كتب السنة هي المصدر الثاني لكتابة السيرة

كتب السنة هي المصدر الثاني لكتابة السيرة

مصادر السيرة (القسم العاشر)

كانت بعض موضوعات السِّيرة النبويَّة وكثيرٌ من أحداثها أبوابًا من كتب السنَّة؛ فالحديث هو أبو العلوم الإسلامية، اشتقَّت العلوم الإسلاميَّة كلها منه؛ كعلم التوحيد، وعلم الفقه، وعلم الفرائض... وغيرها، من ذلك علم السيرة النبوية المطهرة.

وكَوْنُ السِّيرة مُشتقَّة من الحديث هذا أمرٌ طبيعي؛ ذلك لأنَّ الحديث - كما يُعرِّفه عُلَماء الحديث - هو قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفعله ووصفه وتقريره، ومعظم ذلك من السِّيرة المطهَّرة.

ولذلك فإنَّنا نجدُ أنَّ كتب السنَّة قد زخرت بتفصيلاتٍ وافيةٍ عن سِيرته - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهناك باب المغازي، وهو بابٌ واسع نجدُه في كتب السنَّة؛ ففي "صحيح البخاري" مثلاً كتابٌ كبيرٌ يُشكِّل حيِّزًا كبيرًا من كتاب "صحيح البخاري" هو كتاب المغازي.

ثم أُلِّفت كتبٌ خاصَّة بالمغازي سنَذكُر بعضَها في بحثنا في كتب السِّيرة، وكذلك الشأن في كتب الجهاد، وكذلك الأمر في كتب الشمائل، وهي أبوابٌ لا يَكاد يخلو منها كتابٌ من كتب السنة.

وهناك أنواعٌ من كتب السنَّة، وهي في حقيقتها وموضوعها كتبٌ في السيرة، وسنَذكُر بعضها فيما يأتي:

كتب الشمائل:

كتب الشمائل كتبٌ جمعَت الأحاديث التي وردتْ عن شمائل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الخَلْقيَّة والخُلُقيَّة، وهي كثيرة:

• من أشهرها كتاب "الشمائل"؛ للإمام الترمذي (ت 279هـ)، وقد ذكَر في هذا الكتاب ما جاء في خَلْقِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وخاتم النبوَّة، وشَعر الرَّسول، وشيبه، وكحله ولباسه، ونعله وخاتمه، وسيفه ودِرعه وعمامته، ومشيته وجلسته، وخبزه وإدامه، وكيف كان كلامُه، وما جاء في صفة مزاحه، وعبادته وتواضُعه... إلى آخِر ما جاء في هذا الكتاب الجميل الممتع.

وقد قام الشيخ ناصر الألباني باختصاره والحُكم على أحاديثه، والأصلُ مطبوعٌ، والمختصر مطبوعٌ سنة 1405، وطُبِعَ الطبعة الثالثة 1410.

• ومن كتب الشمائل كتاب "أخلاق النبي" لكلٍّ من: محمد بن عبدالله الورَّاق المتوفى 249، ومحمد بن حبان المتوفَّى 254.

• ومنها كتاب "أخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وآدابه"؛ لعبدالله بن محمد المعروف بأبي الشيخ الأصبهاني المتوفَّى 169هـ، وقد طُبِع لأوَّل مرَّة في مصر بتحقيق: عبدالله محمد الصديق الغماري سنة 1378 - 1959، ثم طبَعَه بشير عيون في دمشق وخرَّج أحاديثه سنة 1431، 2010.

• ومنها كتاب "الشمائل"؛ لأبي العباس جعفر بن محمد المستغفري النسفي الحنفي المتوفَّى 432.

• ومنها كتاب "الأنوار في شمائل النبي المختار"؛ للحسين بن مسعود البغوي المتوفَّى 516، وقد حقَّقَه إبراهيم اليعقوبي، وطبع في دمشق 1416هـ - 1995م.

• ومنها كتاب "الشمائل"؛ لعلي بن محمد المعروف بابن المقري المتوفَّى 522هـ.

• ومنها كتاب "وسائل الوصول إلى شمائل الرسول"؛ ليوسف بن إسماعيل النبهاني المتوفَّى 1350هـ وهو مطبوع.

وهناك من كتب السنَّة كتب "دلائل النبوَّة"، وقد تحدَّثنا عنها آنفًا، وأودُّ أنْ أُذكِّر بأنَّ عددًا من الأئمة والمؤلِّفين ألَّفوا كتبًا في هذا الموضوع وطُبِع كثيرٌ منها؛ ومن أشهر هذه الكتب المطبوعة:

• كتاب القاضي عبدالجبار بن أحمد المتوفَّى 415، وعنوانه "تثبيت دلائل النبوة"؛ تحقيق: عبدالكريم عثمان وقد طُبِع في بيروت.

• ومنها كتاب "دلائل النبوة"؛ لأبي نعيم الأصبهاني المتوفَّى 430هـ.

• ومنها كتاب "دلائل النبوة"؛ للماوردي (علي بن محمد) المتوفَّى 450هـ.

• وكتاب "دلائل النبوة"؛ للبيهقي (أحمد بن الحسين) المتوفَّى 458هـ.

• ومن المتأخِّرين الشيخ سعدي ياسين، الذي ألَّف كتابًا بعنوان: "النبوة إصلاحٌ تقتضيه رحمة الله"، صدَر عن دار العربية ببيروت 1388، 1998.

• وأُلِّفت في العصر الحاضر كتب بعنوان: "الإعجاز العلمي في القُرآن والسنَّة".

ويمكن للداعية أنْ يفيد من هذه الكتب؛ لتَرسِيخ إيمان المخاطَبين، وذلك بأنْ يَذكُر بعض الأحاديث التي رُوِيت عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - والتي تحقَّقت في عصرنا هذا.

كالحديث الصحيح الذي يُخبِر به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ هذه الأمَّة ستَتْبع سنن مَن كان قبلَنا منَ اليهود والنصارى.

عن أبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لتتَّبعُنَّ سننَ مَن كان قبلكم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، حتى لو سلَكُوا جُحرَ ضبٍّ لسلَكتُموه)) قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ((فمَن إذًا؟))؛ رواه البخاري برقم 3456 ومسلم 2664، وانظُر كتابنا: "من هدي النبوة" 127.

وكالحديث الذي يَذكُر فيه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - الكاسيات العاريات: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((صِنفان من أهْل النار لم أرَهما: قومٌ معهم سِياطٌ كأذناب البقر يَضرِبون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهنَّ كأسنمة البُخت المائلة، لا يَدخُلن الجنَّة ولا يجِدنَ رِيحها، وإنَّ رِيحها ليُوجَد من مَسِيرة كذا وكذا))؛ رواه مسلم برقم (2128).

وكالحديث الذي يَذكُر فيه الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - تداعي الأمم على المسلمين؛ وذلك بسبب حب الدنيا وكراهية الموت؛ عن ثوبان - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يُوشِك أنْ تَداعَى عليكم الأمم كما تَداعَى الأكَلَة إلى قَصعَتِها))، فقال قائلٌ: أوَمِن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: ((بل أنتم كثيرٌ، ولكنَّكم غثاءٌ كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صُدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ في قُلوبكم الوهَن))، قيل: وما الوهَن يا رسول الله؟ قال: ((حُبُّ الدنيا وكراهية الموت))؛ رواه أبو داود برقم 4297 وأحمد 2/359.

وكالأحاديث التي ذَكرتْ عَلامات قُرب الساعة، وقد تحقَّق بعضُها رأي العين.

كتب الخصائص:

وهناك كتب الخَصائص التي يَذكُر مُؤلِّفوها الخَصائص التي اختَصَّ بها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ومن أشهَرِها وأجمَعِها كتاب: "الخصائص الكبرى"؛ للسيوطي المتوفَّى 911، قال الكتاني في "الرسالة المستطرفة" ص202: "و"كفاية اللبيب في خصائص الحبيب"؛ للسيوطي، ذكَر فيه أنَّه تتبَّع هذه الخصائص عشرين سنة إلى أنْ زادَتْ على الألف، وهو في مجلَّدين".

ومنها: "غاية السول في خصائص الرسول"؛ لابن الملقن المتوفَّى 804، وقد حقَّقه عبدالله بحر الدين بالجامعة الإسلامية ونال به درجة الماجستير.

ومنها "نهاية السول في خصائص الرسول"؛ لابن دحية الكلبي الأندلسي المتوفَّى 633هـ، وقد طُبِعَ في قطر 1416 - 1995.

ومنها كتاب: "الأنوار في خصائص النبي المختار"؛ لابن حجر العسقلاني المتوفَّى 852.

وهناك كتبٌ اقتَصرتْ على ذِكر المُعجِزات التي أجْراها الله على يَدِ النبيِّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - للدلالة على صِدق نبوَّته:

• ومن أهمها ما جمَعَه الإمام ابن كثير الدمشقي في كتابه "البداية والنهاية" المتوفَّى 770، فلقد جمع واستَقصَى.

• ومنها ما ذكَرَه القاضي عياض في كتاب:ه "الشفا في التعريف بحقوق المصطفى" المتوفَّى 544هـ.

• ومنها ما كتَبَه يوسف بن إسماعيل النبهاني المتوفَّى 1350، وسماه: "حجة الله على العالمين في ذِكر معجزات سيد المرسلين"، وهو مطبوع.

• ومنها كتاب "معجزات المصطفى"؛ لخير الدين وائلي الدمشقي، المتوفَّى 1425هـ، وهو مطبوع.

• ومنها كتاب "المعجزات المحمدية"؛ لوليد الأعظمي البغدادي المتوفَّى 1425، 2004.