• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

أهمية المجاهدة وعلاقتها بالنصر (1)

فتحي حمادة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/4/2014 ميلادي - 8/6/1435 هجري

الزيارات: 30303

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أهمية المجاهدة وعلاقتها بالنصر (1)

 

عناصر الموضوع:

♦ أهمية المجاهدة وعلاقتها بالنصر.

♦ أقوال العلماء في المجاهدة.

♦ المجاهدة في القرآن.

♦ المجاهدة في السنة.

♦ أهمية المجاهدة وعلاقتها بالنصر.

 

تعتبر المجاهدة السلاحَ القوي للدفاع عن الدين كلِّه؛ من النفس الأمَّارة بالسوء، ومن وساوس الشيطان، ومن أعداء الدين، ومَن تسوِّل له نفسه أن يحارب دين الله -تعالى- ويُحَارب عباد الله - تعالى؛ فالمجاهدةُ تَشمَل كل العبادات، فلولا المجاهدةُ، وخاصة مجاهدة النفس، لَمَا أُقِيمت هذه العبادات، ولَمَا أقيم دين الله - تعالى.

 

وعلى ذلك، فإن المجاهدة هي استفراغُ الطاقة في كل العبادات، وإذا حققنا المجاهدة بحق، لانتصرنا على الصهاينة ومَن والاهم في عامين أو أقل - بإذن الله تعالى.

 

والمجاهدة تكون في الطاعات، والصبر عن المنهيات، ووقت الحرب والمُغِيرات، والمجاهدة تكون بالمال وبالنفس وباللسان؛ قال -تعالى-: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ ﴾ [الحج: 78]؛ أي: جاهدوا بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم، هو اصطفاكم واختاركم، وفضَّلكم وأكرَمكم على سائر الخَلْقِ.

 

وقال -تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ [التحريم: 9]؛ أي: جاهدْهم بالسيف واللسان، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((قد أفلح المُزهِد المُجهِد)) قالها ثلاثًا؛ رواه أحمد، "المُزهِد في العيش، المُجهِد في العبادة".

 

والمجاهدة لها تعريفات كثيرة؛ منها:

"كفُّ النفس عن إرادتها من الشغل بغير العبادة.

"كفُّ النَّفس عن إرادتها من الشغل بغير العبادة... وقال ابن بطَّال: جهاد المرء نفسه هو الجهاد الأكمل، قال اللَّه -تعالى-: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى ﴾ الآيةَ، ويقع بمنع النفس عن المعاصي، وبمنعها من الشبهات، وبمنعها من الإكثار من الشهوات المباحة لتتوفر لها في الآخرة.

 

ونقل القشيري عن شيخه أبي علي الدقَّاق: مَن لم يكنْ في بدايته صاحبَ مجاهدة لم يجدْ من هذا الطريق شمةً.

 

وعن أبي عمرو بن بُجَيد: مَن كَرُم عليه دينُه هانت عليه نفسُه.

 

قال القشيري: أصل مجاهدة النفس فَطْمُها عن المألوفات، وحملها على غير هواها.

 

قال القشيري: أصل مجاهدة النفس فطمها عن المألوفات، وحملها على غير هواها، وللنفس صفتان: انهماك في الشهوات، وامتناع عن الطاعات، فالمجاهدة تقع بحسب ذلك.

 

قال القشيري: أصل مجاهدة النفس فطمُها عن المألوفات، وحملها على غير هواها.

 

وللنفس صفتان: انهماك في الشهوات، وامتناع عن الطاعات، فالمجاهدة تقع بحسب ذلك.

 

قال بعض الأئمة: جهاد النفس داخل في جهاد العدو؛ فإن الأعداء ثلاثة: رأسهم الشيطان، ثم النفس؛ لأنها تدعو إلى اللذَّات المفضية إلى الوقوع في الحرام الذي يُسخِط الرب، والشيطان هو المُعِين لها على ذلك، ويزينه لها، فمَن خالف هوى نفسِه قمع شيطانه، فمجاهدة نفسه حملُها على اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه.

 

وإذا قوي العبد على ذلك سَهُل عليه جهاد أعداء الدين؛ فالأول: الجهاد الباطن، والثاني: الجهاد الظاهر، وجهاد النفس أربع مراتب: حملها على تعلم أمور الدين، ثم حملها على العمل بذلك، ثم حملها على تعليم مَن لا يَعلَم، ثم الدعاء إلى توحيد الله، وقتال مَن خالف دينه وجحد نعمه.

 

وأقوى المُعِين على جهاد النفس جهاد الشيطان بدفع ما يُلقِي إليه من الشبهة والشك، ثم تحسين ما نهي عنه من المحرَّمات، ثم ما يُفضِي الإكثار منه إلى الوقوع في الشبهات، وتمام المجاهدة أن يكون متيقظًا لنفسه في جميع أحواله، فإنه متى غَفَل عن ذلك استهواه شيطانه ونفسه إلى الوقوع في المنهيات، وبالله التوفيق.

 

"كمال النفس المطلوب ما تضمن أمرين:

أحدهما: أن يصير هيئة راسخة، وصفة لازمة له.

الثاني: أن يكون صفة كمال في نفسه.

 

فإذا لم يكن كذلك لم يكن كمالاً، فلا يليق بمَن يسعى في كمال نفسه المنافسةُ عليه، ولا الأسف على فوته، وذلك ليس إلا معرفة بارئها وفاطرها، ومعبودها وإلهها الحق، الذي لا صلاح لها، ولا نعيم، ولا لذة إلا بمعرفته، وإرادة وجهه، وسلوك الطريق الموصلة إليه وإلى رضاه وكرامته، وأن تعتاد ذلك فيصير لها هيئة راسخة لازمة، وما عدا ذلك من العلوم والإرادات والأعمال، فهي بين ما لا ينفعها ولا يكملها، وما يعود بضررها ونقصها وألمها، ولا سيما إذا صار هيئة راسخة لها؛ فإنها تعذب وتتألم به، بحسب لزومه لها.

 

وأما الفضائل المنفصلة عنها؛ كالملابس، والمراكب، والمساكن، والجاه، والمال، فتلك في الحقيقة عَوارٍ أُعِيرتْها مدة ثم يرجع فيها المُعِير، فتتألم وتتعذَّب برجوعه فيها بحسب تعلقها بها، ولا سيما إذا كانت هي غاية كمالها، فإذا سُلِبتْها أحضرت أعظم النقص والألم والحسرة.

 

فليتدبر مَن يريد سعادة نفسه ولذتها هذه النكتة، فأكثر هذا الخلق إنما يَسْعَون في حرمان نفوسهم، وألمها، وحسرتها، ونقصها، من حيث يظنون أنهم يريدون سعادتها ونعيمها؛ فلذَّتها بحسب ما حصل لها من تلك المعرفة والمحبة والسلوك، وألمها وحسرتها بحسب ما فاتها من ذلك، ومتى عدم ذلك وخلا منه، لم يبقَ فيه إلا القُوَى البدنية النفسانية، التي بها يأكل ويشرب، وينكح، ويغضب، وينال سائر لذاته ومرافق حياته، ولا يلحقه من جهتها شرف ولا فضيلة، بل خساسة ومنقصة؛ إذ كان إنما يناسب بتلك القوى البهائم، ويتصل بجنسها، ويدخل في جملتها، ويصير كأحدها، وربما زادت في تناولها عليه، واختصت دونه بسلامة عافيتها والأمن من جلب الضرر عليها، فكمالٌ تُشَاركك فيه البهائم، وتزيد عليك، وتختص عنك فيه بسلامة العاقبة - حقيقٌ أن تهجرَه إلى الكمال الحقيقي الذي لا كمال سواه، وبالله التوفيق"[1].

 

أقوال العلماء في المجاهدة:

جاء في شرح رياض الصالحين لابن عثيمين عن المجاهدة:

"المجاهدة تعني مجاهدة الإنسان نفسه ومجاهدة غيره، فأما مجاهدة الإنسان نفسه، فإنها من أشق الأشياء، ولا تتم مجاهدة الغير إلا بمجاهدة النفس أولاً، ومجاهدة النفس تكون بأن يجاهد الإنسان نفسه على شيئين: على فعل الطاعات، وعلى ترك المعاصي؛ لأن فعل الطاعات ثقيل على النفس إلا مَن خفَّفه الله عليه، وترك المعاصي كذلك ثقيل على النفس إلا مَن خفَّفه الله عليه، فتحتاج النفس إلى مجاهدة، لا سيما مع قلة الرغبة في الخير، فإن الإنسان يعاني من نفسه معاناةً شديدة؛ ليحملها على فعل الخير.

 

ومن أهم ما يكون من هذا مجاهدة النفس على الإخلاص لله - عز وجل - في العبادة؛ فإن الإخلاص أمره عظيم وشاقٌّ جدًّا، حتى إن بعض السلف يقول: ما جاهدت نفسي على شيءٍ مجاهدتَها على الإخلاص؛ ولهذا كان جزاء المخلصين أن مَن قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه، حرَّمه الله على النار.

 

لكن متى يكون هذا الأمر؟ إن هذا الأمر شديد جدًّا؛ فالمجاهدة على الإخلاص لله من أشقِّ ما يكون على النفوس؛ لأن النفوس لها حظوظ، ولأن الإنسان يحب أن يكون مرموقًا عند الناس، ويحب أن يكون محترمًا بين الناس، ويحب أن يقال: إن هذا رجل عابدٌ، هذا رجل فيه كذا وكذا من خصال الخير، فيدخل الشيطان على الإنسان من هذا الباب، ويحمله على مراءاة الناس، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن سمَّع سمَّع الله به، ومَن راءَى راءَى الله به)؛ يعني: أظهر أمرَه للناس حتى ينكشف، والعياذ بالله.

 

كذلك أيضًا مما يُجَاهِد الإنسان نفسه عليه، فعل الطاعات الشاقة مثل الصوم؛ فإن الصوم من أشق الطاعات على النفوس؛ لأن فيه ترك المألوف من طعام وشراب ونكاح، فتجده يكون شاقًّا على الناس إلا مَن يسَّره الله عليه وخفف عنه، تجد بعض الناس مثلاً إذا دخل رمضان كأنما وُضِع على ظهره جبل - والعياذ بالله - لأنه يستثقلُ الصوم ويرى أنه شاق، حتى إن بعضهم يجعل حظ يومه النوم، وحظ ليله السهر في أمرٍ لا خير له فيه، كل ذلك من أجل مشقة هذه العبادة عليه.

 

كذلك أيضًا من الأشياء التي تحتاج إلى مجاهدة، مجاهدة الإنسان نفسه على الصلاة مع الجماعة؛ كثير من الناس يَسهُل عليه أن يصلِّي في بيته، لكن يشق عليه أن يصلي مع الجماعة في المسجد، فتجده مع نفسه في جهاد، يقول: أَصبِر، أؤدِّي هذا الشغل، أو أفعل كذا، أو أفعل كذا، حتى.. سوف..، فتفوته صلاة الجماعة، وثِقلُ صلاة الجماعة على الإنسان يدلُّ على أن في قلب الإنسان نفاقًا، والدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، لو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا))، وهذا يحتاج إلى المجاهدة.

 

أما مجاهدة النفس على ترك المحرم، فما أكثر المحرمات التي يشق على بعض الناس تركها، فتجد البعضَ يعتاد على فعل المحرم، ويشق عليه تركه، ولنضرب لهذا مَثَلين:

المثل الأول: الدُّخَان، فإن كثيرًا من الناس ابتلي بشرب الدخان، وأول ما خرج الدخان اختلف العلماء فيه؛ منهم مَن قال: إنه حلال، ومنهم مَن قال: إنه حرام، ومنهم من قال: إنه مكروه، ومنهم من ألحقه بالخمر، حتى أوجب الحد على شاربه، ولكن بعد أن مضت الأيام تبيَّن تبينًا لا شك فيه أنه حرام؛ لأن الأطباء أجمعوا على أنه مضرٌّ بالصحة، وأنه سبب لأمراض مستعصية، تؤدِّي بالإنسان إلى الموت؛ ولهذا تجد بعض المدخِّنين يموت وهو يكلمك، ويموت وهو على الفراش، وإذا حَمَل أدنى شيء انقطع قلبه ومات، وهذا يدل على أنه ضار، والشيء الضار محرَّم على الإنسان؛ لأن الله يقول: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، ويشق على بعض المُبتَلين بهذا الدخان أن يَدَعه، مع أنه لو عوَّد نفسه على تركه شيئًا فشيئًا، وابتعد عن الذين يشربونه، لسَهُل عليه الأمر، وصار يكرهُ شمَّ رائحته، لكن المسألة تحتاج إلى عزيمة قوية وإيمان صادق.

 

المثل الثاني: مما يشق على كثير من الناس، وقد ابتُلِي به الكثير، حلق اللِّحَى، فإن حلق اللحية محرَّم؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خالفوا المجوس، خالفوا المشركين، وفِّروا اللحى، وأحفوا الشوارب))، كثير من الناس قد غلبتْه نفسه فصار يحلق لحيته، ولا أدري ماذا يجني من حلق اللحية؟! لا يجني إلا معاصي تتراكم عليه حتى تضعف إيمانه والعياذ بالله؛ لأن من مذهب أهل السنة والجماعة أن المعاصي تنقص الإيمان، فيكسب حالق اللحية معاصي تنقص إيمانه، مع أنه لا يزيد نشاطه ولا صحته، ولا تندفع عنه بذلك الأمراض، ولكن ابتلي بهذا الشيء، وصار شاقًّا عليه، فعلى الإنسان أن يجاهد نفسه على فعل الأوامر وعلى ترك النواهي، حتى يكون من المجاهدين في الله - عز وجل - وقد قال الله -تعالى- في جزائهم: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

 

أما مجاهدة الغير، فإنها تنقسم إلى قسمين: قسم بالعلم والبيان، وقسم بالسلاح.

 

أما مَن مجاهدته بالعلم والبيان، فهو الذي يتسمَّى بالإسلام وليس من المسلمين؛ مثل المنافقين، وأهل البدع المكفِّرة، وما أشبه ذلك، فإن هؤلاء لا يمكن أن نجاهدهم بالسلاح؛ لأنهم يتظاهرون بالإسلام وأنهم معنا، ولكننا نجاهدُهم بالعلم والبيان، قال الله -تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [التوبة: 73]، فجِهاد الكفار يكون بالسلاح، وجهاد المنافقين يكون بالعلم والبيان؛ ولهذا كان الرسول - عليه الصلاة والسلام - يعلم بأن في أصحابه منافقين، ويعلَمهم بأعيانهم، ولكنه لا يقتلهم، واستؤذن في قتلهم، فقال: ((لا يتحدَّث الناس بأن محمدًا يقتل أصحابه))، فكذلك الذين ينضوون تحت لواء الإسلام من أهل البدع، لا نقاتلهم بالسلاح، لكننا نقاتلهم بالعلم والبيان.

 

والناس اليوم في عصرنا محتاجون إلى هذا النوع من العلم؛ لأن البدع بدأ يفشو ظلامها في بلدنا هذه؛ بعد أن كانت نزيهةً منها، لكن نظرًا لانفتاحِنا على الناس، وانفتاح الناس علينا، وذهاب بعضنا إلى بلاد أخرى، ومجيء آخرين إلى بلادنا، ليسوا على عقيدة سليمة، بدأت البدع تظهر ويفشو ظلامها، وهذه البدع تحتاج إلى نورٍ من العلم يضيء الطريق، حتى لا يصيب بلادَنا ما أصاب غيرَها من البدع المنكرة العظيمة، التي قد تصل إلى الكفر - والعياذ بالله - فلا بدَّ من مجاهدة أهل البدع وأهل النفاق بالعلم والبيان، وبيان بطلان ما هم عليه؛ بالأدلة المُقنِعة من كتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وأقوال السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأئمة الهدى من بعدهم.

 

أما النوع الثاني من جهاد الغير، فهو الجهاد بالسلاح، وهذا في جهاد الأعداء الذين يظهرون العداوة للإسلام ويصرِّحون بذلك؛ مثل اليهود، والنصارى الذين يسمَّون بالمسيحيين والمسيح منهم بريء - عليه الصلاة والسلام - المسيح لو أنه خرج لقاتلهم وهم ينتسبون إليه، يقول الله - عز وجل -:﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [المائدة: 116]؟ فماذا كان جواب عيسى؟ ﴿ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [المائدة: 116، 117]؛ فعيسى ابن مريم قال لهم ما أمرهم الله به: اعبدوا الله ربي وربكم، ولكنهم كانوا يعبدون عيسى، ويعبدون مريم، ويعبدون الله ويقولون: إن الله ثالث ثلاثة، إذًا كيف يصح أن ينتسب هؤلاء إلى عيسى وهو يتبرأ منهم أمام الله - عز وجل.

 

فاليهود والنصارى والمشركون من البوذيين وغيرهم، والشيوعيون، كل هؤلاء أعداء للمسلمين، يجب على المسلمين أن يقاتلوهم حتى تكون كلمة الله هي العليا، ولكن مع الأسف، فالمسلمون اليوم في ضعف شديد، وفي هوانٍ وذلٍّ، يقاتل بعضُهم بعضًا أكثرَ مما يقاتلون أعداءهم، هم فيما بينهم يتقاتلون أكثر مما يتقاتلون مع أعدائهم؛ ولهذا سلِّط الأعداءُ علينا، وصرنا كالكرةِ بأيديهم، يتقاذفونها حيث يشاؤون"؛ انتهى.

 

"لا تبذل نفسك إلا فيما هو أعلى منها، وليس ذلك إلا في ذات الله - عز وجل - في دعاء إلى حق، وفي حماية الحريم، وفي دفع هوان لم يوجبْه عليك خالقك -تعالى- وفي نصر مظلوم.

 

وباذلُ نفسه في عرض دنيا كبائع الياقوت بالحصى... العاقل لا يرى لنفسه ثمنًا إلا الجنة.

 

ينبغي للعاقل ألاَّ يحكم بما يبدو له من استرحام الباكي المتظلم وتشكِّيه، وشدة تلويه وتقلبه وبكائه، فقد وقفتُ من بعض مَن يفعل هذا على يقين أنه الظالم المعتدي المفرط الظلم، ورأيت بعض المظلومين ساكن الكلام، معدوم التشكي، مظهرًا لقلة المبالاة، فيسبق إلى نفس مَن لا يحقق النظر أنه ظالم، وهذا مكان ينبغي التثبت فيه، ومغالبة ميل النفس جملة، وألاَّ يميل المرء مع الصفة التي ذكرنا ولا عليها، ولكن يقصدُ الإنصاف بما يوجبه الحق على السواء.

 

من عجائب الأخلاق أن الغفلة مذمومة، وإن استعمالها محمود، وإنما ذلك لأن مَن هو مطبوع على الغفلة يستعملها في غير موضعها، وفي حيث يجب التحفظ، وهو مغيب عن فهم الحقيقة، فدخلت تحت الجهل فذمت لذلك، وأما المتيقظ الطبع، فإنه لا يضع الغفلة إلا في موضعها الذي يذم فيه البحث والتقصي والتغافل؛ فهمًا للحقيقة، وإضرابًا عن الطيش، واستعمالاً للحِلم، وتسكينًا للمكروه، فلذلك حمدت حالة التغافل، وذمت الغفلة.

 

وكذلك القول في إظهار الجزع وإبطانه، وفي إظهار الصبر وإبطانه، فإن إظهار الجزع عند حلول المصائب مذموم؛ لأنه عجز مظهره عن ملك نفسه، فأظهر أمرًا لا فائدة فيه، بل هو مذموم في الشريعة، وقاطع عمَّا يلزم من الأعمال، وعن التأهب لما يتوقع حلوله مما لعله أشنع من الأمر الواقع الذي عنه حدث الجزع، فلما كان إظهار الجزع مذمومًا، كان إظهار ضده محمودًا، وهو إظهار الصبر؛ لأنه ملك للنفس، وإطراح لما لا فائدة فيه، وإقبال على ما يعود وينتفع به في الحال، وفي المستأنف، وأما استبطان الصبر فمذموم؛ لأنه ضعف في الحس، وقسوة في النفس، وقلة رحمة، وهذه أخلاق سوءٍ، لا تكون إلا في أهل الشر، وخبث الطبيعة، وفي النفوس السبعية الرديئة.

 

فلما كان ما ذكرنا يقبح، كان ضده محمودًا، وهو استبطان الجزع لما في ذلك من الرحمة والشفقة والفهم، بقدر الرزية، فصح بهذا أن الاعتدال هو أن يكون المرء جزوع النفس، صبور الجسد، بمعنى أنه لا يظهر في وجهه ولا في جوارحه شيء من دلائل الجزع، ولو علم ذو الرأي الفاسد ما استضرَّ به من فساد تدبيره في السالف، لأنجح بتركه استعماله فيما يستأنف، وبالله التوفيق"[2].

 

جاء في إحياء علوم الدين للغزالي:

"فالخُلُق الحسن صفة سيِّد المرسلين وأفضل أعمال الصدِّيقين، وهو على التحقيق شطر الدين، وثمرة مجاهدة المتقين، ورياضة المتعبِّدين، والأخلاق السيئة هي السموم القاتلة، والمهلكات الدامغة، والمخازي الفاضحة، والرذائل الواضحة، والخبائث المبعدة عن جوار رب العالمين، المنخرطة بصاحبها في سلك الشياطين، وهي الأبواب المفتوحة إلى نار الله -تعالى- المُوقَدة التي تطَّلِع على الأفئدة، كما أن الأخلاق الجميلة هي الأبواب المفتوحة من القلب إلى نعيم الجنان، وجوار الرحمن، والأخلاق الخبيثة أمراض القلوب وأسقام النفوس، إلا أنه مرض يفوت حياة الأبد، وأين منه المرض الذي لا يفوت إلا حياة الجسد؟

 

ومهما اشتدت عناية الأطباء بضبط قوانين العلاج للأبدان، وليس في مرضها إلا فوت الحياة الفانية، فالعناية بضبط قوانين العلاج لأمراض القلوب، وفي مرضها فوت حياة باقية أَوْلَى، وهذا النوع من الطب واجبٌ تعلُّمه على كل ذي لبٍّ؛ إذ لا يخلو قلب من القلوب عن أسقام، لو أهملت تراكمت وترادفت العلل وتظاهرت، فيحتاج العبد إلى تأنُّق في معرفة علمها وأسبابها، ثم إلى تشميرٍ في علاجها وإصلاحها، فمعالجتُها هو المراد بقوله -تعالى-: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾ [الشمس: 9]، وإهمالها هو المراد بقوله: ﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 10]...، فإذًا أمهات الأخلاق وأصولها أربعة: الحكمة، والشجاعة، والعفة، والعدل.

 

ونعني بالحكمة: حالة للنفس بها يدرك الصواب من الخطأ في جميع الأفعال الاختيارية.

 

ونعني بالعدل: حالة للنفس وقوة بها تسوس الغضب والشهوة، وتحملُهما على مقتضى الحكمة، وتضبطهما في الاسترسال والانقباض، على حسب مقتضاها.

 

ونعني بالشجاعة: كون قوة الغضب منقادة للعقل في إقدامها وإحجامها.

 

ونعني بالعفة: تأدب قوة الشهوة بتأديب العقل والشرع.

 

فمن اعتدال هذه الأصول الأربعة، تصدُر الأخلاقُ الجميلة كلها؛ إذ من اعتدال قوة العقل يحصل حسن التدبير، وجودة الذهن، وثقابة الرأي، وإصابة الظن، والتفطن لدقائق الأعمال، وخفايا آفات النفوس.

 

ومن إفراطها: تصدُّر الجَرْبَزة والمكر والخداع والدهاء.

 

ومن تفريطها: يصدر البَلَهُ والغمارة والحمق والجنون، وأعني بالغمارة: قلة التجربة في الأمور مع سلامة التخيل؛ فقد يكون الإنسان غمرًا في شيء دون شيء، والفرق بين الحمق والجنون: أن الأحمق مقصوده صحيح، ولكن سلوكه الطريق فاسد، فلا تكون له رؤية صحيحة في سلوك الطريق الموصل إلى الغرض، وأما المجنون، فإنه يختار ما لا ينبغي أن يختار، فيكون أصل اختياره وإيثاره فاسدًا.

 

وأما خُلُق الشجاعة: فيصدر منه الكرم، والنَّجدة، والشهامة، وكسر النفس، والاحتمال، والحِلم، والثبات، وكظم الغيظ، والوقار، والتودد، وأمثالها، وهي أخلاق محمودة.

 

وأما إفراطها، وهو التهور، فيصدر منه الصَّلَف، والبذخ، والاستشاطة، والتكبُّر، والعُجب.

 

وأما تفريطها، فيصدر منه المهانة، والذلة، والجزع، والخساسة، وصغر النفس، والانقباض عن تناول الحق الواجب.

 

وأما خُلق العفة، فيصدر منه السخاء والحياء والصبر والمسامحة والقناعة والورع واللطافة والمساعدة والظرف وقلة الطمع. وأما ميلها إلى الإفراط أو التفريط: فيحصل منه الحرص والشَّرَهُ والوقاحة والخُبث والتبذير والتقتير والرياء والهتكة والمَجَانة والعَبَث والمَلَق والحسد والشماتة والتذلل للأغنياء واستحقار الفقراء وغير ذلك.

 

فأمهات محاسن الأخلاق هذه الفضائل الأربع: وهي الحكمة، والشجاعة، والعفَّة، والعدل، والباقي فروعها، وقد أشار القرآن إلى هذه الأخلاق في أوصاف المؤمنين، فقال -تعالى-: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحجرات: 15].



[1] الفوائد لابن القيم.

[2] الأخلاق والسير لابن حزم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ألفاظ النصر والتمكين في القرآن الكريم – دراسة دلالية –
  • عوامل النصر والهزيمة في ضوء القرآن الكريم
  • حظر النقاب وبشائر النصر!
  • وما النصر إلا من عند الله
  • الدعاء وأثره في تحقيق النصر
  • إقامة الدولة من عوامل النصر
  • أهمية المجاهدة وعلاقتها بالنصر (2)
  • المجاهدة في السنة (1)
  • خطبة عن المجاهدة

مختارات من الشبكة

  • أهمية دراسة السيرة النبوية وعلاقتها بفهم القرآن الكريم وعلومه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصدقة - أهميتها وعلاقتها بالصحة والقوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف يحقق المؤمن عبودية الافتقار إلى الله تعالى؟ (10): (المجاهدة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المجاهدة في أداء أمانة التعليم للطلاب والمعلمين وأولياء الأمور زمن (كورونا)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • شرح باب المجاهدة من كتاب رياض الصالحين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المجاهدة على العمل بالعلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأم المجاهدة الصابرة نسيبة بنت كعب (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأم المجاهدة الصابرة نسيبة بنت كعب (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المجاهدة في السنة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فلسطين المجاهدة(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب