• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالله بن حمود الفريح / بحوث ودراسات
علامة باركود

أقسام الحديث من حيث قبوله ورده

أقسام الحديث من حيث قبوله ورده
الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/11/2013 ميلادي - 19/1/1435 هجري

الزيارات: 346978

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أقسام الحديث من حيث قبوله ورده

 

كل حديث قبل أن يُحتج به لابد من النظر فيه، هل هو مقبول فيُحتج ويُعمل به؟ أو مردود فلا يُحتج ولا يُعمل به؟ فالمقبول هو: الصحيح، وهو على مراتب من حيث الصِّحة، والمردود هو: الضعيف، وهو على مراتب أيضًا من حيث احتمال الضّعف وشدّته.

 

وسنتناول في هذه المقدّمة - المقدمة الثالثة - المقبول وأقسامه، ونجعل المردود وأقسامه في المقدمة الرابعة -إن شاء الله تعالى-.

 

المقبول:

تعريفه: هو الذي يُحتج به ويُعمل به، وهو الصحيح، ومنهم من قسّمه إلى صحيح و حسن بحسب قوته، وكلاهما يُحتج به ويُعمل به وإليك بيانهما:

أولًا:الصحيح.

تعريفه:

وهو ما رواه عدلٌ تامُّ الضبط عن مثله بسند متصل، من غير شذوذ ولا عِلّة.

 

وإليك توضيح التعريف

الشرط الأول:

• (ما رواه عدل): أي: أنّ كل راوٍ من رواته اتصف بكونه مسلمًا، مكلّفًا، غير مخروم المروءة، و غير فاسق أو مبتدع، وكذلك لا يكون كذابًا، ولا متهمًا بالكذب، أو مجهولًا بنوعيه.

 

الشرط الثاني:

• (تام الضبط): نُخرج من كان خفيف الضبط، لأنّ من كان خفيف الضبط فإنه ينزِّل الحديث إلى رتبة الحسن كما سيأتي.

 

والضبط التام على نوعين:

أ- ضبط صدر، و هو: أن يُثبّت حفظ ما سمعه، بحيث يتمكّن من استحضاره متى شاء على الوجه الذي سمعه من شيخه.

 

ب- ضبط كتاب، وهو: أن يصون كتابه الذي قيَّد فيه ما سمعه،فيصونه من الخطأ ومن الوهم منذ أن سمع وقيَّد فيه إلى أن يؤدي منه للغير.

 

• (عن مثله): أي لابد لهذا الحديث أن يرويه عدل تام الضبط عن مثله في العدالة وتمام الضبط، وهكذا يُنظر في رجال السند وتمام الضبط إلى منتهى السند.

 

والتام في ضبطه كمن قيل فيه "ثقة"، "ثقة ثبت"، "ثقة حافظ" ونحو ذلك من العبارات، فإذا اختلّت العدالة أو الضبط أثَّر ذلك في الحكم بصحّة الحديث على حسب الاختلال.

 

مثال ذلك: قيس بن الربيع الأسدي.

 

من رواة الحديث، لكن العلماء عابوا عليه عدم صيانته لكتابه الذي قيَّد فيه ما سمعه، قال أبو داود الطيالسي - رحمه الله -: "إنما أُتي قيس من قِبَل ابنه،كان يأخذ حديث الناس فيُدخلها في فرج كتاب قيس، و لا يعرف الشيخ ذلك".

 

فآفة قيس ابنه، وهذا أثَّر على شرط الضبط (ضبط الكتاب).

 

مثال آخر: محمد بن مسلم الطائفي.

 

قال عنه ابن معين - رحمه الله -: "ثقة لا بأس به، وكان إذا حدَّث من حفظه يُخطئ، وإذا حدَّث من كتابه فليس به بأس".

 

إذن آفته في ضبط الصدر دون الكتاب.

 

مثال آخر في العدالة: جابر بن يزيد الجعفي.

 

رجل منسوب إلى الرفض، وهي من أشد بدع الاعتقاد، وقد نسبه عدد من الأئمة والنقّاد وأهل العلم إلى الكذب، فهو مجروح بجرح شديد في عدالته، وهذا يؤدي إلى شدّة الضّعف و أنه غير محتمل.

 

الشرط الثالث:

• (بسند متصل): أي: ثبت سماع كل راوٍ من رواة السند من شيخه.

 

وضد الاتصال الانقطاع بأن يكون أحد الرواة لم يسمع من الراوي الذي قبله لأنه لم يدركه مثلًا.

 

مثاله: ما أخرجه الليث بن سعد عن هشام بن سعد عن ابن شهاب (الزهري) قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعد يوم الجمعة على المنبر فدعا إنما يشير بإصبعه والناس يؤمّنون"[1].

 

فهذا السند غير متصل، فيه انقطاع بين ابن شهاب وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن ابن شهاب لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو من صغار التابعين فلا سماع له إلا من صغار الصحابة.

 

الشرط الرابع:

• (ألا يكون شاذًا): والشذوذ: هو مخالفة الثّقة لمن هو أوثق منه.

 

وسيأتي الكلام على الشّاذ عند الكلام على أنواع الضعيف.

 

الشرط الخامس:

• (أن لا يكون معلَّلا): أي لا يكون في الحديث عِلَّة خفيّة تقدح في صحّة الحديث.

 

وسيأتي الكلام على الحديث المعلّل عند الكلام على أنواع الضعيف.

 

مثال على حديث تحققت فيه الشروط الخمسة:

ما رواه البخاري - رحمه الله - فى صحيحه، قال: حدّثنا مُسدَّد، حدّثنا مُعْتَمِر قال: سمعت أبي قال: سمعت أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ،وَالْجُبْنِ، وَالْهَرَمِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ،وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ".‏

 

فهذا الحديث إسناده متصل من أوّله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، كل راوٍ من رواته صرّح بالسّماع من شيخه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك رواته كلهم موثوقون توفّرت فيهم العدالة والضبط.

 

فأنس بن مالك - رضي الله عنه -: (صحابي)، وكل الصحابة عدول.

 

وسليمان بن طرْخَان - والد المُعتمر -: (ثقة عابد).

 

وابنه المُعتمر: (ثِقة).

 

ومُسدَّد بن مسرهد: (ثِقة حافظ).

 

والبخاري: (جبل في الحفظ).

 

وكذلك الحديث غير شاذ ولا معلل، لذا فهو حديث استوفى الشروط كلها.

 

مثال آخر: ما رواه البخاري- رحمه الله - قال: حدّثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "‏لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ".

 

فهذا الحديث اجتمعت فيه شروط الصّحة التى سبقت، فسنده متصل، وكل راوٍ سمع من شيخه، ورواته كلهم عدول ثقات:

• فأبو هريرة - رضي الله عنه -: (صحابي) وكل الصحابة عدول.

• والأعرج عبدالرحمن بن هُرمز: (ثقة ثبت).

• وأبو الزناد عبدالله بن ذكوان القرشي: (ثقة فقيه).

• ومالك بن أنس: (إمام حافظ).

• و عبدالله بن يوسف: (ثقة متقن).

• والبخاري: (جبل في الحفظ).

• والحديث ليس شاذًا ولا معلّلًا، فهو حديث صحيح.

 

ثانيا: الحديث الحسن.

تعريفه:

هو ما رواه عدل خفيف الضبط عن مثله أو أضبط منه، بسند متصل من غير شذوذ ولا عِلّة.

 

وعند تأّمل تعريف الحديث الحسن نجده نفس تعريف الصحيح، والفارق بينهما: أنّ رواة الصحيح ضبطهم تام، ورواة الحسن ضبطهم خفيف ولو راوٍ واحد منهم ضبطه خفيف فإنه ينزل الحديث إلى رتبة الحسن.

 

قال ابن حجر - رحمه الله -: "وخبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط، متصل السند، غير معلَّل، ولا شاذ، هو الصحيح لذاته، فإن خفَّ الضبط فالحسن لذاته"[2].

 

وبناءً على ما تقدّم، فإننا لا نحتاج إلى توضيح تعريف الحديث الحسن، لأنه تقدّم تعريف مفرداته فى الحديث الصحيح، إلا عبارةً واحدةًً نوضحها وهي: معنى (خفيف الضبط) والمقصود بها: أنّ رواة الحديث الحسن أو أحدهم دون الثقة في الضبط، وهو مع ما طرأ عليه خِفّة في الضبط إلا أنّه لا زال يُحتج به، وهو كمن قيل فيه (ثِقة يخطئ)، أو(ثِقة له أوهام)، أو (صدوق)، أو (لابأس به).

 

مثال على الحديث الحسن:

ما رواه أحمد، وأبوداود الطيالسي، وابن ماجه، عن عبدالرحمن بن بديل بن ميسرة عن أبيه، عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ" قَالَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ".

 

وعند تأمّل إسناد هذا الحديث، نجد رواته الحديث كلهم ثقات إلا عبدالرحمان بن بديل، ففي حفظه كلام، إلا أنه يسير، قال عنه الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في التقريب: " لابأس به".

 

مثال آخر:

حديث: "مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ ‏ ‏وَتَحْرِيمُهَا ‏ ‏التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ"[3].

 

قال الترمذي - رحمه الله -:

"هذا الحديث أصح شيء في الباب وأحسن.... (إلى أن قال عن أحد رواته)... وعبدالله بن محمد بن عقيل صدوق، وقد تكلّم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه"[4].

 

ومن أمثلة الحديث الحسن:

أحاديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه، وكذلك أحاديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه،بشرط ألّا يتفردا بالحديث أو يخالفا من هو أوثق منهما.

 

والحديث الحسن من حيث الاحتجاج كالصحيح، إلّا أنّه أقلّ منه قوة ولذلك احتج به جميع الفقهاء وعملوا به، وأكثر المحدِّثين على الاحتجاج به أيضًا، وردَّه من تشدَّد من أهل الحديث.

 

وبعد بيان الحديث الصحيح والحسن بالمثال نذكر عِدّة تنابيه:

التنبيه الأول: التفريق بين الحديث الصحيح والحديث الحسن لم يكن مشهورًا عند المتقدّمين من أهل الحديث كما هو مشهور عند المتأخّرين منهم، فالمتقدّمون كانوا يقسمون الحديث إلى: (صحيح وضعيف)، ويقصدون بالصحيح: المقبول سواء كان صحيحًا أو حسنًا، وبالضعيف: المردود، حتى جاء الترمذي- رحمه الله - وقسَّم الحديث إلى: (صحيح، وحسن، وضعيف).

 

قال ابن كثير- رحمه الله -:

"هذا التقسيم بالنسبة لما في نفس الأمر، فليس هناك إلا صحيح وكذب".

 

التنبيه الثاني: أحيانًا يقول الترمذي و غيره في حُكمه على حديث ما: "حديث حسن صحيح"، وهذه العبارة مشكِلة لأن الحسن أقل رتبة من الصحيح فكيف يُجمع بينهما؟ وأحسن ما قيل في توجيه هذه العبارة توجيهان قالهما الحافظ ابن حجر - رحمه الله - وهما:

التوجيه الأول: أنّ للحديث إسنادان فأكثر، فيكون حسنًا باعتبار إسناد، وصحيحًا باعتبار إسناد آخر، فيقال: "حسن صحيح".

 

التوجيه الثاني: أنّ للحديث إسناد واحد، ولكن اختلف العلماء في الحكم عليه، فاعتبره قوم صحيحًا، واعتبره آخرون حسنًا، ولم يترجّح الحكم لديه بأحدهما فقال عنه: "حديث حسن صحيح".

 

التنبيه الثالث: لابد من التفريق بين قول المحدثين: "هذا حديث صحيح الإسناد"، وقولهم: "هذا حديث صحيح" فالعبارة الثانية أقوى من الأولى، ووجه ذلك: أنّ قولنا: "حديث صحيح الإسناد" حكم على الإسناد فقط دون المتن، فقد يكون الحديث صحيح الإسناد ولكنه شاذًّا أو معلولا في متنه فنحكم عليه بأنه حديث ضعيف وإن كان صحيح الإسناد، فعبارة (صحيح الإسناد) تدل على أنّ الشروط الثلاثة الأولى متحققة فيه، وهي التأكد من عدالة الرواة وضبطهم ومن اتصال الإسناد لكن الشذوذ والعِلّة غير داخلتين في الحكم، أما إذا قال: "حديث صحيح" فمعناه: التأكّد من صحة الشروط الخمسة بما فيها الشذوذ والعلة، ومثله يقال في التفريق بين (حديث حسن الإسناد) و(حديث حسن)، ومع ذلك يقال لو أن حافظًا معتمدًا من أهل الحديث قال: "حديث صحيح الإسناد" فإنه غالبًا يحكم بصحة الحديث لاسيما إذا لم يذكر شذوذًا ولا عِلة لأن الأصل عدمهما.

 

التنبيه الرابع: من مظانّ وجود الحديث الصحيح: صحيح البخاري وصحيح مسلم، وقد اجتمعت الأمّة على تلقّي كتابيهما بالقبول، ومن مظاّن الحديث الحسن: سنن الترمذي، وهو صاحب التقسيم: "صحيح، وحسن، وضعيف" كما تقدّم، وكذلك سنن أبي داود وسنن الدارقطني فقد ذكروا في كتبهم الحديث الحسن، ونصوا عليه بقولهم: "حسن" أو ما يقاربه من ألفاظ، كقول أبي داود عن حديث بأنه: "صالح"، وهو الحديث الذي لم يُبيِّن ضعفه في كتابه، ولم يصحّحه أحد من الأئمة المعتمدين، فهو حسن عند أبي داود - رحمه الله.

 

التنبيه الخامس: قول بعض المحدِّثين: "هذا أصح شيء في الباب" ليس معناه أنّ الحديث صحيح و مقطوع بصحته، بل ربما يجمع المحدِّث في موضوع واحد خمسة أحاديث كلها ضعيفة ويكون أحدها هو أفضلها مع أنه ضعيف، فيقول: "هذا أصح شيء في هذا الباب".

 

قال النووي - رحمه الله -:

"لا يلزم من هذه العبارة صحّة الحديث، فإنهم يقولون: "أصح ما في هذا الباب" وإن كان ضعيفًا مرادهم أرجحه وأقله ضعفًا".

 

وقال الذهبي - رحمه الله -:

"قال البخاري: أحسن شيء فيه حديث رباح " فقول البخاري: (أحسن) لا يقتضي تحسينه، فما هو إلا ضعيف"[5].

 

التنبيه السادس: أحيانًا الأئمة المتقدّمون من أهل الحديث كالشافعي، وأحمد، وعلي بن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، والدراقطني، وغيرهم - رحمهم الله تعالى - يطلقون الحسن على بعض الأحاديث وهم يقصدون بالحسن الضعيف، وهذا أحيانًا كما تقدّم.

 

مثال ذلك: قول شعبة - رحمه الله - لما سئل لِمَ لَمْ تروِ عن عبدالملك بن أبي سليمان وهو حسن الحديث؟ قال: "من حسنها فررت "[6].

 

مثال آخر: قول أبي حاتم - رحمه الله - في ترجمة عبدالعزيز بن عبيد بن حمزة: "هو عندي عجيب ضعيف، منكر الحديث، يُنكر حديثه، يروي أحاديث مناكير ويروي أحاديث حسانًا"[7].

 

ثالثًا: الصحيح لغيره.

قسّم المتأخرون من أهل الحديث الصحيح إلى: صحيح لذاته وصحيح لغيره، وكذلك قسّموا الحسن إلى: حسن لذاته وحسن لغيره، أمّا الصحيح لذاته فهوما تقدّم في تعريف الصحيح، وكذلك الحسن لذاته فهو ما تقدّم في تعريف الحسن.

 

أما الصحيح لغيره:

تعريفه:

هو الحسن لذاته إذا تعددت طرقه.

مثال ذلك: حديث عبدالله بن عمرو بن العاص أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يجهّز جيشًا فنفدت الإبل، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: "ابْتَعْ عَلَيْنَا إِبِلًا بِقَلَائِصَ ‏مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ ‏‏إِلَى مَحِلِّهَا"، هذا الحديث رواه أحمد من طريق محمد بن إسحاق، ورواه البيهقي من طريق عمرو بن شعيب، وكل واحد من الطريقين بانفراده حسن وإذا جُمعا صار الحديث صحيحًا لغيره، أمّا إذا نُظر في الحديث من طريق واحد فهو حسن لكنه ارتقى لرتبة الصحيح حين جمع معه الطريق الآخر.

 

مثال آخر: حديث: "تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ".

 

حديث معقل بن يسار أخرجه أبوداود والنسائي ورجاله ثقات، إلا (المستلم بن سعيد) فإنّ في ضبطه كلام يسير، قال عنه الحافظ - رحمه الله - في التقريب: "صدوق عابد ربما وهِم".

 

فالحديث من هذا الطريق حسن، ولكن أخرج الحديث الخطيب في تاريخه (12/377) من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - ورجاله ثقات، فإذا ضممنا حديث معقل لحديث ابن عمر صار الحديث صحيحًا لغيره.

 

رابعًا: الحسن لغيره.

تعريفه: هو الضعيف إذا تعدّدت طرقه على وجه يجبر بعضها بعضا، بحيث لا يكون في هذه الأحاديث الضعيفة كذّاب ولا متهم بالكذب.

 

مثاله: ما أخرجه الترمذي - رحمه الله - من طريق شعبة عن عاصم بن عُبيدالله، عن عبدالله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، أنّ امرأة من بني فَزَارة تزوجت على نعلين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِكِ بِنَعْلَيْنِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ".

 

وهذا الحديث فيه عاصم بن عبيدالله ضعيف لسوء حفظه، فالحديث ضعيف لكن لهذا الحديث طرق أخرى مع ضعفها إلا أنها تجبر بعضها بعضا فليست شديدة الضعف ولذا حسَّن الحديث الترمذي- رحمه الله - وقال: "وفي الباب عن عمرو، وأبي هريرة، وسهل بن سعد، وأبي سعيد، وأنس، وجابر، وأبي حدرد الأسلمي - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين -"، أي: أنه يجبر هذا الحديث أحاديث الصحابة الذين ذكرهم الترمذي.



[1] انظر: المراسيل ص (61).

[2] انظر: نخبة الفكر ص (29)، ونزهة النظر ص (62).

[3] رواه أبوداود والترمذي وابن ماجه وأحمد.

[4] انظر: سنن الترمذي حديث (3) كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في أن مفتاح الصلاة الطهور.

[5] انظر: نقد الذهبي لبيان الوهم و الإيهام ص (89).

[6] انظر: تهذيب التهذيب (6/397).

[7] انظر: الجرح والتعديل (51/387).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أقسام الحديث من حيث ورود العلة عليه
  • أقسام الحديث باعتبار المنقول عنه
  • أقسام الحديث باعتبار عدد طرق نقله إلينا
  • أحاديث الشواهد والمتابعات
  • أنواع الحديث الشريف من حيث الثبوت والقبول والرد
  • مختصرات في بيان بعض أنواع علوم الحديث (1)
  • حديث من عبق الذاكرة!
  • حجية الحديث المرسل
  • تعريف الحديث المتواتر
  • تعريف الحديث المشهور
  • الحديث المنقطع ومثال عليه
  • الحديث المعضل ومثال عليه
  • الحديث المرسل ومثال عليه
  • الحديث المعنعن والمؤنن
  • شرح الحديث المسلسل
  • الحديث المضطرب وشروطه
  • الحديث الموقوف والحديث المرسل
  • الغريب المطلق والنسبي
  • الحديث الشاذ والمقلوب
  • أقسام الحديث المقلوب
  • الحديث المضطرب: تعريفه ومثال عليه

مختارات من الشبكة

  • شرح كتاب الدروس المهمة- الدرس السابع (أقسام التوحيد وأقسام الشرك)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • أقسام التوحيد وأقسام الشرك(كتاب ناطق - المكتبة الناطقة)
  • أقسام الواجب من حيث: وقته، ذاته، فاعله، تقديره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام الخلاف من حيث الدوافع(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أقسام الاجتهاد من حيث المجتهد ومن يقوم به(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام التوحيد وتعريفاتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام الناس في الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رأي الإمام الشاطبي في أقسام تحقيق المناط في الاجتهاد (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام المجاز وأحكامه وعلامات الحقيقة والمجاز(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام الحديث - الحديث الصحيح (1) (شـرح المنظومـة البيقونية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
2- جزاكم الله خيرا
محمد - سوريا 17-04-2016 07:15 PM

جزاكم الله خيرا

1- أقسام الحديث
مكارم الاخلاق - سلطنة عمان 09-03-2014 09:51 PM

شكرا جزاكم الله الف خير

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب