• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / أزواج وزوجات
علامة باركود

قوامة الرجل على المرأة

عصام بن محمد الشريف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/3/2017 ميلادي - 29/6/1438 هجري

الزيارات: 24208

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قوامة الرجل على المرأة

 

إن القوامة تكليف من الله تعالى إلى الرجل لحسن رعاية الأسرة، وهي ليست تسلطا، ولكنها مسؤولية تتكامل بها أنشودة الأسرة التي تحب أن تعيش في سعادة، يرضى عنها الله، وتشارك في مجتمع معافى من ميكروبات التخلخل والضياع[1].

وقد كلف الله تعالى الرجل تكليفا مباشرا وواضحا بقوامة البيت وسياسته ورعاية شئونه، فهو المسؤول الأول المنوط به هذه المسؤولية الكبيرة، والأدلة على ذلك واضحة لا خلاف فيها.

 

أولًا: من القرآن الكريم:

قال تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء:34].

1- تفسير ابن كثير رحمه الله[2]:

يقول الله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾، أي الرجل قيم على المرأة، أو هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، يعني أمراء عليهن، أي تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته، وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله.

﴿ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾؛ أي لأن الرجال أفضل من النساء، والرجل خير من المرأة؛ ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، وكذلك الملك الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)[3].

﴿ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾، أي: من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم والأفضال لهن، فناسب أن يكون قيما عليها كما قال تعالى: ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾.

 

2- تفسير القرطبي رحمه الله[4]:

يقول القرطبي رحمه الله: ودلت هذه الآيات على تأديب الرجال نساءهم، فإذا حفظن حقوق الرجال فلا ينبغي أن يسيء الرجل عشرتها. ثم قال رحمه الله: فقيام الرجال على النساء هو على هذا الحد، وهو أن يقوم بتدبيرها وتأديبها وإمساكها في بيتها، ومنعها من البروز، وأن عليها طاعته وقبول أمره ما لم تكن معصية، وتعليل ذلك بالفضيلة والنفقة والعقل والقوة، في أمر الجهاد والميراث والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

3- يقول صاحب ظلال القرآن رحمه الله[5]:

ولا بد -قبل الدخول في تفسير هذه النصوص القرآنية وبيان أهدافها النفسية والاجتماعية- من بيان مجمل لنظرة الإسلام إلى مؤسسة الأسرة، ومنهجه في بنائها والمحافظة عليها، وأهدافه منها... بيان مجمل بقدر الإمكان؛ إذ إن التفصيل فيه يحتاج إلى بحث مطول خاص:

إن الذي خلق هذا الإنسان جعل من فطرته (الزوجية)، شأنه شأن كل شيء خلقه في هذا الوجود: ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الذاريات: 49].

ثم شاء أن يجعل الزوجين في الإنسان شطرين للنفس الواحدة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾ [النساء:1].

 

وأراد بالتقاء شطري النفس الواحدة - بعد ذلك فيما أراد، أن يكون هذا اللقاء سكنا للنفس، وهدوءًا للعصب، وطمأنينة للروح، وراحة للجسد.. ثم سترا وإحصانا وصيانة... ثم مزرعة للنسل وامتداد الحياة، مع ترقيها المستمر، في رعاية المحضن الساكن الهادئ المطمئن المستور المصون:

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم:21]...

﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة:187]..

﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [البقرة: 223]..

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]..

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الطور:21].

 

ومن تساوي شطري النفس الواحدة في موقفهما من الله، ومن تكريمه للإنسان، كان ذلك التكريم للمرأة وتلك المساواة في حقوق الأجر والثواب عند الله، وفي حقوق التملك والإرث، وفي استقلال الشخصية المدنية.. التي تحدثنا عنها في الصفحات السابقة من هذا الدرس.

 

ومن أهمية التقاء شطري النفس الواحدة، لإنشاء مؤسسة الأسرة. ومن ضخامة تبعة هذه المؤسسة أولا: في توفير السكن والطمأنينة والستر والإحصان للنفس بشطريها، وثانيا: في إمداد المجتمع الإنساني بعوامل الامتداد والترقي... كانت تلك التنظيمات الدقيقة المحكمة التي تتناول كل جزئية من شئون هذه المؤسسة.. وقد احتوت هذه السورة جانبا من هذه التنظيمات هو الذي استعرضناه في الصفحات السابقة من أول هذا الجزء؛ تكملة لما استعرضناه منها في الجزء الرابع.. واحتوت سورة البقرة جانبا آخر، هو الذي استعرضناه في الجزء الثاني. واحتوت سورة أخرى من القرآن، وعلى الأخص سورة النور في الجزء الثامن عشر، وسورة الأحزاب في الجزأين الحادي والعشرين، والثاني والعشرين وسورة الطلاق وسورة التحريم في الجزء الثامن والعشرين.. ومواضع أخرى ومتفرقة في السور، جوانب أخرى تؤلف دستورا كاملا شاملا دقيقا لنظام هذه المؤسسة الإنسانية؛ وتدل بكثرتها وتنوعها ودقتها وشمولها، على مدى الأهمية التي يعقدها المنهج الإسلامي للحياة الإنسانية على مؤسسة الأسرة الخطيرة!

 

ونرجو أن يكون قارئ هذه الصفحة على ذكر مما سبق في صفحات هذا الجزء نفسه، عن طفولة الطفل الإنساني، وطولها، وحاجته في خلالها إلى بيئة تحميه أولا حتى يستطيع أن يكسب رزقه للمعاش؛ وأهم من هذا أن تؤهله، بالتربية، إلى وظيفته الاجتماعية؛ والنهوض بنصيبه في ترقية المجتمع الإنساني، وتركه خيرا مما تسلمه، حين جاء إليه! فهذا الكلام ذو أهمية خاصة في بيان قيمة مؤسسة الأسرة؛ ونظرة المنهج الإسلامي إلى وظائفها، والغاية منها، واهتمامها بصيانتها، وحياطتها من كل عوامل التدمير من قريب ومن بعيد..

 

وفي ظل هذه الإشارات المجملة إلى طبيعة نظرة الإسلام للأسرة وأهميتها؛ ومدى حرصه على توفير ضمانات البقاء والاستقرار والهدوء في جوها.. إلى جانب ما أوردناه من تكريم هذا المنهج للمرأة، ومنحها استقلال الشخصية واحترامها؛ والحقوق التي أنشأها لها إنشاء - لا محاباة لذاتها ولكن لتحقيق أهدافه الكبرى من تكريم الإنسان كله ورفع الحياة الإنسانية - نستطيع أن نتحدث عن النص الأخير في هذا الدرس، الذي قدمنا للحديث عنه بهذا الإيضاح:

إن هذا النص - في سبيل تنظيم المؤسسة الزوجية وتوضيح الاختصاصات التنظيمية فيها لمنع الاحتكاك فيها بين أفرادها، بردهم جميعا إلى حكم الله لا حكم الهوى والانفعالات الشخصية - يحدد أن القوامة في هذه المؤسسة للرجل، ويذكر من أسباب هذه القوامة: تفضيل الله للرجل بمقومات القوامة، وما تتطلبه من خصائص ودربة و.. تكليف الرجل الإنفاق على المؤسسة.

 

وبناء على إعطاء القوامة للرجل، يحدد كذلك اختصاصات هذه القوامة في صيانة المؤسسة من التفسخ، وحمايتها من النزوات العارضة، وطريقة علاج هذه النزوات -حين تعرض- في حدود مرسومة- وأخيرا يبين الإجراءات -الخارجية- التي تتخذ عندما تفشل الإجراءات الداخلية، ويلوح شبح أخطر على المؤسسة؛ التي لا تضم شطري النفس الواحدة فحسب، ولكن تضم الفراخ الخضر، الناشئة في المحضن، المعرضة للبوار والدمار. فلننظر فيما وراء كل إجراء من هذه الإجراءات من ضرورة، ومن حكمة، بقدر ما نستطيع: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34]..

 

إن الأسرة - كما قلنا - هي المؤسسة الأولى في الحياة الإنسانية. الأولى من ناحية أنها نقطة البدء التي تؤثر في كل مراحل الطريق. والأولى من ناحية الأهمية لأنها تزاول إنشاء العنصر الإنساني وهو أكرم عناصر هذا الكون، في التصور الإسلامي.

وإذا كانت المؤسسات الأخرى الأقل شأنًا، والأرخص سعرًا: كالمؤسسات المالية والصناعية والتجارية... وما إليها... لا يوكل أمرها -عادة- إلا لأكفأ المرشحين لها؛ ممن تخصصوا في هذا الفرع علميا، ودربوا عليه عمليا، فوق ما وهبوا من استعدادات طبيعية للإدارة والقوامة... إذا كان هذا هو الشأن في المؤسسات الأقل شأنًا والأرخص سعرًا... فأولى أن تتبع هذه القاعدة في مؤسسة الأسرة، التي تنشئ أثمن عناصر الكون.. العنصر الإنساني..

 

والمنهج الرباني يراعي هذا. ويراعي به الفطرة، والاستعدادات الموهوبة لشطري النفس لأداء الوظائف المنوطة بكل منها وفق هذا الاستعدادات، كما يراعي به العدالة في توزيع الأعباء على شطري النفس الواحدة.

والعدالة في اختصاص كل منها بنوع الأعباء المهيأ لها، المعان عليها من فطرته واستعداداته المتميزة المتفردة.. والمسلم بها ابتداء أن الرجل والمرأة كلاهما من خلق الله وأن الله - سبحانه - لا يريد أن يظلم أحدا من خلقه، وهو يهيئه ويعده لوظيفة خاصة، ويمنحه الاستعدادات اللازمة لإحسان هذه الوظيفة!

 

وقد خلق الله الناس ذكرا وأنثى.. زوجين على أساس القاعدة الكلية في بناء هذا الكون.. وجعل من وظائف المرأة أن تحمل وتضع وترضع وتكفل ثمرة الاتصال بينها وبين الرجل.. وهي وظائف ضخمة أولا وخطيرة ثانيا. وليست هينة ولا يسيرة، بحيث تؤدي بدون إعداد عضوي ونفسي وعقلي عميق غائر في كيان الأنثى! فكان عدلا كذلك أن ينوط بالشطر الثاني -الرجل- توفير الحاجات الضرورية. وتوفير الحماية كذلك للأنثى؛ كي تتفرغ لوظيفتها الخطيرة؛ ولا يحمل عليها أن تحمل وتضع وترضع وتكفل.. ثم تعمل وتكد وتسهر لحماية نفسها وطفلها في آن واحد!

وكان عدلا كذلك أن يمنح الرجل من الخصائص في تكوينه العضوي والعصبي والعقلي والنفسي ما يعينه على أداء وظائفه هذه. وأن تمنح المرأة في تكوينها العضوي والعصبي والعقلي والنفسي ما يعينها على أداء وظيفتها تلك.

وكان هذا فعلا.. ولا يظلم ربك أحدًا..

 

ومن ثم زودت المرأة - فيما زودت به من الخصائص- بالرقة والعطف، وسرعة الانفعال والاستجابة العاجلة لمطالب الطفولة - بغير وعي ولا سابق تفكير- لأن الضرورات الإنسانية العميقة كلها - حتى في الفرد الواحد - لم تترك لأرجحة الوعي والتفكير وبطئه، بل جعلت الاستجابة لها غير إرادية! لتسهل تلبيتها فورا وفيما يشبه أن يكون قسرا. ولكنه قسر داخلي غير مفروض من الخارج؛ ولذيذ ومستحب في معظم الأحيان كذلك، لتكون الاستجابة سريعة من جهة ومريحة من جهة أخرى- مهما يكن فيها من المشقة والتضحية! صنع الله الذي أتقن كل شيء.

وهذه الخصائص ليست سطحية؛ بل هي غائرة في التكوين العضوي والعصبي والعقلي والنفسي للمرأة..

بل يقول كبار العلماء المختصين: إنها غائرة في تكوين كل خلية؛ لأنها عميقة في تكوين الخلية الأولى، التي يكون من انقسامها وتكاثرها الجنين، بكل خصائصه، الأساسية!

 

وكذلك زود الرجل - فيما زود به من الخصائص - الخشونة والصلابة، وبطء الانفعال والاستجابة، واستخدام الوعي والتفكير قبل الحركة والاستجابة؛ لأن وظائفه كلها - من أول الصيد الذي كان يمارسه في أول عهده بالحياة إلى القتال الذي كان يمارسه دائما - لحماية الزوج والأطفال. إلى تدبير المعاش.. إلى سائر تكاليفه في الحياة.. لأن وظائفه كلها تحتاج إلى قدر من التروي قبل الإقدام، وإعمال الفكر، والبطء في الاستجابة بوجه عام! وكلها عميقة في تكوينه عمق خصائص المرأة في تكوينها..

وهذه الخصائص تجعله أقدر على القوامة، وأفضل في مجالها.. كما أن تكليفه بالإنفاق -وهو فرع من توزيع الاختصاصات- يجعله بدوره أولى بالقوامة؛ لأن تدبير المعاش للمؤسسة ومن فيها داخل في هذه القوامة، والإشراف على تصريف المال فيها أقرب إلى طبيعة وظيفته فيها..

وهذان هما العنصران اللذان أبرزهما النص القرآني وهو يقرر قوامة الرجال على النساء في المجتمع الإسلامي.

 

قوامة لها أسبابها في التكوين والاستعداد. ولها أسبابها من توزيع الوظائف والاختصاصات. ولها أسبابها من العدالة في التوزيع من ناحية؛ وتكليف كل شطر - في هذا التوزيع - بالجانب الميسر له، والذي هو معان عليه من الفطرة.

وأفضليته في مكانها.. في الاستعداد للقوامة والدربة عليها.. والنهوض بها بأسبابها.. لأن المؤسسة لا تسير بلا قوامة -كسائر المؤسسات الأقل شأنا والأرخص سعرا-، ولأن أحد شطري النفس البشرية مهيأ لها. معان عليها، مكلف تكاليفها. وأحد الشطرين غير مهيأ لها، ولا معان عليها.. ومن الظلم أن يحملها ويحمل تكاليفها إلى جانب أعبائه الأخرى.. وإذا هو هيئ لها بالاستعدادات الكامنة، ودرب عليها بالتدريب العلمي والعملي، فسد استعداده للقيام بالوظيفة الأخرى.. وظيفة الأمومة: لأن لها هي الأخرى مقتضياتها واستعداداتها. وفي مقدمتها سرعة الانفعال، وقرب الاستجابة فوق الاستعدادات الغائرة في التكوين العضوي والعصبي؛ وآثارها في السلوك والاستجابة!

 

إنها مسائل خطيرة.. أخطر من أن تتحكم فيها أهواء البشر.. وأخطر من أن تترك لهم يخبطون فيها خبط عشواء.. وحين تركت لهم ولأهوائهم في الجاهليات القديمة والجاهليات الحديثة، هددت البشرية تهديدا خطيرا في وجودها ذاته؛ وفي بقاء الخصائص الإنسانية، التي تقوم بها الحياة الإنسانية وتتميز. ولعل من الدلائل التي تشير بها الفطرة إلى وجودها وتحكمها؛ ووجود قوانينها المتحكمة في بني الإنسان، حتى وهم ينكرونها ويرفضونها ويتنكرون لها..

لعل من هذه الدلائل ما أصاب الحياة البشرية من تخبط وفساد، ومن تدهور وانهيار؛ ومن تهديد بالدمار والبوار، في كل مرة خولفت فيها هذه القاعدة. فاهتزت سلطة القوامة في الأسرة، أو اختلطت معالمها، أو شذت عن قاعدتها الفطرية الأصيلة!

ولعل من هذه الدلائل: توقان نفس المرأة ذاتها إلى قيام هذه القوامة على أصلها الفطري في الأسرة، وشعورها بالحرمان والنقص والقلق وقلة السعادة؛ عندما تعيش مع رجل، لا يزاول مهام القوامة؛ وتنقصه صفاتها اللازمة؛ فيكل إليها هي القوامة! وهي حقيقة ملحوظة تسلم بها حتى المنحرفات الخابطات في الظلام!

 

ولعل من هذه الدلائل أن الأطفال - الذين ينشؤون في مؤسسة عائلية القوامة فيها ليست للأب؛ إما لأنه ضعيف الشخصية، بحيث تبرز عليه شخصية الأم وتسيطر، وإما لأنه مفقود: لوفاته - أو لعدم وجود أب شرعي! - قلما ينشؤون أسوياء. وقل ألا ينحرفوا إلى الشذوذ ما، في تكوينهم العصبي والنفسي، وفي سلوكهم العملي والخلقي..

فهذه كلها بعض الدلائل، التي تشير بها الفطرة إلى وجودها وتحكمها، ووجود قوانينها المتحكمة في بني الإنسان، حتى وهم ينكرونها ويرفضونها ويتنكرون لها!

 

ولا نستطيع أن نستطرد أكثر من هذا - في سياق الظلال - عن قوامة الرجل ومقوماتها ومبرراتها، وضرورتها وفطريتها كذلك.. ولكن ينبغي أن نقول: إن هذه القوامة ليس شأنها إلغاء شخصية المرأة في البيت ولا في المجتمع الإنساني؛ ولا إلغاء وضعها (المدني) -كما بينا ذلك من قبل- وإنما هي وظيفة -داخل كيان الأسرة- لإدارة هذه المؤسسة الخطيرة، وصيانتها وحمايتها.

ووجود القيم في مؤسسة ما، لا يلغي وجود ولا شخصية ولا حقوق الشركاء فيها، والعاملين في وظائفها؛ فقد حدد الإسلام في مواقع أخرى صفة قوامة الرجل وما يصاحبها من عطف ورعاية، وصيانة وحماية، وتكاليف في نفسه وماله، وآداب في سلوكه مع زوجه وعياله.

 

4- أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير[6].

يروى في سبب نزول هذه الآية أن سعد بن الربيع[7] رضي الله عنه أغضبته امرأته فلطمها فشكاه وليها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كأنه يريد القصاص، فأنزل الله تعالى هذه الآية: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34] فقال ولي المرأة: أردناه وأراد الله غيره، وما أراد الله خير. ورضي بحكم الله تعالى وهو أن الرجل ما دام قواما على المرأة يرعاها ويربيها ويصلحها بما أوتي من عقل أكمل من عقلها، وعلم أغرز من علمها غالبا، وبعد نظر في مبادئ الأمور ونهايتها أبعد من نظرها، يضاف إلى ذلك أنه دفع مهرا لم تدفعه، والتزم بنفقات لم تلتزم هي بشيء منها، فلما وجبت له الرئاسة عليها وهي رئاسة شرعية كان له الحق أن يضربها بها لا يشين جارحة أو يكسر عضوا، فيكون ضربه لها كضرب المؤدب لمن يؤدبه ويربيه.

 

5- روائع البيان في تفسير آيات الأحكام[8].

يقول الشيخ الصابوني حفظه الله تحت عنوان (لطائف التفسير):

أولًا من القران: علل تعالى قوامة الرجل على النساء بتعليلين: أحدهما: وهبي، والآخر: كسبي، وأورد العبارة بصيغة المبالغة ﴿ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾ للإشارة إلى كامل الرئاسة والولاية عليهن كما يقوم الولاة على الرعايا، فلهم حق الأمر والنهي والتدبير والتأديب.

وعليهم كامل المسؤولية في الحفظ والرعاية والصيانة، وهذا هو السر في مجيء الجملة اسمية.

 

ثم قال حفظه الله في لطيفة أخرى:

ورد النظم الكريم: ﴿ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾، ولو قال: (بما فضلهم عليهن) أو قال: (بتفضيلهم عليهن) لكان أوجز وأخصر، ولكن التعبير ورد بهذه الصيغة لحكمة جليلة، وهي إفادة المرأة من الرجل، والرجل من المرأة بمنزلة الأعصاب من جسم الإنسان.

فالرجل بمنزلة الرأس والمرأة بمنزلة البدن، ولا ينبغي أن يتكبر عضو على عضو، لأن كل واحد يؤدي وظيفته في الحياة، فالأذن لا تغني عن العين، واليد لا تغني عن القدم، ولا عار على الشخص أن يكون قلبه أفضل من معدته، ورأسه أشرف من يده، فالكل يؤدي دوره بانتظام، ولا غنى لواحد عن الآخر.

ثم للتعبير حكمة أخرى؛ وهي الإشارة إلى أن هذا التفضيل إنما هو للجنس، لا لجميع أفراد الرجال على جميع أفراد النساء، فكم من امرأة تفضل زوجها في العلم والدين والعمل، كما يقول الشاعر:

ولو كان النساء كمن ذكرنا ♦♦♦ لفُضِّلَتِ النساء على الرجالِ

 

ثانيًا من السنة:

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسئول عن رعيته، والرجل راعي في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها)، فلنتأمل كيف حصر النبي صلى الله عليه وسلم وظيفتها في بيت زوجها، حيث إن مقتضى الفطرة اختصاص المرأة بالحمل والرضاع وحضانة الأطفال وتربيتهم وتدبير المنزل بجميع شئونه.

 

ثالثًا: من العقل:

فإن يجب أن توكل إليه مسؤولية القوامة لا بد أن يتصف بصفات معينة تؤهله لتحمل تبعاتها والقيام بمهامها على خير وجه، وهذه الصفات هي:

1- كمال الجسم.

2- كمال العقل.

3- كمال الدين.

4- القيام بالإنفاق.

وهذه الأمور الأربعة متوفرة للرجال عن النساء.

 

فالمرأة تحت ظروف الحمل والرضاع والحيض وما يتبع ذلك، تكون ضعيفة البنية بما لا تتحمل معه المشاق التي يواجهها الجسم.

وهي أيضًا ناقصة عقل ودين كما في حديث مسلم المشهور الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (... أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي لا تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين).

أما الإنفاق، فأوجبت الشريعة على الرجل صداقا للمرأة إذا ما رغب الزواج منها، وكلفه بالإنفاق عليها وعلى أولادها ولم يكلفها هي؛ ولذلك فإن لطف الله تعالى بالمرأة (إعفاءها من مسؤولية الإنفاق، وإعفاءها كذلك من مسؤولية القوامة، وأناطهما بالرجل، يتحمل وحده شقاءهما وينعمان معا بثمرهما)[9].

 

وإذا أردنا أن نعقد مقارنة بين الرجل والمرأة لنوضح الفروق بينهما نجد:

• تخصيص النبوة والرسالة بالرجل.

• تخصيص فرضية الجهاد الشرعي بالرجل.

• تخصيص القوامة الأدبية والتعليمية والتربوية بالرجل في المقام الأول.

• جعل الإسلام شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل أمام القضاء.

• ميراث المرأة أقل من ميراث الرجل في غالب الأحوال.

• جعل الإسلام الطلاق بيد الرجل.

فمن هذه الفروق وغيرها نجد أنه لا بد أن يكون هناك مسؤولية للرجال تختلف عن النساء، وأن الرجل بفطرته، وبما خصه الله تعالى من فروق عن المرأة، أقدر أن يسوس أمور البيت ويقودها، فيصبح هو القيم، الذي تتعاون معه المرأة في بناء بيت أصوله راسخة، وفروعه شامخة، لا يهتز ولا ينهار، فكل فرد فيه يعرف ما له وما عليه.

 

سلسلة المرأة الصالحة، دار الصفوة بالقاهرة، 1437 هـ، 2016 م



[1] استوصوا بالنساء خيرًا للدكتور عبد الودود شلبي (ص29).

[2] (1/ 49).

[3] رواه البخاري.

[4] (3/ 148).

[5] (2/ 652:648).

[6]) وبهامشه نهر الخير - للشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله (1/ 472).

[7] يقول الشيخ الجزائري حفظه الله: وذكر في سبب نزولها عدة أسباب، وما ذكرناه أولى بالصحة والقبول.

[8] (1/ 466).

[9] الخلافات الزوجية - للدكتور عبد الحي الفرماوي ص(18).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القوامة الشرعية للرجل
  • قوامة الأزواج في مهب الريح
  • قوامة الرجل بين الهوى والشرع
  • قوامة الرجل على المرأة تكليف وتشريف
  • قوامة الرجل للتنظيم لا للاستبداد

مختارات من الشبكة

  • من الأمور التي تخالف فيها المرأة الرجل ( القوامة )(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المرأة والقوامة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • Beda Pria dan Wanita dalam Kepemimpinan Keluarga (الفرق بين الرجل والمرأة في القوامة الزوجية) (PDF)(كتاب - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أسباب اختيار الرجل للقوامة(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • اختصاص الرجال بالقوامة الزوجية(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • شرح حديث: لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • قيومية الله عز وجل.. وقوامة الإنسان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التبرج وانهيار الأسرة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المرأة والرجل والتكاليف الشرعية(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب