• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالله بن حمود الفريح / بحوث ودراسات
علامة باركود

تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (11)

الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/12/2009 ميلادي - 4/1/1431 هجري

الزيارات: 25790

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فصل
في القضاء والقدر
 


43- قال المصنِّف - رحمه الله -:

"ومِنْ صِفاتِ اللهِ - تعالى - أنَّهُ الفَعَّالُ لِمَا يُريدُ، لا يَكُونُ شَيءٌ إلَّا بِإرادَتِه، وَلا يَخْرُجُ شَيءٌ عَنْ مَشِيئَتِه، وَلَيْسَ في العالَمِ شيْءٌ يَخْرُجُ عَنْ تَقْدِيرِه، ولا يَصْدُرُ إِلا عَنْ تدبِيرِه، ولا مَحِيدَ عَن القدَر المقدور، ولا يتجاوَزُ ما خُطَّ في اللَّوح المسْطور، أرَاد ما العالم فاعِلوه، وَلَوْ عَصَمَهُم لما خالَفوه، وَلَوْ شاءَ أنْ يُطِيعُوه جَمِيعًا لأَطاعُوه، خَلَقَ الخَلْقَ وأفعالَهم، وقَدَّرَ أرْزَاقَهُم وآجَالَهُم، يَهْدِي مَنْ يَشاءُ بِحِكْمَتِه؛ قال اللهُ - تعالى -: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[1]، وقال اللهُ - تعالى -: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[2]، وقال - تعالى -: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}[3]، وقال - تعالى -: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}[4]، وقال - تعالى -: {فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا}[5].

44- ورَوَى ابنُ عُمَرَ أنَّ جِبْرِيلَ - عليه السلامُ - قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما الإيمان؟ قال: ((أنْ تُؤْمِنَ بِالله، وَمَلائِكَتِه، وَكُتُبِهِ، وَرُسُِله، وَاليَوْمِ الآخِر، وَتُؤْمِن بِالْقَدَرِ خَيْرِه وَشَرِّه))، فقال جبريل: "صَدَقْتَ"[6].
46- ومِنْ دُعَاءِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذي علَّمَهُ الحسَنَ بن عَلِيٍّ، يَدْعُو به في قُنُوتِ الوِتْر: ((وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ)).
47- ولا نجعلُ قضاءَ اللهِ وقدَرَه حُجَّةً لنا في تَرْكِ أوامِرِه، واجْتِناب نَوَاهِيه؛ بلْ يجبُ أنْ نُؤمِنَ ونَعْلَمَ أنَّ لله علينا الحُجَّةَ بإنزال الكتُب، وبَعْثَة الرُّسُل؛ قال اللهُ - تعالى -: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}
[7].
48- ونعلَمُ أنَّ اللهَ - سبحانه وتعالى - ما أَمَرَ ونَهى إلَّا المستطيعَ للفِعْلِ والتَّرْكِ، وأنَّه لمْ يُجْبِرْ أَحَدًا على معصيةٍ، ولا اضْطَرَّهُ إلى تَرْكِ طَاعَة، وقال اللهُ - تعالى -: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}
[8]، وقال - تعالى -: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[9]، وقال - تعالى -: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ}[10].
49- فَدَلَّ على أنَّ للعبْدِ فِعْلاً وكَسْبًا، يُجْزَى على حَسَنِه بالثَّواب، وعلى سَيِّئِه بالعِقاب، وهو واقِعٌ بقضاء الله وقَدَرِه".


الشرح

وتحت هذا الفصل عدة مباحث:
المبحث الأول: إثبات صفة الإرادة لله - تعالى -:
ابتدأ المصنِّف - رحمه الله - هذا الفصل بإثبات صفة الإرادة لله - تعالى - وأنَّ الله فعَّال لِما يريد، وهو ابتداء مناسِب من المصنف؛ حيث ربط هذا الفصل بما ذكره قبل ذلك من الصفات، فذكر صفة الإرادة في مَعْرِضِ بيانه: أن الله على كلِّ شيء قدير، وأن كل شيء بقُدْرته وإرادته، لا يخرج شيء عن ذلك، ثم ذكَر الآيات التي تدلُّ على قدرة الله - تعالى - وأهلُ السنة والجماعة يُثبتون صفةَ الإرادة لله - تعالى - كما يَليق بجلاله، وعظيم سلطانه، مِن غير تحريف، ولا تكييف، ومن غير تعطيل ولا تمثيل، وهي صفةٌ ثابتة بالكتاب، والسنة، والإجماع:
فمن الكتاب: قوله - تعالى -: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا}[11].
ومن السنة: حديث ابن عمر- رضي الله عنهما - مرفوعًا: ((إذا أراد اللهُ بقوم عذابًا، أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم))[12].
وأجمع السلَف على إثبات هذه الصِّفة.

ويجب إثباتُ الإرادة بقسمَيْها: الكوني والشرعي - كما سيأتي.

المبحث الثاني: للإرادة قسمان: إرادة كونية، وإرادة شرعية:
القسم الأول: الإرادة الكونية:
والإرادة الكونية: هي ما يلزم وُقُوعه مما أراده الله - تعالى - ولو لَم يكنْ محبوبًا إليه - سبحانه - فكلّ ما في هذا الكون؛ من خيرٍ أو شر، فإنه كان بإرادة الله - تعالى - وقدره، ومن أمثلة هذه الإرادة والدليل عليها:
1- قوله - تعالى -: {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ}[13].
2- وقوله - تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا}[14].
فكلُّ شيء خلقَه الله - عزَّ وجل - وقدَّره؛ من خير أو شر، فهو داخل تحت الإرادة الكونية؛ ولذلك تسمى: (إرادة كونية خلقية قدرية)، ولا شك أنَّ الله - عز وجل - لا يُقدِّر ولا يخلق إلا ما يشاء - سبحانه - فهذه الإرادة الكونية تُرادف المشيئة، وهي إرادة تَعُمُّ المؤمن والكافر.

القسم الثاني: الإرادة الشرعية:
والإرادة الشرعية: هي ما يلزم أن يكونَ محبوبًا لله - جلَّ وعلا - ولا يلزم وُقُوعه، فهي كلُّ ما أحبه الله - عزَّ وجَلَّ - ورَضِيَه من أحكام الشرْع في الكتاب والسنة؛ سواءٌ كان أمرًا أم نَهْيًا من أحكام الشرْع، ولكن هذه الإرادة لا يلزم وقوعها، فمِنَ الناس مَن أطاع الله - عز وجل - وامْتَثَلَ إرادته الشرعية، ومنهم من لَم يُطِع الله - جل وعلا - ولم يستجبْ، ومن أمثلة هذه الإرادة والدليل عليها:
1- قوله - تعالى -: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[15].
2- وقوله - تعالى -: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا}[16].

فكلُّ شيء شرَعَهُ الله - عز وجل - وأمَرَ به، فهو داخلٌ تحت الإرادة الشرعية؛ ولذلك تسمَّى: (إرادة شرعية أَمْرية)، ولا شك أنَّ الله - عز وجل - لا يأمُر إلا بما يُحبه - سبحانه – ويرْضاه، وعليه فإن الإرادة الشرعية تُرادف المحبة والرضا، وهي خاصَّةٌ بالمؤمن؛ لأنَّ الكافر لا يَمْتَثِل لأوامر الله - تعالى.

ومن خلال ما تقدَّم، فالفرْق بين الإرادة الكونيَّة والشرعيَّة:
1- أن الإرادة الكونية لا بُدَّ مِن وقوعها، فهي كلُّ ما خلقَه الله وقدَّره، بِخِلاف الإرادة الشرعية، فلا يلزم وقوعها.
2- أن الإرادة الكونية لا يَلْزم أن تكون محبوبة لله - تعالى - بخلاف الإرادة الشرعية، فهي ما أحبَّهُ - سبحانه - ورضيه.
3- أن الإرادة الكونية عامَّة للمؤمن والكافر، بخلاف الإرادة الشرعية فلا ينالها إلا المؤمن؛ لأنه هو الذي يَمْتَثِل لما شرَعه الله - تعالى - فتجتمع الإرادتان في حقِّ المؤمن كونًا وشرعًا، وتختلف في حق الكافر، فلا يدخُل إلا في الإرادة الكونية؛ لأنه لا يَمْتثل لما شرَعه الله - تعالى.

فائدة: 
تبيَّن مما تقدَّم أن الإرادة الكونية تُرَادِفُ المشيئة، وبهذا يَتَبيَّن الفرقُ بين الإرادة والمشيئة، وأنَّ المشيئة لا تكون إلا كونية قدرية، بخلاف الإرادة فإنها تكون إرادة كونية، وتكون إرادة شرعية، وهذا الفرقُ هو الذي دلَّت عليه نُصُوص الكتاب والسُّنَّة، فالمتأملُ للنصوص الواردة في المشيئة يجدها كلها كونيَّة قدرية؛ ومن ذلك قوله - تعالى -: {مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[17]، وأمَّا الإرادة فقد جاءتْ في النصوص على قسمَيْن، تقدَّمَ إيرادُها مع أدلتها.

قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله -: "الإرادة إرادتان: كونية قدرية، وشرعية دينية، وأما المشيئةُ فلم ترد في النصوص إلا كونية قدرية، فلا تنقسم"[18].

المبحث الثالث: المخالفون لأهل السنة في هذه الصفة:
خالَف أهلَ السنة من المبْتَدِعة في هذه الصفة طائفتان مشهورتان:
1- الجبرية: فلم يثبتوا إلا الإرادة الكونية فضلُّوا.
2- المعتزلة: فلم يثبتوا إلا الإرادة الشرعية فضلُّوا.

ولا شك أن هاتين الطائفتين خالفتا النصوص الدالة على إثبات الإرادتين الكونية والشرعية؛ ولذا جاء مذهبُ أهل السنة وَسَطًا بين هاتَيْن الطائفتَيْن الضالَّتَيْن في هذه الصفة، وتقدَّم بيانُ الأدلة على إثبات الإرادتَيْن - والله أعلم.

المبحث الرابع: الإيمان بالقدَر:
الإيمان بالقدر واجبٌ، وهو أحد أركان الإيمان الستَّة، وقد استدل المصنِّف بما يدل على أنَّ الله - عز وجل - قدَّر كل شيء تقْديرًا؛ كقوله - تعالى -: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[19]، وقوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2]، وقوله: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}[20]، واستدلَّ المصنِّف بما يدلُّ على أنَّ الإيمان بالقدَر - خيره وشرِّه - واجبٌ، وأنه أحد أركان الإيمان الستة، فاستدل بما رواه مسلم، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن جبريل - عليه السلام - قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما الإيمان؟ قال: ((أن تؤمنَ بالله، وملائكته، وكُتُبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره))، فقال جبريل - عليه السلام -: صدقت، وبدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي علَّمه الحسن بن علي؛ ليدعو به، وفيه: ((وقِني شر ما قضَيْت))[21].
Ÿ   Ÿ   Ÿ

45- قال المصنِّف - رحمه الله -:
"وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((آمنْتُ بالقدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَحُلْوِه وَمُرِّه))".

فائدة:
وأما الحديث الذي أوْرَدَهُ المصنف، وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((آمنتُ بالقدر؛ خيرِه وشرِّه، وحُلوِه ومرِّه))، فهو حديث ضعيفُ الإسناد، في سنده يزيد الرقاشي ضعيفٌ، قال النسائي عنه: متْروك، وقال أحمد: منكر الحديث[22].

كيف يكون المسلمُ مؤمنًا بالقدَر؟

الإيمان بالقدر لا يكون تامًّا إلا بالإيمان بأربعة أمور، هي مراتب القدر الأربع:
أولًا: الإيمانُ بعلم الله الشامل لكلِّ شيء، جُملةً وتفصيلاً:
فيؤمن العبدُ بأن الله - عز وجل - أحاط بكلِّ شيء علمًا، فعَلِمَ ما كان، وما لَم يكن لو كان كيف يكون، فعلم ما سبق، وما سيأتي؛ أي: إنَّ علْمه - جل وعلا - أَزَلِيٌّ وأَبَدِيٌّ.

ومن أدلة هذه المرتبة:
1- قوله - تعالى -: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}[23].
2- وقوله - تعالى -: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}[24].

ثانيًا: الإيمان بأنَّ الله - تعالى - كَتَب في اللوح المحفوظ مقادير كلِّ شيء:
فيُؤمِنُ العبدُ بأنه ما من شيء كان في السابق، أو يكون في المستقبل، إلا وهو مكتوبٌ في اللوح المحفوظ قبل أن يكون؛ فيؤمن بأنَّ الله كَتَب في اللَّوح المحفوظ مقاديرَ كل شيء إلى قيام الساعة.

ومِن أدلة هذه المرتبة: 
1- قوله - تعالى -: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}[25].
2- حديث عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: سمعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((كَتَب الله مقاديرَ الخلائق قبل أن يخلقَ السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشُه على الماء))[26].
3- وأيضًا قوله - تعالى -: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[27]، وهذه الآيةُ فيها دلالة على المرتَبَتَيْن الأولى والثانية.

ثالثًا: الإيمان بأنه لا يكونُ شيء إلا بمشيئة الله - تعالى - وإرادته:
فيؤمن العبدُ بأنه لا يكونُ شيءٌ في السموات والأرض إلا بمشيئة الله - تعالى - وإرادته، يهْدِي مَن يشاء برحمته، ويُضل مَن يشاء بحكمته.

ومن أدلة هذه المرتبة: 
1- قوله - تعالى -: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}[28].
2- وقوله - تعالى -: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا}.

رابعًا: الإيمانُ بأن الله خالِق كلِّ شيء لا خالق غيره:
فيؤمن العبد بأن الله - جل وعلا - خلَق كلَّ ما في السموات وما في الأرض وما في سواهما، لا خالق سواه - جلَّ في علاه.

ومن أدلة هذه المرتبة: 
1- قوله - تعالى -: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}[29]. 
2- وقوله - تعالى -: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}[30].

هذه هي مراتِبُ القدَر الأربع:
1- العلم.
2- الكتابة.
3- المشيئة.
4- الخلق.

مجموعة في قول الشاعر:
عِلْمٌ  كَتَابَةُ  مَوْلانَا  مَشِيئَتُهُ        وَخَلْقُهُ وَهْوَ إِيْجَادٌ وَتَكْوِينُ
ومن أهلِ العلم مَن يُقَسِّم هذه المراتب الأربع على مرتَبَتَيْن:
الأولى: ما يسبق حصول المقدَّر، وهما: العلم، والكتابة.
الثانية: ما يكون حال وقوع المقدَّر، وهما: المشيئة، والخلق.

والمراتب الأربع: العلم، والكتابة، والمشيئة، والخلق، ذَكَرَها المصنِّف في أول الفصل ضمن كلامه؛ ليُبَيِّن عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة، فمَن آمن بهذه المراتب الأربع، فقد آمن بالقضاء والقدر الذي هو ركنٌ من أركان الإيمان الستَّة؛ كما قال عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - حيث قال: "والذي يحلف به عبدالله بن عمر، لا يؤمن أحدهم حتى يعلمَ أن ما أصابه لَم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لَم يكن ليصيبه"[31].

ومن خلال مراتب القدر الأربع، نُعَرِّف القَدَر فنقول: هو علْمُ الله - جل وعلا - الأزليُّ بالأشياء قبل وُقُوعها، وكتابته لها في اللوح، قبل خلْق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ثم مشيئته - جل وعلا - لها، وخلقه - جل وعلا - لجميع الأشياء.

المبحث الخامس: المخالفون لأهل السنة في القدر:
خالَف أهلَ السنة منَ المبتدِعة طائفتان في مسألة الإيمان بالقدَر:
الأولى: القدرية: وهم المعتزلة، الذين يقولون بنَفْي القدَر؛ أي: إن الله - عز وجل - لم يُقدِّر شيئًا، وهؤلاء القدرية على قسمَيْن:
1- غلاة القدرية: وهم نفاة العلْم، فنفوا المرتبة الأولى مِن مراتب القدر، وهي العلم، فقالوا: إنَّ الله - عز وجل - لا يعلَم بما يحدث وما حدث قبل أن يحدث، ولا شك أن نفْيَهم للعلم يقتَضي نفي ما بعده من المراتب؛ كالكتابة، والمشيئة، والخلْق، وهذه الطائفة انقرضَتْ، ومَن أنكر علْم الله فقد كفر، وهؤلاء هم الذين كفَّرهم ابن عمر - رضي الله عنهما - كما في "صحيح مسلم"، حين قيل له عن قوم: "يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أُنُف - أي: مستأنف - فقال: إذا لقيت أولئك؛ فأخبرهم أنِّي برِيءٌ منهم، وأنهم بَرَاء مني، والذي نفسي بيده، لو أنْفَقَ أحدهم مثل أُحُدٍ ذهبًا ما قَبِلَه الله منه حتى يؤمِنَ بالقدَر".

2- القدرية غير الغلاة: وهم معتزلة اليوم، الذين يُثْبِتون المرتبة الأولى والثانية؛ فيثبتون العلم والكتابة، وينفون الخلْق والمشيئة، فيقولون: كل شيء خَلَقَهُ الله - تعالى - وشاءه إلا أفعال العباد؛ فإن الله - تعالى - عَلِمها وكتَبَها، ولكنه لَم يشأها، ولم يخلقها، فالعبد هو الذي خلَق أفعال نفسه وليس لله - تعالى - مشيئةٌ فيها ولا قدرة ولا خلق - تعالى عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا.

والرد عليهم من طريق النقل والعقل:
أولًا: من طريق النقل: دلَّت النصوصُ الكثيرةُ على إثبات قدْرة الله - تعالى - ومشيئته وخلقه لأفعال عباده؛ ومن ذلك قوله - تعالى - في المشيئة: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ}[32]، وقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}[33]، وقوله: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[34].

وقوله - تعالى - في الخلق: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[35]، وقوله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}[36]، فهذه النُّصوص وغيرها دلَّتْ على أنَّ العبد لا يفْعل إلا ما شاء الله - تعالى - وأنَّ أفعالَه خَلَقَها الله - تعالى.

ثانيًا: من طريق العقل: حيث لا يُعقَل أن مَنْ يملك السموات والأرض ومَن فيهن أن يكون في ملكِه ما لا تتعَلَّق فيه مشيئته وإرادته، ومن ذلك الإنسان، فهو وأفعاله تحت مشيئة الله - تعالى.

الطائفة الثانية: الجبرية: وهم الجهمية، وكذلك الأشاعرة، وإن كان الأشاعرةُ يُفَصِّلون في اعتقادهم بين الباطن والظاهر في الجبْر، وفصَّلوا تفصيلاً هم لَم يتَّفقوا عليه، ولَم يجدوا له تفسيرًا؛ فهم في النهاية جبريَّة.

والجبرية يقولون: إن العبد مَجْبور، وليس له اختيار في ذلك أبدًا، فالله - عزَّ وجل - أجْبَرَهُم على أفعالهم فجَعَلُوا الإنسان كالريشة في مَهَبِّ الرِّيح.

والرد عليهم مِن طريقين أيضًا؛ النقل والعقل:
أولًا: من طريق النقل: 
فيُقال: دلَّت النُّصُوص على إثبات أنَّ للعبد مشيئة، ومِن ذلك:
- ما استدل به المصنِّف: قوله - تعالى -: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}[37]، وقوله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[38]، وقوله:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[39].

ووجه الدلالة: أنَّ الله - عزَّ وجل - في الآيات السابقة جعَل له عملاً يجازى به عقابًا أو ثوابًا، ولو كان مَجْبورًا، لكان عقابه منَ الظلْم، وكذلك كلَّفه وأَمَرَهُ بما يستطيع مما يدلُّ على أن له مشيئة، ولو كان مجبورًا لما جعل له عملاً يجازى به حسبما يختار من عمل، ولما جعله مستطيعًا على فِعْل ما أمر به.

ثانيًا: من طريق العقل:
أنَّ كل إنسان يُدرك الفرق بين الأفعال الاختيارية، والأفعال الاضطرارية، وفي واقع العبدِ منَ الأمثلة ما لو احتجَّ فيه بالقدر، وأنه مجبور، لعُدَّ ذلك من السَّفَه وقلَّة العقل، فلو قَتَل رجلٌ رجلاً آخر، واحتجَّ بأنه مجبور، لَم يُقبَل منه؛ لأنها حجَّة واهية، وكذا لو قيل لإنسانٍ: أغلق تجارتك، واجلسْ في بيتك، وإذا سُئِلْتَ: لماذا لا تتكسب؟ فقل: أنا مجبور - لعُدَّ ذلك منَ السفه، وقلة العقل، وكذا في سائر الأُمُور الدنيوية التي للإنسان فيها مصلحة دنيوية ظاهرة، فإنه لا يحتج فيها بالقدَر بتاتًا، ويرى أنَّ ذلك من السفه، وقلة العقل، وعند أهوائه فإنه يحتج بالقدَر؛ فيقال له: لماذا تحتج في القدر في هذا دون هذا؟!

ولهذا يقول ابن القيم في الميميَّة:
وَعِنْدَ  مُرَادِ  اللهِ  تَفْنَى   كَمَيِّتٍ        وَعِنْدَ مُرَادِ النَّفْسِ تُسْدَى وَتُلْحَمُ
وَعِنْدَ خِلافِ الْأَمْرِ تَحْتَجُّ بِالْقَضَا        ظَهِيرًا عَلَى الرَّحْمَنِ لِلْجَبْرِ تَزْعُمُ
وأهل السنة والجماعة وَسَطٌ بين القدرية والجبرية، فهم يقولون: للعبد قدرةٌ وإرادةٌ وبحسبها يُثَابُ ويُعَاقَبُ، وقدرته ومشيئته تحت قدرة الله ومشيئته.

فلا يقولون: ليس لله قدرة أصلاً، فهذا قول القدرية المعتزلة.
ولا يقولون: ليس للعبد قدرة أصلاً، فهذا قول الجبرية.
بل يقولون: إن لله قدرةً عامَّةً، وللعبد قدرة خاصة تحت قدرة الرب - سبحانه - فقدرةُ الرب غالبة على قُدْرة العبد.

ودليل هذا المعتقد الحق:
1 - قوله - تعالى -: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[40]؛ ففي الآية الأُولى: إِثْبات أنَّ للعبد مشيئة، وفي الثانية: إثبات أنَّ مشيئة العبد تحت مشيئة الله - تعالى.
2- قوله - تعالى -: {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[41].
3- قوله - تعالى -: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[42].

فيُقال أيضًا في الاستدلالَيْن: في الآية الأولى منهما: إثبات أنَّ للعبد مشيئة، وفي الثانية: إثبات أن مشيئة العبد تَحْت مشِيئة الله - تعالى - ولهذا المعتقد آيات أُخَر تَقَدَّم بَعْضُها.

هذا هو مبْحث مسألة الإيمان بالقدَر بين أهْلِ السنَّة والمبتدعة، وتحت هذا المبْحَث عدة فوائد:
الفائدة الأولى:
يُقال في القدرية: إنهم مَجُوسُ هذه الأمة، وَوَرَدَتْ في ذلك أحاديث مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك ما رواه أبو داود في "سننه"، عن ابن عمر - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((القدَرية مجوس هذه الأمة))، وعند أبي داود أيضًا، عن حُذَيفة مرفوعًا: ((لكلِّ أمة مجوسٌ، ومجوسُ هذه الأمة الذين يقولون: لا قدَر))؛ والحديث وكل الأحاديث المرفوعة في هذا الباب ضعيفة، والصحيح هو المَوْقُوف على ابن عباس.

ووَجْه الشَّبَه بين القدَرية والمَجُوس هو: أنَّ المجوس يُثْبِتُون خالقَيْنِ: آلهة للخير، وآلهة للشَّرِّ، وكذلك القدَرية، فإنهم يثبتون خالقَيْنِ، فيثبتون أنَّ الله - تعالى - خلقهم، ويثبتون أنهم خلقوا أفعالهم، فلم يخلقْها اللهُ - تعالى.

واختلفَ أهلُ العلم في تكْفير هؤلاء، وأما غُلاة القدَرية الذين أنْكَرُوا علْم الله - تعالى - بالأشياء حتى تَحْدُث، فنَصَّ الشافعيُّ وأحمدُ وغيرهما منَ الأئمة على تكفيرهم، وتقدَّمَتِ الإشارة إلى أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كَفَّرَهُم.

الفائدة الثانية:
يُقال في الجبْرية: إنهم شابَهوا بقولهم قول المشركين، وإنهم مَجْبُورون على عبادة الأوثان؛ فقالوا: {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}[43]، وكذا هي حُجَّةُ إبليس؛ حيث قال: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}[44]، ووَجْه الشاهد قوله: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي}، فكأنه مَجْبورٌ على الغَواية، وهو بهذه الحجة يُخاصم الله - تعالى - ولن تنفعه لبُطْلانها.

قال ابن القَيِّم: "سمعْتُ الشيخ تقيَّ الدين يقول: القدَرية المذمومون في السُّنَّة وعلى لسان السلَف: هم هؤلاء الفِرَق الثلاثة نُفَاتُه وهم: القدَرية المجوسيَّة، والمعارضون به للشريعة، الذين قالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا}[45]، وهم القدَرية المشركيَّة، والمخاصمون به للرب، وهم أعداءُ الله وخصومه، وهم القدَرية الإبليسية، وشيخهم إبليس، وهو أول مَن احتج بالقدَر؛ فقال: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي}، ولَم يعترفْ بالذنب ويبوء به كما اعترف به آدم، فمَن أَقَرَّ بالذنب، وبَاءَ به، ونَزَّهَ ربه، فقد أشبه أباه، ومَن أشبه أباه فما ظَلَم، ومَن برَّأ نفسه، واحتج على ربِّه بالقدَر، فقد أشبه إبليس"[46].

الفائدة الثالثة: 
ظهر وَفْقَ الخلاف في القدر وقول المبتدعة فيه مسألة، كثيرًا يُخاض فيها، وهي:
هل الإنسان مخيَّر أو مُسيَّر؟

والجواب: أنَّ مَن تأمَّل مذهب الجبرية والرد عليهم، عرف أن يجيب على هذا السؤال، والجبرية هم الذين يقولون: إنَّ العبدَ مسيَّر فليس له اختيارٌ، والقدَرية والمعتزلة هم الذين يقولون: إن العبد هو الذي يختار أفعالَ نفسه، وليس لله - تعالى - قدرة ولا خلق في أفعال العبد، وبهذا يتبيَّن لك القول الصحيح، وهو أن العبد مُسيَّر ومخيَّر، ويمكن إيجاز الجواب عن هذا السؤال بهذه النقاط التالية:
أولاً: هذا السؤال لَم يَرِد عن الصحابة - رضي الله عنهم - ولا عن السلَف الصالح - رحمهم الله - لأنَّ عُقُولَهم وقلوبهم اطمأنَّتْ بالمعتقد الصحيح، وإنما يرد هذا السؤال في كُتُب مَن تعمَّق في قضايا عميقة دقيقة، ليست من الشرع؛ كَكُتُب الفلسفة.

ثانيًا: أنَّ على المسلم مَعْرفة مُجْمَل اعتقاد أهلِ السنة والجماعة في مسألة القدَر بالأدلَّة، ويجتنب الخَوْض في دقائقه؛ لأنه إذا سار على غَيْر بصيرة وقَع في الضلال، واشتبه عليه الأمر؛ لأنَّ مَن ضلَّ في مسألة القدَر كان ضلالُه بسبب خوضه في أفعال الله - تعالى - وتعليلها، فعلى المسلم أن يسيرَ على ما دلَّتْ عليه النصوص؛ ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في تائيته القدَرية، التي ردَّ بها على اليهودي الذي شكَّك في قدَر الله وأفعالِه: 
وَأَصْلُ ضَلالِ الْخَلْقِ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ        هُوَ الْخَوْضُ فِي  فِعْلِ  الْإِلَهِ  بِعِلَّةِ
فَإِنَّهُمُ   لَمْ   يَفْهَمُوا   حِكْمَةً   لَهُ        فَصَارُوا عَلَى  نَوْعٍ  مِنَ  الجَاهِلِيَّةِ
وبالمناسبة، فقصةُ هذه التائية عجيبة؛ فقد نظمها شيخ الإسلام ردًّا على نظم اليهودي، الذي قال أبياتًا يُشكِّك في قدَر الله - تعالى - وجعل شيخ الإسلام يكتب، وهم يظنُّون أنه يكْتُب نثرًا؛ فإذا هو يكتب تائية منظومة، مرتجلاً بها، ردًّا عليه، زادتْ على مائة وثلاثين بيتًا ابتدأها بقوله:
سُؤَالُكَ  يَا  هَذَا  سُؤَالُ   مُعَانِدٍ        مُخَاصِمِ رَبِّ الْعَرْشِ بَارِي الْبَرِيَّةِ[47]
ثالثًا: أن القول بأنَّ العبد مسيَّر - أي: مَجْبُور - على الإطلاق - خطأ، والقَوْل بأنه مُخيَّرٌ على الإطلاق خطأٌ، وتبيَّن لك مَنْ ضلَّ في هذا من المبتدعة مع الرد عليهم، وبيان المعتقد الصحيح الذي عليه نصوص الكتاب والسنة، وهو: أن للإنسان إرادة ومشيئة، وأنه فاعل حقيقة؛ لكن ذلك كله لا يخرج عن علم الله وإرادته ومشيئته؛ ويدل على ذلك قوله - تعالى -: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[48]، وغير ذلك من النُّصوص التي تقَدَّم بيانُها.

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: "وكذلك لفظ الجبر، إذا قال: هل العبد مَجْبور، أو غير مجبور؟ قيل: إن أراد بالجبر أنه ليس له مشيئة، أو ليس له قدرة، أو ليس له فعل - فهذا باطلٌ؛ فإنَّ العبدَ فاعل لأفعاله الاختيارية، وهو يفعلها بقدرته ومشيئته، وإن أراد بالجبْر أنه خالق مشيئته وقدرته وفعله، فإنَّ الله - تعالى - خالق ذلك كله"[49].

وسُئِلَ شيخُنا ابن عثيمين: هل الإنسان مخيَّرٌ أو مسيَّرٌ؟

فأجاب بقوله: "على السائل أن يسأل نفسه: هل أجبره أحد على أن يسأل هذا السؤال؟ وهل هو يختار نوع السيارة التي يقتنيها؟ إلى أمثال ذلك من الأسئلة؛ وسيَتَبيَّن له الجواب هل هو مسيَّر أو مخيَّر.

ثم يسأل نفسه: هل يصيبه الحادث باختياره؟ هل يصيبه المرض باختياره؟ هل يموت باختياره؟ إلى أمثال ذلك من الأسئلة؛ وسيتبيَّن له الجواب هل هو مسيَّر أو مخيَّر.

والجواب: أنَّ الأمور التي يفعلها الإنسان العاقل يفعلها باختياره بلا ريب، واسمع إلى قول الله - تعالى -: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً}[50]، وإلى قوله: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَة}[51]، وإلى قوله: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا}[52]، وإلى قوله: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}[53]؛ حيثُ خيَّر الفادي فيما يفدي به.

ولكن العبدَ إذا أراد شيئًا وفعله، علِمْنا أن الله - تعالى - قد أراده؛ لقوله - تعالى -: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[54]، فلِكَمال ربُوبيته؛ لا يقع شيءٌ في السموات والأرض إلا بمشيئته، وأمَّا الأمور التي تقع على العبد أو منه بغير اختياره؛ كالمرض، والموت، والحوادث، فهي بمَحْض القدَر، وليس للعبد فيها اختيارٌ ولا إرادة، والله الموفِّق". اهـ[55].

الفائدة الرابعة:
من خلال ما تقدَّم من بيان اعتقاد الجبْرية في القدَر والرد عليهم، نعرف كيف نرد على مَن يحتجُّ بالقدَر على فِعْل المعاصي، وبيَّن المصنِّف - رحمه الله - أنه لا يحتج بقضاء الله وقَدَرِه في فعل المعاصي؛ من ترْك أوامر، أو فِعْل نواهٍ؛ كمَن يُقال له: لماذا تركتَ الصلاة؟ أو لماذا سرقت؟ فيقول: قضاء وقدَرٌ، هذا شيء مكتوبٌ عليَّ، ولا شك أنَّ هذه حُجَّة باطلة، والرد عليه من عدة وجوه:
1- أن الله - عز وجل - بعث الرُّسُل إلى أقوامهم؛ لئلا يكون للناس حجةٌ؛ فقطع بهم أي حُجَّة، ولو كان الاحتجاجُ بالقدَر صحيحًا، لكان مخالفًا لهذه الآية، في قوله: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[56].
2- أن الله - عز وجل - جعل للعبد عملاً يجازى به يوم القيامة ثوابًا وعقابًا؛ فقال - تعالى -: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}[57]، فأضاف الكسْبَ من العمل إلى العبد، وهذا يدل على أن له اختيارًا يُجازى به، فلا حُجَّة بالقدر حينئذٍ؛ لأنَّ هذا اختياره.
3- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما منكم من أحد إلا وقد كُتِبَ مقعده من النار أو من الجنة))، فقال رجل: ألا نتَّكل يا رسول الله؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا، اعملوا؛ فكلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له))[58].
ووجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالعمل، ونهى عن الاتِّكال على القدَر، وهذا يدل على أنه لا حجة فيه على عمل المعصية.
4- أن نقول لهذا الذي يحتجُّ بالقدَر على فِعْل المعاصي: ما رأيك لو أنَّ إنسانًا سرَق من بيتك أو سيارتك شيئًا، واحتج بالقدَر، فهل ستعذره بحجته؟ وكذلك لو أنه ضربك أو قتل آخر، واحتج بالقدَر، فهل حجته قوية، أو أنها باطلة؟

لا شك أنه سيقول: إنَّ هذه الحجة باطلة؛ بل منَ السَّفَه الاحتجاج بها، وكذلك في سائر أمور الدنيا لا يحتج بالقدر، فلو قيل له: لا تذهب لوظيفتك، واجْلِس في بيتك، وإذا سألك مُديرُك عن غيابك، فقل: قضاء وقدَرٌ، لا شك أنه لن يقول ذلك، وسَيَرَى أنه من السفَه الاحتجاج بذلك؛ فيقال له: لماذا تحتَجُّ بالقدر في أمور دينك، ولا تحتج به في أمور دنياك، ففرَّقتَ بين هذا وهذا؟! فكما أن لك مشيئة في أمور دنياك في فعلك وتركك، تُجَازَى عليها، فكذلك الحال في أمور دينك - والله أعلم.

وتقدَّم قول ابن القيم في ميميته:
وَعِنْدَ  مُرَادِ  اللهِ  تَفْنَى   كَمَيِّتٍ        وَعِنْدَ مُرَادِ النَّفْسِ تُسْدَى وَتُلْحَمُ
وَعِنْدَ خِلافِ الْأَمْرِ تَحْتَجُّ بِالْقَضَا        ظَهِيرًا عَلَى الرَّحْمَنِ لِلْجَبْرِ تَزْعُمُ
الفائدة الخامسة: شبهة في حديثَيْن، والرد عليها:
الحديث الأول:
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((احتجَّ آدمُ وموسى، فقال له موسى: يا آدم، أنت أبونا، خيَّبتنا وأخرَجْتنا من الجنة، قال له آدم: يا موسى، اصطفاك الله بكلامه، وخطَّ لك بيده، أتلومني على أمرٍ قدَّره الله عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟! فحجَّ آدمُ موسى، فحجَّ آدمُ موسى))[59].

وموطن الشبْهة: أنَّ آدم - عليه السلام - احتج بالقدَر على فِعْله، فأثبَتَ له النبي - صلى الله عليه وسلم - صحَّة الاحتجاج، وقال: ((فحَجَّ آدمُ موسى))، وهذا يدلُّ على جواز الاحتجاج بالقدَر على فِعْل المعاصي.

والجواب عن هذه الشبهة أن يُقال: آدم - عليه السلام - لَم يحتج بالقدَر على المعصية؛ لأن الله قد غفر له أَكْلَه من الشجرة، وإنما احتجَّ بالقدَر على المصيبة، وهي الإنزال من الأرض، فموسى - عليه السلام - لم يَقُل لآدم - عليه السلام -: لِمَ تَعْصي ربك؟ ولا يُتَصَوَّر أن موسى يَسْأل ذلك، فضلاً على أن آدم - عليه السلام - قد غفر الله - تعالى - له ذنبه، والإنزال إلى الأرض مصيبةٌ كَتَبَها الله على آدم - عليه السلام - ولذا جاء في رواية الشعبي: "أَلَم تقرأ في التوراة: أنَّ الله - تعالى - كتب أنه سوف ينزلني إلى الأرض، وأنه سيجعلني خليفة في الأرض؟!"؛ وأصل الحديث في البخاري؛ ولذا استدل آدم بالمكتوب المقدَّر على هذه المصيبة، ومن هذا الحديث أَخَذ مذهبُ أهل السنة والجماعة قاعدةً عقدية، وهي: "أنه يحتج بالقدَر على المصائب، ولا يحتج بالقدر على المعايب"، التي هي المعاصي والذنوب؛ ويدل على الاحتجاج بالقدَر على المصائب قوله - تعالى -: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ}[60]، وأَمَر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأن نقول: "قل: قدَّر الله، وما شاء فعل"[61].

الحديث الثاني:
حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من نفس منفوسة إلا وكتب الله مقعدها منَ الجنة أو النار))، قالوا: يا رسول الله، أفلا نتَّكل على الكتاب، وندع العمل؟ قال: ((لا، بل اعملوا؛ فكلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِق له))[62]، وفي روايةٍ لمسلم ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى *  وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى *  فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى *  وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى *  وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}[63].

وموطن الشُّبهة: أنَّ منَ الناس مَن يحتج بالقدَر على ترْك العمل، فيقول: ما دام أنه كُتِب في اللوح المحفوظ أهل الجنة من أهل النار، فلماذا نعمل؟

والجواب عن هذه الشبهة أن يقال: 

أولاً: لا غرابة في هذا السؤال؛ حيث ورد عن الصحابة - كما في الحديث السابق - فقالوا: "يا رسول الله، أفلا نتَّكل على الكتاب وندع العمل؟ وكذلك في حديث جابر عند مسلم؛ حيث قالوا: ففيم العمل؟

ثانيًا: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاب عن هذه الشبهة، فقال لهم: ((اعملوا))، ولَم يجعل ما قالوه حجة تستوقف الإنسان عن العمل، بل أرْشَدَهُم إلى العمل، وهكذا نقول للمسلم، وتَقَدَّم أن العبد لا يُوغل في مسائل القدر؛ حتى لا يدعَ للشيطان مجالاً فيشكِّكه في عقيدته؛ ليدع العمل، فهو إما أن يفسدَ عمل العبد بالشهوات، أو يجعله لا يعمل بإلقاء الشبهات، فعلى العبد أن يؤمن ويعمل وَفْقَ ما جاء من نصوص الكتاب والسنة، فالعبدُ لا يدري ما الذي كُتِب له في اللوح المحفوظ؛ قال الله - تعالى -: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}[64]، ولكن جاءت النصوص الكثيرة التي تحثُّ على العمل، وأن الإنسان سيُجَازَى بعمله؛ فعليه الاجتهاد.

ثالثًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن الإنسان يُيَسَّر لِمَا خُلِق له بعمله، فيوفِّقه الله لعمل أهل الجنة إن كان من أهلها، ويوفقه لعمل أهل النار إن كان من أهلها، إلا أنه - سبحانه وتعالى - لا يظلم أحدًا، فمَن سعى لعمل أهل الجنة وفَّقَه الله لعملها، ومَن أعرض واستكبر سهَّل الله له طريقًا إلى النار - والعياذ بالله - ولذا في رواية مسلم قرأ قوله - تعالى -: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى *  وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى *  فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى *  وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى *  وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى *  فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}[65].

المبحث السادس: التقدير الكتابي على أقسام:
والمقصود: أنَّ تقدير الله - تعالى - للأشياء وكتابة ذلك في اللوح المحفوظ هو الأصل في هذه الأقسام، وما يأتي بعده من أقسام إنما هو كالتفصيل له:
أولاً: التقدير العام الشامل لكل شيء (التقدير الأصلي):
وهو المكتوب في اللوح المحفوظ من مقادير كل شيء إلى قيام الساعة.

ويدل عليه: حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلقَ السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشُه على الماء))[66].

فما كتب في اللوح المحفوظ هو الأصل، وما سيأتي من تقسيمٍ إنما هو بمثابة التفصيل لما كُتِب في اللوح المحفوظ.

ثانيًا: التقدير العمري:
وهذا النوع من التقدير أو الكتابة إنما هو خاصٌّ بكلِّ إنسانٍ على حِدَة، فيُكتب ما يكون في عمره من حيث الرِّزق، والأجَل والعمل، والسعادة أو الشقاء.

ويدل عليه: حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: حدَّثنا الصادق المصدوق: ((إنَّ أحدَكم يجمع خلْقه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الرُّوح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد))[67].

ثالثًا: التقدير السنَوي (الحولي):
وهو ما يكون في ليلة القدر، ففيها تُكتب مقادير السنة من مَوْت وحياة، ورِزْق ومطر ونحوه، إلى السنة التي تليها؛ ويدل عليه:
قوله - تعالى -: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ *  وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}[68]، فسُمِّيَت ليلة القدر؛ لأن بها يكون تقدير ما يحصل في تلك السنة، وقوله - تعالى -: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ *  فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}[69]، و{يُفْرَق}؛ أي: يفصل منَ اللَّوْح المحفوظ إلى الصُّحُف التي هي في أيدي الملائكة - كما في أحد أَوْجُه التفسير - وذلك كل سنة في ليلة القدْر.

رابعًا: التقدير اليَوْمي:
وهو التقدير الذي يحصل في كلِّ يَوْم؛ ويدل عليه قوله - تعالى -: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}[70].
ووجه الدلالة: أنَّ جمعًا من المفسِّرين قالوا في تفسير هذه الآية: "إنَّ الله - عز وجل - من شأنه في كلِّ يوم أن يُحيي ويُميت، ويخلق ويَرْزُق، ويُعِزَّ قومًا، ويُذِلَّ آخرين، ويَشْفي مريضًا، ويفك عانيًا، ويفرج مكروبًا، ويُجيب داعيًا، ويعطي سائلاً، ويغفر ذنبًا، إلى ما لا يُحصى من أفعاله وأحداثه في خلقه"[71].

قال ابن القَيِّم: "وكلُّ واحد من هذه التقادير كالتفصيل من القدَر السابق، وفي ذلك دليل على كمال علْمه - سبحانه - وقدرته وحكمته، وزيادة تعريفه الملائكة وعباده المؤمنين بنفسه وأسمائه"، قال: "فاتَّفَقَتْ هذه الأحاديث ونظائرها على أنَّ القدَر السابق لا يمنع العمل، ولا يوجب الاتِّكال عليه؛ بل يوجب الجد والاجتهاد"[72].

وتحت هذا المبْحَث مسألتان:
المسألة الأولى: هل يَتَغَيَّر المكتوبُ في التقديرات السابقة؟

فالجوابُ: أنَّ المكتوب الذي بأيدي الملائكة؛ كالتقدير العمري ونحوه، فإنه يَتَغَيَّر، فيزيد وينقص بحسب الأسباب؛ لقول الله - تعالى -: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}[73]، وأما المكتوب في أُمِّ الكتاب الذي هو عند الله - جلَّ وعلا - في اللوح المحفوظ فلا يَتَغَيَّر؛ قال - تعالى -: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}، فالذي يقبل التغيير من مَحْوٍ وإثبات وتغيير، هو ما كان مكتوبًا في صُحُف الملائكة، كالذي تكتبه الملائكة حين ينفخ في الجنين الروح من أَجَلٍ، ورزقٍ، وعملٍ، وشقي أم سعيد، فإن شاء الله تغييره فَعَلَ - سبحانه وتعالى - بخلاف ما في اللوح المحفوظ فلا يَتَغَيَّر، بل كل ما يحدث من تغيُّر في صُحُف الملائكة، فإنَّه مكتوب في اللوح المحفوظ، لا يُمكن تغييره - والله أعلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: "الرزق نوعان:
أحدهما: ما علمه الله أنه يرزقه، فهذا لا يَتَغَيَّر.
والثاني: ما كتبه وأعلم به الملائكة، فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب؛ فإن العبد يأمر الله الملائكة أن تكتبَ له رزقًا، وإن وصل رَحِمَه زاده الله على ذلك؛ كما ثبت في "الصحيح"، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((مَنْ سرَّه أن يُبْسَطَ له في رزقه، وينسأ له في أَثَرِه، فلْيَصِل رحِمه))، وكذلك عُمر داود زاد ستين سنةً، فجعله الله مائة بعد أن كان أربعين، ومن هذا الباب قولُ عمر- رضي الله عنه -: "اللهم إن كنتَ كتبتني شقيًّا، فامحني واكتبني سعيدًا؛ فإنك تمحو ما تشاء وتثبت"، ومن هذا الباب قولُه - تعالى - عن نوح: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ *  يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}[74]، وشواهِده كثيرةٌ.

والأسباب التي يحصُل بها الرزق هي من جُملة ما قدَّره اللهُ وكتَبَه، فإن كان قد تقدَّم بأنه يَرْزق العبد بسَعْيه واكتسابه، ألْهَمَهُ السعي والاكتساب، وذلك الذي قدَّره له بالاكتساب، وما قدَّره له بغَيْر اكتساب؛ كموت موروثه يأتيه به بغَيْر اكتساب.

والسعي سَعْيان:
1- سعيٌ فيما نُصِبَ للرِّزْق؛ كالصِّناعة، والتجارة.
2- وسعي بالدُّعاء والتوَكُّل، والإحسان إلى الخلْق، ونحو ذلك، فإنَّ الله في عَوْن العبد ما كان العبدُ في عون أخيه". اهـ[75].

وقال شيخُنا ابن عثيمين: "هذا المكتوب الذي بأيدي الملائكة عُرْضَةٌ للمَحْو والإثبات؛ لقول الله - تعالى -: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}[76]؛ أي: أصل أمِّ الكتاب هو اللوح المحفوظ، مكتوبٌ فيه ما يَسْتَقِرُّ عليه العبدُ، لكن ما كان قابلاً للمَحْو والإثبات، فهذا الذي في أيدي الملائكة؛ قال الله - عزَّ وجل -: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[77]، انظر: حسنة تُذهب سيئة، تمحوها بعد أن كتبتْ، وهذا باعتبار ما في أيدي الملائكة، أما أمُّ الكتاب الأصل، فمكتوب فيه ما يستقِرُّ عليه العبدُ.

المسألة الثانية: كيف يكون الدُّعاء رادًّا للقضاء والقدَر؟
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: "قول بعضِهم: إنَّ الدعاء ليس هو إلا عبادة مَحْضة؛ لأنَّ المقدور كائنٌ، دعا أو لَم يدعُ، فيُقال له: إذا كان اللهُ قد جعل الدعاء سببًا لنَيْل المطلوب المقدَّر، فكيف يقعُ بدون الدعاء؟!"[78].

وقال ابن القيم: "الدُّعاء من أنفع الأدوية، وهو عَدُوُّ البلاء؛ يُدافعه ويُعالجه، ويمنع نُزوله، ويرفعه أو يخفضه إذا نزل، وهو سلاح، وله مع البلاء ثلاثُ مقامات:
أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.
الثاني: أن يكونَ أضعف من البلاء؛ فيقوى عليه البلاء، فيصاب به العبد، لكن قد يخففه وإن كان ضعيفًا.
الثالث: أن يتقاوَما، ويمنع كل واحد منهما صاحبه"[79].

وقال شيخُنا ابن عثيمين: "الدُّعاء منَ الأسباب التي يحصل بها المدعو، وهو في الواقع يردُّ القضاء، ولا يرد القضاءَ إلا الدعاءُ؛ يعني: له جهتان، فمثلاً: هذا المريض قد يدعو الله - تعالى – بالشِّفاء، فيشفى، فهنا لولا هذا الدعاء لبقي مريضًا، لكن بالدُّعاء شُفِيَ، إلا أنا نقول: إن الله - سبحانه وتعالى - قد قضى بأن هذا المرض يشفى منه المريض بواسطة الدعاء، فهذا المكتوب"[80].

فائدة:
لا يجوز الدعاء بـ: "اللهم إنِّي لا أسألك رد القضاء، ولكنِّي أسألك اللطف به"؛ لسببَيْن:
الأول: لما فيه منَ التعَدِّي؛ حيث إنَّ هذا اللفظ يُوحي بأن بعض القضاء لا لُطف فيه، وهذا خلاف الصواب؛ فالله - تعالى - لطيفٌ بعباده في كل قضاء قضاه.
الثاني: لأنَّ الدُّعاء يرد القضاء - كما تقَدَّم - والداعي لا يسأل الله ردَّ القضاء، وهذا فيه عدمُ عزيمة على الدعاء، فالواجبُ أن يسأل الله ردَّ القضاء مع ما في دعائه ذلك من مواجهة لقضاء الله - تعالى - ورجح عدمَ الجواز شيخُنا ابنُ عثيمين في فتوى له.

المبحث السابع: الفرْق بين القدَر والقضاء: 
اختلف العلماءُ في الفرْق بين القضاء والقدَر:
فقيل: هما بمعنى واحد، ولا فرْق بينهما، واختار هذا القول ابن القيِّم - رحمه الله - وكثيرٌ من أهل العلم.

وقيل: إنهما إذا اجتمعا فكلُّ واحد له معنى، وإذا افترقا بأن ذكر القدر، فإن القضاء يدخل في معناه، وإذا ذكر القضاء، فإن القدَر يدخل في معناه، وإذا اجتمعا بأن ذكر القضاء والقدر، فكلُّ واحد منهما له معنى، فإذا افترقا اجتمعا - أي: في المعنى - وإذا اجتمعا افترقا، فيكون كلُّ واحد له معنى، فيكون معنى القدَر: هو علمُ الله السابق الذي يسبق وُقُوع المقدَّر، فإذا وقع المقدَّر سُمِّي قضاءً؛ ولذا يقول الله - عز وجل -: {وَقُضِيَ الْأَمْرُ}[81]، وقال: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ}[82]، فالقدَر هو تقدير الله - تعالى - للشيء في الأزَل، والقضاء قضاؤه به عند وقوعه، واختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين[83].

وأيضًا مما ينبغي ذكرُه تحت هذا المبحث: أن الإيمان بالقدَر يستلزم أن يؤمن العبد بأن الله لا يخلق شرًّا مَحْضًا - أي: لا خير فيه - فهذا لا يُمكن؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((والخير كلُّه إليك، والشر ليس إليك))[84].

وأما القضاءُ: فقد يكون فيه شرٌّ بالنسبة للإنسان، لا لقضاء الله - عز وجل - ذلك؛ ولذا جاء في دعاء القنوت، الذي رواه الإمام أحمد وغيره: ((وقني شر ما قَضَيْت؛ فإنك تقضي ولا يُقضى عليك))، فقضاءُ الله - تعالى - ليس فيه شرٌّ أبدًا؛ لأنه صادرٌ عن رحمةٍ وحكمةٍ، ولكنه بالنسبة للمخلوقين قد يكون شرًّا، ولو انكشفَ الغيب للعبد؛ لتمَنَّى كثيرًا مما كرهه، وظن أنه شرٌّ، والواقع يشهد لكثيرٍ من ذلك؛ ولذلك قال الله - عز وجل -: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[85]؛ ولذا ينبغي التَّأدُّب مع الله - جل وعلا - فلا يُنسَبُ الشر إليه - جل وعلا - كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((والشر ليس إليك))، وقال الله - عز وجل - عن نبيِّه إبراهيم - عليه السلام -: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ *  وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ *  وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}[86]، فنَسَبَ المرضَ لغير الله، مع أنَّ كل شيء من عند الله - عز وجل - بخلاف عديم الأدب إبليس؛ فإنه قال: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي}[87]، فنسب الغَواية لله في خطابِه؛ ولذا لَم يأت في النصوص نسبة الشر لله - تعالى - مفردًا، فإما ينسب للسبب وهو الخلْق؛ كقوله - تعالى -: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}[88]، ويحذف فاعل الشَّر؛ كقوله - تعالى -: {وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}[89].

ويتلخص مما سبق:
أولاً: ينبغي التَّأدُّب مع الله - تعالى - فلا يُنسَب الشَّر إليه - جل وعلا - ويشهد لذلك أمران:
1- أنَّ المتأمِّل لنُصُوص الكتاب والسنة يجد أنَّ الشَّرَّ لا يُنسب لله - تعالى - مفردًا.
2- تأدب الأنبياء مع ربِّهم - جل وعلا - ومن ذلك قول إبراهيم - عليه السلام - كما في قوله - تعالى -: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}[90]. 

ثانيًا: أنه ليس في قَدَرِ الله - تعالى - شرٌّ محضٌ، بل قد يكون شرًّا للمخلوقين، وأما بالنسبة للخالق فليس في قدره شرٌّ محضٌ؛ لأنه صادر عن رحمةٍ وحكمةٍ، فإن كان شرًّا من وجه فيما يراه المخلوق، فهو خيرٌ من وجهٍ آخر قد يخفى على المخلوق، وقد أطال في هذه المسألة وأجاد طبيبُ القلوبِ ابنُ القيِّم - رحمه الله - في كتابه: "شفاء العليل في مسائل القضاء والحكمة والتعليل"، فكان مما قال ابن القيم: "أما الشرُّ المحض الذي لا خير فيه، فذاك ليس له حقيقةٌ؛ بل هو العدمُ المحض، فإن قيل: فإبليس شرٌّ محضٌ، والكفر والشرك كذلك، وقد دخلوا في الوجود، فأيُّ خير في وجود إبليس ووجود الكفر؟! قيل: في خلق إبليس من الحِكَمِ والمصالح والخيرات التي ترتَّبَتْ على وجوده ما لا يعلمه إلا الله، كما سننبِّه على بعضه..."، ثم بيَّن ما في ذلك مِنْ خَيْر، فرَاجِعْه في كتابه - رحمه الله[91].

فائدة:
قول بعض الناس في دعائه: "الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروهٍ سواه" - خلافُ السنة، فالأفضل اجتنابه؛ لسببَيْن:
الأول: لأنه خلاف السُّنَّة؛ فالسنَّة أن يقولَ فيما يكره: "الحمدُ لله على كلِّ حال".
الثاني: لأنَّ هذا يوحي بعدم الرِّضا بالقدَر[92].
 
الشيخ/ عبدالله بن حمود الفريح
ـــــــــــــــــــــــــ
[1] [الأنبياء: 23].
[2] [القمر: 49].
[3] [الفرقان: 2].
[4] [الحديد: 22].
[5] [الأنعام: 125].
[6] رواه مسلم.
[7] [النساء: 165].
[8] [البقرة: 286].
[9] [التغابن: 16].
[10] [غافر: 17].
[11] [الأنعام: 125].
[12] رواه مسلم.
[13] [هود: 34].
[14] [الأنعام: 125].
[15] [الأنفال: 67].
[16] [النساء: 27].
[17] [الأنعام: 39].
[18] انظر: "شرح العقيدة الواسطية" ص 49.
[19] [القمر: 49].
[20] [الحديد: 22].
[21] الحديث رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وصحَّح إسناده الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي.
[22] انظر: "التقريب" (7683)، وانظر: "الميزان" (4/ 418).
[23] [الحشر: 22].
[24] [الطلاق: 12].
[25] [الحديد: 22].
[26] رواه مسلم.
[27] [الحج: 70].
[28] [إبراهيم: 27].
[29] [الفرقان: 2].
[30] [الصافات: 96].
[31] رواه مسلم.
[32] [البقرة: 253].
[33] [السجدة: 13].
[34] [الإنسان: 30].
[35] [الزمر: 62].
[36] [الصافات: 96].
[37] [غافر: 17].
[38] [البقرة: 286].
[39] [التغابن: 16].
[40] [التكوير: 28، 29].
[41] [المدثر: 56].
[42] [الإنسان: 29، 30].
[43] [الزخرف: 20].
[44] [الأعراف: 16].
[45] [الأنعام: 148].
[46] انظر: "التنيهات السنيَّة"؛ للشيخ عبدالعزيز الرشيد، ص (261).
[47] ومن أراد هذه التائية فلينظرها في "مجموع الفتاوى" (8/ 245).
[48] [التكوير: 28، 29].
[49] انظر: "مجموع الفتاوى" (7: 644).
[50] [المزمل: 19].
[51] [آل عمران: 152].
[52] [الإسراء: 19].
[53] [البقرة: 196].
[54] [التكوير: 28، 29].
[55] انظر: "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/ 91 - 90)، وللجنة الدائمة برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - مزيدٌ من التفصيل والبيان؛ انظر في فتوى برقم (4657) في فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 517).
[56] [النساء: 165].
[57] [غافر: 17].
[58] رواه البخاري.
[59] متفق عليه.
[60] [الحديد: 22].
[61] رواه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه.
[62] رواه البخاري ومسلم.
[63] [الليل: 5 - 10].
[64] [آل عمران: 179].
[65] [الليل: 5 - 10].
[66] رواه مسلم.
[67] متفق عليه.
[68] [القدر: 1 - 2].
[69] [الدخان: 3، 4].
[70] [الرحمن: 29].
[71] انظر: "معارج القبول" (1/ 346)، وانظر: "تفسير البغوي".
[72] انظر: "التنبيهات السنية"؛ للشيخ: الرشيد، ص (253).
[73] [الرعد: 39].
[74] [نوح: 3 - 4].
[75] انظر: "مجموع الفتاوى" 8/ 540 - 541.
[76] [الرعد: 39].
[77] [هود: 114].
[78] انظر: "مجموع الفتاوى" 8/ 287.
[79] انظر: "الجواب الكافي" صـ4.
[80] انظر: "المجموع الثمين من فتاوى ابن عثيمين" (1/ 157)، وانظر نحو هذا الكلام: وهو أن المرض مكتوب، وأن الشفاء بواسطة الدعاء أيضًا مكتوب - كلامًا لشيخ الإسلام ابن تيميَّة في "مجموع فتاواه" (8/ 96)، وانظر "فتاوى اللجنة" (1/ 195)، و(24/ 243).
[81] [هود: 44].
[82] [غافر: 20].
[83] انظر: "مجموع فتاواه" (2/ 79)، وانظر مزيدًا في هذا كتابَ ابن القيم: "شفاء العليل في مسائل القضاء والحكمة والتعليل".
[84] رواه مسلم.
[85] [النور: 11].
[86] [الشعراء: 78 - 80].
[87] [الأعراف: 16].
[88] [الفلق: 2].
[89] [الجن: 10].
[90] [الشعراء: 80].
[91] وانظر أيضًا: "فتاوى شيخنا ابن عثيمين" (3: 258).
[92] انظر: "تفسير جزء عم"؛ لشيخنا ابن عثيمين، صـ127.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (1)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (2)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (3)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (4)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (5)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (6)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (7)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (8)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (9)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (10)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (12)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (13)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (14)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (16)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (17)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (18)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (19)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (20)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (21)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (22)

مختارات من الشبكة

  • تيسير رب العباد شرح لمعة الاعتقاد(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (15)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تيسير الخبير البصير في ذكر أسانيد العبد الفقير وحيد بن عبد السلام بالي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الدين يسر (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة في تيسير الله المعايش لعباده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • اختصار تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد لمحمد طه(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تيسير المقاصد شرح نظم الفرائد للعلامة حسن بن عمار الشرنبلالي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تيسير العسر بشرح ناظمة الزهر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة التيسير شرح الجامع الصغير (ج1) (النسخة 4)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
3- كلام جميل
سلطان البلوشي - سلطنة عُمان 28-09-2016 01:44 AM

جزاكم الله خيراً على ما تنشروه من خير ونسأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا

2- شكر
على خاطر - مصر 17-03-2015 04:03 PM

بارك الله فيكم وهدانا الله و إياكم إلى الطريق المستقيم و إلى جنات رب العالمين

1- شكر وتقدير
يوسف البكري - الاردن 25-12-2009 10:34 PM
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم على هذا الشرح الممتع ونفع الله بكم الأمة ونصر السنة بعلمكم وقمع البدعة بقلمكم وفقكم الله لما يحب ويرضى وجزاكم الله عنا كل خير.
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب