• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / أزواج وزوجات
علامة باركود

الحقوق المشتركة بين الزوجين

الحقوق المشتركة بين الزوجين
الشيخ ندا أبو أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/6/2012 ميلادي - 5/8/1433 هجري

الزيارات: 182101

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحقوق الزوجية

(حقوق مشتركة بين الزوجين)

 

تمهيد:

إن الحمد لله - تعالى - نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله - تعالى - من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

 

أمَّا بعدُ:

فإن أصدق الحديث كتاب الله - تعالى - وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

مقدمة:

قال - تعالى -: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228].

 

قال ابن زيد - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: "أي: تتقون الله فيهن، كما عليهن أن يتقين الله - عز وجل - فيكم.

 

ويقول القرطبي - رحمه الله - كما في "تفسيره" (3/ 123): "الآية تعم جميع ذلك من حقوق الزوجية"؛ ا.هـ.

 

وعلى هذا يتبين لنا جليًّا أن كلاًّ من الزوجين له حقوق، وعليه من الواجبات، فيجب على كليهما أن يؤدي ما عليه من الواجبات، ويؤدَّى ما له من حقوق، وهناك من الحقوق ما يختص بها الزوج، وهناك من الحقوق ما تختص بها الزوجة، وقد سبق ذكر هذه الحقوق، وينبغي أن يعلم أن هذه الحقوق أوجبها الشرع، فيجب الوفاء بها.

 

إلا أن هناك حقوقًا مشتركة بين الزوجين، فليَسْعَ كل منهما إلى تحقيقها والالتزام بها؛ حتى يسعد في الدنيا والآخرة.

 

ومن هذه الحقوق:

• ألا يُفشِي كل من الزوجين سر الآخر:

فيجب عليهما ألا يُفشِي كل منهما سر الآخر، وخصوصًا إذا كانت هذه الأسرار متعلقة بالفراش واللقاء بين الزوجين، وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من نشر هذه الأسرار وإذاعتها؛ فقد أخرج الإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها -: "أنها كانت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والرجال والنساء قعود، فقال: لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها! فأرمَّ القوم[1]، فقلت: إي والله يا رسول الله، إنهن ليفعلن، وإنهم ليفعلون، قال: ((فلا تفعلوا؛ فإنما ذلك مثلُ الشيطان لقي شيطانة في طريق، فغَشِيها والناس ينظرون)).

 

وعند مسلم: ((إن من أعظم الخيانة: أن يُفضِي الرجل إلى امرأته[2]، وتُفضِي إليه، ثم يُفشي سرها)).

 

وفي رواية أخرى عند مسلم، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن من أشر الناس عند الله منزلةً يوم القيامة: الرجل يُفضِي إلى امرأته، وتُفضِي إليه، ثم ينشر سرها)).

 

وقد أضاف الحديث الشر إلى الرجل وحده؛ لأنه أجرأ في الكشف عن مثله، وليس معنى ذلك أن ذِكر الإفضاء حرام على الرجل، مباح للمرأة، فالتحريم يشملهما معًا.

 

فالحاصل: أنه ما ينبغي لأحد الزوجين أن ينشر أسرار الفراش؛ لأن هذا من الخيانة، وهذا يؤدي بدوره إلى الشقاق وعدم الوفاق، وتكون النفرة مكان الأُلفة، والوحشة موضع الأنس، ولقُبح هذا الفعل وضرره، جاء الشرع الشريف بتحريمه، وذم مَن يفعله.

 

• أما بالنسبة للأسرار الزوجية الأخرى:

فلا ينبغي للزوج أن يفشي سر زوجته، بأن يذكر عيوبها من خُلق أو خِلقة، أو أن يعيب طعامها، وشرابها، ونومها، وغير ذلك من الأمور التي تكون عيبًا في المرأة، فلا يحق للزوج أن يفشي مثل هذه الأسرار بين الناس حتى أهله وأهلها؛ لأن الزوج مطالب بأن يكون أمينًا وسترًا على زوجته، وهو مطالب برعايتها، وحفظ حيائها وكرامتها، وإفشاء سرها يعد خدشًا في حيائها وكرامتها.

 

قيل لبعض الصالحين - وقد أراد طلاق زوجته -:

ما الذي يريبك منها؟ فقال: العاقل لا يهتك سرًّا، فلما طلقها قيل له: لما طلَّقتها؟ فقال: مالي ولامرأة غيري.

 

• وكذلك بالنسبة للزوجة، فلا تعكِّر عليها حياتها الزوجية بنشر أسرار زوجها من جهة المعاملات المادية أو فراش الزوجية، وغير ذلك من الأمور - التي لو علمها الزوج، لتنغصَّت عليهما الحياة والبقاء معًا - والمرأة إذا وقع بينها وبين زوجها خصام، وذهبت إلى أهلها شاكية، فإنها تفشي جميع ما تعرفه من الأسرار، وتتحدث بعيوب الزوج الخفية، والتي لا يعرفها أحد غيرها، وتذكر خصوصيات الزوج، وهذا ذنب كبيرٌ، وإثم عظيم، وخيانة للأمانة، وإن كان حفظ الغيب واجبًا على كلا الزوجين، إلا إنه آكد وأقوى في حق المرأة؛ لأن الخطر في تساهلها عظيم، يهدد بأفظع النتائج الدينية والدنيوية، ويدمر الأسرة، فالمرأة الصالحة حافظة لزوجها في غيابه: من عِرض، فلا تزني، ومن سرٍّ، فلا تُفشِي، ومن سمعة، فلا تجعلها مُضغة في الأفواه.

 

ولقد مدح الله الصالحات، والتي من أوصافهن أنهن يحفظْنَ السر، فقال - تعالى -: ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ [النساء: 34].

 

الخلاصة:

أنه ينبغي على الزوجين أن يحفظ سر صاحبه، فهذا من شِيَم الأحرار.

وقديمًا قالوا: "صدور الأحرار قبور الأسرار".


• تبادل الحب بين الزوجين:

وهو أساس نجاح واستقرار الحياة الزوجية، وقد كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يحب أزواجه، وكانت أحبهنَّ إليه عائشة، فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته، فقلت: أيُّ الناس أحبُّ إليك؟ قال: ((عائشة))، فقلت: من الرجال؟ فقال: ((أبوها))، قلت: ثم من؟ قال: ((عمر)).

 

وكان يقول لها - كما عند البخاري ومسلم في الحديث الطويل -: ((كنت لك كأبي زرع لأم زرعٍ)).

 

بل انظر إلى حبيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي تقول - عندما سُئِلت عن الحناء -: "فقالت: أنها تكره ريحه؛ لأن حبيبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره ريحها".

 

وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إني لأعرف غضبك من رضاك))، قالت: وكيف تعرفه؟ قال: ((إذا رضيت، قلت: لا وإله محمد، وإذا غضبت، قلت: لا وإله إبراهيم))، قالت: صدَقت إنما أهجر اسمك".

 

وهي تهجر اسمه فقط، لكن هو في قلبها، وإمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل تزوَّج عباسة بنت المفضل - أم ولده صالح - وكان الإمام أحمد يثني عليها، ويقول في حقها: أقامت أم صالح معي عشرين سنة، فما اختلفت أنا وهي في كلمة"؛ "طبقات الحنابلة" (1/ 430).

 

وقال القاضي شريح بن الحارث لتلميذه الشعبي:

"يا شعبي، لقد عشت معها - أي مع زوجته - عشرين سنة، ما اختلفت إلا مرةً واحدة كنت فيها مُخطئًا".

 

المشاركة الوجدانية في الأفراح والأحزان:

إن المشاركة في الأفراح تجعلها مضاعفة، والمواساة في المصائب تَكسِر حِدتها، والمصيبة إذا عمَّت خفَّت، فها هي الخنساء - رضي الله عنها - تنعي أخاها صخرًا، وذلك قبل الإسلام، فتقول:

وَلَوْلا كَثرةُ الباكين حَوْلي
على إخوانهم لَقَتَلتُ نفْسي
وَما يَبكون مثلَ أخي وَلكِن
أُعَزِّي النَّفسَ عنهم بالتَّأَسِّي

 

فالمشاركة الوجدانية دليل على صدق المحبة:

وانظر إلى عمر - رضي الله عنه -: عندما دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرآه يبكي هو وأبو بكر - رضي الله عنه - بعد قَبوله الفداء في أسرى بدر ونزول العتاب، فقال عمر - رضي الله عنه -: يا نبي الله! أخبِرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاءً بكيتُ، وإلا تباكيت لبكائكما"؛ الحديث في مسلم.

 

فحقيقة الأمر أن المشاركة العاطفية والوجدانية سر من أسرار السعادة الزوجية؛ ولذلك كان من وصية أُمَامة بنت الحارث لابنتها عندما حان زفافها على عمرو بن حجر، قالت لها: "فلا تعصين له أمرًا، ولا تُفشِين له سرًّا، فإنك إن خالفت أمره، أوغَرت صدره، وإن أفشيت سره، لم تأمني غدره، ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهتمًّا، والكآبة بين يديه إن كان فرِحًا".

 

• أن يتزين كل من الزوجين للآخر:

وهذا الحق متبادل بين الزوجين، وإن كان في حق المرأة أكثر، ولكن على الرجل كذلك أن يتزيَّن لزوجته، فإن المرأة تحب من الرجل كما يحب هو منها.

 

قال - تعالى -: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228].

 

فإذا كان الرجل يحب أن يشم من امرأته الرائحة الجميلة، فلماذا يَزكم أنفها برائحة الدخان المنبعثة من فمه، أو رائحة العرق، أو الرائحة التي تنبعث من ملابس العمل.

 

يقول يحيى بن عبدالرحمن الحنظلي:

"أتيت محمد بن الحنفية، فخرج إلي في ملحفة حمراء، ولحيته تقطر من الغالية[3]، فقلت: ما هذا؟ قال: إن هذه الملحفة ألقتها علي امرأتي، ودهنتني بالطيب، وإنهن يشتهين منا ما نشتهي منهن"؛ ا.هـ.

 

وقد أخرج الطبري في "تفسيره"، وابن أبي شيبة، والبيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "إني لأحب أن أتزيَّن للمرأة، كما أحب أن تتزين لي؛ لأن الله - تعالى - يقول: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228]".

 

• ومن الزينة بالنسبة للرجل:

ترجيل الشعر، والطيب، والسواك، والاكتحال، وتغيير الشيب بالصفرة أو بالحُمرة، ولُبس الثياب الحسنة، وفي الحديث الطويل الذي أخرجه البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - وهي تحكي قصة النسوة اللاتي جلسْنَ وتعاقَدْنَ على ألا يَكتمن من خبر أزواجهن شيئًا - والحديث معروف بحديث "أم زرع" - فذكرت إحداهن محاسن زوجها، فقالت: "زوجي: المَسُّ مسُّ أرنب، والريح ريح زَرْنَب"[4].

 

فهي تصف زوجها بحُسن التجمل والتطيب لها، فعلى الزوج أن يهتم بمظهره، وحسن ثيابه، وطِيب ريحه، ونظافة جسمه؛ حتى لا تنفر منه المرأة.

 

ولذلك ثبت في صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:

"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته بدأ بالسواك".

والزينة من الرجل لزوجته تكون سعيًا في دوام الود والمحبة بينهما، وذلك بشرط ألا يكون فيها إسراف يُخل بمُروءة الرجل ورجولته، أو أن يتشبَّه بالنساء.

 

• وكذلك الحال بالنسبة للمرأة:

فينبغي عليها أن تهتم بنظافة جسدها ورائحة فمها، وأن ترجِّل شعرها، ولا بأس بوضع "الماكياج" لزوجها ما لم تُبالغ فيه، فتُغيِّر خلق الله، أو تتشبَّه بالكافرات، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه مسلم من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: ((إن الله جميل يحب الجمال)).

 

والمرأة مجبولة مفطورة على حب الزينة؛ كما بيَّن الله - تعالى - في كتابه الكريم، فقال - تعالى -: ﴿ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾ [الزخرف: 18].

 

ولذلك تجد أن الشرع الحكيم أباح التحلي واللباس والتزين بأمور حرَّمها على الرجال؛ وذلك لحاجة المرأة للتزين إلى الزوج.

 

ومن الإشارات النبوية إلى أهمية التزين للأزواج، وأثره في التواد والتحاب بين الزوجين:

ما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري من حديث جابر - رضي الله عنه - قال: "كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزاة، فلما قدِمنا المدينة، ذهبنا لندخل، فقال - صلى الله عليه وسلم -:((أمهلوا حتى تدخلوا ليلاً - يعني: عشاءً - لكي تمتشط الشَّعِثَة[5]، وتستحد المُغِيبة)) [6].

 

• وفي رواية للبخاري أيضًا: ((إذا طال أحدكم الغيبة، فلا يطرق أهله ليلاً)).

وفي الحديث دليل على أنه يُستحب التأني للقادم على أهله، وإعلامهم بقدومه؛ حتى لا يراها في هيئة غير مناسبة، فيقع النفور منها.

 

• ويستفاد من الحديث أيضًا: أن المرأة ما دام زوجها حاضرًا مقيمًا، فهي دائمة التزين، فلا تَهجر التزين إلا في غياب الزوج.

 

وأخرج أبو داود - بسند صحيح - من حديث عائشة - رضي الله عنها -: "أن خولة بنت حكيم بن أمية بن حارثة، كانت تحت عثمان بن مظعون، فدخلت على عائشة، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَذاذة هيئتها، فقال لي: ((يا عائشة، ما أبذَّ هيئةَ خولة؟))، فقالت عائشة: يا رسول الله، امرأة لها زوج يصوم النهار ويقوم الليل، فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها، قالت عائشة: فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان بن مَظعون فجاءه، فقال: ((يا عثمان، أرغبةً عن سُنتي؟))، قال: لا والله يا رسول الله، ولكن سُنتَك أطلبُ، قال: ((فإني أنام وأصلي، وأصوم وأُفطِر، وأَنكِح النساء، فاتَّق الله يا عثمان؛ فإن لأهلك عليك حقًّا، وإن لضيفك عليك حقًّا، وإن لنفسك عليك حقًّا، فصم وأفطر، وصلِّ ونَم)).

 

وفي رواية عند الإمام أحمد، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كانت امرأة عثمان بن مظعون تَخضِب - أي: بالحنَّاء - وتتطيب، فتركته، فدخلت علي، فقلت: أمشهد أم مغيب؟ فقالت: مشهد - وفي رواية: مشهد كمغيب - قالت: عثمان لا يريد الدنيا ولا يريد النساء، قالت عائشة: فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بذلك، فلقي عثمان، فقال: ((يا عثمان، تؤمن بما نؤمن به؟))، قال: نعم يا رسول الله، قال: ((فأُسوة ما لك بنا))؛ السلسلة الصحيحة (394).

 

• وفي هذا الحديث تأكيد على الأصل المقرر عند السلف الصالح، وهو أن المرأة تُداوم على الزينة ما دام زوجها مقيمًا؛ ولذلك ربطت عائشة - رضي الله عنها - بين هِجرانها للزينة وبين غياب الزوج.

 

ونختم بهذه الوصية من أم لابنتها، حيث قالت لها:

"أي بُنَيَّة! لا تغفلي عن نظافة بدنك؛ فإن نظافته تضيء وجهك، وتحبِّب فيك زوجك، وتُبعد عنك الأمراض والعلل، وتقوي جسمك على العمل، فالمرأة التَّفِلة تمجها الطباع، وتنبو عنها العيون والأسماع، وإذا قابلت زوجك، فقابليه فرِحة مستبشرة، فإن المودة جسم رُوحه بشاشة الوجه"؛ "نظرات في الأسرة المسلمة"؛ للدكتور محمد الصباغ، ص (70 -71).

 

• أن يغار كل من الزوجين على الآخر:

وهذا حق مشترك بين الزوجين، فعلى كل منهما أن يغار على الآخر، ومن علامات محبة الرجل للزوجة أن يغار عليها، ويحفظها، ويصونها، والمرأة تحب أن ترى من زوجها هذه الغَيْرة، فهي تريد أن تشعر بأن لها رجلاً يغار عليها ويحميها، وما أتعس المرأة إذا شعرت أن زوجها لا يبالي بها ولا يغار عليها، فإذا كانت الغيرة من أهم مميزات المرأة ومن صفاتها، فهي كذلك من أهم سمات الزوج المحب، وكان كرام الرجال يمتدحون بالغيرة على نسائهم، والمحافظة عليهن.

 

فقد أخرج البخاري ومسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله يغار، والمؤمن مَن يغار، وغيرة الله أن يأتي الرجل المؤمن ما حرَّم الله)).

 

وهناك أمر مهم، وضابط ينبغي الوقوف عليه عند الكلام على الغيرة، وهو أنه ينبغي أن تكون هذه الغيرة عند كل من الزوجين محمودة، وهي الحسنة بين السيئتين، والوسط بين الطرفين، أما الإفراط في الغيرة أو التفريط، فهذا أمر مذموم غير محمود.

 

فالنوع الأول: عدم الغيرة:

فإذا كان هناك تفريط في الغيرة، يصبح الرجل ديُّوثًا، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في "مستدرك الحاكم"، وصحَّحه الألباني -: ((ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاقُّ لوالديه، والدَّيُّوث، ورَجِلَة النساء)).

 

والرجل الديُّوث هو الذي لا يغار على أهله، أو يقر في أهله الخبث، فيترك زوجته بلا حجاب، كاشفة عن جسدها، وعن شعرها لكل من أراد أن ينظر، وبهذا يجعل الزوج زوجته سلعة رخيصة، ولحمًا مباحًا لكل من أراد أن ينهش فيه بعينه، بل ربما بيده، فقد يطلب منه أحدهم أن يرقص مع زوجته، فيسمح له باسم التقدم، فيرقص هذا الرجل الأجنبي مع زوجته بطنًا لبطن، وهو ينظر إليهما ويبتسم.

 

• وهناك من الرجال - أقصد من الذكور - مَن يسمح لزوجته أن ترقص أمام الناس في مناسبة من المناسبات، وربما صَعِد ليرقص معها هو الآخر.

 

• وهناك من يستخدم زوجته لتسهيل أموره في بعض المصالح.

 

• وهناك من يسمح لزوجته بمجالسة أصحاب السوء في مجالسهم الشيطانية، التي يدار فيها كأس الخمر والمخدرات.

 

فلا خير فيمن لا يغار على أهل بيته، ولا يهتم: دخل من دخل، وخرج مَن خرج، لبست زوجته الحجاب أو خلعته، ينظر إليها وهي تشاهد ما يندى له الجبين في الفضائيات، وعلى التلفاز، ولا يتحرك فيه ساكن.

 

فهذا الرجل ما هو إلا خنزير بري متخفٍّ في مِسلاخ بشري، فهذا لا خير فيه.

 

يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج في الأسواق، ألا تغارون؟ إنه لا خير فيمن لا يغار".

 

النوع الثاني: الغيرة المذمومة (الإفراط في الغيرة):

فالإسراف في الغيرة يؤدي إلى احتراق البيت بنارها الموقدة، وإلى فِقدان الثقة المتبادلة بين الرجل وامرأته، فتجد الرجل لفرط الغيرة يمنع زوجته من الخروج، ومن المكالمات التليفونية، ومن استقبال قريباتها وصديقاتها، ويغلق نوافذ البيت وأبوابه، ويتجسس على أوراقها، يسيء الظن بها، ويأتي البيت على حين غفلة، وهذا كله يجعل الزوج يعيش مهمومًا حيرانًا مغمومًا معذبًا، بل يكون هذا الزوج سببًا لجعل زوجته محل الشك في نظر الناس وتُرمى بالسوء.

 

وصدق علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حيث قال: "لا تكثر الغيرة على أهلك، فتُرمى بالسوء من أجلك".

 

وقد أخرج أبو داود - بسند صحيح - من حديث جابر بن عَتِيك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما الغيرة التي يحبها الله، فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يُبغضها الله، فالغيرة في غير ريبة))؛ صحيح الجامع (2221).

 

• وهناك من الزوجات التي تغار من نجاح زوجها؛ وذلك خوفًا أن يبعده هذا النجاح عنها، فتعمل على تعطيل هذا النجاح، وفي الخفض من قيمة الزوج في نظر الآخرين؛ لذا كان من نصائح سلفنا الصالح لبناتهنَّ في ليلة الزفاف: البُعد عن تلك الغيرة المدمرة، فأوصى عبدالله بن جعفر - رحمه الله - ابنته في ليلة زفافها قائلاً لها: "إياك والغيرة؛ فإنها مفتاح الطلاق، وإياك وكثرة العتب؛ فإنه يورث البغضاء، وعليك بالكحل؛ فإنه أزين الزينة، وأطيب الطِّيب الماء".

 

فينبغي على المرأة ألا تكون شديدة الغيرة؛ لأن هذا يؤجِّج في صدرها نارًا، تشعل جيوش الظن والشكوك، فتحيل حياة الأسرة إلى جحيم لا يطاق، وانظر كيف دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة أن يُذهب الله عنها الغيرة لَمَّا أعلمته أنها شديدة الغيرة، ولعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هذا يؤثر على استقرار الحياة الزوجية؛ فقد أخرج الإمام أحمد - بسند صحيح - عن أم سلمة، قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "ولكني امرأة في غيرة شديدة، فأخاف أن ترى مني شيئًا يُعذبني الله به، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما ما ذكرتِ من غيرتك، فسوف يُذهِبها الله - عز وجل - عنك)).

 

وفي رواية النسائي: ((فأدعو الله - عز وجل - فيُذهِب غيرتك)).

 

وأخرج النسائي - بإسناد صحيح - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: "قالوا: يا رسول الله، ألا تتزوج من نساء الأنصار؟ قال: ((إن فيهنَّ لغيرةً شديدة)).

 

ولذلك تجد أن الله - تعالى - طهر الحور العين في الجنة من هذا الداء العُضال.

 

يقول ابن القيم في تفسير قوله - تعالى -: ﴿ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ﴾ [البقرة:25].

 

"أي: طَهُرت من الحيض والبول، وكل أذًى يكون في نساء الدنيا، وطهرت بواطنهنَّ من الغيرة وأذى الأزواج، وتجنِّيهن عليهم وإرادة غيرهم".

 

• النوع الثالث: الغيرة المعتدلة:

وهي الوسط بين الطرفين، والحسنة بين السيئتين:

وهذه الغيرة مطلوبة؛ حيث تشعل المحبة، وتُستَمْلَح أحيانًا، فالغيرة المعتدلة في الحياة الزوجية كالملح في الطعام، فالغيرة إذا كانت في موضعها، فهي صحة وعافية، والاعتدال فيها من الرجال والنساء من جملة الأمور المحمودة والمعاشرة بالمعروف، وإذا أردنا أن نضرب لذلك أمثلة، فلا نجد إلا حبيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكيف كانت تغار على سيد الخلق وحبيب الحق؛ أخرج البخاري عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند بعض نسائه - وفي رواية: عائشة - فأرسلت إليه إحدى أمهات المؤمنين - وفي رواية: أم سلمة، وفي أخرى: صفية - بصَحْفَة فيها طعام، فضربت التي هو في بيتها يد الخادم، فسقطت الصَّحْفَة، فانفلقت، فجمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِلَق الصَّحْفَة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصفحة، ويقول: ((غارت أمكم، غارت أمكم))، ثم حبس الخادم، حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفعها إلى التي كُسِرت صَحْفَتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسَرتها".

 

وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها ليلاً، فقالت: فغِرت عليه أن يكون أتى بعض نسائه، فجاء فرأى ما أصنع، فقال: ((أغرتِ؟))، فقلت: وهل مثلي لا تغار على مثلك؟"، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد جاءك شيطانك))، قلت: أَوَمَعِي شيطان؟ قال: ((ليس أحد إلا ومعه شيطان))، قلت: ومعك، قال: ((نعم، ولكن أعانني الله عليه، فأسلم[7])).

 

وعند البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كنت أغار من اللاتي وهبْن أنفسهن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: أتهب نفسها؟ فلما أنزل الله - تعالى -: ﴿ تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 51]؛ قلتُ: ما أرى ربَّك إلا يُسارع في هواك".

 

وأخرج الإمام مسلم من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "ألا أُحدثكم عني وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: بلي، فقالت: لما كانت ليلتي انقلب، فوضع نعليه عند رجليه، ووضع رداءه، وبسَط طرف إزاره على فراشه، ولم يلبث إلا ريثما ظنَّ أني قد رقدت، ثم انتقل رويدًا، وأخذ رداءه رويدًا، ثم فتح الباب رويدًا، فخرج وأجافه رويدًا، وجعلت درعي في رأسي، واختمرت وتقنَّعت إزاري، وانطلقت في أثره حتى جاء البقيع، فرفع يديه ثلاث مرات، وأطال القيام، ثم انحرف وانحرفت، وأسرع فأسرعت، فهرْوَل فهرولت، وأحضر وأحضرت، وسبقتُه فدخلت، فليس إلا أن اضطجَعت فدخل، فقال: ((ما لك يا عائش، حَشْيَا رَابِيَةً؟))، قلت: لا شيء، قال: ((لتخبرني، أو ليخبرني اللطيف الخبير))، قلت: يا رسول الله، فأخبرته الخبر، قال: ((أنت السواد الذي رأيته أمامي؟))، قلت: نعم، قالت: فلَهَزني لَهْزَة في صدري أوجعتني، قال: ((أظننت أن يَحيف الله عليك ورسوله))، قالت: مهما يكتم الناس، فقد علمه الله، قال: ((نعم؛ فإن جبريل أتاني حين رأيت، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك، فناداني وأخفى منك، وأجبته فأخفيته منك، وظننت أن قد رقَدت، فكرهت أن أُوقظك، وخشيت أن تستوحشي، فأمرني أن آتي أهل البقيع، فأستغفر لهم)).

 

تنبيه:

هناك نوع من الغيرة يحبها الله - عز وجل - في عبده المؤمن، وهي الغيرة المحمودة، والتي تكون إذا ما ارتكبت أو انتُهِكت محارم الله - عز وجل.

 

فقد أخرج البخاري ومسلم أن سعد بن عبادة - رضي الله عنه - قال: لو رأيت رجلاً مع امرأتي، لضربته بالسيف غير مُصْفح، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتعجَبون من غَيْرة سعد، لأنا أغير منه، والله أغير مني؛ من أجل غيرة الله - تعالى - حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطَن)).

 

وأخرج البخاري ومسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المؤمن يغار، والله أشد غيرة)).

 

وأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وإن غيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه)).

 

فهذه جملة من الأحاديث يتبيَّن من خلالها أن المؤمن يغار إذا انتُهِكت محارم الله، كأن تتجرأ زوجته على ما حرم الله، فتفعله، أو يترك أهل بيته الصلاة، أو ما أمر الله به.

 

أو يغار الرجل على زوجته غيرة يصونها بها ويحفظها معها من كلِّ ما يَخدِش شرفها، ويَمتَهِن كرامتها، وهذا من صفات المؤمنين.

 

• استمتاع كل من الزوجين بالآخر، وسعي كل منهما على إعفاف الآخر:

وهذا الأمر مشترك بينهما، فيحل للزوج من زوجته ما يحل لها منه، وهذا الاستمتاع حق للزوجين، ولا يحصل إلا بمشاركتهما معًا، لأنه لا يمكن أن ينفردَ به أحدهما؛ قال - تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ [المؤمنون: 5 - 7].

 

فلكلٍّ من الزوجين الحق في الاستمتاع بالآخر، بشرط ألا يكون هناك مانع: كالحيض، أو النفاس، أو صوم الفريضة، أو الإحرام بالحج أو العمرة.

 

فعلى المرأة أن تعفَّ زوجها في زمن كَثُر فيه الفتن، فتستجيب لطلب الزوج إذا دعاها للفراش، ويحرم عليها أن تمتنع عليه؛ فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء فبات غضبانَ عليها؛ لعَنتها الملائكة حتى تصبح)).

 

تنبيه:

لا يختص اللعن بالمرأة إذا امتنعت عن زوجها ليلاً فقط، بل لو حدَث أن امتنعت عن زوجها بالنهار، لَحِقها اللعن أيضًا.

 

وقد نقل الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/ 294) عن أبي جمرة - رحمه الله - أنه قال: "ظاهر الحديث اختصاص اللعن بما إذا وقع منها ذلك ليلاً؛ لقوله: ((حتى تصبح))، وكأن السرَّ تأكُّد ذلك الشأن في الليل، وقوة الباعث عليه، ولا يلزم من ذلك أنه يجوز لها الامتناع في النهار، وإنما خص الليل بالذكر؛ لأنه المظنة لذلك"؛ ا.هـ.

 

وجاء في رواية أخرى - هي أيضًا في الصحيح - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((والذي نفسي بيده، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها، فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها، حتى يرضى عنها)).

 

ويستفاد من الحديث:

"أن سخط الزوج - إن كان لأمر شرعي - يوجب سخط الرب، ولا يرضى عنها الله - عز وجل - إلا إذا رضي عنها زوجها، وهنا تظهر مكانة الزوج.

 

وفي هذه الأحاديث: الإرشاد إلى مساعدة الزوج وطلب مرضاته، وأن صبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة، وأن أقوى التشويشات على الرجل داعية النكاح؛ ولذلك حض الشارع النساء على مساعدة الرجال في ذلك، أو السبب فيه الحض على التناسل، وفيه إشارة إلى ملازمة طاعة الله، والصبر على عبادته جزاءً على مراعاته لعبده؛ حيث لم يترك شيئًا من حقوقه إلا جعل له من يقوم به، حتى جعل الملائكة تلعن من أغضب عبده بمنع شهوة من شهواته، فعلى العبد أن يوفي حقوق ربه التي طلبها منه، وإلا فما أقبح الجفاء من الفقير المحتاج إلى الغني الكثير الإحسان"؛ ا.هـ؛ فتح الباري (9/ 295).

 

قال الصنعاني - كما في "سبل السلام" (3/ 143) -:

في الحديث إخبار بأنه يجب على المرأة أن تجيب زوجها إذا دعاها للجماع؛ لأن قوله: ((إلى فراشه))، كناية عن الجماع، ودليل الوجوب لعن الملائكة لها؛ إذ لا يلعنون إلا عن أمر الله، ولا يكون إلا عن عقوبة، ولا عقوبة إلا على ترك واجب.

 

وعلى الرجل كذلك أن يَعِفَّ زوجته قدر الطاقة والاستطاعة، ولا يشغل بالعبادات - النوافل - عن حق زوجته؛ فقد أخرج البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: ((يا عبدالله، ألم أخبر أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟))، قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((فلا تفعل، صم وأفطر، ونَم وقُم؛ فإن لجسدك عليك حقًّا، وإن لعينيك عليك حقًّا، وإن لزوجك عليك حقًّا)).

 

وأخرج البخاري أن الحبيب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي الدرداء: ((يا أبا الدرداء، إن لجسدك عليك حقًّا، ولربك عليك حقًّا، ولضيفك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا؛ صم وأفطر، وصلِّ، وائت أهلك، وأعط كلَّ ذي حق حقه)).

 

وأخرج عبدالرزاق في "مصنفه" عن الشعبي: "أن كعب بن سُور كان جالسًا عند عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فجاءت امرأة، فقالت: يا أمير المؤمنين، ما رأيت رجلاً قط أفضل من زوجي، والله إنه ليبيت ليله قائمًا، ويظل نهاره صائمًا، فاستغفر لها وأثنى عليها، واستحيت المرأة، وقامت راجعةً، فقال كعب: يا أمير المؤمنين، هلاَّ أعديت - أنصفت - المرأة على زوجها، فلقد أبلغت إليك في الشكوى، فقال لكعب: فاقضِ بينهما؛ فإنك فهِمت من أمرها ما لم أفهم، وقال: فإني أرى كأنها امرأة عليها ثلاث نسوة هي رابعتهن، فاقض بثلاثة أيام ولياليهن يتعبد فيهن، ولها يوم وليلة، فقال عمر: والله ما رأيك الأول بأعجب من الآخر، اذهب فأنت قاض على البصرة، نِعم القاضي أنت"، وأورد هذا الأثر الحافظ في "الإصابة" في ترجمة كعب بن سور، وصحَّحه الألباني في "الإرواء" (7/ 80).

 

وأخرج الإمام أحمد، وأبو داود - بسند فيه مقال، وله شواهد - عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: "دخلت عليّ خويلة بنت حكيم، وكانت عند عثمان بن مظعون، قالت: فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذاذة هيئتها، فقال لي: ((يا عائشة، ما أبذَّ هيئةَ خويلة!))، قالت عائشة: يا رسول الله، امرأة لها زوج يصوم النهار، ويقوم الليل، فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها، قالت: فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان بن مظعون، فجاءه، فقال: ((يا عثمان، أرغبةً عن سنتي!))، فقال عثمان: لا والله يا رسول الله، ولكن سنتَك أطلبُ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فإني أنام، وأصلي، وأصوم، وأفطر، وأنكح النساء، فاتَّق الله يا عثمان؛ فإن لأهلك عليك حقًّا، وإن لضيفك عليك حقًّا، وإن لنفسك عليك حقًّا، قال: فصم وأفطر، وصل ونم)).

 

• وجاء في "المغني (7/31): أن الإمام أحمد سُئل: يؤجر الرجل أن يأتي أهله، وليس له شهوة؟ فقال: إي والله، يحتسب الولد، وإن لم يرد الولد، يقول: هذه امرأة شابة، لِم لا يؤجر؟".

 

• حسن العشرة (المعاشرة بالمعروف):

فلكل من الزوجين أن يعامل الآخر بالمعروف؛ مصداقًا لقوله - تعالى -: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة:228]، وانظر إلى قوله - سبحانه -: ﴿ بِالْمَعْرُوفِ ﴾، وما تعنيه هذه الكلمة من معان سامية وحقوق عالية، فهي تعني: عطاءً بلا منٍّ، وبذلاً للمودة والرحمة والمحبة، ومعاملةً حسنةً من كلا الطرفين للآخر.

 

تجمُّل كل من الطرفين للآخر، وتعهُّد الفم والجسد بالنظافة، ووضع العطور، صبر الزوجة على زوجها إذا أصابه فاقة وضائقة مالية، مساعدة الزوجة في حمل الأشياء الثقيلة، أو تقديم يد المساعدة إذا كانت مريضة أو نُفساء، فهذا لا يقدح في رجولة الزوج، فكل هذا عملٌ بوصية الله؛ حيث قال - سبحانه وتعالى - في كتابه: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19].

 

وكانت عائشة - رضي الله عنها - تقول كما عند البخاري: "كان - صلى الله عليه وسلم - يرقع الثوب، ويَخصف النعل، ويساعد أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة".

 

وفي "حلية الأولياء" (1/ 344)، و"صفة الصفوة" (1/ 273)، و"الإحسان" (3270) في ترجمة سعيد بن عامر - رضي الله عنه -: "عندما عاب عليه أهل حمص أنه يخرج إليهم إذا ارتفع النهار، فأجاب: والله إني كنت أكره أن أقول ذلك، أما وإنه لا بد منه، فإنه ليس لأهلي خادم، فأقوم في كل صباح فأعجن لهم عجينهم، ثم أتريَّث قليلاً حتى يختمر، ثم أخبزه لهم، ثم أتوضَّأ وأخرج للناس".

 

فالمعاشرة بالمعروف بين الزوجين أساس السعادة الزوجية.

وفي مسند الإمام أحمد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي))؛ صححه الألباني.

 

وعند الترمذي - وحسنه الألباني - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخيارهم خيارهم لنسائهم)).

 

ومن حُسن الخلق أن يُنتقى معها أطايب الكلام، كما ينتقى طيب التمر، فلا يكون سبَّابًا ولا لعَّانًا، ولا يفعل قبيح العادات، فكل هذا ليس من المعاشرة بالمعروف، فالمعاشرة بالمعروف تعني حسن الخلق في الأقوال والأفعال، والصفات ظاهرًا وباطنًا، حتى إذا استحالت الحياة بين الزوجين، ينبغي كذلك أن تنتهي بالمعروف؛ قال - تعالى -: ﴿ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾ [الطلاق: 2].

 

تحمُّل كل منهما الآخر والصبر عليه:

وهذا من المعاشرة بالمعروف، فمما لا شك فيه أن الزوج عندما يخرج إلى عمله، فإنه يواجه أمورًا صعبة في العمل، تجعله متعكِّر المزاج سريع الغضب، وكذلك فهو مهموم بتوفير احتياجات الأسرة: من مطعم، وملبس، ومصاريف التعليم، وغير ذلك، وقد يمر الزوج في بعض الأحيان بضائقة مالية، والاحتكاك في وسائل المواصلات، ومع الجمهور في العمل، وأخذ الأوامر من المدير، كل هذا قد يجعله في بعض الأحيان ضيِّق الصدر، فعلى الزوجة أن تقدِّر ذلك، وتوفر له سبل الراحة والسكن؛ حتى ينسى كل هذه الهموم، ويُلقيها عن كاهله على عتبة المنزل.

 

• وكذلك الزوج لا بد أن يُقدِّر ما تفعله الزوجة من مجهود في البيت: من طهي، وإعداد للطعام، وتنظيف السكن، وتربية للأولاد، وسهر على راحتهم، وكذلك تعرُّض المرأة للحمل والوضع والنفاس والحيض، كل هذه الأمور تجعل المرأة متعكرة المزاج في الغالب، فعلى الزوج أن يراعي ذلك، وألا يلقي بالمسؤولية كلها عليها، بل تجده لا يقدرها ولا يصبر عليها، فيقف لها على الهفوات، ويستغل القوامة التي حباه الله بها في الضرب واللعن والسب، وهذا كله ليس من أخلاق المسلم.

 

والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال كما في الترمذي وأبي داود - وصححه الألباني -: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا)).

 

وقال أيضًا في حديث آخر - هو عند الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني كذلك -: ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)).

 

• فلا بد من غض الطرف عن الهفوات والأخطاء، وخاصة غير المقصود منها، وليعلم كل من الزوجين أنه لا يخلو إنسان من خطأ؛ فقد أخرج الترمذي وابن ماجه عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوابون)).

 

وصدق الشاعر حيث قال:

مَن ذا الذي ما ساءَ قَطْ
طُ ومَن له الحُسنى فقَطْ

 

فعلى كل من الزوج والزوجة أن يتحمل صاحبه، فلكل جَواد كَبْوة، ولكل امرئ هفوة، ولكل إنسان زلة، وأحق الناس بالاحتمال مَن كان كثير الاحتكاك بمن يعاشر.

 

قال الشاعر:

إذا كُنتَ في كل الأمور مُعاتبًا
صَديقَك، لَم تلقَ الذي لا تُعاتِبه
فعِش واحدًا أو صِل أخاك فإنه
مُقارِف ذنبٍ مرَّةً ومُجانبه
إذا أنت لَم تَشرب مِرارًا على القَذى
ظَمِئْتَ، وأيُّ الناس تصفو مَشاربه؟
ومَن ذا الذي تُرضى سجايَاه كلُّها
كفى المرءَ نُبْلاً أن تُعَدَّ مَعايبه

 

وهناك أمور تعين الزوجة على غض الطرف عن الهفوات والأخطاء، وهي:

أن كلاًّ من الزوجين لا يقابل انفعال الآخر بمثله، فإذا رأى أحد الزوجين صاحبه منفعلاً بحدة، فعليه أن يكظم غيظه، ولا يرد على الانفعال مباشرة، وهذه النصيحة يجب أن تعمل بها المرأة أكثر من الرجل؛ رعايةً لحق الزوج، وما أجمل قول أبي الدرداء - رضي الله عنه - لزوجته: "إذا رأيتني غضبت، فرضِّني، وإذا رأيتك غضبى رضَّيتك، وإلا لم نَصطحب".

 

وجاء في "أحكام النساء" ص (12)، عن محمد بن إبراهيم الأنطاكي قال: "حدثنا محمد بن عيسى، قال: "أراد شعيب بن حرب أن يتزوج امرأة، فقال لها: "إني سيِّئ الخلق، فقالت: أسوأ منك خلقًا مَن أحوجك أن تكون سيئ الخلق، فقال: إذًا أنت امرأتي"؛ "عودة الحجاب"، ص (259 -260).

 

ومن الأمور التي تعين على غض الطرف عن الأخطاء بين الزوجين: هو التماس الأعذار، فإن المؤمن يطلب المعاذير، والمنافق يطلب الزلاَّت، وهنا يُفهم كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - الثابت في صحيح مسلم: ((لا يَفرَك[8] مؤمن مؤمنةً، إن كرِه منها خلقًا، رضِي منها آخر)).

 

فمن تَفهَّم هذا الأمر من الأزواج، عاش في سعادة وهناء؛ لأن الإنسان إن كان فيه خطأ، فعنده محاسن، فلننظر إلى محاسنه، ونغض الطرف عن أخطائه ونسامحه؛ عملاً بقوله - تعالى -: ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 237].

وجاء في "طبقات الحنابلة" (1/ 429) عن الإمام أحمد - رحمه الله -: "أنه تزوج عباسة بنت المفضل - أم ولده صالح - وكان الإمام أحمد يُثني عليها، ويقول في حقها: أقامت أم صالح معي عشرين سنة، فما اختلفت أنا وهي في كلمة".

 

• أن يعين كل منهما صاحبه على طاعة الله:

فعلى الزوجين أن يمتثلا لقوله - تعالى -: ﴿ وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ [يونس: 87]، وليرفعوا شعار: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2].

 

أخرج الإمام أحمد وأبو داود - بسند صحيح - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصلَّت، فإن أبت نضَح في وجهها الماء، ورحم الله امرأةً قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء[9]))؛ "صحيح الجامع" (3494).

 

وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - راوي هذا الحديث، يُطبق هذا على نفسه وأهله؛ فقد جاء في "البداية والنهاية" (8/ 920): "أنه كان يقوم ثُلُث الليل، ثم يوقظ امرأته فتقوم ثلثه، ثم يوقظ ابنته لتقوم ثلثه".

 

وجاء في "حلية الأولياء" (1/ 383) عن أبي عثمان النهدي، قال: "تضيَّفت أبا هريرة سبع ليال، فكان هو وخادمه وامرأته يعتقبون الليل أثلاثًا".

 

وأخرج أبو داود عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أيقظ الرجل أهله من الليل، فصلَّيا ركعتين جميعًا، كُتِبا في الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات))، قال الألباني في "المشكاة": إسناده صحيح.

 

وجاء في "صفة الصفوة" (4/ 33) عن الحسين بن عبدالرحمن قال: "حدثني بعض أصحابنا، قال: قالت امرأة حبيب أبي محمد: وانتبهت ليلةً وهو نائم، فأنبَهته في السَّحر، وقالت: قم يا رجل، فقد ذهب الليل، وجاء النهار، وبين يديك طريق بعيد، وزاد قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قُدَّامنا، ونحن قد بَقِينا".

 

فعلى الزوج أن يكون خير مُعين للزوجة، وعلى الزوجة أن تكون خير معين للزوج على أمر دينه ودنياه، فيعين كل منهما الآخر على حفظ القرآن، وطلب العلم الشرعي، والدعوة إلى الله؛ فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي عن ثوبان - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وزوجة مؤمنة تُعينه على أمر الآخرة)).

 

وأخرج الحاكم والطبراني في "الأوسط" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن رزقه الله امرأةً صالحة، فقد أعانه على شطر دينه، فليتَّق الله في الشطر الثاني))؛ حسنه الألباني في "الترغيب والترهيب" (1916).

 

وعند الترمذي من حديث ثوبان - رضي الله عنه - قال: "لَما نزلت: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [التوبة: 34]، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، فقال بعض أصحابه: أنزلت في الذهب والفضة، لو علمنا أي مال خير، فنتَّخذه؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أفضله: لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه))؛ "السلسلة الصحيحة" (2176).

 

قال المباركفوري - كما في "تحفة الأحوذي" (4/ 165) -: "أي: على دينه بأن تُذكره الصلاة والصوم، وغيرهما من العبادات، وتمنعه من الزنا، وسائر المحرمات"؛ ا.هـ.

 

وها هو نموذج للمرأة الصالحة التي تعين زوجها على طاعة الله، فقد أخرج ابن أبي حاتم عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: "لَما نزلت هذه الآية: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ﴾ [البقرة: 245].

 

قال أبو الدحداح الأنصاري: يا رسول الله، وإن الله يريد منا القرض؟ قال: ((نعم يا أبا الدحداح))، قال: أرني يدك يا رسول الله، قال: فناوله يده، قال: فإني قد أقرضت ربي حائطي - وله حائط فيه ستمائة نخلة، وأم الدحداح فيه وعيالها - قال: فجاء أبو الدحداح، فناداها: يا أم الدحداح، قالت: لبيك، قال: اخرجي؛ فقد أقرضتُ ربي - عز وجل - وفي رواية: أنها قالت له: رَبح بيعك يا أبا الدحداح - ونقلت منه متاعها وصبيانها، وإن رسول الله قال: ((كم من عذقٍ[10]رداح[11] في الجنة لأبي الدحداح))، وفي لفظ: ((رُبَّ نخلة مدلاة، عروقها درٌّ وياقوت لأبي الدحداح في الجنة)).

 

• وكذلك تعين الزوجة زوجها على أكل الحلال، فلا تُحمله فوق طاقته، بل تقول له كما كانت تقول المرأة قديمًا لزوجها: "اتَّق الله فينا، ولا تُطعمنا إلا حلالاً، فإننا نصبر على الجوع، ولا نصبر على نار جهنم".

 

• ويجتهد الزوج في إطعام أهل بيته الحلال الطيب، ويحتسب ذلك؛ حتى يؤجر عليه.

 

• وتعف الزوجة زوجها، فلا تمتنع عنه إذا دعاها إلى الفراش، ويُحسن الزوج النية في هذا الجماع؛ حتى يؤجر، وصدق الحبيب - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: ((وفي بُضْع أحدكم صدقة)).

 

• ويحفظ كل من الزوجين وِرده من القرآن، ويقرأه على الآخر، وهكذا يكون البيت المسلم مكانًا للذكر بأنواعه؛ سواء ذِكر القلب، وذكر اللسان، أو الصلوات، وقراءة القرآن، أو مذاكرة العلم الشرعي، وقراءة كتبه المتنوعة، فإذا كان حال الزوجين هكذا، فإنهما يسعدان في الدنيا والآخرة.

 

أخرج الإمام مسلم عن أبي موسى - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه، مثلُ الحي والميت)).

 

وهكذا يسير الزوجين في سفينة الحياة؛ لتصل بهما إلى شاطئ النجاة في جنات النعيم.

 

الثقة المتبادلة بينهما:

فيكون كل منهما واثقًا في الآخر، ولا يُخامره أدنى شك في صدقه وإخلاصه ومحبته، ولا يتخوَّن كل منهما الآخر، ولذلك نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجال الذين كانوا على سفر أن ينزلوا ليلاً على النساء؛ حتى لا يتخوَّنوهم، أو يلتمسوا عَثراتهم؛ فقد أخرج الإمام أحمد عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يطرق الرجل أهله ليلاً، يتخوَّنهم، أو يطلب عثراتهم".

 

فينبغي ألا يتتبَّع كلٌّ منهما عثرات الآخر، ولا يحاول أن يتجسس عليه، فقد قال - تعالى -: ﴿ وَلَا تَجَسَّسُوا ﴾ [الحجرات: 12].

 

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك - فيما رواه الإمام مسلم -: ((إياكم والظنَّ، فإن الظنَّ أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا[12])).

 

وأخرج أبو داود عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -: "أنه أُتِي برجل، فقيل له: هذا فلان تقطر لحيته خمرًا، فقال: إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء، نأخذ به".

 

وتجسس كل من الزوجين على الآخر يفسد الحياة الزوجية، فقد جاء عند أبي داود - بسند صحيح - عن معاوية - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنك إن اتَّبعت عورات المسلمين أفسدتهم، أو كدت أن تُفسدهم)).

 

• أن يتعمد كل من الزوجين إدخال السرور على قلب الآخر:

فقد أخرج الطبراني، وابن أبي الدنيا - وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (176) - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله - عز وجل - سرور تدخله على مسلم)).

 

وإذا كان هذا مع مسلم قد لا تعرفه، فكيف بكلٍّ من الزوجين إذا أدخل السرور على قلب صاحبه، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يداعب زوجاته، ويُدخل السرور على قلوبهن، والحبيب النبي - صلى الله عليه وسلم - هو قدوتنا وأسوتنا؛ فقد أخرج البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والحبشة يلعبون بحرابهم في المسجد في يوم عيد، فقال لي: ((يا حُميراء[13]، أتحبين أن تنظري إليهم؟))، فقلت: نعم، فأقامني وراءه، فطأطأ لي مَنْكبيه لأنظر إليهم، فوضعت ذقني على عاتقه، وأسندتُ وجهي إلى خده، فنظرت من فوق مَنْكبيه - وفي رواية: من بين أُذنه وعاتقه - وهو يقول: ((دونكم يا بني أرفدة))، فجعل يقول: ((يا عائشة، ما شبِعتِ؟)) فأقول: لا؛ لأنظر منزلتي عنده، حتى شبِعتُ - وفي رواية: حتى إذا مللتُ - قال: ((حسبُك؟)) قلت: نعم، قال: ((فاذهبي...))؛ الحديث.

 

وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن كل شيء ليس من ذكر الله، فهو لهو ولعِبٌ، إلا أربعة أمور، فإنها لا تعد من اللهو، وذكر منها: ملاعبة الرجل لزوجته.

 

فقد أخرج النسائي من حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كل شيء ليس من ذكر الله لهو ولعبٌ، إلا أن يكون أربعةً: ملاعبة الرجل امرأته))؛ الحديث.

 

• ومداعبة الزوجة هذه تروِّح القلوب وتُنسي الهموم، وتجدد النشاط، ودليل ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن حنظلة الأسدي - رضي الله عنه - قال: "لَقِيني أبو بكر، فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافَق حنظلة، قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكِّرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأْي العين، فإذا خرَجنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عافَسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فنسينا كثيرًا، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: فوالله، إنا لنَلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: نافَق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وما ذاك؟))، قلت: يا رسول الله، نكون عندك تُذكرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأْي العين، فإذا خرجنا من عندك، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فنسينا كثيرًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر؛ لصافحتكم الملائكة على فُرُشكم وفي طُرقكم، ولكن يا حنظلة، ساعة وساعة))؛ ثلاث مرات.

 

وعندما نتكلم على تعمُّد إدخال السرور على قلب الآخر، فلا ننسى عائشة، عندما قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا عائشة، ذريني أتعبد لربي))، فقالت: والله إني لا أحب قُربك، ولكن أحب ما يسرُّك"، أو كما قالت - رضي الله عنها.

 

فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسعى لإدخال السرور على قلب زوجاته، وكذلك زوجاته تفعلنَ معه، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأسوة الحسنة؛ كما قال - تعالى -: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

 

• أن يكون كل من الزوجين أمينًا مع الآخر:

فلا يخونه في قليل ولا كثير؛ إذ الزوجان أشبه بشريكين، فلا بد من توفُّر الأمانة، والنصح والصدق، والإخلاص بينهما، في كل شأن من شؤون حياتهما الخاصة والعامة.

 

أخرج أبو داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال الله - تعالى -: ((أنا ثالث الشريكين، ما لم يخن أحدهما صاحبه)).

وهناك زيادة: ((فإذا خان، خرَجت من بينهما)).

وعند الدارقطني: ((يد الله مع الشريكين، ما لم يتخاونا)).

 

• أن يكون بينهما مودة ورحمة:

بحيث يحمل كل منهما لصاحبه أكبر قدرٍ من المودة والرحمة؛ مصداقًا لقوله - تعالى -: ﴿ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21].

 

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - كما عند الطبراني - بسند صحيح -: ((من لا يرحَم، لا يُرحَم)).

 

فيشعر كل منهما بالآخر، ويتألَّم لألمه، ويفرح لفرحه، فالمرأة ترحم زوجها، وتقدِّر له ما يعانيه من تعب في العمل من أجْلها، فتحنو عليه، ولا تحمله ما لا يطيق.

 

والزوج يقدر لزوجته ما تعانيه في بيتها من مجهود ومشقة، فلا يُحملها أكثر من طاقتها، بل يشكر كل منهما لصاحبه على ما يفعل، ويكون الشكر بالفعال قبل الشكر باللسان.

 

• حرمة المصاهرة:

ومن الحقوق المشتركة بينهما كذلك: حرمة المصاهرة؛ لأن العقد قد ترتَّب عليه حرمة بعض أقارب الزوج، كأبيه وابنه على الزوجة، وحرمة بعض أقاربها على الزوج كأمها مطلقًا، وابنتها إذا دخل بها، وعمتها وخالتها طالما كانت في عصمته، إلى غير ذلك مما يوجب حرمة المصاهرة.

 

• ثبوت التوارث:

فقد أصبح لكل من الزوجين - بموجب الزوجية - حقٌّ في مال الآخر، ما دام قد عقد عليها ودخل بها، أو توفي عنها قبل دخوله بها ما لم تكن كتابية - يهودية أو نصرانية - لأن الاتفاق في الدين أحد شروط وجوب الميراث، والاختلاف في الدين مانع من موانعه.

 

ويستمر هذا الحق حتى لو طلَّقها رجعيًّا ومات أحدهما أثناء العدة، بل ولها أن ترثَ فيه، وذلك إذا طلقها طلاقًا بائنًا وهو على فراش الموت، وكان مقصده الفرار من توريثها.

 

• أن يكون كل من الزوجين وفيًّا للآخر:

والوفاء من التوفية، من قولهم: وفَّاه حقه؛ أي: أعطاه كاملاً غير منقوص، والوفاء من شِيَم الصالحين وأخلاق المؤمنين، والتحلي به دليل على صدق الإيمان، وحب الرحمن للإنسان.

 

ووفاء الزوج لزوجته خلق تحلَّى به السلف الصالح قبلنا، وقائدهم وسيدهم في ذلك هو نبينا - صلى الله عليه وسلم - فقد ضرب لنا المثل الأعلى في الوفاء للزوجة حتى بعد مماتها، فكان ذلك من حُسن أخلاقه، وكمال عشرته، فقد كان دائم الثناء والمدح للسيدة خديجة بعد مماتها، حتى إن عائشة - رضي الله عنها - غارَت منها مع أنها ماتت.

 

تقول عائشة - رضي الله عنها - كما عند البخاري ومسلم: "ما غرت على امرأة، ما غرت من خديجة، من كثرة ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكرها".

 

• وعند مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة، ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين؛ لما كنت أسمعه يذكرها، ولقد أمره ربه - عز وجل - أن يُبشرها ببيت من قصب في الجنة، وإن كان ليذبح، ثم يهديها إلى خلائلها".

 

• وفي صحيح مسلم أيضًا عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "ما غرت على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا على خديجة، وإني لم أُدركها، قالت: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذبح الشاة، فيقول: ((أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة))، قالت: فأغضبته يومًا، فقلت: خديجة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إني قد رُزِقت حبَّها)).

 

وكان - صلى الله عليه وسلم - يُكرم من كان يأتيه من عند خديجة، وكان يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((قد كانت تأتينا زمن خديجة))، وكان يهش ويسر وجهه عندما يسمع صوت هالة أخت خديجة، فكان نعم الزوج صاحب الوفاء الأكمل لزوجته - صلوات ربي وسلامه عليه.

 

أخرج الحاكم - وهو في "صحيح الجامع" (2056) - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "جاءت عجوز إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عندي - فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أنت؟))، قالت: أنا جثامة المزنية، فقال: ((بل أنت حسانة المزنية، كيف أنتم؟ كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟))، قالت: بخير، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فلما خرجت، قلت: يا رسول الله تُقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال: ((إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حُسن العهد من الإيمان))؛ "السلسلة الصحيحة" (216).

 

فهذه أمثلة عملية وردت عن خير البرية - صلى الله عليه وسلم - تضرب لنا المثل الأعلى في الوفاء وحسن العهد.

 

• زوجات وفيَّات:

فإذا كان الزوج حسن العشرة وفيًّا لزوجته، فإن هذا يكون له أطيب الأثر بعد مماته، ويحمل المرأة على الوفاء حملاً، فتراها تمكث في دارها أربعة أشهر وعشرًا، لا تتزين ولا تتجمل، ولا تُفارق الدار؛ وفاءً لزوجها الحبيب، وطاعةً لرب العالمين، ودائمًا ما تذكره بخير، وتذكر محاسنه وفضائله في كل مجلس، وتُثني عليه.

 

1- وانظر لهذا النموذج الذي يدل على مكانة الزوج في قلب الزوجة وحُسن عهدها به:

"فعندما رحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أُحد، قمن النساء يسألن الناس عن أهلهن فلم يُخبرن، حتى أتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا تسأله واحدة إلا أخبرها، فجاءته حمنة بنت جحش، فقال: ((يا حمنة، احتسبي أخاك عبدالله بن جحش))، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمه الله وغفَر له، ثم قال: ((يا حمنة، احتسبي خالك حمزة بن عبدالمطلب))، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمه الله، وغفر له، ثم قال: ((يا حمنة، احتسبي زوجك مصعب بن عمير))، فقالت: يا حرباه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن للمرأة لشعبةً في الرجل، ما هي له في شيء))، أو قال: ((إن زوج المرأة منها بمكان)).

 

2- وأخرج ابن السكن عن أسماء بنت عميس - رضي الله عنها -: "أنها كانت لجعفر بن أبي طالب، ثم لأبي بكر من بعده، ثم خلفهما علي - رضي الله عنهم - فتفاخر مرة ولداها: محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر، كل يقول: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك، فقال لها علي: اقض بينهما يا أسماء، قالت: ما رأيت شابًّا في العرب خيرًا من جعفر، ولا رأيت كهلاً خيرًا من أبي بكر، فقال علي: ما تركت لنا شيئًا، ولو قلت غير هذا، لَمَقتُّك، فقالت أسماء: إن ثلاثًا أنت أقلهم لخيار".

 

3- وأوصى أبو بكر - رضي الله عنه - إذا مات أن تُغسله أسماء بنت عميس - رضي الله عنها - وكانت صائمة، فسألت مَن حضر من المهاجرين، وقالت: إني صائمة، وهذا يوم شديد البرد، فهل علي من غُسل؟ فقالوا: لا، وكان أبو بكر - رضي الله عنه - قد عزم عليها - أقسم عليها لما أفطرت - وقال: هو أقوى لك، فذكرت يمينه في آخر النهار، فدعت بماء، فشربت وقالت: والله لا أُتبعه اليوم حِنثًا"؛ رواه ابن سعد في الطبقات (8/ 208).

 

4- وعن ميمون بن مهران، قال: "خطب معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - أم الدرداء، فأبت أن تزوِّجه، وقالت: سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((المرأة في آخر أزواجها)) - أو قال: ((لآخر أزواجها))؛ "السلسلة الصحيحة" (1281).

 

5- ولما تسوَّر الثائرون على عثمان - رضي الله عنه - وتبادروه بالسيوف، ألقت زوجته نائلة - رضي الله عنها - بنفسها عليه؛ حتى تكون له وقاءً من الموت، فلم يرع القتلة حُرمتها، وضربوه بالسيف ضربةً انتظَمت أصابعها، ففصلتهنَّ عن يدها، ونفذت إليه فجندَلته، ثم ذبحوه كما يُذبح الحمل الذَّلول - رضي الله عنه.

 

6- يقول فضيلة الشيخ محب الدين الخطيب - رحمه الله - كما في مقدمته لكتاب "آداب الزفاف" ص (12 - 16)-: إن فاطمة بنت أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان - خليفة المسلمين، وزوجة أعظم خليفة عرَفه الإسلام بعد خلفاء الصدر الأول، وهو أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز - وكانت أخت أربعة من فحول خلفاء الإسلام وهم: الوليد بن عبدالملك، ويزيد بن عبدالملك، وهشام بن عبدالملك، وسليمان بن عبدالملك - هذه السيدة خرَجت من بيت أبيها إلى بيت زوجها يوم زُفَّت إليه، وهي مُثقلة بأثمن ما تملكه امرأة على وجه الأرض من الحُلي والمجوهرات، ويقال: إن من هذه الحلي قُرْطي مارية اللذين اشتَهرا في التاريخ، وتغنَّى بهما الشعراء، وكانا وحدهما يساويان كنزًا، إلا أن الخليفة الأعظم عمر بن عبدالعزيز اختار - في الوقت الذي كان فيه أعظم ملوك الأرض - أن تكون نفقة بيته نصف درهم في اليوم، ورَضِيت بذلك زوجة الخليفة - التي كانت بنت خليفة، وأخت أربعة من الخلفاء - فكانت مغتبطةً بذلك؛ لأنها تذوَّقت لذة القناعة، وتمتَّعت بحلاوة الاعتدال، فصارت هذه اللذة وهذه الحلاوة أطيبَ لها وأرضى لنفسها من كل ما كانت تعرفه قبل ذلك من صنوف البذخ وألوان الترف، بل اقترح عليها زوجها أن تترفَّع عن عقلية الطفولة، فتخرج عن هذه الألاعيب والسفاسف التي كانت تُبهرج بها أُذنيها وعُنقها، وشعرها ومعصمَيها، مما لا يُسمن ولا يغني من جوعٍ، ولو بِيع، لأشبع ثمنه بطون شعب برجاله ونسائه وأطفاله، فاستجابت له، واستراحت من أثقال الحُلي والمجوهرات واللآلئ والدُّرر، التي حملتها معها من بيت أبيها، فبعثَت بذلك كله إلى بيت مال المسلمين، وتوفي عقب ذلك أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز، ولم يخلف لزوجته وأولاده شيئًا، فجاءها أمين بيت المال، وقال لها: إن مجوهراتك يا سيدتي لا تزال كما هي، وإني اعتبرتها أمانة لك وحفظتها لهذا اليوم، وقد جئت أستأذنك في إحضارها، فأجابته: بأنها وهبَتها لبيت مال المسلمين طاعةً لأمير المؤمنين، ثم قالت: ما كنت لأطيعه حيًّا، وأعصيه ميِّتًا، وأبت أن تستردَّ من مالها الحلال الموروث ما يساوي الملايين الكثيرة في الوقت الذي كانت محتاجة فيه إلى دُريهمات.

 

وهناك مثال آخر يدل على وفاء الزوجة لزوجها وحسن العهد به:

7- لما قتَل المختار بن أبي عبيد الثقفي - ثائر العراق وسفَّاحها - مصعب بن الزبير، ثم أتى بآل بيته وشيعته، فمَن لم يقر بكفره، ويَبرأ منه، ألحَقه به، فلم يبق على عهده والوفاء له إلا امرأته: عَمرة بنت النعمان بن بشير، فقد قالت حين سُئِلت: أشهد، لقد كان عبدًا من عباده الصالحين، فأمر بها، فقُتِلت، فانظر - رحمك الله - كيف كان باستطاعتها أن تقول كلمةً واحدةً، تنجو بها من السيف، ولكنها آثرَت أن تلحق بزوجها وفاءً له، فلم يطاوعها لسانها أن تتكلم في حقه، فقالت الصدق، ولَحِقت بالزوج، فرحمة الله عليهما.

 

8- ومع أن الإسلام لم يحرم على المرأة الأيِّم - التي مات عنها زوجها - أن تتزوَّج من بعده، وهذا حق لها، فقد قال رب العالمين: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾ [النور: 32].

 

وأخرج الطبراني - بسند حسن - عن جابر عن أم مبشر الأنصارية: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم -خطب أم مبشر بنت البراء بن معرور - خطبها لزيد بن حارثة - فقالت: إني اشترطت لزوجي ألا أتزوَّج بعده، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن هذا لا يصلح)).

 

ومع هذا نجد أن هناك زوجات وفيات لأزواجهن، لا يتزوَّجن بعد موت الزوج؛ وفاءً له، وتفانيًا في محبَّته، وتظل هكذا حتى الموت على أمل أن يَجمعها الله وزوجها في الجنة، ففي "أخبار النساء" ص (138)، قال الأصعمي:

خرج سليمان بن عبدالملك، ومعه سليمان بن المهلب بن أبي صفرة من دمشق مُتنزهين، فمرا بالجبانة، وإذا امرأة جالسة على قبر تبكي، فهبت الريح، فرفعت البرقع عن وجهها، فكأنها غمامة جلَّت شمسًا، فوقفنا متعجِّبين ننظر إليها، فقال لها ابن المهلب: يا أمة الله، هل لك في أمير المؤمنين بعلاً؟ فنظرت إليهما، ثم نظرت إلى القبر، وقالت:

فإنْ تَسألاني عن هواي فإنَّه
بِمَلحُودِ هذا القبْرِ يا فَتَيَانِ
وإني لأسْتَحْيِيه والتربُ بيننا
كما كنتُ أسْتحْيِيه وَهْوَ يَرانِي

فانصرفنا ونحن متعجبون.

 

فنسأل الله - تعالى - أن يبارك في كل الأزواج والزوجات الأوفياء، الذي يحفظ كل منهما عهد الآخر، ويعترف له بالجميل، ويحفظه في حياته وفي غيبته، فلا غدر ولا خيانة، ويحفظه بعد مماته ويفي له، ونسأله - سبحانه وتعالى - أن يجمعهما في جنته ومُستقر رحمته.

 

ونحمل هذه البشارة لكل امرأة كان هذا حالها، بشارة يبشرها بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد أخرج أبو يعلى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أنا أول مَن يفتح باب الجنة، فإذا امرأة تبادرني، فأقول: من أنت؟ فتقول: أنا امرأة تأيَّمت على أيتام لي)).

 

وبعد:

فهذا آخر ما تيسر جمعه في هذه الرسالة، نسأل الله أن يكتب لها القبول، وأن يتقبَّلها منا بقَبول حسن، كما أسأله - سبحانه - أن ينفع بها مؤلفها وقارئها، ومَن أعان على إخراجها ونشرها؛ إنه وَلِيُّ ذلك والقادر عليه.

 

هذا وما كان فيها من صواب فمن الله وحده، وما كان من سهو أو خطأ أو نسيانٍ، فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وهذا بشأن أي عمل بشري يَعتريه الخطأ والصواب، فإن كان صوابًا، فادعوا لي بالقَبول والتوفيق.

 

وإن كان ثَمَّ خطأ، فاستغفروا لي.

وَإن وَجَدت العيبَ فَسُدَّ الخَللا
جَلَّ مَن لا عَيْبَ فيه وعَلا

فاللهم اجعل عملي كله صالحًا ولوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه نصيبًا.

 

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا والله - تعالى - أعلى وأعلم.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أنْ لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.



[1] أرَمَّ القوم؛ أي: سكتوا، ولم يُجيبوا.

[2] أي: يصل إليها بالمباشرة والمجامعة، ومنه قوله - تعالى -: ﴿ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ ﴾ [النساء: 21].

[3] الغالية: نوع من الطِّيب، مركَّب من مسك، وعنبر، وعود، ودهن.

[4] والزَّرْنب: نبتٌ له ريح طيِّب.

[5] الشَّعِثَة: البعيدة العهد بالغُسل، وتسريح الشعر والنظافة.

[6] المُغِيبةُ: التي غاب عنها زوجها.

[7] قوله: ((فأسلم))؛ أي: انقاد، وأذعن، وصار مطيعًا، فلا يكاد يَعرِض لي بما لا أريد، وليس من الإسلام الذي هو بمعني الإيمان.

[8] الفرك: هو بُغض أحد الزوجين الآخر، والفارك: هو المُبغِض لزوجته.

[9] ومعنى النضح: الرش الذي لا يؤذي ولا يؤدِّي إلى استفزاز، ويمكن استعمال شيء آخر كماء الزهر، أو مسح الوجه بشيء من الطيب؛ ا.هـ؛ "ماذا عن المرأة؟"؛ للدكتور نور الدين عتر.

[10] العَذْق بفتح العين: النخلة، وبكسرها: عُرْجونها.

[11] الرَّدَاح: الثقيل.

[12] والتجسُّس: هو تتبُّع عورة الغير.

[13] الحميراء: تصغير الحمراء، يريد البيضاء





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أسرار النجاح في حياة الزوجين
  • بين الزوجين
  • الحقوق الزوجية (حق الزوجة)
  • الإجازة المنفصلة للزوجين.. هدنة أم إعادة شحن؟!
  • الوفاء بين الزوجين طريق السعادة في الدارين
  • الحقوق المشتركة بين الزوجين (2)
  • الحقوق المشتركة بين الزوجين (3)
  • أقوال الفقهاء في التفريق بين الزوجين بسبب العيوب
  • تنمية الحب بين الزوجين
  • بركة المال الصالح على الزوجين

مختارات من الشبكة

  • بيان الحقوق المشتركة بين الزوجين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحقوق المشتركة بين الزوجين (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحقوق المشتركة بين الزوجين (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف الحقوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاهتمامات المشتركة بين الزوجين(مادة مرئية - موقع الدكتور خالد بن سعود الحليبي)
  • تأكيد حقوق ولاة الأمر وشرح الحديث النبوي: "ثلاث لا يغل عليهن صدر مسلم"(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • خطبة حقوق مشتركة بين الزوجين (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق مشتركة بين الزوجين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحقوق الزوجية (حق الزوج)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
3- حقوق واجبة
وضحى 24-02-2018 10:11 PM

من حقوق الزوج على زوجته احترامه أولا وثانيا أن تطيع أمره ولا تعصيه في أمر إلا إذا كان الأمر فيه معصيه ثالثا أن تحترم أقاربه رابعا أن تربي أبناءها تربية صالحة وحق زوجه أيضا حقين حق مادي وحق معنوي!!حق مادي هو مهرها الأول ثانيا نفقتها !حق معنوي معاشرتها بالطيب والتعامل معه باللين ومساعدتها في تربية الأبناء.

2- الحقوق المشتركة بين الزوجين
صالحه النهدي 15-11-2015 12:17 AM

بسم الله الرحمن الرحيم :
أن الدين الإسلامي وضع بين الأزواج حقوق يجب على كل منهم الوفاء بها منها:
خاصة بالزوج فعلى الزوجه الوفاء بها ومنها خاصه بالزوجه وعلى الزوج الوفاء بها.. ومنها مشتركة:
من الحقوق المشتركه بين الزوجين ؛
- حسن المعاشرة
- عدم إفشاء احدهم لسر الآخر
- تبادل المحبة بينهم
- استمتاع كل منهم بالآخر
- التزين
- الغيرة ولكن بحدود وضوابط
- الوفاء بالعهد
- أن يكون بينهم مودة ورحمة
- أن يجتهد الزوج بإطعام أهله من الحلال وتعينه زوجته على ذلك
..

1- حقوق الواجبه على الزوجين
شمعة الخير 03-12-2014 07:30 PM

الواجب على الزوجة طاعة زوجها بالمعروف وإن أمرها بشيء كان في البيت فالواجب السمع والطاعة وإن لا تعصي أمره ما لم يكن يأمرها بأمر لله عز وجل فأن أمرها بمعصية فلا سمع ولا طاعة مثال // لا تصلي في الوقت أو التدخين أو ما إلى ذلك ويقول الرسول فيما معنى الحديث (إذا دعى الزوج زوجته ولم تجبه دعت عليها الملائكة) في الواجب السمع والطاعة وإذا تأخرت بغير أمر شرعي فهي تأثم على ذلك وإن أمرها ولا تقدر إذا كانت مريضة فهي معذورة وعليه أن لا يشدد عليها ويجبرها ولا يكون مشدد لقوله تعالى (وعاشروهن بالمعروف) والحاصل أن يقوم كل واحد منهما بحقوقه الزوج يقوم بحقوقه كاملة أن يكون حسن العشرة ولين الكلام لطيف الأسلوب وأن يعطيها كسوتها من طعامها وشرابها ومسكنها المناسب وعليها أن تقوم بالتنظيف وإعداد الأكل والملابس وتجهيز الأمور له دون طلبه
والله المستعان **

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب