• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ دبيان محمد الدبيان / بحوث ودراسات
علامة باركود

في أحكام الاحتكار

في أحكام الاحتكار
الشيخ دبيان محمد الدبيان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/4/2013 ميلادي - 19/6/1434 هجري

الزيارات: 163849

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في أحكام الاحتكار


المسألة الأولى

في تعريف الاحتكار

تعريف الاحتكار اصطلاحاً[1]:

تعريف الحنفية: عرفه السغدي في فتاويه: «هو أن يشتري من مصره الطعام، فيحتكره عليهم»[2].

 

محترزات التعريف:

قوله: (أن يشتري من مصره) فإن اشتراه من بلد بعيد، ثم جلبه إلى بلده، أو كان ذلك من غلة أرضه بلا شراء، فله حبسه عنهم.

 

والتعريف غير جامع، حيث لم يشترط أن يكون ذلك فيه إضرار بالسوق، فإن اشتراه من السوق، ولم يكن في حبسه إضرار بهم، فليس باحتكار حتى عند الحنفية.

 

وعرفه ابن عابدين: «اشتراء طعام ونحوه، وحبسه إلى الغلاء أربعين يوماً»[3].

 

فقوله: (اشتراء طعام) إشارة إلى أن الاحتكار هو في القوت خاصة.

 

وقوله: (وحبسه إلى الغلاء) إشارة إلى أن حبسه إذا لم يكن مضراً بالناس كما لو كان في زمن توفر السلع، وكثرتها؛ لعرضها في زمن قلتها، فليس بادخار؛ لأن هذا أنفع للناس.

 

وقوله: (أربعين يوماً) هذه مسألة تعرض لها الحنفية، ولم يتعرض لها غيرهم، وهي مدة الاحتكار، وسيأتي بيانها إن شاء الله تعالى.

 

تعريف المالكية:

عرفه الباجي بقوله: «الاحتكار: هو الادخار للمبيع، وطلب الربح بتقلب الأسواق[4].

 

وقال الرصاع في شرح حدود ابن عرفة: «ما ملك بعوض ذهب، أو فضة، محبوساً لارتفاع سوق ثمنه»[5].

 

فقوله: (ما ملك بعوض) أخرج ما ملك عن طريق الزراعة، أو الهبة، أو غيرهما من أنواع التملك بغير معاوضة.

 

وقوله: (محبوساً لارتفاع سوق ثمنه) فإن حبسه من أجل قوت عياله لم يكن احتكاراً، وإنما حبسه ليرتفع سعره.

 

تعريف الشافعية:

عرفه الشيرازي بقوله: أن يبتاع في وقت الغلاء، ويمسكه ليزداد في ثمنه[6].

 

وهذا التعريف ليس بمانع، فإنه ليس كل ما يشتريه في وقت الغلاء ويمسكه يكون احتكاراً، فإن الاحتكار عند الشافعية، هو في القوت خاصة.

 

تعريف آخر: الاحتكار، هو: إمساك ما اشتراه في الغلاء، لا الرخص من الأقوات، ولو تمراً، أو زبيباً، ليبيعه بأغلى منه عند الحاجة[7].

 

وعرفه النووي بقوله: «وهو أن يشتري الطعام في وقت الغلاء للتجارة، ولا يبيعه في الحال بل يدخره، ليغلو ثمنه، فأما إذا جاءه من قريته، أو اشتراه في وقت الرخص، وادخره، أو ابتاعه في وقت الغلاء، لحاجته إلى أكله، أو ابتاعه ليبيعه في وقته فليس باحتكار»[8].

 

وهذا أتم من التعريفين السابقين.

 

تعريف الحنابلة:

قال في كشاف القناع: «الاحتكار في القوت: أن يشتريه للتجارة، ويحبسه ليقل، فيغلو»[9].

 

وعرفه البهوتي في شرح منتهى الإرادات: «الشراء للتجارة وحبسه، مع حاجة الناس إليه في قوت آدمي»[10].

 

تعريف الاحتكار في هذا العصر:

عرفه بعض الباحثين بقوله: «الاحتكار: هو حبس مال، أو منفعة، أو عمل، والامتناع عن بيعه، وبذله، حتى يغلو سعره غلاء فاحشاً غير معتاد، بسبب قلته، أو انعدام وجوده في مظانه، مع شدة حاجة الناس أو الدولة أو الحيوان إليه»[11].

 

فالتعريفات القديمة لدى الفقهاء كانت تدل على مفهوم الاحتكار الذي كان سائداً في تلك العصور، وأنه غالباً ما كان يجري في الأقوات، نظراً لبساطة تكاليف الحياة، ومتطلبات المعيشة، إلا أنها لا تصلح أن تكون تعاريف للاحتكار الحديث الذي اتسع مفهومه، وأصبحت له فنون، وطرق متشعبة مترامية الأطراف، فنحن نعيش في زمن أوحت الشياطين فيه إلى أوليائها زخرفاً من الأقوال، والأفعال، حيث امتد إخطبوط الاحتكار ليهيمن على مناحي الحياة، بما فيها من أقوات، وأعمال، ومنافع[12].

 

ومع ذلك فإن هذا التعريف قد لا يسلم من المعارضة، فقوله: الاحتكار حبس مال أو منفعة أو عمل، لعله أراد بالمال: مفهوماً خاصاً، لأن عطف المنفعة والعمل على المال، قد يبدو للقارئ أن المنفعة والعمل ليسا من الأموال، مع أن المنفعة والعمل داخلان في مسمى المال عند الجمهور، بل إن قوله: «أو عمل» العمل من المنافع أيضاً، إلا أن يقال: لعله من باب عطف الخاص على العام.

 

وإطلاقه الحبس يدخل فيه الحبس وقت الرخص، وهذا غير مراد؛ لأن حبس الشيء وقت كثرته من الحزم والعقل حتى ينتفع به يوم قلته، وسيأتي مزيد بحث لهذا القيد إن شاء الله تعالى عند الكلام عن شروط الاحتكار.


المسألة الثانية

خلاف العلماء في حكم الاحتكار

اختلف العلماء في حكم الاحتكار على قولين:

القول الأول:

يحرم، وهو قول الجمهور[13]، وعبر الحنفية بالكراهة، والمقصود بها كراهة التحريم[14].

 

القول الثاني:

لا يحرم، وهو قول الموصلي الحنفي في المغني[15]، وهو قول مرجوح لدى الشافعية[16]، وقول في مذهب الحنابلة[17].

 

وإذا انتفى التحريم لم تنتف الكراهة[18].

 

دليل من ذهب إلى القول بالتحريم:

الدليل الأول:

الاحتكار ظلم للعباد، ووجهه: أن بيع ما في المصر قد تعلق به حق العامة، فإذا امتنع المحتكر عن بيعه للناس عند شدة حاجتهم إليه فقد منعهم حقهم، ومنع الحق عن المستحق ظلم. وإذا كان ذلك كذلك فإن كل آية في تحريم الظلم فإنها بعمومها صالحة للاستدلال بها على تحريم الاحتكار.


ولذلك فسر بعض العلماء قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25] قال: الإلحاد فيه: احتكار الطعام بمكة[19]، وهذا من قبيل التفسير بالمثال، والظلم أعم من ذلك، وأشده: الشرك بالله، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13].


وأما ما رواه أبو داود من طريق أبي عاصم، عن جعفر بن يحيى ابن ثوبان، أخبرني عمارة بن ثوبان، حدثني موسى بن باذان، قال:

أتيت يعلى بن أمية، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه[20].

[فهو حديث ضعيف، مسلسل بالضعفاء][21].


الدليل الثاني:

ما رواه الدارقطني من طريق عثمان بن محمد بن عثمان ابن ربيعة، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا ضرر ولا ضرار، من ضار ضاره الله، ومن شاق شق الله عليه[22].

[المعروف من حديث أبي سعيد أنه مرسل، وهو حسن بشواهده][23].


وجه الاستدلال:

الحديث نص في النهي عن ارتكاب ما يضر بالغير، سواء كان هذا الغير فرداً، أو جماعة، ولا يشك عاقل في أن الاحتكار يلحق الضرر في عامة المسلمين حيث يعتبر الاحتكار من أعظم أسباب ارتفاع الأسعار، وانعدام السلع من الأسواق.


الدليل الثالث:

ما رواه مسلم من طريق محمد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد ابن المسيب، عن معمر بن عبد الله، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: لا يحتكر إلا خاطئ[24].


ورواه مسلم من طريق يحيى بن سعيد، قال: كان سعيد بن المسيب يحدث، أن معمراً قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من احتكر فهو خاطئ....[25].


وجه الاستدلال:

قوله: (لا يحتكر إلا خاطئ) قال النووي: «قال أهل اللغة: الخاطئ بالهمز: هو العاصي الآثم، وهذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار»[26].


وقال أبو عبيد: «سمعت الأزهري يقول: خَطِئ إذا تعمد، وأخطأ: إذا لم يتعمد...»[27].


الدليل الرابع:

ما رواه أحمد من طريق أبي معشر، عن محمد بن عمرو ابن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من احتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ[28].

[ضعيف، ويشهد له حديث معمر بن عبد الله السابق في مسلم][29].


وجه الاستدلال به كالاستدلال بالحديث الذي قبله.


الدليل الخامس:

ما رواه أحمد، قال: ثنا عبد الصمد، ثنا زيد - يعني ابن مرة - أبو المعلى، عن الحسن، قال:

ثقل معقل بن يسار، فدخل إليه عبيد الله بن زياد يعوده، فقال: هل تعلم يا معقل أني سفكت دماً. قال: ما علمت. قال: هل تعلم أني دخلت في شيء من أسعار المسلمين ؟ قال: ما علمت. قال: أجلسوني، ثم قال: اسمع يا عبيد الله حتى أحدثك شيئاً لم أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرة ولا مرتين، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم، فإن حقاً على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة، قال: أنت سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: نعم غير مرة، ولا مرتين[30].

[حديث حسن، والحسن البصري سمع من معقل بن يسار] [31].


الدليل السادس:

ما رواه ابن ماجه، من طريق أبي أحمد، ثنا إسرائيل، عن علي ابن سالم بن ثوبان، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون[32].

[ضعيف][33].


الدليل السابع:

ما رواه أبو داود الطيالسي من طريق أبي يحيى المكي [عن فروخ مولى عثمان][34].

عن عمر بن الخطاب، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من احتكر على المسلمين طعامهم ابتلاه الله بالجذام، أو قال بالإفلاس[35].

[ ضعيف ] [36].


الدليل الثامن:

ما ورواه أحمد من طريق أصبغ بن زيد، حدثنا أبو بشر، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة الحضرمي.

عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: من احتكر طعاماً أربعين ليلة، فقد برئ من الله تعالى، وبرئ الله تعالى منه، وأيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله تعالى[37].

[ضعيف][38].


الدليل التاسع:

ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أسامة، عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، قال: أخبرنا القاسم، عن أبي أمامة قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحتكر الطعام[39].

[ضعيف][40].


الدليل العاشر:

روى ابن أبي شيبة، قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى عن الربيع ابن حبيب، عن نوفل بن عبد الملك، عن أبيه، عن علي قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحكرة بالبلد[41].

[ إسناده ضعيف ][42].


الدليل الحادي عشر: من الآثار.

روى ابن أبي شبية، قال: نا يحيى بن سعيد القطان، عن يحيى ابن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، قال: الحكرة خطيئة[43].

[صحيح ].


وروى مالك في الموطأ، أنه بلغه،أن عمر بن الخطاب قال: لا حكرة في سوقنا، لا يعمد رجال بأيديهم فضول من أذهاب إلى رزق من رزق الله نزل بساحتنا، فيحتكروه علينا، ولكن أيما جالب جلب على عمود كبده في الشتاء، والصيف، فذلك ضيف عمر، فليبع كيف شاء الله، وليمسك كيف شاء الله[44].

[ البلاغ ضعيف؛ لأنه منقطع].


وروى مالك في الموطأ، أنه بلغه:

أن عثمان بن عفان كان ينهى عن الحكرة[45].

[ ضعيف لكونه بلاغاً، والبلاغ منقطع].


وروى ابن أبي شيبة، قال: نا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن الحسن، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن قيس، قال:

قال قيس: قد أحرق لي علي بيادر بالسواد كنت احتكرتها، لو تركها لربحتها مثل عطاء الكوفة[46].

[رجاله ثقات إلا قيساً والد عبد الرحمن، لم أقف له على ترجمة].


وروى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن إبراهيم ابن مهاجر عن عبد الله بن نائلة عن عبد الله بن عمرو قال: لا يحتكر إلا خاطئ أو باغ[47].

[ ضعيف لم أقف على ترجمة عبد الله بن نائلة].


الدليل الثاني عشر: من المعقول:

الاحتكار فيه ظلم للناس، وظلم للسوق، وظلم للتجار.


أما الظلم على المستهلكين فلما يقع فيه من التضييق عليهم في أرزاقهم، ورفع الأسعار عليهم.


وأما الظلم على التجار فلأن السلع تكون فقط في يد المحتكر دون بقية التجار، وفي ذلك إهدار لحرية التجارة والصناعة، وعدم التكافؤ في الفرص.


وظلم للسوق حيث ينتج من الاحتكار عدم توفر السلع في السوق، فالعقل دال على تحريم مثل هذا الفعل لما فيه من الظلم.


دليل من قال: يكره.

 

الدليل الأول:

قال الموصلي في كتابه المغني:

«قد ورد في ذلك أحاديث مغلظة، وليس فيها ما يصح، غير قوله عليه الصلاة والسلام: من احتكر فهو خاطئ» انفرد به مسلم، والجواب عنه من عدة وجوه:

الأول: «أن راوي هذا الحديث سعيد بن المسيب، عن معمر بن أبي معمر، وكان سعيد بن المسيب يحتكر، فقيل له في ذلك، فقال: إن معمراً الذي كان يحدث بهذا الحديث كان يحتكر، والصحابي إذا خالف الحديث دل على نسخه أو ضعفه.


والثاني: أن للناس في انفراد مسلم بهذا كلاماً.


والثالث: أنه يحمل على ما إذا كان يضر بأهل البلد» اهـ [48].


والحمل الثالث هو المتعين؛ لأن تحريم الاحتكار إنما هو خاص فيما إذا كان يضر بأهل البلد، أما إذا كان لا يضرهم، ومن باب أولى إذا كان الاحتكار ينفعهم، كما لو كان الادخار زمن وفرة السلع لتوفيرها للناس زمن قلتها، أو في غير وقتها، فهذا مطلوب، وسنشرح ذلك إن شاء الله من خلال الكلام على شروط الاحتكار.


وقد قال بعضهم متهجماً على الموصلي بأن رأيه هذا «من تمحلات متعصبة الحنفية في رد النصوص إذا خالفت المذهب»[49].

فليعلم أن مذهب الحنفية هو تحريم الاحتكار، وقد نقلنا ذلك في نصوص كثيرة من كتب الحنفية، فلم يقل ذلك نصرة لمذهبه، وإنما لرأي رآه، وهو قد ذكر ثلاثة وجوه، أحدها صحيح بالاتفاق، وهو الوجه الثالث، والثاني إنما عزاه للناس من الكلام على أفراد مسلم، ولم ينسبه لنفسه، والأول هو المدخول، وهو قوله بأن معارضة الراوي لما روى تدل على نسخه أو ضعفه، والله أعلم، وعلى كل حال ينبغي أن يعذر المجتهد إذا لم يوفق للصواب.


المسألة الثالثة

في شروط الاحتكار

لما كان حبس الطعام منه ما هو احتكار محرم، ومنه ما هو مباح، وضع الفقهاء شروطاً إذا تحققت سمي حبس الطعام احتكاراً، وهذه الشروط منها ما هو محل وفاق، ومنها ما هو محل خلاف، وسوف نذكرها، ونشير إلى ما يوجد فيها من خلاف إن شاء الله تعالى.


الشرط الأول:

أن يكون المحتكر قد اشتراه من السوق، وهذا الشرط نص عليه الجمهور من الحنفية[50]، والمالكية[51]، والشافعية[52]، والحنابلة[53].

 

وأما ادخار غلة أرضه، فليس باحتكار، وحكى بعضهم الإجماع على ذلك.


قال في الجامع الصغير«فأما من جلب شيئاً من أرضه، وحبسه فليس باحتكار بالإجماع؛ لأن ذلك خالص حقه، فلم يكن بالحبس مبطلاً حق غيره»[54].


وقال في الدر المختار: «ولا يكون محتكراً بحبس غلة أرضه بلا خلاف » قال ابن عابدين تعليقاً: «لأنه خالص حقه، لم يتعلق به حق العامة ألا ترى أن له ألا يزرع، فكذا له ألا يبيع »[55].


وقد روى عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، أنه كان يكون عنده الطعام من أرضه السنتين والثلاث يريد بيعه، ينتظر الغلاء[56].

[ وإسناده صحيح ].


وإن كان جلب ذلك عن طريق الشراء من سوق بلد إلى أخرى غير تلك البلد، فاختلف العلماء فيه على قولين:

القول الأول:

إن اشتراه من مكان قريب يحمل طعامه إلى المصر كان محتكراً، وإن اشتراه من مكان بعيد، وحبسه لا يكون محتكراً.


ووجهه: أن حرمة الاحتكار بحبس المشترى في المصر لتعلق حق العامة به، فيصير ظالماً بمنع حقهم، ولم يوجد ذلك في المشترى خارج المصر من مكان بعيد؛ لأنه متى اشتراه ولم يتعلق به حق أهل المصر، فلا يتحقق الظلم.


وهذا رأي أبي حنفية[57]، وهو مذهب المالكية[58]، والشافعية[59]، والحنابلة[60].


القول الثاني:

اختار أبو يوسف أنه متى اشتراه وحبسه فهو احتكار، سواء اشتراه من مكان بعيد، أو من مكان قريب، لا فرق في ذلك[61].


ووجهه: أن المعنى الذي منع من أجله الاحتكار في المصر لما في ذلك من الإضرار بالعامة، وهو متحقق هنا، فإنه متى ما حبس المبيع عن الناس، ارتفع سعره عليهم، وإذا كانت العلة من منع الاحتكار: هو ارتفاع الأسعار بسبب ذلك، لم يكن هناك فرق بين ما اشتراه من مكان قريب، وما اشتراه من مكان بعيد.


الشرط الثاني:

اشترط المالكية [62]، والشافعية[63] والحنابلة[64]أن يكون اشتراه زمن الغلاء، فإن اشتراه زمن الرخص، فحبسه ليرتفع سعره، فليس بمحتكر عندهم.


وهو معنى قول الحنفية وغيرهم أن يكون احتكاره مضراً بالناس، لأنه لايضر بالناس إلا أن يكون شراء ذلك في زمن الغلاء، أما إذا اشتراه في زمن الرخص لم يكن في ذلك إضرار بهم.


الشرط الثالث:

أن يدخره للتجارة، فإن ادخره لقوت أهله، وعياله، فليس باحتكار، وهو مذهب الجمهور[65].


لأن المقصود: هو منع التجار من الادخار لطلب الربح وغلاء الأسعار.


(ح-254) فقد روى عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، أنه سمع ابن الخطاب يقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبس نفقة أهله سنة، ثم يجعل ما بقي من تمره مجعل مال الله.

[ صحيح، والحديث أصله في الصحيحين][66].


وفصل بعض المالكية في ذلك: فقالوا: إن كان ادخاره نفقة أهله وعياله من غلة أرضه، فلا خلاف في جوازه.


وإن كان ذلك عن طريق شرائه من السوق، فأجازه قوم، ومنعه آخرون إذا أضر بالناس، وهذا مذهب مالك في الادخار مطلقاً[67].


وهذا التفصيل أولى بالقبول، وذلك أن المنع من الاحتكار هو الإضرار بالسوق، والتسبب في غلاء الأسعار، وهذا موجود فيما يشترى من السوق ليدخر لوقت طويل، والله أعلم.


الشرط الرابع:

أن يكون الاحتكار مضراً بالناس، فإن كان البلد كبيراً لا يضره الاحتكار لم يحرم، نص على ذلك الجمهور، وخالف في ذلك بعض المالكية وقالوا بتحريم الاحتكار مطلقاً.


جاء في درر الحكام: «قال في الهداية والكنز والكافي: يكره - يعني الاحتكار- إذا كان يضر بهم بأن كانت البلدة صغيرة، بخلاف ما إذا لم يضر بأن كان المصر كبيراً؛ لأنه حبس ملكه من غير إضرار بغيره»[68].


وقال ابن رشد في التحصيل: «لا اختلاف في أنه لا يجوز احتكار شيء من الأطعمة في وقت يضر احتكاره بالناس، وأما احتكارها في وقت لا يضر احتكارها في الناس، ففيه أربعة أقوال:

أحدها: إجازة احتكارها كلها: القمح والشعير وسائر الأطعمة، وهو مذهب ابن القاسم في المدونة.


والثاني: المنع من احتكارها كلها جملة من غير تفصيل.... وهو مذهب مطرف وابن الماجشون.


والثالث: إجازة احتكارها كلها ما عدا القمح والشعير، وهو دليل رواية أشهب عن مالك في رسم البيوع من كتاب جامع البيوع.


والرابع: المنع من احتكارها كلها ما عدا الأدم والفواكه، والسمن والعسل، والتين والزبيب، وشبه ذلك. وقال: قال ابن زيد فيما ذهب إليه مطرف وابن الماجشون من أنه لا يجوز احتكار شيء من الأطعمة معناه في المدينة، إذ لا يكون الاحتكار أبداً إلا مضراً بأهلها، لقلة الطعام بها، فعلى قولهم: هم متفقون على أن علة المنع من الاحتكار تغلية الأسعار، وإنما اختلفوا في جوازه لاختلافهم باجتهادهم في وجود العلة وعدمها» [69].


والراجح: أن الاحتكار لا يمنع إلا في حال كان مضراً بالناس، فإن لم يكن مضراً فإنه ربما كان مطلوباً، وهذا ما صنعه يوسف عليه الصلاة والسلام في أهل مصر، وجنب البلد شر مجاعة لو وقعت أتت على الأخضر واليابس، وذلك بالادخار زمن الرخاء.


قال تعالى: ﴿ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾ [يوسف: 47 - 49].


فقوله: ﴿ فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ ﴾ إشارة إلى ادخاره لأكله في وقت السبع الشداد، ولذلك قال سبحانه ﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ ﴾ قال القرطبي: أي ما ادخرتم لأجلهن... وقال أيضاً: «وهو يدل على جواز احتكار الطعام إلى وقت الحاجة»[70].


وقال ابن حزم: «والمحتكر في وقت رخاء ليس آثما، بل هو محسن؛ لأن الجلاب إذا أسرعوا البيع أكثروا الجلب، وإذا بارت سلعتهم، ولم يجدوا لها مبتاعاً، تركوا الجلب، فأضر ذلك بالمسلمين، قال الله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2] [71].


الشرط الخامس:

أنه لا احتكار إلا في القوت. وهذا الشرط بحسب مذهب الجمهور، وهو مختلف فيه وسيأتي إن شاء الله تعالى تحرير النزاع في فصل خاص، مع ذكر الأدلة والقول الراجح.


الشرط السادس:

أن يحتكر الطعام أربعين يوماً فأكثر، وهذا الشرط للحنفية وحدهم، وتوجيه قولهم: بأنه إذا كان الاحتكار: هو حبس الطعام، فإن حبس الطعام مدة قصيرة لا يتضرر منها الناس، فلا يكون احتكاراً، وإنما الضرر في حبسه مدة طويلة يتضرر الناس منها، ومن هنا تعرض الحنفية وحدهم لمدة الاحتكار.


فقال بعضهم: هي مقدرة بأربعين يوما لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد برئ من الله، وبرئ الله منه. وسيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى".


وقيل: بالشهر؛ لأن ما دونه قليل عاجل، والشهر وما فوقه كثير آجل[72].

 

المسألة الرابعة

ما يجري فيه الاحتكار

قال أبو يوسف: كل ما أضر بالعامة حبسه فهو احتكار، وإن كان ذهباً أو فضة أو ثوباً[73].


[م - 342] اختلف أهل العلم في الأشياء التي يجري فيها الاحتكار على أربعة أقوال:

القول الأول:

يجري في قوت الآدمي وعلف البهائم، وهو مذهب أبي حنيفة، وصاحبه محمد بن الحسن[74].


القول الثاني:

يجري في قوت الآدمي خاصة، وهذا مذهب الشافعية[75]، والحنابلة[76].


القول الثالث:

يجري في كل ما يضر بالعامة، قوتاً كان، أو لباساً، أو غيرهما. وهذا اختيار أبي يوسف من الحنفية[77]، ومذهب المالكية[78]، وقول في مذهب الحنابلة[79]، واختيار ابن حزم [80].


القول الرابع:

لا احتكار إلا في القوت والثياب خاصة، وهذا قول آخر لمحمد ابن الحسن[81].


وجه قول من قال: يجري في قوت الآدمي وعلف الحيوان:

الدليل الأول:

ما رواه أبو داود الطيالسي من طريق أبي يحيى المكي [عن فروخ مولى عثمان][82].


عن عمر بن الخطاب، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من احتكر على المسلمين طعامهم ابتلاه الله بالجذام، أو قال بالإفلاس[83].

[ ضعيف ] [84].


الدليل الثاني:

ما ورواه أحمد من طريق أصبغ بن زيد، حدثنا أبو بشر، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة الحضرمي.


عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: من احتكر طعاماً أربعين ليلة، فقد برئ من الله تعالى، وبرئ الله تعالى منه، وأيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله تعالى[85].

[ضعيف ][86].


الدليل الثالث:

ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أسامة، عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، قال: أخبرنا القاسم.


عن أبي أمامة قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحتكر الطعام[87].

[ إسناده ضعيف ][88].


الدليل الرابع:

أن الضرر في الأعم الأغلب إنما يلحق العامة بحبس القوت والعلف، فلا يتحقق الاحتكار إلا به[89].


وما روي من أحاديث مطلقة، أو عامة، كحديث من احتكر فهو خاطئ، فإن العام يحمل على الخاص، والمطلق يحمل على المقيد.

 

ويجاب عن هذا:

بأن هذه الأحاديث ضعيفة، ولو صحت لم تخصص العام، ولم تقيد المطلق، فإن ذكر فرد من أفراد العام، أو المطلق بحكم يوافق المطلق، أو العام، لا يقتضي تخصيصاً، ولا تقييداً.


فلو قلت: أكرم الطلبة، ثم قلت: أكرم زيداً، وهو من الطلبة لم يقتض هذا تقييداً للمطلق، وذلك أن ذكر زيد بالحكم موافق للحكم المطلق.


ومثله قوله تعالى: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ [البقرة: 238] فذكر الصلاة الوسطى لا يقيد بقية الصلوات، وهكذا.


دليل من قال: يجري في كل شيء يضر بالعامة.

الدليل الأول:

ما رواه مسلم من طريق محمد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد ابن المسيب، عن معمر بن عبد الله، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: لا يحتكر إلا خاطئ[90].


ورواه مسلم من طريق يحيى بن سعيد، قال: كان سعيد بن المسيب يحدث، أن معمراً قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من احتكر فهو خاطئ....[91].


فهذا الحديث بحكم إطلاقه، أو عمومه، يدل على منع الاحتكار في كل شيء.


الدليل الثاني:

ما رواه أحمد من طريق أبي معشر، عن محمد بن عمرو ابن علقمة، عن أبي سلمة.

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من احتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ[92].

[ ضعيف][93].


وجه الاستدلال كالاستدلال بالحديث الذي قبله.


الدليل الثالث:

ما رواه أحمد، قال: ثنا عبد الصمد، ثنا زيد - يعني ابن مرة - أبو المعلى، عن الحسن، قال:

ثقل معقل بن يسار، فدخل إليه عبيد الله بن زياد يعوده، فقال: هل تعلم يا معقل أني سفكت دماً. قال: ما علمت. قال: هل تعلم أني دخلت في شيء من أسعار المسلمين ؟ قال: ما علمت. قال: أجلسوني، ثم قال: اسمع يا عبيد الله حتى أحدثك شيئاً لم أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرة ولا مرتين، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من دخل في شيء من أسعار المسلمين، ليغليه عليهم، فإن حقاً على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة، قال: أنت سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: نعم غير مرة، ولا مرتين[94].

[ حديث حسن، والحسن البصري سمع من معقل بن يسار ] [95].


الدليل الرابع:

ما رواه ابن ماجه، من طريق أبي أحمد، ثنا إسرائيل، عن علي ابن سالم بن ثوبان، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون[96].

[ضعيف][97].


الدليل الخامس:

ما رواه ابن أبي شيبة، قال: نا يحيى بن سعيد القطان، عن يحيى ابن سعيد، عن سعيد بن المسيب.

عن ابن عمر، قال: الحكرة خطيئة[98].

[صحيح ].


الدليل السادس:

أن النهي عن الاحتكار إنما كان لمكان الإضرار بالعامة، وهذا لا يختص بالقوت والعلف.


فكل ما أضر بالعامة حبسه فهو احتكار، وإن كان ذهباً أو فضة، أو ثوباً، أو غيرها

وما ورد من النصوص الخاصة فهي من قبيل اللقب، واللقب لا مفهوم له.


وجه من قال: يجري في القوت والثياب خاصة.

 

بأن الثياب كالقوت في الحكم، باعتبار أن كلاً منهما من الحاجات الضرورية للإنسان.


الراجح:

القول بأن الحكرة تجري في كل ما يضر بالناس، وذلك أن التحريم من باب دفع الضرر عن السوق والمستهلك، فما كان في احتكاره ضرر على السوق، أو على المستهلكين في رفع الأسعار عليهم حرم تعاطي ذلك، بل إن حماية السوق أهم من حماية الأفراد، وذلك أن الشارع نهى عن تلقي الجلب حماية للبائع، ولما كان النفع راجعاً إلى السوق نهى أن يبيع الحاضر للبادي، وكان المقصود نفع السوق، وإن تضرر البادي.


وقد تطورت عملية الاحتكار في هذا العصر، حتى أصبحت الشركات الصناعية، والتجارية تقوم باعتماد وكالات لها في مختلف الأسواق، ولا يكون البيع والشراء إلا من خلالها، بل إن بعض الدول تقوم باقتطاع نسبة معينة من الرسوم الجمركية (المكوس) التي تفرض على السلع المستوردة عن غير طريق الوكالة لصالح هذه الوكالة المحتكرة حماية لها.


وقد أشار ابن القيم رحمه الله إلى حرمة مثل هذا النوع من الاحتكار:

يقول رحمه الله: «ومن ذلك - أي من أقبح الظلم - أن يلزم الناس ألا يبيع الطعام، أو غيره من الأصناف إلا ناس معروفون، فلا تباع تلك السلعة إلا لهم، ثم يبيعونها هم بما يريدون، فلو باع غيرهم ذلك منع، وعوقب، فهذا من البغي في الأرض، والفساد، والظلم الذي يحبس به قطر السماء»[99].


وقال أيضاً: «ومن أقبح الظلم إيجار الحانوت على الطريق، أو في القرية بأجرة معينة على ألا يبيع أحد غيره، فهذا ظلم حرام على المؤجر، والمستأجر، وهو نوع من أخذ أموال الناس قهراً، وأكلها بالباطل، وفاعله قد تحجر واسعاً، فيخاف عليه أن يحجر الله عنه رحمته، كما حجر على الناس فضله، ورزقه»[100].


وقال ابن تيمية: «ومن ضمن مكانا ليبيع فيه ويشتري وحده، كره الشراء منه بلا حق[101]، ويحرم عليه أخذ زيادة بلا حق»[102].


وقال أيضاً: «إذا اتفق أهل السوق على أن لا يزايدوا في سلع، هم محتاجون لها؛ ليبيعها صاحبها دون قيمتها، ويتقاسموها بينهم، فإن هذا قد يضر صاحبها أكثر مما يضر تلقي السلع إذا باعها مساومة، فإن ذلك فيه من بخس الناس ما لا يخفى، والله أعلم» [103].


وجاء في البيان والتحصيل: «وسئل عن قوم يجتمعون في البيع، يقولون: لا نزيد على كذا وكذا، فقال: لا والله، ما هذا بحسن.


قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال؛ لأن تواطؤهم على ذلك إفساد على البائع، وإضرار به في سلعته...»[104].


كما تكلم ابن القيم عن احتكار العمل.


قال ابن القيم: «منع غير واحد من العلماء كأبي حنيفة وأصحابه القسامين الذين يقسمون العقار وغيره بالأجرة، أن يشتركوا، فإنهم إذا اشتركوا، والناس يحتاجون إليهم أغلوا عليهم الأجرة.


قلت - القائل ابن القيم -: وكذلك ينبغي لولي الحسبة أن يمنع مغسلي الموتى، والحمالين لهم من الاشتراك، لما في ذلك من إغلاء الأجرة عليهم، وكذلك اشتراك كل طائفة يحتاج الناس إلى منافعهم، كالشهود، والدلالين وغيرهم...»[105].

 

المسألة الخامسة

في إجبار المحتكر على بيع ماله

اتفق فقهاء المذاهب على أن الحاكم يأمر المحتكر ببيع ما فضل عن قوته وقوت أهله للناس[106]، وإذا لم يمتثل، فهل يجبر على بيع ماله؟

وللجواب على هذا أن يقال: إذا خيف الضرر على العامة أجبر على بيعه، أو أخذ منه وأعطي مثله عند وجوده، أو أعطي قيمته، وهذا قدر متفق عليه بين الأئمة[107].


قال الحطاب في مواهب الجليل: «أجمع العلماء على أنه لو كان عند إنسان طعام، واضطر الناس إليه، ولم يجدوا غيره، أجبر على بيعه، دفعاً للضرر عن الناس»[108].


وممن حكى الإجماع أيضاً النووي في شرحه على صحيح مسلم[109]، والأذرعي[110]، وغيرهم.


وقال ابن رشد: «إذا وقعت الشدة أمر أهل الطعام بإخراجه مطلقاً، كان من زراعة، أو جلب» [111].


قال القرطبي: «من جلب طعاماً، فإن شاء باع، وإن شاء احتكر، إلا إن نزلت فادحة، وأمر ضروري بالمسلمين فيجب على من كان عنده ذلك أن يبيعه بسعر وقته، فإن لم يفعل جبر على ذلك إحياء للمهج، وإبقاء للرمق»[112].


وقال ابن تيمية: «لولي الأمر أن يكره الناس على بيع ما عندهم بقيمة المثل، عند ضرورة الناس إليه، مثل من عنده طعام لا يحتاج إليه، والناس في مخمصة، فإنه يجبر على بيعه للناس بقيمة المثل، ولهذا قال الفقهاء: من اضطر إلى طعام الغير أخذه منه بغير اختياره بقيمة مثله، ولو امتنع من بيعه إلا بأكثر من سعره لم يستحق إلا سعره»[113].


وإذا لم يخش الضرر على العامة، وإنما احتيج إليه، فهل يجبر على بيعه؟ اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:

القول الأول:

ليس للحاكم أن يجبره على بيع ماله، وهذا رأي أبي حنيفة، وأبي يوسف[114].


القول الثاني:

للحاكم أن يجبره على بيع ماله، وهذا قول محمد بن الحسن من الحنفية[115]، ومذهب المالكية[116]، والشافعية[117]، والحنابلة[118].


وحكى بعض الحنفية الاتفاق على بيع مال المحتكر[119].


وقال ابن نجيم: «قيل: يبيع - يعني يبيع القاضي طعام المحتكر - بالإجماع؛ لأنه اجتمع ضرر عام، وضرر خاص، فيقدم دفع الضرر العام.... قال بعض مشايخنا: إذا امتنع المحتكر عن بيع الطعام، يبيعه الإمام عليه عندهم جميعاً»[120]. قوله جميعاً يعني أبا حنيفة وصاحبيه.


دليل أبي حنيفة على أنه لا يجبر:

الدليل الأول:

قوله تعالى: ﴿ لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29].


وإذا أكره على البيع لم يكن البيع عن رضا.


الدليل الثاني:

بأن الإجبار نوع من الحجر، وهو لا يرى الحجر على الحر الكبير.


واستدل أبو حنيفة بأنه لا يحجر على الكبير مطلقاً سواء كان سفيهاً، أو غير سفيه، بقوله تعالى ﴿ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا ﴾ [النساء: 6] معناه مخافة أن يكبروا فيلزمكم دفع المال إليهم، ودفع المال إليهم هنا مطلق غير معلق بشرط الرشد.

وبما رواه البخاري من طريق عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أن رجلاً ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يخدع في البيوع، فقال: إذا بايعت فقل: لا خلابة[121].


وبما رواه أحمد، قال: حدثنا عبد الوهاب، أخبرنا سعيد، عن قتادة، عن أنس: أن رجلاً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبتاع، وكان في عقدته - يعني عقله - ضعف، فأتى أهله النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا نبي الله احجر على فلان؛ فإنه يبتاع، وفي عقدته ضعف، فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنهاه عن البيع، فقال: يا نبي الله إني لا أصبر عن البيع، فقال - صلى الله عليه وسلم -: إن كنت غير تارك البيع، فقل: هاء وهاء، ولا خلابة[122].

[إسناده حسن][123].


فلم يحجر عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ماله، وأباح له التصرف فيه، ولو كان الحجر واجباً لما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - يبيع، وهو مستحق المنع منه.


وقد ناقشت قول أبي حنيفة، وجواب أهل العلم عليه في مسألة متقدمة، في الحجر على الكبير، فأغنى عن إعادته هنا.


الدليل الثالث:

ما رواه ابن ماجه، قال: ثنا مروان بن محمد، ثنا عبد العزيز ابن محمد، عن داود بن صالح المدني، عن أبيه، قال:

سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما البيع عن تراض[124].

[إسناده حسن][125].


فحصر قيام البيع بقيام الرضا، ومفهومه: أنه لا يقوم البيع بانعدام الرضا، ولا يجتمع الإكراه والرضا.


وجه قول الجمهور:

الوجه الأول:

الإكراه على البيع قسمان: إكراه بحق، وإكراه بغير حق، وهذا من الإكراه بحق قال ابن عابدين: «الإكراه بحق لا يعدم الاختيار شرعاً»[126].


الوجه الثاني:

إذا كان من عنده طعام فاضلاً عن حاجته يجبر على بيعه إذا اضطر الناس إليه، فمن باب أولى أن يجبر المحتكر على البيع إذا احتاج الناس إليه، وذلك أن المحتكر يطلب غلاء السلعة، وقلتها من السوق، بخلاف الأول.


قال الحطاب: «أجمع العلماء على أنه لو كان عند إنسان طعام، واضطر الناس إليه، ولم يجدوا غيره أجبر على بيعه، دفعاً للضرر عن الناس»[127] .

 

الراجح:

بعد استعراض الأدلة أجد أن القول بأنه يجبر على بيعه، هو القول المتعين، لقوة أدلته، وضعف أدلة القائلين بأنه لا يجبر، والله أعلم.

 

المسألة السادسة

إذا أجبر المحتكر على البيع فهل يبيع بسعر المثل

اختلف العلماء في قيمة السلعة المحتكرة إذا أجبر المحتكر على بيعها على ثلاثة أقوال:

القول الأول:

يؤمر أن يبيع المحتكر بقيمة مثلها، ويعفى عن الزيادة اليسيرة إذا كان يتغابن الناس في مثلها، وهذا قول محمد بن الحسن من الحنفية، ومذهب الحنابلة[128].


ولم يتعرض الشافعية لقيمة المباع؛ لأنه يحرم عندهم التسعير، ولو في وقت الغلاء[129]، وإذا حددنا قيمة بيع المحتكر فهو نوع من التسعير، وسيأتي مناقشة التسعير إن شاء الله تعالى في مسألة مستقلة.


القول الثاني:

تباع بالسوق، ويعطى المحتكر رأس ماله، والربح يتصدق به أدباً له، وينهى عن ذلك، فمن عاد ضرب، وطيف به، وسجن[130].


القول الثالث:

ذهب المالكية بأنه يجبر على البيع بالسعر الذي اشتراه به، ويشترك فيه الناس سواء كان أهل سوقه، أو غيرهم، فإن لم يعلم ثمنه، فبسعره يوم احتكاره.


وجه ذلك:

أن المنع قد تعلق بشرائه لحق الناس، وأهل الحاجة، فإذا صرفه إليهم بمثل ما كانوا يأخذونه أولاً حين ابتياعه إياه، فقد رجع عن فعله الممنوع منه.


فإن أبى المحتكر ذلك، فإنه يخرج من يده إلى أهل السوق يشتركون فيه بالثمن، فإن لم يعلم ثمنه فبسعره يوم احتكاره:

ووجه ذلك: أنه لما كان هذا الواجب عليه فلم يفعله أجبر عليه، وصرف الحق إلى مستحقه[131].


الراجح من الخلاف:

الراجح قول من قال: تباع بقيمة مثلها؛ لأن ثمن المثل عدل في حق البائع والمشتري؛ ولأن للإنسان أن يربح في ماله كغيره، ولكن المحرم أن يستغل حاجة الناس، فيبيع بأكثر من ثمن المثل، وأما قول من قال: يتصدق بالربح أدباً فلعله قال ذلك ليس من باب الوجوب، وإنما هو من باب اتباع السياسة الشرعية، ومراعاة المصالح، وردع المعتدي، فلو رأى الحاكم أن المحتكرين قد كثروا في السوق، وأن الأمر يتطلب إلى فعل رادع يحافظ به على مصلحة المستهلك، ومصلحة السوق، فللحاكم الشرعي أن يتخذ ما تقوم به مصالح العامة، والله أعلم.

 

المسألة السابعة

في إخراج الطعام من بلد إلى آخر

إخراج الطعام من بلد إلى آخر تكلم على هذه المسألة المالكية، وفرقوا بين إخراجه من الفسطاط للريف، والعكس:

والفسطاط كما في اللسان: المدينة التي فيها مجتمع الناس، وكل مدينة فسطاط، ومنه قيل: لمدينة مصر التي بناها عمرو بن العاص: الفسطاط[132].


قال الباجي: «إن اشترى بالفسطاط للريف فلا يخلو أن يكون بالفسطاط كثيراً، فلا يضيق على أهله، أو قليلا يضيق على أهله. فإن كان كثيراً، و عند أهل الريف ما يغنيهم، ففي كتاب ابن المواز عن مالك يمنعون ذلك.


ووجهه: أن الفسطاط عمدة الإسلام، ومجتمع الناس، فإذا تساوت حاله، وحال الأطراف منع الانتقال منه ؛ لأنه إذا فسد فسدت الأرياف، والجهات ، ولا تفسد الجهات مع صلاحه ؛ لأن قيامها به...


وإن كانت الحاجة بالريف، والكثرة بالمصر، جاز اقتيات أهل الأرياف منه بالإخراج إليهم؛ لأن جلب الطعام إلى المصر، وادخاره بها إنما هو عدة للمصر، وأريافه، وجهاته.


وإن كان بالمصر قليلاً يخاف من شراء أهل الأرياف له، وإخراجه عنه مضرة منعوا من إخراجه؛ لتساوي الحالين، فإن ابتاعوه، وأكلوا بالمصر لم يمنعوا منه؛ لأنه لا يجوز إسلامهم للضر والهلكة، وإنما يمنعون من إضعاف المصر بإخراج الطعام منه؛ لأنه إذا لم يكن بد من إتلاف الجهتين كانت مراعاة بقاء المصر أولى»[133].



[1] جاء في القاموس (378): «الحَكْر: الظلم وإساءة المعشر، والفعل: كضرب....

حُكَر كصُرَد، وفاعله حَكِر.... حَكِر كفرح، فهو حَكِرٌ... والتحكر: الاحتكار، والتحسر، والمحاكرة: المُلاحَّة. والحكرة: بالضم: اسم من الاحتكار».

وجاء في اللسان (4/208): (الحَكْر): ادخار الطعام للتربص، وصاحبه محتكر. قال ابن سيده: الاحتكار: جمع الطعام ونحوه مما يؤكل، واحتباسه انتظار وقت الغلاء به....

وقال الأزهري: الحكر: الظلم، والتنقص، وسوء العشرة، يقال: فلان يحكر فلاناً: إذا أدخل عليه مشقة ومضرة في معاشرته، ومعايشته. وانظر المغرب (ص: 124)، والتعريفات (ص: 26)، تحرير ألفاظ التنبيه (ص: 186)، غريب الحديث للخطابي (2/438).

[2] فتاوى السغدي (2/486).

[3] حاشية ابن عابدين (6/398).

[4] المنتقى (5/15).

[5] شرح حدود ابن عرفة (ص: 75).

[6] المهذب (1/292).

[7] حواشي الشرواني (4/317)، وانظر روضة الطالبين (3/411).

وذكر في مغني المحتاج (2/38) محترزات التعريف، فقال: «بخلاف ما اشتراه وقت الرخص، لا يحرم مطلقاً، ولا إمساك غلة ضيعته، ولا إمساك ما اشتراه وقت الغلاء لنفسه وعياله، أو ليبيعه بمثل ما اشتراه».

[8] شرح النووي على صحيح مسلم (11/43).

[9] كشاف القناع (3/187).

[10] شرح منتهى الإرادات (2/26).

[11] الفقه الإسلامي المقارن مع المذاهب - فتحي الدريني (ص: 90).

[12] الاحتكار دارسة فقهية مقارنة - د. ماجد أبو رخية (ص: 190) بحث مقدم لمجلة الشريعة والدراسات الإسلامية.

[13] انظر في مذهب المالكية: التفريع (2/168)، المنتقى للباجي (5/17)، وقال ابن رشد في البيان والتحصيل (17/284): «لا اختلاف في أنه لا يجوز احتكار شيء من الأطعمة في وقت يضر احتكاره بالناس..».

وانظر في مذهب الشافعية: المهذب (1/292)، التنبيه (ص: 96)، إعانة الطالبين (3/24)، روضة الطالبين (3/411)، مغني المحتاج (2/38).

وفي مذهب الحنابلة: قال في الإنصاف (4/338): «ويحرم الاحتكار في قوت الآدمي فقط على الصحيح من المذهب نص عليه..».

وانظر الكافي (2/42)، المبدع (4/47)، المغني (4/153)، شرح منتهى الإرادات (2/26).

[14] قال الكاساني في بدائع الصنائع (5/129): «ويكره الاحتكار» ثم فسر الكراهة بالتحريم في قوله: «وأما حكم الاحتكار فنقول: يتعلق بالاحتكار أحكام منها الحرمة، لما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: المحتكر ملعون، والجالب مرزوق، ولا يلحق اللعن إلا بمباشرة الحرام، وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد برئ من الله، وبرئ الله منه، ومثل هذا الوعيد لا يلحق إلا بارتكاب الحرام، ولأن الاحتكار من باب الظلم؛ لأن ما بيع في المصر فقد تعلق به حق العامة، فإذا امتنع المشتري عن بيعه عند شدة حاجتهم إليه، فقد منعهم حقهم، ومنع الحق عن المستحق ظلم، وأنه حرام».

وفي كتاب العناية شرح الهداية (10/58-59): «كل ما يجلب منه إلى المصر في الغالب فهو بمنزلة المصر، يحرم الاحتكار فيه لتعلق حق العامة به..».

وجاء في البحر الرائق (8/229): «وفي المحيط الاحتكار على وجوه: أحدها حرام، وهو أن يشتري في المصر طعاماً، ويمتنع عن بيعه عند الحاجة إليه..».

إذا عرفنا ذلك فإن غالب كتب الحنفية تعبر عن حكم الاحتكار بالكراهة، والكراهة إذا أطلقت عند الحنفية فالمراد منها كراهة التحريم.

قال ابن القيم في إعلام الموقعين (1/33): نص محمد بن الحسن أن كل مكروه فهو حرام، إلا أنه لما لم يجد فيه نصاً قاطعاً لم يطلق عليه لفظ الحرام. وروى محمد أيضاً، عن أبي حنيفة، وأبي يوسف أنه إلى الحرام أقرب؛ وقد قال في الجامع الكبير: يكره الشرب في آنية الذهب والفضة للرجال والنساء، ومراده التحريم؛ وكذلك قال أبو يوسف ومحمد: يكره النوم على فرش الحرير والتوسد على وسائده، ومرادهما التحريم. وقال أبو حنيفة وصاحباه: يكره أن يلبس الذكور من الصبيان الذهب والحرير، وقد صرح الأصحاب أنه حرام.... وقالوا: يكره الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم إذا أضر بهم وضيق عليهم، ومرادهم التحريم. وقالوا: يكره بيع السلاح في أيام الفتنة، ومرادهم التحريم... وساق أمثلة كثيرة على ذلك.

[15] المغني عن الحفظ والكتاب (ص: 519).

[16] الروضة (3/411)، المهذب (1/292).

[17] الإنصاف (4/338).

[18] قال النووي في الروضة (3/411): «فمنه الاحتكار، وهو حرام على الصحيح، وقيل: مكروه». وقال الشيرازي في المهذب (1/292): «ومن أصحابنا من قال: يكره، ولا يحرم - يعني الاحتكار - وليس بشيء».

وقال ابن مفلح في الفروع (4/52-53): «ويحرم الاحتكار في المنصوص.... وكرهه في رواية صالح».

[19] نسبه الطبري إلى حبيب بن أبي ثابت، قال الطبري في تفسيره (9/131) حدثني هارون ابن إدريس الأصم، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن أشعث، عن حبيب بن أبي ثابت في قوله:) ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ([الحج: 25] قال: هم المحتكرون الطعام بمكة.

وهذا إسناد ضعيف، فيه أشعث بن سوار الكندي.

وانظر في تفسير الآية: أضواء البيان للشنقيطي (4/294).

[20] سنن أبي داود (2020).

[21] في إسناده جعفر بن يحيى بن ثوبان، قال علي بن المديني: شيخ مجهول، لم يرو عنه غير أبي عاصم. تهذيب الكمال (5/116).

وذكره ابن حبان في الثقات (6/138).

وقال ابن القطان الفاسي: مجهول الحال. تهذيب التهذيب (2/93).

وفي التقريب: مقبول. يعني: إن توبع، وإلا فلين، ولم يتابع على هذا الإسناد.

وشيخه: عمارة بن ثوبان، هو عمه، قال ابن المديني: لم يرو عنه غير جعفر بن يحيى. تهذيب التهذيب (7/360).

وذكره ابن حبان في الثقات (5/245).

وقال عبد الحق: ليس بالقوي. تهذيب التهذيب (7/360).

وقال ابن القطان الفاسي: مجهول الحال. المرجع السابق.

وفي إسناده أيضاً: موسى بن باذان.

ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، ولم يذكر فيه شيئاً. (8/138).

وقال ابن القطان: لا يعرف. تهذيب التهذيب (10/300).

وفي اللسان: مجهول (7/402)، وقال مثله في التقريب.

[22] سنن الدارقطني (3/77).

[23] سبق تخريجه، انظر (ح243).

[24] مسلم (1605).

[25] مسلم (1605) وتمام الحديث: فقيل لسعيد: فإنك تحتكر. قال سعيد: إن معمراً الذي كان يحدث بهذا الحديث كان يحتكر.

والجواب عن فعل سعيد مع أن الحجة ليس في رأي الراوي، وإنما الحجة في روايته، وقد كان سعيد يحتكر فيما ليس بقوت كالزيت، والنوى، ولعله لا يرى الاحتكار إلا في القوت خاصة، كما هو رأي جمهور أهل العلم.

فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف (4/455) حدثنا عيسى بن يونس، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، أنه كان يحتكر الزيت. وهذا إسناد صحيح.

كما روى ابن أبي شيبة (4/455) حدثنا وكيع، قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن مسلم الخياط، قال: كنت أبتاع لسعيد بن المسيب النوى، والعجم، والخبط، فيحتكره. وهذا إسناد صحيح أيضاً.

[26] شرح النووي على صحيح مسلم (11/43).

[27] المفهم (4/520).

[28] المسند (2/351).

[29] في إسناده أبو معشر: نجيح بن عبد الرحمن السندي، جاء في ترجمته:

قال ابن مهدي: كان أبو معشر تعرف وتنكر. الجرح والتعديل (8/493)، الضعفاء للعقيلي (4/308).

وقال أحمد: كان صدوقاً، لكنه لا يقيم الإسناد، وليس بذاك.

وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث.

وقال أبو زرعة: هو صدوق في الحديث، وليس بالقوي. الجرح والتعديل (8/493).

وقال ابن عدي: مع ضعفه يكتب حديثه. الكامل (7/52).

وقال ابن حبان في المجروحين (3/60): «كان ممن اختلط في آخر عمره، وبقي قبل أن يموت بسنتين في تغير شديد، لا يدري ما يحدث به، فكثر المناكير في روايته من قبل اختلاطه فبطل الاحتجاج به».

وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، ضعيفاً. الطبقات الكبرى (5/418).

وقال البخاري: منكر الحديث. الضعفاء الصغير (380).

وقال النسائي: ضعيف. الضعفاء والمتروكين (590).

والحديث رواه الحاكم (2/12) وعنه البيهقي (6/30) من طريق إبراهيم بن إسحاق ابن عيسى الغسيلي، عن عبد الأعلى بن حماد النرسي، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو به، بلفظ: (من احتكر يريد أن يتغالى بها على المسلمين فهو خاطئ، وقد برئت منه ذمة الله).

وفي إسناده إبراهيم بن إسحاق بن عيسى الغسيلي، قال عنه الخطيب: كان غير ثقة. تاريخ بغداد (6/40).

وقال ابن حبان: كان يقلب الأخبار، ويسرق الأحاديث.... فالاحتياط في أمره الاحتجاج بما وافق الثقات من الأخبار، وترك ما انفرد من الآثار. المجروحين (1/119).

وإذا كان يسرق الأخبار لم يطمئن الباحث إلى متابعته مع تفرده بزيادة فقد برئت منه ذمة الله، وقول الخطيب: كان غير ثقة، والله أعلم.

[30] المسند (5/27).

[31] والحديث مداره على زيد بن مرة، وقد قال عنه أبو داود كما في سؤالات الآجري: لا بأس به.

قال أبو داود الطيالسي: كان ثقة. الجرح والتعديل (3/573).

وقال يحيى بن معين: زيد بن أبي ليلى ثقة. المرجع السابق.

وقال أبو حاتم: صالح الحديث. المرجع السابق.

وذكره ابن حبان في الثقات (6/318).

وقال الذهبي: لا أعرف زيداً. تلخيص المستدرك (2/12).

وقال المنذري: لا أعرف حاله بجرح ولا عدالة. لسان الميزان (2/511).

وقال في الترغيب والترهيب (2/584، 585): «من زيد بن مرة ؟ فرواته كلهم ثقات معروفون غيره، فإني لا أعرفه، ولم أقف له على ترجمة».

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/101): «فيه زيد بن مرة، أبو المعلى، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله رجال الصحيح».

وقول من عرفه حجة على من لم يعرفه.

[ تخريج الحديث ]:

الحديث رواه أبو داود الطيالسي (928)، والروياني في مسنده (1295)، والطبراني في الكبير (20/209، 210) ح 479، 480، 481، وفي المعجم الأوسط (8651)، والحاكم في المستدرك (2/12)، والبيهقي (6/30) كلهم من طريق زيد بن مرة أبي المعلى به، مختصراً ومطولاً.

[32] سنن ابن ماجه (2153).

[33] ورواه الدارمي (2544) أخبرنا محمد بن يوسف.

ورواه الحاكم في المستدرك (2164) من طريق عبد الله بن موسى.

ورواه البيهقي في السنن (6/30) وفي شعب الإيمان (7/535)من طريق إسحاق ابن منصور.

ورواه ابن عدي في الكامل (5/203) من طريق يحيى بن آدم.

ورواه عبد بن حميد في مسنده (33)، والعقيلي في الضعفاء الكبير (3/231) من طريق أبي نعيم، كلهم من طريق إسرائيل، عن علي بن سالم بن ثوبان، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد ابن المسيب، عن عمر.

وخالفهم عبد الرزاق كما في المصنف (14894) قال: أخبرنا إسرائيل، عن علي بن سالم، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب من قوله.

وأعله العقيلي بعلي بن سالم، وقال: ولا يتابع عليه أحد بهذا اللفظ.

قلت: وزيد بن علي بن جدعان ضعيف.

وقال الحافظ في الفتح (4/348): «أخرجه ابن ماجه والحاكم، وإسناده ضعيف».

[34] سقط من إسناده فروخ مولى عثمان.

[35] مسند أبي داود الطيالسي (55).

[36] في إسناده أبو يحيى المكي، ذكره البخاري في التاريخ الكبير، وسكت عليه (1/82)، وفي التقريب: يقال: هو مصدع، وإلا فهو مجهول.

وقال الذهبي: أبو يحيى المكي لا يعرف، والخبر منكر. ميزان الاعتدال (4/322).

وقال ابن الجوزي: أبو يحيى مجهول. العلل المتناهية (2/606).

وذكره ابن حبان في الثقات (7/667).

كما أن في إسناده فروخاً مولى عثمان،

ذكره ابن حبان في الثقات (5/298)، ولم يوثقه أحد غيره.

وذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه شيئاً. الجرح والتعديل (7/87).

والحديث أخرجه أحمد في المسند (1/21)، وعبد بن حميد (17) وابن ماجه (2155) والمقدسي في الأحاديث المختارة (263)، وأبو بكر في إصلاح المال (265) من طريق الهيثم بن رافع، عن أبي يحيى به.

وقد حسن إسناده الحافظ في الفتح (4/348).

وقال المنذري في الترغيب والترهيب (2/364): «وهذا إسناد جيد، متصل، ورواته ثقات، وقد أنكر على الهيثم روايته لهذا الحديث مع كونه ثقة».

وقال في مصباح الزجاجة (3/11): «هذا إسناد صحيح، رجاله موثقون، أبو يحيى المكي، وشيخه فروخ ذكرهما ابن حبان في الثقات..».

قلت: لا يكفي ذكرهما في الثقات، وتفردهما مع قلة أحاديثهما، وعدم كلام أهل الجرح فيهما يوجب التوقف في قبول روايتهما.

[37] المسند (2/33).

[38] في إسناده أبو بشر، جاء في ترجمته:

قال أبو حاتم: لا أعرفه. الجرح والتعديل (9/347).

وذكر ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال كما في العلل (1/392): «هذا حديث منكر، وأبو بشر لا أعرفه».

وقال يحيى بن معين: لا شيء. المرجع السابق.

وذكره البخاري في كنى التاريخ الكبير (112)، ولم يذكر فيه شيئاً.

وفي الإسناد: أصبغ بن زيد، مختلف فيه، جاء في ترجمته:

قال أحمد: ليس به بأس. تهذيب الكمال (3/302).

وقال النسائي: ليس به بأس. المرجع السابق.

وقال يحيى بن معين: ثقة. المرجع السابق.

وقال ابن سعد: كان ضعيفاً في الحديث. المرجع السابق.

وقال أبو زرعة: شيخ. المرجع السابق.

وقال مسلمة بن قاسم: لين، ليس بحجة. تهذيب التهذيب (1/315).

وقال ابن حبان: كان يخطئ كثيراً، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد. المرجع السابق.

وروى له ابن عدي في الكامل ثلاثة أحاديث من غرائبه، من رواية يزيد بن هارون عنه، وقال: وهذه الأحاديث لأصبغ غير محفوظة، يرويها عنه يزيد بن هارون، ولا أعلم روى عن أصبغ هذا غير يزيد بن هارون. الكامل (1/409).

قال ابن حجر: بل روى عنه غيره - أي غير يزيد بن هارون - انظر تهذيب التهذيب (1/315).

وقال الذهبي: صدوق. الكاشف (451)، وكذا قال الحافظ في التقريب، وزاد: يغرب.

والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (4/302).

وأبو يعلى (5746) حدثنا زهير.

وأبو نعيم في الحلية (6/101) من طريق أحمد بن عبد الرحمن الواسطي، ثلاثتهم عن يزيد ابن هارون به.

واختلف على يزيد بن هارون.

فرواه عنه أحمد، وابن أبي شيبة، وزهير بن معاوية، وأحمد بن عبد الرحمن الواسطي، عن يزيد ابن هارون، عن أصبغ بن زيد، عن أبي بشر، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر كما تقدم في التخريج.

وخالفهم: عمرو بن علي في مسند البزار كما في كشف الأستار (1311)، قال البزار: حدثنا عمرو بن علي، ثنا يزيد بن هارون به، إلا أنه جعل في إسناده عمرو بن دينار بدلاً من كثير بن مرة، وأحسب أن الخطأ من البزار، فإن في حفظه شيئاً.

وقد أخرجه الحاكم (2/11-12) من طريق عمرو بن الحصين العقيلي، عن أصبغ بن زيد به. كما في رواية الجماعة عن يزيد بن هارون. وهذا يؤكد خطأ البزار، والله أعلم.

قال الحافظ في الفتح (4/348): «أخرجه أحمد والحاكم، وفي إسناده مقال».

وسبق أن ابن أبي حاتم نقل عن أبيه أنه قال: حديث منكر. العلل (1/392).

[39] المصنف (4/301) رقم 20387.

[40] في إسناده: عبد الرحمن بن يزيد بن تميم الضعيف، وليس عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الثقة، ووهم في نسبه أبو أسامة.

قال أبو داود: متروك الحديث - يعني عبد الرحمن بن يزيد بن تميم - حدث عنه أبو أسامة، وغلط في اسمه، وكلما جاء عن أبي أسامة، عن عبد الرحمن بن يزيد، فإنما هو ابن تميم. تهذيب التهذيب (6/265)، وانظر الجرح والتعديل (5/300)، تهذيب الكمال (17/484).

وعبد الرحمن بن يزيد بن تميم، قال عنه النسائي: متروك الحديث. الضعفاء والمتروكين (363).

وقال أيضاً في موضع آخر: ليس بثقة. تهذيب التهذيب (6/265).

وقال الوليد بن مسلم: لا ترووا عنه فإنه كذاب. ضعفاء البخاري (210).

وقال الدارقطني: متروك الحديث. وقال مرة: ضعيف. تهذيب التهذيب (6/265).

[41] المصنف (4/301) رقم: 20395.

[42] في إسناده ضعيفان:

الأول: الربيع بن حبيب، قال الحافظ في التقريب: ضعيف بسبب روايته عن نوفل ابن عبد الملك، قال أبو أحمد الحاكم: الحمل على نوفل.

الثاني: نوفل بن عبد الملك، قال فيه ابن معين: ليس بشيء. تهذيب التهذيب (10/437).

وقال أبو حاتم: مجهول. المرجع السابق.

والحديث أخرجه الحارث في مسنده كما في زوائد الهيثمي (427)، والمطالب العالية (1412)، والمحاملي في أماليه (189)، والبيهقي في شعب الإيمان (7/525) عن عبيد الله بن موسى به.

[43] المصنف (4/301) رقم: 20390.

[44] الموطأ (2/651).

[45] الموطأ (2/651).

[46] المصنف (4/301) رقم 20393. وقد رواه ابن أبي شيبة (4/301) حدثنا جرير، عن ليث، عن الحكم، قال: أخبر علي برجل احتكر طعاماً بمائة ألف، فأمر به أن يحرق.

وجرير هو ابن عبد الحميد، وليث هو ابن أبي سليم، ضعيف، والحكم لم يدرك علياً رضي الله عنه.

[47] المصنف (4/301) رقم:20394

[48] جنة المرتاب (ص: 519).

[49] التحديث بما قيل: لا يصح فيه حديث (ص: 112).

[50] العناية شرح الهداية (10/58)، وقال في بدائع الصنائع (5/129): «ما حصل له من ضياعه، بأن زرع أرضه، فأمسك طعامه، فليس ذلك باحتكار؛ لأنه لم يتعلق به حق أهل المصر، لكن الأفضل ألا يفعل...».

[51] قال في مواهب الجليل (4/227): «أما من جلب طعاماً؛ فإن شاء باع، وإن شاء احتكر، إلا إن نزلت حاجة فادحة، أو أمر ضروري بالمسلمين، فيجب على من كان عنده ذلك أن يبيعه بسعر وقته؛ فإن لم يفعل أجبر على ذلك إحياء للمهج، وإبقاء للرمق. وأما إن كان اشتراه من الأسواق، واحتكر، وأضر بالناس، فيشترك فيه الناس بالسعر الذي اشتراه به».

[52] مغني المحتاج (2/38)، معالم القربة في معالم الحسبة (ص: 65)، أسنى المطالب (2/37-38).

[53] قال في المغني (4/154): «الاحتكار المحرم ما اجتمع فيه ثلاثة شروط.

أحدها: أن يشتري، فلو جلب شيئاً، أو أدخل من غلته شيئاً، فادخره، لم يكن محتكراً..». وانظر كشاف القناع (3/187)،

[54] الجامع الصغير (ص: 481).

[55] حاشية ابن عابدين (6/399).

[56] مصنف عبد الرزاق (14885).

[57] بدائع الصنائع (5/129)، وقال في بداية المبتدئ (ص: 224): «ومن احتكر غلة ضيعته، أو ما جلبه من بلد آخر فليس بمحتكر ».

[58] قال الباجي في المنتقى (5/16): «أما ما يمنع من الاحتكار، فإن الناس في ذلك على ضربين: ضرب صار إليه بزراعته، أو جلابه، فهذا لا يمنع من احتكاره، ولا من استدامة إمساكه ما شاء، كان ذلك ضرورة أو غيرها.... والضرب الثاني: من صار إليه الطعام بابتياع بالبلد، فإن المنع يتعلق به في وقتين... وذكرهما. وانظر حاشية العدوي على الخرشي (5/9).

وقال في التفريع (2/168): «ومن جلب طعاماً أوغيره إلى بلد خلي بينه وبين حكرته وبيعه».

وقال في القوانين الفقهية (ص: 169): «ومن جلب طعاماً خلي بينه وبينه، فإن شاء باعه، وإن شاء احتكره ». وانظر الكافي لابن عبد البر (ص: 360).

وقال الحطاب في مواهب الجليل (4/227): «وكل هذا - يعني من تحريم الاحتكار - فيمن اشترى في الأسواق، فأما من جلب طعاماً ؛ فإن شاء باع، وإن شاء احتكر... وأما إن كان اشتراه من الأسواق واحتكر وأضر بالناس فيشترك فيه الناس بالسعر الذي اشتراه به ».

[59] قال العمراني في البيان (5/357): «فأما إذا جلب الطعام من بلد إلى بلد، أو اشتراه في وقت رخصه، أو جاءه من ضيعته، فحبسه عن الناس، فإن ذلك ليس باحتكار، إلا أن يكون بالناس ضرورة ».

قال في إعانة الطالبين (3/24): «الاحتكار: إمساك ما اشتراه، خرج به إذا لم يمسكه، أو أمسك الذي لم يشتره، بأن أمسك غلة ضيعته ليبيعها بأكثر، أو أمسك الذي اشتراه من طعام غير القوت، فلا حرمة في ذلك ».

[60] قال في المغني (4/154): «والاحتكار المحرم ما اجتمع فيه ثلاثة شروط: أحدها أن يشتري، فلو جلب شيئاً، أو أدخل من غلته شيئاً فادخره لم يكن محتكراً ».

وقال في الإنصاف (4/339): «قال في الرعاية الكبرى: ومن جلب شيئاً، أو استغله من ملكه، أو مما استأجره، أو اشتراه زمن الرخص، ولم يضيق على الناس إذن، أو اشتراه من بلد كبير كبغداد، والبصرة، ومصر، ونحوها، فله حبسه ».

[61] بدائع الصنائع (5/129).

وفيه قول آخر لأبي يوسف أنه إذا اشتراه من مكان بعيد، واحتكره، فليس بحكرة، جاء في حاشية ابن عابدين (6/399): «بأن القدوري قال في التقريب: وقال أبو يوسف: إن جلبه من نصف ميل، فإنه ليس بحكرة، وإن اشتراه من رستاق، واحتكره حيث اشتراه، فهو حكرة، قال: فعلم أن ما جلبه من مصر آخر ليس بحكرة عند أبي يوسف أيضاً؛ لأنه لا يثبت الحكرة فيما جلبه من نصف ميل، فكيف فيما جلبه من مصر آخر. نص على هذا الكرخي في مختصره».

[62] قال الباجي في المنتقى (5/16): «ويتعلق المنع بمن يشتري في وقت الغلاء أكثر من مقدار قوته..».

[63] مغني المحتاج (2/38)، أسنى المطالب (2/37-38)..

[64] الكافي في فقه الإمام أحمد (2/42)، المغني (4/154).

[65] المفهم (4/520)، وقال الباجي في المنتقى (5/15): «الاحتكار: هو الادخار للمبيع، وطلب الربح، فأما الادخار للقوت فليس من باب الاحتكار ». اهـ وانظر مغني المحتاج (2/38)، وقال في المبدع (4/48): «لا يكره ادخار قوت أهله، ودوابه نص عليه..».

[66] مصنف عبد الرزاق (8/202) رقم: 14883، وانظر صحيح البخاري (2904)، وصحيح مسلم (1757).

[67] مواهب الجليل (4/228).

[68] درر الحكام شرح مجلة الحكام (1/321-322).

[69] البيان والتحصيل (17/284-285)، وانظر المنتقى للباجي(5/16).

[70] تفسير القرطبي (9/204).

[71] المحلى (مسألة: 1568).

[72] العناية شرح الهداية (10/58)، الجوهرة النيرة (2/286).

[73] فتح القدير (10/58).

[74] بدائع الصنائع (5/129)، درر الحكام شرح مجلة الأحكام (1/321)، تبيين الحقائق (6/27)، تحفة الملوك (ص: 235)، حاشية ابن عابدين (6/398).

[75] إعانة الطالبين (3/24)، التنبيه (ص: 96)، المهذب (1/292)، حواشي الشرواني (4/317)، روضة الطالبين (3/411)، مغني المحتاج (2/38).

[76] الإنصاف (4/338)، المبدع (4/48)، المغني (4/154)، كشاف القناع (3/187)، مطالب أولي النهى (3/63).

[77] بدائع الصنائع (5/129)، درر الحكام شرح مجلة الأحكام (1/321)، تبيين الحقائق (6/27)، حاشية ابن عابدين (6/398)..

[78] جاء في المدونة (4/291): «سمعت مالكاً يقول: الحكرة في كل شيء في السوق، من الطعام، والكتاب، والزيت، وجميع الأشياء، والصوف، وكل ما يضر بالسوق...» وانظر مواهب الجليل (4/227)، المنتقى للباجي (5/15).

[79] المبدع (4/48)، المغني (4/154)، الإنصاف (4/338).

[80] المحلى (مسألة: 1568).

[81] حاشية ابن عابدين (6/398).

[82] سقط من إسناده فروخ مولى عثمان.

[83] مسند أبي داود الطيالسي (55).

[84] سبق تخريجه، انظر (ح250).

[85] المسند (2/33).

[86] سبق تخريجه، انظر (ح251).

[87] المصنف (4/301) رقم 20387.

[88] سبق تخريجه، انظر (ح 252).

[89] بدائع الصنائع (5/129).

[90] مسلم (1605).

[91] مسلم (1605) وتمام الحديث: فقيل لسعيد: فإنك تحتكر. قال سعيد: إن معمراً الذي كان يحدث بهذا الحديث كان يحتكر. وسبق الجواب عن فعل سعيد رحمه الله تعالى.

[92] المسند (2/351).

[93] سبق تخريجه، انظر (ح247).

[94] المسند (5/27).

[95] سبق تخريجه، انظر (ح248).

[96] سنن ابن ماجه (2153).

[97] سبق تخريجه، انظر (ح 249).

[98] المصنف (4/301) رقم: 20390.

[99] الطرق الحكمية (ص: 356).

[100] المرجع السابق، الصفحة نفسها.

[101] لعلها (بلا حاجة)، ثم وجدت في كتاب الإنصاف (4/339): «ومن ضمن مكاناً ليبيع فيه، ويشتري وحده، كره الشراء منه بلا حاجة، ويحرم عليه أخذ زيادة بلا حق، ذكره الشيخ تقي الدين ». وانظر المبدع (4/48).

[102] الفتاوى الكبرى (4/470).

[103] مجموع الفتاوى (29/304).

[104] البيان والتحصيل (7/367).

[105] الطرق الحكمية (ص: 358).

[106] بدائع الصنائع (5/129).

[107] جاء في البحر الرائق (8/230): «ولو خاف الإمام على أهل مصر الهلاك، أخذ الطعام من المحتكرين، وفرقه، فإذا وجدوه ردوا مثله، وليس هذا من باب الحجر، وإنما هو من باب دفع الضرر عنهم ». وصححه في الفتاوى الهندية (3/214).

وقال المازري في المعلم بفوائد مسلم (2/212): «إذا احتيج إلى طعام رجل، واضطر الناس إليه، ألزم بيعه منهم...». وانظر إكمال المعلم للقاضي عياض (5/309).

وجاء في حاشيتي قليبوبي وعميرة (2/196): «من الإكراه بحق إكراه الحاكم من عنده طعام على بيعه عند حاجة الناس إليه إن بقي له قوت سنة. قال شيخنا: وهذا خاص بالطعام فراجعه». وانظر الإنصاف (4/339)، الفروع (4/54)، شرح منتهى الإرادات (2/27)، وذكر معه الإجبار على بيع السلاح للحاجة، وذكر مثله كذلك في كشاف القناع (3/188).

[108] مواهب الجليل (4/227).

[109] شرح صحيح مسلم (11/43).

[110] حواشي الشرواني (4/318).

[111] حاشية العدوي على الخرشي (5/9).

[112] المفهم (4/521)، مواهب الجليل (4/227).

[113] مجموع الفتاوى (28/76).

[114] جاء في بدائع الصنائع (5/129): «أن يؤمر المحتكر بالبيع إزالة للظلم، لكن إنما يؤمر ببيع ما فضل عن قوته وقوت أهله، فإن لم يفعل، وأصر على الاحتكار، ورفع إلى الإمام مرة أخرى، وهو مصر عليه، فإن الإمام يعظه ويهدده، فإن لم يفعل، ورفع إليه مرة ثالثة، يحبسه، ويعزره زجراً له عن سوء صنعه، ولا يجبر على البيع ».

[115] بدائع الصنائع (5/129).

[116] المنتقى للباجي (5/17)، مواهب الجليل (4/255).

[117] حاشية البجيرمي على المنهج (2/174)، حاشيتا قليوبي وعميرة (2/196)، نهاية الزين (ص: 229).

[118] الإنصاف (4/339)، المبدع (4/48)، شرح منتهى الإرادات (2/27).

[119] جاء في العناية شرح الهداية (10/59): «هل يبيع القاضي على المحتكر طعامه من غير رضاه ؟ قيل: هو على الاختلاف الذي عرف في بيع مال المديون. وقيل: يبيع بالاتفاق؛ لأن أبا حنيفة يرى الحجر لدفع ضرر عام، وهذا كذلك». اهـ وكالحجر على الطبيب، والمكاري المفلس.

وفي درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/322): «والصحيح أن القاضي يبيع إن امتنع اتفاقاً». وانظر فتح القدير (10/59).

[120] البحر الرائق (8/230)، وانظر الفتاوى الهندية (3/214).

[121] صحيح البخاري (2117)، ورواه مسلم (1533).

[122] المسند (3/217).

[123] سبق تخريجه، انظر (ح42).

[124] سنن ابن ماجه (2185).

[125] سبق تخريجه، انظر (ح43).

[126] حاشية ابن عابدين (6/128).

[127] مواهب الجليل (4/227).

[128] الفتاوى الهندية (3/214)، شرح منتهى الإرادات (2/26)، كشاف القناع (3/188).

[129] انظر حواشي الشرواني (4/229، 319).

[130] المعيار المعرب (6/425).

[131] انظر المنتقى للباجي (5/17).

[132] لسان العرب (7/372).

[133] المنتقى (5/16).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التجارة في الإسلام (الاحتكار)
  • لحل غلاء الأسعار وممارسة الاحتكار
  • رئيس اقتصادية الشورى: الدولة تمنع الاحتكار والاستهلاك الشره يغري التاجر بزيادة الأسعار
  • التسعير والاحتكار
  • حاربوا الاحتكار الجديد
  • الاحتكار والرأسمالية والإجراءات الوقائية في الشريعة الإسلامية

مختارات من الشبكة

  • أحكام الجنائز: مقدمات الموت - تغسيل الميت - تكفينه - دفنه - تعزية أهله - أحكام أخرى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من أحكام الحج أحكام يوم التشريق(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أحكام الاعتكاف وليلة القدر وزكاة الفطر وما يتعلق بها من أحكام فقهية وعقدية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • مخطوطة أحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • قاعدة أحكام النساء على النصف من أحكام الرجال(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • الحكم التكليفي والحكم الوضعي والفرق بينهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زبدة الأحكام من آيات الأحكام: تفسير آيات الأحكام (2) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الوقوف بعرفة وحكم التعريف بالأمصار: أحكام وأسرار(مقالة - ملفات خاصة)
  • مخطوطة إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (النسخة 7)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الأضحية: أحكام وحكم(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب