كيفية إعداد المعلمة القائمة بدعوة الطالبات

كيفية إعداد المعلمة القائمة بدعوة الطالبات

إن تحسين إعداد القائمة بالدعوة ورفع مستوى كفاءتها يعتبر أولى الخطوات في سبيل الارتقاء بالدعوة، مع ملاحظة أن القائمة بدعوة الطالبات في المرحلة الثانوية لا تتلقى إعدادا دعويا خاصا إلا من خلال إطار أعمالها الموكلة إليها، أو تخصصها التعليمي[1]، الأمر الذي يجعل الجهود المبذولة لإعداد المعلمة تصب في إعداد القائمة بالدعوة، مع ما يضاف إليه من إعداد يلائم مهامها الخاصة التي تكلّف بها من قبل الإدارات التربوية في مديرية التعليم.

وقبل الحديث عن كيفية إعداد القائمة بالدعوة، يحسن البدء بتوضيح الجهات المساهمة في إعداد المعلمة القائمة بدعوة الطالبات:

أولا: كليات التربية:

تقع مسؤولية إعداد المعلمات على كليات التربية بتخصصاتها المختلفة، وبشكل خاص على تخصصات العلوم الإسلامية، حيث (تعد كليات التربية بجامعات المملكة المكان الطبيعي لتدريب هيئات التدريس والأطر الإدارية المدرسية، نظرا لتوافر الإمكانات والخبرات التعليمية، فوظيفة كلية التربية الأساسية -كما هو معلوم- إعداد وتخريج المعلمين المؤهلين للتدريس في مراحل التعليم العام)[2]، وتحرص كليات التربية على تزويد المجتمع بما يحتاج إليه من معلمات يتحلين بالكفاءة والقدرة على أداء المسؤوليات المتعلقة بهنّ بجدارة، ومن أبرز مهام كليات التربية ما يأتي:

1)) اختيار الطالبات:

وهنّ الحاصلات على شهادة الثانوية العامة -أو ما يقابلها - وهذه المرحلة تتطلب جهودا كبيرة لبناء شخصية الطالبة، لذلك ينبغي هنا أن (تبذل معاهد وكليات إعداد المعلمين مجهودات هادفة في أوساط المدارس التي تمدها بالطلاب، وذلك لاجتذاب العناصر المناسبة التي يمكن تشجيعها وحفزها للانخراط في التدريس، كمهنة ذات رسالة تترسم خطى الأنبياء، مصداقا للقول المأثور: ((العلماء ورثة الأنبياء))[3] [4])، وهذا يتطلب القيام بتوعية وترشيد للطالبات الراغبات في الالتحاق بالكلية لتعريفهنّ بأهمية التربية والتعليم في ترقية المجتمع، وتعريفهنّ بالأنشطة العلمية والاجتماعية التي تقوم عليها برامج إعداد المعلمات، والمزايا التي تتمتع بها المعلمة.

2)) برامج الكليات ومناهجها التعليمية:

وهي خطوة مهمة في تهيئة المعلمات للدخول في المهنة، وهناك من يرى أن برامج كليات التربية مزدحمة مقارنة بالفترة الزمنية المخصصة للدراسة، مما يرهق كاهل الطالبة، والمفترض التوازن بين المحاور الثلاثة اللازمة لإعداد المعلمة، وهي: الإعداد الثقافي العام، والإعداد التخصصي، والإعداد المهني.

وكذلك ينبغي على كليات التربية أن تتمم مهمتها في إعداد المعلمات الداعيات و متابعة ذلك، وعدم التوقف عند مجرد تخريج الطالبات فحسب، بل عليها أن تنشئ وحدات خاصة في الكليات تتولى مهمة متابعة الخريجات، وتزويدهنّ بالعلوم النافعة في استكمال تأهيلهنّ، كما يمكنها معاونتهنّ على مواجهة المشكلات والصعوبات التي تواجههنّ بعد تخرجهنّ في مهمتهنّ الدعوية[5].

ثانيا: إدارة التدريب التربوي والابتعاث:

(تولي سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية التدريب التربوي أهمية بالغة، باعتباره وسيلة التطوير التربوي المستمر لمواكبة كل جديد ومفيد في مجال التربية، وذلك بالنهوض بالمستوى العلمي والمسلكي للعاملين فيه، من خلال إكسابهم الخبرات الجديدة وترسيخها)[6]، وقد نصت سياسة التعليم بالمملكة في عدد من موادها [7] على ضرورة العناية بإعداد المعلمة واستمرارية هذا الإعداد والتدريب، كما جاء جهاز التدريب التربوي محققا لهذه المواد حيث يهدف إلى (تحقيق النمو المهني المستمر لشاغلي الوظائف التعليمية، ورفع مستوى أدائهم في العملية التعليمية، وزيادة الطاقة الإنتاجية لدى جميع العاملين، وإعداد الكوادر الوطنية المدربة في شتى التخصصات التي تحتاجها الوزارة)[8].

ويعتبر التدريب من أهم وسائل الإعداد للمعلمة القائمة بالدعوة بعد تخرجها من الكلية ومباشرتها للعمل التربوي، ويُعرّف التدريب بأنه ذلك (النشاط الإنساني المخطط له، ويهدف إلى إحداث تغييرات في المتدربين من ناحية المعلومات، والمهارات، والخبرات، والاتجاهات، ومعدلات الأداء، وطرق العمل)[9].

وقد (حرصت الرئاسة العامة منذ إنشائها عام 1380هـ على وضع تخطيط واضح لإعداد المعلمات، وتوفير أسباب النمو التربوي لهنّ، وانطلاقا من الاهتمام بإعداد المعلمة إعدادا تربويا يتناسب والنهضة التعليمية الشاملة، ورغبة في تحريك وضع المعلمة، وتجديد وتحديث معلوماتها باستمرار؛ فقد أوجدت الرئاسة في جهازها المركزي إدارة عامة لبرامج إعداد المعلمات... وتقوم شعبة إعداد برامج التدريب التربوي بإعداد الدورات التدريبية، بهدف توفير النمو المهني للقائمات على رأس العمل في المراحل التعليمية المختلفة بالتعليم العام، بتوعيتهنّ بما يستحدث في مجالات التربية والتعليم، وتجديد خبراتهنّ)[10].

وتتلخص السياسة العامة للتدريب في العمل على تنمية القوى البشرية ورفع كفاءتها، وإعادة تأهيلها لرفع معدلاها الإنتاجية، وهذا يتم بشكل شامل لجميع العاملين في قطاع التعليم، وبشكل إلزامي لكل شاغلي الوظائف التعليمية بما لا يقل عن برنامج تدريبي واحد كل خمس سنوات كحد أقصى، مع إتاحة الفرصة بتوفير البرامج التدريبية وفق الاحتياجات التربوية، واستخدام الحوافز المعنوية والمادية لدفع المعلمات إلى الالتحاق في هذه البرامج، والعمل على استخدام التقنيات الحديثة وتوظيفها لخدمة التدريب التربوي.

وتقوم الإدارة العامة للتدريب التربوي بالتعاون مع المؤسسات التعليمية والتدريبية الأخرى بعقد لقاءات ومؤتمرات سنوية بين المهتمين بهذا الموضوع، لمناقشة قضايا التدريب وعرض التجارب وإجراء الدراسات العلمية المثمرة في هذا المجال، كما تقوم بالتنسيق مع الجامعات السعودية في تنفيذ بعض البرامج التدريبية المتقدمة، بإشراك أعضاء هيئات التدريس في الكليات والجامعات في تنفيذ وتقويم برامج التدريب، إضافة إلى العمل على تعزيز التعاون وتبادل الخبرات والتجارب في مجال التدريب التربوي بين وزارة التربية والتعليم ومؤسسات التعليم والتدريب الأهلية (الخاصة) بالمملكة، وذلك عن طريق الاستعانة بالكفاءات البشرية المتوافرة في القطاع الخاص، في تنفيذ البرامج التدريبية التربوية.

ولإتاحة الفرصة لكل من يشغل وظيفة تعليمية، تعمل وزارة التربية والتعليم على فتح مراكز التدريب التربوي في كل منطقة ومحافظة تعليمية[11]، كما تقوم بفتح مراكز فرعية في المناطق النائية، ودعم هذه المراكز بما تحتاجه من خطط وبرامج ومستلزمات تدريب وكوادر بشرية مؤهلة، لتحقيق النمو المطلوب لمخرجات التدريب التربوي.

وتنفذ إدارة التدريب والابتعاث التربوي برامجها في أماكن مختلفة، منها:

1)) مراكز التدريب التربوي التي أنشأتها الوزارة في المناطق والمحافظات، وتهتم بتنفيذ ثلاثة أنواع من البرامج:

1- البرامج القصيرة المصممة من قبل الوزارة:

ومدتها تقل عن أسبوعين، وتشمل عدة برامج تدريبية مثل: برنامج تدريب المعلمات على تقنيات التعليم، برنامج الأهداف السلوكية في التربية والتعليم، برنامج المشرف الجديد، برنامج لمعلم الجديد....الخ.

2- البرامج المحلية:

وهي برامج قصيرة لا تتجاوز مدتها أسبوعين، تقترحها إدارات التعليم في المناطق والمحافظات على ضوء الحاجات التعليمية للمعلمات، وتستهدف كافة شرائح العاملات في قطاع التعليم العام.

3- البرامج التنشيطية:

وهي برامج تدريبية تستهدف تدريب المعلمات في مختلف المواد الدراسية والإدارية وتكنولوجيا التعليم، وتتراوح مدتها من 3-5 أيام تدريبية.

2)) كليات التربية والجامعات، وقد سبق الحديث عنها.

3)) معهد الإدارة العامة: حيث ينفذ برامج تم تصميمها من قبل الوزارة، أو من قبل معهد الإدارة، ويقوم المعهد بتنفيذها لمنسوبي الوزارة مع منسوبي الوزارات الأخرى[12].

ثالثا: الإدارات والأقسام التابعة لمديريات التعليم في المناطق:

تقوم الإدارات والأقسام التي تتبعها القائمات بالدعوة في المدارس الثانوية و التابعة لمديريات التعليم في المناطق، ومنها: قسم الدراسات الإسلامية (العلوم الدينية) في مكتب الإشراف التربوي، ووحدة التربية الإسلامية، ووحدة الإرشاد والتوجيه الطلابي، وشعبة النشاط غير الصفي[13]، بإعداد منسوباتها قبل الخدمة وأثناءها، عن طريق الزيارات الميدانية، وعقد الاجتماعات واللقاءات الدورية لهنّ، وإقامة الدورات التدريبية والحلقات التنشيطية لاستكمال إعدادهنّ، وذلك بالتعاون مع مركز التدريب والتطوير التربوي في المنطقة التابعة لها.

إن تدريب القائمة بالدعوة إلى الله على مهارات الدعوة يعدّ من أهم الطرق الرئيسة للنمو والبناء الدعوي للمعلمة الداعية وأكثرها فعالية، حيث إنها أداة التغيير ومفتاح الإصلاح، ومهما طُورت المناهج واستُخدمت الوسائل واعتُمدت الخطط، دون أن ترفع مستوى كفاءة الداعية وتمكّنها من الإلمام بأحدث التطورات والاتجاهات في مجال تخصصها، وزيادة مقدرتها في تطوير كفايتها، واستيعابها للمبادئ والمفاهيم الإسلامية، والالتزام بها في أداء مهمتها التعليمية والدعوية، فإن جهود الإصلاح والدعوة ستكون أقل فعالية وأضعف أثرا.