• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. أحمد الخاني / مقالات
علامة باركود

خميسية معالي الشيخ عبدالعزيز الرفاعي يرحمه الله

خميسية معالي الشيخ عبدالعزيز الرفاعي يرحمه الله
د. أحمد الخاني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/2/2016 ميلادي - 13/5/1437 هجري

الزيارات: 10915

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خميسية معالي الشيخ عبد العزيز الرفاعي

(يرحمه الله)

1382هـ

على شاطئ الذكريات

 

ربِّ أنعمت فزد:

لما زار أمير الشعراء أحمد شوقي أندلس الشام مدينتي حماة قيل له: إن نصف أهل هذه البلدة شعراء، ولما تجول في مغانيها قال: عجبت للنصف الآخر لماذا لم يكونوا شعراء؟!.

 

من عاصمة الشعر إلى عاصمة الثقافة:

تلفت قلبي إلى مغنىً ثقافي كما تتلفت الأطيار عند المغيب إلى مأواها، وسكنت نفسي في بساتين المكتبة الوطنية ومزارعها وتنسمت عبق أزهارها، مترنماً على ألحان بلابلها، نسيت نفسي أين أنا، توهمت أنني في المكتبة الظاهرية في دمشق إلى جوار جامع بني أمية..

 

وتهادى على مسرح نفسي ذلك الأنس الأديب الحبيب في أحاديث السمر، ومباهج السمار، ويا طيب تلك المجالس، وأدب تلك الأحاديث!

 

في الرياض كنت أنشر مقالاتي في جريدة الرياض، وتوسعت دائرة النشر، وتنوعت بين الشعر وبين النثر فسألني أحد أصدقائي الأدباء: هل تعرف الشيخ عبد العزيز الرفاعي؟

قلت: لا. فقال: عجيب! وأدركت من هذا التعجب معنىً انطبع في إحساسي.

 

وراحت ريشة خيالي ترسم لهذا الشيخ صورة من وحي الشيخ الشامي؛ لحية وجبّة وعمامة.. حسبَ مفهوم (الشيخ) عندنا في مدينتنا حماة وفي بلاد الشام.

 

ودعيت إلى حضور الخميسية، إذا بالصورة التي رسمتها ريشة مخيلتي كانت مغايرة، تلقانا ببشاشة وابتسامة أحسست أنها غير مصطنعة، فقد يتبسم الإنسان وهو غير باش، وقد يبش وهو غير متبسم، أحسست أن الرجل كأنني لست غريباً عنه وكأنه ليس غريباً عني، وكأننا نعرف بعضنا منذ أمد بعيد، وهو في سن والدي يرحمه الله وفي قامته أيضاً، هامة من الرجال الطوال تروعك هيبته ويروعك جماله في آن معاً.

 

أهديته ديواني (لحن الجراح) فتلقاه بكلتا يديه.

 

أشار إلى صدر المجلس فجلست، وجاءت الآلة وصورتني وكأنني شخصية رسمية، ولما انتظم العقد وجاء دور الشعر ألقيت من أشعاري، وفي انتهاء الخميسية عطرنا الشيخ بيمينه من عطره الغالي وقال لي: سأراك في الخميسية القادمة إن شاء الله قلت: إن شاء الله.

 

في الخميسية التالية: حضرت ومعي هذه القصيدة بعنوان:

عميد الخميسية الرفاعية

يا حبيباً، أحورَ الطرف شادي
في وجودي مهده في فؤادي
في مغاني النور، من روض نهري
طيف ليلى شاقني في بعادي
شف وجدي دمع تحنان ليلى
فهيامي، قلبه في بلادي
رد قلبي، يا نوى، رد قلبي
لست أدري صحوتي من سهادي
وتراءت ومضة في حياتي
(للرفاعي) ندوة للرشاد
هام فيها بلبل في ظلال
من فنون، واحة من وداد
يتوالى عاطر الشدو حباً
يتهادى لحنه عزف شادي
وتراءت نفحة الشعر جمراً
في ضرام، وقده من زناد
في رؤاه وهجه أرجوان
من شعوب، وجدها في الجهاد
يا خلوداً، ندوة السعد تزهى
من قريض إلى المكارم حادي
نبعُ حب، مزنة من عبير
من نداها يرتوي كل صادي
يا عميد الشعر في النبل يسمو
بك ذكر سار في كل نادي

ابتسم الزمان للزمان، وصدر كتابي: (مدرسة بدر الشعرية) فأقمت في (خيمة الأدب) أمسية بتاريخ صدور الكتاب، ومن روائع تقدير الله تعالى، وتقدير الله تعالى كله رائع وجميل، أن كان صدور كتاب مدرسة بدر في يوم معركة بدر، السابع عشر من شهر رمضان المبارك، عام 1408هـ ودعوت الشيخ عبد العزيز الرفاعي إلى هذه الأمسية، فلبى مشكوراً ومعه الفريق يحيى المعلمي وحضر شعراء مدرسة بدر الشعرية الدكتور عدنان النحوي والدكتور إبراهيم أبو عباة والأستاذ عبد الرحمن العشماوي والأستاذ محمد منير الجنباز والأستاذ أحمد سالم باعطب والأستاذ سناء الحمد بدوي والأستاذ فيصل الحجي وهؤلاء كلهم شعراء.

 

كما حضر الدكتور عبد العزيز الثنيان وشقيقه فهد العبيكان والأستاذ عبد العزيز المسعود وشقيقه الأستاذ ناصر والناقد فتحي الدويك والمؤرخ عبد الكريم الخطيب وآخرون.

 

وفي العام نفسه صدر كتابي (شعراء عرفتهم) وهو في مجمله دراسة شعراء الخميسية الرفاعية.

 

ومرت الأيام وتوفي الشيخ عبد العزيز الرفاعي يرحمه الله.

 

وقلت القصائد الرثائية الرفاعية، ولكن ذلك لا يكفي حسب إحساسي بموقع الشيخ من نفسي فقلت: الإسلام علمني الوفاء، ومدينتي حماة مدينة الوفاء، فلا بد من تقديم شيء.

 

وبعد برهة استبطان عشت فيها مع نفسي قلت: وجدتها، إنها الكتابة عن الصالون الأدبي لخميسية الرفاعي.

 

وكانت الخميسية الرفاعية مفتاحاً للإطلالة على الصالونات الأدبية في المملكة العربية السعودية.

 

وهكذا ولدت فكرة هذا الكتاب الذي ليس لي من تأليفه إلا جمع المادة كما تجمع حبات العقد وتسلك في سمط واحد في جيد الآداب وفي صدر المكتبة العربية الإسلامية؛ لا أبدع ولا أجمل.

 

أستاذ الضمير:

كنت في الرياض مدرساً، وكانت المكتبة الوطنية فيها بديلاً عن مكتبة المركز الثقافي في مدينتي حماة وبديلاً آخر عن المكتبة الظاهرية في دمشق في أثناء دراستي الجامعية؛ كانت المكتبة الوطنية مزرعتي التي أستجم فيها، ومنهلي الذي أجد فيه ما يروي هيامي بالمعرفة، ولا سيما أن أحد طلابي كان قيماً عليها، مما كان يوفر لي المصادر والمراجع دون عناء، وكنت أحضر أحياناً بعض أماسيِّ النادي الأدبي.

 

واستشرفت نفسي إلى جو قريب من جو مضافة والدي يرحمه الله؛ لقاء أخوي حبيب؛ تجانسٌ في المشاربالحديث المنتقى.. المعنى الكريم للفظ الكريم. ومن تقدير الله تعالى أن تلقيت دعوة إلى مجلس الشيخ عبد العزيز الرفاعي.

 

حضرت الخميسية الأولى وألقيت قصيدتي مقدمة ديواني (لحن الجراح) وهي بعنوان:

هذا الديوان

هو لحن جرح قد تعطر.. بل جراحْ
هو آه أنات الروابي والبطاح
بلدي حماة الجرح.. يا بلد الكفاح
في الخافقين، وأنت علمت السلاح
معنى البطولة والعلا في كل ساح

 

عبد العزيز الرفاعي كان عندما تراه بقامته الفارعة تروعك شخصيته، طوله حوالي190سم متناسق القسماتفالكتفان عريضان بنسبة معتدلة، ومن أمثاله في طوله إذا كان ضيق الكتفين يلقب (خيط باطل) للطويل الرفيع المضطرب، كان كذلك مروان بن الحكم، وكان هذا لقبه فيما رواه ابن كثير في تاريخه البداية والنهاية[1].

 

كان جسم الرفاعي أقرب إلى الكمال الجسماني في أصل التكوين.

 

ونسبة رأسه إلى جسمه تشكل الاعتدال، فلا هو بالضخم ولا بالصغير، وإنما هو معتدل، إلى الضخامة أقرب، وهذه صفة تمدح في الرجال، وكان شكله حنطياً مائلاً إلى البياض، قسمات وجهه معتدلة توزع في وجهه الهيبة والجمال بنسبة متساوية ولكن طلاقة وجهه غلّبت جماله على هيبته، وإن كان في عمل ورآه الرائي استهابه، وإذا خالطه أحبه، ولم يكن لجسم الرجل كرش ولم يكن بادناً مترهلاً، بل كان رمحاً مصوراً في الرجال، تختلط في ملامح وجهه سيماء النبل والطيبة والتدين والدبلوماسية.

 

كنت أزوره في دارته في (الملز) تلك الدارة التي قال فيها أحد بلابل الخميسية ولم أدركه حيث عاد إلى مصر وهو الشاعر المبدع الأستاذ عصام الغزالي يحفظه الله تعالى:

هيا بنا قد أشرقت
داري ودارك في الملز
حسناء ضاعف مهرها
عبد العزيز ولا يبز

 

فكان الرفاعي يتكلم عن الكتب وأنواعها وسيرها وسوقها ثم يتطرق إلى الموظفين في دارته، وقد فهمت منه ما يفهم من كلام الخليفة العباسي المأمون حيث قال: إذا حسنت أخلاقنا ساءت أخلاق الخدم، وإذا ساءت أخلاقنا حسنت أخلاق الخدم. على أنه كان يختار حسن الخلق، وكنت أحس محبة عماله له.

 

كنت أرى البساطة في التعامل مع هذا الرجل، يشعر محدثه أنه قريب منه، ويحس جليسه منه الرضى، هذا الشعور لا يتاح دائماً مع الشخصيات التي توحي بأنها كبيرة، ربما كانت كبيرة في مركزها العلمي أو الاجتماعي أو المالي..

 

ولكن يشعر المستمع إلى هذه الشخصيات أحياناً بحاجز يحجز هذه الشخصية عن المستمع إليها، هذا الحاجز النفسي هو إشعار المستمع بأن هذه الشخصية عظيمة علمياً أو سياسياً أو حتى أدبياً، بينما كان يشعر المستمع إلى الرفاعي أنه هو عظيم؛ المستمع إلى الرفاعي إنسان عظيم، هكذا يحس جليس الرفاعي بنفسهلقد كان الرفاعي حافزاً لرفع معنوية محدثه، ولم يكن أبداً يتحدث عن نفسه من باب الاستعلاء، لا يذكر نفسه إلا متواضعاً، ومن تواضع لله رفعه.

 

الخميسية:

جرت عادة بعض الصالونات الأدبية في هذه الأيام أن يتصل مكتب عميد الأمسية برواد المنتدى، ولم يكن للرفاعي في يوم من الأيام - حسب علمي -هذه الطريقة، ولكن ربما كان يتصل بشكل فردي بشخصية يضمها إلى ندوته.

 

كنت أسكن في حي الشميسي، وكان الدكتور بدوي طبانة يسكن حي سوق الهال الكبير، فكنت أذهب إليه بسيارتي، ونذهب إلى حي الروضة حيث الأمسية، وكانت لي فرصة مع الدكتور طبانة أن أنهل من معين علمه وأدبه وبلاغته، فقد كان يقال: في الأدب العربي ثلاثة بلاغيين: طه حسين وعباس محمود العقاد وبدوي طبانة، وهذا الكلام غير صحيح؛ فلا طه ولا العقاد في وزن طبانة بلاغياً. قال لي في أثناء حديثه: إنني دعيت إلى الخميسية الرفاعية، ولكن لم أذهب حتى زارني الأستاذ الرفاعي بنفسه، أو قال: اتصل بي، فحينئذ لبيت.

 

كان رواد الخميسية معروفين يحضرون فرادى وجماعات من بعد صلاة المغرب، حتى إذا أُذِّن لصلاة العشاء كانوا يصلون في البرحة السماوية في دارة الشيخ وبعد الصلاة ينتقلون إلى القاعة ثم يتقاطر أسراب الحضور.

 

قدمني ذات مرة إماماً فقلت: يا شيخي، أنت عميدنا وإمامنا، فقال: تقدم على بركة الله أنت اليوم إمامنا، تقدمت وقد استصغرت نفسي أن أتقدم الشيوخ.

 

قرأت من سورة النور الآيات التي يضيء بها كياني وأشعر أن الكون كله نور على نور (الله نور السموات والأرض.. الآية). ولما سلمت بعد الأذكار، جلسنا على الكراسي قبل أن نتوجه إلى القاعة، فإذا بالشيخ عبد العزيز يقول: جزاك الله خيراً على تلاوتك هذه الآيات. ثم راح يفسر هذه الآيات الكريمة، ويظهر ما فيها من فن بلاغي معجز.

 

الخميسية هي التوقيت الزمني الذي كانت فيه الندوة وإنني أميل إلى أن أسمي المجلس بـ(الصالون) والسمار، بالندوة، ويمكن أن يطلق أحد المسميين على الآخر.

 

يبدأ السرب بالورود تباعاً، وكان كرسي الشيخ عن يمين الداخل، فكان مجرد سماع حس الخطى، ينهض له الشيخ من مقامه بقامته الفارعة، لابساً الغترة أو الشماغ وهو الأكثر دون عقال، فالعقال لخارج البيت، يستقبل أحبابه وسماره ببشاشته المحببة إلى النفوس، فما كل من ابتسم أرضتك ابتسامته، فبسمة تقول لك: أهلاً وسهلاً.

 

ورب بسمة تقول لك: من فضلك، أرني عرض أكتافك.

 

بسمة الشيخ كانت ريا، وبعض البسمات جرداء كالحة تحسها النفس ولا يستطيع القلم وصفها، لكن النفس تدرك معناها، بسمة الرفاعي كانت خصبة مضيئة معطرة، إضاءة نفس وأريج روح..

 

وفي أثناء تكامل عدد الرواد يكون أحد الحضور متحدثاً حديثاً إفرادياً، والشيخ الرفاعي كله عين ترعى أحاسيس سماره وأحاديثهم، فما إن يسمع من أحدهم حديثاً يجده ملائماً لأن يكون حديث الندوة المنتقى حتى يسمع من الشيخ: أسمعنا حفظك الله.

 

وأكثر من كان متحدثاً بهذه الطريقة الأستاذ الدكتور بدوي طبانة.

 

بدوي طبانة أستاذ النقد في الأدب العربي المعاصركان وجوده غنيمة عظيمة، على الرغم مما كان فيه من الاعتداد بالذات إلى حد الإدلال بذلك، فقد كان يدخل في مناظرات أدبية لا طائل تحتها؛ كما في الخلاف بينه وبين بعض السمار حول عنوان كتاب الجاحظ أهو(البيان والتبيين) كما هو مشهور، أم (البيان والتبيّن) الذي قال به طبانة؟ وكذلك الخلاف: هل هو أبو بكر الباقلاّني كما هو مشهورأيضاً نسبة إلى الباقلا‍ء. أم هو الباقلاني؟ دون تشديد اللام نسبة إلى ماذا؟ لا أدري.

 

وقد اعتمد الدكتور طبانة هذه اللفظة دون تشديد اللام، وهذه المسائل في نظري لا تستحق الاهتمام بذاتهاولا يُستمع إليها ليُعرف هل هو التبيين أم التبيّن؟ والباقلاّء أم الباقِلاء.

 

ولندع هذه الفتافيت الطبانية ولندخل في العمق، إذا تكلم الدكتور بدوي طبانة عن بلاغة الجرجاني صاحب نظرية (الكلام النفسي) التي استهل بها كتابه (أسرار البلاغة) سلب الألباب، وقصارى جهد البلاغيين قبل الجرجاني وبعده أن يقولوا عن النظم: إنه ألفاظ وتراكيب نظمت على شكل معين، صفات الفصاحة فيه، خلوه من الألفاظ المعيبة، وصفات البلاغة فيه، هو الفصاحة ثم معنى زائد عن الفصاحة، فإذا وجدت في النص ألفاظ مضطربة فذلك ناشئ من سوء التأليف، وإنما يتفاضل الشعراء بحسن التأليف، فالمعاني مطروحة على الطريق.

 

هذه هي النظرية الجاحظية، رأينا عكسها تماماً لدى الجرجاني الذي يقول: إن اضطراب الألفاظ ناشئ عن اضطراب المعاني في نفس القائل، وهذا المعنى تعرفه العرب، تقول أنت مثلاً: زورت في نفسي كلاماً إذا أعددته في نفسك قال الاخطل:

لا يعجبنك من خطيب خطبة
حتى يكون مع الكلام أصيلا
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما
جعل اللسان على الفؤاد دليلا

 

وهذا المعنى، ربما اعترض عليه معترض، ويرد هذا الاعتراض بالخبر التالي: ذكر ابن كثير في (البداية والنهاية)[2] أن المهاجرين والأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة...يقول عمر رضي الله عنه: (أردت أن أتكلم وكنت زورت في نفسي مقالة أعجبتني أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها بديهة ولأفضل، حتى سكت).

 

وقد فضح الله تعالى المنافقين بما قالوه في أنفسهم: ﴿ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [المجادلة: 8] ونظرية الكلام النفسي مشهورة لدى الجرجاني استهل بها كتابه: (أسرار البلاغة).

 

كان طبانة مرحاً وهو يحاور، والمشوق الممتع المطرب هو طريقة إدارة الحوار، واللغة المنتقاة فيه، والأصالة فيما يرد في تلك الحجج من أخبار، كل ذلك تحت عنوان: أدب الحوار، وأدب الجدل، ذلك العنوان الذي أسيء استعماله إساءة لا تمحوها الليالي.. لا يسمع السامع في تلك الحوارات إسفافاً كما رأينا في غير صالون الرفاعي، وكما شاهدنا فيما بعدَ الرفاعي، ولا تسمع خلاف الأَولى، والسبب؛ أن شخصية الشيخ الرفاعي كان وجودها كافياً لأن يملأ المكان؛ يملأ النفوس هيبة وجلالاً وببسمته لطفاً وجمالاً، ففي المسائل الخلافية لم يكن الجو يسمح للمسف أن يسف،ولا للجدِل أن يظهر بذاءة في جدله، كان الجو في الندوة الرفاعية يعلِّم أدب النفس قبل أدب الدرس، أدب الاستماع مقدم على أدب الحديث، مجلس وقور تعلوه بشاشة الأنس، وأطياف ملائكية ترفرف على ذلك المجلس الحبيب، يشعر السامر أنه في جو من أجواء الدنيا التي غاب عنها الكدر والمنغصات والهموم، جو يختلف عن أجواء الدنيا، عن أجواء الناس، جو مفعم له لونه المميز ومذاقه الخاص به رائحته التي اشتهر بها رائحة الحب الودود.

 

والحديث يدور، والسمار كأنما على رؤوسهم الطير، ومما كان يرطب المجلس، العود الهندي النفيس، ولكنني كنت وما زلت أكتفي بما طار منه في جو المجلسولا أتعمد استنشاقه مهما غلا ثمنه، ذكرت ذلك لأكون صريحاً معك أخي القارئ، فحديثي إليك حديث سجية من القلب إلى القلب، وليس حديثاً أدبياً منمقاً أموه فيه عواطفي، وإنما أذكر ما أحس به فيما أحب وما لا أحب.

 

لا أستسيغ العود وإنني أهوى الطيب، فهو مفتاح قصائدي، أتنفس الهواء الذي يعطره العود ولا يضايقني ولكني إذا سايرت وجيهاً بتقريب العود مني واستنشاقه كما يفعل غيري، فإنما يكون ذلك مسايرة له حتى لا يظن أنني استرخصت هذا العود المعطر، والحكمة ضالة المؤمن.

 

وإذا كنت في مجلس وأمنت فيه هذا الإشكال أبعدت دخان العود عني، أروي لك تلك النادرة:

صور أحد العلماء الأجلاء صدره ورئتيه فقال له الطبيب: هل أنت مدخن؟ فقال: أعوذ بالله... قال متبسماً: لعله العود.

 

في مجلس الشيخ كان يدور مع الحديث فنجان القهوة ومعه التمر وكؤوس الشاي والنعناع، والحديث يدور، ليس محاضرة لها بداية، ولها نهاية، وتسجيل المداخلات، وأسماء المداخلين والمعلقين، وإعطاء دقيقتين للمداخلة.. وما أشبه ذلك من العطاء شبه الأكاديمي.. لقد كان جواً منعتقاً من تلك القيود الثقيلة على الإحساس كان حديثاً عفوياً، ذا موضوع مفيد، حول مسألة من مسائل الأدب أو النقد، وربما كان الحديث تراثياً أو نظرية من نظريات الجرجاني، أو في مسائل الخلاف بين الكوفة والبصرة.. هكذا كان الطابع العام لأحاديث الخميسية الطبانية ذات المتعة والأصالة.

 

الله ياتلك الأماسي!

وما أحيلى الحديث الطباني عن (العُنصُلِنِّ) وما في ذلك من الفكاهات الأدبية التي تجلو صدأ النفس، ويصفو بها كدر الخاطر.

 

بعد انتهاء المتحدث من حديثه تكون الأسئلة والأجوبة الفورية، وبعد انتهاء الأسئلة، وهي قليلة لا تفسد طراوة الجو الأدبي ونداوته، وبذلك تنتهي الجولة الأولى من الأمسية، وهي الجولة النثرية دون تحديد زمني طال أو قصر، ولكنها في المتوسط كانت ساعة للانتقال إلى الجولة الثانية.

 

تأتي لطائف المعجنات، وأحياناً تأتي (البليلة) وتكون الأحاديث ثنائية لمدة ربع ساعة تقريباً، تعد بمثابة الفسحة، ولك إن شئت في عالم الأحاسيس الجمالية النبيلة أن تعدها نقلة بين روضتين؛ روضة النثر وروضة الشعر، الذي نستوحي فيه جو عبقر.

 

كانت هذه الفسحة اللازوردية تهيئة النفوس للخروج من الجد إلى المرح المحبب، وأي مرحٍ أديبٍ لا يكون محبباً؟

 

وقد اصطف شعراء الأمسية شعراء الشعر العربي الأصيل عن يمين الشيخ، لم يصطفوا عمداً، وإنما هم قد أخذوا أماكنهم عن يمين الشيخ؛ لأن الشيخ كان أول المجلس، وعلى شماله الممر، وهو باب الدخول إلى المجلس، يعني كل من في المجلس يمينٌ بالنسبة إلى الشيخ، كان الشيخ يجلس على كرسي وإلى جانبه كرسي وديوان صغير، وفي صدر المجلس ديوان، وهو الكنب الكبير يتسع لثلاثة ومع الازدحام لأربعة، ثم عدة كراسي ضخمة مذهَّبة عددها6، ثم يأتي الديوان الثاني في صدر المجلس يقابل للأول، ثم كرسيان آخران، هذا هو المجلس.

 

وكانت بعض الكراسي الأصغر، توضع في بعض الزوايا إذا ضاق المجلس قليلاً برواده، والغرفة الصغيرة المفتوحة على المجلس، مدخلها قبل مدخل المجلس، كانت مأوى المتأخرين عن الأمسية، والجالس في هذا المكان ربما يفوته مشهد المتكلم، والمتأخر حريص على أن يرى بملء عينيه ويسمع بكلتا أذنيه يتحول كله إلى عين وأذن، كانت أحاديث الأدباء تشنف الآذان، منهم الدكتور معروف الدواليبي رحمه الله، كان يتحدث بصوته الخفيض عن محادثاته مع الملك عبد العزيز والقضية الفلسطينية، رحم الله الرجلين.

 

كانت أحاديثه بهذه الصفة تمسك الآذان بهذا الأسلوب النفسي المتفرد. لقد شهدت هذه الخميسية أعلام الفكر العربي الإسلامي من أمثال أبي الحسن علي الحسني الندوي كما شهدت كثيراً من الأمراء والسفراء والوزراء والعلماء والشعراء المغتربين من أمثال زكي قنصل وما منهم من طغت شخصيته على شخصية الشيخ الرفاعي المتألقة بتواضعها وتماسكها وسماحتها وإضاءتهاأو تجاوزتها...

 

وإذا جاءت شخصية متأخرة كان الشيخ يؤثرها بمكانه، ويطلب الكرسي الأصغر لنفسه أويقوم متبرع بمكانه وهو به ضنين.

 

بعد الجولة الأولى تتاح الفرصة وينفرج المجلس فما كل سامر يهوى الشعر، فإذا جاء دور الشعر ربما استأذنت بعض الشخصيات، من سفير أو مسؤول أو مشغول، فتتاح الفرصة لبعض الجالسين في الغرفة الإضافية، فكان يهتبل الفرصة إذا خلى مكانه أحد السمار واستأذن، فكان الشيخ هو الذي يدعوه إلى أن يملأ ذلك الكرسي، وإذا تأخرت دعوة الشيخ، فإنه يلملم نفسه وينسل ويدلف إلى ذلك المكان الخالي تعويضاً عما فاته من حظ الرؤية والسماع.

 

الشِّعر:

وقت الشعر؛ هو اللحظة المرتقبة في الخميسية الرفاعية، وهو الوقت الأبهى والأبهج، والأندى والأنضر والأكمل والأجمل، والأمتع والأروع والأينع، والأولى والأحلى والأغلى …. كان وقت الشعر في الخميسية الرفاعية يشبه النرفانا أو النشوة العظمى لدى الهنود، لوقت الشعر في الخميسية الرفاعية مذاق خاص وسر خاص، وسحر خاص؛ سر عميق وسحر جذاب محبب إلى النفوس بشغف دونه سائر المحبوبات النفسية، والرغائب المحظية، ولم يكن الشاعر في الخميسية الرفاعية ملقياً قصيدة في حفل، ثم يغادر المكان ولا يدري ما وزن قصيدته، أو ما وزنه هو من خلال قصيدته، كان وقت الشعر، احتكاك الأقران بالأقران، واستباق الفرسان بالميدان، ومن المعيب على الشاعر أن يلقي القصيدة التي سبق أن ألقاها، ومن الكلال أن يلقي من شعر غيره مع ادعائه الشاعرية، كان الشاعر الذي يتحسس مكانه من الشعر في ذات نفسه ويريد أن يثبت ذاته، لا بد إلا أن يأتي في كل أمسية بالجديد، أو ينقطع أو يصمت.

 

كان الأستاذ أبو السعود، يرطب الجو تهيئة للشعر فكان بروحه الفكهة يرنو إلى الشاعر بطرفه، ثم يشير إليه قائلاً: القصيدة، القصيدة الأخيرة، القصيدة التي هي في جيبك اليمين، فيقول الشاعر: أي قصيدة؟ فيقول أبو السعود: الغزلية، أحدث قصيدة غزلية.

 

ويتبسم المجلس، ويبدأ الشاعر عن يمين الشيخ وكثيراً ما كان بعضهم يتعزز ويتدلل، ويدعي أنه لا يريد أن يلقي الشعر، وهذه كلها أساليب تمثيل، فهو مستعد لإلقاء الشعر، قد هيأ نفسه ربما منذ أيام.. بدليل أنه يمد يده إلى جيبه اليمين والشمال، ويفرغ حقيبته وما حوته ذاكرته، ثم يلقي من شعر غيره..

 

إن ما كان يلقى من قصائد بشكل عام كان جيداً أصيلاً، وفيه لمع ممتازة، ولكنْ قليلة هي القصائد الخارقة، منها قصيدة عصام العطار في رثاء زوجته بنان الطنطاوي يرحمها الله، ألقاها في ذلك المجلس فذكرني بأبي الحسن التهامي، وقد ألقى قصيدته الرائية الرائعة في رثاء ولده ومطلعها:

حكم المنية في البرية جاري ♦♦♦ ما هذه الدنيا بذات قرار

 

يقول تاريخ الأدب: إن الشاعر ألقاها أمام أبي العلاء المعري وهولا يعرفه فقال له: أأنت التهامي؟ قال: نعم. كيف عرفه وقد سمعها المعري من كثير من الشعراء؟ إنها لهجة الحرقة التي ميزت إلقاء التهامي عن غيره، وجدير بكتاب ((الندوة الرفاعية)) أن يضم إليه تلك القصيدة العطارية الرثائية، ولا سيما أنه اشتمل على نموذجين وأحياناً على ثلاثة نماذج لشاعر واحد.

 

وقد يتدخل النقد من قبل المتمكنين بالشعر، كالتعليق على قوافي قصيدة بأنها رائعة الانسجام إذا لم يكن فيها خروج من حرف إلى حرف مثل (صامدين، صابرون) وهذا من التزام حرفي الياء والنون، أو الواو والنون لتبقى القافية صافية، وإذا ورد في القصيدة كسر في الوزن، كنت تسمع أحياناً كلمة: (أعد) فيضيع الغرض بين الإعجاب وبين التصويب، فيعيد الشاعر البيت ويستقيم الوزن تلقائياً بعد الإعادة، أو يرجأ التصويب إلى آخر إلقاء القصيدة، وهذا هو الأكثر، وكان الفريق يحيى المعلمي ذا أذن عجيبة في موسيقاها الشعرية، يكتشف الكسر من الوهلة الأولى، و لم يدرس العروض.

 

إنه المران على القوافي.

 

وكان الشاعر إذا ألقى قصيدة فيها إرصاد نطق بعض الحاضرين الكلمة المرشحة المرصدة؛ مثال ذلك:

عاتبتني على انقطاع التلاقي ♦♦♦ واختلاط الأوراق...

فكان يُسمع صوت من هنا وصوت من هناك: (بالأوراق).

 

ثم قالت: وكنتَ ترعى عهودي ♦♦♦ وتلاقي من الهوى....


هذا ما قاله الشيخ مصطفى الزرقا وغيره ممن شارك في الإرصاد. كان الشاعر يطور أدواته الشعرية إيحاء؛ لأنه كان يحس بكيانه الشعري, وبقيمة المجلس وما يوجه إليه فيه من نقد غير مباشر، وأحياناً مباشر، وأحياناً بالإيحاء من الانطباعات عن الملامح والجو العام، فغريزة الإحساس كانت تعمل عملها فتنمي الدافع إلى تطوير الشاعرية، وربما تمنى شاعر أن تنشق الأرض عنه وتبتلعه إذا وجه إليه نقد محكم، وربما ولد الشاعر العبقري في أمسية تلقَّى فيها ثناء من أديب، كلمته توزن به.

 

إذا كانت الأندية الأدبية تقيم أمسياتها الشعرية شهرية أو نصف شهرية، فإن الخميسية الرفاعية أسبوعية، وهذه الفرصة التاريخية استفادت منها أجيال من الشعراء، كل حسب إحساسه بنفسه وبفنه وبقدراته على تطوير نفسه، إن أهم ما كان يكسبه الرواد عامة، والشاعر خاصة هو (الشفافية)، وكانت كل قصيدة ممهورة بتوقيع صاحبها وإنك لواجد في كتاب (الندوة الرفاعية) هذه القصيدة بعنوان (تحية الندوة):

أراني بجنح الليل آنست في الدجى ♦♦♦ وميضاً عليه الأنجم الزُّهر ترتمي

 

ثم يقول المؤلف وهو الدكتور عايض الردادي في الحاشية: (وجدت في ملفات الندوة ولم يكتب اسم الشاعر ولم أتمكن من معرفته) إنني أظن أنها للدكتور زاهر بن عواض الألمعي، فهي أشبه بشعره.

 

وكانت القصائد النادرة قليلة، من ذلك قصيدة البهلول للدكتور حسن ظاظا، وهي مقطع من شريط قصيدته الكبرى ثمانية آلاف بيت على لسان البهلول، وهو الإنسان الخارق الذكاء المتغابي ليسلم كما قال الشاعر:

ليس الغبي بسيد في قومه ♦♦♦ لكن سيد قومه المتغابي

 

البهلول شخصية تاريخية، كانت تنتقد السلطة بأسلوب المتحامق ليسلم. في إحدى الخميسيات ألقى الدكتور حسن ظاظا من البهلول حوالي مئة وعشرين بيتاً، فكان تعليق أحد الحاضرين: لو أن هذه القصيدة طبعت في ديوان صغير ونشرت في الأسواق، لغطت شهرتها كل ديوان. ثم جاء دوري في الإلقاء وكان إلى جواري، يفصل بيننا أحد الأدباء، كان حضوري تلك الأمسية بعد انقطاع دام قريباً من سنة، وقد عاتبني الشيخ عند زيارتي له في مكتبه عن ذلك الانقطاع قائلاً لي: أنت من أركان الندوة ومن أساطينها...

 

فقدمت الأعذار المقنعة وغير المقنعة. كان السبب أنني ألقيت قصيدة تلقفتها شلة (التفشيل) ومن كان في فلك هذه الشلة، فإنه يلقى التشجيع والاستحسان والثناء، ومن لم يكن من هذه الشلة لقي الغمز واللمز.. كنت في صراع خفي معها، ولم ينته إلا بعد إلقاء هذه القصيدة.

 

كان عبد الله البردوني يرحمه الله قد عارض المتنبي بقصيدة سماها:

(وردة من دم المتنبي) وهي في ديوانه (ترجمة رملية لأعراس الغبار) سمعتها في شريط مسجل ألقاها في جده ومطلعها:

من تلظي لموعه كاد يعمى ♦♦♦ كاد من شهرة اسمه لا يسمى


وديواني الخامس (مع الشعراء) معارضات مع رموز الشعر العربي منذ الجاهلية إلى اليوم منذ امرئ القيس إلى البردوني فناجيته بهذه القصيدة معارضاً البردوني والمتنبي.

 

يبصر الخلد في عماه المدمى
وسواه بشمس تشرين أعمى
يعربي من رأس غمدان داراً
خاله النور، والندى، صار عمّا
بتُّ أهفو أيا نجيَّ القوافي
للقوافي، فلحنكم كان حلما
ما المعري ومطمح المتنبي؟
يا بصيراً بك الطموحات جمّا
عقمت عبقر وشيطان شعري
مات شحاً، بك العطاء ينمى
تسفح الشعر في حمى لوذعيٍّ
يدعي المجد؟ قرمطيٌّ معمّى
يا يراعاً يبصَّر الشعر نوراً
ظل رمحاً منصَّلا.. ظل سهما
صار عضباً مجوهراً في فِرِند
يسلب النفس نفسها، جاء هدما
عاد موتاً بكل لون بهيج
من دم الموت، يُشرِب الشعر سُما
كيف أضحى يراعكم يتنزى
مبضع الجرح؟ برعم الموت كرْما
مبضع الطب عاد غصناً رطيباً
أزهر الغصن في الندى، فاح نظما
شاعر الورد كيف مات عكاظ؟
مهجة الشعر من يراعك ورمى
أين مني بموكب نابغي؟
كم غدا القصر في قريضك ردما!
مأرب حافل وصنعاء عطشى؟
جاءك العيد كيف تنوين صوما؟
وِرد شيماء، غادتي، لهف نفسي
أفتغدو مع الجراحات ندمى؟
كيف تغدين جعبة لسراب؟
فارس الشعر هل سيلغيك يوما؟
أليمانون، والندى مال تيهاً:
بسمة الشام يا (لبودا كليما)[3]
• • •
طيف شيما؟ وأي طيف تهادى؟
ثغر شيماء، دره عاد هتما.
لوثة الشكس من رضابك تروى
من دماء الهتون في الليل أهمى
شاغل الناس مالئ الكون مجداً
من يباري قريضه مات هما
(جرب الموت محوه ذات يوم
وإلى اليوم يقتل الموت فهما)[4]
• • •
شيخ قحطان والروي منار
تمعن السلخ في قريضك حكما؟
مَن إلى اليوم يقتل الموت فهماً؟
مَن إلى اليوم يقتل الموت علما؟
يا أبا الطَّيِّب، الأعادي رمال
كنت في الليل بالتنبؤ ترمى؟
قيل هذا، وفي الطموح سعار
يتلوى فعاد في النفس حمى
لونَ كافور؟ وابلال أعتبى؟
جاهليون، والهوى كان فحما
هكذا قال في الحياة جهول
وسوس الشعر، عن خوافيك نمّا
يُنبت الشعر من طموحك جرحاً
يزرع الموت في بحورك مما؟
فاتك سافك بشعر سخيف
صار بعد الحِمام بدراً أتما[5]
إيهِ حسبي أبا محسَّد عذرا[6]
أجعل الدمع في حوارك ختما
• • •
-شاعر النور في الشآم رويداً
يا سميي فنحن للشعر نعمى
شمتَ شعري؟ وسل أساطين خلدي[7]
هامة المجد تنحني إن أسمى
بعض شعري مخلد عز قومي
فالبطولات في التواريخ جما
ذلك (السيف) بعض بعض سلاحي
(حلب) الصيد أصبحت بعدُ عقمى
كان ظني بخنصري لا بناني
أحرق السود، أجعل النيل يظما
لذة العيد في التلاقي وعيدي
في فراقي لمن يورث عُدما
كان حبسي أصداف لؤلؤ ذاتي
يا احتراقي، ندامتي، مت غما
• • •
أعلم الغيب؟ ألف كلا وكلا
(لا) أنا اسمي؟ خرافة أتنمى؟
تحت جنح الظلام تعوي المنايا
من غروري غدوت للموت طُعما
دربَ شيراز؟ والمنايا عطاش
ظمأ الرمل ترقب الوِِرد هيمى
بابل روضنا ونلقي عصانا
أفأشكو من المقادير ظلما؟
• • •
عَمْرَكَ الله وانتزعت دموعي
نغمة الشعر أصبحت بك يُتما
أي لحن من الهزار يغني
فوق أيك جراحه بك ضرمى؟
يانجيي وهل يرد زمان؟
في المقادير أصبح الصبح أعمى
يا سميي، ضريبة المجد تصمي
عشتَ شهماً ومت في المجد شهما
• • •
شاعر النور هل تمل حواري؟
إن تغادرْ، قتلتُ كيفاً وكمّا
كيف شعري على توالي الليالي؟
أعروس ترام شماً وضما؟
أم عجوز على ثلاث؟ وتقعي
لو تداني تنال ضرباً ولكما
أكل الدهر عطرها في الليالي
شرب الليل حسنها، هاض عظما
يا أبا اليُمْن[8] شاعري، كيف شعري؟
يملأ النفس في الدنى؟ ظل فخما؟
• • •
يا سميي فداك شعري.. شعوري
لذة الروح أن أروي وأظما
عشتُ للنور والشموع بشعري
في حواري لمن يجدد عزما
شاعرَ الخيل، عشتُ والدمع جمر
للثكالى ظللن في الحي عدمى
(للنشامى) وقد أعدوا لأمر
يلهب الجمر في الوغى، بات أحمى
هكذا الشعر عنفوان شعوري
لا لنفسي، لا، بل لغيريَ أومى
شيخ قحطان، وردة القتل تجنى؟
كيف تجنى؟ أيزرع البحر إثما؟
إنما الورد من دم المتنبي
شوك شعب بعنفوان ينمى
ينحر الذل؛ كل حرف سلاح
من جنون الضرام أضحى يحمّى
كم بغى النكس والنجوم شهود
وأد البغي كل مجد مسمى
طبع النور في دمائي فجراً
فالأفاعي نالت من السيف سلما
وجه شيماء مزقته حراب؟
هل تردت من المهانة شيما؟!
ضاد شيماء في مغانيَّ عجمى
والبراكين في وجوديَ ندمى؟
يا هلالاً ويا دم المتنبي
هل سنحيا ندىً قراعاً أهما؟
• • •
شاعر النور والجراح وصبح
سوف يأتي، عطَّشت جفنيَ نوما
ليتني عدت للحياة لأحيا
نور قومي نسيت نفسيَ كلمى
كان شعري مخلداً مجد (سيفي)
مجد نفسي، أخفتُ في القتل هضما؟
من ندى السيف أطلع القتل صبحاً
ودمائي تُرشُّ نجماً فنجما
اقطفوا (الورد) من دماء قتيل
فالأكاليل من دمائيَ تدمى

 

فلما انتهيت من إلقائها كان إلى يميني الشاعر أحمد سالم باعطب شاعر الخميسية الرفاعية فصار يردد الشطر الأخير:

فالأكاليل من دمائيَ تدمى...

 

أما الدكتور حسن ظاظا فصار يقول: جميل، والله جميل، ويردد ذلك مراراً وتكراراً؛ ثم جاء دور غيري فقال: كيف ألقي شعريوقد ألقى الدكتور حسن قصيدتهكما ألقى شاعر الملاحم قصيدته؟.

 

شعراء اليمن:

معالي الشيخ أحمد الشامي نافذة على الشعر اليمني، كان يتحف الأمسية بأشعاره العبقة، لكن المفاجأة التي لا أنساها هي أحمد الحضراني كان عمره (125) سنة صاحي الذهن، متماسك الخطى يتكئ على عصا، لحيته حمراء، متوسط القامة إلى الطول أقرب يمثله ولده إبراهيم بقامته الفارعة الممشوقة الطويلة، ولعل الشيخ الحضراني كان في طلعة ولده عندما كان في سنه كان عمره حوالي الستين.

 

خصصت الجلسة لشاعر اليمن الشيخ أحمد الحضراني وهكذا كان شأن كبار الضيوف الأدباء من الوطن العربي والإسلامي.

 

تصدر الشيخ المجلس؛ ذاكرة لا تستغلق بل لا ينخرم فيها الخبر، ولا يُرتج على ذلك الذي ظل ساعات ينشد من أشعاره. كنت مبهوراً أتأمل هذه الشخصية الفذة وقد انتهى عمره بين المسوفين، وأصبح من الكنتيين، تكلم عن أسفاره ومغامراته ورجولته وزوجاته وقال عن بطولاته: كنت في الحرب أقاتل الإنكليز ولما مرت طائرة إنكليزية أطلقت عليها من بندقيتي، فإذا بالنار تشتعل فيها ثم تهوى إلى الأرض وتنفجر وصار يروي أشعار بطولاته.

 

قلت له: يا شيخ أحمد. فالتفت إلي وقال: نعم. قلت: لو أسمعتنا من شعر الجن. تعجب المجلس من هذا السؤال فزحل الشيخ وهو جالس على كرسيه العريض، ومدد ساقيه وأصبح كالجذع المرتكز على أريكة، ورأسه إلى أعلى وصار ينشد من الأشعار التي قالها الشعراء الجان، شعر الجان شعر غريب يشبه:

وقبر حرب بمكان قفر ♦♦♦ وليس قرب قبر حرب قبر

 

ومن أمثلة شعر الجن شعر الكهان، وذلك ما ورد في السيرة النبوية في قصة إسلام الكاهن سواد بن قارب رضي الله عنه، لكن شعر الإنس يتناغم مع النفس أكثر.

 

تجاوزت السهرة ميعادها، فهذه الأمسيَّة الشعرية الإنسية الجنية خرجت عن المألوف، والقوم في عجب عجاب، وأنا لم أعتد السهر؛ أصلي العشاء وأنام بُعيد ذلك بقليل وأستيقظ في وقت مبكر مرتاحاً، وهذا وقتي المفضل، وفيه اتصال أرضي بسمائي.. كنت أحسب حساب سهرة الخميس ليلة الجمعة لأجل الخميسية الرفاعية، أما هذا السهر المفرط فلم يكن في حسباني، استأذنت الشيخ وغادرت، وهذه هي المرة الوحيدة التي أستأذن فيها قبل انتهاء السهرة، وقيل لي: إن الشيخ أحمد تكلم أربع ساعات متواصلة.

 

ولقد سمعت ولده إبراهيم وهو يلقي من شعره حفظت هذا البيت:

لا تقولوا قلبها حجر ♦♦♦ قلبها أقسى من الحجر

 

وهو من البحر المديد؛ البحر الذي اندثر أو كاد، وهو بحر الطرب، إن قصيدتي السابقة:

يا حبيباً أحور الطرف شادي ♦♦♦ في وجودي مهده في فؤادي

 

الذي لم يعرف أحد شعراء الخميسية ما بحر هذا الشعر، وقال لي: عرضته على بحور الشعر التي أعرفها فلم أعرف أي بحر هو.

 

بيت إبراهيم الحضراني من البحر المديد، ولكن التفعيلة الثالثة (فاعلاتن) جعلها (فَعِلن).

 

وهذا من جوازات البحر المديد؛ عروضه الثالثة مجزوءة محذوفة[9] وهذا أجمل من التفعيلات الكاملة وزناً وإيقاعاً، ولئن كان إيقاع قصيدتي جميلاً، لكن إيقاع بيت الشاعر اليمني الحضراني أجمل:

 

(فاعلاتن فاعلن فعلن) أجمل من التفعيلات الكاملة:

(فاعلاتن فاعلن فاعلاتن) وكلاهما جميل وكلاهما منسي، وأقول لمن ظن أن التفعيلة الكاملة في البحر هي الأفضل، أن يعيد النظر، فقد يكون الزحاف أسلس.

 

أمسيات الضيوف:

كانت الأمسيات الرفاعية كلها لكل السمار، إلا إذا قدم ضيف، وأكثر ما يكون في عالم الأدب أو الفكر رجال السياسة يحضرون مستمعين وأحياناً يتحدثون، أما الشخصيات الأدبية فكانت تضفي على الخميسية جواً من الألق الأدبي غير المعهود..

 

من المفكرين الدكتور عبد السلام هراس من المغرب، ومن السياسيين سفير الصومال السيد عبد الرحمن، تلقيت منه دعوة إلى منزله، وبعد أن تناولنا الغداء كان بيته في العليا، دوراً أرضياً مسقوفاً ليس له حديقة، دخلته فإذا هو متحف، وفيه جونية صغيرة أو طبق من القش يحتوي على مجموعة من بيض النعام المفرغ، كان شكل فم البييضة مكسراً بشكل عشوائي يشبه أسنان فمٍ أفقم، قال لي بعد الغداء: أريد أن تصوغ ملحمة الصومال.

 

قلت: قصيدتي هذه (شهيد من الصومال) هدية لك، وذلك بعد أن ألقيتها في الخميسية.

 

قال: هذه قصيدة لم تبلغ خمسين بيتاً. وهي عن الشهيد الغازي أحمد بن إبراهيم يرحمه الله، زمن الاستعمار البرتغالي استشهد وهو صائم في معركة بحيرة (تانا) بعد أن انتزع مملكة أكسوم من الأحباش. قال: أنا أريد ملحمة.

 

قلت: على غرار ملحمة بدر؟ قال: ملحمة بدر عشرة آلاف بيت، أنا لا أريدها بهذا الحجم يمكن أن تكون ألف بيت أو أكثر قليلاً، سأقدم لك التذاكر في إجازة الصيف ونحجز لك في أرقى الفنادق ويكون تحت تصرفك أدلاء لترى ساحة المعركة مع البرتغاليين، وينسحب الخبر التاريخي إلى العصر الحديث، ولا تنس في نهاية الملحمة الرئيس سياد بري، ولك ما تريد، وخفض يديه إلى ما تحت مستوى سطح الطاولة وصار يعد النقود. قلت: مهلاً يا سعادة السفير عبد الرحمن!

قال: هذه الآن ثمن الأوراق.

قلت: عندي ورق كثير، سأفكر وأرد لك الجواب.. وقلت في نفسي: هذا سفير الصومال، زوج ابنة رئيس الدولة؛ أي أنه الرجل الثاني في الدولة الصومالية، يطلب مني أن أمدح من أحرق علماء المسلمين وهم أحياء؟ يا رب: ماذا سيكون جوابي إليك يوم العرض عليك في وقوفي بين يديك؟ حدثت الشيخ عبد العزيز الرفاعي بذلك الموضوع فتبسم.



[1] البداية والنهاية لابن كثير ج11 ص 714 بتحقيق د. عبد الله التركي.

[2] البداية والنهاية لابن كثير بتحقيق الدكتور عبد الله التركي ج8 ص 83

[3] في الأساطير: لبودا وكليما بنتا آدم عليه السلام.

[4] هذا البيت للبردوني في المتنبي.

[5] إشارة إلى قصيدته التي كانت سبب مقتله:

ما أنصف القوم ضبه ♦♦♦ وأمه الطُّرُّطبه

[6] أبو محسّد: كنية المتنبي.

إشارة تعاقب الأدوار في الحوار.

[7] شامَ: رأى.

[8] أبو اليمان كنية أحمد الخاني.

[9] انظر ( المعيار في أوزان الأشعار ) للشنتريني بتحقيق د. محمد رضوان الدايه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رحم الله معالي الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل رحمة واسعة
  • الدروس الدائمة لمعالي الشيخ د. يوسف بن محمد الغفيص في جامع عثمان
  • الدرس الأسبوعي لمعالي الشيخ د. سعد بن تركي الخثلان بجامع الأمير مشعل
  • لقاء مفتوح مع معالي الشيخ عبدالله آل خنين في جامع عبدالهادي القحطاني بالخبر
  • الخميسية الوفائية (ندوة الوفاء بعد وفاة عبد العزيز الرفاعي)

مختارات من الشبكة

  • الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن التويجري في محاضرة: وقفات مع قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • رسالة الشيخ عبدالكريم الدبان إلى شيخه الشيخ أحمد الراوي (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • ترجمة الشيخ عبداللطيف بن الشيخ عبدالرحمن بن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشيخ المحدث عبدالله بن عبدالرحمن السعد في محاضرة: مسائل متعلقة بشهري شعبان ورمضان(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • الشيخ د. عصام بن صالح العويد في محاضرة بعنوان (أركان تربية القرآن)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • كلمة الشيخ سعد الحميد في حفل حلقات مسجد معالي الشيخ عبدالله العمار بالسويدي(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • معالي الشيخ عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ت 1426)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشيخ عبدالعزيز ال الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية في اللقاء المفتوح(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • من علماء آل الشيخ: عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن حمد آل الشيخ(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مسند الديار النجدية وفقيهها الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن إسحاق آل الشيخ(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب