباسيِّين، وعلى رأسهم أبو تمَّام والبُحتري، والمتنبي وأبو فراس الحمداني، والشريف الرَّضي وأسامة بن منقذ، وكثيرون غيرُهم.

 

وقد ظلَّتْ قصائد المديح في العصْر العبَّاسي الطويل تصوِّر المُثُل الإسلامية التي لم تنلْ مِن نَصاعتها أشعار المُجَّان والشعوبيِّين.

 

ومِن التعميم الظالِم على الشِّعر الأندلسي ما يَتناقله بعضُ الدَّارسين في كُتبهم من أنه عصرٌ ساد فيه المجون واللهو، وهم يستشهدون على ذلك بما قِيل من أنَّ ولاَّدة كتبته على طراز ثوبها، وهم مِن بعد ذلك لا يتساءلون: كيف استطاع المسلمون على حالِهم هذه أن يبقوا في الأندلس نحوًا مِن ثمانية قرون، يتربَّص بهم عدوٌّ صليبي حاقِد على ما بينهم مِن التناحُر المدمِّر؟!

 

وفي سبيلِ تصحيح ذلك التعميم الخاطئ أُلِّفت ثلاث رسائل جامعية عن الاتجاه الإسلامي في الشِّعر الأندلسي حتى سقوط غرناطة، ونُوقِشت هذه الرسائل في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالإضافةِ إلى رسائل أخرى تناولتْ شِعر الجهاد في الأندلُس.

 

وعندما آذنتْ شمس الحضارة الإسلامية بالمغيب، وذوَى فيها عطاءُ الفِكر والأدب وضعُفت نبعة الشِّعر في معانيه، وسيطرت الصنعةُ المتكلفة على مبانيه، ظلَّ هناك غرضٌ واحد تخفق فيه الحياة، وينجو مِن الهبوط والإسفاف، ذلك هو شِعر الحماسة الإسلاميَّة الذي ظلَّ في الحروب الصليبيَّة وما تبعها معبِّرًا عن أصالة الشِّعر الإسلامي في هذه الأمَّة.

 

ثم جاء العصر الحديث ليتألَّق الشِّعر الإسلامي ويزدِهر مِن جديد على يد البارودي، الذي دارت حماسياتُه على صورةِ المجاهد المسلِم، وتبعه أميرُ الشعراء أحمد شوقي في إسلامياته الخالِدة، وفي رثائه للخِلافة، وجاء بعدَه أحمد محرَّم بملحمته الإسلامية، وكان ذلك إيذانًا بطوفانِ الشِّعر الإسلامي متمثلاً في شِعر العودة إلى الإسلام، وفي الردِّ على هجمة المدرسة التغريبيَّة، وفي الشعر الاجتماعي في قضية السفور والحجاب، وفي شِعر المناسبات الإسلاميَّة، والدعوة إلى الجامعة الإسلاميَّة، ثم كانتْ ملحمة الشعر الإسلامي في مقاومة الاستعمار، ثم ملحمته التي ما تزال تُكتب بالدم والنار والشِّعر عن مأساة فلسطين.

 

ومَن شاء الرجوع إلى مصادر قريبة تُدلِّل على ما قررتُ آنفًا، فدونه موسوعة شِعر الدعوة الإسلامية مِن عهد النبوَّة إلى العصر العباسي، ثم كتابًا بعنوان: "مِن شعر الجهاد في العصر الحديث"، وهو يضمُّ نحوًا مِن مائة قصيدة مختارة، وكلُّ ذلك مِن منشورات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة.

 

ودونه أيضًا كتاب آخَر فيه من الشعر الإسلامي الحديث الذي يضمُّ مختارات لأربعين شاعرًا من شُعَراء رابطة الأدب الإسلامي العالميَّة.

 

وإذا كان كلُّ ما قدَّمناه يَدُورُ حول الشعر، فإنَّ الشعر شطر الأدب وليس الأدب كله، بل ربما كانت ملامح الأدب الإسلامي تتَّضِح في النثر أكثر منها في الشعر.

 

أوَليسَ القُرآن - وهو كتاب الله - مُعجِزةً بيانيَّةً تحدَّت الإنس والجن؟ وهو بذلك يُمثِّل المثل الأعلى الذي يستَضِيء الأدب الإسلامي بمشكاته، حتى كان من قول الأستاذ محمد قطب كما قدَّمنا[7]: "لم يجد الإسلام تعبيره الفني الكامل في غير القرآن".

 

وهناك الحديث النبوي الذي هو الجدير بأنْ يُقال فيه: إنَّه دُون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق، فالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - أوتي جوامع الكلم، وهو كما وصَف نفسه: ((أفصح العرب)).

 

ثم يأتي فن الخِطابة الذي كان صِنْوَ الشعر في كونه سِلاحًا من أسلحة الدِّفاع عن الدِّين الجديد والدعوة إلى الله.

 

وهناك أدب المواعظ الذي يُخطِئ كثيرٌ من النقَّاد حين يُخرِجونه عن دائرة الأدب بحجَّة المباشرة، وقد فاتهم أنَّ في القُرآن وَعْظًا مباشرًا، ولكنَّه وعْظ يهزُّ الأفئدة، وهؤلاء النقَّاد لم يُفرِّقوا بين الوعْظ المطبوع والوعْظ المصنوع، وإذا كانت الموعظة تصدُر عن تجربةٍ صادقة، وتنقل بأسلوب فني جميل، وتؤثر في قلوب السامعين حتى تتزلزل لها قلوب الجبابرة، وحتى تُبكي بعض الخلفاء والمتسلِّطين، ويتوب بسَماعها كثيرٌ من المذنبين المفرطين - فكيف نخرجها كلها عن دائرة الأدب وكأنها مواعظ كنسيَّة جامدة هامدة؟

 

وها هو ذا قُتَيبة بن مسلم يقول في واعظ جيشه محمد بن واسع الأزدي[8]: إنَّه أحبُّ إليه من مائة سيف.

 

وفي أدب المواعظ يقول الدكتور شوقي ضيف[9]: "وكان بعض الوعَّاظ يلمُّ بمجالس الخلفاء، وأحيانًا كانوا يستقدمونهم، فيعظونهم حتى يبكوهم؛ بما يوقعون في أنفسهم من خشية عِقاب الله، وبما يُصوِّرون لهم من زفير جهنم، وهم في تضاعيف ذلك يزجرونهم عن ظُلم الرعية واقتراف المعاصي والسيِّئات.

 

ويقول أيضًا[10]: "إنهم ارتقوا بصِناعة النثر في المعاني التي كانوا يُردِّدونها رقيًّا بعيدًا؛ إذ شعَّبوا وفرَّعوا في تلك المعاني طويلاً، واستنبَطُوا فيها كثيرًا من الدقائق التي تمسُّ القلوب والعقول، وأضافوا إلى ذلك عنايةً واسعة بأساليبهم، وهي عنايةٌ تقوم على الدقَّة في اختيار اللفظ والإحساس المرهف بجمال السبك والصياغة".

 

ومع ما تذخَرُ به كتُب الأدب من نصوصٍ نثرية تدخُل في الأدب الإسلامي، فإنَّ كثيرًا من هذه النصوص منثورة كما يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي[11]: "في كتب الحديث والسيرة والتاريخ، وكتب الطبقات والتراجم والرحلات، وفي الكتب التي أُلِّفت في الإصلاح والدِّين، والأخلاق والاجتماع، وفي بحوث علميَّة ودينيَّة، وفي كتب الوعظ والتصوُّف، وفي الكتب التي سجَّل فيها المؤلِّفون خواطرهم وتجارب حياتهم وملاحظاتهم وانطباعاتهم، وروَوْا فيها قصَّة حياتهم.

 

هذه ثروة أدبيَّة زاخرة تَكاد تكون ضائعةً، وقد جنى الإهمال على اللغة والأدب، وعلى الكتاب والإنشاء، وعلى التأليف والتصنيف، وعلى التفكير، فحرمه مادَّة غزيرة من التعبير، وباعثًا قويًّا على التفكير".

 

وفي العصر الحديث نجد عَطاء الأدب الإسلامي غزيرًا في مختلف الفنون النثريَّة؛ ففي فن المقالة نجد الرافعي وأرسلان والزيات والعقاد وسيد قطب ومحمود شاكر وعلي الطنطاوي... وفي القصة والمسرحية نجد باكثير والسحار ونجيب الكيلاني وعماد الدين خليل... وكثيرين غيرهم.

 

وفي هذا السبيل كلَّفت رابطة الأدب الإسلامي أحد نقَّادها وهو الدكتور عبدالباسط بدر بإعداد دليل مكتبي (ببيلوغرافيا) عن الأدب الإسلامي المعاصر المنشور باللغة العربيَّة، وقد صدر هذا الدليل متضمنًا أكثر من 1000 عنوان، وفيها من دواوين الشعر الإسلامي أكثر من 200 ديوان، وتجاوزت المجموعة القصصيَّة والروايات الإسلاميَّة 65 كتابًا، ومثلها في فن المسرحيَّة الإسلاميَّة.

 

وإذا كان كلُّ ما قدَّمناه يقتصر على الأدب الإسلامي المكتوب باللغة العربيَّة، فهناك فيض غزير جدًّا في آداب الشعوب الإسلاميَّة، ويكفي أنْ نشير إلى أنَّ في الأدب الإسلامي المكتوب باللغة الأوردية ملاحمَ يبلغ بعضها عشرين ألف بيت من الشعر، ويكفي أنْ نذكر محمد إقبال شاعر الإسلام، ومحمد عاكف مؤلف النشيد القومي التركي، ونجيب فاضل أمير الشعراء الأتراك.

 

وقد نشرت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عدَّة كتب عن الأدب الإسلامي لدى الشعوب الإسلامية؛ مثل: "الأدب الإسلامي التركي"؛ ألَّفه عضو رابطة الأدب الإسلامي الدكتور محمد عبداللطيف هريدي، و"الأدب الإسلامي الأوردي"؛ لمؤلفه الدكتور سمير عبدالحميد إبراهيم، و"الأدب الإسلامي الأفغاني"؛ للدكتور محمد أمان صافي، ثم تتابعت الكتب عن "الأدب السواحلي الإسلامي"؛ للدكتور محمد إبراهيم أبو عجل، و"الأدب الأوزبكي الإسلامي"؛ للدكتور شاه رستم موساروف، و"أدب الهوسا الإسلامي"؛ للدكتور مصطفى حجازي السيد.

 

وأخَذ بعض الأدباء يترجمون روائع من القصص الإسلامي العالمي؛ فقد ترجم الدكتور حسين عبداللطيف قصة "الدرويش والموت"؛ لأحمد إسماعيلوفيتش عن الأدب اليوغوسلافي الإسلامي، كما ترجم الدكتور محمد حرب عن اللغة التركية قصة "السنوات الرهيبة"؛ لجنكيز ضاغجي، وهي تدور حول مُعاناة المسلمين في القرم، وترجم رواية "الهجرة من أفغانستان"؛ للكاتبة الأفغانية مرال معروف، وترجم مسرحية "أيها الشهداء، إنا قادمون"، وهي عن معاناة المسلمين الأتراك في بلغاريا، وترجم أخيرًا قصة "صقور القوقاز" عن بطولات الشعب الشيشاني المسلم، كما أصدرت رابطة الأدب الإسلامي العالمية عددًا من الروايات الإسلامية منها:

"مملكة النحل"، و"الآمال صارت آلامًا" من الأدب التركي، و"نحو كوكب الحرية" من الأدب الفارسي.

 

وفي سبيل أنْ نعزز ما قرَّرناه من وُجود الأدب الإسلامي في مختلف عصورنا الأدبيَّة نَسُوق بعضَ النماذج الشعريَّة؛ لأنَّ الشعر أسهل تناولاً وأكثر قبولاً في القلوب.

 

ولنستَمِع إلى حسَّان بن ثابت - رضي الله عنه - يتوعَّد مشركي قريش ويتنبَّأ بفتح مكة فيقول:

عَدِمْنَا خَيْلَنَا إِنْ لَمْ تَرَوْهَا
تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءُ
يُبَارِينَ الأَسِنَّةَ مُصْغِيَاتٍ
عَلَى أَكْتَافِهَا الأَسَلُ الظِّمَاءُ
فَإِمَّا تُعْرِضُوا عَنَّا اعْتَمَرْنَا
وَكَانَ الفَتْحُ وَانْكَشَفَ الغِطَاءُ
وَإِلاَّ فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ
يُعِزُّ اللهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ

 

ويُجلِّي لنا الحتات بن ذريح نموذج الشاب المسلم المجاهد إذ يقول مخاطبًا أباه:

أَلاَ مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي ذَرِيحًا
فَإِنَّ اللهَ بَعْدَكَ قَدْ دَعَانِي
فَإِنْ تَسْأَلْ فَإِنِّي مُسْتَقِيدٌ
وَإِنَّ الخَيْلَ قَدْ عَرَفَتْ مَكَانِي

 

وها هو ذا النابغة الجعدي وقد قرأ قوله - تعالى -: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24].

 

فيقول مخاطبًا زوجته:

قَامَتْ تُذَكِّرِنُي بِاللهِ جَاهِدَةً
وَالدَّمْعُ يَنْهَلُّ مِنْ شَانَيهِمَا سَبَلاَ
يَا بِنْتَ عَمِّي كِتَابُ اللهِ أَخْرَجَنِي
عَنْكُمْ وَهَلْ أَمْنَعَنَّ اللهَ مَا فَعَلاَ
مَا كُنْتُ أَعْرَجَ أَوْ أَعْمى فَيَعْذِرَنِي
أَوْ ضَارِعًا مِنْ ضَنًى لَمْ يَسْتَطِعْ حِوَلاَ
فَإِنْ رَجَعْتُ فَرَبُّ النَّاسِ يُرْجِعُنِي
وَإِنْ لَحِقْتُ بِرَبِّي أَبْتَغِي بَدَلاَ

 

ويُناجِي أبو العتاهية ربه تائبًا متضرعًا فيقول:

إِلَهِي لاَ تُعَذِّبْنِي فَإِنِّي
مُقِرٌّ بِالَّذِي قَدْ كَانَ مِنِّي
وَمَا لِي حِيلَةٌ إِلاَّ رَجَائِي
وَعَفْوُكَ - إِنْ عَفَوْتَ - وَحُسْنُ ظَنِّي
فَكَمْ مِنْ زَلَّةٍ لِي فِي البَرَايَا
وَأَنْتَ عَلَيَّ ذُو فَضْلٍ وَمَنِّ
إِذَا فَكَّرْتُ فِي نَدَمِي عَلَيْهَا
عَضَضْتُ أَنَامِلِي وَقَرَعْتُ سِنِّي
يَظُنُّ النَّاسُ بِي خَيْرًا وَإِنِّي
لَشَرُّ النَّاسِ إِنْ لَمْ تَعْفُ عَنِّي
أُجَنُّ بِزَهْرَةِ الدُّنْيَا جُنُونًا
وَأُفْنِي العُمْرَ فِيهَا بِالتَّمَنِّي
وَبَيْنَ يَدَيَّ مُحْتَبَسٌ طَوِيلٌ
كَأَنِّي قَدْ دُعِيتُ لَهُ كَأَنِّي
وَلَوْ أَنِّي صَدَقْتُ الزُّهْدَ فِيهَا
قَلَبْتُ لِأَهْلِهَا ظَهْرَ المِجَنِّ

 

ويقف شاعرٌ مجهول على أطلال القدس، وقد عاث فيها الصليبيون نهبًا وتخريبًا وقتلاً وتدميرًا للمساجد وتمزيقًا للمصاحف فيقول:

أَحَلَّ الكُفْرُ بِالإِسْلاَمِ ضَيْمًا
يَطُولُ عَلَيْهِ لِلدِّينِ النَّحِيبُ
فَحَقٌّ ضَائِعٌ وَحِمًى مُبَاحٌ
وَسَيْفٌ قَاطِعٌ وَدَمٌ صَبِيبُ
وَكَمْ مِنْ مُسْلِمٍ أَمْسَى سَلِيبًا
وَمُسْلِمَةٍ لَهَا حَرَمٌ سَلِيبُ
وَكَمْ مِنْ مَسْجِدٍ جَعَلُوهُ دَيْرًا
عَلَى مِحْرَابِهِ نُصِبَ الصَّلِيبُ
دَمُ الخِنْزِيرِ فِيهِ لَهُمْ خَلُوقٌ
وَتَمْزِيقُ المَصَاحِفِ فِيهِ طِيبُ
أُمُورٌ لَوْ تَأَمَّلَهُنَّ طِفْلٌ
لَطَفَّلَ فِي عَوَارِضِهِ المَشِيبُ
أَتُسْبَى المُسْلِمَاتُ بِكُلِّ ثَغْرٍ
وَعَيْشُ المُسْلِمِينَ إِذًا يَطِيبُ
أَمَا للهِ وَالإِسْلاَمِ حَقٌّ
يُدَافِعُ عَنْهُ شُبَّانٌ وَشِيبُ
فَقُلْ لِذَوِي البَصَائِرِ حَيْثُ كَانُوا
أَجِيبُوا اللهَ وَيْحَكُمُ أَجِيبُوا

 

وعندما رأى أحمد شوقي سقوط الخلافة الإسلامية بكى عليها بقوله:

ضَجَّتْ عَلَيْكِ مَآذِنٌ وَمَنابِرٌ
وَبَكَتْ عَلَيْكِ مَمَالِكٌ وَنَوَاحِ
الهِنْدُ وَالِهَةٌ وَمِصْرُ حَزِينَةٌ
تَبْكِي عَلَيْكِ بِمَدْمَعٍ سَحَّاحِ
وَالشَّامُ تَسْأَلُ وَالعِرَاقُ وَفَارِسٌ
أَمَحَا مِنَ الأَرْضِ الخِلافَةَ مَاحِ
وَلَتَشْهَدُنَّ بِكُلِّ أَرْضٍ فِتنَةً
فِيهَا يُبَاعُ الدِّينُ بَيْعَ سَمَاحِ

 

ويصور محمود حسن إسماعيل واقع المسلمين اليوم فيقول:

مَنْ هَؤُلاَءِ التَّائِهُو
نَ الخَابِطُونَ عَلَى التُّخُومْ
أَعَشَى خُطَا أَبْصَارِهِمْ
رَهَجُ الزَّوَابِعِ وَالغُيُومْ
وَاللَّيْلُ يَنْفُضُ فَوْقَهُمْ
مِنْ يَأْسِهِ قَلَقَ النُّجُومْ
وَيَسُوقُهُمْ زُمَرًا إِلَى
حُفَرٍ مُوَلْولَةِ الرُّجُومْ
السَّوْطُ يَرْقُلُ حَوْلَهَا
وَالمَوْتُ أَنْسُرُهُ تَحُومْ
وَالقَيْدُ يَخْصِفُ مِنْ صُدُو
رِهِمُ المَذَلَّةَ وَالهُمُومْ
فَإِذَا غَفَوْا فَعَلَى مَوَاطِ
ئِ كُلِّ جَلاَّدٍ غَشُومْ
وَإِذَا صَحَوْا فَعَلَى خُطًا
لِلذُّلِّ خَاشِعَةِ الرُّسُومْ
مَنْ هَؤُلاَءِ الخَانِعُونَ؟
أَفَهَؤُلاَءِ المُسْلِمُونْ؟!
أَبَدًا تُكَذِّبُنِي وَتَرْ
جُمُنِي الحَقَائِقُ وَالظُّنُونْ

• • •

أَبَدًا وَكَيْفَ؟ وَفِي يَمِي
نِهِمُ كِتَابٌ لاَ يَهُونْ
أَبَدًا وَكَيْفَ وَدُونَ سَطْ
وَتِهِ سَتَنْتَحِرُ القُرُونْ
مَنْ هَؤُلاَءِ الخَانِعُونَ؟
أَفَهَؤُلاَءِ المُسْلِمُونْ؟!
أَبَدًا تُكَذِّبُنِي وَتَرْ
جُمُنِي الحَقَائِقُ وَالظُّنُونْ

• • •

أَنَا مِنْهُمُ لَكِنَّنِي
نَغَمٌ بِسَمْعِهِمُ شَرِيدْ
رَبَضَتْ بِهِ الأَصْفَادُ بَلْ
طَحَنَتْهُ غَمْغَمَةُ العَبِيدْ
وَجُؤَارُ شَرْقٍ مُبْدِئٍ
بِأَنِينِ أُمَّتِهِ مُعِيدْ
أَبْكِي عَلَيْهِمْ أَمْ عَلَى
وَغْدٍ يُكَبِّلُنِي شَدِيدْ؟!
إِنَّا هَجَرْنَا اللهَ هِجْ
رَتنَا لِشَيْطَانٍ مَرِيدْ
عَاتٍ تُرَوِّضُنَا حَضَا
رَتُهُ لِكُلِّ هَوًى مُبِيدْ
وَلِكُلِّ مَنْ يُحْيِي لَنَا الْ
إِسْلاَمَ فِي كَفَنٍ جَدِيدْ؟
نَسَجَتْهُ أَخْيِلَةُ العُصُو
رِ السُّودِ مُذْ زَمَنٍ بَعِيدْ
لِتُحِيلَ دِينَ مُحَمَّدٍ
وَهْمًا عَلَى نَعْشٍ مَجِيدْ
وَإِذَا الجِنَازَةُ لَوْعَةٌ
حَرَّى مُشَيِّعُهَا سَعِيدْ

 

ويخاطب شاعر الإسلام محمد إقبال الإنسان المسلم قائلاً:

قُمْ وَانْشُرِ التَّوْحِيدَ فِي الدْ
دُنْيَا وَوَحِّدِ الأُمَمْ
فَأَنْتَ خَيْرُ مَنْ دَعَا
وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْ حَكَمْ
مَنْزِلُكَ العُلْوِيُّ لاَ
تَحْجِبُ صَرْحَهُ الغُيُومْ
أَنْتَ مِنَ الجَيْشِ الَّذِي
غُبَارُ خَيْلِهِ النُّجُومْ

 

ويتحدَّث أحد شعراء رابطة الأدب الإسلامي عن مفهوم الشعر فيقول:

أَنَا لاَ أُحِبُّ تَمَرُّغَ الْ
أَشْعَارِ فِي الأَعْتَابِ تَتْرَى
وَالشِّعْرُ - يَا بَدَوِيُّ - قَدْ
عَلَّمْتَنَا أَنْ لَيْسَ يُشْرَى
أَنَا مُفْحَمٌ بِالشِّعْرِ إِلْ
لاَ أنْ يَذُوبَ القَلْبُ شِعْرَا
وَتَسِلُّ مِنِّي المَكْرُمَا
تُ قَصَائِدًا عُصْمًا وَغُرَّا
أَنَا مُسْلِمٌ صَانَ اللِّسَا
نَ تَقِيَّةً للهِ ذُخْرَا
وَنَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ لَسْ
تُ أَصُوغُهَا مَيْنًا وَهُجْرَا

 

مفهوم الأدب الإسلامي ومميزاته:

هكذا كان الأدب الإسلامي موجودًا منذ فجر الإسلام، فيما لا يمكن إحصاؤه من نصوص الشعر والنثر الفني، ومن هذه النصوص تجلَّى مفهوم مميَّز للأدب الإسلامي، ووضع أكثر من تعريف له، وكانت الدعوة إلى نظرية الأدب الإسلامي.

 

أمَّا التعريف الذي تبنَّته رابطة الأدب الإسلامي العالمية فهو: "الأدب الإسلامي هو: التعبير الفني الهادف عن الإنسان والحياة والكون وفْق التصوُّر الإسلامي".

 

وهذا يعني أنَّ الأدب الإسلامي أدب مضمون بالدرجة الأولى، وهنا أقول: ليس هناك موضوع يُحظر على الأديب الإسلامي أنْ يتناوَلَه في قصيدة أو قصة أو مسرحيَّة، وإنما الشرط الوحيد الذي يجعَلُ المضمون إسلاميًّا هو أنْ ينطلق الأديب من التصوُّر الإسلامي السليم للكون والحياة والإنسان.

 

ومن هنا أقول أيضًا: ليس صحيحًا ما يتوهَّمُه بعض الناس حين يظنون أنَّ الأدب الإسلامي هو أدب الوعظ المصطنَع الذي لا تتحقَّق فيه فنيَّة النص في الشكل والمضمون.

 

وبناءً على تلك المسلَّمات نستطيع أن نقسم النتاج الأدبي - أيًّا كان نوعه - إلى دوائر ثلاث:

1- أولاها دائرة الأدب الملتزم بالتصوُّر الإسلامي، وهي دائرةٌ لا تقتصر على أدب الدعوة، بل تتَّسع لتشمل أيَّ موضوع يَدُور حول الكون والحياة والإنسان.

 

2- والثانية دائرة الأدب المباح، وهو أدبٌ لا يعارض التصوُّر الإسلامي وإنْ لم يلتزم به، وهي دائرة تتَّسِع للأدب الجمالي المحض أو لأدب التسلية والترويح عن النفس.

 

3 - وأمَّا الدائرة الثالثة فهي دائرة الأدب الذي يُعارِض التصوُّر الإسلامي ويُضادُّه، وهذا الأدب هو الذي يرفُضه الأدب الإسلامي، ويعدُّ التصدِّي له من واجباته ومهمَّاته؛ لأنَّه أدب العقائد والمذاهب "الأيديولوجيات" المنحرفة عن الإسلام، أو أدب العبث الهدَّام، أو أدب الجنس والانحِلال، أو أدب الحداثة الفكريَّة المدمِّرة لا أدب الحداثة بمعنى التجديد في المضمون والشكل.

 

والأدب الإسلامي - الذي سمعتم نماذج وضيئة منه على مر العصور - يرفض النماذج المنحرفة التي يقول فيها "بلند الحيدري"؛ "قصيدة انطلاق":

لو مرة عرفت يا إلهي الكسيح كيف الزنا يصير

ويرفض مثل قول أدونيس "انتصار":

غَنَّيْتُ لِلأُفُول... رَقَصْتُ فَوْقَ جُثَّةِ الإِلَه

 

ومثل قول "بدر شاكر السيَّاب":

فنحن جميعًا أموات.. أنا ومحمد والله!

 

ومثل قول نزار قباني في قصيدة عنوانها: "خبز وحشيش وقمر":

فِي بِلاَدِي بِلاَدِ الشَّرْقِ لَمَّا يَبْلُغُ البَدْرُ تَمَامَهْ

يَتَعَرَّى الشَّرْقُ مِنْ كُلِّ كَرَامَهْ... وَنِضَالْ

وَالْمَلاَيِينُ الَّتِي تَرْكُضُ مِنْ غَيْرِ نِعَالْ

الَّتِي تَسْكُنُ فِي اللَّيْلِ بُيُوتًا مِنْ سُعَالْ

وَالَّتِي تُؤْمِنُ فِي أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ... وَفِي يَوْمِ القِيَامَهْ!

 

وأما عن قضية الشكل في الأدب الإسلامي: فليس هناك شكل أدبي يحرِّمه الإسلام بصورة مبدئيَّة، إلا إذا كان هذا الشكلُ يعدو على المضمون الإسلامي، أو على قِيَم الإسلام وأوامره ونواهيه، ومن ذلك تلك الأشكال المشتقَّة من المسرح؛ كرقص الباليه، وكالاستعراضات الغنائيَّة المختلطة.

 

وأقول هنا دون تردُّد: إن الشكل الذي يُعارض الإسلام لا يختلف عن المضمون الذي يعارض الإسلام، وليست إسلاميَّةُ المضمون شفيعةً ولا مسوِّغة لانحراف الشكل.

 

وليس للأديب الملتزم بالإسلام - شاعرًا كان أو قاصًّا أو مسرحيًّا - أن يُمارس مضمونًا أو شكلاً مخالفًا لقيم الإسلام الثابتة؛ إذْ ليس للأديب المسلمِ رخصةٌ ولا خصوصيَّة تُجيز له ما لا يجوز لغيره من المسلمين.

 

وأقول من ناحية أخرى: ليست إسلاميَّةُ المضمون شفيعةً للأديب المسلم أن يقصِّر في جمالية الشكل، ولا في التجويد الفنِّي، فذلك مما يزري بالأدب الإسلامي ويضُرُّ به، ويكون حجة عليه في يد خصومه، بل إنَّ الأديب المسلم مدعوٌّ أكثر من غيره إلى أن يبلغ قمَّة الروعة في الأداء الفني؛ حتى يكون أدبه شرارة توقظ القلوب بحرارة التجربة، ولهيب الإبداع، ونورًا يسري على سناه المسلمون؛ ليخرجوا من تيه الضياع.

 

وانطلاقًا من تعريف الأدب الإسلامي ومفهومه المتميز؛ نجد لهذا الأدب خصائص فنية يتجلى أهمها في أنه:

1 - أدب ربَّاني يقوم على تصوُّرٍ عقَدي ثابت، هو التصوُّر الإسلامي السليم.

 

2 - هو أدب ملتزم بالإسلام؛ لأننا نستطيع تعريف المسلم بأنه إنسان ملتزم، وليس للأديب - كما قدَّمنا - خصوصية تبيح له الخروجَ عن الإسلام، والتزامُ الأديب المسلم التزامٌ طوعي، نابع من إيمانه وعقيدته، ولذلك فهو بعيد عن الإلزام القسري الذي نجده - في مذهب الواقعيَّة الاشتراكية - قيدًا مفروضًا على الأديب من الخارج، مما يحدُّ من حرية الأديب، ويجعل أدبه مصطنعًا زائفًا.

 

3 - وهو أدب شمولي واسع الآفاق، يستمدُّ شموله من شمول الإسلام لكل شؤون الحياة، ولكل شؤون المسلم.

 

4 - وهو أدب متوازن، يستمدُّ توازُنَه ووسطيته من وسطية الإسلام، وخير الأمور أوسطها، فهو يوازن بين المضمون والشَّكل، وبين المثالية والواقعية، وبين أشواق الرُّوح ونوازع المادة، وبين التراث والمعاصَرة.

 

5 - وهو أدب إنساني بِمقدار ما في الإسلام من إنسانيَّة؛ ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].

 

6 - وهو أدب متَّصل عبر القرون، فليس مذهبًا عارضًا، ولا بدعة مستحدَثة، ولسنا نجد في المذاهب الأدبية العالمية مذهبًا يُطاوله في امتداده الزَّمني عبر العصور.

 

7 - وهو أدب هادف؛ إذْ يشكِّل قسمٌ كبير منه ما يسمَّى بأدب الدعوة الإسلاميَّة، دون أن يكون محصورًا فيه كما قدَّمنا، كما أنه يهدف إلى صياغة الوجدان الإسلاميِّ، وبناء الشخصية الإسلاميَّة، ويعبِّر عن آلام الأمة الإسلامية وآمالِها، ويسعى إلى ترشيد الصحوة الإسلامية، ورَفْع الأمة إلى معركة المصير.

 

مسوِّغات الأدب الإسلامي:

(1) أهمية الأدب وتأثيره:

إن أول مسوغ للدعوة إلى الأدب الإسلامي يكمُن في أهمية الأدب وقوَّة تأثيره، وقد شاء الله - سبحانه وتعالى - أن يكون القرآن الكريم معجزةً بلاغيَّة؛ ليؤثِّر في الوجدان مثلَ تأثيره في الألباب، ورسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو القائل: ((إن من البيان لسِحرًا)).

 

وأقول لكلِّ ملتزم بالإسلام ولكل داعية إسلامي: لقد ذهب العصر الذي كان فيه الأدب أُلْهِيَّة فنِّية، وترَفًا فكريًّا بانقضاء عهود التكسُّب بالشعر، وهي عهود قديمة، وبسقوط مذهب الفنِّ للفن، وهو مذهبٌ حديث، وأصبح الأدب اليوم - كما كان في عهد الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - أداةً، بل سلاحًا للدفاع عن الإسلام، والحضِّ على الجهاد، وصياغة الوجدان، ورفع مستوى المسلمين رجالاً ونساء، وأطفالاً وشبابًا، بما تملكه الكلمة الأدبية الأصيلة الهادفة من قدرةٍ على التأثير في القلوب والعقول في آنٍ واحد.

 

والأدب اليوم - كما يقول الأستاذ "محمد قطب" -: "سلاح يستعمله أعداءُ الإسلام في إفساد الأجيال، وإشاعة الانحلال، فما أجدرَنا أن نستعمله في الدِّفاع عن الإسلام وبِنَاء الأجيال!".

 

وما من مذهب فكري منحرفٍ إلا استعمل الأدب وسيلةً لنشر آرائه، وحشْد الأتباع حوله، حتى كان من قول سماحة الشيخ "أبي الحسن الندوي": "إن العالَم اليوم يَحكمه القلَمُ، وتَحكُمه الكلمة".

 

والكتاب العلمي أو الكتاب الفكري - وإن كان إسلاميًّا - فإن قرَّاءه محدودو العدد، أمَّا الشِّعر، والقصَّة، والتمثيلية والمسلسلة المرئيتان، أو المسموعتان، فلا يكاد جمهورها يُحَدُّ، وهو جمهورٌ من مُختلِف الطبقات والأعمار.

 

وإذا كان الكِتاب الفكري يخاطب العقل، فيقنع، أو لا يقنع، فإن الكتاب الأدبي - مِن شعرٍ، أو قصة، أو مسرحية مقروءة، أو مسموعة، أو مرئية - يؤثر في الوجدان تأثيرًا خفيًّا لا يكاد يُحَسُّ، ولكن هذا التأثير ما يزال يتغلغل في الوجدان حتى يتمكَّن منه، ثم يؤثِّر في الفكر، ويصوغ الشخصية صياغة خيرٍ أو شر.

 

(2) تصحيح العلاقة بين الأدب والعقيدة:

ما من شكٍّ في أنَّ الدعوة إلى الأدب الإسلامي هي الوسيلة التي لا بد منها لتصحيح العلاقة بين الأدب والعقيدة، وإيجاد الانسجام بين عقيدة المسلم، وعطائه الأدبي، وتكامُل شخصيته.

 

والإسلام ينظِّم حياة الفرد من أصغر شؤونه إلى أكبَرِها، والأديب - كما يقول الأستاذ محمد قطب - مسلمٌ أولاً، ثم أديب ثانيًا، والأدب إحساس بالجمال، وتعبيرٌ عن هذا الإحساس، والإفراز الأدبي جزء من الحياة، والحياة كلها يحكمها الإسلام، والمسلم - أديبًا كان، أو غير أديب - ينبغي أن تكون حياته مشمولةً بالإسلام، وخاضعة له.

 

وإذا ظن الأديب أنه يمكن بعد أداء فرائضه أن يسرح كما يشاء، وأن يقول كلَّ ما تسوِّله له النَّفس الأمَّارة بالسُّوء، فهذا غلط، وبعض الأدباء يقول: أنا حر، ما من أحد له سلطة عليَّ، وأنا لا أرتضي أيَّ قيد كان، وبخاصة قيد الدِّين، وأنا أرفضه، وأتمرَّد عليه، والنتيجة تكون إلحادًا، كما رأينا في بعض النَّماذج الشعرية، وكما نرى في بعض الروايات الأدبية؛ مثل: رواية "أولاد حارتنا" لـ"نجيب محفوظ"، أو تكون عبثيَّة محضة مثل رواية "القاهرة الجديدة" للكاتب نفسه.

 

(3) واقع الأدب العالمي:

والأدب الإسلامي يمثِّل طوق النجاة أمام فوضى المذاهب الأدبيَّة، وكثرتها، ومادِّيتها، وعجزها، وعدم الانسجام بين الأديب غير المسلم وبين العالَمِ جَعَلَه - كما يقول الدكتور "عبدالباسط بدر" - يبحث عن الحلول في متاهات وسراديب معتمة؛ كالجنس لدى البرتومورافيا، أو الصراع الطبقي لدى ماكسيم غوركي، أو التمرد على كلِّ شيء لدى سارتر، وكل ذلك جعل الأدب العالمي يحفل بمظاهر الضَّياع والقلق، والتمرُّد والعبث، ويغرق في حمأة الجنس والانحلال، ويهدف إلى الإفساد العقائديِّ والأخلاقي.

 

(4) واقع الأدب العربي:

والأدب الإسلامي هو الذي يستطيع أن ينقذ الأدب العربي من وهدة التقليد والتبعيَّة والفـوضى، فالأدب العربي - كما يقرر الأستاذ "محمد قطب" - يـعيش اليوم بلا هدف ولا غاية، ولا ذاتيَّة ولا قواعد، ولا منهجٍ مرسوم.

 

ولقد أصبح كثير من النِّتاج الأدبي المعاصر يقوم على مُهاجمة العقيدة الإسلاميَّة صراحة، وعلى التهجُّم على مَقام الألوهية، وتصوير الإسلام مرادفًا للتخلُّف، وفي هذا المجال يقول الأستاذ محمد قطب: "لا نجد في الأدب العربي المزوَّر أن الحياةَ مرسومة من خلال العقيدة، بل نجد تعمُّدًا في إغفال العقيدة، وعدم ذِكْرها إلا أن يكون الأمر سُخرية بالدِّين والمتديِّنين".

 

ولم يدرك كثيرٌ من المشتغلين بالأدب العربي أنَّ تغريب الحياة الفنية والأدبيَّة لا يَختلف عن تغريب الحياة الفكرية والاجتماعيَّة، والاقتصادية والسياسية.

 

وأما مُجاراة موجة الجنس فقد جعلت "توفيقًا الحكيم" في قصة "الرِّباط المقدس" يسوِّغ الزنا، ويزين خيانة المرأة لزوجها، وسرت هذه الموجة في معظم قصص "نجيب محفوظ" ورواياته، حتى تساءل الناقد الأستاذ "أنور المعداوي": "لماذا يتعرَّض نجيب محفوظ للجنس؟ ويهدف عامدًا إلى تشريح العلاقة الجنسية في أكثر أعماله؟ هل يعمد إلى هذا بقصد إثارة القارئ كما يفعل غيره من الكتَّاب؛ بُغْية الرَّوَاج؟ أم أن له اتجاهًا معينًا يتَّسم بالمنهجية التي يلتزمها كلونٍ من ألوان التعبير عن وجوده العقلي؟...".

 

ثم يضيف "المعداوي" قوله: "هناك قطاعات عريضة قليلة تخرج عن نطاق البُعد الموضوعي الرئيسي للمشكلة في خطوطها العامة؛ وذلك حين يعمد نجيب محفوظ إلى التفصيلات الجزئية لما يدور أحيانًا من أحداث ذاتية في الجو العائلي لآل شوكت، أو في جو المغامرات الجنسية لطبقة العوالم المغنيات، من أمثال زبيدة، وجليلة، وزنُّوبة".

 

وتبقى قصص "نجيب محفوظ" على قدر من الرَّصانة أمام موجة القصَّاصين والقصاصات الجديدة، من أمثال "كوليت خوري" و"غادة السمان" و"سلمى الأمير"، اللواتي جاءت قصَصُهن تقليدًا مشوّهًا للكاتبة الوجدانية "فرانسوا ساغان"، وأصبح الجنس في كثير من قصصهن محورًا اتجاهيًّا للسلوك، إن لم نقل: المحور الأول في البناء القصصي.

 

وتأتي أخيرًا في عالمنا العربي الحداثةُ الفكرية الشاملة؛ لتكون الفتنةَ الحالقة لكلِّ شيء، وهي حداثة توسَّلَت بالدعوة إلى التجديد، وهي تريد التهديم، وبدأَتْ بدعوى تحديث الشكل؛ لتنتهي إلى إفساد المضمون، بل إنها مضت - في إطار الشَّكل - تدعو إلى تفجير قواعد اللغة النَّحوية والصرفية، وإلى الهجمة على الشِّعر التُّراثي، وفيه شواهد اللُّغة، وتفسير القرآن الكريم.

 

وما من شكٍّ في أن سُنَّة الحياة تقتضي التطوُّر والتجديد، وإلاَّ أصبحت الحياة مستنقَعًا راكدًا لا حياة فيه، وما أظنُّ أحدًا يرفض التجديد؛ لأنه جديد، ويتمسك بالقديم لمجرد أنه قديم؛ ولكن المشكلة تتَّضِح فيما يمكن أن يتم التجديد فيه بألا يكون في ثوابت العقيدة، وما يُعرَف من الدِّين بالضرورة، وفي كيفيَّة التجديد؛ حتَّى لا ينقلب إلى نوعٍ من الفوضى والتخريب، وفي أهداف المجدِّدين بألا تكون مدخولةً أو مشبوهة.

 

وهكذا اختلط مصطَلحُ التجديد لدى الكثيرين بِمُصطلح الحداثة الفكريَّة الشاملة، فلم يبق تجديدًا أو تحديثًا خالصًا، وقد طرحت الدعوة إلى الحداثة الأدبيَّة في الوطن العربي، فكانت كلمةَ حقٍّ أريدَ بها باطل؛ إذْ أريد بالحداثة استغواءُ الشعراء والأدباء الناشئين، أو التستُّر بها لإخفاء ما يبطنه الدُّعاة إليها من نشر مذهب الحداثة بمعناها الفلسفيِّ الشامل... وإلا فمَن يرفض الحداثة بمعنى الجِدَّة، والتحديث بمعنى التجديد، وبمعنى رَبْط الأصالة بالمعاصرة ومواكبة ركب الحياة المتطوِّرة؟

 

ومن هنا أقول: إن الباطل المستخفي وراء ما أسميه بمصيدة الحداثة: كونُها مذهبًا فلسفيًّا هدَّامًا، يتناول جوانب المعرفة الإنسانية كلَّها، حتى ليبدو جانِبُ الأدب فيها جزئيًّا، ولا أقول: هامشيًّا، وإن قراءة كتب "أدونيس" وأمثاله، وأولها كتابه عن الثابت والمتحوِّل تدلُّ على أن هؤلاء المُغْرِضين لا يريدون لهذه الأمَّة أن يبقى لها قرآنُها، ولا عقيدتها، ولا إسلامها، ولا تراثها، بالإضافة إلى أنهم - سعيًا وراء تحقيق غاياتهم المدخولة - يوالون الإشادة بكلِّ ملحد وزنديقٍ في تاريخ المسلمين؛ كالحلاَّج، والسهروردي، وتعظيم الحركات الهدامة؛ كثورة الزنج، وحركة القرامطة، مع إعلاء شأن الذين قاموا بها؛ على أنهم أبطال الأمة ورموز التحرُّر.

 

وقد بيَّن الناقد الكبير الدكتور "محمد مصطفى هدارة" خطر الحداثة الفكريَّة الشاملة؛ إذْ قرَّر أنها "في الحقيقة أشدُّ خطورةً من اللِّيبرالية والعلمانيَّة والماركسية، وكلِّ ما عرفَتْه البشرية من مذاهب واتِّجاهات هدَّامة؛ ذلك أنَّها تتضمَّن كل هذه المذاهب والاتِّجاهات، وهي لا تخصُّ مجالات الإبداع الفنِّي، أو النقد الأدبي، ولكنها تعمُّ الحياة الإنسانية في كل مجالاتها المادية والفكرية على السواء"[12].

 

(5) واقع الأدب في العالم الإسلامي:

لا يكاد واقع الأدب لدى شعوب العالم الإسلامي يختلف عمَّا هو عليه في العالم العربي؛ من سيطرة الاتجاهات اليساريَّة، وغياب الهوية الإسلامية، مع الدعوة إلى قصيدة النَّثر؛ لتحلَّ محل شعر التُّراث، ومع غلبة موجة الجنس على القصَّة والرواية، والفتنة بالحداثة الفكريَّة الشاملـة التي تجد مسارَها في فنون الشِّعر والأدب.

 

(6) تيار التغريب:

ما من شكٍّ في أن الأدب الإسلاميَّ يمثِّل ردَّة فعل ضد تيَّار التغريب الذي تناول أصقاع العالَمين العربي والإسلامي، "ومثلما تنبَّه المسلمون إلى خطورة تغريب الحياة الفكريَّة والاقتصادية، والاجتماعية والسياسية عن الإسلام، تنبَّهوا إلى خطورة تغريب الحياة الفنية والأدبية... وكما بدؤوا محاولات جادةً لصياغة نظريات إسلامية في الفكر والاقتصاد، والاجتماع والسِّياسة، وبدؤوا محاولات جادةً لصياغة نظريَّة إسلامية في الفنِّ والأدب، فالثقافة وَحْدة متكاملة، يؤدِّي بعضها إلى بعض، والفنـون والآداب تتفاعَلُ مع ميادين الحياة الأخرى، فتتأثَّر بها بأقدارٍ متفاوتة"[13].

 

(7) أدب عقَدِي لأكثر من مليار مسلم:

والإسلام عقيدة متميِّزة لأكثر من مليار وربع المليار مسلم، منهم أكثر من 200 مليون عربي، وينبثق عن هذه العقيدة تصوُّر إسلامي كاملٌ للكون والحياة والإنسان، والأمَّة الإسلامية - كما يقول الأستاذ "محمـد قطب" – "أمَّة متميـزة؛ ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143]، فما بالنا نتدنَّى عن هذه الدرجة حتى نتسوَّل سموم الجاهلية، ونتسوَّل فتات الغرب ومذاهِبَه؟! وعزة المسلم تأبى هذا التدنِّي والتسوُّل، لا في السياسة والاقتصاد فحَسْب، بل في الفنِّ والأدب، وفي كلِّ شيء".

 

(8) صياغة الوجدان الإسلامي:

والأدب الإسلامي أمرٌ لا بد منه؛ لصياغة الوجدان الإسلامي دون انفصام بين الوجدان والعقل، أو بين الدِّين والأدب، وهو أمرٌ لازمٌ لتنشئة جيلٍ ملتزم بالإسلام، مُعتز بتُراثه، واثق من نفسه، مُنفتح على عصره، دون شعور بالنقْص، ودون فقدان للهُويَّة والأصالة.

 

"وإذا كان الأدب - كما يقول الدكتور أحمد محمد علي[14] - تجسيدًا لعواطف الأُمَّة ومشاعرها وأحاسيسها، وتصوُّراتها وأخيلتها، فإنه في المجتمع الإسلامي لا بدَّ أن يكون إسلاميًّا، وإلاَّ كان المجتمعُ زائفًا؛ إمَّا في إسلامه، وإمَّا في أدبه، أو على أقل تقديرٍ يكون مُصابًا بمرض الانفصام ما بين عقله ووِجْدانه!

 

وإذا كان الأدب تعبيرًا عن ذات الأديب، فإنه عند الأديب المسلم لا بد أن يكون إسلاميًّا، وإلاَّ كان الأديبُ زائفًا؛ إمَّا في إسلامه، وإمَّا في أدبه، أو على أقل تقدير يكون مُصابًا بمرض الانفصام ما بين دينه وأدبه".

 

(9) عالَمية الأدب الإسلامي ورسالته:

ونظرية الأدب الإسلامي ضرورية لإبداع أدبٍ يتَّخذ لغة القرآن لغتَه الأولى؛ لأنها اللغة التي يتعبَّد بها المسلمون ربَّهم آناءَ الليل والنهار، ولكن الأدب الإسلامي يمثِّل آداب الشعوب الإسلامية كلها على مُختلف لُغاتها وأجناسها...، ومِن هنا تتحقَّق للأدب العربي عالَميَّته ما دامت اللغة العربية هي اللغة الأولى للأدب الإسلامي، كما تتحقَّق للأدب الإسلامي عالَميَّته ما دام هذا الأدب يمثِّل في مضمونه العَقَدي وتصوُّره الإسلامي أدبَ الأُمَّة الإسلامية كلها، وهي الأمة التي وصَفهـا الله - تعالى - بقوله: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92].

 

ومن هنا أيضًا تكون نظرية الأدب الإسلامي ورسالته ضرورة لتوحيد الآلام والآمال للشعوب الإسلامية، حين تصدر في أدبها عن نظرية أدبيَّة متكاملة، وحين تنقل آدابها إلى لُغاتها المختلفة.

 

والأدب الإسلامي ضروريٌّ لرفْع الأُمَّة الإسلاميَّة إلى معركة المصير التي لا يَنتصر فيها المنهزمون نفْسيًّا، ولا ينتصر فيها المقلِّدون، والمعارك الإسلامية عبر التاريخ رافَقها الشعر والنثر، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو المؤيَّد من السماء - اتَّخذ الشعر سلاحًا في المعركة، واتَّخذ الخطابة أداةً للدعوة، وكل الدعوات الإصلاحية والفكرية، والاجتماعية والسياسية، عبر تاريخنا القديم والحديث، اتَّخذتْ من الكلمة وسيلة مؤثِّرة في القلوب والعقول، وفي حشْد الأتْباع والأنصار، وتلك شهادة التاريخ فيما قاله صلاح الدين الأيوبي: "ما فُتِحت البلاد بالعساكر، بل أخذتُها برسائل القاضي الفاضل".

 

(10) امتداد الأدب الإسلامي:

لقد مضَى على امتداد الإسلام "14" أربعة عشر قرنًا، ورافَقه امتِدادُ الأدب الإسلامي الذي لَم يتوقَّف عطاؤه أبدًا؛ سواء في أغراض الشعر المتنوعة، أو في فنون النثر الكثيرة، مما أشرنا إليه في مقدمة هذا البحث.

 

(11) توافر النصوص والنقاد:

وإذا كانت النظرية الأدَبيَّة أو المذهب الأدبي يحتاج كلٌّ منهما إلى توافُر النصوص التي ينتجها المُبدعون، وإلى توافُر النُّقاد الذين يُنظِّرون هذا الأدب، ويَستظهرون منهجه في النقد، كما يستظهرون سِماته وخصائصَه المميزة، فإنَّ نصوص الأدب الإسلامي مُستمرَّة ومُتواصِلة عبر العصور والقرون، وإلى يومنا المشهود، ونحن نجد في الساحة الأدبيَّة في كل قُطر عربي أو إسلامي كَثْرةً من الشعراء والقَصَّاصين، والكُتَّاب والنُّقَّاد الإسلاميين...، وكل ذلك يعني أن قضيَّة الأدب الإسلامي قد رسَّخَت جذورَها منذ انبلاج فجر الإسلام، وامتدَّت جذورها عبر الزمان والمكان؛ حتى أصبحت اليوم دَوْحة سامقة، سوف تزداد عطاءً وثباتًا إلى أن يَرِثَ الله الأرض ومَن عليها؛ ﴿ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الرعد: 17].

 

"فإذا دعونا إلى أدب إسلامي، عنينا به مذهبًا أدبيًّا له خصائصه الفكرية والفنية التي تعبِّر عن شخصيَّتنا الإسلامية وتُراثنا، وقاعدته الفكرية التي ينطلق منها هي الإسلام، وهو أرْقَى وأشمل في نظريَّته للكون والإنسان والحياة من كلِّ الفلسفات المثالية والعقلية والماديَّة التي قامتْ عليها المذاهب الأدبيَّة المختلفة، وهو لا ينبع من تعصُّب فكري، ولا يؤمن بالمفارَقة بين ما تدعو إليه العقيدة من التزامٍ ديني، وما يدعو إليه الفنُّ من انطلاق وتحرُّر؛ لتحقيق الجمال ومُتعة الذوق"[15].

 

"إنه ليس بعثًا لأدبٍ قديم ارتبَط بظروفه وعصره، ولكنَّه أدبٌ جديد فيه نبْضُ العصر ورُوحه وقضاياه، من خلال تصوُّر إسلامي يُعلي قيمة الإنسان، وحريَّة إرادته، ولا يَبتعد عن الواقع ولا عن القِيَم الجمالية...، إنه أدبٌ لا يعبِّر عن سقوط الإنسان وخَوائه الرُّوحي، وصَمْته وقلقه، وانقطاع صِلته بالخالق، وغُربته في الكون والمجتمع، أدب ليس مُنبتَّ الجذور عن قِيَمه وأُصوله، وعقيدته وشخصيَّته، بل يعبِّر أصدقَ تعبيرٍ وأجمله عن أُمَّته التي قال فيها - جل وعلا -: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110].


[1] منهج الفن الإسلامي، ص 30.

[2] العمدة، ص 5، مطبعة هندية بالقاهرة، سنة 1344هـ.

[3] منهج الفن الإسلامي، ص 208.

[4] الأُسس الجمالية في النقد العربي؛ د. عز الدين إسماعيل، ص 181.

[5] منهج الفن الإسلامي، ص 132.

[6] طبقات ابن سلام، 1 / 215.

[7] منهج الفن الإسلامي، ص 20.

[8] البيان والتبيين، 3 / 273.

[9] العصر العباسي الأول، ص 452.

[10] المصدر السابق، ص 456.

[11] نظرات في الأدب، ص 34 "من منشورات رابطة الأدب الإسلامي".

[12] محاضرة بعنوان: "الحداثة والتُّراث"، ص 2، محاضرات مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية بالرياض.

[13] مقدمة لنظرية الأدب الإسلامي؛ د. عبدالباسط بدر، ص 9.

[14] الأدب الإسلامي ضرورة، ص 93.

[15] محاضرة التغريب وأثره في الشعر العربي الحديث؛ للدكتور/ محمد مصطفى هـدارة، ص 9، من محاضرات رابطة الأدب الإسلامي، مكتب القاهرة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأدب في ظل الثقافة العربية الإسلامية
  • الأدب نتاج العقائد والفلسفات
  • الأدب الإسلامي بين النظرية والتطبيق
  • الأدب الإسلامي... مقاربات تأصيل وتعريف
  • الأدب الإسلامي بين النص والشخص
  • الأدب والدين
  • قضية للنقاش
  • جريمة الأدب
  • العلامة محمد الرابع الحسني وإسهاماته في تطوير الأدب الإسلامي

مختارات من الشبكة

  • قضية فلسطين قضية جميع المسلمين ( خطبة )(مقالة - المسلمون في العالم)
  • قضية الأقصى قضية كل المسلمين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مظاهر عدالة الإسلام في القضايا الاجتماعية: قضايا المرأة نموذجا(مقالة - ملفات خاصة)
  • قضايا وأحكام ( قضية زوجية )(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • قضايا وأحكام : قضية فيها المطالبة بأجرة ترميم بناء(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • من قضايا المرأة تأصيل شرعي لقضايا ملحة (PDF)(كتاب - موقع أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي)
  • قضايا وأحكام (قضية فيها المطالبة بثمن مزرعة والدفع بصورية العقد وأنه رهن لا بيع) (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • أحكام وقضايا (قضية فيها المطالبة بأجرة ترميم بناء والدفع شرط جزائي) (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • أحكام وقضايا (قضية فيها عقد باطل لجهالة المعقود عليه) (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • قضايا وأحكام (قضية زوجية) (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)

 


تعليقات الزوار
4- جزيت خيرا
mymh1404 - الهند 07-03-2012 11:27 PM

شكرا لهذا الكم من المعلومات المفيدة

3- بارك الله فيك
عبدالله بنجابي - السعودية 06-01-2012 09:03 AM

جزاك الله خيراً يا دكتور عبدالقدوس
أفدتنا وأجدت أكرمك الله

2- رائع
أُنشُودَة الْمَطر - المملكة العربية السعودية 12-08-2011 11:51 PM

جهد ثري
بالتوفيق

1- جزيت خيرًا
manal32 - المملكة العربية السعودية 07-05-2011 12:28 AM

مقال ثري يستحق الإشادة، أسأل الله أن يثيبك خيرًا على جهدك و نفسك العلمي.

أعجبني رأي المعداوي في كتابات نجيب محفوظ، أكرر دعائي لك بالتوفيق و السداد في قادم الأيام.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب