• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمد بن لطفي الصباغ / مقالات
علامة باركود

فضل الشام

فضل الشام
د. محمد بن لطفي الصباغ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/9/2012 ميلادي - 15/10/1433 هجري

الزيارات: 100491

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضل الشام

 

1- إن بلاد الشام بلد واحد، طيب مبارك، وقد وردتْ نصوص من الكتاب والسنة تقرر فضله وبركته، وسنورد بعضها في هذه الكلمة.

 

وقد استقبل هذا البلد الفتح الإسلامي أطيب استقبال، هذا الفتح المبين الذي أكرمه الله به يوم أن جاءتْ جيوش الإسلام تحرِّره من الظلم والجهل والتخلف، وحمل أهله هذا الدين الجديد، وانطلقوا به مع إخوانهم من الأقطار الأخرى ينشرون دين الله، ويعلون كلمته.

 

وكانتْ دمشق بعد عهد الخلفاء الراشدين عاصمة الإسلام، ومركز الدنيا، وصارت بعد حين مركزًا علميًّا يقصدها الراغبون في نيل المعرفة وتعلم أحكام الدين.

 

إن علومًا كثيرة على مدى التاريخ كانت مزدهرة فيها، وقامت فيها الجامعات الكثيرة التي كانوا يسمونها "المدارس"، فكانت فيها مدراس للقرآن، ومدارس للقراءات، ومدارس للحديث، ومدارس للفقه بمذاهبه المختلفة، ووقف فيها المحسنون الأوقاف الكثيرة عليها.

 

وكان فيها أبطال عظماء فتحوا الفتوح، وحققوا انتصارات باهرة؛ من أمثال: الأوزاعي، ومن أمثال نور الدين الشهيد محمود زنكي، وصلاح الدين الأيوبي، وغيرهم.

 

وكان فيها من العلماء العدد الكبير؛ من أمثال: ابن الصلاح، والنووي، والمِزِّي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن عساكر، وغيرهم، إنها بلد الخير والحق والتدين والخلق الكريم.

 

ولما وقعت الكارثة العظمى، وهي سقوط الخلافة الإسلامية؛ قام النصارى فتقاسموا بلاد المسلمين، وكان ما عرف بـ "سايكس بيكو"، وتعرضت بلاد الشام إلى احتلال الفرنسيين والإنكليز الذين حكموها بالحديد والنار، فقاومهم أهلها بالثورة السورية والثورة الفلسطينية، ونشر هؤلاء الغزاة فيها - متعاونين مع البَشير - المبادئ الهدامة من الإلحاد والقومية، وقامت أحزاب محاربة للإسلام؛ كحزب البعث، والحزب الشيوعي، وغيرهما من الأحزاب، ولكن الشعب لفظ هذه الدعوات الهدامة، وكان الاتجاه الغالب في بلاد الشام الاتجاه الديني.

 

واستطاع الشعب السوري -بتوفيق الله- تحقيق جلاء الفَرنسيين عن بلادهم، وقام الحكم الوطني.

 

وسرعان ما ابتلي هذا الشعب الطيب بتسلط العسكر، الذين كانوا تلامذة الكفرة المستعمرين، فحكموا بالحديد والنار، ثم أتيحت الفرصة للمجرم الطاغية "حافظ الأسد" أن يحكم البلاد مدة طويلة نصب فيها المشانق، وملأ المعتقلات، ونكَّل بعباد الله، وخَلَفه من بعده الطاغية السفَّاك القاتل المجرم، يدمر البلاد فكريًّا، وعسكريًّا، واقتصاديًّا، وأخلاقيًّا؛ فصبر هذا الشعب الأبي أكثر من أربعين سنة، ثم كانت هذه الثورة المباركة التي قام فيها الشباب الأبطال يطلبون إسقاط النظام الظالم، يطلبون الحرية والعدالة والكرامة، وقدَّموا أكثر من مائة ألف ما بين شهيد وجريح، ماضية في تحقيق أهدافها.

 

وأما فلسطين فسلَّموها بالغدر والخيانة إلى اليهود، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

2- لا يُنكَر إثبات الفضيلة لبعض الأمكنة ولبعض الأزمنة، ولكن ذلك لا يثبت إلا بنصٍّ صحيح من الكتاب والسنة.

 

وفضل بلاد الشام ثابت بنصوص صحيحه سنوردها - إن شاء الله.

 

3- فضلها في القرآن الكريم:

ذكر شيخ الإسلام تسع آيات من القرآن الكريم تدل على فضل بلاد الشام وبركته؛ وهي:

1- ﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾ [الأعراف: 137].

 

2- ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].

 

3- ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 71].

 

4- ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 81].

 

5- ﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴾ [سبأ: 18][1].

 

6- ﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ ﴾ [القصص: 30].

 

7- ﴿ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴾ [طه: 12].

 

8- ﴿ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴾ [النازعات: 16].

 

9- ﴿ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [المائدة: 21].

 

4- وأما الأحاديث والآثار التي دلَّت على فضل بلاد الشام، فكثيرة جدًّا، وسنورد بعض ما صح منها:

1- عن ابن عمر قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا))، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا؟ قال: ((اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا))، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا؟ فأظنه قال في الثالثة: ((هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان))؛ رواه البخاري برقم 1037، وبرقم 7094، والترمذي برقم 3953، وأحمد 2/90، و118، والطبراني في الكبير، والأوسط، وانظر: السلسلة الصحيحة 5246.

 

2- عن زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نؤلف القرآن من الرقاع، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((طوبى للشام))، فقلنا: لأي ذلك يا رسول الله؟ قال: ((لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها))؛ رواه الترمذي برقم 3954، وأحمد 5/184، وابن حبان 114، والطبراني في الكبير، والحاكم 2/229، و611، وقال: على شرط الشيخين، وقال المنذري 4/11: "رواه ابن حبان في صحيحه، والطبراني بإسناد صحيح"، وقال الألباني: هو حديث صحيح.

 

3- عن عبدالله بن حوالة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ستجندون أجنادًا: جندًا بالشام، وجندًا بالعراق، وجندًا باليمن))، قال عبدالله بن حوالة: خِرْ لي يا رسول الله إن أدركت ذلك، قال: ((عليك بالشام؛ فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فأما إن أبيتم فعليكم بيَمَنكم، واسقُوا من غُدُركم؛ فإن الله توكَّل لي بالشام وأهله))؛ رواه أبو داود برقم 2483، وأحمد 4/110، 5/33 و288، وابن حبان، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وقال الألباني: صحيح جدًّا.

 

هذا وقد أورد المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/9 هذا الحديث من رواية العِرْباض بن سارية، وقال: رواه الطبراني، ورواته ثقات، ورواه البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء بنحوه، بإسناد حسن، وأورد نحو هذا الحديث عن واثلة بن الأسقع، وقال: رواه الطبراني من طريقين إحداهما حسنة.

 

4- وعن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إني رأيت عمود الكتاب انتُزِع من تحت وسادتي، فنَظرت فإذا هو نور ساطع عمد به إلى الشام، ألا إن الإيمان - إذا وقعت الفتن - بالشام)) رواه الحاكم 4/509، وأبو نعيم في الحلية 5/252، وانظر: "مجمع الزوائد" 10/58، وقال الألباني: حديث صحيح.

 

5- وعن أبي ذر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الشام أرض المحشر والمنشر))؛ قال الألباني: حديث صحيح.

 

6- وعن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة))؛ رواه الترمذي برقم 2192، وأحمد 3/436، وقال الألباني: إسناده صحيح.

 

7- عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ستخرج نار في آخر الزمان من حضرموت قبل يوم القيامة تحشر الناس))، قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال: عليكم بالشام))؛ رواه الترمذي برقم 2217، وأحمد 2/8، و53، و69، و99، و119، وقال الألباني: حديث صحيح.

 

8- وكتب أبو الدرداء إلى سلمان الفارسي: "أن هَلُمَّ إلى الأرض المقدسة"، فكتب إليه سلمان: "إن الأرض لا تقدس أحدًا، وإنما يقدس الإنسان عمله"؛ الموطأ 2/769، كتاب الوصية: الحديث 7، ومعلوم أنَّ أبا الدرداء كان في دمشق.

 

وجاء في مسند أحمد عدة أخبار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في إثبات فضل الشام وأهله:

• مثل وصفه - عليه السلام - أهل الشام: ((بأنه لا يغلب منافقوهم مؤمنين)).

 

• ومثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((رأيت كأن عمود الإسلام أخذ من تحت رأسي فأتبعته نظري، فذهب به إلى الشام)).

 

• ومثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((عقر دار المؤمنين الشام)).

 

• وجاء في الصحيحين عن معاذ بن جبل، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة)).

 

• وفي الصحيحين أيضًا عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-أنه أخبر أن ملائكة الرحمن مظلة أجنحتها بالشام)).

 

5- إن فضيلة المكان والزمان لا تُغنِي عن الإنسان شيئًا إن لم يكن هو فاضلاً، وكذلك النسب؛ فقد خاطب النبي -صلى الله عليه وسلم- عددًا من أقربائه بأسمائهم، فقال: ((اعملوا ما شئتم فإني لا أغني عنكم من الله شيئًا)).

 

روى البخاري 7534، ومسلم 2042 عن أبي هريرة قال: لما نزل قوله -تعالى-: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]، قال: ((يا معشر قريشٍ، اشتروا أنفسكم من الله، لا أُغنِي عنكم من الله شيئًا...، يا بني عبدمناف، لا أُغنِي عنكم من الله شيئًا، يا عباس بن عبدالمطلب، لا أغني عنك من الله شيئًا، ويا صفية عمة رسول الله، لا أُغنِي عنك من الله شيئًا، ويا فاطمة بنت محمد سليني ما شئتِ من مالي لا أُغنِي عنك من الله شيئًا)).

 

ومكة أفضل بقاع الأرض، والمقيم فيها إن لم يكن مستقيمًا على ما أراد الشرع لم يستفد من إقامته فيها شيئًا، بل قد تضره على ما ذهب إلى ذلك بعض أهل العلم، الذين قالوا: إن السيئات تضاعف فيها كما تضاعف الحسنات، وإن كان في هذا الذي قالوا نظر.

 

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية السؤال الآتي:

"هل تفضل الإقامة في الشام على غيره من البلاد؟ وهل جاء في ذلك نص في القرآن والأحاديث؟".

 

وكان جوابه وافيًا، وكان مما قال:

"الإقامة في كل موضع تكون الأسباب أطوع لله ورسوله، وأفعل للحسنات والخير، بحيث يكون أعلم بذلك وأقدر عليه وأنشط له، أفضل من الإقامة في موضع يكون حاله فيه في طاعة الله ورسوله دون ذلك" [2].

 

فالحكم على الإقامة أمر نسبي يتعلق بالشخص والظروف العامة أكثر من تعلقه بالمكان.

 

فقد تكون إقامة الرجل في أرض يسود فيها الضلال، ويستعلن فيها الكفر، أفضل إذا كان هذا الرجل مجاهدًا في سبيل الله، أو داعيًا إلى دينه القويم بلسانه أو قلمه.

 

وقد تكون إقامته هناك أحسن من إقامته في أرض الإيمان والطاعة، ومن هنا كانت المرابطة في الثغور أفضل من مجاورة المساجد الثلاثة باتفاق العلماء..

 

قال الله -تعالى-: ﴿ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [التوبة: 19 - 22].

 

إذًا فالجهاد مع الإيمان أعظم درجة عند الله من عمارة المسجد الحرام وسقاية الحاج، وبركة البيت الحرام، وفضله أمر مسلَّم معروف لا جدال فيه؛ فأفضلية الإقامة في دار الكفر التي تحدثنا عنها مقيَّدة بأحوال الشخص، وإمكاناته، ومواهبه، وطاقاته، وأوضاعه الخاصة به، والظروف العامة على النحو الآتي:

يجب أن يكون المقيم في دار الكفر الذي تفضل إقامته هناك على الإقامة في ديار الإسلام، يجب أن يكون قوي الشخصية، موهوبًا، مسموع الكلمة، يمتلك أداة من أدوات التأثير في الناس، كالكتابة والخطابة وما إلى ذلك، ويتاح له أن يؤدي رسالته على وجه حسن، وأن يكون يحتمل ما يصيبه من الأذى المتوقع لا المحقق.

 

إنه إن كان كذلك، فلا شك في أن إقامته - حيث يقوى على تبليغ الدعوة والجهاد - خير له من الحياة في الوسط الطيب الصالح.

 

أما إذا كان هذا الإنسان شخصًا عاديًّا يتأثر بالوسط الذي يعيش فيه، وليس لديه شيء من المواهب والطاقات، وكان تعرضه للأذى أمرًا محققًا؛ فلا شك في أن هذا عليه أن يختار البيئة الصالحة الفاضلة، وأن يقيم فيها؛ فذلك أسلم عاقبة.

 

وبعد، فقد استوقفتني كلمة وردت في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد ثبت في الأمل الواسع بأن تعود بلاد الشام إلى أصالتها وتمسكها بالإسلام العظيم، وهذه الكلمة هي:

"فدين الإسلام بالشام في هذه الأوقات وشرائعه أظهر منه بغيره، هذا أمر معلوم بالحس والعقل، وهو كالمتفق عليه بين المسلمين العقلاء الذين أوتوا العلم والإيمان" [3].

 

إن الشام بلدي الحبيب، فيه ولدت، وبه نشأتُ، وقد رباني والداي على الإسلام، والتزام أحكامه، وعلى العادات الشامية الكريمة، وفي حلقات علمائه العلمية تعلمت، وفي دمشق ذكرياتي، وفي الشام أهلي وإخواني وأحبائي.

 

إن الشام الذي ثبت فضله، لا يغيب عن بالي، ولا يزول عن خاطري؛ فقلبي معلَّق فيه.

 

وأملي - كما ذكرت - كبير بعودة بلاد الشام إلى ما كانت عليه، وبعودة ماضيها الزاهر على الرغم من الظلم والظلمات التي تسيطر عليه الآن، وعلى الرغم من الأزمات الخانقة المتلاحقة التي مرت وتقوم الآن.

 

أجل، إن أملي كبير بذلك لما أوردت من النصوص القرآنية والحديثية، وإن الناظر في تاريخ بلاد الشام لا يستغرب هذا الأمل الذي يملأ صوري ويتراءى أمام عيني.

 

إن هذا البلد كان دائمًا يقوم من كبوته، ويثور على الظلم والعدوان، ويقوم من تحت الأنقاض فيطرد المعتدين، وينحي الظالمين، وسيتخلص من حكم آل الأسد قريبًا، وسيعود حاملاً رسالة الإسلام العظيم إن شاء الله، وما ذلك على الله بعزيز.

 



[1] جاء في تفسير الطبري وتفسير ابن كثير: "قال مجاهد، والحسن، وسعيد بن جبير، ومالك عن زيد بن أسلم، وقتادة، والضحاك، وغيرهم: يعني قرى الشام؛ يعنون: أنهم كانوا يسيرون من اليمن إلى الشام في قرى ظاهرة متواصلة، وقال العوفي: عن ابن عباس: القرى التي باركنا فيها بيت المقدس".

[2] الفتاوى ج 27 ص 39.

[3] الفتاوى 27/40، وابن تيمية من رجال القرنين السابع والثامن؛ فقد ولد سنة 661 هـ، وتوفي بدمشق سنة 728 هـ وانظر ترجمته في مقدمتي لكتابه "أحاديث القصاص"، الذي حققته ونشرته في المكتب الإسلامي في بيروت.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • يا أهل الشام
  • عريس الشام
  • صبرا يا شام
  • فضل بلاد الشام
  • فضل بلاد الشام
  • يا ظلمة الشام، ألا تخافون الله؟

مختارات من الشبكة

  • مفهوم الفضائل والمناقب والخصائص والبركة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العفو والصفح - فضل حسن الخلق - فضل المراقبة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • نسبة الفضل لله {ذلك من فضل الله علينا}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الرب العلي فيما فضل الله به النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل شهر الله المحرم وفضل صومه وصيام عاشوراء(محاضرة - ملفات خاصة)
  • خطبة عن فضل عشر ذي الحجة وفضل الأضحية وأحكامها(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحاديث في فضل العلم: 110 حديثا وأثرا في فضل العلم وبيان آدابه (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من فضل الأذان: كل من سمع المؤذن يشهد له بالفضل من عدو أو صديق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في حكم بيع فضل الماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • باب فضل مسجد قباء، وفضل الصلاة فيه وزيارته(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)

 


تعليقات الزوار
3- إلى الأخت نجوى شحادة
سكرتير التحرير - السعودية 11-04-2013 05:20 PM

قام فضيلة الشيخ الدكتور محمد لطفي الصباغ بالإجابة على استفسارك بمقال نشر على الرابط:
http://www.alukah.net/Culture/0/52945/
مع الشكر

2- استيضاحات
نجوى شحادة - لبنان 20-03-2013 12:32 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أرجو من الدكتور محمد بن لطفي الصباغ تأكيد مراجعه حول بعض آيات الكتاب الكريم من أنها نزلت بالشام منها :
﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ
صحيح أن بني أسرائيل أقاموا في بلاد الشام وفي فلسطين تحديداً بعد أن أخرجهم نبي الله موسى من مصر ولكن كيف تكون الشام مشارق الأرض ومغاربها كما ورد في بداية الآية الكريمة.

-﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ﴾
يقال أن نبي الله موسى نودي في جبل الطور وعلى حسب معلوماتي وهو جبل في سيناء في مصر والقريبة من فلسطين وليس في الشام جغرافيا .
- ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 71].
منهم من يقول أن لوطاً كان في العراق عندما أمره الله تعالى بالخروج منها ومنهم من يقول أن لوطاً سكن الجزيرة العربية قبل امطار قومه مطر السوء وكانت هذه المنطقة وحسب المعلومات الحديثة منطقة ذات بساتين وحدائق والتي أصبحت اليوم تسمى بالربع الخالي فكيف وصل الشام .
- ﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ ﴾ [القصص: 30].
- ﴿ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴾ [طه: 12].
- ﴿ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ [النازعات: 16]. أيضاً هذه الآيات الثلاث نزلت في نبي الله موسى الذي كان يعيش في مصر وليس في الشام نتمنى منكم التوضيح والإفادة رجاء . والذي يؤكد ذلك أن بني إسرائيل عندما رفضوا أن يقاتلوا القوم الجبارين في فلسطين اليوم كما ورد بنص القرآن الكريم حرمها الله تعالى عليهم أربعين عاماً يتيهون في الأرض
لذلك نرجو منكم إفادتنا لتدقيق معلوماتنا الناقصة في هذا المجال ولم جزيل الشكر مع إيماننا المطلق في ما ورد في كتاب الله تعالى وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عن فضائل الشام وأهلها والتي لا يختلف عليها أحد ولكن المسألة هي في طرق إثبات هذه الأيات أنها قُصد منها الشام مع تحياتنا

 

1- {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ}
نبراس أحمد القادري - المملكة العربية السعودية 09-09-2012 01:52 PM

{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}
متعك الله بأسباب الصحة والعافية وبارك فيك ... علم من أعلام علماء الشام , تحن البلاد إليه كما هو يحن إليها , ليضيف زخما من الياسمين أنفع ومن البركة أوسع , ومن العلم تنساب جداوله إلى كل بيت من بيوتات دمشق كما بردى حيث كان ... يروي من سلسل عذب كل ظمآن .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب