• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية والتعليم
علامة باركود

جمال التربية في تحليها باللين والرأفة

إلياس جريمي دوكار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/10/2015 ميلادي - 19/12/1436 هجري

الزيارات: 6652

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جمال التربية في تحلِّيها باللِّين والرَّأفة


"قد تعددت الأسباب التي تحفز الكبار على إخضاع الأطفال قهرًا، بعضها ينجم عن ثقافات ومعتقدات دينية خاطئة ساهمت في تبرئة هذا التصرف المَشين، هذه المعتقدات القديمة المهجورة تصور الطفل كحيوان وحشي في حاجة إلى ترويض، هذه التصورات توجد في جميع أنحاء العالم، هي تشجع الكبار على إهانة الأطفال والإساءة إليهم، نذكر في الغرب تأثير الكنيسة الكاثوليكية، و"القدس أجوستان" على وجه الخصوص، لما أدخل معتقد "الذنب الفطري"، ونقل صورة سلبية جدًّا للطفل؛ إذ أقر أنه كان به شيطنة، والشر والذنب تحلاه من أول يوم حياته، نجد عددًا من النصوص تنصح باللجوء إلى العنف لإخراج هذا الشر عنه، هذه المعتقدات الراسخة في الأنفس قادت الكبار إلى الظن بأن الإهانة والإساءة أسباب تحوِّلُ الطفل إلى الحيوان الأليف المطروح عنه شيطانه".

 

هذه السطور من تأليف الدكتورة الفرنسية "كاترين جاجان" في كتاب مشهور لها: "لأجل طفولة سعيدة"، وهي تستعرض الأسباب التي أدت إلى تبرئة الجنوح إلى العنف في العملية التربوية.

 

إن عَدَّ جميعِ المعتقدات الدينية دون تفصيل مِن أسباب فشوِّ العنف التربوي في أوساط المجتمع، ليس رأيًا انفرَدَتْ به الكاتبة، بل إنك تجده عند غيرها من المفكرين الغربيين، أمثال الكاتب الفرنسي: "أوليفيا مورال" (Olivier Maurel)، قال في لقاء مع جريدة "لوموند" الفرنسية: "الدين الأول الذي شكك بشكل جذري في نفعية العقاب البدني هو دين منتسب للإسلام: دين البهائية، الذي ولد في إيران في أوائل القرن التاسع عشر".

 

هذا الإطلاق البعيد عن منهج البحث العلمي ليس بغريب، لما يصدر عمن لم يفت له فرصة للطعن في الدين أيًّا كان، أو الدفاع الحماسي عن الإلحاد إذا سنحت له الفرصة، كما يلاحظه من يقرأ لهم، لكن هنا سؤالًا خطر بذهني، وهو: كيف يستطيعون أن يدمجوا في بحوثهم العلمية هذه الادعاءات والتعميمات الفارغة دون الحذر أن تقدح في أمانتها العلمية أو أن تظهر سخافتهم لدى القراء، علمًا أن مثل هذه الكتب تباع بأعداد طائلة في جميع أنحاء العالم؟!

 

جهل، تجاهل، قصور في البحث...تفاسير هذا التهور عديدة، لكني أكتفي بالوقوف على أحدها، موضوع هذا المقال، وهو أن واقعنا التربوي أيَّدهم!

 

لو دخلنا في مناقشة علمية مع أمثال هؤلاء، أتوقع بل أتيقن أنهم سيحتجون علينا بتخلفنا عن الالتزام السلوكي بالمبادئ التي ندافع عنها، ماذا ستكون مصداقيتنا، وكثير من المتدينين ينتهج نهج القسوة والقهر بشكل مفرط في تربيتهم أبناءهم، بل البعض ينسبه إلى الإسلام ويدلل عليه؟!

 

اللهم لا تجعلنا فتنةً للذين كفروا...

 

نظرًا إلى جسامة الموضوع وتفشِّيه، وددت أن أسوق إليكم بعض المسائل المتعلقة به، نستعين بها على تعديل مسارنا التربوي، وتحسين أساليب تعاملنا مع ذريتنا على وجه الخصوص.

 

وحقيق عليَّ قبل الشروع في صلب موضوعنا التنبيه على أنني لست ممن يعارض مشروعية العقوبة (ومنه البدني)، ولا أتبنى مذهب التسامح الكلي، كيف و"قد أقر الإسلام مبدأ العقوبة النفسية، والبدنية، واعترف المربون المسلمون بالعقوبة كأسلوب من أساليب التربية، وضابط للسلوك، ووضعوا لها شروطًا، وضوابط لإيقاعها عند الحاجة مع الأطفال"، (د.عدنان باحارث - الموقع الشخصي)، فلما كان التأديب خاضعًا لمنهج شرعي منضبط، فلقد أبعد الصواب وفاته المرام من حاد عنه بإفراط كان أو بتفريط.

 

الأصل في التعامل مع الناشئة هو الرفق واللين:

قال تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عائشة، إن الله رفيقٌ يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه))؛ (مسلم - 2593).

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل يحب الرفقَ، ويرضاه، ويعين عليه ما لا يعين على العنف))؛ (صحيح الترغيب / المنذري - الألباني 2668).

 

إن كان منهج التعامل مع الناس منهجًا متوازنًا يراعي مقتضى الحكمة ومقامات الأحوال يبقى أن الأصل الأصيل في معاملة الناس هو التعهد بالرفق واللين ما لم يقتض خلافه، هذه القاعدة مستفادة من صريح نصوص الكتاب والسنَّة، فلا يقصد إلى الغلظة أو الشدة إلا إذا قامت البينات على أولويتها، من اقترأ الأحاديث الناصة على تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال، وجَد معظمها مندرجة تحت عموم هذه القاعدة.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله بأهل بيت خيرًا، أدخَل عليهم الرِّفق))؛ (صحيح الجامع 303).

 

عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خُلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب، لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، قال: فنظرت إليه وهو يضحك، فقال: ((يا أُنَيس، أذهبتَ حيث أمرتُك؟)) قال: قلت: نعم، أنا ذاهب يا رسول الله" (مسلم - 6015).

 

عن أبي هريرة، قال: "دخل عيينة بن حصن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه يُقبِّل الحسن والحسين، فقال: أتُقبِّلهما يا رسول الله؟ قال عيينة: وإن لي عشرة فما قبلت أحدًا منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لا يرحم لا يرحم))؛ (متفق عليه).

 

عن أنس بن مالك: "ما رأيتُ أحدًا كان أرحمَ بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم"؛ (مسلم).

 

يا ترى هل منهجنا التربوي يصطبغ بهذه الأوصاف؟ وهل هو الطابع الغالب على معاملة أولادنا؟

الضرب وسيلة من وسائل التربية و"من" للتبعيض:

فقد روى أبو داود (495) وأحمد (6650) عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عَشْرٍ، وفرقوا بينهم في المضاجع)).

 

هذا الحديث نصٌّ صريح على مشروعية استعمال الضرب مع الطفل إن لم يستجب للأمر بالصلاة بعد بلوغه عَشْرَ سنوات؛ قال الإمام النووي: "والاستدلال به واضحٌ؛ لأنه يتناول بمنطوقه الصبيَّ والصبيةَ في الأمر بالصلاة والضرب عليها"؛ (المجموع شرح المهذب).

 

اعتنى العلماء بهذا الحديث - دراية ورواية - وأخذوا منه مشروعية استعمال التأديب بالضرب مع الولد.

 

قال الشافعي - رحمه الله -: "وعلى الآباء والأمهات أن يؤدبوا أولادهم، ويعلموهم الطهارة والصلاة، ويضربوهم على ذلك إذا عقَلوا..."؛ (المجموع للنووي 3/ 11).

 

وقال ابن حجر الهيتمي: "ويضرب ضربًا غير مبرحٍ وجوبًا ممن ذكر (عليها)؛ أي: على تركها، ولو قضاءً، أو ترك شرطٍ من شروطها، أو شيءٍ من الشرائع الظاهرة"؛ (تحفة المحتاج في شرح المنهاج).

 

ولكن لا يوجَدُ في إقرار العلماء بجواز التأديب وتـأصيلهم الفقهي لهذه المسألة - ما يُسوِّغُ جعله المنهجَ المفضل لتصحيح الأخطاء صغيرِها وكبيرها، إن كلامهم في سياق التدليل على مشروعية هذه الوسيلة وضوابطها، لا الحث عليها بداءة وفي جميع الأحوال.

 

ومن كلام سحنون الفقيه في وصية لمعلم ابنه: "لا تؤدِّبْه إلا بالمدحِ ولطيف الكلام، وليس هو ممن يُؤدَّبُ بالضربِ أو التعنيف".

 

يقول العز بن عبدالسلام: "ومهما حصل التأديبُ بالأخف من الأفعال والأقوال، لم يعدل إلى الأغلظ؛ إذ هو مفسدةٌ لا فائدة فيه؛ لحصول الغرض بما دونه"؛ (قواعد الأحكام في مصالح الأنام).

 

من المعاصرين، قال الشيخ محمد العثيمين: "الأمر للوجوب، لكن يقيد بما إذا كان الضرب نافعًا؛ لأنه أحيانًا تضرب الصبي ولكن ما ينتفع بالضرب، ما يزداد إلا صياحًا وعويلًا، ولا يستفيد، ثم إن المراد بالضرب الضرب غير المبرح، الضرب السهل الذي يحصل به الإصلاح، ولا يحصل به الضرر"؛ (لقاء الباب المفتوح 95/ 18).

 

من مظاهر الرحمة في حديث: ((مُرُوا أولادَكم بالصلاة...)):

لو تأملنا هذا الحديث لوجدنا أن مفهوم الرحمة والرقة لا يغيب عنه، بل يحوطه من نَوَاحٍ عديدة، نذكر منها:

• هذه الوصية النبوية دعوة (بل أمر) إلى التدرج والصبر على الأمر بالصلاة من السنة السابعة إلى حد العاشرة، ثلاث سنوات متتالية، يكتفي خلالها المربي بالأمر القولي، إضافة إلى كافة الوسائل التمهيدية المتاحة قبل سبع سنين؛ من قدوة عملية، ومسالك الترغيب...

 

مأتى التدرج حكيم ورحيم؛ لأنه ينسجم مع طبيعة النفس البشرية وضعفها، كما هو شأن الشريعة الإسلامية جمعاء، التي تناسب "الطبيعة البشرية" المجبولة على الضعف، ولا تقوى إلا على ما يلائمها ويشاكلها.

 

• ما من أمرٍ أو نهي جاءت به الشريعة الإسلامية إلا وفي الامتثال به رحمةٌ للعباد؛"فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالحُ كلها، وحكمة كلها؛ فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العَبَثِ - فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل؛ فالشريعةُ عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم أتم دلالة وأصدقها"؛ (ابن القيم - إعلام الموقعين عن رب العالمين).

 

غايةُ استخدام الضرب هي إصلاح المؤدَّب واستقامتُه، يرجى من جراء تأديبه أن يقوم بما فيه سعادتُه في الدارين.

 

قال العز بن عبدالسلام في كتابه: "قواعد الأحكام في مصالح الأنام": "كلُّ مأمور به ففيه مصلحة الدارين أو إحداهما، وكل منهيٍّ عنه ففيه مفسدة فيهما، أو في إحداهما، فما كان من الاكتساب محصلًا لأحسن المصالح فهو أفضل الأعمال، وما كان منها محصلًا لأقبح المفاسد فهو أرذل الأعمال، فلا سعادةَ أصلح من العرفان والإيمان وطاعة الرحمن، ولا شقاوة أقبحُ من الجهل بالدَّيَّان والكفر والفسوق والعصيان".

 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن العقوبات الشرعية كلها أدوية نافعة، يصلح الله بها مرض القلوب، وهي من رحمة الله بعباده، ورأفته بهم الداخلة في قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، فمن ترك هذه الرحمة النافعة لرأفة يجدها بالمريض، فهو الذي أعان على عذابه وهلاكه، وإن كان لا يريد إلا الخير؛ إذ هو في ذلك جاهل أحمق، كما يفعله بعض النساء والرجال الجهال بمرضاهم، وبمن يربونهم من أولادهم وغلمانهم وغيرهم، في ترك تأديبهم، وعقوبتِهم على ما يأتون من الشر، ويتركونه من الخير، رأفة بهم، فيكون ذلك سببَ فسادهم وعدوانهم وهلاكهم"؛ (مجموع فتاوى ابن تيمية).

 

بناءً على ما سبق، نستطيع أن نقر بأن استعمال التأديب في موضعه هو ذات الرحمة، وقد أشار إلى هذا المفهوم ما أثر عن سفيان الثوري: "أتدرون ما الرفق؟ هو أن تضع الأمور مواضعها، الشدة في موضعها، واللين في موضعه، والسيف في موضعه، والسوط في موضعه".

 

• ورد في الأمر بالضرب في هذا حديث على سبيل الإجمال، لم يفصل كمًّا ولا كيفًا، استنبط الفقهاءُ أحكام الضرب التفصيلية من أدلة أخرى، ومن تأمل هذه الأحكام والقواعد لم يفُتْه تشبُّثُها بمعاني الرقة والرأفة، سواء كان في مواصفات أداة الضرب، طريقته، مكانه...راجع "التأديب بالضرب" تأليف د.إبراهيم بن صالح بن إبراهيم التنم.

 

كتب الطبيب النفساني الفرنسي موريس برجا Maurice Berger، وهو من نوادر معارضي مذهب التسامح الكلي الـ: "لاعقابي"؛ حيث قال في بيانه لشروط الضرب غير الضار لنفسية الطفل: "لا بد أن يكون نادرًا، في غير ثورة غضب، متوسط القوة، وفي عادة علاقة ودية (بين المعاقب والمعاقب عليه)"، في مقام آخر أكَّد على حتمية تجنُّبِ الوجه؛ لِمَا في ذلك من إهانة للطفل، لم يَغِبْ عنك مدى توافق هذه الشروط مع التي أسسها العلماء والتربويون المسلمون؛ (جريدة "لوموند" الفرنسية").

 

التحقير اللفظي أو القسوة التربوية المستصغرة:

"أنت لا تصلح لشيء"، " أنت غبي؟!"، "أيست منك"...رغم ما تحمل هذه العبارات وما يشابهها في طياتها من احتقار، فهي تدور على ألسن كثير من الآباء في مخاطبتهم أولادَهم، كلمات نستحيي أن نوجهها إلى كبير، فليت شعري لماذا تهُون علينا مع صغير؟!

 

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾ [الحجرات: 11].

 

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بحَسْبِ امرئٍ من الشر أن يحقِرَ أخاه المسلم)).

 

وإن كان أغلب من يلجأ إلى هذه الأساليب - غفر الله لنا - لا يقصد حقيقة هذه الألفاظ بقدر إرادته تشجيعَ أطفالهم، وحثهم على التخلص من رذائل الأخلاق، يبقى أن الأمر منهيٌّ عنه شرعًا، وله عواقبُ نفسية ثم سلوكية وخيمة على الأطفال.

 

لا تَنْسَ أنك قدوة لمن تربي، كما قال الشافعي - رحمه الله تعالى - لأبي عبدالصمد - مؤدب أولاد هارون الرشيد -: "فإن أعينَهم معقودةٌ بعينك..." عندما تقول لطفلك بأنه فاشل إذا لم يستجِبْ لمطالبِك مثلًا، فهو يقابل هذه الكلمات بتصديق، ويترسخ هذا المعنى في نفسه، يرى نفسه فاشلًا حقيقةً، ويفقد ثقته الذاتية؛ أي: عكس ما كنت تأمل بهذه الكلمات تمامًا...

 

لا بد من "تجنب إطلاق الصفات أو الأحكام السلبية على الطفل، مثل: خالد خجول، أو غير نشيط، فهذا من شأنه أن يدفع الطفل إلى التصرُّف وفقًا لهذا الوصف، وقد يؤدي إلى تدني ثقة الطفل بنفسه، وهو ما يطلق عليه في علم النفس: النبوءة المحققة لذاتها؛ أي: إن تنبؤات الأهل عن سلوك الطفل ومستقبله تدفع الطفل إلى تصديق هذا التنبؤ أو الوصف، والتصرف بناءً على ذلك، سواء أكان هذا الوصف أو التنبؤ إيجابيًّا أم سلبيًّا"؛ (د.أحمد عيد الشخانبة، دكتور في علم النفس الطبي).

 

في الختام، لنذكر أن التربية عبادة وقُرْبة، يقصد بها رضا الله؛ بالالتزام بأمره، وتجنُّب نهيه؛ قال الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]، قال رسول الله: ((كفى بالمرء إثمًا أن يُضيِّعَ مَن يقُوتُ)).

 

علينا بالامتثال بالمنهج المحدد شرعًا، إن الانحراف عنه مصدرُ شقاوةٍ وتعاسة في الدارينِ؛يقول جل في علاه: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7].

 

اللهم وفِّقْنا في تربية أولادنا؛ إن الموفَّق من وفَّقتَه، وهَبْ لنا من أزواجنا وأولادنا قرةَ أعين!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • منهج قرآني في التربية
  • قبسات من التربية النبوية
  • أثافي التربية
  • أساس التربية في عقيدة المسلم

مختارات من الشبكة

  • إندونيسيا: ملكة جمال الأخلاق الإسلامية ردا على ملكة جمال العالم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التربية الجمالية في الإسلام ومفهومها(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • منزلة الجمال في أخلاق القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جمال الظاهر وجمال الباطن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جمال المرأة وجمال الرجل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مؤتمر علمي عن التربية والتعليم بكلية التربية الإسلامية بجامعة بيهاتش(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سؤال التربية بين الخطاب الرؤيوي والبديل السوسيوثقافي من خلال كتاب: إشكاليات التربية بالمغرب لمحمد أمزيان(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • إسبانيا: وزارة التربية والتعليم تعلن تدريس التربية الدينية الإسلامية العام المقبل(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مناهج التربية العقدية عند الإمام ابن تيمية "بحث تكميلي" لرسالة ماجستير التربية(رسالة علمية - آفاق الشريعة)
  • الظاهرة الجمالية في الفقه الحضاري(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب