• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / أزواج وزوجات
علامة باركود

إليكِ أيتها الأسرة المسلمة

إليكِ أيتها الأسرة المسلمة
ديمة عبداللطيف بدر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/6/2012 ميلادي - 19/7/1433 هجري

الزيارات: 12444

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إليكِ أيتها الأسرة المسلمة

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

 

من دلائلِ قدرةِ الله - تعالى - وعظيمِ حكمتِه، ما أوجدَه في النفسِ البشريةِ من ميلٍ فطريٍّ بين الرجلِ وزوجِه، ورغبة كلٍّ منهما في الاقترانِ بشقِّه الآخر، والعيشِ معه تحت ظلالٍ وارفةٍ: من الحبِّ، والمودَّة، والرحمةِ؛ حيث تطمئنُّ النفوسُ، وتَسكُن وتَستَقِر، وفي ذلك يقول الحق - تبارك وتعالى -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

 

وكغيرِها من الأسرِ - ونتيجةً لتبايُنِ الطباعِ، واختلافِ الأمزجةِ - قد يَعرِض في أفقِ الأسرةِ المسلمةِ أحيانًا سرابٌ من الهمومِ والمشكلاتِ، يظهر سِجَالاً بين فَينةٍ وأخرى؛ مما قد يخلِّف بعضًا من التبعاتِ، التي تَشُوبُ طريقَ السعادةِ والتفاهمِ بين أفرادِ تلك الأسرةِ، والتي تؤثِّر في صفاءِ العيش وهَنَائه، فما سبيلُ الخلاصِ المرجوِّ هنا؛ للنهوضِ بشأنِ الأسرةِ، والارتقاءِ بها لتجفيف تلك المنابع؟ وما وسائلُ الوقايةِ من داءٍ خطيرٍ كهذا؟

 

ولـمَّا كانت الأسرةُ نواةَ المجتمعِ الأُولَى؛ فقد صبَّ إبليسُ اللعينُ جُـلَّ اهتمامِه للنَّيلِ منها وتمزيقِها، وهو الذي نَذَر حياتَه لزرعِ بذورِ الفتنة والشِّقاق، وأَبَى أن يتركَ بَنِي البشرِ وشأنَهم، دون أن يَطبَع بصماتِه الآثمةَ، تنغِّص عليهم جانبَ السعادةِ في حياتِهم، فأنَّى له بعد ذلك أن يكفَّ أذاه أو يَبتَعِد؟

 

ومصداقًا لذلك، جاء في الحديثِ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن إبليسَ يَضَعُ عرشَه على الماءِ، ثم يَبعَثُ سراياه، فأدناهم منه منزلةً أعظمُهم فتنةً، يَجِيءُ أحدُهم فيقولُ: فعلتُ كذا وكذا، فيقولُ: ما صنعتَ شيئًا، قال: ثم يَجِيءُ أحدُهم فيقولُ: ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينه وبين امرأته، قال: فيُدْنِيه منه، ويقول: نِعْمَ أنتَ))[1].

 

وثَمَّةَ وراءَ جدرانِ منازلِنا خطرٌ يَقبَع، ويهدِّد صفوَ الحياةِ، ويبدِّد سعادةَ الأسرةِ، وهو ظهورُ شبحِ المشكلاتِ والخلافاتِ في إطارِ الحياةِ الزوجيةِ؛ نتيجةً لأسبابٍ عدَّة، كثيرًا ما يعقبُها احتمالُ خطرِ انهيارِ الأسرةِ، وتفكُّك بنيانِها القويم، وبخاصَّة إن تحوَّلت الأمورُ إلى صورةٍ مُزمِنة.

 

وكثيرًا ما تتردَّد على لسانِ الأزواجِ شكاوى، مَزَجتْها آهاتٌ تَنبُع من الأعماقِ - في معرضِ الحديثِ عن خلافاتٍ زوجيةٍ - ما تنفكُّ تَغِيب حتى يعودَ صداها من جديدٍ، دون أن ينجحَ طرفَا المشكلةِ في إيجادِ حلٍّ ناجعٍ لها، الأمرُ الذي يُلازِمُه تعكُّر استقرارِ الحياةِ، وما يتركُه من أسوأ الأثرِ في نفوس الزوجِ الشريك والأطفال.

 

وقد يَزعُم بعضُهم أنه ما من دواءٍ لذاك الداءِ، وما من حلٍّ لتلك الشكوى المُزمِنة، وتغطِّي سماءَ هؤلاءِ غماماتٌ لا تكاد تَنجَلِي، فَنَرى الخطرَ وقد تربَّص بالأسرةِ، متحينًا أوانَ تفكيكِها، وهدمَ أواصرِ المحبَّة، إلا أنه ثَمَّة مقترحاتٌ، يقدِّمها ذوو العلمِ والخبرة، ولها فعلُ السحرِ في حلِّ تلكم المعضلاتِ، وإبعادِ شبح ما ينغِّص الأسرةَ، ويؤكِّد على ذلك مَن التزمَ تطبيقَ ذاك الدواءِ؛ بُغيةَ تخلُّصه من الداءِ.

 

تأتِي العودةُ إلى كتابِ اللهِ، والتمسك بسنَّة الهَدْي النبوي، في رأسِ قائمةِ الحلولِ التي نجحتْ في إيجادِ مخرجٍ من كلِّ ضيقٍ أو ضنكٍ؛ فطاعةُ اللهِ وتقواه، والابتعادُ عن الذنوبِ وهجرُ المعاصي، كلُّ ذلك كفيلٌ بإكسابِ النفسِ ما تَرنُو إليه من طمأنينةٍ وراحةٍ، شَهِدتْ بها رواياتُ العارفين.

 

ولا شكَّ أن ثِمَارَ التقوى اليانعةَ، ستظهرُ حتمًا في أشجارِ حياتِنا الأُسرِيَّة والشخصيةِ أيضًا، وستقطفُها الأسرةُ المسلِمة، وستَنعَمُ بطِيبِ عبقِها وأَرِيجِها، فليُرَاقِب إذًا كلٌّ من الزوجينِ اللهَ في تعاملِه مع شريكِه، وليستَشعِر دومًا حديثَ أبِي ذرٍّ - رضي الله عنه - وهو يَروِي عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - وصيتَه حين قال له: ((أُوصِيك بتقوى اللهِ عز وجل؛ فإنه أَزينُ لأمرِك كلِّه))[2].

 

وما أجملَ هنا أن تكون نيةُ الزوجِ في تعاملِه مع شريكِه تحقيقَ مرضاةِ الله - عز وجل - فيُحسِن الرجل إلى زوجِه ويُكرِمها؛ اتباعًا لوصيتِه - صلى الله عليه وسلم - في حديثه: ((استَوصُوا بالنساءِ خيرًا))[3] ، وما أعظمَ - بالمقابل - أن تُطِيع المرأةُ زوجَها، وتَصبِر على هفواتِه، وهي تَبتَغِي بذلك إرضاءَ خالقِها - سبحانه وتعالى - وهي تذكرُ ما جاء من أحاديثَ حثَّتْ على ذلك، وتَضَعُ نُصْبَ عينِها قولَ الرسولِ الكريم - صلى الله عليه وسلم -: ((أيّما امرأةٍ ماتت وزوجُها عنها راضٍ، دَخَلت الجنَّة))[4].

 

ويكفلُ الاحترامُ المتبادَلُ بين الزوجينِ إزالة جوانبَ كثيرةٍ من الخلافاتِ الشخصية، ويجعلُ حياتَهما أيضًا هادئةً مستقرَّة، وهو سلوكٌ رفيعٌ، يُخَاطِب خلالَه كلٌّ من الزوجينِ شقَّه بطريقةٍ مهذَّبة، تَغِيب عنها الألفاظُ الجارحةُ، في أجواءٍ خاليةٍ من التوتُّر والمشاحنةِ، وقد خيَّم عليها احترامُ طبعِ الطرفِ الآخر، الذي تأصَّل به.

 

ولا مانعَ في حالِ ظهورِ ما يُزعِج من قولٍ أو فعلٍ، من الإشارةِ إلى ذلك بطريقةٍ لطيفةٍ وبعيدةٍ عن التقريعِ أو اللومِ، مع إبداءِ الرغبة في إصلاحِ الشأن، وتهذيبِه على قدرِ المستطاع، مع توجيهِ النصحِ المَشُوبِ بالعطفِ، وعلينا ألا ننسى الفضلَ بيننا، فإن تذكَّر كلٌّ منا محاسنَ الآخرِ وفضائلَه، غَفَر له زلاتِه، فلينظر إذًا بعضُنا إلى بعضٍ بعينِ الرضا التي هي عن العيوبِ كليلةٌ، لا بعينِ السخطِ التي تُبدِي المساوئ.

 

وصحيحٌ أننا بطبعِنا نَنشُدُ الكمالَ، ونَرغَبُ في أن يكونَ الشريكُ كأفضلِ ما يكون خَـلقًا وخُـلقًا، إلا أننا يَجِب ألا نَنسَى أن الكمالَ المطلَق هو للهِ - تعالى - وحدَه، وعلينا بذلك أن نَلتَمِس الأعذارَ للآخرينَ، وما أعظمَ حديثَ الرسول - عليه الصلاة والسلام -: ((لا يَفرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً؛ إن كَرِه منها خلقًا، رَضِي منها آخَر))[5] ، ومعنى يَفْرَك - بفتح الياء وإسكان الفاء وفتح الراء -: يُبغِض.

 

وللحرصِ على تقصِّي وسائلِ إسعادِ الطرفِ الآخرِ، دورٌ مثبت في إيقادِ أواصرِ المحبَّة، وإطفاء نارِ الشحناءِ؛ فإدخالُ الزوجةِ السرورَ إلى قلبِ زوجِها، وطاعته فيما ليس فيه معصيةُ الخالقِ - يَرفَع من قدرِها عنده ويُعلِيه، ويَزِيد من احترامِها وحبِّها في قلبه، وما أعظمَ الحديث الشريف - حين مدح تلك المرأةَ الصالحة -: ((ما استفاد المؤمنُ بعد تقوى الله خيرًا له من زوجةٍ صالحةٍ؛ إن أمَرَها أطاعتْه، وإن نَظَر إليها سرَّتْه، وإن أَقسَم عليها أبرَّتْه، وإن غَابَ عنها نَصَحتْه في نفسِها ومالِه))[6].

 

وفي الوقتِ نفسِه، فإن سعيَ الزوجِ إلى تعهُّد إدخالِ السرورِ في قلبِ شريكةِ حياتِه، وإبداءِ جانبِ اللينِ والرحمةِ نحوَها - لا يَقدَحُ في رجولتِه، ويُخطِئُ من الرجال مَن يَعتَقِد بأن تنفيذَه لتلك المطالبِ، أو غضَّ بصرِه أحيانًا عما يَبدُو من هفواتٍ، يَجرح في شخصيتِه، ويُجَانِبُ الحقَّ مَن يَـعُدُّ ذلك ضربًا من الانقيادِ والخضوعِ؛ بل نرى الزوجَ هنا، وهو يستشعر  قوله - عليه الصلاة والسلام -: ((أكملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهم خلقًا، وخيارُكم خيارُكم لنسائهم))[7].

 

ومما يَجِبُ ذكرُه - في معرضِ حديثِنا حول الخلافاتِ الزوجيةِ - أهميةُ البعدِ عن ذكرِ ما قد نَشِب من مشكلاتٍ قديمةٍ تَمَّت تسويتُها؛ ففتحُ ملفَّاتٍ سابقةٍ كتلك، يكدِّر صفوَ الحياةِ، ويَجعَلُها مشحونةً بالغضبِ الدائمِ؛ إذ تُحَاصِر تلك الذكرى الشريكَينِ بطوقٍ لا نجاةَ منه، وتُبعِدُهما عن نعيمِ الحياةِ الهادئة؛ ولذلك يَجِبُ: عدمُ التطرُّق إلى ذكرِ ما كان من أخطاءٍ في الماضي، وأخذُ العبرةِ مما قد حدث من زلاتٍ، ودفنُ الموضوعِ بصورةٍ نهائية، وإبرامُ اتفاقٍ على عدمِ الخوضِ في ذاك الحديث مرَّة أخرى.

 

وقد يَعتَقِدُ بعضُ الأزواج أن اعترافَه بالذنبِ أمام شريكِ حياتِه، حينما يَصدُر منه خطأٌ ما - يَقدَحُ في كبريائه، أو يقلِّل من شأنِه، وهذا بلا شكٍّ دعوى باطلةٌ؛ فكلُّنا نُخطِئ ونَهفُو، مهما كانت درجةُ وَعْـيِنا، وإقرارُنا بالذنبِ عند الخطأ أمرٌ محمودٌ، يقدِّره لنا الآخرون، ويَعمَل على تخليصِنا من جدالٍ طويلٍ، ونقاشٍ عقيمٍ، نُدَافِع فيه عن أنفسِنا من غير وجهِ حقٍّ.

 

وقد يُعجِبنا أحيانًا تصرُّف صدَر عن شخصٍ ما، أو صفةٌ حميدةٌ امتاز بها أحدُهم أثناء وقوعِه في مشكلةٍ أُسرِيَّة، ولم يتحلَّ بها شريكُ الحياةِ، فما التصرُّف السليم في حالة كتلك؟ وكيف نَنجَح في تبليغِ الرسالة في مثلِ هذا الموقف؟

 

نحن هنا أمامَ خيارَينِ لا ثالثَ لهما: أوَّلُهما اتباعُ الطريقةِ الأسرعِ، بإجراءِ مقارنةٍ مباشرةٍ، وتوجيهِ نقدٍ صريحٍ، بعباراتٍ من مثل: "انظر يا زوجي إلى فلانٍ وهو يفعلُ كذا، ويقول كذا، وانظر إلى حِلمه مع أسرته وصبره عليها، فأين أنت من ذلك؟"، أو "انظري إلى فلانة، لِمَ لا تكونِي مثلَها إن أخطأت، فتفعلي كذا وكذا؟"، وما إلى ذلك من حديثٍ مشابهٍ، يَنجَحُ في تغذيةِ شعورِ الآخر بالنقصِ، وإثارةِ ما لديه من مشاعرِ الغَيْرَةِ الدفينةِ، والحسد المذمومة.

 

والخيارُ البديلُ هنا، هو تحيُّن أوقاتِ الصفاءِ، وإبداءُ الإعجابِ بخَصْلَةٍ ما في سياقِ الحديثِ بشكلٍ غيرِ مباشرٍ، دونَ تطرُّق إلى ذكرِ اسمِ أحدٍ، ولا شكَّ بأن الطرفَ الآخرَ سيَفهَم مرادَ ما نقولُ، ونحن بذلك نَقتَفِي السنة، ونَسِير على هَدْيِ الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - حين كان يَفعَلُ هذا أحيانًا بين أصحابِه، فيحثُّهم على فعلِ الخيرِ بمديح فاعلِه، دونَ أمرٍ مباشرٍ منه بالقيامِ بما فعل، وكان أن فَهِم الصحابةُ ما رمى إليه رسولُهم - عليه الصلاة والسلام - فسَارَعوا إلى الاقتداءِ بفعلِ ذاك الشخص الممدوح.

 

ومن الأمورِ التي تَحمِل بين طيَّاتِها أهميةً بالغةً، ما يَظهَر من غفلةِ الكثيرِ من الأزواج عن الاهتمامِ بالعناية بالنظافة والمظهرِ العامِّ، وما يَنجُمُ عن ذلك من تبعاتٍ وتركاتٍ، يأتِي في مقدِّمتها نفورُ الشريكِ وإعراضُه، وهو سببٌ رئيسٌ يَلحَقُه ظهور سحائبَ جديدةٍ من المشكلات في سماءِ الأسرة، وما أعظم إذًا أن نضعَ نُصْبَ أعينِنا تعاليمَ الدينِ الحنيفِ، حين نادت بتعهُّد الطهارةِ والنظافة، ومن ذلك الحديث: (( الإسلامَ نظيفٌ؛ فتنظَّفوا، فإنه لا يدخل الجنَّة إلا نظيفٌ))[8] ، وأين مَن أهملَ ذلك مِن النساءِ من الحديث الذي جاء فيه: أنَّ حسنَ تبعُّل المرأة لزوجِها، وطلبَها مرضاتِه، واتباعَها موافقتَه - تعدلُ أجرِ حضورِ الرجالِ للجمعةِ والجماعاتِ، وعيادةِ المرضى، وشهودِ الجنائز، والحجِّ والجهاد؟[9] وأين الرجال مما ورد من قولِ ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -: "إني لأحبُّ أن أتزيَّن للمرأةِ، كما أحبُّ أن تتزيَّنَ لي"؟[10] ومن جوامعِ الكَلِم التي جَمَعت خصالَ طهارةِ البدنِ، والاهتمامَ بمنظرِ المسلم العامِّ - حديثُ الفطرةِ المعروفُ: ((عشرٌ من الفطرةِ : قصُّ الشاربِ، وإعفاءُ اللحيةِ، والسواكُ، واستنشاقُ الماءِ، وقصُّ الأظافرِ، وغسلُ البَرَاجِم، ونتفُ الإبْطِ، وحلقُ العانةِ، وانتقاصُ الماءِ))[11].

 

والبَراجِم: هي عقدُ الأصابعِ في ظهرِ الكفِّ، وانتقاصُ الماءِ: يعني: نظافةَ الخارجِ من السبيلينِ.

 

فللعنايةِ بالمظهرِ العامِّ في حياةِ المسلمِ الزوجيةِ إذًا شأنٌ هامٌّ، وكثيرًا ما يَشتَكِي بعضُ الأزواجِ من غياب عاملِ الجذبِ هذا، وذوبانِه التدريجي مع مسؤولياتِ المرأةِ يومًا بعد يومٍ، وحبَّذا لو أعادت نساءُ هؤلاء النظرَ في ذلك، وحبَّذا لو أَعطَينَ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، فيَعمَلْن بإخلاصٍ على إضفاءِ لمساتٍ خفيفات، إلى ما يخصُّ هذا الجانبَ في حياتهنَّ الخاصة، فتتجدَّد لها المشاعرُ، وتَحيَا بها القلوب.

 

وفي خضمِّ هذه الحياةِ، تُواجِه الأسرةُ من الهمومِ الشيءَ الكثيرَ، وفيها من المتاعبِ ما يَنجَحُ في إزالةِ البسمةِ عن شفاهِنا، وملءِ النفسِ بالضيقِ والضجرِ، وما أعظمَها إذًا محاولة محوِ ما عَلِق بالجسدِ والروحِ من بواقِي المشكلات وشوائبِها، بخلْقِ جوٍّ لطيفٍ من المرحِ، وبعض المزاحِ المشروع في منازلِنا، وزرعِ الابتسامة على شفاهنا دومًا.

 

وما أشرقَها من صورةٍ، تلك التي نرى فيها المرأةَ تَستَقبِل زوجَها بابتسامةٍ وضَّاءةٍ عند دخولِه المنزل، معبِّرةً عن شوقِها لعودته، ثم تَروِي له أطرفَ ما حَدَث في غيابِه، أو تَحكِي له عن تصرُّفات أطفاله اللطيفة، وتسألُه عن يومِه أثناءَ خروجِه من المنزلِ، مبديةً اهتمامَها به، وما أعظمَ أيضًا موقف الرجل وهو يبادِلُ الإحسانَ بالإحسانِ، كيف لا؟ وهو يعرف مثلاً أن بشاشةَ الوجهِ من صفاتِ نبيِّنا الكريم، الذي تَصِفه عائشةُ - رضي الله عنها - لما سُـئلت: كيف كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا خلا في البيت؟ فقالت: كان ألينَ الناسِ، وأكرمَ الناسِ، كان رجلاً من رجالكم، إلا أنه كان ضحَّاكًا بسَّامًا[12].

 

وعلى النقيضِ من ذلك، يحدثُ أن تستقبلَ المرأة زوجَها بوجهٍ عبوسٍ قمطريرٍ، ثم تنهالُ عليه بالشكوى من حالِها وحالِ أطفالِها وإزعاجِهم الدائمِ لها؛ مما يدفعُ الرجلَ إلى الهروبِ من أجواءٍ كتلك، والبحثِ عن ظروفٍ مختلفةٍ خارجَ المنزلِ، ولا يعودُ هذا إلى بيتِه إلا في أوقاتٍ متأخِّرة، ليخلدَ إلى النومِ مباشرةً؛ حرصًا منه على تجنُّب إثارةِ نقاشٍ لا طائلَ منه، وسدًّا لنافذةٍ تطلُّ على حقلٍ كبيرٍ من المشكلات الجديدة.

 

ختامًا، علَّ تلك الكلماتِ الوجيزاتِ، تَجِدُ لها في نفوسِ أُسَرِنا صدًى، وتَلقَى منها اهتمامًا، وعلَّنا نُعَاهِد أنفسَنا على أن نعملَ جاهدين في بناءِ أسرةٍ مسلمة، ملءُ حياتِها الصفاءُ والنقاءُ؛ لتُنْشِئَ أجيالاً، تكونُ أملاً مُشرِقًا لمستقبلٍ أفضلَ لهذه الأمَّة، وليتنا نُدرِكُ أنَّ العمرَ أقصرُ من أن نَقضِيَه في همومٍ مفتعلةٍ نَصنَعُها نحن بأيدينا، فما أعظمَ الحياةَ الزوجية، وقد بُنِيتْ على أساسٍ من الحبِّ، والتفاهمِ والإخلاصِ، والتشاور في شؤون الدين والدنيا، بين زوجَين خُـلِقا ليسكنَ كلٌّ منهما للآخرِ، فلنَستَهلِك حياتَنا إذًا في هدوءٍ وسكينةٍ، ولنَسعَ لإرضاءِ ربِّنا وعبادته، ولنعملْ بجدٍّ على تنمية نواةِ الأسرة المترابطة، وسدِّ منافذِ ما يَعتَرِيها من مشكلاتٍ وهمومٍ.


[1] رواه مسلم برقم 2813 الجزء الرابع، صفحة 2167 .

[2] شعب الإيمان للبيهقي برقم 4942، الجزء الرابع، صفحة 242.

[3] صحيح مسلم برقم 1468، الجزء الثاني ، صفحة 1091.

[4] سنن ابن ماجه برقم 1854، الجزء الأول، صفحة 595.

[5] رواه مسلم برقم 1469 ، الجزء الثاني، صفحة 1091

[6] رواه ابن ماجه برقم 1857، الجزء الأول، صفحة 596.

[7] رواه الترمذي برقم 1162، الجزء الثالث، صفحة 466.

[8] المعجم الأوسط للطبراني، برقم 4893، الجزء الخامس، صفحة 139.

[9] الحديث في شعب الإيمان للبيهقي برقم 8743، الجزء السادس، صفحة 421.

[10] الحديث في مصنف ابن أبي شيبة برقم 19263، الجزء الرابع، صفحة 196.

[11] رواه مسلم برقم 261، الجزء الأول، صفحة 223.

[12] مسند إسحاق بن راهويه  برقم 1750، الجزء الثالث، صفحة 1008.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأسرة المسلمة نواة مجتمعها
  • الأسرة المسلمة في زمن العولمة
  • مآل الأسرة المسلمة في الآخرة
  • تربية الأولاد مسؤولية الأسرة المسلمة
  • الأسرة المسلمة وصيانتها من أخطار العولمة
  • التعاون العائلي في سبيل الآخرة والجنة
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل نطاق الأسرة (1)
  • الأسرة المسلمة التي ننشدها
  • الخطة المالية للأسرة
  • دور الهدي الإسلامي في معالجة الظواهر الاجتماعية السلبية داخل الأسرة المسلمة
  • الأسرة السعيدة بين الواقع والمأمول (خطبة)
  • منهج تربوي للأسرة في يومها من الاستيقاظ حتى المبيت
  • الأسرة المسلمة (خطبة)
  • إدارة الأزمات في الأسرة المسلمة ( رؤية تربوية )

مختارات من الشبكة

  • وحبي يمتد إليكِ!(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حكمتي إليكِ(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • أيتها المقصلة.. أيتها السنبلة (شعر تفعيلة)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • إليك أيتها المسلمة (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • أيتها الزوجة المسلمة: كوني أجمل النساء(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • حديث الشوق(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أم المدائن (قصيدة تفعيلة)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • رسائلي الخمس إلى ابنتي...(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مهجة قلبي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نظام الأسرة المسلمة من خلال التصنيف الموضوعي لآيات القرآن الكريم (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب