• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / أبناء / مراهقون
علامة باركود

مسؤوليات الآباء تجاه الأولاد قبل الإنجاب

مسؤوليات الآباء تجاه الأولاد قبل الإنجاب
د. عبدالرب نواب الدين آل نواب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/7/2012 ميلادي - 12/8/1433 هجري

الزيارات: 26443

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسؤوليات الآباء تجاه الأولاد قبل الإنجاب


تمهيد:

بلغ من اهتمام الإسلام بالأولاد، أن وجَّه وأرشد الآباء إلى القيام بمسؤولياتهم تجاه فلذات أكبادهم، بدءًا من هذه المرحلة المبكرة، وهي مرحلة ما قبل الإنجاب، وذلك بتهيئة المحضن الطيب للولد قبل أن يُخلق، وبإعداد البيت المسلم الذي تُرفرف على أركانه شِيَم المودة والمحبة، والتعاطف والترابط، وتُجلله معاني الإيمان والتقوى، والأخلاق العالية، وبالبحث عن المجتمع الإسلامي التقي النقي الذي يساعد الأبوين في مهمتهما التربوية الجليلة، وبتحرِّي البيئة الطيبة والجار التقي المؤمن الذي تُؤمَن بوائقه، والرُّفقة الصالحة التي تَغرس في المسلم وازعَ الخير والبر والرشد، وتكفُّه عن الإثم والطغيان والعدوان.

 

وجعل هذا كله من لوازم الديانة وأداء الأمانة التي يسأل عنها العبد يوم القيامة، فهو من الأمانات ومتطلبات الحياة الأسرية السوية، التي يحثُّ عليها الإسلام ويدعو إليها ويأمر بها، ويأبى أن يتهاون في أدائها المسلم، أو يفرِّط في شيء منها.

 

وتبرز أهمية هذه المسؤولية التي يضطلع بها المسلم في هذه الفترة المبكرة قبل إنجاب الأولاد من نواح كثيرة؛ منها: كثرة الصوارف والشواغل التي تلهي الأولاد عن مضامين التربية الإسلامية الجليلة، لا سيما في عصرٍ كعصرنا الذي يموج بالعديد من وسائل الإعلام، التي تؤثر تأثيرًا بالغًا في بِنية الطفل العقلية والعاطفية منذ سنٍّ مبكرة، وهو تأثير سلبياته أكثر من إيجابياته في أحيان كثيرة، ومنها تأثير المجتمع والبيئة، والجيرة والرُّفقة، وغيرها من العوامل المحيطة بالطفل في توجيه سلوكياته، وتشكيل نمط ثقافته، وتكوين نظرته للحياة.

 

المبحث الأول: اختيار الزوجين والمعايير الإسلامية في ذلك:

الزواج من الفطرة، والزواج في الإسلام هو الطريق المشروع للاستعفاف والنسل وسائر مقاصد النكاح؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

وعندما انبثق نور الإسلام، كانت مناكح الناس في الجاهلية على أربعة أنحاء؛ منها: نكاح الناس اليوم، ونكاح الاستبضاع، وهو أن يرسل الرجل زوجته إلى فلان؛ لتَستبضع منه رغبة في نجابة الولد، ولا يَقربها زوجها؛ حتى يتبيَّن حملها، ومنها نكاح الرهط دون العشرة، كلهم يصيب المرأة، فإذا ولَدت ألْحَقت الولد بمن شاءت منهم، ولا يمتنع من ذلك أحد منهم، ونكاح البغايا ذوات الرايات، مَن أرادهن، دخل عليهن، فإذا ولدت إحداهن، ألحَق القافة ولدها بأبيه المظنون؛ كما تروي ذلك أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها[1].

 

فحرَّم الإسلام هذه الأنكحة الفاسدة وحاربها، وشرع النكاح المباح الذي عليه المسلمون اليوم، وأباح معه التسري إن وجد وأمكَن، وجعل ذلك وحده الرابطة الشرعية التي تربط بين الزوجين، ورتَّب عليه أحكام النسب والحقوق المالية والأدبية؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ [المؤمنون: 5- 7].

 

ثم أرشد ووجَّه كلاًّ من الزوجين إلى تحري الصالح الدَّيِّن من الأزواج؛ لتَحسُن العشرة وتدوم، وتستقر وتُثمر ثمراتها المرجوة، ومنها: إنجاب الأولاد الصالحين الأخيار.

 

وعليه فإن في ديننا الحنيف المعايير والضوابط التي من خلالها يمكن اختيار الزوجين الصالحين، وتتلخص في: الأمانة وحسن الخلق، والاستقامة والإنجاب، وصحة التديُّن.

 

فمما ورد في الحث على تحري الصلاح في اختيار الزوجين: قول الحق- جل ذكره -: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 32].

 

وقال في موضع آخر: ﴿ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: 221].

 

وعليه فلا تناكُح بين المسلمين والمشركين، ولا توارُث، ولا يصح نكاح غير المسلمات عدا الكتابيات؛ كما في آية المائدة، وهي قوله تعالى: ﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ﴾ [المائدة: 5].

 

وأما نكاح المسلمات من غير مسلمين، فلا يجور البتة بإجماع المسلمين.

 

ومما ورد في الحث على تحري المرأة الصالحة ذات الدين والأمانة للزواج: حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين، ترِبت يداك))[2].

 

ويُؤخذ من هذا الحديث أن المعيار الأوفق لاختيار الزوجة، هو تحري الصلاح والدين؛ كما قال ابن حجر وغيره من شُرَّاح الحديث، فإن اجتمع الدين مع غيره من الخصال، فهو أولى، وإنما الذم في حق مَن يبحث عن الجمال أو المال أو الحسَب فحسْب، دون اكتراثٍ بالدين وأهميته[3].

 

وفي حديث عبدالله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال: قال- صلى الله عليه وسلم -: ((الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة))[4].

 

والصلاح المتوخَّى هو الصلاح بكل مضامينه، وأوَّله صلاح الدين، ثم تليه المطالب الأخرى؛ كما ورد تفسيره في حديث أبي أُمامة- رضي الله عنه- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرًا له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظَر إليها سرَّته، وإن أقسم عليها أبرَّته، وإن غاب عنها نصَحته في نفسها وماله))[5].

 

وفي اعتبار الولادة والإنجاب: حديث مَعقِل بن يَسار- رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: "إني أصبت امرأة ذات حسب ومنصب، إلا أنها لا تلد، أفأتزوَّجها؟ فنهاه، ثم أتاه، فنهاه الثانية، ثم أتاه الثالثة، فنهاه، فقال: ((تزوَّجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم))[6].

 

قالوا: وإنما يُعرف ذلك بالنظر إلى أخواتها المتزوجات وأُسرتها، أو أنها كانت متزوجة فطُلِّقت لعُقمها ونحوه.

 

أما الرجل، فكذلك يُتحرَّى فيه الصلاح والتقوى، وتحري صلاحه ألزمُ وأوجب لاعتبار قوامته ورئاسته للأسرة، فبصلاحه يصلح مَن في البيت من النساء والولدان، وبفساده يفسدون إلا من رحِم الله، وقد نوَّه العلماء بالأهمية القصوى لصلاح الزوج لهذا الاعتبار، من ذلك ما نقله شيخ الإسلام ابن تيميَّة- رحمه الله- عن زيد بن ثابت- رضي الله عنه- قال: الزوج سيد في كتاب الله، وقرأ قول الله تعالى: ﴿ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ﴾ [يوسف: 25].

 

وقال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه -: "النكاح رِقٌّ؛ فلينظر أحدكم عند مَن يرق كريمته"[7].

 

وفي قصة فاطمة بنت قيس- رضي الله عنها- لَما بانت من زوجها وخطَبها معاوية ابن أبي سفيان وأبو جهم، استشارت النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أمَّا أبو جهم، فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية، فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد)).

 

فكرِهته، ثم قال: ((انكحي أسامة))، فنكَحته، فجعل الله فيه خيرًا، واغتَبطت[8].

 

وقد عاب هنا البخل والشُّح، والتقتير في الإنفاق، وهو من لوازم الصعلكة، وهي الفقر، كما عاب الشدة والغلظة، أو كثرة الأسفار، وعبَّر عنه بحمْل العصا على العاتق، وكلاهما شديد على المرأة، فكان من حُسن العشرة السخاء والبذل من غير سرفٍ، مع تمام المؤانسة والملاطفة التي لها تسود المودة، وتَكمل المحبة.

 

وفي حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((إذا خطَب إليكم مَن ترضون دينه وخلقه، فزوِّجوه، إلا تفعلوا، تكن فتنة في الأرض وفساد عريض))[9].

 

وقال لسُبيعة بنت الحارث لَما مات زوجها، وانقضت عدتها: ((إن وجدتِ زوجًا صالحًا، فتزوَّجي))[10].

 

فالصلاح والاستقامة والديانة والأمانة، هي المُعوَّل عليه قبل الاعتبارات الأخرى، وهي ما إن رُوعِيت في الزوجين معًا، تمت لهما السعادة وهَنِئا بالعيش الوفيق، وتهيَّأ بذلك البيت الصالح الذي تدرج في أكنافه الحداثة والطفولة السعيدة- بإذن الله.

 

المبحث الثاني: تحري البيئة الصالحة لتكوين الأسرة:

البيئة هي التربة التي تَنبت فيها الطفولة، وتدرج فيها الحداثة، ويَترعرع فيها الشباب، فهي من الأهمية بمكان، ولقد حضَّ الشارع على إصلاح البيئة، وشرع التدابير الكثيرة لإصلاح ما قد يفسُد من عناصرها، ولصيانة ما قد يعتريها من آفة اجتماعية أو مثلبة أخلاقية، ولضمان أن تستمر البيئة صالحة مصلحة، وليَترعرع الناشئة في محضن طيِّب، ومَنبت كريم.

 

وتحري البيئة الصالحة من جملة مسؤوليات الآباء في مرحلة ما قبل إنجاب الأولاد، ولعل من أهم العوامل التي تسهم في تحقيق هذا المطلب، ما أُلخصه في الفقرات التالية:

مصاهرة البيت الأصيل:

وهذا إضافة لما سبَق الحديث عنه من ضرورة اختيار الزوجة المسلمة العفيفة ذات الدين والخلق، فبيوت المسلمين وإن كانت تتكافأ في أصل الديانة، إلا أنها تتفاوت في درجة الاستقامة، وتوخِّي الفتاة وكذلك الفتى من بيت أصيل- نشأ أفراده على الصلاح والتقوى؛ حتى صار طبعًا فيهم، وسرى في جِبَلَّتهم- من مسؤولية الزوجين، وله دوره الأصيل في صلاح عُش الزوجية.

 

ومما يحقق ذلك: البحث عن البيئة الصالحة والمجتمع الطيب، وتأمَّل ما جاء في تغريب الزاني بعد جلْده من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- كما في قصة الرجل الذي زنا أجيره بامرأته، وقال النبي- صلى الله عليه وسلم- لوالد الأجير: ((وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام))[11]، والتغريب من حكمه: تغيير البيئة بترْك المحيط الفاسد، والبحث عن محيط أفضل وأزكى.

 

والإسلام يرغب في الوقاية من الجريمة قبل وقوعها، ويوجِّه إلى اختيار الزوجين الصالحين قبل أن تبدر بوادر الانحراف أو الاعوجاج عن سواء السبيل، ووسائل الإغراء والإغواء في هذا العصر أكثر وأعتى من ذي قبل، فكان توخِّي البيوتات الأصيلة ذات المعادن النفيسة، بُغية كل تَقي، وفي الأثر: "تخيَّروا لنطفكم؛ فإن العِرق دسَّاس".

 

اختيار الجيرة الصالحة:

فالجيرة الصالحة عون بعد الله تعالى على نوائب الدهر، وعامل مهم من عوامل صلاح الولد واستقامته؛ لا سيما إن وُفِّق المسلم إلى جار صالح مصلح، يتَّسم بالحكمة في الدعوة إلى الله تعالى، ويعي حقوق الجيرة، ويقوم بها حقَّ القيام.

 

ولقد وصى الله- تبارك وتعالى- بالجار وصية بليغة؛ إذ قال- جل ذكره -: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ﴾ [النساء: 36].

 

ولقد تناقَل المفسرون قول ابن عباس- رضي الله عنهما -: الجار ذو القربى؛ يعني: الذي بينك وبينه قرابة، والجار الجُنب الذي ليس بينك وبينه قرابة[12].

 

وفي تعظيم حق الجار حديت عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار؛ حتى ظنتُ أنه سيورِّثه))[13].

 

وفي بيان حقوق الحيرة: حديث أنس- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدكم؛ حتى يحب لأخيه- أو قال: لجاره- ما يحب لنفسه))[14].

 

وهذه الحقوق المتبادلة بين الجيران لها أثرها بينهم وفي علاقاتهم، كما أن لها أثرًا عند الله تعالى إن قام بها المسلمون، أو فرَّطوا فيها وضيَّعوها، ففي حديث عبدالله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((خير الأصحاب عند الله، خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله، خيرهم لجاره))[15].

 

الحرص على الرُّفقة الطيبة والجليس الصالح:

ذلك لأن الإنسان كما أنه ابن بيئته، فهو أيضًا صِنو رفيقه وجليسه، وقد قالوا: قل لي مَن جليسك، أقل لك مَن أنت!

 

والحرص على الرفيق والجليس والعشير الصالح، بُغية المسلم في نفسه وولده وسائر قُرنائه، ومَن له به صلة، لا يعدل عن ذلك لغير حاجة شرعية، وحسبنا في بيان "أثر الجليس والرفيق" إيجابًا أو سلبًا حديث أبي موسى- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((مثلُ الجليس الصالح والجليس السوء، كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يَعدمك من صاحب المسك؛ إما تشتريه، أو تجد ريحه، وكير الحداد يَحرق بدنك أو ثوبك، أو تجد منه ريحًا خبيثة))[16].

 

المجتمع الصالح:

وهو البُنيان المتراص من الأُسر الإسلامية والأفراد الصالحين، وتوخيه ليس يقل أهمية عن الجيرة الطيِّبة والرُّفقة الصالحة، والمنبت الكريم؛ لأن النفس البشرية نزَّاعة إلى (الاتجاهات الفكرية) التي تسود المجتمع صالحًا كان أو فاسدًا، فالروح الجماعية والاندماج في المجتمع من خصائص الإنسان؛ ولذا قالوا: الإنسان اجتماعي بطبعه.

 

وفي توخي المجتمع الصالح وأثره الحميد: قول الله- جل ذكره -: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69].

 

وإن (الإحساس) بالمعصية وإدراك قيمة الطاعة، لهو معيار صلاح المجتمع؛ قال عبدالله بن مسعود- رضي الله عنه -: "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه! وإن الفاجر يرى ذنوبه كذُباب مرَّ على أنفه، فقال به هكذا"، وقال بيده فوق أنفه[17].

 

ولَما انقَضت القرون الثلاثة المفضَّلة، خفَتت في الكثير من القلوب جَذْوة الإيمان، واستهان كثير من الناس بالمعاصي، فتضاءل صلاح المجتمعات، واشتدت الحاجة إلى تبصير المسلمين بحقائق دينهم، ومسالك الرشد في حياتهم، وفي هذا قول الصحابي الجليل أنس بن مالك- رضي الله عنه -: "إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنَعُدها على عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- من الموبقات"[18]؛ أي: المُهلكات.

 

وإن توخي المجتمع الصالح يكون في درجة صلاح الصحابة- رضوان الله عليهم- وإن كان غير متحقق لمن جاء مِن بعدهم، إلا أن تحري المجتمع الأصلح بمقاييس كل عصر مع بذل الجهد في ذلك، هو الذي يقع ضمن مسؤوليات الآباء، وإذا كثُرَ الخبث وبُثَّت الفتن، وفسد الخاصة والعامة، ولا نخال ذلك حادثًا في هذا العصر، فإن التوجيه النبوي في ذلك الحين هو اعتزال الفتن، وحِفظ النفس والذرية من بلاء المحَن، وفيه حديث أبي سعيد- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنمًا يتتبَّع بها شَعَف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن))[19].

 

وإذا تسبَّب الأبوان في غربة الأولاد عن دينهم وأمتهم، فإنهما يتحملان كامل المسؤولية في ذلك، كمن يقيم بين ظهراني قوم كافرين لغير حاجة مُلحة ولا ضرورة ملجئة، وكمن يستوطن بلاد الكفار، حتى إذا كبَر الأولاد، ذابوا في المجتمع النصراني أو اليهودي، أو الشيوعي أو الملحد، أو اللاديني، فتراهم لا يعرفون صلاة ولا زكاة، ولا صومًا ولا حجًّا، بل وربما لا يُحسن أحدهم قراءة الفاتحة!

 

وإن نشأة الأولاد بين قوم مسلمين، لمن آكَد واجبات الآباء، وكم تسبب الأبوان في ضياع أولادهم في مجتمعات الكفَرة، بل قد تتزوَّج الفتاة المسلمة من يهودي أو نصراني أو مُلحد، فيُعاشرها وينجب منها، وهي: إما أنها تجهل الحكم، وأن ذلك حرام لا يجوز، أو أنها لا تَكترث بذلك؛ لقلة تديُّنها، وضَعْف أمانتها، أو أنها تحتال مع زوجها المزعوم، فيُسلم- على الورق- دون أن يُقيم شعائر الدين.

 

وأيضًا المتزوجون من المسلمين بالكتابيات لغير حاجة، وهذا وإن كان مباحًا في ديننا، إلا أن له أضراره وأخطاره، كتذبْذُب الأولاد بين أبيهم وملَّة أمهم، ووقوعهم ضحية الإغراءات المتعددة، وقد يعود الأب المسلم أدراجه تاركًا أبناءه المسلمين عند أخوالهم الكافرين تحت رِبْقة القانون، وقد يتنصَّرون؛ لإهمال الأب المسلم، وسوء اختياره، وضَعف هِمَّته، وفي حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته))، وذكر من ذلك: ((والرجل راعٍ على أهل بيته ومسؤول عن رعيَّته، والمرأة راعية في بيت زوجها وولده، ومسؤولة عن رعيتها))[20].

 

ومثل هذا الأب- فضلاً عن تضييعه للأمانة والرعية- يكون قد ارتكب خطأً آخر، وهو مُكثه بين مجتمع كافر، وهو ما لا يحوز إلا لضرورة، والضرورة تقدَّر بقدرها، وفي حديث جرير بن عبدالله البَجَلي- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين))، قالوا: يا رسول الله، ولِمَ؟ قال: ((لا تَرايَا ناراهما))[21].

 

المبحث الثالث: القيام بواجب القوامة في البيت ولزوم جانب التقوى، وأثر ذلك في تحقيق الاستقرار الأسري والنفسي:

المسألة الأولى: قوامة الرجل:

يؤسَّس النظام الأُسري في الإسلام على مبدأ أن تكون القوامة للرجل، والقوامة مسؤولية وأمانة، فهي جملة الواجبات والحقوق التي تقع على كاهل الرجل تجاه زوجته وأولاده وبيته، والقوامة كما يقول الراغب: المراعاة للشيء والحفظ[22].

 

وفي تقرير هذا المبدأ يقول الله- تبارك وتعالى -: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 34].

 

والمعنى: الرجال لهم حق الصيانة والرعاية للنساء، والقيام بشؤونهن مما أعطاهم الله من صفات تُهيِّئهم للقيام بهذا الحق، وبسبب أنهم هم الذين يكدون ويكدحون لكسْب المال الذي ينفقونه على الأسرة[23].

 

والرجل له القوامة دون المرأة، باعتبار أهليته وقوَّته، وجملة خصائصه، وقد قال تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ [البقرة: 228].

 

وهذه الدرجة هي درجة القوامة.

 

وعليه؛ فالقوامة مسؤولية يضطلع بها الأب وحده، وتُعاونه الأم فيما لا غُنْيَة عنها فيه؛ قال القرطبي: (قوَّام) فعال للمبالغة من القيام على الشيء والاستبداد بالنظر فيه، وحفظه بالاجتهاد، فقيام الرجال على النساء هو على هذا الحد، وهو أن يقوم بتدبيرها وتأديبها، وإمساكها في بيتها، ومنْعها من البروز، وأن عليها طاعته وقَبول أمره ما لم تكن معصية[24]. والقوامة الواجبة على الرجال واسعة المجالات، لعل من أهمها فيما يتعلق بالزوجة والأولاد:

• إلزام أهل البيت بأحكام الدين، فروضه وسُننه وآدابه، إلزامًا شرعيًّا، لا سيما أركان الإسلام: الصلوات المفروضة، والزكاة، وصوم رمضان، والحج لمن استطاع إليه سبيلاً؛ تعليمًا للصغير المميِّز وتمرينًا، وإلزامًا للبالغ المكلَّف؛ امتثالاً لقول الله تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].

 

• تعليمهم أحكام الدين، بدءًا بالواجبات وما في حكمها؛ كأحكام الطهارة، ومعرفة الحلال والحرام، وتربيتهم على مكارم الأخلاق ومحامد الآداب، وإلزام الفتيات بالحجاب الشرعي، وتربيتهن عليه منذ الصغر؛ ليأْلَفْنَه ويرغبْنَ فيه، وأيضًا تعليم أهل البيت ما لا يُعذَر المسلم بجهله من أحكام الدين؛ امتثالاً لقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

 

• مراقبة الأولاد ذكورا وإناثًا، ومتابعتهم وتفقُّدهم في جلسائهم ورُفقائهم، لا سيما في سن المراهقة، وهي سن المتاعب والتغيُّرات النفسية والفسيولوجية[25]، كما يقول علماء النفس.

 

وذلك بالأسلوب الحكيم الذي يَزرع فيهم حب الخير والرغبة في التمسك به، والنفور عن الشر وبُغضه.

 

• العمل الدؤوب على (ضبط) البيت مما هو من اختصاصات وواجبات الأب القيِّم المُشفق الحاني الباني، الذي يتحسَّس الرغبات، ويسد الحاجات، ويوجِّه ويرشد وينصح.

 

المسألة الثانية: لزوم جانب التقوى:

تقوى الله تعالى هي مظلة البيت المسلم الآمِن، وتقواه- جل ذكره- باب واسع؛ قال العلماء: التقوى أن لا يراك الله حيث نهاك، ولا يفتقدك حيث أمرَك، ولو استشعر كل واحد من الزوجين هذا المعنى الجليل وربَّى عليه أولاده، لسعِد الناس، ولعاشوا أرغد عيشٍ وأهنأه.

 

ومن لوازم تقوى الله تعالى- مما هو من خصائص البيت المسلم، وما يطالب به الأبوان فيما يتعلق بمسؤولياتهم تجاه الأولاد- الالتزام بأهداب الدين الحنيف التزامًا شاملاً- عقيدة، وعبادة، وأخلاقًا- التزامًا دائمًا مستمرًّا غير متقطِّع؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾ [البقرة: 208].

 

والمعنى أن عباد الله المؤمنين له، المصدقين برسوله، عليهم أن يأخذوا بجميع عُرى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترْك جميع زواجره، ما استطاعوا ذلك[26].

 

ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان الالتزام والتمسك بالدين الحنيف خالصًا لله تعالى، فيكون الأبوان صالحين في ذات أنفسهما، يحافظان على الصلوات وعلى باقي أركان الإسلام وأركان الإيمان والإحسان، وألا يَرتكبا من المعاصي ما يطعن في عدالتهما، ويذهب بوقارهما، فلا يُصِرَّا على صغيرة، ولا يقعا في كبيرة؛ لأن تربية الأولاد مهمة جليلة وعمَلٌ شاق غير يسير، والله تعالى يقول: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45].

 

فالالتزام بالدين حِلية الأبوين، وأسلوب تربية الأولاد، والبيت الذي لا يعرف الالتزام بالدين عاجز عن التربية، وفاقد الشيء لا يُعطيه.

 

ومن أعظم أبواب التقوى، مما يطالب به المسلم في نطاق بيته وأسرته، ما أذكره ملخَّصًا في الفقرات التالية:

1- معرفة جناب التوحيد والالتزام به:

بأن يعبد المسلم ربه- عز وجل- لا يشرك به شيئًا، ولا يعتقد في غير الله تعالى- كائنًا من كان- أنه يملِك شيئًا من خصائص الألوهية؛ كالضر والنفع، والعطاء والمنع، والتصرف في الكون، ولا يتورَّط في الخرافات والبدع المكفِّرة أو المُفسِّقة، فإن شأن التوحيد عظيم، وهو أساس الدين، وبغير تحقيقه لا ينتفع الإنسان بعملٍ، بل لا يكون مسلمًا؛ إذ إن عبادة الله تعالى وحده لا شريك له ومعها متابعة النبي- صلى الله عليه وسلم- هو لبُّ الدين وحقيقته وأساسه، وهذا من ثوابت الدين وأصوله، ومن النصوص الكثيرة في ذلك قول الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25].

 

وحديث أبي الدرداء- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((لا تشرك بالله وإن قُطِّعت وحُرِّقت، ولا تترك صلاة مكتوبة متعمدًا، فمن ترَكها متعمدًا، فقد بَرِئت منه الذمة، ولا تشرب الخمر؛ فإنها مِفتاح كل شر))[27].

 

2- التحصن بالأوراد المشروعة:

وأفضلها تلاوة كلام الله تعالى، فالبيت المسلم يتميز عن غيره من البيوت بكثرة ذكر الله بُكرة وأصيلاً؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 41- 42].

 

ومن السنة النبوية الشريفة: حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((لا تَجعلوا بيوتكم مقابر؛ إن الشيطان يَنفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة))[28].

 

وفي حديث أبي مسعود الأنصاري- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَن قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة، كفتاه))[29].

 

وأيضًا ما ورد في فضْل وأثر تلاوة القرآن كله أو بعضه؛ كآية الكرسي، وأواخر الكهف، والمعوذتين والفاتحة، وفي كل ذلك نصوص كثيرة لا يتسع المقام لسردها، وفي حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- مرفوعًا: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزَلت عليهم السكينة، وغشِيتهم الرحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكَرهم الله فيمن عنده، ومَن تباطأ به عمله، لم يُسرع به نسبه))[30].

 

ولقد كان السلف الصالح شديدي الحرص على الأذكار على كثرتها وتنوُّعها؛ كأذكار الخروج من البيت والدخول إليه، وأذكار النوم والاستيقاظ منه، وأذكار دخول الحمام، أو دورات المياه والخروج منها، وأذكار السفر، وأذكار الطعام، والاستخارة، ودعاء القنوت، وغيرها كثير، وكانوا يعلِّمون ذلك أولادهم، ويربونهم عليها، لا سيما الأذكار التي يقولها المسلمون عقِب أداء الصلوات.

 

قال عمرو بن ميمون: كان سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- يعلِّم بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلم المعلم الغِلمان الكتابةَ، ويقول: "إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يتعوَّذ منهنَّ دُبر الصلاة: "اللهم إني أعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أُرَدَّ إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر"[31].

 

ومن الأذكار الجامعة التي ينبغي ألاَّ تفوت المسلم، ولا يغفل عنها: ما رواه سَمُرة بن جُندَب- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((أفضل الكلام أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر))[32].

 

وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((كلمتان خفيفتان في اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم))[33].

 

وما أحوج البيت المسلم إلى الآيات البيِّنات تُتلى فيه آناءَ الليل والنهار، وذكَر الله- عز وجل- تَلهج به ألسِنة المسلمين في بيوتهم ونواديهم وأسواقهم؛ ابتغاءً لفضل المولى الباري- جل وعز- ودَرْءًا لأخطار شياطين الإنس والجن، وتحصُّنًا من أدواء الحقد والعين، وكل مكروه، وتزكية للنفوس.

 

وإن هذا لمن خصائص البيت المسلم؛ كما نوَّه بذلك وبآثاره النبي- صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي موسى- رضي الله عنه- مرفوعًا: ((مثلُ البيت الذي يُذكر الله فيه والبيت الذي لا يُذكر الله فيه، مثلُ الحي والميت))[34].

 

وعنه أيضًا: ((مثلُ الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه، مثلُ الحي الميت))[35].

 

وكل هذا؛ كيلا يكون للغضب المذموم والنزاعات والشقاق مكانٌ في بيت المسلم، حتى إذا فتح الولد عينيه، وبدأ يميِّز الخير من الشر، وجد بيتًا آمنًا، تَملأ جَنباته آثار التقوى، ووجد والدين متحابَّين متعاونين متوادَّين، تلهج ألسِنتهما بذكر الله، وتُشرق وجوههما بأنوار القرآن، وإقامة الصلوات، ووجَد إخوة وأخوات قد تشرَّبوا أخلاق القرآن، فهم يتلونه ويحفظونه ويعملون به، فينشأ نشأة إسلامية سوية، وهذا من الجوانب الأساسية في مسؤولية الآباء.

 

ولئن ذُكِر التحصن بالأوراد الشرعية ضد الشيطان ونفْخه ونفثه وكيده، فإن ذلك يَستتبع أن يذكر تجنُّب مواقع العطب ومواضع الزَّلل، فالإنسان مهما زكت نفسه واستقامت طريقته، ليس يخلو من شبهة تَعرض له، أو شهوة تعتري حياته؛ لذا ينبغي للمسلم أن يتقي أسباب المعاصي، ويقي أهله وولده ذلك؛ عملاً بقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

 

إن سد منافذ الشيطان، والأخذ بالحيطة والحذر، وقطع أسباب الغواية، وغلْق أبواب الشر قبل أن يقع، وقبل أن يَستفحل- باب عظيم في وقاية الأهل والولد المفاسد الأخلاقية والنفسية، والإسلام يأمر المؤمنين بالوقاية قبل العلاج، وبأخْذ الحيطة والحذر قبل فوات الأوان، فالشيطان عدو الإنسان، والشيطان لا يَفتر عن الكيد له وإغوائه بكل طريق يَقدر عليه؛ قال تعالى: ﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الإسراء: 64].

 

ومن وسائل الشيطان في الإغواء والإغراء مما عمَّت به البلوى في عصرنا: الصورة الداعرة، والكلمة الماجنة، واللهو المطغي، ومن الوسائل التي تغوي الأولاد على اختلاف أعمارهم: التدرُّج في الغواية خُطوة خطوة على حد قول الباري- جل ذكره -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 168] وقوله: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [لقمان: 6].

 

3- تطبيق السنة داخل البيت:

وهو باب واسع جدًّا، أختار منه ما يناسب المقام، فمن ذلك:

• ما يخص الأمور الزوجية الخاصة، ففي حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((لو أن أحدكم إذا أتى أهله، قال: بسم الله، اللهم جنِّبنا الشيطان، وجنِّب الشيطان ما رزقتنا، فقُضِي بينهما ولد، لم يضرَّه))[36].

 

• ومنه ما هو من خُلق المسلم في التواضع واللين، والسماحة والرفق، والتعاون داخل البيت، ولَما سُئلت أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- ما كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يصنع في بيته؟ قالت: "كما يصنع أحدكم، يَخصف نعْله، ويرقع ثوبه- وفي رواية- كان يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته- وفي رواية- كان بشرًا من البشر، يَفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه"[37].

 

• ومنه ما يخص معاملة الخدم، وفيه الرفق بهم ومُلاطفتهم، وترْك سبِّهم وتعنيفهم، والقسوة عليهم من غير مسوِّغ شرعي، وتحميلهم ما لا يطيقون، وفي حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله لُقمة أو لُقمتين، أو أكلة أو أكلتين؛ فإنه ولي علاجه))[38].

 

ويُستحسن هذا ويتأكد إذا كان الخادم غير مسلم؛ ليرى أخلاق المسلمين، وليكون ذلك من أساليب دعوته إلى الإسلام وسماحته وفضائله.

 

• ومنه الرحمة والشفقة بالضعفاء والأطفال، والعطف عليهم وتفقُّدهم؛ فعن أبي الدرداء- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((ابغوني الضُّعفاء، فإنما تُرزقون وتنصرون بضعفائكم))[39].

 

وتقول أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها -: "إنه- صلى الله عليه وسلم- كان يؤتى بالصِّبيان، فيَبرك عليهم ويُحنكهم، فأُتي بصبي، فبال عليه، فدعا بماءٍ، فأتبعه بوله، ولم يَغسله"[40].

 

• ومنه ما يتعلق بالأولاد من أحكام؛ كالتسمية والعقيقة والرعاية، ففي التسمية ينبغي اختيار اسم جميل مناسب، فللاسم أثرٌ بيِّن في شخصية الإنسان؛ إذ يلازمه طوال حياته، ويُنادى به يوم القيامة.

 

وخير الأسماء ما عُبِّد لله تعالى؛ ففي حديث عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما- عن النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((أحب الأسماء إلى الله: عبدالله وعبدالرحمن، وأصدقها حارث وهمَّام، وأقبحها حرب ومُرَّة))[41].

 

ويَحرم تعبيد الأولاد لغير الله تعالى؛ قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة- رحمه الله- بعد أن ذكر الأسماء الشِّركية؛ كعبدالكعبة، وعبدشمس، وعبدالمسيح، وعبداللات، والأسماء الغالية؛ مثل: غلام الشيخ، أو كلام الحريري...، قال: وشريعة الإسلام الذي هو الدين الخالص لله وحده: تعبيد الخلق لربهم؛ كما سنَّه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وتغيير الأسماء الشركية إلى الأسماء الإسلامية، والأسماء الكفرية إلى الأسماء الإيمانية، وعامة ما سمى به النبي- صلى الله عليه وسلم- عبدالله، وعبدالرحمن؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الإسراء: 110].

 

فإن هذين الاسمين هما أصل بقية أسماء الله تعالى[42].

 

ولقد غيَّر النبي- صلى الله عليه وسلم- الأسماء التي توحي بتزكية النفس، فإن زينب كان اسمها "بَرَّة"، فقيل: تزكِّي نفسها، فسماها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- زينب[43]، قالت زينب بنت أم سلمة- رضي الله عنهما -: "كان اسمي بَرَّة، فسماني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- زينب، قالت: ودخلت عليه زينب بنت جحش واسمها بَرَّة، فسماها زينب"[44].

 

وكان لعمر- رضي الله عنه- ابنة يقال لها: عاصية، فسماها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جميلة[45].

 

ومن الأسماء التي يتسمَّى بها بعض المسلمين اليوم: فاتن، وغلام رسول، ووردة، وإيمان، وموزة، وميري، وتغريد، وهدى، ونحو ذلك مما له دلالة غير سويَّة، فهي: إما تتضمَّن تزكية، أو استهجانًا، أو غُلوًّا، وكل ذلك منهي عنه، وقد أفاض ابن القيِّم في هذا الموضوع بما لا مزيد عليه، فليُرجَع إليه للاستزادة[46].

 

وأما العقيقة، فسنة المصطفى- صلى الله عليه وسلم- كما في حديث عائشة- رضي الله عنها- إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أمرَهم عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة"[47].

 

وفي حديث سَمُرة بن جُندَب- رضي الله عنه- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((الغلام مُرتهن بعقيقته، يُذبح عنه يوم السابع، ويُسمَّى، ويُحلَق رأسه))[48].

 

قال أبو عيسى الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم، يستحبون أن يُذبح عن الغلام العقيقة يوم السابع، فإن لم يتهيَّأ يوم السابع، فيوم الرابع عشر، فإن لم يتهيَّأ، عُقَّ عنه يوم حادٍ وعشرين، وقالوا: لا يُجزئ في العقيقة من الشاء، إلا ما يُجزئ في الأُضحية.

 

وأما الأذان، فمن السنة الأذان في أُذن المولود؛ لحديث رافع، قال: "رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أذَّن في أُذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة"[49].

 

قال الإمام ابن القيم: وسر التأذين- والله أعلم- أن يكون أول ما يقرع سمْع الإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظَمته، والشهادة التي هي أول ما يدخل بها في الإسلام، فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا، كما يُلقَّن كلمة التوحيد عند خروجه منها، وغير مُستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه، وتأثيره به وإن لم يشعر[50].

 

وأما الختان- وهو موضع القطع من الذكر والأنثى[51]- ففي الذكر تُقطع القُلفة؛ أي: الغُرلة، وهي الحرف المستدير على أسفل الحشفة، وفي الأنثى تُقطع جلدة كعُرف الديك فوق الفرج[52].

 

وختن الصبي عند الجمهور واجب، والسنة ختنه يوم سابعه- إن تيسَّر.

 

4- تجنُّب الإسراف والمباهاة:

وهذا بابه واسع، والإسراف محرَّم؛ سواء في المطعم، أو المشرب، أو الملبس، أو الإنفاق، أو غيره، ففي المطعم والمشرب يقول الله تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31].

 

وفي حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة))[53].

 

وفي حديث جابر- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية"[54].

 

وفي حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((الكافر يأكل في سبعة أمعاء، والمؤمن يأكل في مِعًى واحد))[55].

 

وهذه الأحاديث كما أنها تأمر بالكرم والبذل وإتحاف الجيران والأضياف، فإنها أيضًا تنهى عن التبذير والإسراف والانحراف عن المنهج الوسط، وهو ما بين التقتير والإسراف.

 

ولئن كان الإسراف والتبذير والمباهاة في المأكل والمشرب منهيًّا عنه، فكذلك في المواعين ونحوها، ففي اتخاذ الأواني من الذهب والفضة، وهو من الإسراف والمفاخرة، ورَد الوعيد في ذلك؛ كما في حديث أم سلمة- رضي الله عنها- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((الذي يشرب في آنية الفضة، إنما يُجرجر في بطنه نار جهنم))[56].

 

وفي الإسراف في التأثيث والفُرُش حديث جابر- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ((فراش للرجل وفراش للمرأة، والثالث للضيف، والرابع للشيطان))[57].

 

5- مراعاة الآداب العامة والعرف الشرعي:

ومنه الالتزام بآداب المسلم في حياته اليومية، ومن ذلك- مما يتَّسع له المقام- أدب السلام والاستئذان، وأدب التشميت، وأدب التثاؤب، والتيامن في المطعم والمشرب والملبس، وكل شأن شريف، وسلامة الصدر من الضغائن، والنصح لكل مسلم، تلك الآداب التي تتسم بها بيوت الأخيار، ودونك بعض النصوص الواردة في ذلك، مع بيان ما تهدي إليه، وتدل عليه، وتأمر به:

• في الاستئذان وتحية السلام: قول الباري- جل ذكره -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النور: 27].

 

وتربية الولد على هذا الأدب، إنما يكون منذ سنِّ التمييز ولا يهمل؛ كيلا يتعوَّد على الفوضى، فللبيوت حُرماتها وعوراتها، وكذلك تحية السلام؛ سواء البدء به، وهو سُنة، أو الرد، وهو واجب يُعَلَّمه ويُؤدَّب على ترْكه؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 86].

 

ولقد كان السلف الصالح يعلمون أولادهم ذلك، ويحرصون عليه؛ كما في حديث أنس- رضي الله عنه- أنه مرَّ على صبيانٍ، فسلَّم عليهم، وقال: "كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يفعله"[58].

 

قال ابن حجر: قال أبو سعيد المتولي: مَن سلَّم على صبي، لم يجب عليه الرد؛ لأن الصبي ليس من أهل الفرض، وينبغي لوليه أن يأمره بالرد؛ ليتمرَّن على ذلك...، ولو ابتدأ الصبي بالسلام، وجَب على البالغ الرد على الصحيح، ويُستثنى من السلام على الصبي ما لو كان وضيئًا، وخُشِي من السلام عليه الافتتان، فلا يُشرع، ولا سيما إن كان مراهقًا منفردًا[59].

 

وفي تشميت العاطس: حديث أنس- رضي الله عنه- وكان من شباب الصحابة، قال: عطَس رجلان عند النبي- صلى الله عليه وسلم- فشمَّت أحدهما ولم يشمِّت الآخر، فقيل له، قال: ((هذا حمِد الله، وهذا لم يحمد الله))[60]، وقد بيَّن- صلى الله عليه وسلم- بيانًا وافيًا ما ينبغي أن يقوله العاطس، وما يقال له، وكيف يرد كما في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ((إذا عطَس أحدكم، فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يَهديكم الله، ويُصلح بالكم))[61].

 

وفي التيامن- وهو استخدام اليد اليمنى، والبدء بها في الأعمال الشريفة؛ كالأكل والشرب، والكتابة، ولُبس الثوب، وكذلك تقديم الرِّجل اليمنى في التنعُّل، ودخول المسجد والبيت، وركوب الدابة- قول أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها -: "كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يُعجبه التيامن في تنعُّله وترجُّله، وطُهوره وكل شأنه"[62].

 

وكذلك استخدام اليد اليسرى في الأمور الأخرى كالاستنجاء ونحوه، والرجل اليسرى في الخروج من المسجد، وفي دخول الحمام ونحوه، كل ذلك من السنة التي يحرص عليها المسلم، ويُبصِّر بها ولده وأهله.

 

وفي النهي عن مخالفة هذه السنة: حديث جابر- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ((لا تأكلوا بالشمال؛ فإن الشيطان يأكل بالشمال))[63].

 

ومن الآداب التي ينبغي ألا يَغفل عنها المسلم: ترْك التثاؤب، أو كظْمه، وهو أمارة الكسل، وفي التثاؤب أمام الآخرين استخفافٌ بهم، ولا يتورَّط فيه إلا جهول، وفي حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ((التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم، فليردَّه ما استطاع؛ فإن أحدكم إذا قال: هاء، ضحِك الشيطان))[64].

 

في سلامة الصدر وصفاء القلب من الضغائن- وهو أساس وطيد تنبني عليه روابط الأسرة، ويُناط به استقرارها- حديث أنس- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ((لا تباغضوا ولا تَحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاثة أيام))[65].

 

6- الالتزام بالمظهر الإسلامي:

وهو واسع المضمون، يلتزم به الأبوان المسلمان ويُلزمان به مَن تحت ولايتهما من الأولاد والذرية، ومما يجدر ذكره من ذلك هنا:

• التحلي بعد لباس التقوى بحِلية وزي المسلمين، ومراعاة الحشمة في الزي والهيئة والمظهر، وتجنُّب أزياء الكفار، فللمسلمين أزياؤهم وسَمتهم، وصالح المسلمين يعتز بزيه وحشمته وهيئته، يراعي ذلك في ذات نفسه، وفي أهل بيته وولده من بنين وبنات، ولا ينساق في تيار الأزياء التي تنافي أخلاق المسلمين، وهو اليوم على أشده.

 

ولقد وجه الإسلام إلى العناية بزي أهل الإسلام، وحذَّر من الأزياء الوافدة المنافية لأدب الحشمة والعِفة، ففي حديث عبدالله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال: رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عليّ ثوبين معصفرين، فقال: ((إن هذه من ثياب الكفار، فلا تلبسها))[66].

 

والثوب المعصفر: المصبوغ بالعصفر، وهو صبغ أصفر اللون، ولئن كان النهي قد ورد لاعتبار اللون الذي تشبَّه فيه بالكفار، فكيف بالألبسة الضيِّقة والشفافة والعارية، التي تُعَد من أزياء الكفار ورسومهم، والتي تُبرز المفاتن، وتذهب بالحياء، وتُورث الوقاحة والابتذال؟!

 

وفي لُبس الحرير وأنه محرَّم على الرجال: حديث حذيفة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ((لا تَلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا، ولنا في الآخرة))[67].

 

فلا يجوز إلا لحاجة وضرورة شرعية؛ كما في حديث أنس- رضي الله عنه- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((مَن لبِس الحرير في الدنيا، لم يلبسه في الآخرة))[68].

 

والاهتمام بالمظهر والهيئة والزي، ومعرفة حد الشرع- فيه جزء من الالتزام بآداب الإسلام السمحة، التي تغرس في المسلم الفضيلة والأنَفة، وتُضفي عليه الوقار، وتَقيه الدَّعة والميوعة! ولقد كتب عمر- رضي الله عنه- إلى عامله بأذربيجان أبي عثمان، قائلاً: "وإياكم والتنعُّم وزي أهل الشرك، ولُبس الحرير؛ فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نهى عن لبوس الحرير، قال إلا هكذا، ورفَع إلينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إصبعيه: الوسطى والسبابة، وضمَّهما"[69].

 

ومن لزوم جانب التقوى في اللبس: أن يكون ثوب الرجل والصبي المميِّز فوق الكعبين، يتعاهد ذلك ويتوخَّاه؛ ففي حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((ما أسفل الكعبين، ففي النار))[70].

 

وفي حديث سالم بن عبدالله عن أبيه- رضي الله عنهما- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((مَن جرَّ ثوبه خُيلاءَ، لم ينظر الله إليه يوم القيامة))، قال أبو بكر: يا رسول الله، إزاري تسترخي، إلا أن أتعاهد ذلك منه؟ فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((لستَ ممن يصنعه خُيلاءَ))[71].

 

والخيلاء: الكبر والعُجب؛ كما يقول ابن الأثير[72].

 

ومن العُرف الشرعي: أن يكون بيت المسلم خاليًا من مظاهر الترف والتبذير والإسراف، ومما عمَّت به البلوى في عصرنا في هذا الباب: افتتان الناس بالمظاهر الخادعة؛ حيث التأثيث الفاخر، والأُبهة الجاذبة والمُلهية عن ذكر الله والدار الآخرة، ومن النصوص التي توجَّه في هذا: حديث أبي طلحة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ((لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تصاوير))[73].

 

وحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه تماثيل وتصاوير))[74].

 

واتخاذ الكلاب لغير الحرث والصيد من سمات الكافرين، ولم تكن في بيوت المسلمين في تاريخهم كله قط، وكذلك تعليق التصاوير في البيوت وغيرها؛ سواء كان لقصد الذكرى كما يقولون، أو لأي غرضٍ آخر، وكل ذلك لا يجوز إلا ما حكَمت به الضرورة كتصاوير البطاقات الشخصية وما أشبهها، والضرورة تُقدَّر بقدرها؛ كما قال علماء أصول الفقه.

 

وكذلك اتخاذ الستور الفاخرة لغير حاجة شرعية؛ قالت أم المؤمنين- رضي الله عنها -: "كان لنا ستر فيه تمثال طائرٍ، وكان الداخل إدا دخل، استقبَله، فقال لي رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ((حوِّلي هذا؛ فإني كلما دخَلت فرأيتُه، ذكَرت الدنيا))[75].

 

• يبقى بعد هذا التذكير بخصال الفطرة المتضمنة للنظافة والطهارة الحسية والمعنوية، وهي في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، ونتْف الإبط، وقص الشارب، وتقليم الأظفار))[76].

 

وينبغي للمسلم أن يحرص على إزالة شعر العانة والإبط، وأن يُقلم أظفاره كلَّ أسبوع، ولا يترك ذلك أكثر من أربعين يومًا والْتِزامه بذلك دليلٌ على وعيه الإيماني وكذلك وعيه الصحي، وهو مَعْلم من معالم التزام الأسرة بخُلق عظيم، وخَصلة شريفة، وهي خَصلة النظافة الشخصية، وسلامة الفطرة من هذه الحيثية.

 

ومن المظهر الإسلامي الذي يطالب به الرجال: إعفاء اللحية، وإحفاء الشوارب، والتميز بذلك عن المشركين، وفي حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((أحْفُوا الشوارب، وأعفوا اللحى))[77].

 

7- حجاب المرأة المسلمة:

للمرأة المسلمة دور كبير في تربية الولد وتقويمه وتهذيبه، وبصلاح المرأة يصلح البيت؛ فهي الأم الرؤوم، والأخت المشفقة، والابنة الصالحة، والزوجة المخلصة، وبفساد المرأة يفسد البيت، إلا من رحِم الله.

 

ولقد عُني الإسلام بالمرأة المسلمة عناية فائقة، وشرع لها من التدابير ما يَكفل لها معيشة هنيَّة رخيَّة، بعيدة عن المتاعب والمشاق؛ لتؤدي دورها التربوي في بيت آمنٍ، وفي كنف زوجٍ تقي، وبين أبناء صالحين، ومن جملة هده التدابير: الحجاب الشرعي، والحجاب بمدلوله الواسع يتضمن التستر الحسي والمعنوي، فالمرأة عورة إذا برَزت، استشرفها الشيطان، فكان لا بد لها من حجاب يقيها عيون المتلصِّصين وكيْدهم، وأدب يصونها من مزالق الغواية والردى.

 

ولقد عُرِفت المرأة المسلمة على امتداد تاريخ المسلمين الطويل بالعفاف والحياء والقرار في البيت، وعدم مخالطة الرجال الأجانب، وكان ذلك جزءًا من شخصيتها وكِيانها، ومِن ثَمَّ تخرَّج على يديها المجاهدون والأئمة المَهديون، والعلماء الربانيون.

 

وفي حجاب المرأة: قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59].

 

وفي كونها عورة لا يجوز بروزها: قوله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33] وفي بيان محارمها قوله تعالى: ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

 

وقد استنبط العلماء لحجاب المرأة الحسي شروطًا هي[78]:

1- أن يكون ساترًا سابغًا.

 

2- وألا يكون في نفسه زينة.

 

3- وألا يكون واصفًا؛ كالضيِّق، والصفيق، والشفَّاف.

 

4- وألا يكون من لباس الكفار، ولا من لباس الرجال، ولا لباس شهرة.

 

كما ذكروا لحجابها المعنوي- وهي جملة آداب المرأة المسلمة- معالم، هي:

1- أن تقرَّ في البيت، فلا تخرج إلا لحاجة وضرورة.

 

2- ألا تُرقِّق قولها، ولا تخضع فيه، فيطمع الذي في قلبه مرض.

 

3- ألا تبرز إلى الرجال الأجانب، ولا تخالطهم.

 

4- ألا تختلي برجل أجنبي، ولا تسافر إلا ومعها مَحرم أو زوج.

 

5- ألا تخرج من بيتها متعطِّرة متزينة؛ كيلا تكون فتنة!

 

6- ألا تكشف الوجه ولا الكفين، فذلك من العورة[79].

 

وحرِي بالمرأة المسلمة العفيفة المصونة، التي تدرك مكانتها في الأسرة ودورها التربوي في رعاية الناشئة، الملتزمة بحجابها الوقور، الصالحة في نفسها، المتطلعة إلى معرفة أحكام دينها- أن تكون بعيدة عن مواطن الشهوات والفتن، وأن تقوم بدورها على خير وجهٍ، وقد قالوا:

الأمُّ مدرسة إذا أعْدَدتها
أعدَدت شعبًا طيِّب الأعراق

 

هذا وما من ريبٍ في أن قيام الرجل بواجب القوامة في بيته على الوجه المرضي، له آثاره الحميدة في انتظام أفراد البيت في واجباتهم المعاشية والمعادية، ومعرفتهم بالحقوق والواجبات، وتخلُّقهم بأخلاق المسلمين.

 

كما أن لزوم جانب التقوى من جميع أفراد الأسرة- بدءًا بالأب فالأم- له كذلك ثمراته المباركة؛ إذ ينشأ ناشئ الفتيان على تقوى الله- عز وجل- وابتغاء مرضاته، وتجنُّب معصيته وسَخطه، وفي ذلك استتبابٌ للأمن في المجتمع، فبصلاح الأُسر يصلح المجتمع، وبفسادها يفسد، كما أن لصلاح الأسرة المسلمة أثرًا بالغًا في تحقيق التوازن العاطفي والانفعالي، فتختفي أو تخفت المشكلات النفسية المتفشِّية في المجتمعات التي لا تتقي الله، ولا تعرف التقوى، ولا تريد أن تعرفها؛ كالاكتئاب، والقلق، والانحراف السلوكي، وجنوح الأحداث، والشذوذ الجنسي، والتطرف الديني، وما ينتج عنه من ويلات تَحيق بالمجتمع؛ كالعنف والجريمة، والانتحار.

 

وإن درء هذه الأخطار المُهلكة لمن واجبات المجتمع، ويبدأ هذا الواجب من البيت بقيام الآباء بواجباتهم ومسؤولياتهم تجاه الأبناء.

 

فالحمد لله على نعمة الإسلام، له الحمد في الأولى والآخرة، وهو الحكيم الخبير.

 

المصدر: من كتاب " مسؤولية الآباء تجاه الأولاد "، للدكتور عبد الرب نواب الدين آل نواب



[1] هذا ملخص الحديث، وقد رواه البخاري في كتاب النكاح (5127)، وأبو داود في كتاب الطلاق برقْم (2272).

[2] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب النكاح (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع (1466).

[3] الفتح (9/ 135).

[4] رواه مسلم في كتاب الرضاع (1467)، وابن ماجه في كتاب النكاح (1855)، والنسائي في كتال النكاح (3232)، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة (6279).

[5] رواه ابن ماجه في كتاب النكاح (1857).

[6] رواه أبو داود في كتاب النكاح (2050)، وابن ماجه في كتاب النكاح (1863)، والنسائي في كتاب النكاح (3227)، وأحمد في مسند الأنصار (21912)، واللفظ للنسائي.

[7] مجموع الفتاوى (32/ 263).

[8] رواه مسلم في كتاب الطلاق (1480)، وأصحاب السنن: أبو داود في كتاب الطلاق (2284)، والترمذي في كتاب النكاح (1134)، وابن ماجه في كتاب النكاح (1869)، والنسائي في كتاب النكاح، حديث رقْم (3244)، وانظر في شرح الحديث: المنهاج؛ للنووي (9/ 354).

[9] رواه الترمذي في كتاب النكاح (1084)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب النكاح (1967).

[10] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الطلاق، حديث (5319)، ومسلم في كتاب الطلاق، حديث رقم (3519)، واللفظ لابن ماجه في كتاب الطلاق، حديث رقْم (2028).

[11] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الحدود (6828)، ومسلم في كتاب الحدود (1698).

[12] انظر: تفسير ابن كثير (1/ 540).

[13] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الأدب (6014)، ومسلم في كتاب البر والصلة (2624).

[14] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الإيمان (13)، ومسلم في كتاب الإيمان (45)، واللفظ له.

[15] رواه الترمذي في كتاب البر والصلة (1944)، وقال: حسن غريب، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة (6278).

[16] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب البيوع (2101)، ومسلم في كتاب البر والصلة (2628).

[17] رواه البخاري في كتاب الدعوات (6308)، والترمذي في كتاب صفة القيامة (2421).

[18] رواه البخاري في كتاب الرقاق (6492)، وأحمد في مسند المكثرين (12143).

[19] رواه البخاري في كتاب الإيمان (19)، وأبو داود في كتاب الفتن (4267)، والنسائي في كتاب الإيمان (5036)، وابن ماجه في كتاب الفتن (3980).

[20] متفق عليه، وقد تقدَّم ص (21).

[21] رواه أبو داود في كتاب الجهاد (2787)، والترمذي في كاتب السير (1604) واللفظ له، والنسائي في كتاب القسامة (4780).

[22] المفردات، ص (416)، مادة: (قوم).

[23] المنتخب في تفسير القرآن الكريم، ص (411)، وزارة الأوقاف المصرية.

[24] تفسير القرطبي (3/ 169).

[25] الفسيولوجيا هي: علم الأحياء.

[26] تفسير ابن كثير (1/ 265).

[27] رواه ابن ماجه في كتاب الفتن، حديث رقم (4034).

[28] رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين (780)، وأبو داود في كتاب المناسك (2042)، والترمذي في كتاب فضائل القرآن (2877)، وأحمد في مسند المكثرين (7487).

[29] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب فصائل القرآن (5010)، ومسلم في كتاب صلاة

المسافرين (807).

[30] رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء (2699)، واللفظ له، وأبو داود في كتاب الصلاة (1455)، وابن ماجه في المقدمة (225)، وأحمد في مسند المكثرين (7118).

[31] رواه البخاري في كتاب الجهاد (2822)، والترمذي في كتاب الدعوات (3490)، والنسائي في كتاب الاستعاذة (2445).

[32] رواه البخاري في كتاب الأيمان والنذور تعليقًا، وابن ماجه في كتاب الأدب (3811)، وأحمد في مسند المدنيين (15816).

[33] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب التوحيد (7563)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء (2694).

[34] رواه سلم في كتاب صلاة المسافرين، حديث رقم (779).

[35] رواه البخاري في كتاب الدعوات، حديث رقم (6407).

[36] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الوضوء (141)، واللفظ له، ومسلم في كتاب النكاح (1434).

[37] رواه البخاري في كتاب النفقات، ورواه أحمد في مسند الأنصار (23756)، واللفظ له، قولها: (يفلي ثوبه)؛ أي: يبحثه؛ ليُبعد عنه ما علِق به من هوام، وقولها: (يَخصف نعله)؛ أي: يَخرزها ويَخيطها.

[38] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب العتق (2418)، ومسلم في كتاب الإيمان (1663)، واللفظ للبخاري.

[39] رواه أبو داود في كتاب الجهاد، حديث (2594)، واللفظ له، والترمذي في كتاب الجهاد (1702)، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الجهاد (3179)، وأحمد في مسند الأنصار، حديث رقم (20738).

[40] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الدعوات (6355)، ومسلم في كتاب الطهارة (286).

[41] رواه أصحاب السُّنن: أبو داود في كتاب الأدب (4950)، والترمذي في كتاب الأدب (2833)، وقال: حسن غريب، والنسائي في كتاب الخيل (3565)، وابن ماجه في كتاب الأدب (3728).

[42] مجموع الفتاوى (1/ 379).

[43] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الأدب (6192)، ومسلم في كتاب الآداب (2141).

[44] رواه مسلم في كتاب الآداب، حديث رقْم (2412).

[45] رواه مسلم في كتاب الآداب (2139)، وأبو داود في كتاب الأدب (4952)، والترمذي في كتاب الأدب (2838)، وابن ماجه في كتاب الأدب (3733)، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة (4453).

[46] انظر: تحفة المودود، فصل ما يُستحب من الأسماء وما يُكره، ص (71).

[47] رواه أبو داود في كتاب الضحايا (2842)، والترمذي في كتاب الأضاحي (1513)، واللفظ له، والنسائي في كتاب العقيقة (4212)، وابن ماجه في كتاب الذبائح (3163).

[48] رواه البخاري في كتاب العقيقة (5472)، وأصحاب السنن: أبو داود في كتاب الضحايا (2837)، والترمذي في كتاب الأضاحي (1522)، واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب العقيقة (4220)، وابن ماجه في كتاب الذبائح، حديث رقْم (3165).

[49] رواه أبو داود في كتاب الأدب، حديث رقم (5105)، والترمذي في كتاب الأضاحي، حديت رقْم (1514)، وقال: حديث حسن صحيح.

[50] تحفة المودود، ص (22).

[51] المعجم الوسيط (1/ 217)، (ختن).

[52] تحفة المودود، ص (95).

[53] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الأطعمة (5392)، ومسلم في كتاب الأشربة (2058).

[54] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الأطعمة: باب طعام الواحد يكفي الاثنين، ومسلم في كتاب الأشربة، حديت رقم (2059)، واللفظ له.

[55] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الأطعمة (5393)، ومسلم في كتاب الأشربة (2065).

[56] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الأطعمة (5634)، ومسلم في كتاب الأشربة (2060).

[57] رواه مسلم في كتاب اللباس (2084)، وأبو داود في كتاب اللباس (4143)، والنسائي في كتاب النكاح (3385)، وأحمد في مسند المكثرين (13951).

[58] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الاستئذان (6247)، ومسلم في كتاب السلام (2168).

[59] الفتح (11/ 33).

[60] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الأدب (6221)، واللفظ له، ومسلم في كتاب الزهد (2991).

[61] رواه البخاري في كتاب الأدب (6224)، وأبو داود في كتاب الأدب (5033)، وأحمد في مسند المكثرين، حديث رقْم (8277).

[62] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الوضوء حديث (168)، ومسلم في كتاب الطهارة (268).

[63] رواه مسلم في كتاب الأشربة (2019)، وابن ماجه في كتاب الأطعمة (3268)، وأحمد في مسند المكثرين (14060).

[64] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب بدء الخلق (3289)، واللفظ له، ومسلم في كتاب العهد، حديت رقْم (2994).

[65] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الأدب (6065)، ومسلم في كتاب البر والصلة (2559).

[66] رواه مسلم في كتاب اللباس (2077)، واللفظ له، والنسائي في كتان الزينة (5316)، وأحمد في مسند المكثرين (6224).

[67] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الأطعمة (5426)، واللفظ له، ومسلم في كتاب الأطعمة (2067).

[68] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب اللباس (5832)، ومسلم في كان اللباس (2074).

[69] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب اللباس (5828)، ومسلم في كتاب اللباس (2069)، واللفظ له.

[70] رواه البخاري في كتاب اللباس (5787)، والنسائي في كتاب الزينة (5330)،

وأحمد في مسند المكثرين (7155).

[71] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب اللباس (5784)، واللفظ له، ومسلم في كتاب اللباس (2085).

[72] النهاية؛ لابن الأثير (2/ 9).

[73] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب اللباس (5949)، واللفظ له، ومسلم في كتاب اللباس (2106).

[74] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب بدء الخلق (3225)، ومسلم في كتال اللباس (2112).

[75] رواه مسلم في كتاب اللباس (2107).

[76] متفق عليه؛ رواه البخاري في كتاب الاستئذان (6297)، واللفظ له، ومسلم في كتاب الطهارة، حديث رقم (257).

[77] رواه مسلم في كتاب الطهارة (259)، وأحمد في مسند المكثرين، حديث (8423).

[78] حجاب المرأة المسلمة؛ للألباني، ص (13)، وما بعدها.

[79] حجاب المرأة المسلمة؛ لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص (4- 36)، ورسالة الحجاب؛ للشيخ محمد العثيمين، ص (3- 31)، وفصل الخطاب في مسألة الحجاب والنقاب؛ لدرويش حسن مصطفى، ص (20).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مداخل عامة في مسؤولية الآباء تجاه الأولاد
  • معالم تربية الأولاد على عقيدة التوحيد ونماذج لها
  • خمس خطوات تمكن الآباء من ضبط وتنظيم حياتهم
  • خطوات بسيطة ينبغي على الآباء اتباعها من أجل سلامة الهاتف والإنترنت

مختارات من الشبكة

  • مسئولية الآباء تجاه الأولاد (PDF)(كتاب - مجتمع وإصلاح)
  • استنتاجات هامة في قضية " مسؤولية الآباء تجاه الأولاد "(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مسؤولية الآباء تجاه الأولاد بعد سن البلوغ والرشد(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مسئولية الآباء تجاه الأولاد في مجال العقيدة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تحمل المسؤولية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسؤولية الآباء عن أفعالهم في حق الأبناء "دراسة فقهية"(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • مسؤولية الآباء نحو أبنائهم ومقومات التربية السليمة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • النصيحة مسؤولية الآباء والأمهات(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أنواع المسؤولية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تذكير الآباء بشرح أحاديث حق الأبناء على الآباء (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
2- رائع
باهي - السعودية 06-02-2014 03:02 AM

مقالة رائعة رغم طولها

1- دعاء
عقيل عبد الرحمن - العراق 31-08-2012 12:34 AM

اللهم احشرني وإخوتي فيك تحت ظلك يوم لا ظل إلا ظلك وجزاكم الله خير الجزاء

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب