• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / مثنى الزيدي / خطب منبرية
علامة باركود

الإيمان بالملائكة عليهم السلام

الدكتور مثنى الزيدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/11/2010 ميلادي - 23/12/1431 هجري

الزيارات: 57543

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإيمان بالملائكة عليهم السلام

 

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهدِ الله فهو المهتدي، ومن يُضلل فلنْ تجِدَ له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحْدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

 

أمَّا بعدُ:

أيها الأحبَّة الكرام، تكلَّمْنا في الْجُمعة الماضية عن الركن الأول من أركان الإيمان، وهو الإيمان بالله تعالى أما اليوم، فإننا نقف عند الركن الثاني من هذه الأركان، وهو الإيمان بالملائكة، نقف معها عبر محاور عديدة مهمَّة، أعيروني فيها قلوبَكم وأسماعكم؛ لتتعلَّموا عقيدتكم.

 

أولاً: هل الإيمان بالملائكة واجبٌ؟

الإيمان بالملائكة واجبٌ على كلِّ مؤمن ومؤمنة، فمَن شكَّ في وجودهم وخَلْقهم، فإنه خارج من الملَّة؛ لتَرْكه رُكنًا من أركان الإيمان، وهذا إذا كان عن تعمُّدٍ مع العِلم.

 

فالقرآن الكريم مليء بالآيات التي دلَّتْ على وجودهم، وأن أوَّل حوار بين الله وبين خَلْقه بعد خَلْق آدمَ هو حواره مع الملائكة؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 30 - 34].

 

فالإيمان بكلِّ ما جاء في القرآن الكريم هو من أركان الإيمان، التي سنتكلَّم عنها في الجمعة المقْبِلة، وقال تعالى في آيات صريحة على وجوب الإيمان بهم، وإثبات وجودهم؛ قال عزَّ وجلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136].

 

وقال سبحانه: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285].

فهل تحتاج الآيات إلى تفسير؟ لذلك فالإيمان بالملائكة أصل ورُكن من أركان إيماننا، لا يَدَع مجالاً للشكِّ أبدًا.

 

ثانيًا: الإيمان بصفاتهم:

نعم أيها الأحبَّة، وبما أنَّ الإيمانَ بهم واجبٌ، فالإيمان بصفاتهم من جُملة الإيمان بهم.

 

فليعلم المؤمن أنَّ الملائكة خُلقوا من نور، نعم، روى الإمام مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خُلقتِ الملائكة من نور، وخُلقتِ الجانُّ من مارجٍ من نار، وخُلق آدمُ مما وُصِفِ لكم))؛ ولهذا نحن لا نراهم، وهذا من مُقتضى حِكمة الله تعالى واختلاف خَلْقه بعضهم عن بعض، ودَلالة على قُدْرته سبحانه وتعالى ولو أنَّ الله أطلعَنا عليهم، لفَزِع أكثرُ مَن في الأرض.

 

ثم إنَّهم أجسام حقيقيَّة، تليق بهم وبمقامهم عند ربِّهم، حتى إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل بصورته الحقيقيَّة وهيئته التي خَلَقه الله عليها، ففي البخاري عن جابر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ثم فتر عنِّي الوحْي فترة، فبينا أنا أمشي سمعتُ صوتًا من السماء، فرفعتُ بصري قِبَل السماء، فإذا الملك الذي جاءني "بحِرَاء" قاعدٌ على كرسي بين السماء والأرض، فجُئِثْتُ منه حتى هويتُ إلى الأرض، فجِئْتُ أهلي، فقلتُ: زَمِّلوني، زَمِّلوني، فأنزل الله تعالى ﴿ يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴾ [المدثر: 1] إلى قوله: ﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ [المدثر: 5])).

 

فيا سبحان مَن خَلَقها، ويا لَعظمة من فَطَرها، إنَّه الملك وحُقَّ للملك أن يُكرِمَ جُندَه، فإن الملائكة جنود من جنود الله، يفعلون ما يؤمرون، ولو أنَّ الأوَّلين والآخرين اجتمعوا على أن يَخلقوا مثلهم ما استطاعوا، فالله أكبر على العُصاة والمذنبين، والمجرمين والكافرين والمنافقين، عصوا ربَّهم، تجرَّؤُوا على الله، وما علموا أنَّه الحليم، وما خافوا وهَرَعوا من غضبه - سبحانه.

 

وإنَّهم أصحاب أجنحة، أجنحة عظيمة؛ ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فاطر: 1].

 

"ومعنى مَثْنى وثلاث ورباع؛ أي: منهم مَن له جناحان، ومنهم من له ثلاثةُ أجنحة، ومنهم من له أربعة، وأمَّا يزيد في الخَلق ما يشاء؛ أي: زيادته تبارك وتعالى في خَلْق هذا الملك من الأجنحة على الآخر ما يشاء، ونُقْصانه عن الآخر ما أحبَّ، وكذلك ذلك في جميع خَلْقه يزيد ما يشاء في خَلْق ما شاء منه، وينقص ما شاء مِن خَلق ما شاء، له الخلق والأمر وله القدرة والسلطان"؛ تفسير الطبري.

 

فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم رأى أمينَ الوحي جبريل عليه السلام في ستمائة جَناح، نعم فقد جاء في وصْفه في مسند الإمام أحمد بإسناد جوَّده ابنُ كثير عن عبدالله بن مسعود، قال: "رأى رسولُ الله جبريلَ وله ستمائة جناح، كل جناح منها قد سدَّ الأُفق، يسقط من جناحه التهاويل من الدُّرِّ والياقوت".

 

إضافةً إلى أنَّ للملائكة القُدرةَ على التشكُّل، كُلّ حسبما يقتضيه واجبه المكلَّف به من الله عز وجل فقد تتشكَّل بصورة الإنس، كما حدَثَ مع السيدة مريم عليها السلام قال تعالى: ﴿ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ﴾ [مريم: 17]، وكذلك مع إبراهيم عليه السلام: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ﴾ [الذاريات: 24 - 28].


وحدث هذا أيضًا مع لوط عليه السلام: ﴿ وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴾ [العنكبوت: 33].


وفي زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان جبريلُ ينزل على صورة الصحابي دَحْية الكلبي رضي الله عنها قال ابن حجر في "الإصابة في تمييز الصحابة": "وكان يُضْرَب به المثَل في حُسن الصورة"، فكان دَحْية جميلاً جدًّا، وكان جبريل ينزل على صورته.


وإنَّ للملائكة - إخوةَ الإيمان - قُدرات خارقة، كقطع المسافات البعيدة في زمن خاطف؛ ﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [المعارج: 4].


وحمل الأشياء الثقيلة، فنبيُّنا وحبيبُنا صلى الله عليه وسلم لَمَّا فعل أهل الطائف به ما فعلوا، أتاه ملك الجبال، وقال له: يا محمد، إن شئتَ أن أطبقَ عليهم الأخْشَبين لفعلتُ - وهما جبلان بمكةَ - فقال: ((إني لأرجو أن يُخرِجَ الله من أصلابهم مَن يعبد الله لا يشرك به شيئًا)).


يوم أن أمر الله ملائكته بإنزال العذاب بقوم لوط - الذين لم ينتهوا عن فواحشهم - أدخَلَ جبريل طرف جناحٍ من أجنحته الستمائة تحت قُرَى قوم "لوط" الخمس، فرفَعَها من تخوم الأرض، حتى أدناها من السماء بما فيها، حتى سَمِع أهل السماء نهيقَ حَميرهم وصِياح دِيَكتهم، ولم تنكفئ لهم جَرَّة، ولم ينكسِر لهم إناء، ثم نكسوا على رؤوسهم، وأتبعوا الحجارة من سجِّيل مسوَّمة عند ربِّك، وما هي من الظالمين ببعيد.


أيُّها الآباء، احذروا وراقبوا أولادَكم وعوائلكم، فها هي التقنيات الحديثة تنتشر اليوم انتشارًا رهيبًا، فأصبح النظر إلى الحرام سهلاً، ومعاكسة الفتيات هيِّنًا، ومشاهدة الأفلام الإباحية تطورًا، وهذا كله لم يكنْ موجودًا قبل دخول الاحتلال بقَضِّه وقَضيضه لبلدنا، فغزانا على أرضنا عسكريًّا بفِعْل العُملاء، وها هو الآن يغزونا أخلاقيًّا، ولم يبقَ لنا إلا دينُنا نتشبَّثُ به، وليعلم الأب أنه سيسأل عن هذا أمام الملك الديَّان، سيسأل عن ابنه وابنته وزوجته، كيف ربَّيتها؟ هل تابعْتَها؟ ماذا ألبستَها؟ سؤالاً سؤالاً.


والله، رأيتُ في هذا العيد - عيد الفطر - بناتًا بعُمر الزهور بالغات، مستحقات للزواج من أُسَر وعوائل متديِّنة، بل الذي يَشيب منه الولدان أنَّ البعضَ منهم من عوائل يدعون أنَّهم من أهل الدعوة - والدعوة منهم بَرَاء - يلبسْنَ (البنطال) مع (البدي) الضيِّق، والله ثُمَّ والله، ولو أنهم رأوا غيرهم يُلبِس بناتِه ذلك، لَمَا ارتضوه، ولأقاموا الدُّنيا وأقعدوها بعويلهم الكاذب، ونهيقهم الخائب، فأيَّ انبطاحية نشهدها؟! وأيَّ ميوعة نعيشها تحت ظلِّ الدُّعاة المتميِّعين؟! دعاة العصر كما يسمون أنفسهم، وما علموا أنَّ الدعوة التي ينتمون إليها منهم بَرَاء، وإن أكلوا بأموالها، وسافروا بثرواتها، وانتهبوا خيراتها، فتبًّا لهم ولمشروعهم المقيت، هم وكُل مَن سَكت عن قول الحقِّ في زمن الْمِحْنة.


ومن صفات الملائكة أنهم لا يعصون الله ما أمرهم مع كل هذه المكانة؛ ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 26 - 29].


ويخافون ربَّهم على الرغم من مكانتهم، وعلى الرغم من طبيعتم؛ ﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾ [الرعد: 13].


من أيِّ الفريقين أنت؟

وإنَّ الناس مع الملائكة فريقان: فريق تلعنه الملائكة في الدنيا، ولا تدخل بيوتَهم، ثم تعذبهم في الآخرة، وفريق تصلي عليهم، وتدعو لهم في الدنيا، ثم تستقبلهم في الآخرة، فمن أيِّ الفريقين أنت؟ فهذا هو أساس إيمانك بهم هو أن تشعُرَ برقابتك عليهم، وأنَّ هناك مَن ينظر إليك، يرفع عملك، ويصعد به إلى ربِّك وخالقك، إلى مَن نهاك وأمرك، وهذه الرقابة تجعل المؤمن سالكًا خيرَ سبيل وأفضلَ طريق، وعندها ستحفظُك وتَحميك، وتقاتل معك، فهل شعرْنا بذلك؟ هل تعلم أنَّ هناك من المؤمنين مَن لهم مع الملائكة عَلاقة كهذه؟


لقد ذكَر تعالى في القرآن الكريم، وذَكَر نبيُّنا وحبيبُنا صلى الله عليه وسلم بالأحاديث الصحيحة أنَّ هناك فريقًا من المؤمنين تلعنهم الملائكة - والعياذ بالله - ولا تقربهم ولا تدخل بيوتَهم.


فلا تدخُل الملائكة بيتًا فيه صورةٌ لذاتِ الأرواح، أو كلب - أكرمكم الله - ولا تدخل بيتًا تُسمع فيه الأغاني؛ لأنَّها مزامير الشياطين، أو تُفعل فيه المحرَّمات؛ لأنَّ الملائكةَ تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدمَ، فكلُّ شيءٍ يؤذي المؤمن تتأذَّى منه الملائكة.

ولا تدخل بيتًا فيه بول منتقع في طَسْتٍ؛ لقول نبيِّنا صلى الله عليه وسلم في ذلك.


وأنها تلعن أصنافًا من الناس، فإذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبتْ، فباتَ غضبانًا عليها، لعنتْها الملائكة حتى تُصْبح، فتصبح ملعونًا عليها، ولو كانتْ تصلِّي وتصوم.

وممن تلعنه الملائكة ذلك الذي يُشير إلى أخيه بحديدة أو سلاح.


ثم تلعن كلَّ مَن سبَّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فما بالك بمن يطعنُ بعِرْض نبيِّه، ويتَّهم عِرْضَه بالفواحش؟!

وأما من قَتَل عمدًا - وما أكثر القتل في بلادنا - فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين.


فاحذر - أخي المؤمن - من هذه الأفعال والأعمال والأقوال، وراقِبْ ربَّك الكبير المتعال.


أيها الأحبَّة، احرصوا على أن تكونوا ممن آمنوا بالملائكة حقَّ إيمانهم، فكانتْ أركان الإيمان ثابتة في قلوبهم مَهْمَا زادت الفِتن، وتعاقبتِ الْمِحَن، فإنَّ سبيلَ زوال الباطل وأهله بالثبات، فلنجعل شعارنا: "الثبات حتى الممات"، ومَن كان هذا سبيله، فليعلم أنَّه معه الملائكة "جنود الله".


فعلى سبيل المثال: إذا كان الرجلُ بأرضِ فلاة، فحانتِ الصلاةُ فليتوضَّأ، فإن لم يجدْ ماءً، فليتيمَّم، فإن أقامَ، صلَّى معه ملكاه، وإن أذَّن وأقام، صلَّى خلفه من جنود الله ما لا يَرى طرفاه، وهذا حديث رسول الله.


ومن هؤلاء وهم الصنف الثاني من الناس - الذين آمنوا بربِّهم - مَن أمَّن مع الإمام، فمن وافَق تأمينُه تأمينَ الملائكة، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه.

وهناك من يُحب أن يكلِّمه الملك، فيبشره بحبِّ الله له، وما أعظمَ هذه البشارة! فزُرْ أخاك في سبيل الله.


فإذا ما أردتَ ملكًا يبيتُ في شعارك - أي ما بين جسدك وثيابك - فبِتْ طاهرًا؛ فإنه لا يزال يستغفر لك حتى تُصبح، بل وملك يَحفظك إذا ختمتَ يومك قبل نومك بآية الكرسي، ولا يَقْربك فيها شيطان.


وإنَّ مِن وظائفهم حفظَ المؤمن؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا أوى الإنسان إلى فراشه، ابتدره ملكٌ وشيطان، فيقول الملك: اختم بخير، ويقول الشيطان: اختمْ بشرٍّ، فإذا ذَكَر الله حتى يغلبه - أي النوم - طَرَد الملكُ الشيطان وبات يكلؤه، فإذا استيقظَ، ابتدره ملك وشيطان، فيقول الملك: افتحْ بخير، ويقول الشيطان: افتحْ بشرٍّ، فإن قال: الحمد لله الذي أحيا نفسي بعد ما أماتها، طردَ الملكُ الشيطان، وظلَّ يكلؤه)).


فإني سائلك سؤالاً: بماذا تختم يومك وليلتك؟ بصلاة؟ بقراءة قرآن؟ بتسبيح؟


وهنيئًا لمن حمَل للدعوة همًّا، وبلغ آيةً أو سُنة، فها هو الحبيب يكرمه بقوله: ((إنَّ الله وملائكته، وأهل السموات والأرض، حتى النملة في جُحْرها، وحتى الحوت - لَيُصلون على معلمي الناس الخيرَ)).


ولا تنسَ، فإنَّ دعوتك لأخيك مُستجابة بظهر الغيب، عند رأسه ملك يؤمِّن على دعائه كلما دعا له بخير، قال: "آمين ولك بمثله".


وإذا كان يوم الجمعة، كان على كلِّ باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأوَّل، فإذا جلس الإمام، طووا الصحفَ، وجاؤوا يستمعون الذِّكْر.


وتشهد الملائكة صلاة الفجر، فهل أنت - أخي العزيز - ممن يؤلمك فواتُ ذلك الْجَمع الكريم، وقرآن الفجر إنَّ قرآن الفجر كان مشهودًا؛ أي: تشهده الملائكة؟

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله وحْدَه، والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحبه وجنده.


وبعدُ:

إخوتي الكرام، إنَّ الله أمرنا بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكة قُدْسه، وثلَّثَ من العالمين بإنسه وجِنه، فقال قولاً كريمًا؛ تعظيمًا لقَدْر نبيِّنا، وتفهيمًا لنا وتعليمًا؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


ومَن صلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم صلَّتْ عليه الملائكة؛ ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 43].


فصلوا على نبيِّكم، فالبخيل من ذُكِر عنده نبيُّه فلم يصلِّ عليه، اللهم صلِّ على محمد حتى ترضى، اللهم صلِّ على محمد حتى يرضى، صلاةً وسلامًا دائمين متلازمين إلى يوم الدين يا ربَّ العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإيمان بالكتب السماوية
  • الإيمان بالله تعالى
  • الإيمان باليوم الآخر
  • من تصلي عليهم الملائكة؟!
  • الإيمان بالملائكة
  • من أركان العقيدة .. الإيمان بالملائكة
  • الإيمان بالملائكة
  • الإيمان بالملائكة عليهم السلام
  • الإيمان بالملائكة والكتب
  • عالم الملائكة عالم العجائب (خطبة)
  • وظائف وأعمال الملائكة مع الأدلة
  • أسئلة عامة عن الملائكة
  • ماذا يشمل الإيمان بالموت؟
  • تعريف الملائكة
  • ذكر أعمال الملائكة في جزء عم
  • آيات عن الملائكة
  • خطبة مختصرة عن الإيمان بالملائكة
  • من أدلة الإيمان بالملائكة
  • الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم
  • الإيمان بالملائكة وأثره في القلب
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالملائكة
  • الملائكة الموكلون ببني آدم
  • الإيمان بالملائكة (خطبة)
  • خطبة: الإيمان بالملائكة
  • عبادة الملائكة
  • صحبة الملائكة للمؤمنين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • كيفية الإيمان بالملائكة عليهم السلام(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • الإيمان بالله، وبملائكته عليهم السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالأنبياء عليهم السلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بمعجزات الرسل، والحكمة من إرسالهم عليهم السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالرسل عليهم السلام(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • الإيمان بالأنبياء والرسل عليهم السلام(مقالة - موقع مثنى الزيدي)
  • الإيمان بالكتب السماوية(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في الشوق إلى دار السلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أركان الإيمان: الإيمان بالملائكة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أصول الإيمان: الإيمان بالملائكة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر واجب
الحمد لله أبو الرجال - مصر 14-01-2016 02:42 PM

بارك الله لكم وعليكم وزادكم من علمه

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب