• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / حوارات وتحقيقات
علامة باركود

حوار شبكة الألوكة مع د. معاذ حوّى حول "المرأة" (3/3)

لبنى شرف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/8/2009 ميلادي - 11/8/1430 هجري

الزيارات: 8704

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

س6: كيف ينبغي أن يكون تعليم المرأة، وكيف تقيمون بشكل عام واقع تعليم المرأة؟

كل إنسان - رجلاً أو امرأةً - يَحتاج إلى التعليم، ويجب عليه طلب العلم، لكن ما الذي يجب، وما الذي يجوز من ذلك؟

وبشكل عام، فكل ما يحتاجه الإنسان للنجاة في الآخرة فتَعَلُّمُه والعمل به واجب، وكل ما يحتاجه في الدنيا لبقائه فتعلُّمه والعمل به واجب، وكل ما تحتاجه الأمَّة لبقائها وعزَّتها فتعلُّمه والعمل به واجب عليْها بِمجموعها، فلو قام به البعض سقَط عن الباقين.

وأمَّا فيما يتعلَّق بالمرأة خصوصًا، فينبغي أن يكون تعْليم المرأة وحرصها على العِلم والدراسة ليخدم الأمور التي يجب أن تعمل بها، ووظائفها التي تستطيع أن تتحملها، فتتعلَّم علم ما يخصُّها في دينها وآخرتِها؛ أي: تتعلَّم أحكام الدين، وتتعلَّم ما يتعلَّق بوظيفتها الطَّبيعيَّة في خدمة البيت وتربية أبنائِها وإعْفاف زوجِها، فهذا العلم الواجب على كل بنتٍ وشابَّة وامرأة، وتتعلَّم العلوم البسيطة التي يَحتاجها كلُّ إنسان في حياته؛ كاللُّغة العربيَّة، وأساسيات الحساب، وشيء عن الأحياء والتَّاريخ والجغرافيا.

ويمكنها أن تطلب الدُّنيا إن احتاجت، من خلال عملها بتعليم ما تعلَّمت، فتكون قد جمعت فائدة العلم والعمل معًا، ثمَّ يُمكنها إذا أرادت أن تخدم المجتمع أن تقوم بوظيفة ممَّا يحتاجه المجتمع، ويحتاج إلى المرأة فيه، كوظيفة التَّمريض للنساء، ووظيفة الطب لمعالجة النساء، أو وظيفة الخياطة للنساء، والماشطة لهنَّ، ونحو ذلك، ويجوز للمرأة أن تتعلَّم بعض التخصُّصات المدنيَّة والتي تحتاجها الأمة، وقد يكون ذلك واجبًا عليها إذا قصَّر فيه الرجال وكانت تستطيعه.

أمَّا واقع تعليم المرأة، فإنَّه مقصر جدًّا في تعليمها أمور دينها، ومقصِّر جدًّا في تعليمها كيف تتعامل مع زوجها، وكيف تُعِفُّه، وكيف تربِّي أبناءها، ومقصر جدًّا في تعليمها كيف تقوم بالبيت وطعامه وغسيله وترتيبه وسائر حاجاته، فكثيرٌ من الشَّابَّات لا تحسن التَّعامل، ولا تعرف كيْف تتعامل، ولا كيف تتأدَّب، ولا كيف تتكلَّم مع زوجِها وأهله، ولا تُحْسن القيام بشؤون بيْتِها، وكثيرٌ من حالات الطَّلاق تنتج عن ذلك.

والواقع يشهد أيضًا أنَّ أكثر مَنْ يتعلَّم الهندسة والكيمياء، والفيزياء والاتصالات، واللغة الانجليزية ونحوها من التخصصات من النِّساء - لا تنتفع بها في حياتها، أو تتزوَّج بعد تخرُّجها أو بعد سنوات من تخرجها، وتلقي الشهادة التي لم تنتفع بها، ولا تركت محلَّها للشَّباب لينتفعوا من الدِّراسة والشَّهادة والعمل بها، وأُنفق عليها في دراستها ما لا تَنْتَفِعُ به، ولا تَنْفَع فيه إلاَّ قليلاً ونادرًا، فلو أنَّ هذا الإنفاق كان على الشَّباب وتدريسهم لكان أنفع للأمَّة، وأبعد عن منافسة المرْأة للرِّجال في أعمالهم، وتستبدل ذلك المرأة في تعلّمها لعلمٍ مما ينفعها وينفع الأمة طول حياتها، كعلوم دينِها ومعاملاتها وبيتها.

وكما أنَّنا نجد في الواقع أنَّ أكثر النساء لا تعرف شيئًا كثيرًا عن دينها، ولا عن واجباتها البيتية من خدمة ورعاية وتربية وزوجيَّة، ولا تحرص على التعليم المتعلق بذلك، نجد أنَّ كثيرًا منهن تحرص على التعليم المتعلق بتلك التخصُّصات التي لا تنتفع منها ولا تنفع، وقد تخدم بها المجتمع لفترة قليلة ثمَّ تتزوَّج وتتركها، وربَّما كان المبلغ الذي أنفق على تدريسها أكثر من المبلغ الذي حصَّلته في عملها في أشهُر أو سنوات، فهل هذا يَخدم اقتصاد الأمَّة؟! وهل يتناسب مع القُدْرة المالية للآباء؟!

وقد نَجد في الواقع أنَّ دراسة بعض الشابَّات يفتح باب الفساد خلال دراستِها وتعليمها المختلط، فتؤْذي المجتمع وتفسد فيه، وتشغل الشَّباب أكثرَ ممَّا تنفع به المجتمع حينما تعمل بعِلْمها.

إنَّ من أهمِّ ما تَحتاج المرأة إلى تعلُّمه بعد أمر دينها: أن تتعلَّم كيف تقوم بوظيفتِها الطبيعيَّة الفطريَّة البيتيَّة: تتعلم كيف تتعامل مع زوجها، كيف تلاطفه وتتودد إليه وتُريحه، وكيف تقضي حاجته، تتعلم كيف تقوم بحاجات أبنائِها وخدمتِهم ورعايتِهم وحضانتِهم وإرْضاعهم، كيف تربِّي أبناءَها وتوجِّه سلوكَهم، تتعلَّم كيف تُحسن الطَّبخ والطَّعام والشَّراب وكيف تنظِّم أوقاته، وكيف تغسل الثياب وتطهرها، وكيف ترتِّب البيت وتطيِّب رائحته، كيف تَملأ وقتها الفارغ: بعبادة تُقَرِّبُها إلى الله، أو بعملٍ ينفع أهل البيت كالغزل والخياطة، أو بزيارةٍ نافعة لا لغْو فيها ولا غيبة ولا فتنة ولا إفساد.

س7: دوافع كثيرة تقف وراء تعلُّمِ المرأة وعملها، وفي بعض الأحيان تكون الحاجة هي الدافع للعمل ولطلب الشّهادات العلمية، فما هي الضوابط التي يجب أن تراعيها المرأة في خروجها إلى التعليم والعمل؟ وكيف تنظرون لعمل المرأة وفْق الواقع الذي نعيش؟

إذا اضطرَّت المرأة والفتاة أن تَخرج إلى المجتمع، أو أرادتْ أن تتعلم، أو اضطرَّت إلى العمل، فإنَّ دين الله لا يَمنعُها أن تخرج من بيتِها لخير، من علمٍ أو دعْوة أو عمل تنفع به المجتمع أو تنتفِع به إذا اضطرَّت إليه، ولا يَمنعها الإسلام من أن تطلب الرِّزق الحلال إذا اضطرَّت لذلِك، ولم يوجَد من ينفق عليْها ويقضي لها حوائجَها؛ لكنَّه جعل لها ضوابط تُحافظ عليها، وتُحافظ بها على المجتمع وعفَّته.

فواجب المرأة أن تُحافظ على الحجاب الذي أمرها الله، حينما تكون في موضعٍ يُمكن أن يراها فيه الذكور، فإذا خرجت المرأة لطلب العلم أو إلى العمل أو غير ذلك فلتَحْرِص على حجابِها، والحِرْص على الحجاب الشَّرعي حِرْصٌ على عفَّة المجتمع وإنتاجيَّته ورُقِيِّه العلمي، ولا بدَّ أن يكون الحجاب بشروطِه الشرعيَّة حتى يؤدِّي إلى العفَّة، فاللباس الشَّفاف والضيق لا يؤدِّي إلى عفَّة، واللباس الملون والمزَرْكش الَّذي يسرق العيون لا يؤدِّي إلى عفة، واللباس القصير الذي يُبْدِي فتنة اليدَيْن والرجلين ليس بحجاب شرعي ولا يؤدِّي إلى عفَّة، فلا بدَّ أن تحرص المرأة العاملة وغيرها على حجابِها بشروطه الشَّرعيَّة، بحيث يكون سببًا في العفَّة لا يجلب الأنظار ولا يُثير الشَّهوات، "سابغ ساتر واسع"، يغطي الرَّأس والجسد، حجاب يُحقق أمر الله ومراده من الحجاب.

وإذا كان من حقّ رئيس المستشفى أو مدير شركة أن يفرض على المرأة لباسًا، ومن حقِّ رئيس جيشٍ أن يفرض عليه لباسًا معيَّنًا، فنطيع، ولا نعتبِر ذلك من تقْييد الحرّيَّة، أليس من حقّ الله الخالق المدبِّر للكون وللخلق جميعًا أن يفرِض على الرَّجُل والمرأة لباسًا بصفات معيَّنة؟ ولا يجوز أن يعتبر ذلك مناقضًا للحريَّة التي يستحقُّها النَّاس.

ومن واجب المرأة أن تتجنَّب مصافحة الرِّجال، ولا ينبغي للمرأة أن تغترَّ بِمن يقولون: إنَّهم لا يتأثَّرون بالمصافحة والنَّظر، فهؤلاء يكذّبهم العلم والواقع، فالنَّواحي النفسيَّة والفسيولوجيَّة في الرَّجُل والمرأة تضطرب وتتأثَّر وتفور حينما تحصُل الملامسة بين الجنسين، ممَّا يدعو إلى الحذَر في التعامل وعدم المصافحة واللَّمس، وقد حرَّم الله النظر وأمر بغَضِّه، فكيف لا يكون اللمس محرَّمًا؟! قال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30]، وقد استثْنى دينُنا من حرْمة اللمس حالاتِ الضَّرورة؛ كالطّبابة وأمثالها من الضَّرورات، ضمن ضوابطها وبقدْر ضرورتها.

وواجب المرأة أن تحفظ نفسها عن نظر الرجال إليها؛ حفاظًا على نفسها وعفَّتها، وحفاظًا على الرجال من أن تُدخل عليهم الشهوات؛ قال - عليْه الصَّلاة والسَّلام -: ((فاتَّقوا الدنيا واتَّقوا النساء))؛ رواه البخاري، وقال: ((ما تركتُ بعدي فتنةً هي أضرُّ على الرِّجال من النِّساء))؛ رواه البخاري.

ومن واجب المرْأة في عملِها أن تحذر من الاختِلاط، وأن تعلم المؤمنة أنَّ أهمَّ ضوابطِه في الشَّريعة: ألاّ تكون خلْوة؛ قال - عليْه الصَّلاة والسَّلام -: ((لا يخلونَّ رجل بامرأة، ولا تسافرنَّ امرأة إلاَّ ومعها محرم))، فقام رجل فقال: يا رسول الله، اكتُتبتُ في غزوة كذا وكذا، وخرجتِ امرأتي حاجَّة، قال: ((اذهب فحجَّ مع امرأتك))؛ رواه البخاري ومسلم.

وإذا اضطرَّت للكلام مع الرِّجال فيجب ألاَّ يكون منها خضوعٌ في القول، وميوعة وتغنُّج وإثارة، وألاَّ تنظر إلى الرِّجال إلا بقدْر الضَّرورة، وأن تَمنع نظر الرِّجال إليْها إلاَّ في حدود الضَّرورة، وأن تُحافظ في اختِلاطها على حجابها السَّاتر العفيف، وأن تكون هناك ضرورة للاختِلاط، فلا يجوز أن يصير الاختِلاط طبيعيًّا في حياتِنا.

ولا ينبغي أن يكون طلَب العلم أو العمل على حساب واجباتِها الشَّرعيَّة، وواجباتِها البيتيَّة، فلا يحقّ للفتاة أن تَجعل أمَّها خادمة لها في البيت بحجَّة طلبها للعلم، ولا يحقّ للمرأة أن تقصر في إعفاف زوجِها وقضاء حاجتِه وشهوتِه بحجَّة العمل، وإلاَّ فإنَّها تكون بذلك مضيعة للحقوق والواجبات، وربَّما تكون سببًا في إفساد الزَّوج والمجتمع.

وإذا أرادتِ المرأة أو الفتاة أن تعمل أو تطْلُب العلم، واحتاجت إلى السَّفر لأجل ذلك، فلا ينبغي لها أن تُسافر بغير زوْجٍ أو محرم، فسفرُها وحْدَها وطلبها للعلم أو عملها بعيدة عن محارمها وأقاربِها يعرِّضها للفتنة، والإسلام حينما أوْجب المحْرم إنَّما أوجبه حفاظًا على المرأة من جهة، مِن أن تستغلَّ أو تستدرج إلى الفساد، وأوجبه من جهة حفاظًا عليْها من أن يُعتدى عليها، والواقع يشهد بضرورة هذا الأمر، فمعلومٌ كم تتعرَّض المرأة للاعتداء والغصب والمشاكسات والمعاكسات، وباعتراف بعض التقارير الغربيَّة فإنَّ نسبة الاعتداء على المرأة تتجاوز 40% من النساء العاملات والموظَّفات، كما أنَّ بعض التقارير الغربيَّة تبيِّن أنَّ النساء اللواتي يلجأْن إلى الشُّرطة لحمايتهنَّ، فإنَّ نسبة غير قليلة منهنَّ يتعرَّضن لاعتداء الشُّرطة عليهنَّ جنسيًّا.

وإذا أصرَّت الفتاة على طلب العلم أو العمل، فلتحْرِص على أن يكون مِمَّا تنتفع به في آخرتِها وحياتها، ومن العلوم والأعمال التي تختصُّ بالمرأة أكثر من غيرها، وما تقوم به المرأة من عمل في بيتها هو عمل لا ينبغي تَجاهله، ولا يجوز أن نطلب لها عملاً آخَر نحمّلها فيه عملاً آخر، فيجعلها تعمل عملين، أو يجعلها تعمل خارج البيت، ثم تأتي بمن يعمل مكانها داخل البيت، فبأي منطق تخرج عن عملها الأليق لها، ثم تأتي بنساء الآخرين أو بالرِّجال ليعملوا في بيتها ونظافته وطعامه وتربية أبنائها، أليست هي الأحق والأوْلى بذلك؟!

ولا بدَّ من التنبيه هنا إلى أنَّ حاجة المرأة إلى العمل إنَّما ظهرت بعد خروج النَّاس عن أحكام الله وتمرُّدهم على شريعة الله، وانْحلالهم عن الأخلاق والآداب التي أمر الله بها، فإذا التزم النَّاس منظومة الإسلام بتفاصيله، فلن تَحتاج المرأة إلى العمل خارج بيتها، فالإسلام كفل لها الرِّزْق وأوْجَب لها الإنفاق عليْها، من زوجها، من أبيها، من ابنها، من أخيها، من سائر قرابتِها، فليس هناك ما يدعوها أو يُحْوجُها إلى العمل، ولكنَّ انحلالَ أخلاق كثير من الناس وحِرصَهم على الدنيا وبُعدَهم عن أحكام الله، جعل كثيرًا منهم يدفع المرْأة إلى العمل دفعًا؛ طمعًا في مزيدٍ من الكسْب، وتخلُّصًا من الإنفاق عليْها، وبعض النَّاس يدعوها إلى التَّعليم والعمل طمعًا في أن تكون الشَّابَّة والمرأة أمامه في العمل ليشبع شهواته، إلى غير ذلك من أسباب، فلو صلحت أخلاق النَّاس ونفوسهم لما وجدتْ هذه الأسباب التي تدفع المرأة إلى العمل.

وقد تندفع المرأة إلى العمل رغبةً منها بحجَّة الملل والفراغ، وذلك راجع إلى أمور، من أهمِّها: أنَّها تجهل وظيفة العبادة لله، فلا تعرف أن تشغل نفسها بالعلم والقُرآن والصَّلاة والذِّكر، فلو علمت وظيفة الخلق في عبادة الله وحرصت عليها، لما وجدت رغبة في عملٍ آخَر لا ينفعها في آخرتها.

وقد يكون دافع العمل تأخُّر زواجِها، رغبةً منها في الظهور أمام الرِّجال لعلَّها تتزوَّج، والواقع يدلُّ على أنَّ ظهورها لم ينفعْها في ذلك، بل كانت بنات المسلمين يتزوَّجن جميعًا قبل أن تبلغ البنت سنَّ الخامسة عشرة، دون أن تخرج إلى عمل ودون أن تظهر للرجال، ولم تكن مشكلة العنوسة إلاَّ بعد فشو عمل المرأة وتعليمها بصورته المعاصرة، كما أنَّ تأخُّر الزَّواج هو نتيجة أوْهام وأفكار منحرِفة وواقع مريض مُخالف لأمر الله، فلو صحّح هذا الواقع لما احتاجت إلى العمل.

وقد يكون سبب عمل المرأة قعود زوجِها عن العمل، وعدم وجود من ينفق عليه، فتضطرُّ المرأة للإنفاق على بيتها وزوجها، وذلك قد يرجع إلى أنَّ النساء نافست الرجال في العمل فأدَّى إلى البطالة في مجتمعاتِنا بنسبة كبيرة، وقد يرجع إلى مرض الزَّوج أو إعاقته، فالواجب أن يتولاَّه قرابته من الرِّجال أو تتولاَّه الدولة بالإنفاق عليه، وليس الواجب أن يصير هذا العبء على الزَّوجة، فتقصير الأقارب وتقصير الدَّولة هو أحد أسباب اندفاع المرأة إلى العمل، وهذا التَّقصير أمر مخالف لنظام الإسلام ناتجٌ عن البعد عن أحكام الله وأوامره.

إنَّه من خلال معرِفة وظيفة المرأة يتحدَّد عمل المرأة وتعليمها، فالطبيعي أن تعمل المرأة ضمن التخصُّصات التي تتناسب مع طبيعتها وخِلقتها، في الأعمال التي تستطيع أن تؤديها خيرًا من الرجل، وقد بيّنت ذلك من خلال الكلام عن تعليم المرأة، وواجبنا أن نستسلم لله فيما خلق المرأة عليه من طبيعة، وفيما أمر به المرأة من قرار في البيت، وقيام بحقّ الزَّوج والأبناء، وقد يظن بعض الناس أن ذلك يتنافى مع المساواة، وأنه منع لها من مجالات عمليَّة كثيرة، وتضييع لما يمكن أن تبدعه، وأنه احتقار للمرأة؛ لذلك أقول: من خلال نظرة إلى المجتمع وحاجاته نجد حاجة المجتمع إلى خبَّاز وعاملِ نظافةٍ وممرِّض وحلاق..

فهل هذه الأعمال حقيرة بالنسبة للطبيب والمهندس والوزير؟! وإذا كانت حقيرة لماذا لا نَمنعها في المجتمعات، ونُحرِّم على النَّاس أن يشتغلوا بها تحريرًا لهم من الحقارة؟ إنَّ أيَّ عمل وأي تخصّص مهما كان فإنَّه عظيم القدْر ما دامت البشريَّة تحتاجه، ولم يُحرِّمه الله عليها، أليس الملك والوزير والطَّبيب يَحتاجون إلى عامل النَّظافة والحلاَّق والممرِّض؟! ترى لو لم يوجد هؤلاء، ألا يضطر الملك أن يصير عامل نظافة لنفسه؟! ألا يضطر الوزير أن يحلق لنفسه؟!

هل الأدوار التي ينبغي أن تقوم بها المرأة من الحبَل وإرضاع الطفل وتنظيفه وتعليمه وتربيته، ومن عفَّة للزَّوج وسكن له، هل هي محتقرات، أم هي وظائف لا بدَّ أن يوجد في المجتمع مَن يقوم بها؟! وهل نستطيع أن نُعطيها للرجُل، أم أنَّ الرَّجُل لم يُهَيَّأْ لها، وأنَّ استعداد المرأة لها أكبر وأحسن؟! والذي خَلَقَ في المرْأة هذا الاستعداد، هو الذي أمرها أن تمكُث في البيت لتؤدِّي الوظائف الملقاة عليها؛ {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33]، واقتِصار المرأة على بيْتِها وتجمُّلها لزوْجِها ليست صفاتٍ مزْرية بالمرأة، بل هي صفات إجْلال وإكرام وحفظٍ للمرْأة، تجعلها كالجوْهرة المخبَّأة، وكيف لا تكون صفات إكرام وهي صفات نساء الجنَّة؛ {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيَامِ} [الرحمن: 72]؛ أي: مَحبوسات حبس صيانة وتكْرِمة؛ (تفسير القرطبي: 17/ 189)، وقال - تعالى - في وصف نساء الجنَّة: {عُرُباً} [الواقعة: 37]؛ أي: يُحْسِنَّ التبعُّل والتجمُّل للزَّوج؛ (تفسير الطَّبري: 11/ 640).

والذي خَلَق في المرأةِ الجَمالَ، الَّذي خلقه الله ليجْذِب الرَّجُل إلى المرأة فيحصل التَّزاوُج والإنجاب - هو الذي أَمَرَها بالحجاب؛ {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب: 33]، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59]؛ حتى لا يُعرَف جمالُها فيُثير شهوة الرِّجال نحوها، وهو - سبحانه - الذي أَمَرَ بغضِّ البصر ومَنَعَ الخلوةَ، ومنعَ خضوع المرأة بالقول واستثارتَها للرجال واستمالتَها لهم؛ لِيَحفظ عفَّةَ المجتمع ويطهِّره بذلك؛ {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30]، {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْروفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} [الأحزاب: 32 - 33].

وإذا كانت هذه المطالب قد طولِبت بها أمَّهات المؤمنين وهنَّ أمَّهاتنا، ولا يجوز زواجُنا منهنَّ، فغيرهنَّ أولى بالالتزام بذلك؛ لأنَّ احتمال الطَّمع بغيرهن أكبر، وما نزل من تشريع لهنَّ تشريع لجميع نساء العالمين.

وإذا اشتركت المرأة مع الرجل في تكاليف وأعمال مشتركة عامَّة، كالصلاة والزكاة؛ {وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، وإذا خُصَّت المرأة بتكاليف خاصَّة وبأعمال بيتية؛ فالرجل كذلك خص بأعمال خارج البيت: بالعمل خارج البيت وما فيه من شدَّة وحاجة إلى قوَّة بدنيَّة وعقليَّة، وبالنفقة على زوجته وأوْلاده وبيته، وخُصَّ الرَّجل أيضًا بصلاة الجماعة وبالجِهاد وغير ذلك.

ديننا ليس بِحاجة لأن ندافع عنه؛ لأنه من عند الله، والله لا يكون متَّهمًا في شيء ولا متهمًا في أحكامه وتشريعاته، بل نحن بحاجة أن نتعلَّم تشريعاته ونتفهَّمها ونستسلِم لها، ونبحث عن حِكمتها وجمالها وعظمتها، والله - تعالى - إذ جعل المرأة تُكَمِّل الرَّجُل، والرجُل يكملها، بعدْلٍ وحكمة؛ كذلك فقد جعل الأجر والجزاء أيضًا عادلاً، فالمرأة تأخذ ثواب إيمانِها وأعمالها الصَّالحة كالرَّجُل، والَّذين يشرعون لها خلاف أمْر الله لن يدخلوا معها القبر ولن يستطيعوا أن يُدافعوا عنها عند الله، فالكل سيحاسب على أعماله، خيرًا أو شرًّا؛ قال تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاَ أَمَانِيِّ أَهْلِ الكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِياًّ وَلاَ نَصِيراً * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً} [النساء: 123 - 124].

والآية تدل على أن المرأة تأخذ من الأجر في أعمالها كما يأخُذ الرَّجُل أجْرَه في أعماله، حتَّى عند اختِلاف أعمالهما، فهي في أعمالها البيتيَّة والزوجيَّة والتربويَّة تأخذ من الأجر مثلَ ما يأخذ الرجل من الأجر في الجهاد وصلوات الجماعة والإنفاق.

ورد في حديث ضعيف، حسَّنه بعض العلماء، وإنَّما أذكره لأنَّ معناه صحيح موافق لروح الشريعة، عن أسماء بنت يزيد الأنصارية من بني عبد الأشهل أنَّها أتت النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي إني وافدة النِّساء إليك، واعلَم - نفسي لك الفداء - أما إنَّه ما من امرأةٍ كائنة في شرق ولا غرب سمعت بِمخرجي هذا [أي: بقدومها إلى النبي سائلة] أو لم تَسمع إلاَّ وهي على مثل رأيي (أي: ما خطر في بالها مما ستقوله يَخطر في بال النساء ويوافقْنها الرأي فيه)، إنَّ الله بعثَك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنَّا بك وبإلهِك الذي أرسلك، وإنَّا - معشرَ النساء - محصوراتٌ مقصوراتٌ، قواعدُ بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملاتُ أولادكم، وإنَّكم معاشر الرجال فُضِّلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإنَّ الرَّجل منكم إذا خَرج حاجًّا أو معتمرًا ومرابطًا، حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابًا، وربَّينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر، يا رسول الله؟ قال: فالتفت النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى أصحابه بوجهِه كلّه، ثمَّ قال: ((هل سمعتم مقالة امرأة قطّ أحسنَ من مسألتِها في أمر دينها من هذه؟)) فقالوا: يا رسولَ الله، ما ظننَّا أنَّ امرأة تهتدي إلى مثل هذا، فالتفت النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إليْها، ثم قال لها: ((انصرفي أيتها المرأة، وأعلِمي مَن خَلفَك من النساء: أن حُسْنَ تَبَعُّلِ إحداكنَّ لزوجِها (أي: تجمُّلها لزوجها بما يقضي شهوته ويؤدِّي إلى عفَّته)، وطلبَها مرضاتَه، واتباعَها موافقته، تَعْدِل ذلك كلَّه))، قال: فأدبرت المرأة وهي تهلِّل وتكبِّر استبشارًا؛ عأرواه البيهقي في شعب الإيمان: (6/ 421).

س8: في ختام هذا الكلام الطيِّب، هل من وصايا تقدمها للنِّساء المسلمات؟

ممَّا يجب أن تحرص عليه النساء المسلمات: أن تحرِص على صلاتِها وصومِها وتحْصين فرجها وطاعة زوجها، فذلك موجب لدخولِها الجنَّة؛ قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا صلَّت المرأة خمسَها، وصامت شهْرَها، وحفِظت فرجها، وأطاعت زوْجها - قيل لها: ادخلي الجنَّة من أي أبواب الجنَّة شئت))؛ رواه أحمد وابن حبَّان.

فماذا تُريدين من الحياة إلاَّ ما أراد الله لك؟! لَم يطلب منك جهادًا ولا إمرةً ولا قضاءً ولا إمامة المصلين، لم يطلب منك طلبًا للرزق، فالعاقلة مَن تشتغل بِما طلب الله منها، ولا تضيِّع عمرها بما لم يطلب منها، وبما أراحها الله منه، وتفوِّت الأجر العظيم بعملها الَّذي طلب منها.

ويجب على فتيات المسلمين الحذَر من الحبِّ الشهواني قبل أوانه، فلا يجوز للشباب ولا للشَّابَّات إنشاء علاقة حب مع الجنس الآخر إلاَّ بعد عقد الزواج، وإذا أَعجَبَك شاب فذلك مبرر لحب الزواج منه، لا مبرر لحبه الحب الشهواني، أمَّا الحب الإيماني فهو الذي يرتبط بالإيمان والعمل الصالح، فهو واجب بين كل المسلمين، ولا يبرر توجُّه النفس بالميل إلى المحبوب على سبيل الشهوة.

إنَّ وقوع كثير من الشباب والشابات في هذا الحب قبل وقت جوازه سببٌ كبير في الشَّهوات، وسبب كبير في الوقوع في الزِّنا، فلنتَّق الله في أنفُسِنا، ولنحذَرْ من أي تعلُّق شهواني بالآخرين، إلاَّ مَن أباح الله لهم شهوة بيْنهما، وهما الزَّوجان، ولا تكون الشَّهوة بينهما مباحة إلا بعد عقد الزَّواج؛ لذلك لا يجوز تحريك العاطفة الحبّية الشهوانية إلاَّ بعد الزواج، وبين الزوجين فقط.

ويجب أن تحرص كلُّ امرأة متزوِّجة على إعفاف زوجها، بالتجمُّل له في كل وقت، وبقضاء شهوته؛ قال تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ} [البقرة: 223]، وقال سبحانه: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} [البقرة: 187]، والمرأة كما بيَّن النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((خير متاع الدُّنيا المرأة الصالحة))؛ رواه مسلم، وبيَّن أهمَّ أوصافها مع زوْجِها: ((إن نظر إليْها سرَّتْه، وإن أمرها أطاعتْه، وإن غاب عنها حفِظَتْه))؛ حديث حسن.

أمَّا أن تكون المرأة متجمِّلة في جامعتها وعملها، وفي الشَّارع وفي الأعراس، وتكون في بيتها بلا تجمُّل وعلى أسوء حال - فذلك مما يفتح أبواب الفساد، فتفسد حيثما وجدت، وتفسد الزَّوج حينما لا تعفّه، فيتطلع إلى الحرام خارج بيته.

وأن تحرص المرأة على تربية أبنائها وسعادة بيتها، لا تبحثي عن السَّعادة خارج البيت وتفسدي السَّعادة داخله، وأعظم ما يصنع السَّعادة في البيت الكلِمة الطيِّبة وتكلُّف الأدب والخلُق مع الزَّوج، وتكلُّف الزَّوج الأدب والكلِمة الطيِّبة مع زوجته.

احرصي أيَّتُها المسلمة على لسانك، واترُكي الغيبة والسُّخرية، ولا تضيِّعي وقتك بالكلام الفارغ، واشغلي نفسَك بذكر الله، وعوِّدي لسانك على الكلمة الطيِّبة، وخاصَّة مع الزَّوج والأبناء، والوالدَين والأهل، واستعمِلي لسانك وكلامك في الدَّعوة إلى الخير والدين، والحق والخُلُق والعمل الصَّالح، بدلاً من الكلام اللَّغو الذي لا ينتج عنه شيء، ولا نفْع في الدنيا ولا في الآخرة، ولا تكوني سببًا في فتنة بين قرابةٍ أو أهل أو جيران، صغِّري المشكلات وتَجاهليها، ولا تكبِّريها، واحذَري من الجدال مع الزَّوج جدالاً يُذهب حلمه ويُخْرِجه عن عقله وطوره.

أيَّتها الفتاة، لا تؤخِّري زواجَك بدعوى العلم والعمل، لكن احرصي على الزَّوج الذي يتقي الله ويحرص على الأخلاق، فلن يظلمك، ولن يحوجَك إلى العمل، واعلمي أنَّ سنَّ الزَّواج الطبيعي للرجال والنساء هو السن الذي تبدأ فيه الشَّهوة عند الطرفين، وهو ما يسمَّى بسن المراهقة، فمن العجيب أن نترُك الشباب والشابات في هذه السنّ بلا زواج ثم نطالبهم بالعفَّة، إنَّه لن يصلح المجتمع ولن ينتهي الفساد ولن تشيع العفَّة إلاَّ إذا شاع الزواج المبكّر، الذي يعالج الشَّهوة في بدايتها.

وإذا كان بعضُنا يناقش في جواز الزواج قبل البلوغ أو في سنّ مبكِّرة، فجواب ذلك أنَّ سنَّ الزنا في الواقع الغربي دليل على أنَّ البشر يحتاجون إلى الزواج مبكرًا، ودليل على أنَّه يمكن أن يكون الزَّواج حتَّى قبل البلوغ، فالنسبة الأكبر بحسب إحصائيَّاتهم ذكورًا وإناثًا يقعون في الزِّنا قبل سن البلوغ، أمَّا مسألة الوعْي على الزواج ومسؤولياته، فذلك تبع للثقافة التي نربي عليها المجتمع، لا لضعف في الجنسين، ولا لعدم استِعداد للأخلاق اللازمة للزواج.

والأمم المتَّحدة أصدرت قوانينها بإباحة ممارسة الجنسين للشَّهوات والزنا من سن الثَّامنة، وحرَّموا الزَّواج إلاَّ بعد سن الثَّامنة عشرة، أليس قرار الأمم المتَّحدة يدل على أنَّ الجنسين قد يحتاجان إلى قضاء الشهوة من سنِّ الثامنة، فلِمَ حرَّموا أن تكون بطريق الزَّواج؟! لماذا لم يعتبروا مسألة الزَّواج مسألة حرِّيَّة؟! لماذا قيَّدوها؟! أم أنَّهم يريدون إشاعة الحرام وتضييق الحلال؟! والبعض ينكر على الزَّواج المبكر بحجة أنَّ التعليم لا ينتهي إلاَّ في سن الثَّانية والعشرين تقريبًا، فجواب ذلك أنَّه يُمكن أن يَحصل الزواج في فترة التعليم، خاصَّة إذا حرصنا على نبذ التكاليف والإنفاقات التي لا فائدة منها وما هي إلاَّ أوهام وتقاليد مُرهِقة، وجواب ذلك أيضًا أنَّ التعليم بصورته الحالية غير سليم، فيمكن أن تغيَّر المناهج بحيث يحصُل الطالب في سن الخامسة عشرة ما يحصل في سن الثانية والعشرين، ليكون جاهزًا للعمل عند بلوغه وقوَّته، أمَّا أن نضيع قوَّته في طلب العلم فذلك تضييع للطاقات والأعمار، وفشل في إدارة الحياة الإنسانيَّة.

لا تجعلي المهر عائقًا عن زواجك؛ فهو لإكرامك فلا تجعليه سببًا في إهانتك، فالمهْر الغالي لا يمكن أن يحميك، وإنَّما يحميك أن يكون زوجُك صاحب دين وخلق، فإنَّه لا يظلم، أمَّا مَن كان قليل الدين والتقوى والأخلاق، فإذا كان مهرك غاليًا وأراد أن يتخلَّص من مهرك، آذاك وأساء إليك حتَّى تطلبي منْه الطَّلاق مع التنازُل عن المهر، والواجب أن نحرِص على الزَّواج المبكر، وعلى تيسير المهور والزَّواج، وعلى تخفيف تكاليف الزَّواج، فلا ترهقي الشباب بمهر غالٍ وتكاليف باهظة، فتفسدي الزَّواج أو تؤخِّريه، وتُذهِبي بركتَه، وتلاحقكما الديون؛ قال - عليْه الصَّلاة والسَّلام -: ((أعظم النساء بركة أيسرُهنَّ صداقًا))؛ حديث صحيح أخرجه الحاكم.

ثمَّ تكاليف الزَّواج لمصلحة مَن؟ تكاليف حفلة العرس ليست لِمصلحة الزَّوجين، وإنَّما هو غرور وتفاخُر ورياء للنَّاس، وتكاليف اللِّباس ليس لمصلحة الزَّوجين، ففائدته تكاد تقتصِر على أيَّام أو أشهُر وتضيع الأموال، فلو أنَّها اقتصرت على القليل، ثمَّ تشتري ما يناسب جسمها، وتغير بنيتها وحبلها في كلّ فترة، خير من أن تشتري شيئًا كثيرًا ثم لا تلبس منْه إلاَّ القليل ويصير صغيرًا على جسمها فلا تستفيد منْه.

وتكاليف الأثاث لمصلحة مَن؟ ونحن نرى كثيرًا من هذه البيوت تهدد بالطَّلاق، ألا يمكن الاقتصار منه على القليل، ثم يزداد ويتوسَّع فيه مع الأيَّام؟! كيف تزوَّج آباؤنا وأجدادنا، وكيف صلحت بيوت الزوجيَّة؟! ما بال الشَّابِّ الذي يريد أن يزني نسهّل له الزِّنا، ومَن يريد العفاف نجعل بينه وبين العفاف مسافات شاسعة وجدرًا مُمَنَّعَة؟! لا تجعلوا للتقاليد حكمًا عليكم بالإسراف بلا عقل ولا نفع، ولا مصلحة حقيقيَّة، لا تكوني سببًا في تراكُم الديون على زوجِك بسبب هذه التَّكاليف ثم يضيق عليك طول حياتِك وهو يسدُّ هذه الديون، تزوَّجي بلا ديون وعيشي في بحبوحة وسَعة، أنت وزوجُك.

تذكَّري - أيَّتها المسلمة - عملَك الطَّبيعي الفطري، وحاولي أن تكوني فيه، وإذا عمِلْت خارج إطار البيت فاجعلي عملَك في مصلحتك وعفَّتك، وفي مصلحة الأمَّة، لا سببًا في تَخْريب جسدِك وعفَّتك، ولا سببًا في إشغال الرِّجال والشَّباب عن إنتاجهم وعلمهم، ولا سببًا في استغلالك شهوانيًّا واستغلال ضعفِك وحاجتِك.

يَجب على نساء المسلمين وعلى جميع النِّساء أن يُحاربن الإعلام الذي يستغلُّ أجسادهنَّ، ويَجعل منهن مشروع فساد وتضييع للوقْت، وإهدار للطَّاقات وإشغال عن العلم والعمل والإنتاج، ويجب على نساء المسلمين أن يُحاربنَ الدعايات الإعلانيَّة التي تستغلّ جسد المرأة، فلا تجعل منه سلعة بل هو أقلّ من سلعة، هو مروج لسلِّعة.

ويَجب على المسلمين وعلى المسلمات أن يسعَين - وخاصَّة في بلاد المسلمين - إلى إيجاد مراكز علميَّة تختصّ بتدريس المرأة ما تَحتاجه من أمور دينها، وما تَحتاجه في حياتها البيْتيَّة، من علاقة وأخلاق مع الزَّوج والأبناء، ومِن طبخ وتنظيف وترتيب، وغير ذلك ممَّا ذكرنا أنَّه ممَّا تحتاج المرأة أن تتعلَّمه، وهو واجب عليها، وإذا وجدت هذه المراكز فإنَّها ستكون البديل النَّاجح بإذْن الله عن المدارِس والجامعات، التي تضيِّع عمر المرأة فيما لا ينفعها.

بارك الله فيكم شيخنا الفاضل ونفع بكم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حوار شبكة الألوكة مع د. معاذ حوّى حول "المرأة" (1/3)
  • حوار شبكة الألوكة مع د. معاذ حوّى حول "المرأة" (2/3)
  • طالبة الكلية وصورتها الممزقة
  • المرأة في الإسلام (1)
  • هل خلقت المرأة من ضلع أعوج؟!
  • صورة المرأة في الشعر الإسلامي المعاصر
  • الجندر: المفهوم والحقيقة والغاية
  • اجتماع مغلق للإناث
  • رويدك أنجشة
  • نسج العنكبوت
  • إبطال ثلاث شبه حول مكانة المرأة في الإسلام
  • المرأة المسلمة (1)
  • إليك يا مربية الأجيال
  • إلى من يهمه أمر المرأة
  • المرأة على خط المواجهة!
  • المرأة مالئة الدنيا وشاغلة الناس
  • زواج مشروط!
  • حوار شبكة الألوكة مع الدكتور صالح الرقب
  • المرأة في مختلف العصور
  • مكانة المرأة في الحضارات والديانات والمجتمعات السابقة على الإسلام
  • خديجة بنت خويلد المفترى عليها
  • لقاء شبكة الألوكة مع الدكتورة نهى قاطرجي
  • حوار مع الدكتور ياسر نصر مدرس الأمراض النفسية بجامعة القاهرة
  • حوار شبكة الألوكة مع فضيلة الشيخ داعي الإسلام الشهال
  • حوار ريمون هارفي حول الدراسات القرآنية عالميا

مختارات من الشبكة

  • حوار مع " بول موجز " حول الحوار بين المسيحيين والمسلمين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب ( الحوار - طرفا الحوار)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • محاذير الحوار (متى نتجنب الحوار؟)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحوار في الدعوة إلى الله (مجالات الحوار الدعوي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في مركب "حوار الحضارات": أي حوار وأية مقومات؟(مقالة - موقع أ. حنافي جواد)
  • الحوار المفروض والحوار المرفوض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحوار المفقود (تأملات في الحوار من خلال سورة يوسف PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • نتائج الحوار(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • مفهوم الحوار لغة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الحوار وسيول الجدال(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب