• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

سحر الشعر في أفق السرد قراءة في مجموعة " عكارة الجسد "

د. نجلاء علي مشعل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/5/2013 ميلادي - 4/7/1434 هجري

الزيارات: 9642

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سحر الشعر في أفق السرد

قراءة في مجموعة "عكارة الجسد"


مع الحداثة وبعدها تلاقحت الفنونُ الأدبية، وسقطت الأسجية الفاصلة بينها، فظهرت نصوصٌ إبداعية تنتمي لنوع بعينه، لكنها تتواشج وتقنياتِ نوع آخر؛ ذلك أن "الأنواع الأدبية مفاهيم مرنة متطورة، بمعنى أنها تتطور من عصر إلى عصر، ومن فترة إلى فترة، ومن مدرسة إلى مدرسة، ومن كاتب إلى كاتب، كل عمل جديد - خاصة إذا كان عملاً أصيلاً - يضيف إلى النوع، وكل كاتب متميز يغيِّر من طبيعة النوع، ومن ناحية أخرى، يدخل النوع الأدبي في علاقات متبادلة مع الأنواع والفنون المجاورة وغير المجاورة، ويستعير منها تقنيات وموضوعات جديدة تغيِّر من طبيعته"[1]، فتداخَلَ النثر والشعر حتى أصبحت "الحدود التي تفصل بينهما شديدة المراوغة"، بل أصبحت "أقل استقرارًا من الحدود الإدارية للصين" بتعبير جاكبسون[2]، حتى إن " تودوروف" وصَل أبعد من ذلك حين عد الرواية قصيدة القصائد، أو هي امتزاج الأنواع الأدبية[3].

 

وقد حدث هذا التداخُل في أدبنا في نهاية الستينيات، فلقد "شهدت وعيًا لدى الكتَّاب في إعطاء دفقة شاعرية لِلُغتهم، من خلال وعيهم بأن تداخُلَ الأجناس بين الشعر والنثر، قد يفيد لغة النثر في إعطائها دفقة شعرية بإدخال لغة الشعر إليها، وخصوصًا أن معظم هؤلاء الكتَّاب يمتلكون تلك الخاصية"[4].

 

إن الشعر حينما يتمازج مع النثر لا يعني على الإطلاق مجرد إحداث تشكيلات جمالية ترتقي بلغة النص، وتضفي عليه شيئًا من زخم الشعر وألقه، الغايةُ أو المقصد من تعمق التمفصل المزدوج بين السردي والشعري أن يكونَ للشعري داخل النثري "فاعلية نصية ورُؤيوية معًا، يحرِّر النص من الواقعية المباشرة، ويحرر اللغة من النثرية التقريرية، ويحرر خيال الكاتب من النماذج القبلية، كما يحرر اللغة من جهازية التلقي"[5].

 

وإذا كان الشعر يعتمد على جمالية الكلمات لتفجير طاقاته الشعرية؛ فيعِجُّ بالانزياحات والانحرافات وفوضى الحواس فضلاً عن إيقاعه، فإن شعرية لغة النثر يضاف إليها أمر خاص بطبيعة الجنس السردي خاصة يَزيدها ألقًا على ألقها إذا انضافت شعريةُ الأشياء إلى شعرية اللغة، وذلك عبر الأسطوري أو العجائبي، فترتفع اللغة عن حيز الواقع، لتحلِّق في سموات الخيال بلا حدود؛ لتكون جديرة بالتعبير عن ذلك الأسطوري أو العجائبي اللامحدود، وفي ذلك يقول "جون كوين": "إنه يمكن التعبير عن حدث أسطوري في لغة شعرية، ويتم بذلك تجميعُ مصدرين مختلفين في عمل جمالي واحد"[6]، هذا التصور يتعلق بالسرد إجمالاً، لكنه يغدو أكثرَ وضوحًا في القصة القصيرة عنه في الرواية؛ إذ الأولى لغلبة سمة الإيجاز والتركيز عليها - سواء في العناصر القصصية، أو العنصر اللغوي - سمحتْ بتقاربِها أو امتياحها من عناصر الشعر كما صرح بذلك الدكتور "الطاهر أحمد مكي"، مقررًا أن القصة القصيرة هي "أقرب ألوان النثر من الشعر، وفيها الكثير من خصائصه برغم ما يبدو بينهما من بُعْدٍ للوهلة الأولى، يجمع بينهما أن عمادَ كل منهما التكثيف والتوتر والتلاحم العاطفي والجمالي"[7]، ويرى د. "عبدالرحيم الكردي" المعنى ذاته مركزًا على الصورة كأهم خصائص اللغة الشعرية التي تشارك فيها القصةُ الشعرَ، يقول: "إن القصة القصيرة تشترك مع الشعر والصورة الكلامية في عنصر التصوير"[8].

 

واللغة الشعرية للسرد تتجلى في الانزياح بقسميه: استبدالي وسياقي؛ أما الانزياح السياقي - كالحذف والتقديم والتأخير - فعلى الرغم من كونه لفظيًّا فإن له أثرَه الواضح في الدلالة، فضلاً عن الإيقاع بالطبع إذا اطرد بشكل تراتبي، وأما الانزياح الاستبدالي - من استعارة ومجازٍ وتشبيه - فعليه العامل الأكبر في شعرية اللغة، ويقصد بفاعليتِه أن يكون فاعلاً - بحق - في دلالة النص وإنتاجه، ولا يقصد به أن يكون "نصًّا سرديًّا نثريًّا مزخرفًا بالشعر، ولا قصة يتضمن أسلوبها صورًا شعرية، وبمعنى آخر: ليس المراد سردًا نثرًا يبث الشعر في جُمَلِه في شكل صور بلاغية، ما نعنيه هو نص قائم على السرد (مستوى أفقي)، وعبر معمار النص (مستوى عمودي)" [9]، وعلى هذا؛ فلا يعتمد السرديُّ الشعري على صور جزئية تتخلَّله، تُشبِه الصور الكلامية المبثوثة في الشعر والنثر على حد سواء، دون تأثير كلي في النص الأصغر (القصة)، أو النص الأكبر (المجموعة).

 

ويدخل في الشعرية اللازماتُ اللفظية، باعتبارِها قد تمثِّلُ مفاتيحَ لقراءة النص، وكذا اختفاء أدوات الربط والتَّكرار اللغوي.

 

والشعرية - إجمالاً لغوية أو سردية - لا يمكنُ أن تغفل العتبات؛ لأنها تغيِّر قراءةَ النصوص - بتعبير جينت - وعلى هذا ستسير هذه القراءة الموجزة لمجموعة "عكارة الجسد" وفق ما يلي:

1- حوار العتبات.

2- الصورة.

3- الإيقاع.

 

1- حوار العتبات:

"عكارة الجسد" عنوان لمجموعة سيطر على لغتِها طابعُ الشعرية، ولعل العنوان في غرابتِهِ وشحنته المجازية يتقاطعُ ومعظمَ نصوص المجموعة فيُنيرها دون أن يوجهنا؛ فالعكارة عند ابن منظور "العكر: دُرْدِيُّ كل شيء، وعكرُ الماءِ والشراب والدهن: آخره وخاثره، وقد عكر، وشراب عكر، وعَكِرَ الماء والنبيذ عكرًا: إذا كَدِر، وعَكَّره وأعْكَره: جعل فيه العَكَر"[10].

 

فالعنوان يتجاذبُهُ عنصران: التنكير والإضافة؛ فـ: "العكارة" خرجت من قدرها التنكيري بالإضافة إلى الجسد المعرَّف، الذي أزف بدخولها عالم المجاز، فليس الجسد مما يصيبه الكدرُ حقيقة، ويتركنا العنوان الموجز نجترُّ معناه ونحاول تأويله، هل الكدر أصاب الأعضاء الحسية ففقَدت كفاءتَها عبر المَرَض الجسدي، أو هي عكارة الروح التي يمثل الجسد وعاءً حاويًا لها، ينقى بنقائِها، ويصيبه الكدر بتلوثها وفَقْدِها البراءة؟ وهذا المعنى هو الراجح؛ لِما له ما يعضده في أكثر من نص، يقول القاص في "ضفيرة من قش": "ضاع مني، ووجدتني جسدًا، جسدًا ثقيلاً، تعصف به الريح"، "وبينما أنا أجسد ملقى تفوح له رائحة"[11]، وفي "عكارة الجسد" يقول: "لا بد أن أصل إليها، تلك الروح الغارقة في بئر الجسد الغويط"، "فليُبْحِرْ إلى تلك الروح الغارقة في بئر الجسد الغويط"[12].

 

والنماذج الدالة على ذلك كثيرةٌ في النص كله مباشِرة كالسابقة، أو عبر الرمز كما في "إنسان الطير"؛ إذ جاءت الشخصية في هيئة نصف إنسان ونصف طير، له جَناحان ومخالب وذيل ورِجْل طائر ووجه إنسان، صعِد إلى السماء بعد محاولة رشوته؛ فالطائر رمز صوفي للروح، وصعوده للسماء تَرَقٍّ، ولعلنا نشير إلى صيغة المصدر بما لها من مبالغة عن فعلها في إضافتها إلى المفرد المعرَّف دون الجمع، فالجسد المقصود هو جنس الجسد البشري كافة، وكأنه قصد تأملات في تلوث هذا الجنس عبر حِقب الزمن الذي يتراءى بقوة في النصوص، ليبدو مُلحًّا، ومضنيًا للذات الساردة، مهما اختلف ضمير السرد.

 

لوحة الغلاف:

لوحة غريبة بقدر غرابة العنوان وبعض شخصيات السرد، فهي تتشكَّل من تداخل صور بشرية أربع: طفل مبتسم، ثم صياد يجذب شبكته، وأدنى منهما صورة خلفية لرجُلٍ متهدل الكتفين يسير نحو الشاطئ، ومَقطع للجزء الأسفل من وجه شيخ يبدو ساكنًا مزموم الشفتين، كل هذا على خلفية من بحر يملأ الغلاف، فالتداخل بين الصور الأربع ثابت وواضح، فيه صفاء لون الماء في أعلى اللوحة، فهو البحر دال الأخطار والسفر، والصور الأربع لطفل مبتسم، وشاب يشد رزقه من بين براثن الموج، وآخر يقف بعيدًا عن معترك المحاولة، والرابع يبدو مسجى لا قوة له، فكأنها مراحل حياة الإنسان أو الجسد البشري مع الحياة، يبدأ كصورة الطفل مبتسمًا، ثم يعود شيخًا يحمل الهموم والأدران، ولعل اختلاط الصورة وتداخلها عبر ما يشبه المونتاج - فالصور مركبة على بعضها البعض - يذكِّر بدلالة "عكر" اللغوية في اختلاط الشيء بغيره، "واعتكروا في الحرب: اختلطوا، واعتكر العسكر: رجع بعضه على بعض، فلم يقدر على عده، واعتكر الليل: اشتدَّ سَوَادُه واختلط والتبس..." [13]، فهل يقصد أن الأرواح البشرية اختلطت وتداخلت وخالطها غيرها؟ فقد توافق المفتتح الأول المتناصُّ مع كثير من النصوص دلاليًّا مع لوحة الغلاف، ثم يأتي النص ليؤكد هذا أو يغيِّره كما سنرى.

 

الإهداء

جاء الإهداء موجزًا مكثفًا ممهورًا بحروف اسم الكاتب الأولى:

"إلى قطة لَمَّا تَزَلْ تموء ص. ع"[14].

 

القطة دال أو علامة على الروح، تتصل بمعنى امتداد الرُّوح عبر الشعبي المؤيد بالطبيعة البيولوجية لهذا الحيوان، الجامع بين تناقضات تمثِّل مفارقة دلالية تمتد لتشمل كثيرًا من نصوص المجموعة، فهي تجمع بين القوة والضعف، الشراسة والحنو، الفناء وإمكانية تعدُّد الأرواح باعتبار الشعبي المشير إلى مرونتِها الجسدية، فعلى الرغم من الانتماء إلى فصيلة مفترسة في الأصل، فهي أشهر وأودعُ الحيوانات الأليفة، فهل تشبه الروح في صفائها وكدرها؟ وقيل: إن القطةَ رمز للخير والحرية والاستقلال لدى القدماء المصريين، فما زالت تلك المعاني موجودة تصطرع اصطراعها في النصوص.

 

أما عن عتبات القصص، فهي قصيرة في مجملِها، تتراوح بين كلمة واحدة، مُسنَد حُذف منه المسنَد إليه أو العكس، أو كلمتين، وندر ما زاد عن ذلك، بعضها غلب عليه المجاز أو المفارقة؛ كما في: "إنسان الطير"، "عكارة الجسد"، "أسود وأبيض"، "حبة العنب اللحمية"، أو كان شديد الواقعية؛ كـ: "مطر"، "جبروت"، "تلك الآلات"، "هو"، "الحرب"، منها ما دل على الشخصيات الغريبة: "إنسان الطير"، و"القطط كلها سوداء"، "تمثال"، أو ما دل على الشخصية مطلقًا؛ كـ: "رجل"، "هو"، وأكثرها أشار إلى الحدث، وهذه وتلك تشتركُ في تبئير ثنائية الروح وما يتصل بها، والجسد وما يتعلق به.

 

2- الصورة:

حينما نتطرَّق لِلُغة القص لا يعني مقاربتها مبتورة عن التيمة التي تقدِّمها، والعناصر الفنية والتكنيكات التي تشكلها، فكلها عناصر تتكامل وتتآزر لتشكل انطباعًا واحدًا، ومن ثم يُعَدُّ بترًا وعيبًا اجتزازُ أي منها وإفرادُه بالقراءة، ويقصد بالصورة هنا الصورة الكلية التي تشكل عناصر البناء المشكلة للتيمة، ولغة الوصف عبرها تمثل "صورة تجسيدية ممتدة، تتراص فيها المشاهد والصور القصصية لتكون النسيج الكلي للقصة الذي هو الصورة الكلية نفسها"[15]، فنجد القصة كلها لوحة واحدة/ صورة تجسد فكرةً ما في شكل الوصف المسرود، لا عبر التوقف الزمني؛ أي: الوصف الخالص الذي لا تحتملُه القصةُ القصيرة، فهي تلتقط أو تقدم عبر آنيَّة الحدث وجَرَيانه، من ذلك قصة "ضفيرة من قش" التي تشخص أو تجسِّد فكرة الإرادة الإنسانية أو الحرية عبر صورة حسية كلية، متخِذةً من الحلم والعجائبي إطارًا لها، فتبدأ القصة بصراخ: "صاح: لا، إنه لا زال حيًّا، لا زال يتنفس في رأسي، يصخب.. يصرخ... يعترض.. يلعب.. إنه الذي منذ الصِّغَر لم يحب وإنما انطلق، انطلق إلى الخلاء، يعانق الريح والمطر، هو الذي ألقى بجسده إلى النهر - البحر - وهو بعد لم يتعلم العوم.. فعلَّمه النهر - البحر - العوم، علمه كيف يكون نهرًا.. بحرًا.. وهو الذي صادف الأشجار ونادى عليها بأسمائها.. فطأطأت هاماتها له.. فكان عشه - هناك - في الأعالي.." [16].

 

إنها صورة لإرادة الإنسان الفطرية أو الحرية أو الذات الإيجابية - التي هي أصل الخير المطلق - كما يرى الصوفيون - تصطف بها الصورُ الجزئية التي تشكِّل كليتها لتصور المعنوي حيًّا يمارس الحياة بكل عنفوانها، بل إنه يفُوق الأحياء ويتعدَّاهم إلى حيث لا تبقى المقارنة أو الشَّبه قائمًا، تكتمل الصورة بمعابثة المعنوي/ الإيجابي لآليات العصر، فيصطدم بقطار ثم يخرج حيًّا، ويستمر الوصف الحركي عبر آليَّة الحدث ذي الإيقاع السريع الموافق إيقاعَ الحياة، الذات الإيجابية تنفخ في الذات السلبية آيات المغامرة والإقدام، ثم ينقطع الخيط، ويصحو الأخير مفزوعًا من حُلمه، و"صحوت من نومي"، فقد وظَّف الكاتبُ الحُلم المباشر ليستوعب تجسيد فكرته، وينطلق بها إلى حيز الإمكان، إن "ضفيرة القش" التي ربطت بدلاً من جنزير "الدراجة" هي علامة ميلاد الإرادة أو الحرية أو الذات الإيجابية من بساطة اللاممكن، وفي نهاية الحُلم يبقى الجسد مكانه، وضفيرة القش في يده، آية عجزه وآية إمكانه في آنٍ، الكاتب استعان في تجسيد تلك الصورة الكلية بجزئيات حملت الفكرة/ علامة الإرادة أو الإيجابية إلى حيز الوجود الفعلي المضمخ برائحة الزمن الممتد والملح عبر كل نصوص المجموعة "لألف عام شدني وراءه.. لألف ألف منذ بدء الخليقة وهو يشدني وراءه.. يقودني.. يعلِّمني.. يحرِّضني"[17].

 

المكان امتداد لدرامية الصورة في الخوف الكابوسي من موت الإرادة أو الحرية أو الذات الإيجابية، المفترض أنه كون الإنسان الأول - كما يقول باشلار - يتحول هذا الكون إلى قبر وسجن، فيؤكد عمومية التجرِبة الإنسانية مما يذكر بالمفتتح الأول "الجسد" جنس الإنسان المطلَق، فاستحال الكونُ بفَقْد أحد أركانه/ الروح قبرًا أو سجنًا.

 

فقد استطاع الكاتب عبر شعرية اللغة وحركيتها أن يعبرَ عن مدى حركية الإرادة أو الحرية؛ فهي تنطلق وتصخب وتصرخ وتعترض وتلعب، تعوم في النهر، تصادق الأشجار، تنادي عليها، تلاعب العصافير، وفي "عكارة الجسد" يقدم صورة للصراع بين الجسد بجِبلَّته الطينية، والروحِ بنقائها الفطري، فيصور رحلة للبحث عن الروح الغارقة في بئر الجسد، رحلة تنتهي بنهاية الجسد والروح معًا، الرحلة تتحول لصراع عنيف بين الجسد والروح، رغبة أو موقفًا شعوريًّا في النقاء، في التخلص من الأكدار التي حاقت ببدن الإنسان، جاء في المفتتح: "وكان عليه أن يصل إليها، تلك الروح الغارقة في بئر الجسد الغويط - عصفوره الذي كان، والذي ظل يزقزق لألف عام، عليه - الآن - أن يجهِّز سفينته ومجاديفه.. وأن يبحرَ إلى تلك الرُّوح يمسح عليها.. يربت عليها.. يأخذها إلى الشمس والهواء.. يغسلها بالماء والبرد.. يرفعها على امتداد ذراعه كما كان يفعل.. لتعلوه وتزقزق وتفرح من جديد"[18].

 

القصة تبدأ بضمير الغائب الذي يلتفت منه إلى المتكلم عبر مناجاة أسيانة في منتصفها، هذا الالتفات مؤذِنٌ بأن الغائب هو عين المتكلم، مطلق الإنسان الملوث بأدران المدنية؛ فالأسلوب واحد، واللغة في مناجياتها وإنشائيتها تؤذِن بذلك، فضلاً عن توظيف هذا الالتفات ليَشِيَ بأن الأنا انفصل عن أناه - الروح / الجسد - ليصير الآخر، وجدير بذلك أن يخاطب على أنه سيصبح هو هو، يقول: "عليه أن يأخذَه ليصبح هو.. هو"؛ فالهم الشعوري والموقف واحد، والتناص الديني يؤكِّد على الطقس التطهيري للجسد، وتعدد المكان ها هنا بين المدينة والقرية؛ ليعيد ثنائية القرية / المدينة، البراءة / التلوث "فليخرج به - الجسد - من هذه المدينة القاسية في ليلها السديمي، ليأخذ هذا الجسد معه، ينزعه عن تلك المدينة.. يخرج به من بين أحيائها الأموات.. الجثث المرصوصة الميتة.. السادرة في موتها.." [19].

 

والغريب بادٍ في تشكيل شخصيات القصة التي قدمتْها الصورةُ، فذاتُ الشخصية تنشطر إلى هو / هو؛ روح وجسد، روح توشك على الأفول، وجسد أثقلتْه الأكاذيب، فعليه أن يجرَّ هذا الجسد جرًّا إلى قريته / علامة الفطرة والنقاء؛ ليغسله في البحر/ علامة التطهير لتبرأ من أدرانها، ولا تقفُ الغرابة عند حد تصوير الشخصية المنشطرة، بل يتعدى ذلك إلى عجائبية الحدث التي كنَّت عن صعوبة طقوس التطهير " أيها البحر، ابتلع جسدي.. فَتِّتْه.. مزِّق أعضائي.. لتذوب مثل قطعة السكر.. أعِدْني إلى أبي في اشتياق إليه.. والموج معاول.. معاول تهوي على الجسد.. تفكِّك أعضاءه.. تضرب.. تضرب.. فينفك ذراع.. تضرب.. تضرب.. وذراع.. تضرب.. تضرب ولا روح.. عكارة.. ليس غير عكارة تضطرب"[20].

 

إن العنصر الزمنيَّ غير محدد الفترة، لكنه يلح بلازمة تتكرر في كل القصص تقريبًا "ألف عام"؛ إشارة لعمومية الزمن، وكذا الشخصيات في كل، فهي مطلق الإنسان في العصر الحديث كله، فلما "كان الإنسان هو ضحية التتابع الزمني والتغيير، كان للزمن والمكان دَلالةٌ فنية في تيمات القصة القصيرة المعاصرة، فأصبح السؤال عن ماهية الإنسان، إنما هو سؤال عن ماهية الزمن"[21]؛ ولذا استخدم النعت[22] ليعبر عن نتائج هذا التتابع "في ليل سديمي، الليل السديمي يتكاثف، في ليلها السديمي، ليل المدينة السديمى، والليالي تتساقط".

 

فالصورة الكلية في القصة وردت عبر التتابع التكراري، الذي قدم تيمة واحدة في صورتين مختلفين، جسَّدتَا المعنوي / الروح، وما يتعلق به في مقابل الجسد، والإلحاح على تقدم الزمن والدخول إلى الحضارة بعيدًا عن الفطرة المُذْكية لعنصر الروح على حساب الجسد؛ فالعلاقة بينهما طردية، كلما تقدم الزمن قلَّت الروحانية، وتعكَّر الجسد، وزادتْ خطاياه، والتصق بأصل جبلَّته الأرضية، ليس ذلك رؤيةً فلسفية خالصة يطرحها النص؛ وإنما هي قراءةٌ للواقع الحياتي المنغمس في الحسيات.

 

وفي نص "مطر" يقدم صورة للرغبة في الحياة والتطهير عبر عدة علامات، محددًا الزمنَ الليلَ، والمكان الأرض، "وينفلت في الليل لحظة المطر.. كسهم ينفلت.. عاريًا جموحًا.. تضرب ساقاه في الطين.. عيناه مفتوحتان.. مغمضتان.. وذراعاه ممدودتان.. ويشهق لحظة المطر.. يمد يديه يغترف.. اشرب.. الأرض تشرب.. والشجر يشرب، والزهر يشرب.. والدود"[23].

 

فالمطر: علامة الحياة أو الإحياء، التي يجسد فعلها على طالبها وكل الموجودات من خلال صورة كلية كثيفة شديدة الإيجاز، فلا يجاوز النصُّ الصفحةَ وبعض الصفحة، ويستمر طقس الإحياء بعد الموات، فالأرض تجرع الحياة وتتنفس، ويحتضن الباحث عن الحياة جسد الأرض يختلط بها، ثم ترتفع الأرض به لتلامس السماء، والارتفاع إلى السماء تطهير؛ فالسماء دال الروح، والأرض دال الجِبلَّة الطينية، فطقس الإحياء مع التطهير ارتقى بالأرضي إلى سمات السماوي، وقد اعتمد النص - إلى جوار التكثيف والاستعارات النابضة - على المفارقة التي هي جديرة بإبراز المتناقضات، فالبشري متيقظ لآليات الحياة، وغافل عنها في آن، "عيناه مفتوحتان.. مغمضتان"، "والزهر يشرب.. والدود يشرب"، فالحياة للجميع، والأرضي يلامس السماء "يمضي إلى باطن الأرض.. ويحس بجسد الأرض يرتفع.. يحمله في باطنه، ويرتفع، وتلامس السماء"، فالمفارقات على ضديتها تشكل آية التمازج مع الاختلاف، فالرؤية البصرية والقلبية متناقضتان في الفعل والحقيقة، متماثلتان في التعاور على الواحد، والزهر والدود متناقضتان في أصل أثر الصورة ووقعها على الشعور والبصر، لكنها تنتمي لجنس واحد؛ عالم الأحياء، والأرض والسماء متقابلتان في أصل وجودهما المكاني والعلاماتي، لكنهما يتكاملان في أصل تكوين الجنس البشري باعتبار الرمز الروح/ الجسد.

 

فالنص يبدو دراميًّا، ذو بداية ووسط ونهاية استراحت عندها نفسُ المتلقِّي بعد صخَب الحدث وآلية الاستمرار والتجدد عبر الأفعال المضارعة، وتوالي الصور الجزئية الاستعارية، مشكلاً نصًّا نثريًّا أشد قربًا من الشعر "ويسمع جسد الأرض يجرع.. يتنفس.. تسري الدماء في أوصاله.. ويحس بجسد الأرض يتحرك.. ويسمع تنهيدة الأرض.." [24].

 

والشخصيات في النصوص الثلاثة تناولت الغريب أو الرمز؛ ففي "عكارة الجسد" كان الجسد والرُّوح في صراعهما بطَلَيِ القصة، وفي "ضفيرة القش" الروح والجسد أيضًا، وضفيرة القش في دلالتها الرمزية، وأما في "مطر" فتعددت الشخصيات على الرغم من توحُّدها، وتناقضت بين بشر وزهر ودود، وأرض وسماء.

 

وقد غلب على القصص الثلاث سمةُ التعميم، فانتقل من الخاص المتعلق بشخصيات القصص إلى الإنساني العام، وهي سمة من سمات الغنائية[25]، وكذا الالتفات من ضمير الغائب إلى المتكلم في القصتين الأولى والثانية، والمناجاة في الثالثة.

 

الإيقاع:

ليس قصرًا على الشعر، بل هو في النثر كما الشعر، وإذا كان النوع قصًّا قصيرًا، فهو أكثر حضورًا، بل ربما أدخَلُ في بنية النص، والمراد بالإيقاع كل ما يتعلق بالجملة مسهمًا في تصوير الحدث، ورسم الصورة الكلية للنص، فيشمل المستوى الصوتي؛ كالتكرار واللازماتِ والجناس، وكذلك المستوى الدلالي؛ كالطباق والمقابلة والتوازي وحذف الروابط والتناص، كل ذلك كفيلٌ بإحداث تيار إيقاعي عبر التنقلات الحدَثية، ولا يغفل دور التشكيل البصري داخل النص، أو الإيقاع البصري داخل النصوص.

 

التكرار:

يرى بعض النقاد أن تكرار بعض الأحداث اللغوية أو بعض البنيات في النص يشبه تكرارَ الألوان في الفن التشكيلي، وهي الطريقة نفسها التي يدرك بها الشعر؛ حيث تصبح الأصواتُ والكلمات مثل الألوان الزيتية [26]، ويأتي التكرارُ في المجموعة على مستوى نص واحد أو عدة نصوص، فمن الأول كلمة "خصوصياتي" في القصة الحاملة للاسم ذاته؛ إذ تتكرر ست عشرة مرة في النص؛ لتفرغ حمولة إيقاعية تطرز جسد النص، ثم أخرى دلالية تشكل علاميته؛ فالخصوصيات علامة التفرد الإنساني أو الرُّوحي الذي تدنِّسه الحسيات، يستعين مع هذا التكرار بآلياتٍ كالتناصِّ الديني ليوضح دلالة العلامة "حجرتي وحدي.. بها خصوصياتي... لآخذه معي إلى حجرة مُغلَقة لا يدخلها إنس ولا جان".

 

التفاعل مع النص القرآني جعَل الحجرة تشبه كون الإنسان الأول في براءتِهِ وفطرته، يؤيد ذلك تناصٌّ ثانٍ مثَّل تحوُّل الحدث أو نموه صوب النهاية "وبدوت عاريًا؛ فأسرعتُ أُداري سوءتي"، فقد ارتكب خطيئة كخطيئة الإنسان الأول، ترتب عليها خروجُه من جنة تفرده إلى عالم البشر المحض / الجسد، "وأراني مبعثرًا.. تزحف فوقي الأقدام.. العربات.. الدواب.. الضحكات القميئة.. العتمة تغيبني.. تجعلني بشرًا".

 

ومن التكرار في "البلية الملونة" جملة تتكرر لتؤذِن بتقدُّم الحدث إلى فضاء مكاني مغاير "خذيني أيتها البلية الملونة إلى العالم، انطلقي بي أيتها البلية الملونة من هذه الحارة، انطلقي بي أيتها البلية الملونة إلى المدينة، اخرجي بي أيتها البلية الملونة من هذه البلاد، اخرجي بي أيتها البلية الملونة إلى عالم آخر، خذيني أيتها البلية إلى عالم الحُلم، أيتها البلية الملونة، أخرجيني من هذه الأحلام".

 

تتكرر العبارة بتراوح بن فعلين "خذيني واخرجيني"، ومع كلٍّ يتغير الفضاء، ويتكرَّر المرئي من فساد وظلم وقمع ونفاق، فيجعل هذه الجملة فاصلاً بين الفضاءات المكانية، وممثلاً لمكان آخرَ يبحثُ فيه الإنسان عن الروح، فيجد المادة سيطرت عليها[27].

 

ومن التكرار على مستوى عدة نصوص ما يشكل لازمة زمانية "ألف عام" وردت في أكثر من قصة؛ في: "خصوصياتي" و"ضفيرة القش"، و"البلية الملونة"، و"عكارة الجسد"، و"حبة العنب اللحمية"، و"الخضراوي"، و"مقتل الملك"، و"تحت الغطاء"، تلك اللازمة بتواترها في أكثرَ من قصة، وأكثر من مرة في القصة الواحدة أحيانًا - دال على رابط أو خيط واحد يجعل القصص تنتمي إلى مجموعات التيمة الواحدة على الرغم من كتابتها بين عامي 2003 - 2010، فاللازمة الزمنية في تحديدها ألف عام أو ألف ألف إنما عنى به التكثيرَ قاصدًا إلى تاريخ الإنسان؛ فالشخصيات خرجت من حيِّزِ التخصيص إلى التعميم، يؤكد هذا لازمة أخرى تكررت، وهي كلمة "جسد" الواردة معرَّفة في المفتتح الرئيس، فتتآزر اللازمتان لتؤذِنا أنَّا بإزاء تيمة ثنائية الجسد والروح، آية ذلك أن المجموعة ختمت بقصة قصيرة جدًّا معنونة بـ: "نهاية"، وهي تجمل تلك الدلالة "كانت الأيام تكر.. والسنون.. والدهور.. وهو جامد في مكانه لا يتحرك... يتوارى خَلْق.. ويبعث خَلْق.. وهو هو.. جامد في مكانه...".

 

السجع والتقابل:

يستخدم الكاتب السجع بقدر، لم يبدُ هاجسًا مهيمنًا إلا في النصوص التي حملت شِحنةً صوفية أو تناصًّا دينيًّا كما في "الخضراوي":

"خرج الخضراوي مقرورًا.

مشى الخضراوي في الليل وحيدًا".

"والخضراوي جلس لورده.. المصحف بين يديه.. والعين الدامعة عليه".

"في الأسفل الولد الأكبر يتطوح.

يا ألله.. بيت الخضراوي يترنح".

فالسجعُ مع المقابلة مثَّلا إيقاعًا مضمخًا بجو الحضرة والذِّكر.

وتأتي البنية التركيبية متقابلة لتُحدِثَ إيقاعًا آسرًا ودلالة تشترك في بناء الحدَث، جاء في "أسود وأبيض":

"ولما وجد نفسه أسود ضاق بسواده.

ولما وجد أقرانه بِيضًا ضاق ببياضِهم".

فجسد التقابلُ ثنائية الضياء والظلام الصوفية؛ لينطلق صوب طقوس التطهير.

 

ومن "الخضراوي" - لاحظ التناصَّ الديني ودلالته في اسم العلم -:

"في الدور الأعلى الولد الأصغر يتراقص.

في الأسفل الولد الأكبر يتطوح".

"الذِّكر على دقات الرَّقص،

الرقص على دقات الذِّكر".

 

التقابل يشير إلى ثنائية التطرف في الخير والشر الرامز لها ولدَا الخضراوي؛ تطرُّف في الدِّين، وتطرُّف في اللذات.

 

وفي "مطر" يستخدم التماثل التركيبي مع التكرار ليُحدِث توافقًا زمنيًّا يسهم في درامية الحدث:

"اشرب..

الأرض تشرب..

والشجر يشرب..

والزهر يشرب..

والدود

اشرب".

فالتماثل التركيبي مع المجاز جعل كل الكائنات سواءً في طقس الإحياء.

 

ومثله:

يسمع جسد الأرض يجرع..

يتنفس..

تسري الدماء في أوصاله..

ويحس بجسد الأرض يتحرك..

ويسمع تنهيدة الأرض..

ويحس بجسد الأرض يرتفع".

 

التكرار مع تشابه التركيب، واستخدام المجاز والرمزية الصوتية في تكرار صوت السين الصَّفيري بهمسه، يماثل طقس الإحياء أو التطهير، والسمو الروحي المتسارع المتلاحق الواقع على الجبلَّة الطينية.

 

وأحيانًا نجد جملاً ذات إيقاع صريح، من ذلك في "ضفيرة من قش":

"يقودني، يعلمني، يحرضني"، "كان قد غاب عني، ضاع مني"، "ووجدتني جسدًا، جسدًا ثقيلاً". فنجد الوافر ثم المتدارك ثم الكامل.

 

والفضاء النصي كما وضح من النماذج استخدَمَه القاصُّ استخدام فضاء النص الشعري، فيقطع الجمل كما الشعر، فضلاً عن حذف الروابط، فمن وصف إحدى الشخصيات الغريبة في "حبة العنب اللحمية" والتي ترمز للقوة السافرة في جبروتها:

"تَوْءمي؟ !

كان خرتيتًا..

خرتيتًا مكتملاً..

قرنه في الأعالي..

وظِلْفه في الأسافل..".

 

وكما وضَح فالنصُّ تعاوَر عليه عنصرَا الصورةِ والإيقاع؛ لإخراج نص نثريٍّ قصصي مضمخ بريا الشعري وآلياته، مسهمًا في دلالته، ممعنًا في إثرائها، لا تشكيلاً جماليًّا فحسب.



[1] خيري دومة، تداخل الأنواع في القصة المصرية القصيرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1998، 33.

[2] رومان جاكبسون، قضايا الشعرية، ت محمد الولي، ومبارك حنون، دار توبقال للنشر، 1988، 10، 11.

[3] ينظر: تودوروف، المبدأ الحواري، ت فخري صالح، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 1992، ص113.

[4] ناصر يعقوب، اللغة الشعرية وتجلياتها في الرواية العربية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الأردن، 2004، ص25.

[5] رشيد يحياوي، السارد شاعرًا، مملكة البحرين، 2008، ص126.

[6] جون كوين، بناء لغة الشعر، ت أحمد درويش، دار المعارف، القاهرة، ط3، 1993، ص140.

[7] الطاهر أحمد مكي، القصة القصيرة، دراسات ومختارات، دار المعارف، 1992، ص131.

[8] عبدالرحيم الكردي، البنية السردية للقصة القصيرة، مكتبة الآداب، القاهرة، ط3، 2005، 114.

[9] رشيد يحياوي، السارد شاعرًا، 128.

[10] ابن منظور، لسان العرب، دار صادر بيروت، ط4، 2005، مادة عكر.

[11] صلاح عبدالسيد، عكارة الجسد، أخبار اليوم، 2010، ص19، 21.

[12] السابق، ص34، 37.

[13] ينظر: ابن منظور، لسان العرب، مادة: عكر.

[14] المجموعة، ص5.

[15] مراد عبدالرحمن مبروك، الظواهر الفنية في القصة القصيرة المعاصرة، الهيئة المصرية، 1989، 93.

[16] المجموعة، ص17.

[17] المجموعة، ص19.

[18] نفسه، ص34.

[19] نفسه، ص35.

[20] المجموعة، ص38.

[21] مراد عبدالرحمن مبروك، الظواهر الفنية في القصة القصيرة، ص115.

[22] لا يقصد بالنعتِ النحويُّ، وإنما مطلق الوصف.

[23] المجموعة، ص121.

[24] المجموعة، ص121.

[25] ينظر: خيري دومة، تداخل الأنواع في القصة المصرية القصيرة، 98، 170.

[26] المجموعة، ص121.

[27] ينظر دكلاس كلوفر، الرواية كقصيدة شعرية، ت د. الجيلاني كدية، مجلة دراسات سميائية، عدد 5، ص34.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إلى أُمي.. ثلاث قصائد من الشعر الزنجي
  • الشعر الرومانسي
  • من الشعر الهندي
  • أفق
  • تجليات المكان في مجموعة: "مجرد صديقة" لـ"صبحة علقم"

مختارات من الشبكة

  • علاج السحر(مقالة - ملفات خاصة)
  • لا يجوز حل السحر بالسحر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم الذهاب للسحرة وعلاج السحر والرقى الشرعية للسحر(مقالة - ملفات خاصة)
  • نماذج عملية لعلاج سحر التفريق ( الجني يضع السحر في الوسادة )(مقالة - ملفات خاصة)
  • كشف المستور عن حكم فك السحر بسحر عن المسحور(WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كشف المستور عن حكم فك السحر بسحر عن المسحور (ملخص ثان)(مقالة - ملفات خاصة)
  • كشف المستور عن حكم فك السحر بسحر عن المسحور (ملخص أول)(مقالة - ملفات خاصة)
  • كشف المستور عن حكم فك السحر بسحر عن المسحور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشعر في ديوان جولة في عربات الحزن(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الأمومة بين فلسفة اللغة وسحر الشعر وحكمة الدين(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- بارك الله فيكم
سعيد المنزلاوي - مصر 06-10-2013 12:40 PM

رائعة وأرجو المزيد عن السرد حيث إنني أعد رسالة دكتوراه عن السرد في الشعر الإسلامي المعاصر.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب