• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

فواتح الملكوت في عبر قصة طالوت

فواتح الملكوت في عبر قصة طالوت
عبدالعزيز كحيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/4/2013 ميلادي - 19/6/1434 هجري

الزيارات: 30065

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فواتح الملكوت في عِبَر قصة طالوت



مضَت سُنَّة الله في بني إسرائيل الذين استَساغوا احتلال أرضهم، واستثقَلوا الجهاد لتحريرها رغم ندْب موسى - عليه السلام - لهم للقتال، فعُوقبوا بالتِّيه، وهاموا على وجوههم في الصحاري والقِفار ردحًا من الزمن، ثمَّ بدَت منهم رغبة في حمل السلاح لإخراج العدوِّ المحتلِّ مِن بلادهم، وكلَّموا نبيَّ زمانهم في ذلك ليتولَّى توجيههم بما يناسب؛ ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 246]، (وتَستمِرُّ القصة إلى غاية الآية 252).



مِن هنا تبدأ سلسلة من المواقف، كلُّها في حاجة إلى وقفات إيمانية وعِلميَّة لاستخراج الدروس والعِبَر المُجلِّية لكَوَامن النفوس وسُنن الاجتماع، والهادية للمُؤمنين في استِحضار حقائق الوحي من أجل تجليَة معالم الصراع مع النفس ثم مع الخُصوم.



1- النبيُّ يُحذِّر مِن فورة الحماس: لم يتسرَّع النبيُّ في إجابة قومه إلى القتال؛ لأن مَعرفته بهم - وهم شَعبٌ غليظ الرقبة عبر الأجيال المُختلفة – جعلته يحذّرهم مِن نَزوات العواطف الفائرة والعزائم الظرفية: ﴿ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ﴾؟ لكنّهم أبدوا استِمساكًا بقرار الحرب، وساقوا حُجَجًا تُظهر العزيمة وتدحض التردُّد: ﴿ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ﴾ [البقرة: 246].



2- أمارات الهزيمة النفسية: لمَّا رأى نبيُّهم هذا الإصرار منهم على القتال لاسترجاع حقوقهم أعلنَ التعبئة العامَّة، فكانت الصدمة الأولى، وهي أولى علامات الانهِزام قبل أن تبدأ المعركة، إنَّها بوادر الهزيمة النفسية التي لن تَقود إلا إلى مزيد من التراجع والإخفاق أمام العدوِّ: ﴿ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 246]!!



هكذا تبيَّن أنَّ اندفاعهم الأوَّل كان مجرَّد نزوة عابرة لم تَصمُد أمام الخطوات العملية، وما هذا سوى للخَوَر الذي أصبح عندهم خصيصة وخُلُقًا، وذلك شرُّ ما يُبتلى به إنسان، فإذا ابتُليَت به أمَّة كانت الكارثة، لكن هناك قِلَّة بقيَت على عَهدِها، غير أن علامات الهزيمة تبقى مُصاحِبة لها إلا دائرة ضيِّقة من أصحاب المبادئ والتصميم يَخوضون المطاف إلى نهايته.



3- خطوات متتالية للتراجع: بعد أن تراجعَت الأغلبية عند الوهلة الأولى اعتمدَ نبيُّ الزمان على البقية المُثابِرة: ﴿ قَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ﴾ [البقرة: 247]، نحن هنا أمام عدَّة مسائل يجب التوقُّف عندها:

♦ لا بدَّ للحشود المتأهِّبة للقتال من قائد يَنضوون تحت لوائه، وها هو قائد الجيش أمامهم، ومعه ميزة نادِرة؛ إذ لم تُعيِّنه قيادة الأركان، ولا الجماعة، ولا حتى النبي، بل هو مِن اصطفاء الله - تعالى - الله الذي يُؤمن به بنو إسرائيل.



♦ كان ينبغي - والحالة هذه - أن تُسارع الجموع "المؤمنة" إلى مُبايَعة طالوت والانصياع لأمر الله دون تردُّد؛ لأن ديدن المؤمنين أن يُقابِلوا أمر الله بالسمع الفوري والطاعة المُطلَقة: ﴿ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾ [البقرة: 285]، لكن موقف هؤلاء القوم لم يشذَّ عن موقف اليهود الدائم؛ ﴿ قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾ [البقرة: 93]، فأيُّ إيمان هذا؟ وأيَّة عقيدة هذه؟

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 36].



♦ لم يَكتفِ القوم بعدم إنفاذ الأمر الرباني - وهذه وحدَها قاصِمة كُبرى - بل شكَّكوا في الحِكمة الإلهية: ﴿ قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ ﴾ [البقرة: 247]، يَرون أن الاختيار الإلهي جانبَه الصواب؛ لأنَّ منهم مَن هو أجدر بالقيادة من طالوت، كأنَّ ذلك فاتَ عِلمَ الله.



إنَّ الإذعان لأمر الله ونهيِه دليل الإيمان ومُقتَضاه الطبيعي، وقد أمضى إبراهيم - عليه السلام - ما رأى أنه أمرٌ بذبح ابنه الصغير الوحيد، فأقدم على النحرِ بدون تردُّد، وأسلم إسماعيل - عليه السلام - عنقَه للسكِّين راضيًا طائعًا لمَّا علم أن ذلك أمر الله؛ ليَقين الأب والابن أن أوامر الله كلَّها حِكمة ومَصلحَة وخير.



وإن تعجَبْ فاعجب مِن "مُسلمين" مُعاصِرين يَثورون غضبًا إذا وُصفوا بالكفرِ؛ لكنَّهم يَرفضون أحكام الشريعة، وعلى رأسها تعدُّد الزوجات، وقِسمة المرأة مع الذَّكَر في الميراث، ولباسها الشرعي، والحدود؛ أيِ العُقوبات البدنية.



فهذه سنَّة إسرائيلية قديمة، وزاد القُدامى على المعاصرين بأنهم جادَلوا النبيَّ ذاته في الحكم الإلهي.



♦ ولا يَنتهي العَجَب هنا؛ فقد أضافوا في جدالهم لنبيِّهم ما يدلُّ على الغَباء والحُمقِ، أو على المُماطلة؛ حتى لا يَخرجوا للقتال الذي كانوا قد انتدبوا أنفسهم له، ﴿ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ ﴾ [البقرة: 247]؛ أيُّ مَنطِق هذا؟ الجيش يَحتاج إلى ضابط كبير محنَّك يقوده للنصر، ولهذا الضابط مُواصَفات بديهيَّة، ليس منها الغِنى على الإطلاق؛ فما دخْل الثروة في قيادة الجيوش وخَوض الحُروب؟! أهو المقياس المادِّي الذي درَج عليه بنو إسرائيل من قديم مع قضية العِجل مثلاً؟ الاعتبار عندهم للمال وليس للكَفاءة، ولا حتى للاصطِفاء الرباني.



♦ يُحاول النبيُّ ردَّهم إلى جادَّة الصواب ومنطقة التفكير السليم؛ ﴿ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 247]، ذكَّرهم بأنَّ الأمر فصَلت فيه السماء التي يؤمنون بوحيها، ونبَّههُم إلى مؤهِّلات القيادة ولخَّصها - بالنسبة لقيادة المعارك الحربية - في المعرفة والقوة البدنية، وهذا ما لا يَختلف حوله مؤمن ولا كافر؛ لأن العلم يُتيح وضع الخُطط الناجحة بِناءً على قائمة من المعلومات والمعطيات، أما بَسطة الجسم فكانت ضرورية آنذاك؛ لأن الحروب كانت بدنيَّة يَتصارع فيها المتقاتلون بالقوة العضلية.


♦ ويبدو أن القوم لم يتحرَّروا من التردُّد والتلكُّؤ، فجاءهم مددٌ من السماء هو غاية في الغرابة: ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ﴾ [البقرة: 248].



تتمثَّل الغرابة في أمور، أوَّلها: أنَّ السكينة أمر نفسي معنوي يتنزَّل على القلوب ويَغشى النفوس، فيَسوق إليها الطمأنينة والرضا، لكنَّها هنا تتنزَّل على التابوت؛ أي الصندوق الخَشبي، وكأنها تَسخَر من هؤلاء العُتاة الذين لم تجد فُسحةً في قلوبهم المُغلقَة لتتنزَّل فيها، وثانيها: أنَّهم كانوا في حاجة إلى تثبيت ليَخوضوا الحرب، فما دخل آثار موسى وهارون في ذلك؟ إنَّه طُغيان الجانب الحسِّي عليهم وحبُّهم للمُجسَّم، يُذكِّر بقصَّة العِجل، وطلبهم رؤية الله جهرةً، والمائدة المنزَّلة وما تُنبِِت الأرض، وثالثها تدخُّل الملائكة هنا ليس للقِتال معهم ولكنَّها هي التي تحمل التابوت لعلَّهم يتأكَّدون مِن المُعجِزة الخارقة!!



♦ الابتلاء البسيط: تخلَّف مَن تخلَّف، وسار من سار مع طالوت بعد الجدال والتردُّد ومحاولات الإقناع بخوض الجهاد، ورأى القائد أن يَمتحِن جنوده امتحانًا بسيطًا يختبر به قدرتهم على التحمُّل، والجهاد يحتاج دائمًا إلى عدَّة مِن تحمُّل الصعاب، ورصيد من القدرة على تجاوز شتَّى أنواع الحرمان، فمنع الجُند من عبِّ الماء من النهر الذي يَعترِضهم والاكتفاء بغرفة واحدة منه لمَن غلبَه العطش، لكنَّ أغلبيتهم رسبَت في هذا الامتحان السهل بالنسبة لمُقاتلين سيُواجِهون الموت في ساحة الوغى؛ ﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 249]، فخارَت قُواهم بمجرَّد اجتياز المَجرى المائي، وهو ما كان مُنتظرًا، فكيف يتغلَّب على عدوِّه مَن لم يتغلَّب على شهوة نفسه؟! قال الله تعالى: ﴿ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ﴾ [البقرة: 249].



3- القلَّة النوعية: ما مصير معركة بدأت بالاختلاف حول القائد، وتتالَت عليها التراجُعات، وكانت فيها الهزيمة النفسية سيِّدة الموقف؟ إنَّه الانكسار المحقَّق أمام العدوِّ، لكنَّ الله - تعالى - أمضى سنَّة النوعية، ولم يبال بالكثرة المنسحبة: ﴿ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249].



عَملت الغربلة عملها عبر مراحل عِدَّة، فذهب الزبد وبقي النافع الذي يتحقَّق على يدَيه النصر، وهو القِلَّة المؤمنة المتحلِّية بالصبر على المكاره والضغوط المتنوِّعة والعقَبات الكأداء.



إنَّها الطائفة المَنصورة والفِرقة الناجية التي أخذت بحظٍّ وافر مِن اليقين في الله، والثقة في النفس، والثبات عند الامتحان، فعُوِّضت بنوعيتها الرفيعة عن قِلَّة عددها، وماذا فاتها إذا كان الواحد من أفرادها كألف أو مائة من أعدائها بفضل خصاله وأخلاقه وعطائه؟! وما فائدة كثرة غُثائيَّة ترسب في أول اختبار وتتراجع عند أول تحدٍّ، تَمتهِن الجدل ولا تَقوى على التضحيَة والعمل؟ وما زالت دُروس بدر وحُنين ماثِلة للناس تدحض أي مماحَكة أو مُجادَلة بالباطل.



4- الدعاء الميداني: بقيَت القِلَّة المؤمنة مع طالوت، عازمة على خوض معركة التحرير الكُبرى وهي مُدرِكةٌ لجوانب الضعف فيها كما تتراءى للنظر الدنيوي السطحي، مِن قلَّة عدد، ووهنٍ يَسري في الأغلبية يُفضي إلى الانهزام، فلاقت عدوَّها في الميدان بمَعنويات مُرتفِعة، يكلؤها التوكُّل على الله والاستمداد من قدرته، والاستعانة بأرصدة مِن الصبر تنساب من السماء؛ ﴿ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 250]، إنه الدعاء الميداني؛ حيث سكتَت الألسنة ونطقت الأسنَّة، ويوشك أن تَخطب السيوف على منابر الرقاب، هنا جأر الجيش المؤمن بالدعاء وهو قاب قوسين أو أدنى من الموت، يلوذ بربِّ العالَمين ويتذرَّع بإيمانه مقابل كفرِ الغُزاة، وشتَّان بين الدعاء في ميدان المعركة وبين دعاء المُسترخي على أريكته أو المُجلجِل فوق أعواد المنابر، هي نفس الكلمات لكنه ليس نفس العُمقِ، وقد تعلمنا ذلك غضًّا طريًّا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبيل غزوة بدر، وأوجه الشبَه بينها وبين قصَّة طالوت كثيرة.



5- النصر نصر الله: مضَت سنَّة الله وتحقَّق وعده، وانهزم الباطل وارتفعَت راية الحق، وقرَّت أعين المؤمنين بنصر الله، ﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 251].


لا مجال لتضخيم الذات ولا الزهو بالغلَبة؛ فالنصر من الله - تعالى - على الصفِّ المؤمن ألا يغفل عن هذه الحقيقة في غمرة التمكين:

♦ ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾ [الأنفال: 17].

♦ ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 126].

♦ ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 10].

♦ ألم يَدخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مكة عَنوةً، منتصرًا فاتحًا؛ لكنَّه دخلها مُتواضعًا مُتذلِّلاً بين يدي الله - تعالى - لا يَنسِب لنفسه فضلاً؟ هذه هي حقيقة الأمر، وهذا هو الأدب العالي مع الله - سبحانه وتعالى.



6- بروز داود - عليه السلام -: تُختَم القصَّة ببُروز جُنديٍّ من عرض الجيش منَّ الله عليه بقتْل رأس الكفر والظلم "جالوت"، سيكون له شأن مع قومه، نبيٌّ ومَلِك، يجمع بين الإيمان والقوة، والعدل والتمكين العريض، أهَّله بلاؤه الحسن في المعركة لتولِّي القيادة، ﴿ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 251].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قصة طالوت وجالوت
  • الملكوت في الحكمة القرآنية (1)
  • طالوت القائد
  • خطبة: طالوت والطوفان

مختارات من الشبكة

  • أسماء سورة الفاتحة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • تنبيهات هامة حول سورة الفاتحة وسبب نزولها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسرار الفاتحة (1) اعرف ربك من خلال سورة الفاتحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معاني فواتح السور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص بحث: مظاهر الإعجاز القرآني في فواتح سور الحمد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فواتح من "الخواتيم"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فواتح البركات شرح تسهيل الطرقات في نظم الورقات (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تيسير الإعراب لآي الكتاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقاصد الفاتحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مع سورة الفاتحة(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- فواتح التمكين
بوبكر قليل - الجزائر 02-05-2013 10:44 PM

السلام عليكم
تحياتي ...الاستاذ عبد العزيز ..دائما وكالعادة تأتينا بالجديد النافع وتغور في أعماق التاريخ وفي أعماق الإنسان في زمان مضى ويتكرر مع كل فترة وتتكرر الحوادث وأفعال الإنسان ويتكرر الجبن والخور والضعف وتظهر علامات الهزيمة جلية في أقوام ويظهر النصر مع أقوام يتحلون بالثقة والصبر ورابطة الجأش والفهم الصحيح لما يريدون إنجازه وتطبيقه في الميدان....نعم من أراد النجاح والتفوق والتميز يجب أن يكون بطلا مغوار وصاحب سنان ولسان ...هذه عبر تدل تبين أسباب الهزيمة والنصر في قصة طالوت وهي لا تحتاج إلى شرح أكثر من هذا فقد وضحت وشرحت ...هل من رجال يقومون بواواجببهم نحو أمتهم المسكينة ؟؟؟؟ تحياتي وفقك الله

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب