• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / أزواج وزوجات
علامة باركود

الأسرة في الإسلام (3)

إسلام عبدالتواب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/5/2009 ميلادي - 8/5/1430 هجري

الزيارات: 79285

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأسرة في الإسلام (3)

تكريم الإسلام للأسرة

 

جاء الإسلامُ والعلاقاتُ الأسريَّة في فوضى وانحلال - كما بينَّا - فأراد إنقاذَ البشرية من هذا السوء؛ لذا جعل الإسلام الأسرةَ هي وحدةَ بناء المجتمع، وأحاطها بسياجٍ كبير من التشريعات التي تضمن لها الجديةَ والنجاح - بإذن الله.

لقد جعل الإسلام السبيلَ الوحيد لتكوين الأسرة هو الزواجَ، بالشكل الذي يحفظ الحُرُماتِ والأنسابَ، ويُلبِّي الغرائزَ الطبيعية في إطار من العفَّة والخصوصية، ويحقق لطرفي الزواج ما يبحثان عنه من السكن والاستقرار، وامتنَّ عليهما بإسباغ المودة والرحمة على تلك العلاقةِ الشريفة، وقد نبَّه القرآن على ذلك في قوله - تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].

وقد قال الإمام الطبري -  رحمه الله - في تفسير الآية: جعل بينكم بالمصاهرة والختونة مودةً تتوادُّون بها، وتتواصلون من أجلها، ورحمةً رحمكم بها؛ فعطف بعضكم بذلك على بعض[1].

ويقول الأستاذ سيد قطب - رحمه الله - حول هذه الآية: والناس يعرفون مشاعرهم تجاه الجنس الآخر، وتشغل أعصابَهم ومشاعرهم تلك الصلةُ بين الجنسين؛ وتدفع خُطاهم وتحرِّك نشاطَهم تلك المشاعرُ المختلفةُ الأنماطِ والاتجاهات بين الرجل والمرأة؛ ولكنهم قلَّما يتذكَّرون يد الله التي خلقتْ لهم من أنفسهم أزواجًا، وأودعتْ نفوسَهم هذه العواطفَ والمشاعر، وجعلتْ في تلك الصلة سكنًا للنفس والعصب، وراحةً للجسم والقلب، واستقرارًا للحياة والمعاش، وأُنسًا للأرواح والضمائر، واطمئنانًا للرجل والمرأة على السواء.

والتعبير القرآني اللطيف الرفيق، يصور هذه العلاقة تصويرًا موحيًا، وكأنما يلتقط الصورة من أعماق القلب وأغوار الحس: {لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا}، {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}؛ فيدركون حكمة الخالق في خَلْق كلٍّ من الجنسين على نحوٍ يجعله موافقًا للآخر، ملبيًا لحاجته الفطرية: نفسية، وعقلية، وجسدية؛ بحيث يجد عنده الراحةَ والطمأنينة والاستقرار، ويجدان في اجتماعهما السكنَ والاكتفاء، والمودة والرحمة؛ لأن تركيبهما النفسي والعصبي والعضوي ملحوظٌ فيه تلبيةُ رغائب كلٍّ منهما في الآخر، وائتلافهما وامتزاجهما في النهاية؛ لإنشاء حياة جديدة، تتمثل في جيل جديد[2].

وسوف نتناول مظاهر تكريم الإسلام للأسرة، من خلال المباحث التالية - بإذن الله:
 المبحث الأول: إحاطة تكوين الأسرة بالتكريم. 
المبحث الثاني: وضع حقوق متبادلة لأفراد الأسرة على بعض. 
المبحث الثالث: الأمر بصلة الأرحام. 
المبحث الرابع: المشاركة في المسؤولية. 
المبحث الخامس: جعل روابطها لا تنفصم بالموت. 



•      •      •

 

المبحث الأول: إحاطة تكوين الأسرة بالتكريم:
إن الزواج بالشكل الذي أقرَّه الإسلامُ حَفِظَ للمرأة كرامتَها ومكانتها، وللرجل شرفَه وعِرضَه، وجعل من هذه العلاقة سياجًا يحمي الطرفين من الخطأ، وجعل من هذه الأسرة نواةً لبناء مجتمع مسلم طاهر عفيف.

وكان لا بد - والوضع كذلك - أن تكون إجراءات الزواج تحقِّق تلك الغايةَ، وقد راعى الإسلام ذلك بالفعل؛ فجعل لإتمام للزواج مراحلَ ومراسمَ؛ فهناك الخِطبة، ثم عقد الزواج، فالبناء (الزفاف)، وكل هذه مراحل من باب تكريم هذا العقد، وإعطائه قوةً ونفوذًا في المجتمع.

فإذا جئنا لتفاصيل تلك المراحل، نجد أنه قبل الخِطبة لم يَعرِف الإسلام إجبارَ أحد طرفي الزواج عليه؛ بل لا بد من تحقُّق القَبول والموافقة التامة، المبنيَّة على المعرفة الكاملة، والرضا التام؛ لذا شرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رؤيةَ الرجل مَن يريد خطبتها؛ فعن المغيرة بن شعبة قال: خطبتُ امرأةً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: ((أنظرتَ إليها؟))، قلت: لا، قال: ((فانظر إليها؛ فإنه أجدر أن يؤدم بينكما))[3].

وكذلك جعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - من حق الفتاة أن تَقبَل أو ترفض، ولا سلطةَ لأحد - مهما كان - في أن يفرض عليها مَن لا ترغبُه؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تُنكَح البِكْرُ حتى تُستَأذَن، ولا الثيبُ حتَّى تُستَأمَر))، فقيل: يا رسول الله، كيف إذنها؟ قال: ((إذا سكتتْ))[4].

وقد ردَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمْرَ مَن أجبرها أبوها على الزواج، إلى نفسها؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - قالتْ: "جاءتْ فتاةٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: "يا رسول الله، إنَّ أبي زوَّجَني ابنَ أخيه؛ يرفع بي خسيستَه"، فجعل الأمر إليها، قالت: "فإني قد أجزتُ ما صنع أبي، ولكن أردتُ أن تعلم النساءُ أن ليس للآباء من الأمر شيء"[5].

كل هذا من أجل أن يقوم بناءُ الأسرة على التراضي؛ فيكون الطرفان مهيئين لإقامة علاقة ناجحة سعيدة.

ليس هذا فحسب؛ بل حرصًا من الإسلام على نجاح ذلك المشروع، ورغبةً منه في بنائه على أساس سليم؛ فإنه قد شرع الخِطبة، وهي الفترة ما بين تقدُّم الرجل للمرأة، وبين عقد الزواج؛ بحيث يستطيع الرجل زيارةَ بيت المرأة في وجود أهلها إن احتاج ذلك؛ لكي يستطيع كل واحد منهما أن يتعرَّف على شخصية خطيبه، وطباعه، وذلك دون خلوة بالطبع، ومع الالتزام بالضوابط الشرعية المرعية، فبعض الناس قد يحتاج لهذا.

ثم يأتي عقد الزواج بعد أن يركن كلٌّ لصاحبه، وهنا يثبت للمرأة حق الصَّداق، وهو المهر الذي يدفعه الرجل للمرأة، ولا يحلُّ له ولا لغيره - كأبيها وأخيها - أن يأخذ منه شيئًا بغير رضاها؛ يقول - تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4].

ولإتمام هذا العقد يشترطُ الإسلامُ وجودَ الوليِّ، والشهود، والإشهار؛ فالأسرة في الإسلام لا تُبنَى في الخفاء؛ بل هي كيان كريم، وعلاقة شريفة، ينبغي أن يشهدها المحيطون، ويفرح بها الأهل؛ فعن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا نكاح إلا بولي))[6]، وعن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أيما امرأة نكحت بغير إذْنِ وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل))[7].

وعلى الزوج أن يُولِم للمدعوين؛ لإتمام الفرحة.
 

المبحث الثاني: وضع حقوق متبادلة لأفراد الأسرة على بعض:
الأصل في العلاقات الأسرية أن تقوم على المحبة، والمودة، والإيثار، وسعْي كل طرف لإسعاد الأطراف الأخرى؛ ولكن ذلك لا يمنع أن يُرشِد الإسلام ويوجب على كل طرف واجباتٍ للأطراف الأخرى؛ وذلك من أجل ردِّ المقصر وتنبيهه، ومن هذه الحقوق الأساسية: بِرُّ الوالدين، وطاعتهما، وتكريمهما، وخاصة في الكِبَر؛ فقد قال الله - تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23، 24].

وقال أيضًا: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14].

وفي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((رَغِم أَنْفُه، رغم أنفه، رغم أنفه!))، قيل: مَن يا رسولَ اللهِ؟! قال: ((مَن أَدرَكَ والِدَيْهِ عند الكِبَرِ: أحَدَهُما أو كِلَيْهِمَا، ثم لم يَدْخُلِ الجنةَ))[8].

ومن حقوق الوالدين على أبنائهما أيضًا: بِرُّهما والإحسان إِليهما، ولو كانا مشركين؛ ففي رواية أسماء بنت أبى بكر - رضي الله عنهما -: قَدِمَتْ عَليَّ أُمِّي وهى مُشرِكَة، فاسْتَفْتَيْتُ رسولَ الله، فقلت: يا رسولَ الله، قدمتْ عليَّ أمِّي وهي راغبةٌ، أَفَأَصِلُ أمِّي؟ قال: ((نعم، صِلِي أُمَّكِ))[9].

ومن هذه الحقوق أيضًا: إنفاذُ وصيتهما، وإكرام صديقهما؛ فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ مِن أَبَرِّ البِرِّ صِلَةَ الرجُلِ أهلَ وُدِّ أبيه بعد أنْ يُوَلِّي))[10].

وسئل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! هل بَقِيَ عليَّ مِن بِرِّ والِدَيَّ من بعدِ موتِهِما شيءٌ أبرُّهُما به؟ قال: ((نعم، الصلاةُ عليهما، والاستغفارُ لهما، وإنفاذُ عهدِهِما من بعدهما، وصِلَةُ الرَّحِمِ التي لا تُوصَلُ إلاَّ بهما، وإكْرامُ صديقِهِما))[11].

وقد حذَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عقوق الوالدين، وعدم البر بهما؛ فقال: ((ألا أُنبئُكُم بأكبرِ الكبائر؟)) (ثلاثًا)، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((الإشراكُ بالله، وعُقوقُ الوالِدَيْن ...))[12].

وقد جعل الإسلام بين الزوجين حقوقًا متبادلة، منها ما هو مشترك، ومنها ما يختص بكل طرف؛ فمن الحقوق المشتركة بين الزوجين: المودة والرحمة، والأمانة والثقة، والرِّفق وطلاقة الوجه، ولين الخطاب، والاحترام؛ وقد قال الله - تعالى -: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].

وذكر القرآن المساواة بين الزوجين في الحقوق بقوله: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228].

وللزوجة في الإسلام حقوق مستقلة، منها:
1- رعاية زوجها لها، وحسن معاملته إياها؛ فقد قال -تعالى -: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19]، وفي الحديث: ((ألاَ واستوصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا؛ فإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عندَكُم، ليس تَملِكُونَ منهنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذلك))[13]، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: ((أَكْمَلُ المؤمنينَ إِيمانًا أحسَنُهُم خُلُقًا، وخِيارُكُمْ خِيارُكُم لِنِسائِهِم))[14]، ويقول: ((خيرُكُم خيرُكم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي))[15].

2- إنفاق زوجها عليها، ولو كانت غنيَّة؛ يقول الله - تعالى -:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]، ويقول:{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4].

وسُئِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ما حَقُّ زوجةِ أحدِنا عليه؟ فقال: ((أنْ تُطْعِمَها إذا طَعِمْتَ، وَتكْسُوَها إِذا اكْتَسَيْتَ، ولا تَضْرِبِ الوجْهَ، ولا تُقَبِّحْ، ولا تَهْجُرْ إِلاَّ في البيت))[16].

3- تعليمها وإلزامها تعاليم الإسلام وآدابه؛ فقد قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((والرَّجُلُ في أَهْلِهِ راعٍ وهو مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِه))[17].

4- حفظ سرِّها، وحُسن معاملة أقاربها؛ فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ مِن أَشَرِّ الناسِ عندَ اللهِ مَنْزِلَةً يومَ القِيامةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ وتُفْضِي إليه، ثم يَنْشُرُ سِرَّهَا))[18].

أمَّا حقوق الزوج على زوجته، فمنها:
1- طاعة الزوج في غير معصية، ونحن نعرف الحديث المشهور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((ألاَ أُخْبِرُكَ بِخيرِ ما يَكْنِزُ المَرْءُ؟ المَرأةُ الصَّالِحَةُ؛ إذا نَظَرَ إليها سَرَّتْهُ، وإذا أَمَرَها أَطاعَتْهُ، وإذا غَابَ عنها حَفِظَتْهُ))[19].

2- صيانة عرضه وماله؛ وقد ورد الحديث: ((والمرأةُ في بيتِ زوجِها راعِيَةٌ))[20].

3- ألاَّ تخرج من بيتها إلا بإذنه؛ فقد ورد: ((إذا اسْتَأْذَنَتِ امرأةُ أحدِكُم إلى المسجد، فلا يَمْنَعْها))[21]، وهذا يعني أن الزوجة لا يجوز أن تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها.

4- حفظ سرِّه، وحسن معاملة أقاربه.

وقد ورد في الحديث ما يجمع كلَّ الحقوق، في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((لو كنتُ آمِرًا أحدًا أن يَسْجُدَ لأَحَدٍ، لأَمَرْتُ المرأةَ أنْ تَسجُدَ لِزوجِها))[22].

وكما جعل الإسلام للآباء حقوقًا على الأبناء وعظَّمها، جعل كذلك للأبناء حقوقًا حثَّ الآباء على أدائها، منها:
1- حسن تسميتهم، والعقيقة عند مولدهم؛ فقد جاء رجلٌ إلى النبي فسَأَلَهُ عن اسْمِهِ قال: اسْمِي حَزْن، فقال: ((بل أنتَ سَهْل))[23].

ومثله: أنه - صلى الله عليه وسلم - غَيَّرَ اسم عاصِيَة، قال: ((أنتِ جَمِيلَة))[24].

وفي العقيقة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((الغُلامُ مُرتهنٌ بعَقِيقَتِهِ، يُذبَحُ عنه يومَ السَّابِعِ، ويُسَمَّى، ويُحلَقُ رَأسُه))[25].

2- الرفق بهم، والعدل بينهم، والتسوية في المعاملة بين البنين والبنات؛ فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((فاتَّقُوا اللهَ واعْدِلُوا بين أولادِكُم)).

3- الإنفاق عليهم، وحسن رعايتهم وتربيتهم، وذلك أمر فِطْري جُبِلَت عليه النفوسُ السوية.

4- تثقيفهم وتربيتهم على تعاليم الإسلام وآدابه؛ يقول الله -تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6]. 

وفي الحديث: ((مُرُوا أولادَكُم بالصلاة وهم أبناءُ سَبْعِ سنين، واضرِبُوهم عليها وهم أبناءُ عَشْر، وفَرِّقُوا بينهم في المَضاجِع))[26].

ويبيِّن الرسول مسؤولية الوالدين عن تديُّن أبنائهما بقوله: ((كل مولودٍ يُولَد على الفطرة، فأبواه يُهوِّدانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه))[27]، وقال - صلى الله عليه وسلم: ((ما نحل والدٌ ولدَه أفضل من أدبٍ حسن))[28].

هكذا وضع الإسلام أسس الحقوق الأسرية المتبادلة، وجعل ما يتفرع عن هذه الصلات الأساسية: الأبوة، والبنوة، والزوجية - محلَّ تكريمٍ، ومراعاة لتلك الحقوق أيضًا؛ فصِلَة الأخوَّة مشتقة من الأبوة والبنوة؛ لأن الإخوة جاؤوا من طريق الأبوين، أو أحدهما، وأقارب الأم والأب جاؤوا من طريقهما كذلك؛ فرعايتهم مرتبطة برعاية الأبوة والأمومة.
 
المبحث الثالث: الأمر بصلة الأرحام:
حازَتِ الرحم قدرًا كبيرًا من الاهتمام في الإسلام؛ فقد أمر الله - عز وجل - برعايتها وصلتها، وأخذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - يؤكِّد المرة تلو المرة على وجوب حفظها قولاً وفعلاً؛ لذا وجدنا آيات القرآن تأمر بإيتاء ذي القربى حقه؛ فيقول - تعالى: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [الروم: 38].

وبيَّن - سبحانه وتعالى - أن ذوي الأرحام أولى بأقاربهم في الميراث؛ فقال: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75]، ووصف القرآن المؤمنين المتقين بأنهم: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} [الرعد: 21].

وأوضح - سبحانه - أن الرحم ذات فضل كبير؛ حيث يتناشد بها الناس؛ فقال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: 1]، وحذَّر - عز وجل - من قطيعة الرحم، وجعلها قرينة للإفساد في الأرض: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22].

وجاءت السنة كذلك مؤكدة لما جاء في القرآن، فجعل - صلى الله عليه وسلم - صلة الرحم علامة الإيمان؛ فقال: ((ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلْيَصلْ رحمَه))[29].

وذكر أنها من الأعمال التي يكافئ الله - عز وجل - عليها بالرزق الواسع؛ ففي الحديث: ((مَن أحبَّ أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثَرِه، فليصل رحمه))[30].

وأوصى بمراعاة ذوي الأرحام الفقراء؛ فعنه - صلى الله عليه وسلم: ((الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقةٌ، وصلة))[31].

وبيَّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن صلة الرحم ليست مقصورة على من يصلك منهم؛ بل الصلة الحقيقية هي لمن يقطعك وتصله؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم: ((ليس الواصل بالمكافئ؛ ولكن الواصل الذي إذا قُطعَتْ رحمُه وصلها))[32].

وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - بصلة الأرحام، ولو كانوا هم لا يَصِلُون مَن يصلهم، وما ذلك إلا لمكانة الرحم عند الله - عز وجل - وثوابها العظيم، وفائدتها في حفظ أواصر الأسرة المسلمة، فقد يرجعون بعد حين، ويتَّقون الله - عز وجل - ويصلون أرحامهم، فقد قال رجل: يا رسول الله، إن لي قرابةً أصلهم ويقطعوني، وأُحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ، فقال - عليه الصلاة والسلام: ((لئن كنتَ كما قلتَ، فكأنما تُسفهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمتَ على ذلك))[33].

وأخيرًا: تأتي الأحاديث التي تبيِّن كيف تعامَل الله - عز وجل - مع الرحم، وكيف كرَّمها؛ يقول - صلى الله عليه وسلم: ((الرحم معلَّقةٌ بالعرش تقول: مَن وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله))[34].

ويقول: ((خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامَتِ الرحم، فقال: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟))[35].

وفى الحديث القدسي يقول الله - عز وجل: ((أنا الله، وأنا الرحمن، خلقتُ الرحم وشققت لها من اسمي، فمن وصلها وصلتُه، ومن قطعها قطعتُه))[36].

المبحث الرابع: المشاركة في المسؤولية:
جعل الإسلام للقرابة أثرًا في المغنَم والمغرَم؛ فكما شرع الميراث - كما سنرى في المبحث التالي - فإنه شرع بداية تحمل المسؤولية المتضامنة بين أفراد الأسرة الواحدة، ومن ذلك أن الإسلام أوجب الدية على عاقلة القاتل عند القتل الخطأ[37]، والعاقلة هم العصبات (الذكور من أقارب الإنسان)، فلا يدخل في العاقلة الإخوة لأم، ولا الزوج، ولا سائر ذوي الأرحام.

ويدخل في العَصَبة سائر العصبات مهما بعدوا؛ لأنهم عصبة يرثون المال إذا لم يكن وارث أقرب منهم، ولا يشترط أن يكونوا وارثين في الحال؛ بل متى كانوا يرثون لولا الحجب، تجب عليهم الدية.

ولا تكلف العاقلة ما يشق عليها؛ لأنه لزمها من غير جناية؛ بل على سبيل المواساة.

ولهذه المسألة تفصيلات في كتب الفقه ليس محلُّها هذا البحثَ، ولكن ما يخصنا هنا هو سبب إيجاب الدية على العاقلة، وما نراه من أسباب هو ما أورده الأستاذ عبدالقادر عودة في كتابه "التشريع الجنائي في الإسلام"؛ إذ يقول في شرح أسباب تحميل العاقلة الديةَ:
1- إن العاقلة تحمل الدية في جرائم الخطأ، وأساس جرائم الخطأ هو الإهمال وعدم الاحتياط، وهذان سببهما سوء التوجيه وسوء التربية غالبًا، والمسؤول عن تربية الفرد وتوجيهه هم المتصلون به بصلة الدم؛ فوجب لهذا أن تتحمل أولاً عاقلةُ الجاني نتيجة خطئه، وأن تتحمل الجماعة أخيرًا هذا الخطأ، إذا عجزت العاقلة عن حمله.

2- ويمكننا أن نقول أيضًا: إن الإهمال وعدم الاحتياط هو نتيجة الشعور بالعزَّة والقوة، وإن هذا الشعور يتولد من الاتصال بالجماعة، فالمشاهَد أن مَن لا عشيرة قوية له يكون أكثر احتياطًا ويقظة ممن له عشيرة، وأن المنتمين للأقليات يكونون أكثر حرصًا من المنتمين للأكثريات؛ فوجب لهذا أن تتحمل العاقلة والجماعة نتيجة الخطأ، ما دام أنهما هما المصدر الأول للإهمال وعدم الاحتياط.

3- إن نظام الأسرة ونظام الجماعة يقوم كلاهما بطبيعته على التناصر والتعاون، ومِن واجب الفرد في كل أسرة أن يناصر باقي أفراد الأسرة ويتعاون معهم، وكذلك واجب الفرد في كل جماعة، وتحميل العاقلة أولاً والجماعة ثانيًا نتيجة خطأ الجاني - يحقِّق التعاون والتناصر تحقيقًا تامًّا؛ بل إنه يجدِّده ويؤكده في كل وقت، فكلما وقعت جريمة من جرائم الخطأ اتَّصل الجاني بعاقلته، واتصلت العاقلة بعضها ببعض، وتعاونوا على جمع الدية وإخراجها من أموالهم، ولما كانت جرائم الخطأ تقع كثيرًا، فمعنى ذلك أن الاتصال والتعاون والتناصر بين الأفراد ثم الجماعة، كل أولئك يظل متجددًا مستمرًّا.

4- إن الحكم بالدية على الجاني وعلى عاقلته، فيه تخفيف عن الجناة ورحمة بهم، وليس فيه غبن وظلم لغيرهم؛ لأن الجاني الذي تحمل عنه العاقلةُ اليوم ديةَ جريمته، ملزَمٌ بأن يتحمل غدًا نصيبًا من الدية المقررة لجريمة غيره من أفراد العاقلة، وما دام كل إنسان معرضًا للخطأ، فسيأتي اليوم الذي يكون فيه ما حمله فرد بعينه عن غيره مساويًا لما تحمله هذا الغير عنه.

المبحث الخامس: جعل روابطها لا تنفصم بالموت:

إن العلاقاتِ الأسريةَ علاقات مؤبدة، لا تنتهي، ولا تنفصم، حتى بالموت؛ فقد حافظ التشريع الإسلامي على هذه العلاقات، وصانها بعد انتهاء حيوات أصحابها، ومما يدل على ذلك: أن الإسلام شرع الميراث بين الأقارب بعد موت أحدهم، وجعل نصيب كل وارث حسب قرب صلته بالمتوفَّى، ولم يقل: إن الصلة بينهم قد انتهت، ولا يحق لأحد في مال أحد نصيب.

فقد وردت أحكام المواريث وتقسيمها في أربع آيات من سورة النساء، هي قوله - تعالى -: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7].

وقوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 11].

وقوله: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: 12].

وفي قوله - تعالى - أيضًا: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: 176].

وهكذا نرى كيف كرَّم الإسلام الأسرة، واهتمَّ بمتانة الروابط والعلاقات الأسرية، من خلال منظومة متكاملة من التشريعات والقواعد؛ فسبحان مَن هذه شريعتُه!

ــــــــــــــــــــ
[1]   أبو جعفر الطبري، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي (ت310هـ): "جامع البيان عن تأويل آي القرآن"، تحقيق أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000م، 10/ 175.
[2]   سيد قطب: "في ظلال القرآن"، دار الشروق - القاهرة، الطبعة الشرعية الحادية عشرة، 1405هـ - 1985م.
[3]   الترمذي، محمد بن عيسى أبو عيسى السلمي: "الجامع الصحيح"، تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرين، دار إحياء التراث العربي - بيروت، كتاب النكاح، باب النظر إلى المخطوبة (1087) وقال: حديث حسن، والنسائي (3235) واللفظ له، وابن ماجه (1866)، وأحمد (18179)، الدارمي، عبدالله بن عبدالرحمن أبو محمد: "سنن الدارمي"، تحقيق فواز أحمد زمرلي، وخالد السبع العلمي، دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة الأولى، 1407هـ (2172)، الحاكم، محمد بن عبدالله أبو عبدالله النيسابوري: "المستدرك على الصحيحين"، تحقيق مصطفى عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، 1411هـ - 1990م (2697)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال الألباني: صحيح (859)، "صحيح الجامع".
[4]   البخاري: كتاب الحيل، باب في النكاح (4843)، ومسلم: كتاب النكاح، باب استئذان الثيب بالنطق (1419)، والترمذي (1107)، والنسائي (3267)، وأحمد (9603).
[5]   النسائي: كتاب النكاح، باب البكر يزوجها أبوها وهي كارهة (3269)، وابن ماجه (1874)، وأحمد (25087)، وقال شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، إلا أنه قد اختلف فيه على كهمس بن الحسن.
[6]   أبو داود: كتاب النكاح، باب في الولي (2085)، والترمذي (1101) وقال: حديث حسن، وابن ماجه (1881)، وقال الألباني: صحيح (7555) "صحيح الجامع".
[7]   الترمذي: كتاب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي (1102) وقال: حديث حسن، وأبو داود (2083)، وابن ماجه (1879)، وأحمد (24251)، والدارمي (2184)، والحاكم (2706) وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال الألباني: صحيح (2709) "صحيح الجامع".
[8]   مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب رغم أنف من أدرك أبويه أو أحدهما عند الكبر، فلم يدخل الجنة (2551).
[9]   البخاري: كتاب الهبة وفضلها، باب الهدية للمشركين (2477)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين (1003)، وأبو داود (1668).
[10]   مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم ونحوهما (2552).
[11]   أبو داود: كتاب الأدب، باب في بر الوالدين (5142)، وابن ماجه (3664)، وأحمد (16103)، وابن حبان، محمد بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي: "صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان"، تحقيق شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الثانية، 1414هـ - 1993م (418)، والبخاري في "الأدب المفرد" (16103)، وقال الألباني: ضعيف (1482) "ضعيف الترغيب والترهيب"، مكتبة المعارف الرياض.
[12]   البخاري: كتاب الأدب، باب عقوق الوالدين من الكبائر (5631)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها (88)، وأبو داود (2875)، والنسائي (4010).
[13]   الترمذي: كتاب الرضاع، باب حق المرأة على زوجها (1163) وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي في سننه الكبرى (9169)، قال الألباني: حسن (7880) "صحيح الجامع".
[14]   الترمذي: كتاب الرضاع، باب حق المرأة على زوجها (1162) وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه (1978)، وابن حبان (4176)، قال الألباني: صحيح (1232) "صحيح الجامع".
[15]   الترمذي: كتاب المناقب، باب فضل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - (3895) وقال: حديث حسن غريب صحيح، وابن ماجه (1977)، وابن حبان (4186)، وقال الألباني: صحيح (3314) "صحيح الجامع".
[16]   أبو داود: كتاب النكاح، باب في حق المرأة على زوجها (2142)، وأحمد (20025)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1875).
[17]   البخاري: كتاب العتق، باب العبد راعٍ في مال سيده (2419)، وأحمد (6026)، والبيهقي في سننه الكبرى (12466).
[18]   مسلم: كتاب النكاح، باب تحريم إفشاء سر المرأة (1437)، وأبو داود (4860)، وأحمد (11673).
[19]   أبو داود: كتاب الزكاة، باب في حقوق المال (1664)، وأبو يعلى، أحمد بن علي بن المثنى الموصلي التميمي: "مسند أبي يعلى"، تحقيق حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث - دمشق، الطبعة الأولى، 1404 - 1984م، (2499)، والبيهقي في سننه الكبرى (7027)، وقال الألباني: ضعيف (1643) "ضعيف الجامع".
[20]   البخاري: كتاب العتق، باب العبد راعٍ في مال سيده (2419)، وأحمد (6026)، والبيهقي في سننه الكبرى (12466).
[21]   البخاري: كتاب النكاح، باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره (4940)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنها لا تخرج مطيبة (442).
[22]   الترمذي: كتاب الرضاع، باب حق الزوج على المرأة (1159) وقال: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب، وابن ماجه (1853)، وأحمد (19422)، وابن حبان (4162)، والحاكم (7325) وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم، ووافقه الذهبي، وقال الألباني: صحيح (5294) "صحيح الجامع".
[23]   البخاري: كتاب الأدب، باب تغيير الاسم إلى اسم أحسن منه (5840)، وأحمد (23723)، وابن حبان (5822).
[24]   مسلم، كتاب الآداب، باب استحباب تغيير الاسم القبيح إلى حسن، وتغيير اسم برة إلى زينب وجويرية ونحوهما (2139)، وأبو داود (4952)، والترمذي (2838).
[25]   أبو داود: كتاب العقيقة (2838)، والنسائي (4220)، وابن ماجه (3165)، والحاكم (7587) وقال الذهبي في "التلخيص": صحيح، وقال الألباني: صحيح (4184) "صحيح الجامع".
[26]   أبو داود: كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة (495)، والترمذي (407)، وأحمد (6756)، والحاكم (708 )، والمتقي الهندي في "كنز العمال" (45324)، وقال الألباني: حسن (5868) "صحيح الجامع".
[27]   البخاري: كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين (1319)، ومسلم: كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة (2658)، أبو داود (4714)، والترمذي (2138).
[28]   الترمذي: كتاب البر والصلة، باب أدب الولد (1952)، وأحمد (15439)، والحاكم (7679) وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: بل مرسل ضعيف، وقال الألباني: ضعيف (5227) "ضعيف الجامع".
[29]   البخاري: كتاب الأدب، باب إكرام الضيف وخدمته بنفسه (5787)..
[30]   البخاري: كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم (5640)، ومسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها (2557)، وأحمد (13610)، وابن حبان (439).
[31]   الترمذي: كتاب الزكاة، باب ما جاء في الصدقة على الأقارب (658)، وابن ماجه (1844)، والنسائي.
(2582)، وأحمد (16277)، والدارمي (1681)، وقال الألباني: حسن صحيح (892) "صحيح الترغيب والترهيب".
[32]   البخاري: كتاب الأدب، باب ليس الواصل بالمكافئ (5645)، والترمذي (1908)، وأحمد (6785)، وابن حبان (445).
[33]   مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها (2558)، وأحمد (7979)، وابن حبان (450)، والبخاري في "الأدب المفرد" (250).
[34]   مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها (2555)، وأبو يعلى في مسنده (4446).
[35]   البخاري: كتاب الأدب، باب من وصل وصله الله (5641)، ومسلم: في البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم وتحريم قطعها (2554)، وأحمد (8349)، وابن حبان (441)، والحاكم في المستدرك (3005).
[36]   الترمذي: كتاب البر والصلة، باب قطيعة الرحم (1907) وقال حديث صحيح، وأحمد (1686)، وقال الألباني: حديث صحيح (250) "السلسلة الصحيحة"، مكتبة المعارف - الرياض.
[37]   أما في قتل العمد، فأساس العقوبة القصاص. 




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأسرة في الجاهلية والإسلام
  • الأسرة في الإسلام (1)
  • الأسرة في الإسلام (2)
  • الأسرة المسلمة نواة مجتمعها
  • مآل الأسرة المسلمة في الآخرة
  • حقوق الأسرة في الفقه الإسلامي (1)
  • حقوق الأسرة في الفقه الإسلامي (2)
  • حصن البيت المسلم
  • الزوجة والانشغالات الدعوية
  • الأسرة في الإسلام وقاية من الخَلَل الاجتماعي
  • الأسرة والزواج (1)
  • الأسرة بين المفهوم الإسلامي والغربي (خطبة)
  • هكذا كان حال الأسر في ذلك الزمان (خطبة)
  • بناء الأسرة في الإسلام (خطبة)
  • خطبة: أهمية الأسرة في الإسلام
  • خطبة عن بناء الأسرة في الإسلام

مختارات من الشبكة

  • الأسرة السعيدة بين الواقع والمأمول (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة فقه الأسرة: الخطبة (1) أسس بناء الأسرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور الأسرة في علاج وتدريب الطفل المعاق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الأسرة ومقومات البيت المسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد تربوية لمائدة طعام الأسرة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أسرار الأسرة والزواج من ناحية فقهية(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • مشاهد التكريم للأسرة يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب الفشل في بناء الأسر(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المسؤولية التربوية للأسرة في الإسلام(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أسباب الخلافات الأسرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
1- شكرا
ابن الإسلام - جمهورية مصر العربية 03-05-2009 03:14 PM

لقد اعتنى الإسلام بالأسرة منذ بدء تكوينها فوضع الأسس والقواعد التي يعتلي عليها البناء الشامخ القوي الذي لا يهتز أمام رياح المشاكل وعواصف الأزمات .
فجعل الدين هو الأساس الأول في اختيار شريك وشريكة الحياة .

 ونشكر الكاتب على هذا الموضوع الجيد ونتمنى التوفيق والمزيد من الموضوعات على صفحات الألوكة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب