• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالله بن حمود الفريح / بحوث ودراسات
علامة باركود

تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (20)

الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/2/2010 ميلادي - 8/3/1431 هجري

الزيارات: 15118

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

86- قال المصنف - رحمه الله -:
"ومِنَ السُّنَّةِ: تَوَلِّي أصحابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ومحبَّتُهُم، وذِكْرُ محاسنِهم، والتَّرَحُّمُ عليهم، والاستغفارُ لهم، والكَفُّ عن ذِكْرِ مسَاوئِهِم، ومَا شَجَرَ بَيْنَهُم، واعتِقادُ فَضْلِهِم، ومعرِفةُ سابِقَتِهم؛ قال الله - تعالى -: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمان وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا}
[1]، وقال - تعالى -: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[2]".



الشرح

المبحث السادس: ما ينبغي على المسلم للصحابة وما جرى بينهم:  
تعريف الصحابي:
الصحابة: جمع صحابي، واختُلِف في تعريف الصحابي، وأصح ما قيل، وهو المعتمد عند المحدثين، وذكره ابن حجر، حيث قال: وأصح ما وقفتُ عليه من ذلك أن الصحابي: من لَقِيَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مؤمنًا به، ومات على ذلك.

فيدخل فيمن لقيه: من طالتْ مجالستُه له أو قَصرتْ، ومن روى عنه أو لم يَرْوِ عنه، ومن غزا معه أو لم يَغْزُ، ومن رآه رؤيةً ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارضٍ كالعمى.
ويخرج بقيد الإيمان: من لقيه كافرًا ولو أسلم بعد ذلك، إذا لم يجتمع معه مرة أخرى.

وقولنا: مؤمنًا به: يخرج من لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة.
وخرج بقولنا: ومات على الإسلام: من لَقِيَه مؤمنًا به، ثم ارتدَّ، ومات على ردَّتِه - والعياذ بالله - وقد وُجِدَ من ذلك عددٌ يسير؛ كعُبَيِدالله بن جحش، وعبدالله بن خَطَل.

ويدخل فيه - أي: في مفهوم الصحابي - من ارتدَّ وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت، سواء اجتمع به - صلى الله عليه وسلم - مرة أخرى أم لا.
وهذا هو القول المعتمد، وهذا التعريفُ مبنيٌّ على الأصحِّ المختار عند المحققين؛ كالبخاري، وشيخه أحمد بن حنبل، ومن تبعهما، ووراء ذلك أقوال أخرى شاذَّة"، انتهى كلام ابن حجر - رحمه الله[3].

ما ينبغي للصحابة على المسلم:
ينبغي على المسلم أن يُدْرِك فضْلَ الصحابة، وعِظَم شأنهم، وتقدَّم بعضُ النصوص في فضلهم، فللصحابة فضلٌ عظيم على هذه الأمة؛ حيث قاموا بنصرة الله ورسوله، والجهاد في سبيله بأموالهم وأنفسهم، حَفِظوا الدين بحفظ الكتاب والسنة، فكانت حياتهم على الكتاب والسنة، عِلمًا وعَمَلاً ونقلاً حتى بلَّغوا الأمة؛ ولذا أثنى الله عليهم بقوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}[4]، ودافع عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((لا تَسُبُّوا أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده، لو أنفق أحدُكم مِثْلَ أُحُدٍ ذهبًا، ما بلغ مُدَّ أَحَدِهم ولا نَصِيفَه))[5].

ولذا فإن حقوقهم تتلخص فيما يلي:
1- محبتهم بالقلب، والثناء عليهم باللسان بما قدموه من معروف، وبيان فضلهم.
2- الترحُّم عليهم، والتَّرَضِّي عنهم، والاستغفار لهم؛ لقول الله - جل وعلا -: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}[6]، وقوله - تعالى -: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}[7]، ففي هذه الآية بيانُ رِضا الله - جل وعلا - عليهم، وتزكية بواطنهم وما في قلوبهم، وهذه لا يقدر عليها إلا اللهُ - جل وعلا - قال جابر - كما عند البخاري -: "كُنَّا ألفًا وأربعمائة".
3- الكف عمَّا جرى بينهم من خلاف، وكذا الكف عن مساوئهم التي تُعْتَبَرُ قليلةً جدًّا، تغيب في ظل محاسنهم وفضائلهم، وما صدر عنهم من خطأ، فهو صادرٌ عن اجتهادٍ مغفورٍ، وعملٍ معذورٍ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تَسُبُّوا أصحابي)).

وبيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية في "العقيدة الواسطية" أن الآثار الواردة في مساوئ الصحابة على ثلاثة أقسام:
1- قسم كذب محض لم يقع منهم، وإنما اتُّهِموا به، كما يوجد في بعض مرويات الرافضة.
2- وقسم له أصلٌ، ولكن زِيدَ فيه، ونقص منه، وغُيِّر عن وجهه الصحيح.
3- وقسم صحيح كما نُقِلَ، وهم فيه معذورون؛ لأنهم مجتهدون، والمجتهد في دائرة الأجر والثواب؛ إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجرٌ واحد؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب، فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ، فله أجر))[8]، وهذا مِثْل ما حدث بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما - في وقعة صِفِّين، وكذا في وقعة الجمل بين عائشة وعلي - رضي الله عنهما.

• ونوع هم فيه غير معذورين؛ أي: إنها أخطاء ليست عن اجتهاد ولا تأويل، فأهل السنة والجماعة لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصومٌ عن كبائر الإثم وصغائره؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوَّابون))[9].
ومثل هذا ما حصل من مِسْطَح بن أَثَاثه، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش في قصة الإفك، ولكنهم تطهَّروا بإقامة الحد عليهم.

•
فالذي يهمنا القسم الصحيح، ويقال فيه: إنه على نوعين:
النوع الأول: ما وقع منهم من خطأ وهم فيه غير معذورين؛ أي: ليس عن اجتهاد ولا تأويل:
فأهل السنة والجماعة لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصومٌ عن كبائر الإثم وصغائره؛ لأن كل بني آدم خطَّاء، ولكن لهم من السوابق والفضائل ما يُوجِبُ مغفرةَ ما يصدر عنهم - إن صَدَر - وليس لكل واحد منهم العصمةُ عن الخطأ، ولكن العصمة في إجماعهم، فلا يمكن أن يُجْمِعوا على ذنب فيستحلوه أو يفعلوه، سواء كان كبيرة أو صغيرة.

الثاني
:
ما وقع منهم من خطأ وهم فيه معذورون لاجتهادهم:
فأهل السنة والجماعة يُمْسِكون عما شجر بينهم، فلا يخوضون فيما وقع بينهم من حروب وخلافات على سبيل التَّوَسُّع والتفصيل، ونشر ذلك بين العامَّة، والتعرض بالتنقُّص من فئةٍ، والانتصار لأخرى؛ بل يُمسِكون عما شَجَر بينهم، وهم مأجورون؛ فالمصيب له أجران، والمخطئ له أجر؛ لأنهم مجتهدون.

ولا بد أن يُعْلَم عدة أمور:
الأمر الأول: أن جمهور الصحابة، وجمهور أفاضلهم لم يدخلوا ويشاركوا في الفتن بين الصحابة؛ ويدل على ذلك ما يلي:
1- في وقعة صِفِّين: عن إسماعيل بن عُلَيَّة قال: حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين قال: "هاجت الفتنةُ وأصحاب رسول الله عشرة آلاف، فما حضر فيها مائة؛ بل لم يبلغوا ثلاثين"[10].
2- في وقعة الجمل: عن ابن عُلَيَّة، عن منصور بن عبدالرحمن، عن الشعبي قال: "لم يشهد الجملَ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار إلا عليٌّ وعمار وطلحة والزبير، فإن جاؤوا بخامس، فأنا كذَّاب"[11].

والأمر الثاني: أن مَنْ شارك من الصحابة حَزِنَ ونَدِمَ على ما جرى؛ ويدل على ذلك:
1- ما رواه الزهري قال: قالت عائشة: "إنما أريد أن يحجز بين الناس مكاني، ولم أحسب أن يكون بين الناس قتالٌ، ولو عَلِمتُ ذلك، لم أقف ذلك الموقف أبدًا"[12].
وكانت إذا قرأت: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}[13]، تبكي حتى يبتل خمارُها[14].

2-
ما رواه الشعبي قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: لما قُتِل طلحةُ ورآه مقتولاً، جعل يمسح التراب عن وجهه ويقول: عزيزٌ عليَّ أبا محمد أن أراك مجندلاً تحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عُجَرِي وبُجَرِي - أي: همومي وأحزاني - وبكى عليه هو وأصحابه، وقال: يا ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة[15].
وكان عليٌّ - رضي الله عنه - يقول: "لله درُّ مقام عبدالله بن عمر، وسعد بن مالك - وهم ممن اعتزل الفتنة - إن كان بدًّا - أي: لا بد منه حين اعتزلوا - إن أجره لعظيم، وإن كان إثمًا، إن خطره ليسير"[16].
فهذا هو قول علي - رضي الله عنه - وهو الذي كان أقرب إلى الحق في القتال؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وَيْحَ عمَّار، تقتله الفئة الباغية))[17]، والباغية الخارجة على الإمام لكنهم متأوِّلون، والذي قتل عمارًا أصحابُ معاوية، ومع ذلك قال عليٌّ ما تقدم.

3- وهذا معاوية - رضي الله عنه - لما جاءَه نعي عليِّ بن أبي طالب، جلس وهو يقول: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، وجعل يبكي، فقالت امرأته: أنت بالأمس تقاتله، واليوم تبكيه؟ فقال: وَيْحَك، إنما أبكي لما فقد الناس من حلمه وعلمه وفضله، وسوابقه وخيره"، وفي رواية: "وَيْحَك، إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم"[18].

الأمر الثالث: أن ما حصل بين الصحابة من قتال في صِفِّين والجمل، لم يكن على الإمامة؛ فكلهم متَّفقون على إمامة علي - رضي الله عنه - وإنما كان القتال فتنةً - على قول كثير من العلماء - بسبب اختلافهم في كيفية القصاص من قاتلي عثمان - رضي الله عنه.

ويدل على ذلك:
ما قاله عمر بن شبة: "إن أحدًا لم ينقل أن عائشة ومن معها نازعوا عليًّا في الخلافة، ولا دعوا أحدًا ليُوَلُّوه الخلافة، وإنما أَنْكروا على عليٍّ منعه من قتال قَتَلَةِ عثمان، وترك الاقتصاص منهم"[19].

ومما يؤكد ذلك:
ما رواه ابن كثير قال: "جاء أبو مسلم الخولاني وأناسٌ إلى معاوية، وقالوا: أنت تنازع عليًّا أم أنت مثله؟ فقال: لا والله، إني لأعلمُ أنه أفضل مني، وأحقُّ بالأمر مني، ولكن أَلَسْتُم تعلمون بأن عثمان قُتِلَ مظلومًا، وأنا ابن عمه، والطالب بدمه؟ فائتوه فقولوا له، فليدفع إليَّ قَتَلَة عثمان، وأسلم له، فأتَوْا عليًّا، فكلَّموه، فلم يدفعهم إليهم"[20].
وفي رواية: "فعند ذلك صمَّم أهل الشام على القتال مع معاوية"[21].

وبناءً على ما تقدم؛ فإنه يجب على المسلم أن يمسك عما شَجَر بين الصحابة - رضي الله عنهم - فإنَّ هذا هَدْي السلف - رحمهم الله - روى ابنُ بَطَّة عن بكير بن الأَشَجِّ قال: "أَمَا إن رجالاً من أهل بدرٍ لَزِموا بيوتهم بعد قتل عثمان - رضي الله عنه - فلم يخرجوا إلا لقبورهم، إلا ما كان لصلاة الفريضة، والجمعة، والعيدين".

وسُئِلَ أحمد بن حنبل - رحمه الله -: "ما تقول فيما كان من أمر طلحة والزبير وعلي ومعاوية - رضي الله عنهم؟ فقال: مَنْ أنا؟! أقول في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بينهم شيء؟! الله أعلم".

وكان عمر بن عبدالعزيز إذا سُئِل عن صفِّين والجمل يقول: "ذاك أمرٌ أخرج الله يدي منه، لا أدخل لساني فيه".

• ولكن إذا اختُلِق على أصحاب رسول الله من الآثار والأفعال والأقوال ما لم يعملوه، ودعت الحاجة إلى ذكر ما شَجَر بينهم، فلا بأس، ولا بُدَّ من التحقُّق والتثبُّت في ذلك، فيُنْظَر في الروايات المذكورة الصحيحة حول الفتن بين الصحابة؛ ليتبيَّن ما كان صوابًا ويُرَدّ على من اختلق وحرَّف؛ لقول الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[22]، فلا بُدَّ من التحقُّق والنظر فيها، خصوصًا ونحن نعلم أن كثيرًا من هذه الروايات دخلها اختلاقٌ وتحريف، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية بعدما ذكر نحوًا مما سبق، قال: "وأكثر النقول من المطاعن الصريحة، هو من هذا الباب، يرويها الكذَّابون المعروفون بالكذب مثل أبي مخنف لوط بن يحيى، ومثل هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وأمثالهما"[23].

• إذًا؛ الأصل فيما شجر بينهم الإمساكُ، إلا إذا دعتِ الحاجة كما سبق، ولله دَرُّ القحطاني حيث يقول في نونيته:
قُلْ  خَيْرَ  قَوْلٍ  فِي   صَحَابَةِ   أَحْمَدٍ        وَامْدَحْ    جَمِيعَ    الآلِ    والنِّسْوَانِ
دَعْ مَا جَرَى بَيْنَ الصَّحابَةِ فِي الوَغَى        بِسُيُوفِهِمْ    يَوْمَ     الْتَقَى     الجَمْعَانِ
فَقَتِيلُهُمْ     مِنْهُمْ     وَقَاتِلُهُمْ      لَهُمْ        وَكِلاَهُمَا   فِي   الحَشْرِ    مَرْحُومَانِ
وَاللَّهُ  يَوْمَ   الحَشْرِ   يَنْزِعُ   كُلَّ   مَا        تَحْوِي   صُدُورُهُمُ    مِنَ    الأَضْغَانِ
•               •               •

87- قال المصنف - رحمه الله -:
"وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تَسُبُّوا أصحابي؛ فلو أنَّ أحدَكم أنفقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما بَلغَ مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَه))".


المبحث السابع: سب الصحابة - رضي الله عنهم - وتكفيرهم:
والكلام على هذا المبحث من وجهين:
أولهما: ماذا يستلزم سب الصحابة وتكفيرهم؟
وثانيهما: حكم من سب الصحابة.

• ماذا يستلزم سب الصحابة وتكفيرهم؟
سبُّ الصحابة - رضي الله عنهم - وتكفيرهم كما يفعل بعض الرَّوافض ومَنْ سار في نهجهم - يستلزم عدة أمور، منها:
أوَّلاً: القدح والطعن في الصحابة الذين نقلوا لنا الدين بأقوالهم وأفعالهم.

ثانيًا: نسبة الجهل أو العبث لله - جل وعلا - تعالى الله عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا.
ووجه ذلك:
أن الله - تعالى - أثنى عليهم، فكيف يثني عليهم ويَعِدُهم الحسنى وهم سيكفرون؟! فإما أن يكون الله - جل وعلا - لا يعلم بكفرهم؛ لأنه أثنى عليهم، وفي هذا نسبة الجهل إليه - تعالى الله عن ذلك - وإما أنه يعلم - سبحانه - أنهم سيكفرون، وأثنى عليهم ووعدهم الحسنى، وهذا عبثٌ - وتعالى الله عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا - ولكن الحماقة عند مَنْ يسبُّهم أَعْيَت من يُدَاوِيها.

ثالثًا: الطعن في حكمة الله - جل وعلا - حيث إن الله - جل وعلا - اختارهم أنصارًا لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم - فنصروه وجاهدوا معه، وصاهرهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فزوَّج ابنتيه لعثمان، وتزوَّج هو ابنتي أبي بكر وعمر، فكيف يختار لنبيه - صلى الله عليه وسلم - أنصارًا وأصهارًا مع علمه أنهم سيكفرون؟! 

رابعًا: الطعن في حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: ((خير القرون قَرْني))، فأيُّهما أصح: قولهم، أو قول نبينا - صلى الله عليه وسلم؟!
 
خامسًا: الطعن في الشريعة والقرآن والسنة؛ لأنهم هم الذين نقلوه إلينا، ومن طعن في النقلة فهو طعن في المنقول؛ إذ كيف نَثِقُ بكتابٍ وسنةٍ نقلها إلينا مُرْتَدُّون وفسقة؟ - نسأل الله السلامة والعافية من عَمَى البصيرة.

وهناك أوجهٌ أخرى يستلزمها الطعن فيهم - رضي الله عنهم - وتقدَّم بعضُها.

حكم سب الصحابة - رضي الله عنهم -:
سب الصحابة - رضي الله عنهم - على عدَّة أنواع:
1- أن يسب جميع الصحابة أو أكثرهم، أو يتَّهمهم بالنفاق والردة، أو بالفسق، فهذا كَفَرَ وارْتَدَّ بإجماع العلماء، وقد حكى الإجماعَ على ذلك غيرُ واحد من العلماء؛ منهم: ابنُ حزمٍ، والقاضي أبو يَعْلَى، وابنُ تيمية، وابنُ كثير، وغيرهم؛ لأن من يعتقد ذلك في الصحابة فقد تضمَّن سبه إياهم ما تقدَّم، فلا شَكَّ في كفره؛ بل لا شَكَّ في كفر من لم يُكَفِّره، أو شك في كفره.

2- أن يسبَّهم بسبٍّ مصحوبٍ بأمرٍ كُفْريٍّ، فهذا لا شك أنه كُفْرٌ أيضًا. 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما من اقترن بسبه دعوى أن عليًّا إله، أو أنه كان هو النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما غلط جبريلُ في الرسالة، فهذا لا شكَّ في كفره؛ بل لا شك في كفر من تَوَقَّف في تكفيره".

3- أن يَسُبَّ بعض الصحابة سبًّا يطعن في دينهم؛ كاتهامهم بالكفر، أو الفسق، وكان الذي وقع عليه السبُّ من الصحابة مما تواترت النصوص في فضله؛ كالخلفاء الراشدين، فهذا كفر أيضًا على القول الصحيح؛ لأن في سبهم تكذيبًا لأمرٍ متواتر، وذهب بعض العلماء إلى عدم تكفيره؛ وإنما اعتبروا فعله من كبائر الذنوب التي يستحق عليها التأديب والتعزير.

4- أن يسُبَّ من الصحابة مَنْ لم يتواتر النقل بفضله على وجه الخصوص، سبًّا يقدح في دينه، فجمهور العلماء على عدم تكفيره؛ وذلك لأنه لم يُنْكِر أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة، ولكن وقع في كبيرة لا بد أن يؤدَّب عليها.

5- أن يسب بعضَهم سبًّا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم، فهذا محرَّمٌ وليس بكفر؛ كاتهام بعضهم بالبخل، أو الجبن، أو قلة العلم، ونحو ذلك، ولكن قائل ذلك يستحق التأديب والتعزير.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما من سبَّهم سبًّا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم، فهذا محرَّمٌ وليس بكفر؛ كاتهام بعضهم بالبخل، أو الجبن، أو قلة العلم، أو عدم الزهد، ونحو ذلك، فهذا الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا يحكم بكفره بمجرد ذلك، وعلى هذا يُحْمَلُ كلامُ مَنْ لم يكفرهم من العلماء".

الشيخ/ عبدالله بن حمود الفريح
ـــــــــــــ
[1] [الحشر: 10].
[2] [الفتح: 29].
[3] انظر: "الإصابة في تمييز الصحابة"؛ لابن حجر (1/ 158، 159). 
[4] [الفتح: 29].
[5] متفق عليه من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه.
[6] [الحشر: 10].
[7] [الفتح: 18].
[8] متفق عليه.
[9] متفق عليه.
[10] رواه أحمد في "العلل"، والخلال في "السنة"، وقال شيخ الإسلام في "منهاج السنة" (6/ 36): "وهذا الإسناد من أصحِّ الإسناد على وجه الأرض".
[11] رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، وقال الحافظ ابن كثير في "اختصار علوم الحديث" (2/ 500): "يقال: لم يكن في الفريقين مائة من الصحابة، وعن أحمد: ولا ثلاثون"؛ وللاستزادة راجع كتاب "السنة"؛ للخلال ص (460) فما بعده، وكتاب "منهاج السنة"؛ لابن تيمية (6/ 237) وما بعده.
[12] انظر: "سير أعلام النبلاء"، 2/ 177.
[13] [الأحزاب: 33].
[14] انظر: "أسد الغابة"؛ لابن الأثير، 3/ 88، 89.
[15] انظر: "منهاج السنة"، 6/ 209.
[16] انظر: "فتح الباري"، 12/ 67. 
[17] متفق عليه.
[18] انظر: "البداية والنهاية"، 8/ 14- 30.
[19] انظر: "سير أعلام النبلاء"، 3/ 186.
[20] انظر: "البداية والنهاية"، 8/ 129.
[21] انظر: "منهاج السنة"، 3/ 186؛ انظر في الأمور الثلاثة السابقة بحث: "الإمساك عما شجر بين الصحابة"؛ للشيخ محمد الوهيبي، عرضته "مجلة البيان"؛ فقد نقلت منه بتصرف واختصار.
[22] [الحجرات: 6].
[23] انظر: "منهاج السنة"، 3/ 17- 19.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (1)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (2)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (3)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (4)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (5)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (6)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (7)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (8)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (9)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (10)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (11)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (12)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (13)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (14)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (15)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (16)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (17)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (18)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (19)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (21)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (22)
  • شرح لمعة الاعتقاد لمحمد بن محمود آل خضير

مختارات من الشبكة

  • تيسير رب العباد شرح لمعة الاعتقاد(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تيسير الخبير البصير في ذكر أسانيد العبد الفقير وحيد بن عبد السلام بالي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح حديث: ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • الدين يسر (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة في تيسير الله المعايش لعباده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • احذر يا عبد الله من حقوق العباد فإن لها من الله طالبا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تيسير المقاصد شرح نظم الفرائد للعلامة حسن بن عمار الشرنبلالي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة هدية ابن العماد لعباد العباد ( نسخة أخرى )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • إتحاف العباد بشرح كتاب الزاد: شرح كتاب الصلاة إلى باب الأذان والإقامة من زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • اختصار تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد لمحمد طه(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب