• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تنمية المهارات
علامة باركود

محطات تطوير الذات

محطات تطوير الذات
د. سونيا الشامي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/9/2024 ميلادي - 8/3/1446 هجري

الزيارات: 1119

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

محطات تطوير الذات

 

إن فكرة هذا المقال أتت نتاج سنوات كثيرة من الدراسة والبحث، والتبحُّر في فنون العلوم النفسية والتربوية والإسلامية، وجَمْعِ ما يلزم منها لتطوير الذات، ثم تنقية كل ما جمعته، والاقتصار على ما هو عمليٌّ ومفيد، بعد رحلة تطوير ذات قمتُ بها شخصيًّا، أخذت من عمري سنينَ طويلةً، مررت خلالها بحالات مختلفة، وأديتُ أدوارًا درامية متعددة، كنت أنا ونفسي فيها على طرفَي النقيض، وكأننا في حَلْبَةِ ملاكمة، تُصيبني الحَيرة والتردد أحيانًا، واليقين والإقدام أحيانًا أخرى، فما كنت على أُهْبَةِ الاستعداد، إلا ووقعت أسيرةَ الغفلة والإهمال، ثم ما لبِثت أتأرجح بين البلادة والإلهام، والتذكر والنسيان، والهمة والانتكاس، إلا أنني استطعت أن أدوِّن ملاحظاتٍ وخواطرَ في دفاترَ خصَّصتها لمحاسبة النفس، وبعض الأوراق المبعثرة التي تُذكِّرني وتهيئني بشكل أو بآخر للأخذ بزمام الأمر من جديد، كلما قوِيَت نفسي وتاقت إلى الصعود في معارج الروحانية، والتزود من بحور العلم النافع، والعمل الصالح، فإن الله لا يُغيِّر ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم، وقد رأيت أن أشارك الناس خلاصة ما توصلت إليه من بحث نظريٍّ، وتطبيق عمليٍّ؛ لتعميم الفائدة، واختصار الجهد.

 

إن أكبر خطأ يقوم به الناس هو الْمُضِيُّ قدمًا في مشروع تطوير الذات، دون وقفة جِديَّة مع الذات، فكيف تحسِّن وتطوِّر ما ليس لك به علم؟ كيف تضع أهدافًا وخطة لحياتك، إن كنت لا تدرك الأسباب التي أدت إلى عرقلتها؟

 

قبل أن تطوِّرَ ذاتك، لا بد من اكتشاف خباياها ونواياها، لا بد من تحديد توجهاتها وتأثراتها، ولا بد من معرفة نقاط قوتها وضعفها، لا بد أن تسأل نفسك: من أنا؟ فإذا بالإجابة واضحة كالشمس، ثابتة كالبنيان، لا تَدَعُ مجالًا للشك، ولا تترك مساحة للحيرة.

 

لكن إن كانت الإجابة غير حاضرة في ذهنك، والرؤية مشوَّشة في عقلك، فثِقْ تمامًا أنك أحوج ما تكون إلى وقفة مع النفس، تسأل وتتبين، وتنتقد وتحاسب، والأهم من هذا كله تفكِّر وتخطِّط، وتتابع وتحسِّن، وإن كانت الإجابة غير واضحة لديك، وأحسست بانزعاج في قلبك، فأبْشِرْ، فقد أمسكت بطرف الخيط.

 

اعلم - عزيزي القارئ - أن تطوير الذات الحقيقي والشامل لا بد أن يمرَّ بثلاث محطات أساسية:

المحطة الأولى: إدراك الذات:

إن كان لديك ذلك الشعور البطيء والممل بأن هناك خطأً ما، لكنك لا تعلم ما هو، ولا تقوى على مقاومته، أو حتى التفكير فيه، فأنت في غفلة.

 

إن كانت نظرتك لنفسك سلبية للغاية، وتدرك أنك غير راضٍ عن حياتك، وأن مستوى طاقتك منخفض، وأن مستوى التوتر لديك مرتفع، لكن بلادة الحس واللامبالاة طاغية عليك، فأنت في غفلة.

 

إن كنت تدرك أن الانتقادات الموجَّهة ضدك من قِبَلِ الغير قد تكررت وبشكل كبير، وأدركت أن الإخفاقات زادت عن حدِّها، وأن الفشل حليفك، فأنت في غفلة.

 

قد تكون أيقنتَ أنك تواجه أزمة وجودية حقيقية وخطيرة، ومع ذلك، فإن هذا الشعور لم يقابله الإحساس بالحاجة إلى القيام بشيء ما حيال ذلك، ببساطة كنت تستسلم وتمضي قدمًا دون تغيير أو اهتمام، وكأن الأمر لا يَعْنِيك، فقد اعتدتَ على هذا الشعور، وأصبح جزءًا من ذاتك، رغم أنك ضقت به ذرعًا، بدأت تلاحظ انزعاجًا في القلب، يرافقه جمودٌ في الفكر، وركود في الفعل؛ استسلام تام.

 

أتعلم - عزيزي القارئ - بأن انزعاج القلب بحد ذاته ما هو إلا مقدمة لنهضة عقلية، وانتفاضة روحية؟

 

فانزعاج القلب هو بداية الصحوة.

 

اعلم أن انزعاج القلب ذلك تصاحبه أحيانًا نوبات مفاجئة من الصحوة، والانتباه من رَقْدَةِ الغفلة، تبدأ تدرك تفريطك في الوقت والجهد، وتتيقظ لِما فاتك من العمل، لكن شتات الفكر لا يُسعفك، فالْمِزاج السيئ والتوتر، والألم النفسي يصرف انتباهك إلى مثيرات أخرى، وتؤثر في عملية التفكير بحد ذاتها.

 

هل لاحظت بأنك تتعلل وتبحث عن المبررات التي تُبقيك في حالة الجمود الذي اعتدته؟ فأنت تدرك تمامًا أن أيَّ جهد فكري أو عملي يُخرجك من دوَّامة الصراع النفسي باتجاه تحقيق الذات، سيتوجب عليه الخروج من المألوف الممل، والخوض في المجهول المرعب؛ لذا تستثقل المهمة، وتستصعب الالتزام، وتُعرض عن السير إلى المقصود، بل لم تدرك بعدُ ما هو المقصود أصلًا.

 

لم تفهم بعدُ ولم تدرك بعدُ حقيقة هذه المشاعر أو أسبابها، ولم تعرف السبيل إلى الانتفاع بها، لكنها سرعان ما نضِجت وتطورت، ووصلت إلى مستوى الوعي، فبدأت الظهور بصفة مستمرة ومتكررة في الأفكار اليومية، دون اهتدائك لطرق ترتيب هذه الأفكار والاستفادة منها.

 

لكن الحياة تُلقي عليك أحيانًا بعض المواقف الصعبة التي تجعلك تغضب من نفسك، وهذه الطاقة الجديدة المكتشفة قد تثير لديك "الحاجة" إلى التغيير، بدأت تنتقل من الإحساس بالحاجة إلى التغيير إلى "الرغبة" القوية في القيام بشيء ما، لكن دون تصور واضح للطريق أو الطريقة، فمن أين تبدأ، وماذا تفعل؟

 

اعلم - عزيزي القارئ - أن "النية" الصادقة المخلصة، وأخذ "القرار" باتخاذ الطريق الموصِّل لمعرفة الذات وتحقيقها، يستلزم استجماعًا قويَّ الإرادة على الفعل، فأنت تريد أن تكون أفضل نسخة من نفسك، لكنك لا تعرف الطريقة التي ستحقق لك هذا "المراد".

 

اعلم - عزيزي القارئ - أن كل ما مررت به من انزعاج في القلب، وشتات في الفكر، ما هو إلا الخطوات الأولى لليقظة من الغفلة التي عرقلت سيرك، وأن الوقت قد حان لاتخاذ القرار الحازم، وليس باستطاعتك أن تتخذ أي قرار، أو أن تستجمع قوى الإرادة، إلا عند وجود الرغبة الملحَّة للتغيير.

 

إن النية الصادقة، وصدق الإرادة، وشحن الهمة، هو كل ما تحتاجه لاتخاذ أولى خطواتك في السير في طريق "تطوير الذات"، فابدأ ولا تنسَ التوكل على الله؛ ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 159].

 

في مشروع تطوير الذات، لا بد أن نسأل أنفسنا الأسئلة الصحيحة، ونُمعن النظر فيها، ونقف على معانيها من جميع الجوانب، ونستدل بذلك التأمل على فَهمٍ أعمقَ لحقيقة ذواتنا.

 

كلنا نظن بأننا نعرف ذواتنا، لكننا حقيقة لا نعرف سوى القشور الخارجية التي فرضها علينا المجتمع، هل أنت "فلان ابن فلان"؟ هل أنت "أبو فلان" أو "أم فلان"؟ هل أنت كنيتك؟ هل أنت لقبك؟ هل أنت اسم وظيفتك؟ هل أنت مركزك الاجتماعي؟ هل أنت أخطاؤك؟ هل تحددت خبرتك بعدد سنين عمرك؟ هل تستمد قيمتك من شكلك؟ من نسبك؟ من شهادتك؟ من عملك؟ من وضعك الاقتصادي؟ ما المعيار الذي تحكم به على نفسك، وعلى ظروف حياتك، وعلى من حولك؟ وما المعيار الذي تحتكم إليه عند اختلاط الأمور، وتراكم الشدائد؟ من سندك؟ ومن قدوتك؟

 

هل سألت نفسك يومًا عن الهدف من وجودك؟ هل تساءلت عن نهايتك؟ هل أمعنت النظر في ماضيك؟ وهل أتبعتَ ذلك بالدروس والعبر؟ هل لديك رؤية واضحة لمستقبلك؟ هل خططت لتحقيق أهدافك؟ وهل تعرف ما هي تلك الأهداف؟ هل لديك منظومة قيم واضحة تؤمن بها وتعيش بها، وتدعو إليها؟

 

هل استوقفتك يومًا آيات الله: ﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ﴾ [الروم: 8]، ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات: 21]؟ هل تفكرت؟ هل تبصَّرت؟ هل تدبَّرت؟

 

هل استوقفتك يومًا آيات الله: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ﴾ [البقرة: 235]، ﴿ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 284]، ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل: 20]؟ هل تعلم ما في نفسك من خبائثَ؟ هل تعلم ما في نفسك من خير؟ هل حاسبت نفسك يومًا؟ بل هل تحاسب نفسك يوميًّا؟

 

هل استوقفتك يومًا آيات الله: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 7 - 10]؟ هل تعرف معنى الفجور؟ التقوى؟ الفلاح؟ التزكية؟ التدسية؟ وإن كنت تعرف معانيها، فهل أنت سائر في طريق تزكية النفس أم تدسيتها؟ وهل تعرف السبيل لتزكية النفس؟

 

ماذا عن "عقلك"؟ ما دوره؟ بماذا أنت منشغل؟ ما هو "المقصود" الذي تسير إليه؟ ما "الهدف" الذي يوجه حياتك؟ ما هي "العلائق" التي تتمسك بها؟ وهل فيها مصلحة أم مفسدة؟ وما هي "العوائق" التي تقف في طريقك؟ هل أنت سعيد؟ هل أنت راضٍ عن نفسك؟ هل أنت راضٍ عن حياتك؟ متى تأخذ خطوة لتُحدِث فرقًا في حياتك؟ وما هي تلك الخطوة؟

 

قد يبدو الأمر غريبًا للوهلة الأولى، لكن تحدَّ نفسك واسألها، دع هذه الأسئلة تخاطب عقلك، وتناقش فهمك، وتستعرض حياتك، وتجوَّل بفكرك في عالم النفس، وتثير فضولك في عالم المعاني.

 

هذه الأسئلة لا بد لنا من وقفة مع النفس للإجابة عنها، ولا بد لنا من انتفاضة روح للبحث عن معانيها.

 

المحطة الثانية: تقدير الذات:

اعلم - عزيزي القارئ - أنك مخلوق في أحسن تقويم، فجسدك وروحك، وقلبك وعقلك نعمة منَّ الله بها عليك، وأمرك بحفظها ورعايتها، واعلم أن البيئة التي نشأتَ بها لم تكن باختيارك؛ فعائلتك، ونسبك، والوضع الاقتصادي، وظروف البلد، وثقافة المجتمع الذي نشأت به لم يكن باختيارك، إنما رُزقتَه ابتلاءً؛ فاحمَد الله على ذلك، وارضَ ولا تسخط إن كانت أقل مما تطمح إليه، وركِّز تفكيرك فيما يمكنك التحكم به وتغييره، انظر في ماضيك وحاضرك، كن شجاعًا واعترف بآلام الماضي، والأخطاء التي وقعت بها، وخذ العِبرة من تلك الخبرة، وانظر للمستقبل بعين الأمل لا الخوف، واعزم على فعل ما يمكنك فعله الآن لبناء وتحقيق ما تطمح إليه غدًا.

 

راقب فكرك وشعورك وسلوكك، وكن على وعيٍ بردود فعلك وبرمجتك العقلية، حدِّد نقاط قوتك، ودعها تعزز ثقتك بنفسك، وحدد نقاط ضعفك، ودعها تلهمك للتغيير.

 

الآن وقد تأملت في ذاتك، عليك النظر إليها بما تستحق من اعتبار، ولا يتم ذلك إلا بفهم الأسباب التي أوصلت ذاتك إلى ما هي عليه الآن، وفهم البرمجة العقلية التي شكَّلت شخصيتك، وخصائص نفسك، والابتلاءات التي مررت بها، وفهم دورها في اكتشاف حقيقة هذه الحياة، ودورك أنت فيها، وكن دائمًا على يقين بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.

 

واحرص على تقييم ذاتك بموضوعية، بحيث لا تكرهها، ولا تحطَّ من شأنها، سواء بالقول أو الفعل، قم بتقييم الصالح والطالح من القول والفعل، والفكر والمشاعر والسلوك، ثم تقبَّل الإيجابيات، مع العزم على تقويتها وتعزيزها، واعترف بالسلبيات، مع العزم على إصلاحها، ولا تقبل أبدًا أن تعيش دور الضحية، فأنت مهيَّأ قلبًا وقالبًا للعيش بكرامة، وكرامتك بإيمانك، وقيمتك بتقواك.

 

المحطة الثالثة: تقويم الذات:

والآن عزيزي القارئ، بعد أن عرفت ذاتك، وفهمتها، وأحسنت تقييمها، وقدَّرت وضعها، أصبح بالإمكان تقويمها، وبناؤها، وإصلاح ما أفسده الدهر، والسبيل إلى ذلك يبدأ بمحاسبة النفس على تقصيرها، والتوبة من الذنوب والخطايا، كن شجاعًا في مواجهة نفسك الأمَّارة بالسوء، ولا تنخدع بهوى النفس، وإغواء الشيطان، فلا إصلاح إلا بالانضباط وجهاد النفس.

 

اجعل لنفسك قيمًا أخلاقية تعيش بها ولها، تثير لديك الدافعية للعمل والمتابعة والتغيير.

 

وابدأ بتحديد أهدافك، ورسم خطة التنفيذ العملي، ولا تندفع وراء الأهواء، بل اجعل هدفك واضحًا وواقعيًّا، وحدد الخطوات السهلة الموصلة للهدف.

 

كن على وعي بأدوات التغيير، وبكيفية إدارة التغيير، وتطبيق القيم.

 

واعلم أن النجاحات الصغيرة تعطي دوافع وحوافز للمُضِيِّ قُدُمًا، فاحتفل بها وقدرها، واحمد الله عليها، واسأله البركة فيما رزقك، واجعلها تلهمك بأفكار جديدة، عندها تُفتَح الأبواب المغلقة، وتُتاح الفرص الجديدة، كن شجاعًا في اغتنام الفرص، وحافظ على هدوئك واتزانك وتواضعك.

 

ومع كل نجاح صغير، ومع كل إخفاق صغير في خطوة من خطوات السير، تتبلور الأفكار والأهداف، ويتبين الممكن منها من المستحيل، وتتوضح معالم الطريق، وتعرف البيئة الصالحة من الفاسدة، وهذا ضروري لإعادة التقييم والتقويم، وإعادة ضبط الأمور، فلا تفقد العزم، ولا تيأس، بل ثابِرْ، وحلل أسباب الانتكاس أو الكسل أو الفشل، وسارع لإيجاد الحلول والتعديلات والبدائل؛ فهذه مرحلة الصيانة الشاملة لكل ما خططت له، ونفذته حتى الآن.

 

ومع الصيانة يبدأ التطوير، فتطوير الذات هو آخر مرحلة نقوم بها بعد الإصلاح والبناء، ولا تقوم إلا بوعي، ورؤية واضحة، ولا تتم إلا بمعرفة، وتجرِبة، ولا تنجح إلا بإصرار ومتابعة حتى تصبح عادة.

 

وأخيرًا...

اعلم - عزيزي القارئ - أن الغفلة هي سبب ضياع البركة من العمر، لا بد لنا من معرفة علم تزكية النفس ابتداءً بفهم عيوبنا؛ كي نستعين بالله في الأخذ بأسباب تطهير النفس منها، والتحلي بما يرضي الله من الصفات والأفعال.

 

لا بد لنا من خطة إصلاح شاملة، تهدف إلى محاسبة النفس على إفراطها وتفريطها، وعلى مساوئها وتقصيرها؛ عسى أن تتفتح عين البصيرة على ما مضى من سنين العمر، ويرزقنا الله سبحانه وتعالى الحكمة لتصحيح المسار، والصبر على مشقة جهاد النفس وتزكيتها؛ حبًّا في التقرب منه سبحانه، ونيل رضاه والجنة، فنعم المولى ونعم النصير.

 

لا بد لنا من وقفة مع الذات، نغوص في أعماق النفس، ونسبر آفاق الروح، ونحفر في باطن العقل، ونحقق في خفايا القلب، نتأمل، نتساءل، نتعجب، ونستنير بهدي النور الإلهي، لعلنا نصل إلى الحقيقة التي انطوت فينا، فنرتقي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مهارات تطوير الذات
  • المسلم بين تطوير الذات والاستسلام للقدر
  • من فنون تطوير الذات
  • العلوم التربوية: طريق إلى تطوير الذات

مختارات من الشبكة

  • محطات التحول في الحياة وكيف نستثمرها(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • محطات في رحلة البرازيل (17) - استخرت الله(مقالة - المسلمون في العالم)
  • خواطر وعبر.. محطات في حياة الشيخ الألباني (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • محطات من مسيرة حياة أستاذنا: العلامة محمد أحمد الدالي(مقالة - موقع أ. أيمن بن أحمد ذوالغنى)
  • محطات تربوية لبناء الإنسان(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • محطات يجب الحذر منها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أول محطات العام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محطات وزن الأفكار!(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • وقفات تأملية عند محطات تربوية تعليمية قرآنية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من محطات طريق الحج: قلعة تبوك العثمانية(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب