• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي / بحوث ودراسات
علامة باركود

العلاقة بين النبوات نسخ أم تصديق؟

أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/5/2011 ميلادي - 17/6/1432 هجري

الزيارات: 32909

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تقديم

تجري على أقلام الباحثين الشرعيين وألسنتهم بعض العبارات والألفاظ المطلقة أو المبهمة التي تحتاج إلى تحرير، ومن هذه الألفاظ أو العبارات: نسخ الكتب السماوية، أو نسخ الديانات السابقة، أو نسخ الشرائع السابقة، أو نحو ذلك من العبارات التي يقصد بها إبطال الديانات والكتب الدينية، ما عدا الإسلام والوحي الذي نزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، ينظر مثلًا: تفسير ابن كثير 2/69 وتفسير الشوكاني 2/47، وينظر الباب رقم 70 من كتاب الإيمان من صحيح مسلم وهو من عمل النووي، فهل هذا المقصد صحيح وهل وسائله التعبيرية السابقة صحيحة؟ هذا ما نريد أن نتوقف عنده.

 

ولتكون الصورة واضحة نقدم بين يديها هذه المقررات مدخلاً للموضوع:

1- الدين الذي ارتضاه الله لعباده وبعث به أنبياءه هو دين واحد، وهو "دين الإسلام". ﴿ إن الدين عند الله الإسلام ﴾ [آل عمران: 19] والمراد به (الاستسلام لله تعالى وفق مراد الله وشرعه والذي أنزله على أنبيائه ورسله).

 

2- وقد اتفقت النبوات على الأصول العامة وهي أربعة تقريبًا:

الأول: توحيد الله.

الثاني: الأركان العملية الكبرى كالصلاة والزكاة والصيام مع الاختلاف في الشكل والمقادير.

الثالث: القيم الخلقية كالصدق والعدل والإحسان والأمانة.

الرابع: تحريم الفواحش كالقتل والزنا والربا والظلم والسرقة والكذب.

 

قال سبحانه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25].

 

ثم تختلف النبوات في الشرائع بحسب طبيعة كل أمة وما يناسبها قال سبحانه: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة: 48].

 

قال القرطبي: "ولا خلاف أن الله تعالى لم يغاير بين الشرائع في التوحيد والمكارم والمصالح، وإنما خالف بينها في الفروع حسبما علمه سبحانه (الجامع لأحكام القرآن 16/164 وينظر أيضًا 7/132).

 

3- ثم هذا الإسلام له إطلاقان: عام وخاص.

 

أما الإسلام العام فهو دين الأنبياء الذي يقوم على تلك الأصول. وهو المراد بمثل قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا ﴾ [آل عمران: 67]، وقوله حكاية عن سليمان ﴿ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾ [النمل: 31]، ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 33]. وغيرها من الآيات.

 

وأما الإسلام الخاص فهو ما بعث به محمد - صلى الله عليه وسلم - المتمثل بالقرآن العظيم وسنة النبي الكريم.

 

4- والإسلام بمفهومه الخاص كامل التشريعات، وهو كمال ذو شمولية واسعة تستوعب كل متطلبات الإنسان والحياة، وذلك ما لم يتوافر في دين سابق ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ﴾ [المائدة: 3]، ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 89]، ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9].

 

موقف القرآن والسنة من الديانات والكتب السابقة:

يمكن تحديد هذا الموقف في النقاط الآتية:

1- الإيمان بها كقوله تعالى: ﴿ قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 136] وفي سورة [آل عمران: 84] مثل هذه الآية: ﴿ آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾  [البقرة: 286]. وفي حديث جبريل (الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) رواه مسلم. ونحوه في البخاري ولكن بدون ذكر القدر.

 

2- تصديقها وتوكيدها كما في قوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 101]، في أول سورة آل عمران: ﴿ الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ [آل عمران: 1 - 3] وفي القرآن نحو خمسة عشر موضعًا تفيد هذا المعنى.

 

وهذان الأمران (الإيمان والتصديق) هما موقف كل نبي أو كتاب مما سبق.

 

3- الهيمنة على الكتب السابقة.

كما في قوله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48].

 

قال ابن عباس: مهيمنا: أي أمينا، والقرآن أمين على كل كتاب قبله، وقيل: شهيدا وحاكمًا، قال ابن كثير: وهذه الأقوال متقاربة المعنى (ينظر تفسيره للآية).

 

وقال الحافظ ابن حجر: "أصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، تقول: هيمن فلان على فلانك إذا صار رقيبا عليه" (فتح الباري 8/269).

 

وهكذا يكون القرآن رقيبا وحاكمًا على الكتب السابقة، وإذا كان قد ينسخ بعض ما فيها فليس ذلك يقتضي نسخها ورفعها جملة.

 

4- كشف التحريفات والمبتدعات التي صنعها مرتزقة أصحاب الديانات السابقة، من الأحبار والرهبان ونحوهم.

 

كما في قوله تعالى: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ﴾ [المائدة: 13]، وقوله: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [المائدة: 15].

 

وقوله تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ﴾ [النساء: 171].

 

5- النعي على أهل الكتاب وتوبيخهم على كفرهم وضلالتهم. كما في قوله تعالى: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [المائدة: 78].

 

وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ﴾ [النساء: 150، 151].

 

وقوله: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 30].

 

وقوله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ﴾ [المائدة: 17].

 

6- دعوة أهل الكتاب وأمم الأرض كلهم إلى الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وما نزل عليه من الحق كما في قوله تعالى:  ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ﴾ [المائدة: 19].

 

وقوله: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ ﴾ [البقرة: 91].

 

وقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 137].

 

وقال مخاطبًا بني إسرائيل: ﴿ وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ﴾ [البقرة: 41].

 

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي احد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار"؛ رواه مسلم برقم 153.

 

الخلاصة

في ضوء هذه النصوص يمكننا أن نسجل هذه النقاط:

1- إن القرآن مصدق لما قبله من الكتب والنبوات.

2- وهو مهيمن عليها.

3- ويؤكد وقوع تحريف الكتب السماوية السابقة.

4- وينعي على أهل الكتاب كفرهم وضلالتهم.

5- ويدعوا أهل الكتاب - وغيرهم من الناس - إلى الإيمان بمحمد وما أنزل عليه.

 

تساؤل:

هل هذه المعطيات التي استخلصناها من النصوص تفيد النسخ؟ بحيث يقال: القرآن ناسخ لما قبله من الكتب السابقة التوراة والإنجيل والزبور؟

 

أو يقال: إن دين الإسلام ناسخ للديانات السابقة؟

 

أو يقال: إن هذه الشريعة ناسخة للشرائع السابقة؟

 

لعل الإجابة عن هذه التساؤلات تبدأ بمعرفة النسخ ما هو؟

 

جاء في مختصر الروضة وشرحها للطوفي 2/251 "النسخ لغة" الرفع والإزالة يقال: نسخت الشمس الظل، والريح الأثر، وقد يراد به ما يشبه النقل، نحو نسخت الكتاب.. وهو شرعًا: رفع الحكم الثابت بطريق شرعي، بمثله متراخ عنه "قال: وهذا أجود ما قيل في تعريفه شرعًا.

 

فهذا هو مفهوم النسخ الذي استقر عليه المتأخرون.

 

أما العلماء المتقدمون فكانوا يتوسعون في الإطلاق. فيسمون تقييد المطلق، وتخصيص العام وتبيين المجمل نسخًا.

 

قال الإمام ابن تيمية: "والمنسوخ في اصطلاح السلف يدخل فيه كل ظاهر ترك ظاهره لمعارض راجح" (مجموع الفتاوى 13/272) وينظر: الجامع لأحكام القرآن 3/169.

 

وهذا المفهوم القديم للنسخ هو في إطار شريعة الإسلام المحمدية، أما من حيث موقف الإسلام من الديانات السابقة فيطلق النسخ وفقا لما عند المتأخرين، وهو الرفع والإزالة، فنعود إلى تساؤلاتنا الآنفة:

1- هل يقال: نسخ القرآن الكتب السماوية المتقدمة أي رفعها وأزالها؟

 

2- وهل يقال: نسخ الإسلام الديانات السابقة وإزالتها؟

 

3- وهل يقال: نسخت الشريعة الإسلامية الشرائع السابقة وأزالتها؟

 

أولًا: نسخ الكتب المتقدمة:

معروف بداهة أنه لا يطلق النسخ إلا عند التعارض فإذا كان نصان متعارضان، لا يمكن الجمع بينهما ولا الترجيح فلابد أن يكون أحدهما ناسخا والآخر منسوخا، لأن الوحي لا يتناقض.

 

أما إذا لم يكن بينهما تعارض فلا حاجة إلى القول بالنسخ وهكذا في مسألتنا (نسخ الكتب المتقدمة) فهل تلك الكتب متعارضة مع القرآن؟ ونحن نقصد بالكتب: حقيقة ما أنزل الله على أنبيائه وليس الكتب المحرفة.

 

والجواب يحتاج إلى شيء من التفصيل.

 

فإن مضمون الكتب المتقدمة يحتمل أمورًا:

أحدها: تقرير وحدانية الله وما يتبعها من أركان الإيمان.

الثاني: قصص الأنبياء.

الثالث: الوصايا التي تحث على الفضيلة وتحذر من الرذيلة.

الرابع: التشريعات (الحلال والحرام).

 

والأمران الأول والثاني هما من الأخبار وخبر الله لا يتطرق إليه الكذب، ومن ثم فلا يمكن أن يتطرق إليه النسخ، وهو رأي أكثر أهل العلم.

 

وأما الثالث فهو في الأصل قيم ثابتة لا تتغير، مثل الحث على الصدق والعدل والأمانة والوفاء بالعهود والرحمة والعفة، ونحو ذلك من الأخلاق الفاضلة، وكذا التحذير من الكذب والظلم والخيانة والغدر ومثل الزنا والسرقة والقذف والسب، ونحو ذلك من الأخلاق السيئة فمثل هذا لا يتطرق إليه النسخ.

 

وأما الرابع: وهو (الحلال والحرام) فهو مما يدخله النسخ بالإجماع، لأنه يراعي فيه أحوال الأمم وطبيعتها، ولذا اختلفت فيه النبوات.

 

وإذن فالنسخ المحتمل والواقع في الكتب المتقدمة، يكاد ينحصر في موضوع واحد من موضوعاتها، وهو: الأحكام التشريعية، وعليه فإن إطلاق القول بنسخ الكتب المتقدمة بالقرآن محل نظر، وفيه إجمال غير مناسب، والصواب أن يقال: هو مهيمن عليها أي حافظ وآمين ورقيب عليها، وليس مزيلا أو مبطلا لها، وإن كان قد يزيل بعض أحكامها، أو يضيف أحكاما جديدة، أو يفصل مجملات ومبهمات.

 

ثانيًا: نسخ الديانات السابقة بالإسلام:

ونعني بالديانات السابقة: ديانات الأنبياء ليس غيرها. والأصل أنها دين واحد هو الإسلام، ولكن قد يجيز بعضهم جمعها، ولعل ذلك مراعي فيه تعدد الشرائع وتنوعها (ينظر مثلا: تفسير ابن كثير 2/66 والجامع لأحكام القرآن 6/353) فإذا كان دين الأنبياء واحدا هو الإسلام، فهل يقال إن الإسلام ناسخ لذلك الدين السابق؟

 

وأظن إن هذا الإطلاق محل نظر، فالمحكمات لا ينسخ بعضها بعضا، بلا يجوز افتراض التعارض بينها.

 

أما إذا أريد بالديانات: التشريعات، فيجوز إطلاق النسخ كما تقرر.

 

ثالثًا: نسخ الشرائع السابقة:

يجوز إطلاق القول بنسخ الشرائع المتقدمة بالشريعة الإسلامية، وهذا مما لا خلاف فيه.

 

(ينظر: شرح مختصر الروضة للطوفي 2/271).

 

لكن هل يمكن أن يقال: كل الشرائع السابقة باطلة إلا ما ثبت منه في القرآن أو السنة؟

 

والذي يظهر أن هذا القول غير سائغ على إطلاقه. بل يقال: ما وافق القرآن أو السنة فهو حق بلا مرية، وما عارض القرآن أو السنة الصحيحة فهو باطل بلا مرية، ويبقى نوع ثالث لم يثبت عندنا، ولكن لا يتعارض مع ما عندنا، وهو المسمى عند الأصوليين "شرع من قبلنا" وهو من الأدلة المختلف فيها، هل هو حجة أو لا؟

 

والذي عيه جمهور أهل العلم أنه حجة ما لم يتعارض مع ديننا وذهب إلى ذلك أكثر الأصوليين.

 

الخلاصة:

من خلال هذه العرض بدا أن القول بنسخ الكتب المتقدمة بالقرآن غير دقيق، لأن القرآن جاء مصدقا لها، فلا يسوغ القول بأنه نسخها وأزالها، إذ لا يمكن الجمع بين التصديق والإزالة!! وأن القول بأن الأديان السماوية السابقة قد نسخت بالإسلام فيه تعميم يفتقد الدقة أيضًا، لأن دين الأنبياء واحد هو الإسلام.

 

ولكن يجوز القول بأن الإسلام نسخ الشرائع السابقة وعلى هذا فالذي يجوز هو القول بأن شريعة الإسلام نسخت ما سبقها وهو الواقع بالفعل.

 

ولا يمنع هذا الإطلاق وجود بعض التشريعات القديمة التي أقرها الإسلام، قال الطوفي: "لا يشترط في نسخ الشريعة نسخ جميعها، بل يكفي في تسميتها منسوخة نسخ بعض أحكامها، بدليل أن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - نسخت كل شريعة قبلها مع أنها قررت بعض الأحكام فلم تنسخ". (شرح مختصر الروضة 3/183).

 

علاقة الإسلام بالأديان السماوية الماضية:

إذا كان المنسوخ من تلك الأديان هو ما يتعلق  بالتشريع وإذا كان القرآن مصدقا لما بين يديه من الكتب، وإذا كان دين الأنبياء واحدا هو دين الإسلام، فترى كيف تكون علاقة دين الإسلام بما سبق من ديانات؟

 

والجواب يقتضي الكلام في مسألتين:

إحداهما: الأديان السماوية الصحيحة قبل التحريف.

الثانية: أديان أهل الكتاب بعد التحريف.

 

المسألة الأولى: علاقة الإسلام بالأديان السماوية الصحيحة؟

بدا لنا أن الإسلام هو دين الأنبياء كلهم، وأن القرآن جاء مصدقا لكتبهم، وليس مبطلا لها ولا رافعا لما فيها من الحق، ولكن مهيمن عليها وحاكم عليها.

 

وبناء عليه فلو فرض وجود كتب صحيحة لم يدخلها التحريف أو ثبت لدينا صحة شيء منها فيجوز العمل بها من قبل أهل الكتاب أو من المسلمين، إلا أن أهل الكتاب يجب عليهم أن يؤمنوا بما أنزل على محمد وإلا يكتفوا بكتبهم.

 

ويدل لذلك القرآن والسنة، أما القرآن فلقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ... ﴾ [المائدة: 66].

 

وقوله: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا... ﴾ [المائدة: 68].

 

والمراد بـ﴿ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ في الآيتين: هو القرآن العظيم.

 

قال الطبري: "فإن قال قائل: وكيف يقيمون التوراة والإنجيل وما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - مع اختلاف هذه الكتب ونسخ بعضها بعضا، قيل: إنها وإن كانت كذلك في بعض أحكامها وشرائعها والإنجيل وما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - تصديقهم بما فيها والعمل بما هي متفقة فيه" (تفسير الطبري للآية 66 السابقة).

 

ومما يؤكد صحة ذلك: ما ورد في سبب نزول الآية 68، إن جماعة من أحبار اليهود جاءوا إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا محمد ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم وتؤمن بما في التوراة وتشهد أنها حق؟ قال: بلى ولكنكم كتمتم منها ما أمرتم ببيانه، فأنا أبرأ مما أحدثتموه، قالوا: فإنا نتمسك بما في أيدينا من الهدى والحق ولا نؤمن بك ولا بما جئت به، فأنزل الله هذه الآية. أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال ابن حجر: إسناده حسن. (فتح الباري 8/269).

 

ويؤكد القرطبي مشروعية الرجوع إلى الكتب السابقة إذا ثبت عدم تحريفها. وقال عند الآية 23 من سورة المائدة "المسألة الثالثة: وفيها دليل على أن شرائع من قبلنا شريعة لنا إلا ما علمنا نسخه، وأنه يجب علينا الحكم بشرائع الأنبياء قبلنا...، وإنما لا نقرأ التوراة ولا نعمل بما فيها لأن من هي في يده غير أمين عليها، وقد غيرها وبدلها، ولو علمنا أن شيئا منها لم يتغير ولم يتبدل جاز لنا قراءته.. وكان عليه السلام عالما بما لم يغير منها فلذلك دعاهم - يعني اليهود - إليها والي الحكم بها" (الجامع لأحكام القرآن 4/50).

 

ومن السنة: عن أنس أن الربيع عمته كسرت ثنية جارية، فطلبوا إليها العفو، فعرضوا الأرش فأبوا، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبوا إلا القصاص، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقصاص فقال أنس بن النضر، يا رسول الله أتكسر ثنية الربيع؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: يا أنس كتاب الله القصاص..." الحديث، متفق عليه.

 

والشاهد هنا قوله عليه السلام: كتاب الله القصاص، وليس في القرآن السن بالسن، إلا ما جاء فيه حكاية عن التوراة  ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ... ﴾ الآية.

 

قال الطوفي: فدل على أن عليه السلام قضى بحكم التوراة، ولو لم يكن شرعًا لنا لما قضى به" (شرح مختصر الروضة 3/171).

 

ويمكن أن يستدل من السنة أيضا بقوله عليه السلام (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) رواه البخاري برقم 3461. فلو لم يكن لديهم بعض الحق لما أجاز التحديث عنهم. (وينظر: فتح الباري 6/498).

 

ونحن إذ نقول بجواز الرجوع إلى كتب الله الماضيه الصحيحة لا يلزم من ذلك الوجوب، كما لا يقتضي ذلك وجود نقص في التشريع الإسلامي. بل شريعتنا كاملة ووافية كما قررنا مرارا، ولكن المقصود هو الإيمان بصحة ذلك التشريع وأنه وحي، ولا يجوز اعتقاد بطلانه أو نسخه.

 

وهكذا تكون علاقة الإسلام بالأديان السماوية السابقة، هي التصديق والتوكيد، إلا أنه ينبغي ألا يغيب عن الأذهان أن الإسلام ليس مجرد دين مؤكد لما سبق، بل هو أوفى وأكمل وفيه إضافات كثيرة جدًّا، وفيه نسخ للكثير من التشريعات السابقة، وتصحيح الأوهام وزلات عظيمة وقع فيها أتباع الرسل، ولذا فإن أدق عبارة تبين حقيقة علاقة الإسلام بما سبقه من الديانات هي عبارة القرآن العظيم ﴿ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾.

 

فالتصديق والهيمنة وليس النسخ هما حقيقة علاقة الإسلام بالأديان السماوية السابقة، وإنما يطلق النسخ عند الكلام على الشرائع، فيقال: إن شريعة الإسلام نسخت الشرائع السابقة وهذه هي العبارة المستعملة عند أكثر العلماء.

 

وإذا كانت العلاقة هي التصديق والهيمنة كان الإيمان والعمل بهذه الكتب لا يتنافى مع الإيمان والعمل بالقرآن والسنة، حيث لا يتعارض، فإن وجد ثم تعارض كان السابق منسوخًا.

 

وتظهر فائدة ذلك بالنسبة لمؤمني أهل الكتاب فقد يكون لديهم شيء من الكتب الصحيحة الموافقة لما عندنا فيلزمهم الإيمان والعمل بما عندهم لموافقته لما عندنا ولا يجوز اعتقاد نسخة أو بطلانه، وقبل أن نتجاوز هذه المسألة، قد يرد إشكال، وهو أن وجود الكتب الصحيحة غير المحرفة مجرد افتراض لا حقيقة له في الأمر الواقع فيكون حديثنا مبنيا على الافتراض، فلا فائدة منه إذن!!

 

والحق أن التحريف حصل بالفعل للكتب السابقة، ولكن هل هو تحريف كلي أو جزئي؟ وهل هو تحريف للألفاظ والمعاني أم لأحدهما؟ واكتفى هنا بما ذكره ابن كثير رحمه الله.

 

فقد ذكر ثلاثة أقوال في المسألة، الأول: إن التحريف كان للمعاني فقد دون الألفاظ، لقول الله تعالى:  ﴿ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ﴾ [المائدة: 43].

 

وقوله: ﴿ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾ [الأعراف: 157].

 

وكذلك قصة اليهودي واليهودية الزانيين، حيث قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ما تجدون في التوراة بشأن الرجم؟ فقالوا: نفضحهم ويجلدون فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بإحضار التوراة، فلما جاؤوا بها وجعلوا يقرؤونها ويكتمون آية الرجم، حيث وضع أحدهم يده على الآية فقال - صلى الله عليه وسلم - ارفع يدك يا أعور فرفع يده فإذا فيها آية الرجم وهو حديث متفق عليه، ثم قال ابن كثير: وهذا القول حكاه البخاري عن ابن عباس وقرر عليه ولم يرده.

 

القول الثاني: إن التحريف كان للألفاظ مع المعاني.

 

القول الثالث: التوسط بين القولين وهو أنه وقع فيها تحريف جزئي وليس كليا. قال وهو رأي شيخنا أبي العباس ابن تيمية ثم قال ابن كثير: "والحق أنه دخلها تبديل وتغيير، وتصرفوا في بعض ألفاظها بالزيادة والنقص كما تصرفوا في معانيها وهذا معلوم عند التأمل: (البداية والنهاية 2/137، وينظر ص35- 136. الطبعة الأولى 1408هـ دار الريان).

 

المسألة الثانية: علاقة الإسلام بالأديان المحرفة والباطلة:

أما الأديان الباطلة فهي التي ليس لها أصل كتاب ولا شبهة كتاب، كالديانات الوثنية والإلحادية، وهذه باطلة جملة وتفصيلا في ميزان الإسلام، وأما الأديان المحرفة فهي لمن له أصل كتب وهي محصورة باليهودية والنصرانية، وموقف الإسلام من هذه الأديان يقوم على ركنين:

الأول: إدانتهم بالتحريف وعدم الاعتراف بالحق.

الثاني: تمييزهم ببعض الأحكام لانتمائهم إلى أنبيائهم ووجود شبهة الحق لديهم.

 

وبناء على الركن الأول حكم على ما يسمى بالديانة اليهودية والنصرانية بالبطلان، لكثرة التحريف لديهم، ولعدم إيمانهم بمحمد عليه الصلاة والسلام وما نزل عليه من الحق، ولا فرق - إذن - في ميزان الإسلام بين هاتين الديانتين وسائر الديانات الأخرى الوثنية لاشتراكهم جميعًا بعدم الإيمان برسالة الإسلام.

 

وبناء على الركن الثاني خص أهل الكتاب ببعض الميزات، ومن أهمها:

1- حل ذبائحهم.

2- نكاح المحصنات من نسائهم.

3- وقيل: إن جواز أخذ الجزية مخصوص بهم، دون بقية الأديان الأخرى، اللهم إلا المجوس قياسا لهم على أهل الكتاب، ولكن الصحيح جواز أخذها من أهل الملل كلهم.

 

عالمية الإسلام:

إذا كان القرآن ميهمنا على الكتب السابقة وحاكما عليها، وإذا كان دين الإسلام ميهمنا على غيره من الديانات وحاكما عليها، وإذا كان التشريع الإسلامي مهيمنا على سائر التشريعات الأخرى وحاكما عليها، فذلك يعطي نتيجة قاطعة بأن دين الإسلام دين عالمي، ذو شمولية مطلقة.

 

شمولية المكان، حيث مناسبته للتطبيق في كل مكان.

 

وشمولية الزمان، من بعثة محمد عليه الصلاة والسلام إلى قيام الساعة.

 

وشمولية الإنسان (الفرد) بكل متطلباته، الروحية والعقلية والجسدية والنفسية.

 

وشمولية الإنسان (الجماعة) بكل ما يحتاجه من تنظيم وتطوير، وشمولية الأحكام والتشريعات (الدينية والدنيوية) من سياسة وإدارة واقتصاد وثقافة وفكر، وغير ذلك.

 

وإذن فهو دين ملزم للبشرية كلها، وأي إنسان سمع بهذا الدين وجب عليه الإيمان به والانقياد له، وليس معذورًا عند الله، وإن كان له حرية الاختيار في الدنيا بعدم إكراهه على الدين. لقوله تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾ [البقرة: 256].

 

والناس بعد بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - في هذا الأمر سواء، ولو قدر وجود نبي وجب عليه ما وجب على غيره.

 

ولذا جاء في الحديث: (لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا إتباعي)، وعيسى عليه السلام إذا نزل آخر الزمان يحكم بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - أما أهل الكتاب الذين يزعمون أنهم باقون على أصول أنبيائهم، فإن كتبهم تفرض عليهم الإيمان بمحمد وبما أنزل عليه من الحق، كما قال سبحانه: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا ﴾ [آل عمران: 81].

 

قيل في معنى الآية: أخذ الله ميثاق الأنبياء أن يصدق بعضهم بعضا ويأمر بعضهم بالإيمان بعضا. وإذا كان قد أخذ العهد على الأنبياء فأتباعهم تبع لهم.

 

وقد كان أحبار اليهود وأساقفه النصارى يعلمون أن ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - حق، وما حجبهم عن الإيمان به إلا الحسد والاستكبار.

 

اعتراضات والإجابة عنها:

ربما اعترض على القول بجواز العمل بما صح في الكتب المتقدمة ببعض النصوص، والتي من أهمها:

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم)" رواه البخاري برقم 4485، ويجاب عنه بما فسره به الحافظ ابن حجر، إذ قال: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم) أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملا لئلا يكون في نفس الأمر صدق فتكذبوه، أو كذبا فتصدقوه فتقعوا في الحرج، ولم يرد النهي عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلافه، ولا عن تصديقهم فيها ورد شرعنا بوفاقه "فتح الباري 8/170".

 

2- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدث، تقرؤونه محضًا لم يشب، وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه) رواه البخاري برقم 7363.

 

ويجاب عنه بأنه نهي ابن عباس إنما هو عن الرجوع إلى أهل الكتاب والاعتماد على قولهم، ولكن لو اطمأن المسلم إلى نص ديني قديم ورأى عليه نور الحق فلا بأس بالاعتماد عليه.

 

3- عن جابر بن عبدالله أن عمر بن الخطاب أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي عليه السلام قال: فغضب النبي عليه السلام وقال: امتهوكون فيها يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبرونكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيًا ما وسعه إلا أن يتبعني) قال ابن كثير تفرد به أحمد وإسناده على شرط مسلم. ويجاب عنه بمثل ما أجيب به قول ابن عباس الآنف.

 

وكل هذه النصوص تؤكد أنه ينبغي على المسلم أن يطمئن إلى ما عنده من الحق المتمثل بالقرآن وصحيح السنة وألا يرجع إلى أهل الكتاب من أجل الاستدراك على شريعة الإسلام.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • احترام جميع الأنبياء وتقديرهم
  • الإيمان بالأنبياء والرسل عليهم السلام
  • الميلاد واتصال النبوات

مختارات من الشبكة

  • انعكاس العلاقة مع الله على العلاقة مع الناس(استشارة - الاستشارات)
  • مسائل عقدية في الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • العلاقة بين النبوات نسخ أم تصديق (PDF)(كتاب - موقع أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي)
  • العلاقة متوترة بيني وبين أمي(استشارة - الاستشارات)
  • توتر العلاقة بيني وبين صديقاتي(استشارة - الاستشارات)
  • العلاقة بين الشريعة والتربية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب (الاستغراب - المفهوم)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • ندوة في مدينة صوفيا تناقش العلاقة بين الدين والشخصية والمجتمع(مقالة - المسلمون في العالم)
  • العلاقة العلمية بين البحرين وعلماء السعودية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • معرفة العلاقة بين مصطلحات الظواهر النحوية ومفاهيمها مفتاح تحصيلها(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب