• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    البطالة النفسية: الوجه الخفي للتشوش الداخلي في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية والتعليم
علامة باركود

لست بكاسد

د. فارس العزاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/2/2010 ميلادي - 10/3/1431 هجري

الزيارات: 16328

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
لا أحد يُنكِر الدور الذي تلعبه مناهج التربية والتعليم بصورها التنظيرية، وما تُشَكِّله من عوامل الرقيِّ الفكري والمنهجي، بل هي تمثِّل بحق الأساس الذي تستند عليه الحضارات الإنسانية؛ ولذلك نجد اهتمامًا بالغًا في وضع مناهج التربية والتعليم من قِبَل المتخصِّصين بشتَّى توجُّهاتهم العلمية والمعرفية، وباختلاف مرجعياتهم الدينية والعقائدية، ويمكن توصيف الواقع المعاصِر الذي تمرُّ به البشرية اليوم بأنه يشهد ثورة معرفيَّة في هذا الإطار وغيره؛ بسبب التقدُّم العلمي والتكنولوجي الذي ساعَد على التواصُل العلمي والمعرفي إلى الحدِّ الذي شهد نشوء نظريَّات تربوية وتعليمية لم يشهدها العالم في سابق عصوره، فكانت أبعادها وآثارها ظاهرة بيِّنة، ساعَدَت إلى حدٍّ كبير في التقليل من آثار الجهل والأميَّة.

وهذه الأخيرة لم تَعُدْ قاصرةً في صورتها السلبية على مجرَّد كون المرء لا يقرأ ولا يكتب، بل تجاوزت ذلك الأمر إلى أولئك الذين يقرؤون ويكتبون، ولكن لا اهتمام لهم بما حقَّقه العلم من تقدُّم في مجالات المعلوماتية، وخاصة التقنية منها.

إن الدافع وراء الاهتمام بالنظريات التربوية والتعليمية هو محاولة الخروج من الأزمات التي عصفت وتعصف بالبشرية اليوم، ولا خلاف في أن الأزمة اليوم إنما هي أزمة قِيَم، ولكن يبقى التساؤل الذي نؤسِّس عليه مقالنا هذا: هل استطاعت هذه النظريات بمختَلَف سياقاتها الفكرية والمنهجية الخروج بالبشرية من أزماتها؟ هو تساؤل بطبيعة الحال يفرض علينا أولاً إدراك مدى الحاجة اليوم للوقوف على المشكلات والمعضلات التي تعانيها البشرية اليوم قبل كلِّ شيء؛ لأن ذلك يعتبر الخطوة الصحيحة الأولى لوضع العلاج، فالحكم على الشيء فرع عن تصوُّرِه، كما يقوله المناطقة.

وثانيًا: وضع الإجابة الموضوعية في إطار هذا التساؤل، ولا أظن أن الحال اليوم بتداعياته المختلفة خفي على الكثير من المتتبِّعين لأمثال هذه الأزمات بشتَّى أصعدتها، وهناك حقيقة ينبغي إدراكها، وهي أن سبل العلاج التي وضعها المتخصِّصون والمفكِّرون لم تزدد هذه الإشكاليات معها إلا تعقيدًا، وينبغي عند قراءة أمثال هذه الأزمات عدم فصلها عن جذورها التي تأسَّست عليها، والقراءة المتأنِّية للواقع تُظهِر لنا مدى الخطل الذي تسير فيه البشرية بصورة أفضَتْ بها إلى تأزُّم الإشكاليات، وتجذير الاختلالات.

ومرجع ذلك - فيما يظهر - هو استناد هذه النظريات إلى أُطُر مرجعية تمثِّل بحدِّ ذاتها خروجًا عن الجادَّة وابتعادًا عن الصواب؛ إذ لا قرار لها يمكن معه الاستناد إلى ركن شديد؛ قال - تعالى -: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [إبراهيم: 26].

وهذه الحقيقة ليست - في الواقع - وليدة الساعة، وإنما جاءت نتيجة تراكمات لم تظهر آثارها إلا في العقود القليلة الماضية، ولم يقتصر إدراك هذه الحقيقة على الإسلاميين، بل أدركها مفكِّرو الغرب وعقلاؤهم، وهذا يجعلنا نقف على مدى الخلَل الذي أصاب هذه النظريات وأُطُرها المرجعية، وهذا يستدعِي الرجوع بنا إلى بدايات الأزمة وجذورها من خلال قراءة تاريخية استقرائية؛ ليظهر لنا حجم هذه الأزمة وأبعادها بشتَّى صورها وأشكالها، وإذا كانت الأميَّة قد شهدت تراجعًا كبيرًا في أصقاع كثيرة من المعمورة، فإن الجهل ما زال مهيمنًا على كثيرٍ منها، ولا أعني بالجهل هنا مجرَّد عدم المعرفة، فكثيرٌ من المجتمعات الإنسانية قد اكتسبت معارف وعلومًا شتَّى ممَّا تعلق بدنياها، بل أعني به المعرفة على خلاف الحق والهدى، كما قال الفضلاء من أهل العلم، وخاصة الأصوليين منهم، وعودًا إلى جذور الأزمة وبدايات إشكاليَّاتها، فإننا نرى مرجعها هو فكُّ الارتباط بين علوم الوحي والعلوم البشرية بنوعيها الإنساني والتجريبي من جهتها العظمى، وبين النظرية والتطبيق من جهتها الصغرى.

وترجع الأزمة إلى بدايات العصور الحديثة عندما تَمَّ افتعال الصراع بين الدين الذي تُمَثِّله الكنيسة، وبين العلماء التجريبيين، بسبب بعض الحقائق - على حدِّ وصفهم - التي تصادمت مع المسلَّمات التي يعتقدها البابوات والرهبان، وعلى الرغم من حجم الأذى الذي تعرَّض له هؤلاء العلماء في بداية الأمر، إلا أن الغَلَبَة كانت لهم في النهاية، أفضَتْ في الواقع إلى عزل الكنيسة ورفْضِ مرجعيَّتها الروحية والعقديَّة، وتأسيس إطار مرجعي قائم على أساس فلسفي مادي لا يعترف إلا بالمادة، ولا سبيل لإثبات العلم عنده إلا بالحواس الخمس؛ كونها متَّصفةً باليقين والدقَّة، وأن ما سواها إنما يمثِّل خرافة وجهلاً وخروجًا عن كلِّ أساس حضاري يمكن أن يوجِّه البشرية ويؤطرها بإطار العلم والمعرفة.

ومنذ ذلك الوقت أصبحت الفلسفة المادية مرجعًا يشكِّل مفاهيم العلم والمعرفة، ويؤسِّس نظرياتها، وعلى هذا الأساس تبنَّى الماديُّون الدعوة إلى مناهجهم والتبشير بها؛ بغيةَ تعميمها، الأمر الذي جعل الأزمة تتفاقَم وتتجذَّر؛ بسبب عدم مراعاة الواقع الذي نشَأَت فيه أمثال هذه المنهجيات، وكانت من أبرز أبعاد ذلك هيمنة مفاهيمَ مادية على العالم، تَمَّ تسويقها وتأطيرها بإطار علمي؛ من أجل تسويغها والتأسيس عليها، ولا نستغرب بعد ذلك عندما نسمع أو نقرأ مفاهيم: المصلحة، والقوة، والهيمنة، والصراع، والصدام الحضاري، والطبيعة الشريرة للنفس البشرية، وتغليب الغريزة الجنسية... إلخ، وهي مفاهيم - عند تأمُّلها - ذات بعد مادي ظاهر، كانت نتيجتها الهجوم على الإنسان من حيث هو كائن حي ذو طبيعة مركَّبة من الروح والجسد، وانقطاع صلته - أي: الإنسان – بخالقه.

كون الخالق أكذوبة - زعموا - لا حقيقة لها، أفضى بهم إلى الإلحاد والإنكار، وحصر همومه بشهواته بطنًا وفرجًا، بل أفضى إلى خروجه عن فطرته التي خُلِق عليها، فظهر الشذوذ الجنسي في كلا النوعين وتَمَّ تقنينه وتشريعه، وهذا دفَع إلى إغراقه بجملة من الأزمات، تداعت للخروج منها أصوات عاقلة من الغرب نفسه قبل غيره، ووضعوا نصب أعينهم التأكيد على جانب القِيَم، والاهتمام بالمُثُل والأخلاقيات ذات المرجعية الدينية، ولكن هل كان ذلك نافعًا في حلِّ الأزمة أو على الأقل تقويضها والتقليل منها؟

