• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالله بن حمود الفريح / بحوث ودراسات
علامة باركود

كتاب الزكاة (2/8)

الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/8/2009 ميلادي - 13/8/1430 هجري

الزيارات: 51406

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ضمن شرح الفقه الواضح في المذهب والقول الراجح على متن زاد المستقنع
كتاب الزكاة (2/8)

باب زكاة بهيمة الأنعام

فيه ست مسائل:
بهيمة الأنعام: هي الإبل والبقر والغنم فقط، والإبل سواء كانت عِرابًا - وهي الإبل الملس حسنة الألوان - أو كانت بخاتي - وهي خلاف العراب غليظة ذات سنامين - والبقر يدخل فيها الجواميس؛ لأنَّها من أنواع البقر، بل نقل ابن تيمية عن ابن المنذر أنه حكى الإجماع على دخول الجواميس[1]، والغنم تشمل الضأن والماعز.

هذه الأنواع الثلاثة الإبل والبقر والغنم هي التي تجب فيها الزكاة وما سواها، فلا تجب كالظباء وغيرها.

وهذه الأنواع الثلاثة تسمَّى بهيمة الأنعام سميت بهيمة؛ لانبهام صوتها وخفائه وعدم إيضاحه، وبدأ صاحب الزاد بزكاة بهيمة الأنعام؛ اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كما في كتاب أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - الذي كتبه لأنس - رضي الله عنه - وفيه فريضة النبي - صلى الله عليه وسلم - للزكاة، والحديث في صحيح البخاري.

وبدأ ببيان زكاة الإبل؛ اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - كما في كتاب أبي بكر، فأول ما فيه زكاة الإبل، وأيضًا لأنَّها أشرف المال عند العرب وأكثره وأعظمه قيمة وجسمًا.

المسألة الأولى: دل على وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام السنة والإجماع.

فمن السنة: حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - في الكتاب الذي كتبه أبو بكر؛ لبيان فريضة النبي - صلى الله عليه وسلم - للزكاة وفيه: "هذه فريضة الصَّدقة التي فرضها النبي - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين..."[2]؛ وفيه ذكر الإبل والغنم، وأمَّا البقر فجاءت في حديث معاذ بن جبل كما سيأتي.

وأمَّا الإجماع: فقد قال ابن المنذر في كتاب "الإجماع"، (ص: 46): "وأجمعوا على وجوب الصدقة في الإبل والبقر والغنم".

المسألة الثانية: شروط وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام:
بهيمة الأنعام تجب فيها الزكاة إذا توفرت فيها ثلاثة شروط، وهي:
1- أن تكون مُعدَّة للدرِّ والنسل:
فُتخرج بهيمة الأنعام المعُدَّة للركوب أو العمل أو التأجير، فلا زكاة فيها، فالإبل التي يركبونها ويسافرون عليها، وكذا الإبل والبقر التي يعملون عليها، فيسقون ويجلبون الماء بها، وكذا التي اتَّخذوها للتأجير، كل ذلك لا زكاة فيه، وإن بلغت نصابًا، وكانت سائمة، وإنَّما تخرج الزكاة من أجرتها إذا حال عليها الحول.

وكذلك نُخرج بهيمة الأنعام التي اتَّخذت للتجارة، فهذه زكاتها زكاة عروض التجارة كما سيأتي.

فائدة: اختلف في العوامل هل تجب فيها الزكاة؟ والعوامل هي الإبل والبقر تكون عند أحدهم، فيؤجرها لنقل البضائع بين البلدان وفيها، أو يؤجرها لجلب الماء من البئر إلى الزرع ونحوها، والصواب أنَّه ليس فيها زكاة، ولو بلغت نصابًا، وكانت سائمة، ولكن أجرتها إذا حال على القيمة حولٌ أخرج زكاته، والقول بأنَّ العوامل ليس فيها زكاة هو قول الجمهور خلافًا لمالك - رحمه الله - "وأما حديث علي - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((ليس في البقر العوامل صدقة))؛ رواه أبو داود وابن أبي شيبة وعبدالرزاق والبيهقي، فهو حديث ضعيف ضعَّفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع برقم: 4905، وقد قال في "السلسلة الضعيفة": إنه ضعيف جدًّا.

2- أن تكون سائمة الحول أو أكثره:
ومعنى سائمة؛ أي: التي ترعى فيما أنبته الله - عزَّ وجل - ولم يكن للآدمي فيه عمل، فإذا كانت بهيمة الأنعام تأكل مما نزرعه أو نشتريه فنعلفها إياه، فلا تعدُّ به سائمة، فبهيمة الأنعام التي وضعت في مكان وصاحبها هو الذي يأتي لها بالطعام، فهذه لا تسمى سائمة، ولا بد أن تكون سائمة الحول؛ أي: السنة كاملة، أو أكثره، فإذا كانت تأكل مما أنبته الله سنة كاملة أو سبعة أشهر، ففيها زكاة، وأمَّا إذا كانت ترعى فيما أنبته الله ستَّة أشهر فأقل، فلا زكاة فيها؛ لأنَّها لا تعد سائمة لا الحول ولا أكثره، وهذا من رحمة الله؛ حيثُ لم يوجب عليهم الزكاة؛ لأنَّهم تكلفوا بإعلافها.

واشتراط كونها سائمة هو قول جمهور العلماء خلافًا لمالك - رحمه الله - وقولنا: "سائمة"، نخرج المعلوفة كما تقدم.

ويدل على اشتراط كونها سائمة:
1- حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - الطويل في كتاب أبي بكر وفيه: "وفي الغنم في سائمتها"؛ رواه البخاري.
2- حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعًا: ((في كل إبل سائمة في كل أربعين ابنة لبون))؛ رواه أبو داود (1575)، والنسائي (2444)، وصححه الإمام أحمد وابن عبدالهادي في "التنقيح" (2/1491).

تنبيه: وكذا نخرج من هذا الشرط بهيمة الأنعام المُعَدَّة للتجارة، فهذه لا يشترط أن تكون سائمة، فإنَّ فيها زكاةَ عروض التِّجارة كما سيأتي في بابه، فإذا كانت عند رجل إبلٌ أو غنمٌ أو بقرٌ يبيع ويشتري فيها؛ ليتاجر ويربح، فهذه زكاتها زكاة عروض التِّجارة، ولا يشترط فيها نصابًا، ولا أن تكون سائمة، ودائمًا في كل بيان لأحكام الزَّكاة على طالب العلم أن يتصور أن عروض التِّجارة لها باب خاص أيًّا كانت هذه التِّجارة في بهيمة الأنعام أو السيارات أو الأقمشة أو المواد الغذائية أو غيرها مما اتُّخِذَ تجارة ففيه زكاة عروض التجارة كما سيأتي.

3- أن تبلغ النصاب المعتبر شرعًا:
فإذا كانت بهيمة الأنعام اتُّخِذَت للدَّرِّ والنَّسْل، وكانت سائمة؛ لكي تجب فيها الزكاة لا بُدَّ من بلوغ النصاب المعتبر، فملك النصاب شرط بالإجماع كما تقدم، وسيأتي بيان النصاب لكل من الإبل والبقر والغنم، ومدار بيان نصاب الماشية على حديثين حديث أنس - رضي الله عنه - في كتاب أبي بكر له، وحديث ابن عمر كما سيأتي وذكر ذلك النووي في "المجموع"، (5/382).

المسألة الثالثة: زكاة الإبل:
• من كان عنده (25) من الإبل، ففيها بنت مَخاض.

بنت مَخاض: بفتح الميم، وهي ما تمَّ لها سنة من الإبل، وسميت بذلك؛ لأنَّ أمها في الغالب تكون حاملاً، والماخض: هي الحامل وهذه ابنة لها، فسميت بنت مخاض، وليس شرطًا أن تكون أمها ماخضًا، وإنَّما ذكر ذلك تعريفًا لها؛ لكونه غالب أحوالها.

فمن كان عنده (25) من الإبل، فيخرج زكاتها بنت مَخاض.

ويدل على ذلك:
1- حديث أنس - رضي الله عنه - في كتاب أبي بكر كما عند البخاري، وفيه: "فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين، ففيها بنت مخاض أنثى"؛ رواه البخاري.
2- الإجماع ونقله ابن هبيرة في "الإفصاح"، (1/196).

• في كل (5) من الإبل شاة، فإذا بلغت (25)، ففيها بنت مخاض.

الشاة: لفظ يُطلق على الذَّكر والأنثى من الأغنام، سواء كانت من الضأن أم من الماعز، وهي من الضأن ما له ستة أشهر، ومن الماعز ما له سنة، وأوجب الشَّارع الحكيم زكاة الإبل هنا تخرج من الأغنام ولم تخرج من الإبل، مع أن زكاة كل مال تخرج من جنسه؛ نظرًا لقلة الإبل، وكونها مالاً عظيمًا عند صاحبها، فمن كان عنده (5) من الإبل، فإن زكاتها شاة واحدة، فإذا كان عنده (10) من الإبل، ففيها شاتان، فإذا كان عنده (15) من الإبل، ففيها ثلاث شياه، فإذا كان عنده (20) من الإبل، ففيها أربع شياه، فإذا كان عنده (25) من الإبل، ففيها بنت مخاض كما سبق.

ويدل على ذلك:
1- حديث أبي بكر - رضي الله عنه - الذي كتبه لأنس وفيه: "وفيما دونها من الغنم في كل خمس شاة"؛ أي: فيما دون خمس وعشرين من الإبل يخرج من الغنم في كل (5) من الإبل شاة.
2- الإجماع على ذلك كما نقله ابن المنذر في كتابه "الإجماع" (ص46)، ونقله ابن هبيرة في "الإفصاح" (1/196).

فائدة: ما بين الفريضتين ليس فيه شيء، ويُسمَّى عند العلماء: وَقْص، بفتح الواو وإسكان القاف، فمثلاً من كان عنده (8) من الإبل، فهذا يخرج في زكاته شاة، فهو ومَنْ عنده (5) من الإبل سواء في إخراج الزكاة، مع أنَّه زاد عليه بثلاثة من الإبل، ولكن لا شيء فيها وتسمى (وقصًا)، وكذا من عنده (23) من الإبل، فإنَّ زكاته أربع شياه مثل مَنْ عنده (20) من الإبل وهكذا.

• ومن كان عنده دون الخمس من الإبل كأن يَملك أربعًا من الإبل، فلا زكاة عليه.

ويدل على ذلك:
حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - مرفوعًا: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة"؛ متَّفق عليه.

• مسألتان:
الأولى: من كان عنده (25) من الإبل، ففيها بنت مخاض كما سبق، فلو أخرج (5) شياه بدلاً عنها، فلا تُجزئ، ولكن من كان عنده عشرون من الإبل، فأخرج عنها بنت مخاض فهل تجزئه؟ والفرق بينهما أنَّ الأول أخرج أقل من الزَّكاة المطلوبة، والثاني صاحب العشرين أخرج أعلى من الزكاة المطلوبة.

اختلف فيمن كان عنده (20)، وأراد أن يخرج بنت مخاض، فقيل: لا يُجزئه؛ لأنه خلاف النص الوارد.

وقيل: يجزئه؛ لأنَّه إذا كان صاحب (25) من الإبل تجزئه فما دونه من باب أَوْلَى، وكذلك لو أخرج بنت لبون أجزأه، وهذا اختيار شيخنا ابن عثيمين في "الممتع" (6/54)؛ لأن المقصود هو التخفيف على صاحب الماشية، فإذا أخرج أعلى فهو بالخيار.

الثانية: من كان عنده (25) من الإبل ولم يجد بنت مخاض، فإنه يجزئه ابن لبون ذكر بالإجماع.

ويدل على ذلك:
حديث أنس - رضي الله عنه -: "فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين، ففيها بنت مخاض، فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر".

وابن لبون: هو الذي له سنتان، ولا بد أن يكون ذكرًا لدلالة النص عليه، وهذا من المواضع التي يجوز فيها إخراج الذَّكر.

• من كان عنده (36 إلى 45) من الإبل، ففيها بنت لبون.

ويفهم من هذا أن من عنده (25) إلى (35) من الإبل، ففيها بنت مخاض، وعليه فما بين خمس وعشرين وست وثلاثين يسمى وَقْصًا، فإذا بلغت (36)، ففيها بنت لبون.

وبنت لبون: هي ما تمَّ لها سنتان، وسميت بذلك؛ لأن أمها غالبًا قد ولدت، فهي ذات لبن، وليس ذلك شرطًا.

ويدل على ذلك:
حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا بلغت ستًّا وثلاثين إلى ست وأربعين، ففيها بنت لبون أنثى".

وعلى ذلك فما بين الستِّ والثلاثين والست والأربعين يسمى وَقْصًا، وكل وقص ليس فيه شيء، وهو خاص ببهيمة الأنعام، وذلك رفقًا بصاحبها؛ لأنَّها تحتاج إلى مؤونة كثيرة من رَعْي وسَقْي وحَلْب وغير ذلك.

• من كان عنده (46 إلى 60) من الإبل، ففيها حِقَّة.

والحِقَّة: هي الأنثى من الإبل التي تمَّ لها ثلاث سنوات.
وسميت حِقِّة؛ لأنَّها استحقت أن يطرقها الفحل كما في الحديث، أو لأنَّها استحقت أن يُحمل عليها البضائع والمتاع.

ويدل على ذلك:
حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا بلغت ستًّا وأربعين إلى ستين، ففيها حِقِّةٌ طَرُوقَةُ الجمل".

والوَقْصُ ما بين ست وأربعين وإحدى وستين.
 
• من كان عنده (61 إلى 75) من الإبل، ففيها جَذَعة.

والجَذَعَة: هي ما تَمَّ لها أربع سنوات، وسميت جذعة؛ لأنَّها تُجْذِع إذا سقط سِنُّها.

وهذا السن هو أعلى سن يَجب في الزكاة؛ لأنَّه غاية الكمال والدَّرِّ والنسل والقوة.

ويدل على ذلك حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين، ففيها جذعة".

والوَقْص ما بين الإحدى وستين والست وسبعين، ولا تجب الجذعة إلاَّ في هذا الموضع، بخلاف بنت اللبون والحِقَّة، فإنَّها تجب فيما سيأتي.

• من كان عنده (76 إلى 90) من الإبل، ففيها بنتا لبون.

فلا بُدَّ أن يكونا بنتا لبون، فلو أخرج بنت لبون وابن لبون لم يُجزئ، لا بد من الأنثى؛ لأن الأنثى أغلى ثمنًا، وأنفع للناس دَرًّا ونسلاً.

ويدل على ذلك حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا بلغت ستًّا وسبعين إلى تسعين، ففيها بنتا لبون"، والوقص ما بين الست والسبعين والإحدى والتسعين.

• من كان عنده (91 إلى 120) من الإبل، ففيها حقتان.

ويدل على ذلك حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة، ففيها حقتان طروقتا الجمل"، والوَقْص ما بين الإحدى وتسعين والمائة وواحد وعشرين.

فائدة: كل ما مضى من بيان الأنصبة في الإبل، وبيان القدر الواجب في إخراج الزَّكاة انعقد عليه الإجماع، كما نقله ابن المنذر في كتاب الإجماع (ص 46)، والنَّووي في "المجموع"، (5/400، 418)، ودلَّ عليه حديث أنس - رضي الله عنه - عند البخاري، وملخص ما مضى في بيان الأنصبة والقدر الواجب على وفق ما يلي:

 

النصاب من الإبل القدر الواجب فيه
5 – 9 شاة واحدة
10 – 14 شاتان
15- 19 ثلاث شياه
20- 24 أربع شياه
25- 35 بنت مخاض
36- 45 بنت لبون
46- 60 حقة
61- 75 جذعة
76- 90 بنتا لبون
91- 120 حقتان



•
من كان عنده (121 فما فوق)، ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة.

ويدل على ذلك:
حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا زادت على عشرين ومائة، ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حِقَّة"، والمقصود في حساب ذلك إذا كانت الإبل (121 فما فوق)، نقسمها وننظر كم تَحمل العدد (أربعين)؟ فنجعل فيه بنت لبون، وكم تحمل العدد (خمسين)؟ فنجعل فيه حِقَّة، بشرط ألا يكون المتبقي بعد القسمة عشرة فأكثر.
مثال ذلك: رجل عنده (123) من الإبل لو أردنا قسمتها، لوجدنا أنها تحمل (40) ثلاث مرات والباقي ثلاثة، إذًا فيها ثلاث بنات لبون.
مثال آخر: رجل عنده (135) من الإبل لو أردنا قسمتها، لوجدنا أنَّها تحمل (40) مرتين، و(50) مرة واحدة، والمتبقي خمسة، إذًا فيها بنتا لبون وحِقَّة واحدة، بينما لو قسمنا هذا العدد على (40) ثلاث مرات، لتبقى خمسة عشر إذًا القسمة خاطئة.

ويقول أهل العلم: إذا قسمت فتبقى معك عشرة فأكثر، فاعلم أن القسمة خاطئة.

إذا تبقى أقل من عشرة، فهو وقص لا شيء فيه، والقِسْمة صحيحة على أن في كل (40) بنت لبون، وفي كل (50) حقة.

وبناء على هذا تكون القسمة وفق ما يلي:


النصاب من الإبل القدر الواجب فيه
121- 129 ثلاث بنات لبون
130- 139 حقة وبنتا لبون
140- 149 حقتان وبنت لبون
150 – 159 ثلاث حقَّات
160 – 169 أربع بنات لبون
170- 179 حقة وثلاث بنات لبون
180- 189 حقتان وبنتا لبون
190- 199 ثلاث حقات وبنت لبون
200- 209 خمس بنات لبون أو أربع حقات

 

وكلما زدت عشرًا، تغيَّر الفرض الواجب، وأهم شيء ألا يكون المتبقي بعد القسمة عشرة فما فوق، فإذا تبقى كذلك، فإن القسمة خاطئة.
 
• مَنْ وجبت عليه سن محددة، ولم يجد إلا أعلى أو أنزل منها:
مثال ذلك: رجل وجبت عليه بنت لبون وليست عنده، وعنده بنت مخاض أنزل منها، فإنه يدفع بنت المخاض، ويدفع معها جبرانًا، وإذا لم يكن عنده بنت لبون وعنده حقة أعلى منها، فإنَّه يدفع الحقة، ويأخذ من عامل الزكاة الذي يبعثه ولي الأمر، يأخذ منه جبرانًا فهو بالخيار.

والجبران: شاتان أو عشرون درهمًا، كل شاة بعشرة دراهم، هذا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فإمَّا أن يكون فرضه أقل من الواجب عليه، فيدفع لعامل الزكاة جبرانًا شاتين أو عشرين درهمًا، وإما أن يكون الذي عنده أعلى من الواجب عليه، فيدفع له عامل الزكاة جبرانًا شاتين أو عشرين درهمًا، وهذا القول هو القول الراجح، وهو قول المذهب والشافعية.

ويدل على ذلك:
حديث أنس - رضي الله عنه - في كتاب أبي بكر - رضي الله عنه -: "من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة، وليست عنده جذعة، وعنده حقة، فإنَّها تقبل منه الحقة، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا أو عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة الحقة، وعنده الجذعة، فإنَّها تقبل منه الجذعة، ويعطيه المصَّدِّق عشرين درهمًا أو شاتين..."؛ رواه البخاري (1453).

وهذا القدر الذي يأخذه المصدق أو يعطيه يسمى جبُرانًا، والجبران لا يدخل إلا في الإبل فقط، فهو خاص بها دون بقية بهيمة الأنعام؛ لأن النص إنَّما ورد في الإبل.

مسألة: العشرون درهمًا كانت تساوي على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - شاتين، كل شاة بعشرة دراهم، وأما اليوم فالعشرون درهمًا لا تساوي شيئًا، فهل وضعها النبي - صلى الله عليه وسلم - تعيينًا لا بد منها أو تقويمًا عن الشاتين.

الأظهر - والله أعلم - أنَّ العشرين درهمًا تقويمٌ مقابل الشاتين، وليس تعيينًا خلافًا للمذهب، فلو كانت قيمة الشَّاتين اليومَ مائتي درهم مثلاً، لوجب أن يعطيه مائتي درهم، ولا تكفي العشرون؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - جعلها مقابل الشاتين والله أعلم.

المسألة الرابعة: زكاة البقر:
•البقر: جمع بقرة، والبقرة تقع على الذَّكر والأنثى، وإنَّما دخلته الهاء على أنَّه واحد من الجنس - كما يقول الجوهري - والجمع بقرات، وهي مُشتقة من بقرت الشيء إذا شققته، فسميت البقرة بذلك؛ لأنَّها تبقر الأرض بالحرث، وتقدم أنَّه دل على وجوب الزَّكاة فيها السنة والإجماع إذا توفرت فيها الشروط.

• مَنْ كان عنده (30) من البقر، ففيها تبيع أو تبيعة.

نصاب البقر ثلاثون، وما دونها فليس فيه شيء، وهذا باتِّفاق الأئمة الأربعة، ودلت عليه السنة كما سيأتي.

والتَّبيع: هو الذكر من أولاد البقر تمَّ له سنة والأنثى تبيعة، وسمي بذلك؛ لأنَّه يتبع أمه في ذهابه ومجيئه ورعيه، فمن كان عنده (30) من البقر، فيخرج تبيعًا أو تبيعة، وسيأتي الدليل على ذلك.

• وفي إخراج التبيع دليلٌ على أنَّ الذكر يُجزئ في زكاة البقر، وهذا من المواضع التي يجزئ فيها إخراج الذَّكر.

• من كان عنده (40) من البقر، ففيها مُسِنَّة.

• والمُسِنَّة: هي أنثى البقر التي تمَّ لها سنتان، فمن كان عنده أربعون من البقر، يخرج في زكاته مسنَّة، وعلى هذا ما بين الثلاثين والأربعين من البقر وَقْص لا شيء فيه.

ويدل على نصاب زكاة البقر: حديث معاذ - رضي الله عنه - قال: "بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعًا أو تبيعة، ومن كل أربعين مُسِنَّة"؛ رواه أحمد (5/230)، وأبو داود (1576)، والترمذي (623)، والنسائي (5/25)، وابن ماجه (1803).

وقال الترمذي: "حديث حسن"، وقال ابن عبدالبر في "التمهيد" (2/275): "وقد روي هذا عن معاذ بإسناد مُتَّصل صحيح ثابت".

• ثم في كل ثلاثين تبيعٌ أو تبيعةٌ وفي كل أربعين مُسِنَّةٌ.

ويدل على ذلك:
حديث معاذ المتقدم.

وعليه فإن من عنده (30) يخرج تبيعًا أو تبيعة، ومَنْ عنده (40) يخرج مُسِنَّة، إلى (59) يخرج مُسنَّة، ومَنْ عنده (60) من البقر يخرج تبيعين أو تبيعتين، وما بعد الستين كلما زاد عشرة، فإنه يتغيَّر الواجب إخراجه، ففي السبعين مثلاً تبيعٌ ومسنة، وهكذا في كل ثلاثين تبيعٌ أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنةٌ، والحساب فيه كالحساب في الإبل في بنت اللبون والحقة، وهنا أيضًا يقال: بشرط ألا يتبقى عشرة فما فوق، فإن تبقَّى بعد القسمة عشرة فما فوق، فالحساب خاطئ، فلا بد أن يكون الوقص أقل من عشرة، وبناء على ذلك تكون القسمة وفق ما يلي:

 

النصاب من البقر القدر الواجب فيه
30 – 39 تبيع
40 – 59 مسنة
60- 69 تبيعان
70 – 79 تبيع ومسنة
80- 89 مسنتان
90 – 99 ثلاث تبيعات
100- 109 تبيعان ومسنة
110 – 119 مسنتان وتبيعة
120- 129 أربع تبيعات أو ثلاث مسنات، يختار معطي الصدقة


وعلى هذا فقس، وفي التبيع يجوز إخراجها ذكرًا أو أنثى، ويجوز بعضها ذكرًا، وبعضها أنثى إذا كان عليه أكثر من تبيع، وكما تقدَّم أن هذا من المواضع التي يجوز فيها إخراج الذَّكر.

• والمواضع التي يجوز فيها إخراج الذكر هي:
1- التبيع في الثلاثين من البقر، وهذا جاءت به السنة كما تقدم.
2- ابن اللبون مكان بنت المخاض إن لم يكُن عنده بنت مخاض، وهذا جاءت به السنة أيضًا كما تقدم.
3- إن كان النصاب عنده كله ذكورًا، قيل: إنه يخرج ذكرًا ولا يكلف بالأنثى، وقيل: بل يخرج ما جاءت به السنة وما عيَّنة الشارع، وهذا القول أحوط، كمن عنده ستة وثلاثون جملاً، فيجب فيه بنت لبون، فلا يجزئ ابن لبون.
4- إذا رأى الساعي أن أخذ الذكر فيه مصلحة، قيل: يجزئ ذلك.

المسألة الخامسة: زكاة الغنم:
تقدَّم دلالة السنة والإجماع على وجوب زكاةِ الغنم إذا توفرت فيها الشُّروط.

• مَنْ كان عنده (40) شاة، ففيها شاة واحدة.

والمقصود أن نصاب الغنم أربعون فما دونها ليس فيه زكاة، حتى تبلغ أربعين، ففيها شاة واحدة.

ويدل على ذلك:
حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين، ففيها شاة إلى عشرين ومائة"؛ رواه البخاري (1454).

• مَنْ كان عنده (121) شاة، ففيها شاتان.

ويدل على ذلك:
حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا زادت عن عشرين ومائة، ففيها شاتان إلى مائتين".

إذًا ما بين أربعين وواحد وعشرين ومائة وَقْص ليس فيه شيء، والذي بينهما (80) شاة، فليس فيها شيء، وهذا من تيسير الله، فمن كان عنده (40) شاة، أو (90) شاة، أو (110) من الشياه إلى (120) ليس في زكاتها إلاَّ شاة واحدة، فإذا بلغت (121) شاة، ففيها شاتان.

• مَنْ كان عنده (201) من الشياه، ففيها ثلاث شياه.

ويدل على ذلك:
حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث....".

إذًا ما بين مائة وواحد وعشرين ومائتين وواحد (وقْص) ليس فيه شيء، وهو كالوقص الأول (80) ليس فيه شيء حتَّى تبلغ (201)، ففيها ثلاث شياه، وأيضًا الثلاثمائة فيها ثلاث شياه؛ للحديث السابق، ثم في كل مائة شاة.

• مَنْ كان عنده (400) من الشياه، ففيها أربع شياه.

ويدل على ذلك حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإن زادت واحدة، ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة، فإن زادت ففي كل مائة شاة".

أي: إنَّها إذا زادت عن مائتين وواحدة إلى ثلاثمائة، ففيها ثلاث شياه، ثم في كل مائة زيادة شاة، فيكون في (400) أربع شياه، فإن زادت مائة، زادت الفريضة واحدة، وهكذا فيكون ما بين (201) إلى (399) وَقْص، وهذا أكثر وقَصْ يوجد في الغنم، وبناءً على ذلك تكون القسمة وفق ما يلي:


النصاب من الغنم القدر الواجب فيه
40- 120 شاة
121- 200 شاتان
201- 399 ثلاث شياه
400- 499 أربع شياه
500- 599 خمس شياه
600- 699 ست شياه، وهكذا في كل مائة شاة




المسألة السادسة:
الخُلْطَة في بهيمة الأنعام تجعل المالين مالاً واحدًا.
الخُلطة: بضم الخاء، وهي لغةً: الشَّرِكَة، وفي الاصطلاح: جَعْلُ المالين المختلطين كالمال الواحد في حكم الزَّكاة.
مثال ذلك: شخص له عشرون شاة، ولآخر معه عشرون شاة في مكان واحد، فأصبح العدد أربعين شاة، ففيها شاة؛ لأن هذا مال مختلط، فصار كالمال الواحد، ولكن لو كان للأوَّل عشرون وحْدَها، والآخر عشرون وَحْدَها، لم تجب فيها الزكاة؛ لعدم الخُلْطَة؛ لأن العشرين ليس فيها شيء.

والدليل على تأثير الخُلطة حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع؛ خشية الصدقة"، وسيأتي بيان ذلك.

• والخُلطة نوعان:
1- خُلطة اشتراك، (وتسمى خُلطة أعيان أو خُلطة شيوع).
2- خُلطة أوصاف (وتسمى خُلطة جوار).

أولاً: خُلطة الاشتراك:
وهي أن يشترك اثنان فأكثر في بهيمة الأنعام دون تميُّز بين ماليهما.
مثال ذلك: أن يرث رجلان مائة من الإبل، فهما متشاركان بملكهما لهذا المال، أو كأن يشتريا مائة من الإبل، أو يُوهب لهما مائة من الإبل، فهذه تسمَّى خُلطة اشتراك، ولا خلافَ في وجوب الزكاة في هذا المال، فهذا النوع من الخُلطة لا إشكالَ فيه، وهو موضع اتِّفاق بين العلماء.

فلو أن زيدًا وعمرًا اشتريا (80) شاة، ففي زكاتِها شاة واحدة ما دام أن مالهما مختلط، مع أنهما لو تفرقا، وأخذ كل واحد أربعين، لوجب على كل واحد شاة، فعن هذه الثمانين شاتان.

فهذا النوع من الخلطة لا خلاف فيه، والخلافُ في النوع الثاني.

ثانيًا: خلطة الأوصاف:
هي أنْ يشتركَ اثنان فأكثر في أوصاف محددة مع تميُّز مال كل واحد منهما، وسيأتي بيان الأوصاف.
مثال ذلك: زيد يملك خمسين من الإبل، وعمرو يملك خمسين وباجتماعها تكون مائة من الإبل، فلو اجتمعت في أوصاف كالمرعى، ومكان المبيت، وموضع الحلب، وغيرها من الأوصاف مما سيأتي، فإن هذه الخلطة تعتبر خلطة أوصاف، وليست خلطة أعيان.

وموضع التفريق بين الخلطتين: أنَّه في خُلطة الأعيان لا يُمكن تمييز المالين عن بعضهما، وأما خلطة الأوصاف، فيمكن ذلك.
مثال ذلك: لو أن زيدًا وعمرًا اشتركا في مائة بعير خلطة أوصاف، لزيد خمسون يعرفها، ولعمرٍ خمسون يعرفها، فلو ماتت إبل زيدٍ، فلا ضمان على عمرٍو؛ لأن المال يمكن تمييزه تحديدًا.

وأمَّا لو كانت خلطة أعيان، ومات خمسون من المائة، فالضمان عليهما جميعًا؛ لأن المال غير متميز، فالخسارة عليهما جميعًا.

وتقدم أن خلطة الأعيان مُؤثرة باتِّفاق العلماء، بخلاف خلطة الأوصاف، فجمهور العلماء أنها مؤثرة خلافًا للأحناف، والصواب أنَّها مؤثرة كما هو قول الجمهور بشروط:
الشرط الأول: أن يبلغ الخليطان نصابًا.
مثال ذلك: لزيد عشرون من الغنم وعمرو له عشرة من الغنم، فالمجموع ثلاثون، وهذا أقل من النصاب، فلا أثر للخلطة، وأمَّا لو كان لزيد عشرون وعمرو له عشرون أيضًا، فالمجموع أربعون، فالخلطة لها أثر؛ لأنَّ الخليطين بلغا النِّصاب.

الشرط الثاني: أن يكون الخليطان من أهل الزكاة.
مثال ذلك: لزيد عشرون شاة وهو (مسلم)، وعمرو له عشرون شاة وهو (كافر)، فلا تجب على زيد الزكاة؛ لأنَّه خالط من ليس من أهل الزكاة.

الشرط الثالث: أن يختلط المال كل الحول، وعليه فلو انفرد أحدهما في بعض الحول، فلا أثر للخلطة.

الشرط الرابع: ألا يكون الاختلاط من أجل الفرار من الزَّكاة.
مثال ذلك: زيد له (40) شاة، وعمرو له (40) شاة، وخالد له (40) شاة، فلو لم يختلطوا، لوجب على كل واحد منهم شاة؛ لأن في كل (40) شاة، فأرادوا أن يخلطوا المال؛ من أجل أن يفروا من الزَّكاة، ويقل القدر الواجب؛ لأن في (120) شاة واحدة، فلو فعلوا من أجل الفرار من الزَّكاة، فحينئذ لا أثر للخلطة، ويجب أن يخرجوا ثلاث شياه.

ويدل على ذلك:
حديث أنس - رضي الله عنه - المتقدم وفيه: "ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع؛ خشية الصدقة".

وكذلك العكس لا يجوز، فلو فرقوا المال من أجل الفرار من الصدقة، لم يفترق هذا المال في إيجاب الزكاة.
مثال ذلك: لزيدٍ (20) شاة، وعمرو له (20) شاة، وتوفرت في مالهما شروط الخلطة، فالأربعون فيها شاة، وقبل مجيء عامل الصدقة فرقا المال؛ فرارًا من الزكاة، فهذا لا يجوز.
مثال آخر: شخص عنده (40) شاة، وقبل مجيء عامل الصدقة فرقها؛ فرارًا من الصدقة.

فالشرط الرابع دليله حديث أنس - رضي الله عنه - والشرط الأول والثاني تقدم الاستدلال علهيما في أول كتاب الزَّكاة، وهما ملك النصاب والإسلام، والشرط الثالث؛ لأن المال لا يسمى مختلطًا حتى يمضي عليه الحول، فمُضِيُّ الحول شرط مُعْتَدٌّ به.

الشرط الخامس: أن تختلطا وتجتمعا في بعض الأوصاف.

واختلف الجمهور في تحديد هذه الأوصاف:
فالمذهب: لا بُدَّ من الاشتراك في خمسة أمور:

1- في المُراح: بضم الميم وهو مكان المبيت والمأوى، فلا بد أن يكون مكان المبيت واحدًا.
2- في المَحْلب: وهو مكان الحلب لا بد أن يكون واحدًا، فلو حُلبت غنم أحدهما في موضع غير الآخر لا تعدُّ خلطة.
3- في المسرح؛ أي: يسرحن جميعًا، ويرجعن جميعًا.
4- في المرعى؛ أي: يكون المرعى لهن جميعًا، فليس غنم أحدهما في جهة، والآخر في جهة أخرى.
5- في الفحل: بأن يكون لهذه الغنم فحل واحد مشترك، فلا يختص بأحد المالين فحل دون الآخر.

فإذا توفرت هذه الأوصاف الخمسة، فالخلطة خلطة أوصاف، وهي حينئذ مؤثرة كأنَّها لرجل واحد.

والقول الثاني: أنَّه لا يلزم توفر جميع الأوصاف السابقة، والخلطة يرجع فيها إلى العُرف، فما عدَّه الناس في عُرفهم خلطة عُدَّ، واختاره ابن مفلح من الحنابلة.
واستدلوا: بعدم الدليل على الأوصاف السابقة والقاعدة "أن كل ما لم يأتِ في الشرع تحديده، فيرجع فيه إلى العرف"، وهذا القول أقوى والله أعلم.

فإذا توفرت الشروط الأربعة الأولى، ودَلَّ العرف على أنَّها خلطة مُعتد بها، كأن يكون الراعي واحد طيلة السنة وغيرها من أمور العُرف، فيحكم على المال أنه مختلط.

وما ورد من حديث فيه تحديد بأوصاف معينة، فهو ضعيف، ومن ذلك حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعًا: ((الخليطان ما اجتمعا على الحوض، والفحل، والراعي))؛ رواه الدارقطني (2/104)، وهو حديث ضعيف فيه عبدالله بن لهيعة، وضعفه ابن مفلح في الفروع (2/382)، ونقل عن الإمام أحمد أنَّه ضعفه ولم يره حديثًا، وقال ابن مفلح في الفروع: "وهذا الخبر ضعيف، فلهذا يتوجَّه العمل بالعرف في ذلك".

• وتحت هذه المسألة عدة تنبيهات:
التنبيه الأول: إذا اختلط اثنان، وتوفرت فيهما شروط الخلطة، وأُخِذَ منهما الزكاة، فالزَّكاة بينهما على حسب ملكهما.
مثال ذلك: زيدٌ له (15) شاة، وعمرو له (30) شاة، فالمجموع (45) شاة، فيها شاة واحدة إذا أخذ عامل الزَّكاة، فزيد عليه ثلث وعمرو عليه ثلثان بحسب ملكهما.

ويدل على ذلك:
حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "وما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية".

التنبيه الثاني: الخلطة لا تؤثر في غير بهيمة الأنعام خلافًا للشافعيَّة، فلو اشترك مجموعة في مزرعة، وكان نصيب كل واحد من الحبوب أو الثِّمار لو جمع مع الآخر بلغ نصابًا، فلا زكاة فيه؛ لأن الخلطة لا تؤثر إلا في بهيمة الأنعام؛ لورود الدليل بها.

التنبيه الثالث: إذا كان المال لشخص واحد، فإنَّ تفرقته لا تؤثر فيه وهو قول جمهور العلماء.
مثال ذلك: زيدٌ له (20) شاة في الرِّياض، و(20) شاة في جدة، ولو اجتمعت لصارت (40) شاة، فيها شاة واحدة، ولكن المكان مُختلف، فهل تجب فيه الزكاة؟

فالمذهب: أنه لا زكاةَ عليه، ما دام أنَّه لم يفعل ذلك حيلة وفرارًا من الزَّكاة، وهذا من مفردات الحنابلة وجمهور العلماء: على أن فيه زكاة ما دام أن المال لشخص واحد، وهو الأظهر والله أعلم.

التنبيه الرابع: لو اختلط اثنان في ماشية، وأحدهما يريد بنصيبه عُرُوض التِّجارة، فيبيع ويشتري في غنمه، والآخر يريد الدَّرَّ والنَّسلَ، فهذه الخلطة غير مؤثرة؛ لاختلاف الزَّكاة، فعروض التجارة زكاتها بالقيمة، والآخر زكاته في نفس الماشية.

التنبيه الأخير: من يأخذ الصدقة من أصحاب الماشية، فإنه لا يأخذ أكرمها؛ أي: أنفسها، حتى لا يُضر بصاحبها، ولا يأخذ الرديء والمَعِيبَة؛ حتى لا يُضر بالفقراء ومستحقي الزكاة، ولكن يأخذ الوسط من ذلك.

ويدل على ذلك:
1- حديث معاذ بن جبل المتفق عليه وفيه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إياك وكرائم أموالهم))؛ أي: أنفس أموالهم.
2- حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "ولا يخرج في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس إلا أن يشاء المُصَّدِّق"، وأيضًا قوله - تعالى -: {وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة: 267].
 

الشيخ/ عبدالله بن حمود الفريح

ــــــــــــــــــ
[1] انظر: "الفتاوى"، 25/37.
[2] الحديث رواه البخاري (1454).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كتاب الزكاة (1/8)
  • كتاب الزكاة (3/8)
  • كتاب الزكاة (4/8)
  • كتاب الزكاة (5/8)
  • كتاب الزكاة (6/8)
  • زكاة في شهر البركة
  • كتاب الزكاة (7/8)
  • الزكاة.. وجوبها وأحكامها
  • كتاب الزكاة (8/8)
  • مع الهارب من الزكاة
  • الزكاة: حكم وأحكام

مختارات من الشبكة

  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تخريج الأحاديث والآثار الواردة في كتاب المغني للموفق ابن قدامة المقدسي من بداية مسألة التكفين في القميص والمئزر واللفافة من كتاب الجنائز إلى نهاية باب زكاة الزروع والثمار من كتاب الزكاة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • هذا كتابي فليرني أحدكم كتابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة الأصول في النحو(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب الصيام من كتاب العمدة في الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي (600 هـ) (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • كتاب: النظرية الجمالية في العروض عند المعري ـــ دراسة حجاجية في كتاب "الصاهل والشاحج" للناقدة نعيمة الواجيدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إتحاف العباد بشرح كتاب الزاد: شرح كتاب الصلاة إلى باب الأذان والإقامة من زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قضاء الأرب من كتاب زهير بن حرب: شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (الجزء الثاني) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قضاء الأرب من كتاب زهير بن حرب: شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (الجزء الأول) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إجماعات ابن حزم في كتابه (مراتب الإجماع) في كتابي: (الشهادات والدعاوى)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- فرح ؛
راكان عارف - السعودية 07-08-2009 09:38 PM

أشعر -يشهد الله- بالغبطة والسرور والفخر بأن أرى نتاج أستاذنا الغالي الشيخ عبدالله بن حمود الفريح في مثل هذه المواقع النافعة،
أسأل الله تعالى أن يبارك في علمه وعمره، وأن يجزيه خير الجزاء. آمين

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب