المؤلفات الحديثية أقسامها وأمثلة عليها

المؤلفات الحديثية أقسامها وأمثلة عليها

المؤلفات الحديثية تنقسم إلى قسمين:

الأول: مؤلفات تراعي (متن الحديث).

والثاني: مؤلفات تراعي (سند الحديث).

القسم الأول: المؤلفات التي تهتم في متن الحديث:

وهي على قسمين:

الأول: مؤلفات شاملة لجميع أبواب العلم: من العقائد، والأحكام، والرقاق، والآداب، والتفسير، والمغازي، والسير، والفتن، والمناقب، وغير ذلك، ويسمى هذا النوع: بالجوامع، كالجامع الصحيح للبخاري، وجامع الترمذي، وأيضًا صحيح مسلم، فهو شامل لأبواب العلم.

والثاني: مؤلفات ليست شاملة وإنما مقتصرة على جانب معين:

فمنها: ما يقتصر على الأبواب الفقهية والآداب، وربما يُذكر معها غيرها، كالمصنفات، والموطآت، والسنن، فمن المصنفات: مصنف عبدالرازق، وابن أبي شيبة، والموطآت: كموطأ مالك، والسنن: كسنن أبي داود، والنسائي.

ومنها: ما يقتصر على العقائد، ككتاب السنة للإمام أحمد.

ومنها: ما يقتصر على الآداب، ككتاب الأدب المفرد للإمام البخاري.

فائدة:

المصنفات والموطآت: تكون شاملة لأقوال الرسول -صلى الله عليه وسلم-، و أقوال الصحابة – رضي الله عنهم – والتابعين - رحمهم الله -، وأما السنن: ففيها أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم – ويقل فيها ذكر أقوال الصحابة والتابعين.

القسم الثاني: المؤلفات التي تهتم في سند الحديث:

وهي أقسام أشهرها قسمان:

الأول: مؤلفات تراعي جانب الإسناد من جهة منتهاه وهو الصحابي، فيكون ترتيب الكتاب على ترتيب أسماء الصحابة، وهذه طريقة أهل المسانيد، كمسند الإمام أحمد، ومثل المسانيد معجم الطبراني الكبير، فمثلًا تُذكر أحاديث أبي هريرة – رضي الله عنه - كلها متتابعة بغض النظر عن موضوعاتها، لأنها لا تراعي المتن، وإنما السند، وهكذا بقية الصحابة.

والثاني: مؤلفات تراعي جانب الإسناد من جهة أوله وهو شيخ المؤلف، فيكون ترتيب الكتاب على أسماء شيوخه، كالمعجم الأوسط والصغير للطبراني.

الكلام على بعض المؤلفات باختصار:

أولًا: صحيح البخاري

مؤلِّفه: أبو عبدالله محمد بن اسماعيل بن إبراهيم الجُعفْي البخاري، ولد سنة (194ه)، وتوفي سنة (256 ه).

منزلة كتابه: هو أصح الكتب بعد كتاب الله -تعالى-، قال الحافظ الذهبي – رحمه الله -: "هو أجلّ كتب الإسلام، وأفضلها بعد كتاب الله   -تعالى- "

سبب تأليفه: ما ذكره إبراهيم بن معقل أنه سمع البخاري يقول: " كنت عند إسحاق بن رَاهَوَيه فقال بعض أصحابنا:

" لو جمعتم كتابًا مختصرًا لسنن النبي -صلى الله عليه وسلم- " فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع هذا الكتاب "[1].

ميزة الكتاب: أنه أول كتاب صُنِّف في الحديث الصحيح المجرد عن الضعيف والموضوع.

وتميّز بدقة تبويبه حتى قيل: فقه البخاري في تراجمه، أي في عناوين الأبواب.

ومن أهم شروحه وأفضلها: (فتح الباري) لابن حجر العسقلاني.

ثانيًا: صحيح مسلم:

مؤلِّفه: أبو الحسين، مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، ولد سنة (204 ه) وتوفي سنة (261 ه).

منزلة كتابه: يأتي بعد صحيح البخاري من حيث الصحة.

ميزة الكتاب: أنه يذكر طرق الحديث وألفاظه مرتبة كاملة في باب واحد، ولو كان الحديث طويلًا، لكنه لم يذكر فروع الأبواب، وإنما بوَّبها الشُّراح ومن أبرزهم النووي – رحمه الله -، الذي شرح صحيح مسلم وهو أشهر الشروح اسمه: (المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج).

قال بعضهم:

تشاجر قوم في البخاري ومسلم لديَّ وقالوا أي ذين تقدِّمُ فقلت لقد فاق البخاري صحة كما فاق في حسن الصناعة مسلمُ

ثالثًا: سنن أبي داود:

مؤلِّفه: سليمان بن الأشعث السجستاني، ولد سنة (202 ه) وتوفي سنة (275ه).

منزلة كتابه وميزته: يعتبر من دواوين الإسلام الذي لا يُسْتغى عنها، إلا أنه لم يشترط الصحة فيه، ففيه الصحيح والحسن، والضعيف والمنكر، ويسمى: (كتاب الأحكام) حيث قال في رسالته إلى أهل مكة في وصف سننه ص (34 ): " وإنما لم أصنف في كتاب (السنن) إلا الأحكام ولم أصنف الزهد وفضائل الأعمال وغيرها."

رابعًا: جامع الترمذي:

مؤلِّفه: أبو عيسى، محمد بن عيسى بن سَوْرة الترمذي، ولد سنة (209 ه) وتوفي سنة (279ه)

والترمذي تلميذ البخاري، وكثيرًا ما ينقل عنه في أحوال الرواة.

منزلة كتابه وميزته: كتاب عظيم الفائدة جمع فيه بين رواية الحديث، ودرايته، وعلله، وأحوال رجاله، وذكر فيه أقوال العلماء من الصحابة ومَنْ بعدهم، في المسائل التى يتضمنها الباب، ذاكرًا ما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه.

قال الترمذي – رحمه الله -: " صنفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز والعراق وخرسان فرضوا به ومن كان في بيته فكأنما النبي - صلى الله عليه وسلم – في بيته "وهو في كتابه لم يشترط الصحيح بل فيه الضعيف، وهو في كتابه ذكر حكمه على الحديث بالصحة والحسن والضعف.

خامسًا: سنن النسائي:

مؤلِّفه: أبوعبد الرحمن، أحمد بن شعيب النسائي نسبة إلى بلدة (نسا) مشهورة بخرسان ولد سنة (215ه) وتوفي سنة( 303 ه).

منزلة كتابه وميزته: إذا قيل سنن النسائي فالمقصود به: (سنن المجتنى) ويقال: (المجتبى) وهي: السنن الصغرى للنسائي، وهي مختصرة من سننه الكبرى، والنسائي غالب أحاديثه صحيحة، فمن حيث الصحة يقدِّمه بعض العلماء على أبي داود والترمذي؛ لشدة تحري مؤلِّفه في الرجال، وله كلام في العلل، يحتوي على جواهر ثمينة من الفوائد.

• قال ابن حجر - رحمه الله -: " كم من رجل أخرج له أبوداود والترمذي تجنب النسائي إخراج حديثه ".

سادسًا: سنن ابن ماجه:

مؤلِّفه: أبو عبدالله، محمد بن يزيد بن ماجه القزويني، ولد سنة (209ه) وتوفي سنة (273ه).

منزلة كتابه وميزته: قال ابن كثير – رحمه الله -: " كتاب مفيد، قوي التبويب في الفقه " وهو أقل مرتبة من باقي السنن الباقية، وغالب ما ينفرد به عنها يكون ضعيفًا، وفيه عدد كبير من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ولذا يرى بعض العلماء أن يُجعل (سنن الدارمي) سادس الكتب الستة بدلًا منه.

فائدة: ما تقدم الكلام عليه تسمى الكتب الستة (البخاري، ومسلم، أبوداود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه) وهذا معنى قولهم: (أخرجه الستة)، وإذا قيل: (أخرجه الأربعة) فالمقصود: ما دون البخاري ومسلم وهم: (أبوداود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه).

سابعًا: مسند الإمام أحمد:

مؤلِّفه: إمام أهل السنّة: أبو عبدالله، أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، ولد سنة (164ه )، وتوفي سنة (241ه).

منزلة كتابه وميزته: هو ديوان من دواوين السنّة، من أجمع كتب الحديث التي لا يستغني عنها طالب العلم.

قال الإمام أحمد – رحمه الله -: " جمعت هذا الكتاب من سبعمائة ألف حديث وخمسين ألفًا، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فارجعوا إليه، فإن وجدتموه وإلا فليس بحجة " ومسند الإمام أحمد فيه الصحيح والحسن والضعيف.

ثامنًا: موطأ الإمام مالك:

مؤلِّفه: إمام دار الهجرة: مالك بن أنس بن مالك الأصبحي، ولد سنة (95ه) وتوفي سنة (179ه ).

منزلة كتابه وميزته: هو أشهر الموطآت، قال عنه الشافعي: " ما أعلم شيئًا بعد كتاب الله أصح من موطأ مالك " وهذا الكلام من الشافعي كان قبل وجود الصحيحين.

ذكر الإمام مالك في موطئه: الأحاديث الموصولة، والمراسيل، وأقوال الصحابة والتابعين مرتبة على الأبواب، وذكر فقه هذه الأبواب.

فائدة: الكتب السابقة وغيرها من كتب الحديث، يوجد في أسانيدها اختصارات لبعض الكلمات التي تتكرر في السند يحسن لطالب العلم معرفتها؛ لئلا يستنكرها، فأحيانًا يجد في الإسناد مثلًا " نا " أو " ثنا " وهذه معناها: ( حدثنا )، وأحيانًا يجد " ح " وهذه معناها: تحويل الإسناد إلى إسناد آخر، وينطق بها القارئ هكذا (حا).