• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. حسني حمدان الدسوقي حمامة / في الإعجاز
علامة باركود

قطع الأرض وألواح الغلاف الصخري

د. حسني حمدان الدسوقي حمامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/5/2017 ميلادي - 12/8/1438 هجري

الزيارات: 20508

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قطع الأرض وألواح الغلاف الصخري


يعرف دارسو الأرض نظرية قديمة هي نظرية الحيود القاري (Continental drift) التي اقترحها ألفريد واجنر منذ قرابة 200 سنة، ووفقًا لتلك النظرية، فإن القارات تزحزح في الفراغ على سطح الأرض، وشواهد الحيود القاري يعرفها طلاب علم الأرض، وفي أوائل الستينيات من القرن العشرين، ظهرت بوادر نظرية جديدة استمدت شاهدها الأول من اتساع قاع البحر من منتصفه، ومع مطلع السبعينيات من القرن نفسه ظهرت نظرية ألواح الغلاف الصخري، (Theory of plate tectonic)، وتمثل تلك النظرية ثورة كبيرة في فروع علوم الأرض المختلفة، مكَّنت العلماء من تفسير الكثير من الظواهر الجيولوجية؛ مثل: توزيع أحزمة الزلازل والبراكين، وسلاسل الجبال، وجغرافية الأرض القديمة، وغيرها.

 

ومن المعلوم أن الأرض تتكون من ثلاث أغلفة رئيسة؛ هي: القشرة والوشاح واللب، ويشمل الغلاف الصخري (lithosphere) قشرة الأرض وآخر جزء من وشاحها، وهو غلاف صُلب يبلغ سمكه قرابة المائة كيلومتر، وهذا الغلاف يقسم إلى عدة قطع تسمى ألواح الغلاف الصخري (Plate tectonics)، بعضها كبير وبعضها صغير.

إن تقطيع الأرض ظل خفيًّا على العلماء رَدَحًا من الزمن؛ حيث يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ ﴾ [الرعد: 4].

" And in the earth are pieces neighbouring……"

 

أنني أجد نفسي مندهشًا أمام عظمة النص القرآني من وجوه أربعة؛ هي:

1- الصياغة الجامعة، وهذا هو نظم القرآن، ففي قوله تعالى: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ ﴾ بيان بأن القطع تشمل الأرض كلها، وإشارة إلى عِظَمِ أمر تقطيع الأرض؛ وذلك لأنني أجد في آيات القرآن حين تأتي "وفي"، فإنها تصاحب آيات بيِّنات من مثل قوله تعالى: ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 21، 22]، و﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ﴾ [الذاريات: 41].

 

2- وفي " قطع" على سبيل التنكير ما يفيد عِظَم هذه القطع أولاً، ثم في تنكير "قطع" ما يفيد تغير العدد، والمعنى الأخير حقيقة أثبتها العلم، فاليابسة في الأرض كانت قطعة واحدة تسمى قطعة بانجي (Pangea)، ثم قُطعت اثنتين: جندوانا في الجنوب، وإيوراسيا في الشمال، ثم أصاب القطع الكبير التقطيع، إلى أن وصلت إلى الشكل الحالي لقارات العالم اليوم، ويوجد ما يعرفه علماء الجيولوجيا بدورة القارة العظمى Supercontinental cycle))، ومع أن تقطيع الأرض حقيقة مؤكدة، فإنها لم تكتشف إلا مع أوائل ستينيات القرن العشرين، ودارسو علوم الأرض يعلمون تمامًا أن قارات العالم وأقاليمها المختلفة تمثل قطعًا من الغلاف الصخري، ولكل لوح من ألواح ذلك الغلاف الصخري حدوده وحركاته المميزة، وظواهره الأرضية الناشئة عن حركة تلك الألواح، فشبه الجزيرة العربية وأطرافها تمثل القطعة العربية النوبية (Arabo-Nubian Massive)، ونتيجة لقوى نشطت في القطعة الواحدة، انشطرت إلى شطرين فصل بينهما البحر الأحمر.

 

وهناك القطع الكبيرة الأخرى؛ مثل: قطعة المحيط الهادي، وقطعة المحيط الهندي، وقطعة الأطلسي، وقطعة أوروبا وآسيا، وقطعة أمريكا الشمالية، وقطعة أمريكا الجنوبية، وقطعة أستراليا والهند، وتقطع القطع الكبيرة إلى قطع أصغر، وتستمر عملية تقطيع الأرض عبر الزمن، ويتغير عددها من زمن أرضي إلى زمن آخر، وتحدث حركة القطع المتجاورة تغيرات أرضية، وفي حالة ابتعاد قطعتين متجاورتين أو اقترابها أو انزلاقهما، تنشأ المعالم الأرضية الكبرى، وهنا لا بد أن يكون فَهْمُنا لصدر الآية الرابعة من سورة الرعد فهمًا أعمَّ وأشملَ، فهما يمثل إعجازًا قرآنيًّا؛ حيث تلتحم القطع في قطعة كبرى تأخذ في التقطيع ثم في التجمع.... وهكذا دواليك!

 

3- كلمة "متجاورات": تُمثل أهمية كبرى في الحديث عن تقطيع الأرض؛ لأن قطع الأرض المتجاورة تتميز بالنشاط الحركي فيما بينها، والمعبر عنه بنشاط حوافي أو حدود القطع، والحركة ثلاث:

أ- تباعد: فيها تتباعد القطعتان المتجاورتان، وينتج عن تباعدهما مد للأرض.

ب- تقارب: حيث تتقارب القطعتان المتجاورتان، وينتج عن تقاربهما إنقاص الأرض من أطرافها.

ج- انزلاق: حيث تتحرك القطعتان المتجاورتان حركة أفقية، وتنشأ منظومة صدوع كبرى، وتنشأ عن الحركات السابقة ظاهرات جيولوجية عظيمة على النحو الذي سأذكره.

 

4- عظمة النظم القرآني في استيعاب معطيات الفكر البشري على مر الزمن، فمن نظر إلى القطع المتجاورة على أنها القطع المختلفة في خصوبة الأرض، أو في تغير ألوانها وتراكيبها الصخرية، فقد أصاب، وما أسرني أني وجدت مِن المفسرين مَن يقول: هذه قطعة رقيقة، وتلك قطعة سميكة، وهذا ما نعرفه الآن في الاختلاف في سمك قشرة الأرض من مكان إلى آخر.

فإذا كان الفكر الجيولوجي الحديث يعتبر تقطيع الأرض إلى ألواح الغلاف الصخري ثورةً في علوم الأرض بجميع المقاييس، فلا يسع العلماء إلا أن يشهدوا بعظمة الله الذي أحاط بكل شيء علمًا.

 

وتقوم نظرية ألواح الغلاف الصخري على شواهد عدة؛ أهمها:

1- اتساع قاع البحر من منتصفاتها (Sea floor spreading).

2- مد الأرض وإلقاء الرواسي.

3- إنقاص الأرض من حواف الغلاف الصخري.

4- حركة الجبال ببطء.

ومن دراسة النصوص القرآنية ذات الصلة، أستطيع أن أنتقل بالنظرية السابقة إلى مصاف الحقيقة، وهذا وجه رائع من وجوه الإعجاز العلمي للقرآن الكريم.

 

1- اتساع قاع البحر من منتصفاتها (Sea floor spreading):

أولاً: البحر المسجور واتساع قاعه:

حينما رسمت خرائط قيعان البحار، وجد العلماء شيئًا غريبًا عند منتصفاتها، فالمتوقع أن أعمق نقاط البحار يجب أن يكون عند منتصفات البحار، لكن وُجِد أن القاع يَحيد عن العمق، وتتكون سلسلة جبال طويلة أشبه "بمطبات الطرق" تمتد تحت الماء عند منتصف قيعان البحار، ويزيد طول تلك السلسلة عن 80000 كيلو متر، ويبلغ عرضها حوالي 1500 كم، وتعلو عن القاع 2-3 كم، وتغطي 20% من قيعان بحار اليوم، وتُسمى تلك البنية بحيد وسط المحيط (Mid-oceanic Ridge)، وهذا الحيد يحزم الكرة الأرضية مارًّا بمتصف قيعان بحارها، وذلك الحيد مشطور من منتصفه عند قمته بأخدود عميق يبلغ عمقه حتى 2 كيلومترًا، وتصعد الحمم من خلال ذلك الشق باستمرار، فتجعل البحر مسجرًا بالنار من منتصفات قيعان المحيطات، ومن ثم فإن قاع البحر يتسع على جانبي الحيد (شكل:10 ).

 

وهنا تكون منتصفات قيعان البحار أبوابًا تلقي الأرض من خلالها بعض أثقالها باستمرار، وهذا الإشعال للبحر ملازم له، وكلما صعدت حمم أزاحت على جانبيه القاع القديم الذي تكوَّن حينما بردت الحمم السابقة، ويمثل البحر الأحمر أحدث محيط، ويتسع قاعه من منتصف بمعدل بضع سنتيمترات سنويًّا، وهنا يتجلى الإعجاز العلمي للقرآن الكريم في القسم في قوله تعالى: ﴿ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ﴾ [الطور: 6]، ويقال سجر التنور؛ أي: أحماه، وسجر النهر؛ أي: ملأه، وقد اختلف المفسرون في تفسير ﴿ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ﴾، وما اختلف فيه السابقون يفتح أبواب الاجتهاد، لكشف العطاء المتجدد للفظ القرآني، وقالوا: المسجور: الموقد، المملوء نارًا، الموقد المحمي بمنزلة التنور، وقيل: سجر بمعنى أحماه نارًا.

 

والقسم القرآني: ﴿ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ﴾، جاء في سياق أشياء عظيمة أقسم الله عليها في الحياة الدنيا في قوله تعالى: ﴿ وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُور ﴾ [الطور: 1 - 6]، فنحن هنا في معرض قسم ببحر صفته أنه مسجور.

شكل (10): اتساع قاع البحر وصعود الحمم من منتصف قاعه.

ومن الناحية العلمية تتسع قيعان البحار من منتصفاتها بمعدل مقدر باستمرار بمقدار 20-25 سنتيمترًا في حده الأعلى إلى بضع سنتيمترات في حده الأدنى، وسبحان الله تسجير في الدنيا يؤدي إلى نمو قشرة البحر، وتسجير قبل الآخرة يؤدي إلى نهاية وجود البحر، والقرآن الكريم يصور حال البحار في الآخرة في قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ [التكوير: 6]، و﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾ [الانفطار: 3].

 

ثانيًا: صدع الأرض:

في قوله تعالى: ﴿ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ﴾ [الطارق: 12]، ومن المؤكد أن حيد وسط المحيط تقطعه أعظم منظومة صدوع في العالم (شكل: 11)، ويُعرف الجيولوجيون الصدع بأنه شق في الأرض يصاحبه حركة في مادة الأرض على جانبي الصدع (Fault)، والصدع من أهم البنى المكونة للأرض، والصدع في الآية يفسر على أنه جنس الصدع، وهكذا بنية الأرض تتميز بشبكة هائلة من الصدوع، وقد تعني صدعًا بذاته، وعساه أن يكون منظومة الصدع المصاحب لحيد وسط المحيط، والله أعلم!

 

2- مد الأرض وإلقاء الرواسي:

أثبت العلم بما لا يدع مجالاً للشك أن الأرض تمد من منتصف قيعان بحارها، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تباعد شُطآن البحار، وأيضًا تُمد القارات عند أقاليم الخسف القاري؛ مثل الحال في خسف شرق إفريقية (East African Rift valley)، والمدهش أيضًا أن القرآن دائمًا يقرن مد الأرض بتكوين الرواسي، الأمر الذي يفهم منه ضرورة كبح أو وقف مد الأرض؛ حتى لا تضطرب الأرض وتمتد، فتأتي الرواسي لتحفظ اتزان الأرض، ومِن ثم فإنه يوجد ثلاث آيات من كتاب الله العزيز تجد فيها تلازم الأرض والرواسي:

﴿ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا ﴾ [الرعد: 3].

﴿ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ ﴾ [الحجر: 19].

﴿ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾ [ق: 7].

 

ويلاحظ في آيات مد الأرض تلازم منظومة عناصرها الثلاثة: أولها مد الأرض، وثانيها: جعل أو إلقاء الرواسي، وثالثها: الإنبات.

كما ذكرتُ مِن قبلُ أن مدَّ الأرض ينشأ من تباعد قطعتين متجاورتين من قطع الأرض المختلفة، ولو تُرِك المد على الغارب لتغيَّرت أبعاد الأرض لدرجة تدعو إلى الاختلال، هنا تجد القدرة الإلهية تُمدد الأرض بسنن محددة وبقدر محدد، فتأتي الرواسي لتضبط المد الحادث عند مراكز الانتشار، فتتكون الجبال عند نطق الانضواء، هذا التلازم السابق ذِكره مناسب تمامًا لاتزان أرضنا التي نحيا عليها، أما في الآخرة فإن الجبال تنسف، وتصبح الأرض بارزة إيذانًا بانتهاء مهمتها وزوالها، لذا نجد القرآن الكريم يذكر المد دون ملازمته للرواسي في حالة واحدة في قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 3 - 5].

 

3- إنقاص الأرض من حواف الغلاف الصخري:

من المعروف لدى دارسي علوم الأرض منذ أوائل السبعينيات من القرن العشرين - أن حواف قطع الأرض - (حواف ألواح الغلاف الصخري) - تُنقص حينما تتلاقى القطع المتجاورة؛ لكي يعادل المد الإنقاص ويحدث الاتزان، فالجزء الذي يمد من البحر الأحمر نتيجة لتباعد قطعتي العربية (Arabia plate) والإفريقية (African plate)، يجعل أطراف شبه الجزيرة العربية تسحب تحت الأرض عند نطاق جزام جبال زاجروس، وبصفة عامة فإن ما يُمد من الأرض ينقص من عند أطراف القطع (Plate boundaries)، ويسحب من أطرافها؛ ليتحقق التوازن بين المد والإنقاص (شكل 12)، ومن المدهش أن المصطلح العلمي حواف أو أطراف الألواح جاء متفقًا مع كلمة "أطرافها".

 

حقيقة مذهلة يذكرها القرآن الكريم في آيتين كريمتين، يشير فيهما الفعل المضارع إلى استمرارية الإنقاص، وإلى القدرة المطلقة؛ حيث لا قدرة لأحد إلا لله في تقطيع الأرض وإنقاصها من أطرافها؛ يقول العزيز الحكيم:

1- ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد: 41].

2- ﴿ بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الأنبياء: 44].

من عجائب القرآن أن تجد شواهدَ تقطيع الأرض قد جاءت الإشارة إليها في سورة الرعد؛ حيث ذكر مد الأرض، والقطع المتجاورات، وتقطيع الأرض، وتسيير الجبال، وأخيرًا إنقاص الأرض من أطرافها.

 

 

 

شكل (12): إنقاص الأرض من حواف ألواح الغلاف الصخري، وتكوُّن قشرة المحيط من الحمم الصاعدة من منتصف قاع البحر.

4- حركة الجبال ببطء:

وكما قلت من قبل: إن غلاف الأرض الصخري مُقَّطَع، وأن الغلاف يضم قشرة الأرض وأعلى جزيء من وشاحها، والجبال أحد مظاهر قشرة الأرض، والقطع تتحرك تباعدًا وتقاربًا وانزلاقًا، فمن يرى الجبال يكون هو والجبال التي ينظر إليها جزءًا من قطعة الأرض، ولا بد أن يحسب الجبال جامدة، ولكنه لا يحس بأن قطعة الأرض تلك تتحرك من تحته وتحت الجبال؛ لأن معدل حركتها السنوي بضع سنتيمترات، والصورة للتبسيط أقرب بمن يقف على سجادة ينظر إلى هدف أكبر منه موضوع على ذلك البساط الممتد، ويسحب البساط من تحته باستمرار وببطء، وسوف يحسب أن الهدف جامد؛ لأن الكل متحرك، وهكذا الجبال (شكل 13).

ولعل فريق من أصحاب الرؤية في الإعجاز العلمي، قد فَهِمَ الآية (88) من سورة النمل على أنها إشارة إلى دوران الأرض، ولا بأس في ذلك، ولكني أرى أنها تشير إلى حركة ذاتية للجبل تنطلق من حركة قطعة الأرض التي تعد الجبال جزءًا منها، وأود أن أشير إلى نقاط ثلاث تتعلق بالعطاء العلمي لقوله تعالى: ﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88].

 

1- الآية تشير إلى جبال الدنيا الرواسي؛ لأن فيها الرؤية (ترى) والحسبان "تحسبها"، والجماد "جامدة"، وظواهر كونية "مر السحاب"، وليس في مشاهد الآخرة حسبان، بل يقين، كما أنه ليس هناك مجال لحسبان الجبال جامدة؛ لأنها حينئذ تسير سيرًا، وتنسف نسفًا، وتكون كالصوف المصبوغ، إلى غير ذلك من الحالات التي أشار إليها القرآن.

 

2- لا يعد وجود تلك الآية دليلاً على جبال الآخرة، لمجرد وقوع الآية بين آيات تتحدث عن علامات الآخرة، فالآية 86 من تلك الصورة تتحدث عن آيات كونية، رغم أنها تقع بين آيتين تصفان مشاهد اليوم الآخر في قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [النمل: 86].

 

3- ربما يقفز سؤال: بما أننا نرى مرور السحاب، ولا نرى مرور الجبال، فمن المستحيل أن تمر الجبال التي نراها في الدنيا؟ نعم نحن نرى السحاب المبسوط في السماء، ونرى طبقة المزن ونحس بمرورها بالنظر إليها، لكننا لو رأينا جبال السحب الركامية (Stariform cloud) سنحسبها جامدة كما نحس بجبال الأرض؛ وذلك لسبب يسير، هو أن سمك السحب الركامية يفوق سمك جبال الأرض من سطح الأرض إلى قِممها؛ لأن سمكها يصل إلى 15-25 كيلومترًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإنسان في الارتفاعات العالية (1)
  • الإنسان في الارتفاعات العالية (2)
  • الأرضون السبع بين العلم والقرآن
  • العلم والأرضون السبع

مختارات من الشبكة

  • مد وتقطيع الأرض إعجاز علمي للقرآن(مقالة - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • قطع الأرض المتجاورات وظواهرها (1)(مقالة - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • تفسير: (وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قطع شجر الحرم(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • تفسير: (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في تفسير قطع الصلاة بمرور المرأة والكلب والحمار (PDF)(كتاب - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • من عظيم قدره صلى الله عليه وسلم عند ربه: وجوب قطع الصلاة لإجابة ندائه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قطع التنازع من مقاصد الشرع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قطع العلائق عن الخلائق ‏‏(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهة قطع جندب بن جنادة أبي ذر الغفاري رضي الله عنه للطريق قبل إسلامه والرد عليها(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب