أين إستراتيجيات الكتابة في القرائية؟

أين إستراتيجيات الكتابة في القرائية؟

الكتابة في القرائية بين ما هو كائن وما يجب أن يكون

(1)

عندما تستعرض هدفَ القرائية تجدُه النهوض بمستوى التلاميذ في القراءة والكتابة؛ إذ لا فصل بينهما فنيًّا ولا عمليًّا، لكنك إن بحثتَ عن الكتابة فلن تجد لها نصيبًا في القرائية إلا وجودًا رمزيًّا، مظهره مقرر الإملاء والتدقيق في كتابة الحروف في الصف الأول؛ كما في "الدليل الإرشادي لتنمية مهارات القراءة للصف الأول الابتدائي" بجزْأَيْه.

أما إستراتيجيات النهوض بالكتابة لمن هو متعثر فلا يوجد لها ذكر حتى في "برنامج تحسين مهارات القراءة والكتابة لتلاميذ الصفوف العليا بمرحلة التعليم الأساسي"، على الرغم من تعدُّد إستراتيجيات القراءة الخاصة بالصوت، والكلمة، والموضوع.

فلِمَ لا توجد إستراتيجيات متعددة للكتابة؟

ألأن هناك الخط والإملاء؟

إن كان السبب ذلك فهل يكفي الخط والإملاء لإنهاض كبوات الذين يعانون صعوبات التعلم الكتابية؟

لا.

لِمَ؟

لأن الإملاء لا يصاحب مقرره طرق أداء تدريسية إلا مقياس السرعة الذي يُعيِّنُ كتابةَ عدد كلمات في الدقيقة، ويحدد نسبة الصحة فيها بما لا يقل عن 75%.

إن كان هذا المقياس - مقياس السرعة - يخصُّ المتميِّزين فماذا عن غيرهم الذين يحتاجون إلى طرق تدريسية مختلفة؛ تُهيِّئ للمعلم الفرصة الكافية للتحرك المرن اللازم للإفهام والتعليم؟

لماذا لا تهتمُّ وزارة التربية والتعليم بإستراتيجيات الكتابة اهتمامَها بإستراتيجيات القراءة؟

قد يقول قائل: إن التلميذ يستخدم إستراتيجيات القراءة شفويًّا وكتابيًّا، وأقول له: أيكفي هذا؟ إن هذا قد يلائم المتميِّزَ الذي يتعلم تعلُّمًا ذاتيًّا غيرَ مباشر، فماذا عن تعليم الكتابة تعليمًا مباشرًا على وَفْقِ إجراءات التدريس المباشر: "اسم المهارة، وهدفها، والنموذج، والممارسة الموجهة، والممارسة المستقلة، والتطبيق، والتقويم".

(2)

يحدُثُ هذا على الرغم من كثرة الإشارة إلى تلك الطرق في كتب تدريس اللغة العربية؛ مثل كتاب "تعليم اللغة العربية بين النظرية والتطبيق" للدكتور حسن شحاتة، (ص 335 - 345)، وقد ذكر الدكتور عادل عجيز في كتابه "محاضرات في إستراتيجيات التدريس المتقدم" العديد من تلك الطرق التدريسية، وكذلك في كتاب "تعليم اللغة العربية في التعليم العام وتطبيقاته الإجرائية" للدكتورة هدى محمد إمام صالح.

لكن الأستاذ إبراهيم رشيد ذكر الأمر ذكرًا محددًا مؤطَّرًا مستوعبًا في موقعه المُعنْوَنِ بـ"نمائية إبراهيم رشيد" الذي رابطه:

http://alrashid2222gmailcom.blogspot.com/2010/08/blog-post_7467.html

كيف؟

أورد المبادئ العامة اللازمة، وهي:

1- علِّم في وحدات صغرى: عَلِّم ثلاث كلمات بدلاً من أربع أو خمس كلمات في اليوم.

2- هيِّئ تمرينًا وتغذية راجعة كافيَيْنِ: إن محاولات الطلبة في تهجية الكلمات تحتاج تشجيعًا إيجابيًّا، وتغذية راجعة محددة، ويعتمد شكلها على مستوى معرفة الطالب.

3- اختر كلمات مناسبة: إن أهم إستراتيجية لتعليم التهجية هي ضرورة كون الطلبة قادرين على قراءة الكلمة، ومعرفة معناها.

ثم ذكر الطرق التي سأذكرها كما أوردها بتصرف يسير، يتصل ببعض التصحيحات اللغوية كالآتي:

أولاً- طريقة التصور الذهني:

هذه الطريقة في التهجية تُعلِّمُ الطلبة تخيُّل التهجية الصحيحة للكلمة كوسيلة للتذكُّر، وإجراءاتها كالآتي: يكتب المعلِّم على السبورة، أو على قُصاصة ورقيَّة كلمة يَستطيع الطالب قراءَتها، ولكنه يعجز عن تهجيتها، ثم يقرأ الطالب الكلمة بصوت عالٍ، ثم يقرأ الطالب حروف الكلمة، ثم ينسخ الطالب الكلمة على الورقة، ثم يطلب المعلمُ من الطالب أن ينظر إلى الكلمة جيدًا، ثم يطلب المعلم من الطالب أن يُغلِقَ عينَيْه، ويتهجَّى الكلمة بصوت عالٍ، متصورًا الحروفَ في أثناء تهجيته لها، ثم يطلب المعلم من الطالب أن يكتبَ الكلمة ويطابقَها مع النموذج للتيقُّنِ من صحتها.

ثانيـًا- طريقة خَمس الخطوات في دراسة الكلمة:

تتطلَّبُ هذه الطريقة من الطالب أن يتعلَّم، ويُكرِّرَ الخطوات الخمس الآتية، ويتدرب عليها مع المعلم، ثم يقوم بالتدريب عليها وحده.

وهذه الخطوات هي: قُلِ الكلمة، وانسَخِ الكلمة وانطقها، ودقِّقْ في الكلمة، وتيقَّنْ من صحتها، وتتبَّع حروفَها وأنت تنطق بها، واكتب الكلمة من الذاكرة وتيقن من صحتها، وكرر الخطوات الخمس السابقة.

ثالثـًا - طريقة جونسون ومايكل بست:

يُعلَّمُ على وفق هذه الطريقة تعليمًا تدريجيًّا، بحيث تكون الخطوات كالآتي:

1- تعرف الكلمة الجديدة: ويمكن تعليم خطوة تعرف الكلمة بعرض كلمة على الطلبة، وبعد ذلك كتابة الكلمة مع عدة كلمات ليست لها صلة بها، ثم تكليف الطلاب بوضع دائرة على الكلمة التي رأَوْها في الوقت السابق، ويمكن جعل هذا العمل أكثر صعوبة بكتابة كلمات شديدة الشبه بالكلمة المستهدفة.

2- ثم يتذكَّرُها المتعلمون تذكُّرًا جزئيًّا، فيمكن كتابة الكلمة الصحيحة، ثم يكتب تحتَها الكلمة وقد حذَف منها بعضَ الحروف مع ترك فراغات، يُماثِلُ عددُها عددَ الحروف المحذوفة، كما يأتي: كتاب: كتا...، كـ...

3- ثم يتذكرها المتعلمون تذكرًا كليًّا، فيطلُبُ منهم أن يكتبوا الكلمة بعد لفظها من طالب آخر، أو كتابة الكلمة في جملة.

هذه الطريقة تجعلُ الطلبة يُركِّزون في التفاصيل المتعلقة بالكلمة، ويقترح الباحثان ضرورة التزام المعلم بلفظ الكلمة ببطء شديد، مُؤكِّدًا في النطق كلَّ مقطع.

رابعـًا- طريقة الإغلاق في التهجية:

وخطواتها كالآتي:

1- انظر وادرس: تُعرَضُ على الطالب الكلمةُ مدونة على بطاقة، فينظر إلى الكلمة، ويدرس الحروف وترتيبها في الكلمة.

2- عرض الكلمة نفسِها مع حذف أحد حروفها (مثل حرف المد).

3- اكتب حروف المد المحذوفة: تُعرض على الطالب بطاقة أخرى مُدوَّنٌ عليها الكلمة نفسها، مع فراغات محلَّ حروف المد في الكلمة؛ ليكتب الطالب الكلمة الكلية مالئًا الفراغات بحروف المد المحذوفة.

4- اكتب الحروف الصحيحة المحذوفة: تُعرَضُ على الطالب الكلمةُ، وقد حُذف منها حروف ساكنة؛ ليكتب الطالب الكلمة كاملة بملء الفراغات بالحروف الصحيحة المحذوفة.

5- اكتب الكلمة: يكتبُ الطالب الكلمة من الذاكرة دون الاعتماد على النموذج.

خامسًا - الإستراتيجية أو الطريقة الهرمية في الإملاء:

♦ عرض كلمة في بطاقة مثل كلمة (مشهورة)، ثم قراءة الكلمة بصوتٍ واضح، ثم تحليل الكلمة إلى حروف مفردة، ثم كتابة حروف الكلمة منفردة، ثم وضع الحروف في مجموعاتٍ كل مجموعة مكوَّنة من حرفين، ثم نقومُ بكتابة المجموعة الأولى، ثم المجموعة الثانية ثم المجموعة الثالثة، ثم كتابة الكلمة من دون نموذج.

سادسـًا - الطرق التعددية الحواس:

1- طريقة فيرنالد:

يكتب المعلم الكلمةَ التي سيتعلَّمُها الطالب على السبورة أو الورقة، ويمكن اختيار الكلمة من كتاب التهجية، أو من قِبَل الطالب نفسه، ثم يلفظ المعلم الكلمة بوضوح، ويُكرِّرُ الطالب لفظ الكلمة وهو ينظر إليها، ويُكرِّرُ هذا الإجراء عدَّة مرات، ثم يُتيحُ المعلم وقتًا للطالب لدراسة الكلمة من أجل تذكُّرها لاحقًا، وإذا كان الطالب مُتعلِّمًا حركيًّا فإن المعلم يَكتُبُ الكلمة بقلم (فلوماستر) ويجعل الطالب يُمرِّرُ إصبعه فوق حروف الكلمة، وترى فيرنالد أن تتبع الحروف بالإصبع ضروريٌّ في تعلم التهجية - بخاصة عندما تترافق صعوبة التهجية بصعوبة القراءة - ثم يبعد المعلم الكلمة، ويكلف الطالب بكتابتها من ذاكرته، ثم يقلب الطالب الورقة، ويكتبها مرة ثانية، ثم يعطي المعلم تمرينات في التهجية مكتوبة لا شفهية.

2- طريقة جلنجهام وستيلمان:

يلفظ المعلم الكلمة ببطء شديد وبوضوح، ويكرر الطالب الكلمة بعد المعلم، وهو ما يُسمَّى بكلام الصدى أو المحاكاة، ثم يسأل المعلم عن الصوت الذي يسمعه أولاً، ثم الصوت الثاني، وهكذا بالنسبة إلى بقية حروف الكلمات الأخرى، وهو ما يُسمَّى التهجية الشفوية، ثم يطلب المعلم من الطالب أن يُعين بطاقة الحرف المُدون عليها الحرف الأول، ومن ثَمَّ يكتب هذا الحرف، وهكذا يستمر حتى يعثر على جميع حروف الكلمة، وهذا ما يُسمَّى بالتهجئة المكتوبة، ثم يقرأ الطالب الكلمة، وفي أثناء الكتابة يتهجَّى الكلمة، وهذا يُؤسِّسُ لدى الطالب ما يُسمَّى بالترابط البصري السمعي الحركي.

سابعـًا- إستراتيجية فتجوند:

♦ انطق الكلمة، ثم انظر إلى الكلمة بتمعُّنٍ، ثم تصوَّرِ الكلمة وأنت مغمض العينين، ثم غَطِّ الكلمة، ثم اكتبها على ورقة خارجية، وإذا كان الإملاءُ خاطئًا فأَعِد الخطوات السابقة.

ثامنًا- إستراتيجية هورن:

♦ انطق الكلمة بعناية، ثم انظر بتمعُّنٍ إلى كل جزء من أجزاء الكلمة خلال نطقها، ثم انطق حروف الكلمة نطقًا متسلسلاً، ثم حاول تذكُّرَ شكل الكلمة، ثم حاول تهجيها، ثم أَعِدِ النظر إلى الكلمة، ثم اكتب الكلمة في ورقة أو دفتر خاص، ثم أعد الخطوات إذا حدث خطأ إملائي.

تاسعًا- إستراتيجية التصور البصري:

♦ عرضُ الكلمة على التلميذ على السبورة، ثم قراءة الكلمة، ثم قراءة حروف الكلمة قراءة منفصلة، ثم كتابة الكلمة نقلاً من السبورة، ثم النظر إلى الكلمة وأخذ تصورٍ فكريٍّ لها (تخزينها في الذاكرة البصرية قصيرة المدى)، ثم إغلاق العينين وتهجي الكلمة جهرًا مع تحليل حروف الكلمة، ثم كتابة الكلمة عن ظهر قلب.

عاشرًا - إستراتيجية غطِّ الكلمة واكتُبها:

♦ انظر إلى الكلمة وانطقها، ثم غطِّ الكلمة واكتبها مرة واحدة، ثم افحص عملك، ثم اكتب الكلمة مرتين، ثم اكتب الكلمة مرة واحدة، ثم افحص عملك، ثم اكتب مرة واحدة، ثم افحص عملك.

حاديَ عشر- إستراتيجية الكتابة على الرمل:

♦ يكتب المعلم الكلمة على السبورة، ثم يطلب من التلميذ النظر إلى الكلمة بتمعُّنٍ، ثم يطلب من التلميذ كتابةَ الكلمة على الرمل نقلاً من السبورة، ثم يطلب من التلميذ التيقُّنَ من صحة كتابة الكلمة، ثم يطلب من التلميذ مسحَ الكلمة من على الرمل، ثم يطلب من التلميذ كتابةَ الكلمة عن ظهر قلب على الرمل، ثم يطلب من التلميذ التيقن من صحة الكلمة، ثم يطلب من التلميذ كتابة الكلمة عن ظهر قلب على ورقة خارجية، ثم إعادة الخطوات السابقة إذا كان الإملاء خاطئًا.

ثانيَ عشر- إستراتيجية (قل واكتب):

♦ يعطى التلميذ قائمة من الكلمات لدراستها دراسة فردية، ثم يُطلب من التلميذ كتابة هذه الكلمات قبالة المعلم، ثم تُصحَّحُ الأخطاء التي وقع فيها التلميذ من قِبَل المعلم، ثم يطلب من التلميذ نطقَ الكلمات الخاطئة مع كتابتها في آن واحد حرفـًا حرفـًا خمسَ مرات، ثم يطلب من التلميذ كتابة الكلمات كاملة مرة أخرى، ثم يطلب من التلميذ كتابة الكلمات الخاطئة عشر مرات مع نطقها وكتابتها في آنٍ واحد، ثم يُطلب من التلميذ كتابة الكلمات كاملة مرة أخرى، ثم يطلب من التلميذ كتابة الكلمات الخاطئة خمسَ عشرة مرةً مع نطقها وكتابتها في آنٍ واحد، ثم يطلب من التلميذ كتابة الكلمات كاملة مرة أخرى.

ثالث عشر- إستراتيجية تطوير مهارة التهجي:

♦ اكتب كلمة غيرَ معروفة للتلميذ على السبورة أو على ورقة، واقرأها؛ مثلاً: (ثعلب)، ثم اطلب من التلميذ أن ينظر إليها ويُسمِّيَها (ثعلب)، ثم اطلب منه أن يَتَتبَّع أحرف الكلمة ويرسمَها في الهواء وهو ينظر إليها، واسمح للتلميذ أن يُسمِّي كلَّ حرف من حروفها، وهذا الإجراء يمكِّن التلميذ من تصور الكلمة تصورًا أكثر دقة، ثم امسح الكلمة أو غطِّها، واطلب منه أن يرسمها في الهواء ويقرأها في الوقت نفسه (ثعلب)، ثم أعد الخطوة الثالثة - إذا كان ضروريًّا - ثم اجعل الطفل يتتبع الكلمة ويرسمها في الهواء ويلفظها في الوقت نفسه إلى الحد الذي يشعر فيه الطفل بأنه قادر على تذكُّرِها تذكُّرًا صحيحًا، ثم اطلب من التلميذ أن يكتب الكلمة من الذاكرة، و ينطقها، ثم أَعِدْ هذا الإجراء عند الضرورة، ثم ادرس كلمة أخرى بالطريقة نفسها: (مسجد)، ثم اطلب من التلميذ أن يرسم الكلمة في الهواء، ومن ثَمَّ يكتبُها من الذاكرة (مسجد)، ثم إن فشل التلميذ فأعد الخطوات من 2 إلى 7.

وعندما يكون الطفل قد تعلَّم تهجية الكلمة الأولى وكلمة أخرى من الذاكرة، اكتب الكلمة بالدفتر الخاص بتقدم الطفل الذي يُعد سجلاًّ خاصًّا وبرنامجًا للمراجعة، ويستخدم أيضًا لتسجيل عدد الكلمات التي تعلمها التلميذ كل يوم.

(3)

بمثل هذه الإستراتيجيات يحدثُ الإثراء التعليمي التعلُّمي للمعلم والتلميذ في آنٍ، فهل تستدرك الأدلة الإرشادية والقائمون عليها هذا الأمر؟

أدعو!