الأمر ليس كذلك، فالأزمة تجذَّرت وتغلغلت في المجتمعات الإنسانية، وأدَّت إلى إشكاليات كبرى ذات أبعاد سياسية، واقتصادية، واجتماعية، ونفسية، وغيرها، ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى الأزمة الاقتصادية التي تُعانِي منها البشرية في أيامنا هذه؛ نتيجة الانهيار المالي في الولايات المتحدة، ذات البعد العالمي، كشَفَت في الواقع عن حجم الخلل في الفلسفة المادية والليبرالية التي تربَّى عليها أولئك وتشدَّقوا بها، وجعلوها منتهى الأماني والآمال، ولا شكَّ أن إعادة الاهتمام بجانب القِيَم يمثِّل إدراكًا لحجم المشكلة التي تُعانِي منها الإنسانية، إلاَّ أن الإشكال يبقى قائمًا من جهة مرجعية هذه القِيَم وأساسها الفكري والمنهجي، فالقِيَم التي تداعَى إليها مفكِّرو الغرب مرجعيَّتها زمانية؛ بمعنى: أنها فاقدة لوصف الإطلاق الذي يمكن معه تعميمها.

وعند تأمُّل الأُطُر المرجعية التي تستند عليها البشرية اليوم، فلا يمكن تحديد مرجعية ذات وصف إطلاقي إلاَّ من خلال الوحي القرآني والهدي النبوي؛ لكونهما متجاوزين لنطاقي الزمان والمكان، وهذا يقودنا إلى الحقيقة التي ينبغي أن يحرص على إبرازها كلُّ مسلم؛ وهي: أن علاج كلِّ أزمة إنما يكمن في هذه المرجعية، فينبغي التأسيس عليها؛ لكونها السبيلَ الأمثل، بل الأوحد، الذي يجعل الإنسان مهتديًا، متوازنًا، متوافقًا مع بيئته ومحيطه، مكوِّنًا صورة متجانسة لا تشويه فيها ولا اختلال؛ قال - تعالى -: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153]، إنه الإنسان الذي أراده الله أن يكون عبدًا له صالحًا في نفسه، خليفة في أرضه، يعمرها بالتوحيد والإيمان قبل البنيان والعمران، وهما مقصودان؛ قال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77]، وعند ذلك يكون سوق هذا الإنسان رائجًا لا كساد فيه، ذا قيمة عند ربه وعند خلقه.

ومن عجيب الوقائع والحوادث التي تُظهِر قيمة ذلك الإنسان عند تحقيقه الهدايةَ، وهو ما اقتبسنا منه عنوان مقالنا الموجز هذا: ما رواه ابن حبان والبيهقي من حديث ثابت البناني عن أنس بن مالك: أن رجلاً من أهل البادية يُقال له: زاهر بن حرام كان يهدي إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الهدية فيجهِّزه رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - إذا أراد أن يخرج، فقال رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إن زاهر باديتنا ونحن حاضروه))، قال: فأتاه النبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه والرجل لا يبصره، فقال: أرسلني، مَن هذا؟ فالتفت إليه، فلمَّا عرف أنه النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - جعل يلزق ظهره بصدره، فقال رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((مَن يشتري هذا العبد؟))، فقال زاهر: تجدني يا رسول الله كاسدًا، قال: ((لكنك عند الله لستَ بكاسد))، أو قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((بل أنت عند الله غالٍ))[1].

وقريبٌ في معناه ما رواه أبو يعلى في "مسنده" من حديث ثابت عن أنس أيضًا قال: كان رجلٌ من أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يُقال له: جُلَيبِيب، في وجهه دمامة، فعرض عليه رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - التزويج، فقال: إذًا تجدني كاسدًا، فقال: ((غير أنك عند الله لست بكاسد))[2].

هذان الخبران يُظهِران لنا الفارق الكبير في التنشِئَة بشتَّى مستوياتها: التربوية، والاجتماعية، والفكرية، وغيرها، بين المنهجية الإسلامية وغيرها، فهما يُظهِران القيمة التي أضحى بها الإنسان ذا أهمية كبرى في ميزان الحق بعد الاتِّصاف بالهدى، ويعكسان البعد المنهجي الذي تربَّى عليه ذلك الجيل من الأخيار، وفيهما ينبِّه النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - المسلمَ على حقيقةٍ قد يكون غافلاً عنها، أو يجدها غير ذات قيمة في الميزان، وهي مدى القيمة التي يتمتَّع بها المسلم في ميزان الحق، وأهمية دوره في بناء المجتمع المسلم وحفظ كيانه، فيشكِّل لبنة من لبنات الأمَّة مهما صغرت، بل وأبعد من ذلك وجود المسلم يمثِّل ضمانة بقاء الدنيا وأهلها، ولله درُّ إقبال إذ يقول مدركًا هذه الحقيقة:
نَحْنُ  وُرَّاثُ  هُدَاةٍ   لِلْبَشَرْ        نَحْنُ عِنْدَ الحَقِّ  سِرٌّ  مُدَّخَرْ
لاَ تَزَالُ الشَّمْسُ تُبْدِي نُورَنَا        غَيْمُنَا   فِيهِ   بُرُوقٌ    وَسَنَا
ذَاتُنَا  المِرْآةُ  لِلْحَقِّ،   اعْلَمِ        آيَةُ   الحَقِّ   وُجُودُ   المُسْلِمِ
هذه الصورة المتكاملة عن الإنسان المقصود تعكس في الواقع جانبين متلازمين غفل عنهما مفكِّرو الغرب وأمثالهم: الأول: أهمية الإدراك المنهجي المؤسَّس على مرجعيَّة مطلقة ذات قواعد وأسس محكمة، ولو تلمَّسنا نصوص الوحيين، لقصر بنا المقام عن سَوْقِها وحصرها، واقرأ على سبيل المثال لا الحصر آيات التزكية والتربية، التي أظهر الشارع فيها أهمية التزكية والتربية بمعناها الواسع، بصورة تؤكِّد مكانتها الكبرى في ميزان الحق، إلى درجة جعلها مقصدًا من مقاصده العليا الحاكمة؛ فيقول - تعالى -: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]، ويقول - تعالى - أيضًا: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2].

ويقول نبيُّنا - عليه الصلاة والسلام -: ((إنما بُعِثت لأتمم مكارم الأخلاق))[3]، ويقول أيضًا: ((بُعِثت لأتمِّم صالح الأخلاق))[4].

الثاني: الارتباط الوثيق بين التنظير والتطبيق، وهي صورة يعكسها جليًّا فعل النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - مع صحابته كما في المثالين المتقدِّمين، وهي في الواقع تمثِّل مسلَكًا انفردتْ به المنهجية الإسلامية عن غيرها في إطاره المتكامل، ممَّا يؤكِّد قيمتها كإطارٍ مرجعي، وأهمية دورها في بناء المجتمع المسلم، وصيانته وتقويمه، بما يحفظ عليه حياته، ويضمن له دوره الريادي من خلال تبنِّيه منهج الحق، وتحمُّل مسؤولية تبليغه.

إن كلَّ محاولة لإصلاح مناهج التنشئة والتربية وما يتعلَّق بها، إذا لم تنطلق من مرجعيَّة مطلقة - وأقصد بها نصوص الوحيين - تُعَدُّ قاصرة وعاجزة عن تحقيق مقاصدها مهما كانت مقبولة؛ فالمقاصد مرتبطة بوسائلها، ولا يمكن ذلك إلا بمنهجية قرآنية وبيان نبوي، فإنهما يمثِّلان الضمانة الأكيدة لبناء تزكية الإنسان كما أرادها الشارع الحكيم؛ قال - تعالى -: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9].

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
 
ــــــــــــــ
[1] أخرجه ابن حبان في "صحيحه، رقم 5790، والبيهقي في "سننه"، رقم 20961.
[2] أخرجه أبو يعلى في "مسنده"، رقم 3343.
[3] أخرجه البيهقي في "سننه"، رقم 20571.
[4] أخرجه البيهقي، رقم 20572، والحاكم في "مستدركه"، رقم 4221.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نظرية المنظمات المتقدمة لديفيد أوزبل
  • النظرية النمائية لجان بياجيه
  • نظرية الموازنة النفس سلوكية الدافعة للتعلم
  • نظرية المعرفة في التربية الإسلامية (WORD)
  • النظرية التربوية: معناها ومكوناتها

مختارات من الشبكة

  • لست سعيدا مع خطيبتي(استشارة - الاستشارات)
  • الكلام على قوله تعالى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لست أرثيك يا أمير القوافي (قصيدة)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • لست يا سيدي من الصخر (قصيدة)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • شرح حديث: إني لست كهيئتكم، إني أطعم وأسقى(مقالة - ملفات خاصة)
  • لست سعيدة في حياتي برغم النعم(استشارة - الاستشارات)
  • شرح حديث عائشة: "إني لست كهيئتكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لست أدري (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • لست وحدك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحس بأني لست الزوجة التي يتمناها زوجي(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب