وضع المستمع الداخلي في الإذاعة المدرسية من جانب المدة الزمنية

وضع المستمع الداخلي في الإذاعة المدرسية من جانب المدة الزمنية

وأقصد بالمدة الزمنية وقت بداية الإذاعة إلى نهايتها والذي لا يتجاوز ربع الساعة في أغلب الأحيان في أكثر المدارس وهو الوقت المخصص لها في النظام - نظام وزارة التربية والتعليم في المملكة - ولا أعتقد أنه يختلف في غيرها من البلدان، وهذا الوقت - وقت الإذاعة- هو حق مشترك حيث يشترك فيه المستمعون والخطباء، أي يشترك فيه طلاب المدرسة كلهم الذين يستمعون للإذاعة، وكذلك طلاب جماعة الإذاعة الذين يقومون بإعدادها؛ فمن حقهم أخذ كامل وقتهم - ربع الساعة- في إظهار مواهبهم، وقدراتهم وإبداعاتهم، كما أنه أيضًا من حق بقية الطلاب -المستمعون- الاستمتاع بالإنصات والاستفادة من برامج الإذاعة بكامل وقتها - ربع الساعة- إلا أن الواقع وللأسف الشديد في كثير من المدارس هو أن هذه الدقائق الذهبية المعدودة من عمر اليوم الدراسي لا تعطى بالكامل؛ فأي تأخير في بداية اليوم الدراسي سواء بسبب تأخر الطلاب في الحضور أو الاصطفاف، أو حتى إطالة التمارين الرياضية، أو غيرها من الأسباب كل هذه الأسباب تجعل من أبسط الحلول لها ومن دون مبالاة وشعور أن يخصم من وقت الإذاعة الصباحية؛ فبدلا من ربع الساعة تخصم دقيقتان ليصبح الوقت 13دقيقة لغرض أن يتم دخول الطلاب للفصول قبل بداية الحصة واستعداهم لها، ثم تمتد اليد مرة أخرى لتسرق ثلاث دقائق ليصبح الوقت 10دقائق لغرض إعطاء وقت مناسب للمرشد الطلابي لمعاقبة وإخراج الطلاب المتغيبين والمتأخرين عن الدوام المدرسي، حتى وصل الأمر إلى أن أصبحت بعض الإذاعات وللأسف الشديد لا تتجاوز 7 دقائق، نعم 7 دقائق يا عباد الله، بالله عليكم ماذا ستفعل الدقائق السبع؟ ستجعل مشرف الإذاعة يعمل الآتي:

مثلاً: المقدمة: يجعلها دقيقة واحدة. لا تزيد.

• القرآن الكريم: يجعله دقيقة ونصف. لا تزيد.

• الحديث والحكمة: يجعلها دقيقة واحدة. لا تزيد.

• الكلمة الصباحية: يجعلها ثلاث دقائق. لا تزيد.

• الخاتمة: يجعلها نصف دقيقة. لا تزيد.

• المجموع سبع دقائق.

• طبعا في هذا الوضع لا مجال للإبداع والتعدد والتنوع في البرامج بل التحجيم والتصغير للإذاعة، ودورها.

• هذا فيما لو حذفنا أن أحد الطلاب أراد أن يأخذ نَفَسه في ترتيل القرآن، أو أن يبلع ريقه في الكلمة الصباحية فهذا لا مجال له، فالدقائق رخيصة جدًّا على كل شيء إلا على الإذاعة فهي تحسب بالثواني وربما أجزاء الثواني. وبعد هذا كله قد لا يسلم مشرف الإذاعة من اللوم أو التوبيخ في حال لو قام بزيادة دقيقة أو دقيقتين " وتشن عليه حملة " وهذا بلا شك دور سلبي من إدارة المدرسة، فهي المسؤولة أولاً وأخيرًا عن هذا الوضع المشين لمدة الإذاعة، والتي هي حقٌ بالدرجة الأولى والكبيرة لهؤلاء الطلاب الذين هم أمانة بين أيديهم فاتقوا الله، وأعطوا الإذاعة حقها، ولا تبخسوا الناس أشياءهم.

وأنا لم أقل هذا من فراغ فقد مررت بهذه الحالة نفسها، والتجربة خير برهان.

وقد أدهشني ما قرأته من شكوى إحدى المعلمات في إحدى الدول العربية، وتذمرها من نقص وقت الإذاعة، بل الحالة المزرية التي يمر بها البرنامج الإذاعي الذي لا يتجاوز... لا أريد أن أكمل حتى لا تصدموا، أترك لكم كلامها بنفسها تقول هذه الأخت:

زملائي الأعزاء:

سأقول جملة واحدة.. وسأرتقب تعليقاتكم بكل الشوق.

الوقت المخصص للإذاعة المدرسية بمدرستي هو... ثلاث دقائق وقد تم تحذيري من التطويل عن الدقائق الثلاثة.

فهل من مندهش؟؟!!

أقولها ولا يكف لساني...

وأسأل الله الصبر على ما ابتليت به. من سوء تقدير وقصور فهم لمتطلبات عملي الذي أراه يحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد، ويراه الآخرون مجالاً للسخرية والاستهزاء واستسهال ما يعجزون عن أداء جزء منه. ولكن ما قولي وهذا قضاء ربي.

فلقد تم تنبيهي إلى وجوب قصر فقرات الإذاعة بعد تعييني واستلامي العمل مباشرة وذلك بعد أول برنامج إذاعي قمت بتقديمه، وعلى رغم إعجاب البعض (القليل جدًا) بالفقرات المقدمة وما بها من ارتقاء عن المعلومات القصيرة البلهاء عن السمكة والفيل والزرافة.

وعندما حاولت عمل فقرات مسجلة تعرض مع الفقرات الحية أو إدخال بعض المؤثرات الصوتية للبرنامج الإذاعي أحسست بنظرات من حولي تتهمني بالجنون. وهاج المدرسون واتهمت بتطويل الطابور المدرسي عن اللازم حتى مل المدرسون وطالبوا بإلغاء الإذاعة المدرسية.

علمًا بأني كنت لا أزيد عن ست دقائق. حتى مللت من الدفاع عن حقي في ممارسة مهام مهنتي. وأقدم الآن الإذاعة كالآتي:

• مقدمة أو لا تقديم.

• ثم القرآن الكريم (لا يزيد عن ثلاث آيات قصار).

• ثم الحديث الشريف.

• ثم فقرة واحدة وحيدة تبحث عن أخرى تؤازرها فلا تجد.

• ثم خاتمة.

علما بأن برامجي الإذاعية يشيد بها كل لبيب ويقسم أنها مفيدة لمن سمعها وعقلها؛ بل ويستعيرها بعض المعلمين للاستفادة منها فأنا أكتب الفقرات الإذاعية على الحاسب الآلي وأطبعها في قصاصات مكتوب عليها الإذاعة المدرسية في محاولة يائسة مني بتفعيل النشاط وتطويره (والله المستعان).