• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي / مقالات
علامة باركود

طغيان التجارة على جو العبادة يحوِّل الحج صناعة تجارية!

طغيان التجارة على جو العبادة يحوِّل الحج صناعة تجارية!
أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي

المصدر: مجلة الحياة- العدد 13252- 20 يونيو 1999 م- 7 ربيع الأول 1420 هـ.
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/11/2011 ميلادي - 4/12/1432 هجري

الزيارات: 18825

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أداء الشعائر من وجهة نظر اقتصادية

طغيان التجارة على جو العبادة يحوِّل الحج صناعة تجارية

 

قرأتُ بإمعانٍ المقالَ الذي كتَبه الدكتور عمر عبدالله كامِل في "الحياة" (العدد 13165 الصادر بتاريخ 7/12/1419 هـ) بعنوان: "أداء الشعائِر من وجهة نظر اقتصاديَّة، إعادة تنظيم الحجِّ والعُمرة يرفع عائداتهما إلى 30 بليون دولار سنويًّا".

 

وبقدْر ما في العنوان مِن إثارة صحافية، ففي ذات المضمون معلوماتٌ قيِّمة، وآراء بعيدة النظر، ورُؤى اقتصادية للمستقبل لا تخلو مِن العمق والتدقيق، وليس هذا بغريبٍ على متخصِّص كالدكتور كامل.

 

والموضوع كما هو واضحٌ مِن العنوان الطويل يعالج قضيةَ الحج مِن منظور اقتصادي صرف، ومِن هنا تردَّدتُ في الدخول في مناقشة هذا الموضوع المضنون به على غير أهلِه؛ بَيْد أني أزمعتُ أمري على الدخول أو المداخلة؛ نظرًا إلى أنَّ الموضوعَ يتعلق بقضية كبرى، هي الحج؛ أحدُ أركان الإسلام ومبانيه العِظام، وبتأمل المقال المنوَّه عنه بدَت لي محاوره في الآتي:

1- النظرة الماديَّة للحج.

2- إنشاء شَرِكات سياحيَّة دِينية لتنظيم الحج والعمرة.

3- الاهتمام بالآثار والمواقِع الإسلاميَّة.

4- جعْل الحج موردًا أساسًا للدولة يعوّض عن النفط.

 

ورأيت أن أقدِّم بين يدي تلك المحاور كلماتٍ موجزةً في مسألتين أراهما ذاتَيْ أهمية، كمدخل للموضوع الرئيس:

المسألة الأولى: نظْرة الإسلام المتوازِنة بين الدِّين والدُّنيا:

مِن المقطوع به أنَّ الإسلام جاءَ لتحصيل المصالِح ودرء المفاسد، ومِن المقطوع به أيضًا شمولية هذه المصالِح والمفاسد لأمورِ الدِّين والدنيا، فكل مصلحة مِن أمور الدِّين أو الدُّنيا جاء الإسلام بتحصيلها بقدْر الإمكان، وكل مفسدةٍ في أمور الدِّين والدُّنيا فالإسلام جاء بدرئِها بقدْر الإمكان.

 

وليس هذا فحسبُ، بل نلحظ التوازنَ في التحصيلِ بيْن المصالح بصورةٍ ظاهرة، ففي حين يرتبط الإنسان - بوضوح - بالله تعالى عن طريقِ أداء الشعائر الدِّينيَّة كالصلاة والصوم والزكاة والحجِّ والذِّكر والتلاوة وغيرها، فإنَّه في الوقت نفْسه يرتبط بالدنيا عن طريقِ أداء أعمالٍ كثيرة، مِثل المعاملات الماليَّة، والعلاقات الإنسانيَّة مع أقاربه والأباعد، كما قدْ توجد أعمالٌ أخرى مزدوجة بين الدِّين والدُّنيا كطلبِ العلم وتعليمه، والعمل في الولايات (الوظائِف) عامِّها وخاصِّها، والزواج وما إلى ذلك، بل أصبح مِن غير اليسير الفصلُ بيْن العمل الدِّيني والدنيوي فصلاً تامًّا، وهذا ما نلحظه في نصوصٍ شرعيَّة كثيرة، كقوله - تعالى -: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10].

 

فتأمَّل هذه المنظومة مِن الأعمال: الصلاة + طلب الرزق + ذِكر الله - عزَّ وجلَّ.

 

المسألة الثانية: فلسفة العبادات؛ مِن الصلاة والصيام والزَّكاة والحج وغيرها:

فالحقيقة أنَّ هذه العباداتِ لم تُشرعْ مِن أجل المشقَّة على الإنسان وإنهاك قواه، وصرفه عنِ المجتمع الإنساني والتعاون معه على الخير، وكذلك لم تُشرَع من أجل اللهو والتسالي والترويح وَفقَ ما يفهمه الناس مِن هذه الألفاظ، أو ما يقصده أهلُ الاجتماع والخِدمة الاجتماعيَّة.

 

ولم تشرعْ كذلك لتكونَ وسيلة للتنافُس على الدُّنيا والتكاثر فيها؛ وإنما شُرِعت من أجْل تربية الإنسان والمجتمع الإنساني روحيًّا ونفسيًّا، وعقليًّا واجتماعيًّا؛ حتى تسموَ نفوسهم إلى العلوِّ فلا يخلُدوا إلى الأرض والمادة، وعندئذٍ تزكو نفوسهم؛ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 9 - 10].

 

وبعدَ هذه التوطئة السريعة، أدلف إلى الموضوع ذاته وَفقَ المحاور المشار إليها:

المحور الأول:النظرة الماديَّة إلى الحج، وواقِع الحال أنَّه المحور الرئيسي، وهو لبُّ الموضوع كله، وإذا كان الكاتبُ الكريم لم يصرِّح بذلك، فإنَّ نتيجة البحث تؤدي إلى ذلك حتمًا؛ إذ إنَّه ركَّز على (جعل الحج والعمرة بمثابةِ نشاط اقتصادي على مدار العام)، وهي النقطة الثالثة مِن مقاله، وتَساءَل: هل يمكن للقِطاع الخاص أن يُسهِم في تقديم خِدمات متميِّزة للحجَّاج والمعتمرين؟ ثم طرَح رؤيتَه بشأن ذلك، وتساءل أيضًا: هل يمكن لإيراداتِ الحج والعمرة أن تعوِّض النقص في إيرادات النفط؟ وقدْ طرَح رؤيته تجاه ذلك أيضًا.

 

وممَّا يؤكِّد عمقَ النظرة المادية للحجِّ عندَ الكاتب قوله: "إنَّ الدول السياحيَّة تأمل في زيادة ليلةٍ سياحيَّة واحدة، ونحن على الأقل نستطيع بما يتوافَر في المملكة مِن رحاب مقدَّسة وآثار إسلاميَّة أن نمددَ رحلة الحاج أو المعتمر القادِر إلى أكثرَ مِن شهر".

 

على أنَّ عنوان مقاله - وقد نوَّه عنه - كافٍ للشهادة على دقَّة دعوَى النظرة المادية للحجِّ عندَ الكاتب الكريم، وإذا أردْنا أن نحاكم هذه النظرةَ مِن منظور شرعي، فإنَّنا نقول: إنَّ فيها إجمالاً يحتاج إلى بعض التفصيل.

 

إذ مِن المتقرِّر شرعًا إباحة التجارة في الحجِّ صراحة؛ قال الحقُّ سبحانه: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 198]، ويقول ابن عبَّاس في ما أخرَجه البخاريُّ عنه في تفسير الآية: كانتْ عكاظ ومجنَّة وذو المجاز أسواقًا في الجاهلية، فتأثَّموا أن يتَّجروا في المواسمِ؛ فنزلت الآية؛ (صحيح البخاري، كتاب الحج الباب 150).

 

فجائز للمسلم - الحاج أو المعتمر - أن يطلُبَ الرزق أثناء أداء الشعيرة.

 

ولكن هل يُوحِي ذلك بأنَّ التجارة هدفٌ رئيسي مِن أهداف الحج - طبقًا للرؤية الاقتصاديَّة التي عرَضَها الدكتور كامل؟

لا أفهم ذلك؛ إذِ الإباحة للشيء لا تَقتضي كونه واجبًا، أو هدفًا رئيسيًّا، وفرْق بين إجازة ممارسةِ التجارة في الحج، وبيْن تحويل الحجِّ إلى موسم تجاري اقتصادي، سواء في ذلك الحاج نفْسه، والمؤسَّسات والشرِكات والدولة، بمعنى: أنَّه يجوز للأفراد والمؤسَّسات والشركات - وكذلك الدولة التي ترْعى الحج - أن تمارسَ التجارة ونحوها بالقدْر الذي يحتاجه الناس، على ألاَّ تطغَى التجارة والمادَّة على جوِّ العبادة، فيتحوَّل إلى صناعة تجارية - إن صحَّ التعبير.

 

المحور الثاني: إنشاء شرِكات سياحيَّة دِينيَّة:

ونبدأ الحوار مع هذا المحور بتعريفِ السياحة أولاً؛ حتى تبرزَ لنا الصورة هنا كما ينبغي، قال الأزهريُّ في "تهذيب اللغة" (5/173): "قال الليث: السياحة: ذَهاب الرجل في الأرْض للعبادة والترهُّب، وسياحة هذه الأمَّة الصيام ولزوم المساجِد"، وذكَر الزبيديُّ في "تاج العروس" مادة (سيح): "وأما السيوح والسيحان والسيح، فقالوا: إنَّه مُطلَق الذَّهاب في الأرض، سواء كان للعبادة أو غيرها"، وجاء في "المعجم الوسيط" (ص: 467): "والسياحة: التنقُّل من بلدٍ إلى بلد طلبًا للتنزُّه أو الاستطلاع أو الكشْف"، وهذا تفسيرٌ اصطلاحي عُرفي.

 

في ضوء ذلك نقول: يظهر أنَّ للسياحة معنًى لغويًّا، ومعنى اصطلاحيًّا (عرفيًّا)، أما اللغوي، فهو بمعنى الذَّهاب في الأرض والسَّير فيها، وسواء كان ذلك بقصدِ التعبير أم لا، لكنَّه إنْ كان بقصدِ التعبير فيكون مِن الرهبانيَّة المنهي عنها شرعًا.

 

فقد قال رجلٌ للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ائذن لي بالسياحة، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ سياحةَ أمَّتي الجهادُ في سبيلِ الله))؛ (رواه أبو داود في سننه كتاب الجهاد الباب 6).

 

وأمَّا المعنى الاصطلاحي - العُرفي - فهو ما ذكَره في "المعجم الوسيط"، وهو التنقُّل بقصْد التنزه والاستطلاع والكشْف، فيكون عندنا حقيقتان: حققيَّة لُغوية، وحقيقة عُرفية، والقاعدة عندَ علماء أصول الفقه: تقديم الحقيقة العُرفية على الحقيقة اللغويَّة.

 

فإذا أطلق لفظ السياحة، فينصرف إلى المعنَى المتعارَف عليه عندَ الناس، وعلى هذا فالسياحة المقصودة هنا: هي ما كانتْ بقصْد التنزُّه والاستطلاع والكشْف، فهل يمكن أن نقول: إنَّ الحج سياحة، وَفقَ المعنى العُرفي؟

 

ذلك ما أكَّده الدكتور كامل، غير أنَّه قيَّده بالسياحة الدِّينية؛ إذ تساءل أولاً: هل يمكن الاستفادة مِن الحج والعمرة سياحيًّا باعتبارهما من السياحة الدِّينيَّة، مثلما تستفيد الدول الأخرى مِن حركة السياحة؟ ثم طرَح رؤيته الخاصَّة بهذه القضية.

 

وأنا هنا لا أُناقش تفصيلاتِ أطروحاته، ولكني أناقش جوهرَ القضية، فليعذرني القارئ الكريم.

 

ومع أنَّني أتساءَل عن مفهوم السياحة الدينيَّة الذي طرَحه الدكتور؛ إذ لا أدري بالضبط ماذا يعني، فإنَّني أقول: إنَّ القول بأنَّ الحج والعمرة سياحةٌ تغيير لمقاصد الشارع الحكيم مِن العبادات، ومنها الحج، كما نوهَّنا في أوَّل الحديث، وهو تعكير لصفو جوِّ الحج الرُّوحاني المشرِق، ومهما اعتبرنا السياحة دينيَّة أو مطلقة، فإنَّها لن تخلوَ من المحاذير، فاعتبارها سياحةً دينية ابتكارٌ جديد لمفهوم السياحة، وربَّما صبَغها بصبغة الرهبانيَّة النصرانيَّة والهندوسيَّة التي تجعل مِن الإنسان حيوانًا متوحشًا يَسيح في الأرض بلا هدَف، واعتبارها سياحةً مطلقة يفرِّغ العبادة مِن القُدسية والبهاء، بل يَقضي على حشاشتها، ولا سيَّما حينما تنشأ شركاتٌ سياحيَّة - كما يدعو سعادته - مختصَّة بالحج والعمرة، فمِثل هذه الشركات كما يعلم الكاتبُ الكريم والقارئ العزيز تقوم وَفقَ أنظمة وقوانين عُرفيَّة (دوليَّة) متقاربة الأهداف والأساليب والوسائل في عالَم الشرق والغرب، حتى وإنْ وجدت في مواطنِ الشعوب المسلِمة، وهمُّها الأكبر الربحُ الأوفر والسريع، مِن دون مراعاة للقواعد الخُلقيَّة والشرعيَّة والقانونيَّة، وهذا هو السائدُ المعروف في البلدان السياحيَّة.

 

وهنا تذكرتُ ما كتَبه أحدهم في بعضِ الصحف السعوديَّة قبل أكثر من 15 عامًا؛ إذ قال: إنَّ السياحة الدينيَّة في المسيحية في الفاتيكان تعتبر أحدَ الدخول الرئيسيَّة للاقتصاد الإيطالي، وإنَّ إسرائيل قامتْ ببيع زجاجات فارغة على اليهود مِن أمريكا بزعم أنَّ هذه الزجاجاتِ مليئةٌ بهواء القُدس.

 

المحور الثالث: الاهتمام بالآثار والمواقِع الإسلاميَّة:

وهذا وثيقُ الصلة بالمحور السابق، فإنَّ السياحة مرتبطةٌ بالآثار ارتباطًا متينًا، ولا توجد سياحةٌ من دون آثار ومزارات.

 

وقد عُنِي الدكتور كامل بهذه القضية وركَّز عليها؛ إذ يقول: "إنَّ لدينا معتمرين طوالَ العام تقريبًا، ولدينا حجَّاجًا في موسم الحج، فلماذا لا نَستفيد من هذه الظاهرة مِن خلال الاهتمام بالآثار والمواقِع الإسلاميَّة الموجودة في مكة والمدينة، وتبوك وبدر، والتي توضِّح عظمةَ المسلمين الأوائل، والجُهد الشاق الذي بذلوه مِن أجلِ نشْر رسالة الإسلام؟ إنَّ الأمر - وما يزال الحديث لسعادته - يتطلَّب منَّا الاهتمام بالمقوِّمات اللازمة للسياحة، ونشْر الوعي السياحي الدِّيني(!!)؛ ليكونَ الدليل السياحي على عِلم بالتاريخ، وعلى معرفة دينيَّة تمنع حدوث أية محظورات شرعيَّة(!!)، وذلك مِن خلال إنشاء المعاهِد السياحيَّة الدينيَّة(!!) المتخصِّصة".

 

وتعليقي على ذلك أختصره في السطور التالية: إنَّ الآثار والاهتمامَ بها ذو مغزًى عقائدي، وليس مجرَّدَ عمل دنيوي أو عادي؛ لذا كان لزامًا أن نحتكمَ إلى عقيدتنا لنستشيرها في القضية، فلو جعلْنا الكعبة مثلاً مِن جملة الآثار وأصبح السائِحون يزورونها ليلَ نهار، فيا ترَى كيف تكون نظراتهم لها؟ أتراهم ينظرون إليها كمعبدٍ من المعابد التي يُشيِّدها أصحابُ الديانات الأخرى، فينصب اهتمامُهم فيها إلى بنائها وكسوتها وتاريخها؟ أم تراهم سيَنظرون إليها كأثرٍ من آثار الأُمم الماضية كالأهرامات أو كاتدرائية روما وميلانو؟!

 

وإذا انتقلنا مِن الكعبة إلى الجَمرات باعتبارها آثارًا، فيا ترَى كيف ينظر لها السائِحون؟ أينظرون إليها كمقاماتٍ للشيطان يبصُقون عليه غدوًّا ورواحًا، أو سيعتبرونها آثارًا قديمةً تستحق التشييد والزخرفة؟ أم ماذا ستكون النظرة إليها؟!


الواقع أنَّ الأمر ليس بالهيِّن وليس كما توقَّع سيادته، حتى لو أخَذ بالاحتياط الذي نوَّه عنه سعادتُه، وهو عدَم حدوث محظوراتٍ شرعية؛ إذ المحظورات جزءٌ لا ينفكُّ هنا، ولسماحة مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز بن باز موقفٌ صلب تجاه إحياء الآثار والعناية بها وجعْلها مزاراتٍ، وذكر أنَّه يؤدِّي إلى الشرك؛ لأنَّه من وسائله؛ (يراجع ذلك في مجموع فتاويه ومقالاته ج1، ص: 395 - 414، وج3 ص: 334).

 

وكتاب "اقتضاء الصراط المستقيم" للإمام ابن تيمية نبراسٌ في غياهبِ الظلام أُرشِّحه للقارئ.

 

المحور الرابع: جعل الحج موردًا أساسًا للدولة يعوض عن النفط:

وقد ركَّز الكاتب الكريم جهدَه على هذه النقطة؛ باعتبارِها النتيجةَ المادية للبحث عمومًا، يقول: "إنَّ الظروفَ التي يمر بها الاقتصاد السعودي والمتمثِّلة في انخفاض أسعار النفط العالميَّة تُحتِّم البحثَ عن مصادرَ بديلةٍ، فلو تمَّ وضْع الضوابط المتعلِّقة بالاستطاعة في ما يختصُّ بالحج، ولو نظر إلى الحج والعمرة على أنهما مِن السياحة الدينيَّة(!!!) فإنَّ الإيرادات المحصَّلة مِن ذلك ستشكل جزءًا مِن موارد الدولة، ويَكفينا القول: إنَّ إيرادات الحج مثلت ما نسبته 37 في المائة مِن إجمالي الإيرادات عام 1358 هـ".

 

ولن أناقش تفصيلاتِ الطروحات التي ذكَرها سعادته، بل أناقش جوهرَ القضايا، كما التزمتُ للقارئ الكريم.

 

وهنا أراني أتحفَّظ عنِ المبدأ من أساسه إذا كان المقصود فرضَ ضرائب على الحاج والمعتمر والزائر؛ ذلك أنَّ الدولة السعودية - أعزَّها الله - كانتْ وما زالت تقوم على شؤون الحرمين الشريفين وتُنفِق عليها بسخاءٍ لا نظيرَ له.

 

وجاء نِظام الحُكم في السعودية ليؤكِّدَ في مادته الرابعة والعشرين على الآتي "تقوم الدولة بإعمارِ الحرمين الشريفين وخِدمتهما، وتوفِّر الأمن والرِّعاية لقاصديهما بما يمكن مِن أداء الحج والعمرة والزيارة بيُسرٍ وطُمأنينة"، وأظن أنَّ هذه المادة مِن النِّظام حاسِمة في الموضوع.

 

وإذا كانت قريشٌ في الجاهلية تقوم على سقايةِ الحاج وعمارة المسجد الحرام وتَفْخَر بذلك، فكيف نستغرب مِن دولة مسلِمة - أعني: الدولة السعودية الكريمة - قيامها على الحرمين وعلى رِعاية ضيوف الرحمن؟! ثم - في ظني - والأمر لهذا الاختصاص، أنَّ كثرة الوفود على البلدين الشريفين - مكة والمدينة - هو بحدِّ ذاته معزِّز للاقتصاد السعودي.

 

وأمَّا اقتراح سعادته بأن تسندَ خِدمة الحجيج إلى شركات مُساهمة تقوم "بتوفير المساكِن التي تتناسب مع جميعِ الدخول ابتداءً مِن الحج الفاخر (5 نجوم) حتى الحدّ الأدنى" وَفق عبارته، فإنَّ ذلك يتناغم مع فِكرة سعادته ونظرته الماديَّة والسياحيَّة إلى الحج.

 

وختامًا أقول متسائلاً: أليس الأجدرُ بخبراء الاقتصاد والسياحة أن يَبحثوا ويقترحوا إجراءاتِ الحج والعمرة على وفودِ الحرمين الشريفين، يما يخفِّف على الحاجِّ والمعتمر والزائر المؤونةَ والمشقَّة بكلِّ أشكالها وصُورها، وبما لا يكون على حسابِ كاهل الدولة وأمْنها وإمكاناتها؟ وذلك بدلاً مِن التفكير في تحويلِ الحج والعمرة إلى سياحةٍ تثقل كاهلَ الحاج والمعتمر، وتسلبه قدسيةَ العبادة، وتخلط عليه مفهومَ السياحة والعبادة، وتشوِّش عليه مسلَّماتِه الإسلاميَّة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الجوانب الاقتصادية لفريضة الحج
  • الدلالات الاقتصادية لفريضة الحج
  • اقتصاديات الحج
  • الحج من منظور الاقتصاديين
  • في الحج مدلول اقتصادي كبير

مختارات من الشبكة

  • التجارة للدين والتجارة بالدين: ترشيد لاستعمال المصطلحين (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التجارة مع الله أربح التجارات(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • التجارة مع الله أربح التجارات(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الخلاصة في أحكام زكاة عروض التجارة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم زكاة عروض التجارة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التجارة بين المدح والذم(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • زكاة عروض التجارة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسباب التوفيق والبركة في التجارة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رجال تجارتهم مع الله رابحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تجارة لن تبور(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- السياحة الدينية من وجهه النظر الاقتصادية
حمدي محمد - السودان 29-01-2012 11:26 AM

أريد مهام السياحة الدينية من وجهه النظر الاقتصادية لأنه أمر هام جدا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب