الوسيط في التنظيم القضائي في الفقه الإسلامي مع التطبيق الجاري في المملكة السعودية ومصر والكويت

الوسيط في التنظيم القضائي في الفقه الإسلامي مع التطبيق الجاري

في المملكة السعودية ومصر والكويت

الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصى نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، المبعوث بالشرع القويم، رحمة للعالمين، لإحقاق الحق، وتحقيق العدل في الناس أجمعين.

أما بعد:

يقول الحق جل في علاه: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 15- 16].

وعلى هدى من هذا القول الكريم فإن المرام من وراء تحرير هذا الكتاب أن نقف على أن القرآن دعوة لإحياء الأمة الموات، وإقامة الدولة في شتى مجالاتها الثابتات، ففما لا شك فيه أن كيان الدولة وعماد الأمة لا يكون ولا يقوم إلا بالعدل وإحقاق الحق، وبهما يشعر كل فرد بأمنه وأمانه وحقه وواجبه، ويعمل قدر ما وسعه الجهد والطاقة على أن يذود عن حق الآخرين وعن حق المجتمع عليه، ومن ثم تسود المحبة ويعم الاستقرار.

وإذا كان القضاء هو جهاز تحقيق العدل والأمن والحق والاستقرار فإن العدل أساس للملك ولا شك.

وقديمًا قال النجاشي ملك الحبشة أن الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم[1].

ولأن الظلم مسلبة لكل نعمة ومجلبة لكل نقمة فإن ركائز الدول وقوام وجودها يتقوضان بسيادته وعمومه وانتشار بلواه.

هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى فإنه شرف لمتولي القضاء أن كان سلفه في ولايته - في الإسلام- ومبدأ هامته رسول الله - صلى الله عليه وآله- فقد صار النص واضحًا في تأكيد تلك الولاية منذ فجر بعثته ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

وفضلًا عن ذلك فإن من الصحابة - الكرام- من أنيط به فض المنازعات بين الناس بعدما اتسعت رقعة الدولة نذكر منهم معاذ بن جبل[2]، وعلي بن أبي طالب وأبي بكر وعمر، ثم عمل عمر على تعيين القضاة واختص هو بالإشراف عليهم وكان منهم أبي الدرداء في المدينة وشريح في الكوفة وقيس بن القاص في مصر وكعب بن سور في البصرة وقبله أبي موسى الأشعري، فقام بهم جميعًا للدين عمود واخضر بقضائهم للإيمان عود.

وهكذا يتضح في عجالة أن القضاء ذا موضع خطر من حياة الأمة بقدر ما يزين به متوليه من شرف القدر، وعلو المكانة وهو الأمر الذي وعته التشريعات فقيدت واشترطت ثم رسمت معالمه وحدوده في أشكال من التنظيمات القاسم المشترك بينها أن يحمي القاضي من نفسه ومن الناس وأن تتأكد لهؤلاء الأخيرين الوسيلة لحماية حقوقهم إن بدا ثمة جور مقصود أو غير مرغوب من قضاتهم.

تقسيم:

ومن ثم فإن مجال البحث في متن هذا الكتاب يتحدد في - إطار متسع- داخله بيان هذه الحماية بوجهيها نقارن فيها بين التشريعات العربية الوضعية ونختر منها بصفة أصلية النظام السعودي والمصري والكويتي- لنقارن بينها وبين الشريعة الغراء؟

وبالارتكاز على ذلك ينقسم الكتاب إلى قسمين:

قسم أول: يتضمن الجانب الفقهي للتنظيم القضائي الإسلامي.

قسم ثان: يشتمل على الجانب التطبيقي في الدول المشار إليها.

ونحن لم ندخر وسعًا ولم نال جهدًا - فيما ضمناه هذا الكتاب- ومن الله نستمد التوفيق والتسديد ونستعيذه سبحانه من خطأ اللسان ومن زلة الكلام وهو من وراء القصد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محتويات الكتاب

الموضوع	رقم الصفحة
الإهداء	أ
خطبة الكتاب	ج
تقسيم الكتاب	هـ
القسم الأول: التنظيم القضائي في الفقه الإسلامي
الفصل التمهيدي	-
ولاية القضاء في اللغة والاصطلاح	7
مدى دلالة كلمة العربية على معنى العدل	8
المعايير الفقهية في تعريف القضاء اصطلاحًا	9
المعيار الشكلي	9
المعيار الموضوعي	10
المعيار المختلط	11
الخصائص المميزة لولاية القضاء	13
خاتمة المبحث	14
المبحث الثاني
مكانة ولاية القضاء بين الولايات المختلفة	15
الولايات التي تندرج ولاية القضاء بينها	16
المبحث الثالث
مشروعية ولاية القضاء
المصدر الأول	17
المصدر الثاني	18
المصدر الثالث	20
المصدر الرابع	20
المبحث الرابع: حكم القضاء
بالنسبة للأمة	21
بالنسبة للإمام	21
بالنسبة للأفراد	22
الفصل الأول
المبحث الأول: نشأة ولاية القضاء وتطورها	27
المطلب الأول: في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم	27
اجتماع الولايات العامة للرسول - صلى الله عليه وسلم	27
الرسول أول قاضي في الإسلام	28
صور تولية القضاء في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم	30
ولاية المظالم في العهد النبوي	36
ولاية الحسبة في العهد النبوي	37
خاتمة	37
المطلب الثاني: ولاية القضاء في عهد الخلافة الراشدة	40
في عهد أبي بكر	41
في عهد عمر	43
في عهد عثمان	47
في عهد علي	49
ولاية المظالم في عهد الخلافة	51
ولاية الحسبة في عهد الخلافة	51
خاتمة	52
المطلب الثالث: ولاية القضاء في العصر الأموي	54
ولاية المظالم في العصر الأموي	56
ولاية الحسبة في العصر الأموي	56
خاتمة	57
المطلب الرابع: ولاية القضاء في العهد العباسي	58
المبحث الثاني: الصلة بين الولاية القضائية وغيرها من الولايات	60
المطلب الأول: القضاء والإفتاء	60
المطلب الثاني: القضاء والتحكيم	63
المطلب الثالث: القضاء والاحتساب	66
المطلب الرابع: القضاء والمظالم	70
الفصل الثاني
المبحث التمهيدي	77
جهة تعيين القاضي في الإسلام	77
سلطة الإمام في تعيين القضاة	78
المبحث الأول: في القضاة	80
المطلب الأول: شروط التعيين	80
المطلب الثاني: الحقوق والواجبات	93
المطلب الثالث: العزل والاعتزال	101
الفرع الأول: العزل	102
الفرع الثاني: الاعتزال	103
المبحث الثاني: الاختصاص القضائي	105
المطلب الأول: الاختصاص بأنواعه	106
الولائي	106
النوعي	107
القيمي	107
الشخصي	108
المكاني	109
الزماني	110
المطلب الثاني: تعدد درجات التقاضي	112
الفصل الثالث: أعوان القضاة	115
المبحث الأول: الأعوان في العمل على حسن سير الاجراءات	117
الكاتب	117
المحضر	120
الحاجب	121
المبحث الثاني: الأعوان عند نظر الموضوع
نائب القاضي	123
المستشار	125
الخبير	126
المترجم	127
المحامي	129
المزكي	131
المبحث الثالث: المعاون في تنفيذ الحكم
صاحب السجن	132
القسم الثاني: التنظيم القضائي في التطبيق العملي في الدول المقارنة	133
الفصل الأول: مبادئ التنظيم القضائي المقارن
المبحث الأول: استقلال القضاء	137
المبحث الثاني: وحدة القضاء	143
المبحث الثالث: مجانية التقاضي	147
المبحث الرابع: علانية الجلسات وشفوية المرافعات	149
المبحث الخامس: التقاضي على درجتين	151
المبحث السادس: القاضي الوحيد والقضاة المتعددون	154
الفصل الثاني: تطور القضاء في الأنظمة المقارنة
المبحث الأول: في المملكة السعودية	159
القضاء في نجد وملحقاتها	160
حكام الدماء	162
تعيين القضاة	163
القضاء في البوادي	164
رئاسة القضاة بالمنطقة الوسطى والشرقية والشمالية	164
القضاء في الحجاز	165
في عهد الملك عبدالعزيز	167
تشكيل المحاكم وتحديد اختصاصها	169
خاتمة
مراجعة الملك للأحكام القضائية	173
المبحث الثاني: في مصر	175
المطلب الأول: في العهد العثماني	175
توزيع الاختصاص القضائي	177
المطلب الثاني: في عهد محمد علي	180
المبحث الثالث: في الكويت	182
الفصل الثالث: القواعد المنظمة لشئون رجال القضاء
تمهيد	187
المبحث الأول: ضوابط التعيين	189
الجنسية	190
الأهلية والاعتبار	192
الإجازة العلمية	196
بلوغ السن المقررة	197
ختام المبحث: هل الذكورة شرط لتولي القضاء؟	199
المذهب الأول	201
المذهب الثاني	201
مذهبنا المختار	202
موقف القضاء من فكرة اشتغال المرأة به	203
المبحث الثاني: التسلسل الهرمي للمناصب القضائية
في مصر	205
في المملكة العربية السعودية	207
في الكويت	212
المبحث الثالث: الأطر المقررة لضمانات القاضي	214
المطلب الأول: عدم القابلية للعزل	214
المطلب الثاني: كفالة الحقوق المعنوية والمالية	217
مجلس القضاء
المبحث الرابع: نطاق الواجبات القضائية	224
المبحث الخامس: مسئولية القضاة	225
المطلب الأول: مخاصمة القاضي	226
المطلب الثاني: المساءلة التأديبية	230
الفرع الأول: جزاء التنبيه	231
الفرع الثاني: الدعوى التأديبية	233
الفرع الثالث: دعوى انعدام الصلاحية	239
المبحث السادس: التفتيش القضائي	246
الفصل الرابع: المحاكم واختصاصها القضائي	251
تمهيد وتقسيم	253
المبحث الأول: الاختصاص الوظيفي	254
القاعدة والاستثناء	254
المحاكم واللجان والهيئات المستثناة	257
في مصر	257
في المملكة السعودية	260
المبحث الثاني: الاختصاص النوعي	263
المطلب الأول: طبقات المحاكم في مصر	264
المطلب الثاني: في المملكة السعودية	268
المطلب الثالث: في التنظيم الكويتي	273
المبحث الثالث: الاختصاص المكاني	276
في مصر	276
في المملكة السعودية والكويت	277
المبحث الأخير: النيابة العامة	278
الفصل الخامس: في أعوان القضاء	281
ملحق الكتاب
رؤية نحو أحداث تنظيم قضائي عربي موحد	289
تمهيد	291
مواد المشروع المقترح	291
ولنا تعقيب	302
مذكرة تفسيرية للمشروع	304
قائمة بأسماء أهم مصادر الكتاب	318
محتويات الكتاب	332

[1] نقلًا عن ابن حجر العسقلاني في: الحكم الراقية في المواعظ الفائقة مخطوط 67 يسار والثعالبي: التمثيل والمحاضرة ص130 وابن الجوزي: المصباح (1: 231).

[2] جاء في سنن أبي داود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بعث معاذ بن جبل إلي اليمن وسأله كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله قال: "فإن لم تجد في كتاب الله ؟" قال : أقضي بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟" قال: أجتهد برأيي ولا آلو، قال: فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بيده في صدري وقال: "الحمد لله الذي وفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما يرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم".، وأخرج أبو داود وابن ماجه والترمذي عن الإمام علي بن أبي طالب أنه قال: بعثني رسول الله إلى اليمن قاضيًا فقلت: يا رسول الله تُرْسِلُنِي وأنا حديث السِّنِّ ولا علم لى بالقضاء؟، فقال: إن الله سَيَهْدِى قلبك وَيُثَبِّتُ لسانك فإذا جلس بين يديك الْخَصْمَانِ فلا تَقْضِيَنَّ حتى تَسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يَتَبَيَّنَ لك القضاء.. فما زلت قاضيًا أو ما شككت في قضاء بعد. "سنن أبي داود الجزء الثالث ص301".

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي