• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

ليسوا ملائكة

ليسوا ملائكة
عبدالستار المرسومي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/1/2013 ميلادي - 16/3/1434 هجري

الزيارات: 10807

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ليسوا ملائكة


من سنن الله الكونية أن يعيش الإنسان مع أخيه الإنسان، يستأنس به، ويتعاون معه في تسيير أمور الحياة؛ خيرها وشرها، حلوها ومرها، يسيرها وشديدها، ويعمل الناس سويًا من أجل تحقيق أهدافهم المشتركة، ويرتبطون فيما بينهم بعلاقات اجتماعية واقتصادية وسياسية، وعلاقات أخرى من أجل التكاثر والبقاء وأداء أدوراهم المختلفة، وفي ضوء هذا الفهم يسير الناس معًا في طريق هذه الحياة مختارين أو مرغمين.

 

إنَّ العلاقة الإنسانية الطبيعية التي ينبغي أن يكون عليها الناس، هي تلك التي قُلتُ فيها:


أُخَيَّ تَعالَ نُداوي الجِراحْ
يَديْ في يَدَيكَ شِعارُ السَّماحْ
أُضمِّدُ جُرحَكَ جُرحَ الكِفاحْ
شِعارُ الأُخوَّةِ راحٌ بِراحْ
فإن هبَّتِ الريحُ ريحُ القِباحْ
بِصَدري أصدُّ عَواتي الرّياحْ

 

ولكن المشكلة التي تواجه الجميع هي أننا نريد من الآخرين في ضوء العلاقات التي تربطنا بهم أن يكونوا ملائكة!

 

نريدهم لا يخطئون ولا ينسون ولا يطمعون ولا يقصرون، وفي خضم ازدحام هذه المواصفات الكاملة ننسى أنفسنا!

 

والسؤال هنا: هل نحن ملائكة؟ حتى نطلب من الآخرين بل نلزمهم أنْ يكونوا كذلك.

الحقيقة التي تعبر عن الواقع هي أننا لسنا ملائكة قطعًا، فأنا وأنت ننسى ونغفل ونقصر ونخطأ ونطمع ونكره ونحسد، وتعترينا ما تعتري المخلوقين من أشياء سلبية كثيرة، وكذلك الآخرون يحصل لهم الذي يحصل لنا، فهم ليسوا ملائكة، فإن أيقنَّا بهذا الواقع سنجد أنَّ في الأمر سعة كبيرة في التعامل معهم، وسنستطيع آنذاك أن نتحلى بأخلاق العفو والتسامح وقبول الآخر، بعد أن كانت قد ألغيت من قاموس تعاملنا معهم.

 

عن أبي أيوب الأنصاري - رضى الله عنه - ، أنه قال حين حضرته الوفاة: كنت كتمت عنكم شيئًا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: " لولا أنكم تذنبون، لخلق الله خلقًا يذنبون فيغفر لهم"[1].

 

فإن هذه السُنَّة الإلهية الكونية في الناس ستساعدنا كثيرًا على استيعاب وفهم وتطبيق ما توصلنا إليه من قناعات، فالأمر لا يتعلق بابتكار خُلُق جديد، أو نظام تعاملي جديد، فقد اختار الله تعالى لنا ذلك وقد قضي الأمر، وهو سبحانه وتعالى من خلقنا مثلما خلق الآخرين، وجعل النقص جزء من تكويننا، فهي من الأمور الفطرية التي لن يكون الأمر معقدًا حتى نستطيع أن نصل إليه بعد أن أيقنّا أنها من الله تعالى.

 

ومن المخجل حقًا حين نضحك من الناس أو نسخر منهم حين يفعلون أشياءً، أو يتبنَوا أفكارًا مختارين أم مجبرين، ثم نقع نحن بنفس الشيء، ونقوم بنفس الفعل، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المقام: «لمَ يَضحك أحدكم مما يفعل» [2].

 

ليس من المنطق ونحن نعمل نعتقد أن غيرنا لا يعمل، وأن المؤسسة التي نعمل فيها ستنهار إن غِبْنا عنها يومًا واحدًا، لقد اعتقد الكثير منا مثل هذا الاعتقاد، ولكن حين تركوا تلك المؤسسة استمرت بالعمل ولم تَنْهَر، فذلك دليل على أن المعني لم يكن الوحيد الذي يعمل، وليس من المعقول حين يتأخر الآخرون عن إنجاز العمل ننعتهم بالكسل والخمول والتقصير، وحين نتأخر نحن نبرر ذلك بأننا دقيقون بعملنا، حريصون عليه، ونحتاج إلى الوقت الكافي لإنجاز العمل كما يجب.

 

ثم إننا نخطئ خطأً فادحًا حين نوجه أبصارنا وجميع حواسنا لمراقبة الآخرين، فإذا قَصَّروا صرخنا بتقصيرهم، وإذا نسوا بادرنا نعلنُ عن نسيانهم، وإذا أخطأوا شهَّرنا بخطأهم تحت شتى الذرائع، فالمصلحة الشرعية تارة، ومصلحة الأمة تارة، ومصلحة العمل تارة أخرى، ثم إننا بانشغالنا بالآخرين ننسى أن نتابع ونراقب أنفسنا! فنترك الواجب الأهم والعمل الرئيسي وهو مراقبة الذات وإصلاحها، وننشغل بالمهمة التي لا ينبغي أن تكون في أعلى قائمة أولوياتِنا، وهي مراقبة الآخرين، يقول رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم -: «يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجذع في عينه» [3].

 

هناك فرق كبير جدًا بين القذاة وهو القليل من الوسخ، أو هو ما يعلق بطرف العين من الوسخ، وبين جذع النخلة، الذي يوشك الأعمى أن يراه، ولكن المشكلة ليس في البصر وإنما في البصيرة، فحين تُشوش الحقائق على البصيرة تختلط الأمور، فتحدث أشياء خارج سياقات المنطق، فيرى المرء القذا ولا يرى الجذع.

 

هل راجعت نفسك يومًا وعرفت تقصيرك؟

إذا كانت الإجابة بنعم، فما الخطوة التالية التي قمت بها؟

وإذا كانت الإجابة بلا، فهل ستراجع نفسك الآن؟

هل تمتلك الشجاعة الكافية أن تُسمي خطأً بعينه وقعت فيه يومًا ما؟


وحتى حين نكتشف أخطاءنا فإننا نغظ الطرف عنها، ولا نريد أن نتحدث بها، نريدها أن تَمُـرَّ من غير أن يتكلم بها أحد، وكلما اقترب الحديث منها حاولنا جر الحديث لأمر آخر هروبًا منها.

 

إن الشجاعة الحقيقية في أن نواجه أخطاءنا ونعترف بها، ثم نُعدِّل، فمهما كانت أخطاؤنا كبيرة، ومن أي نوع، فإننا إن تبنا منها فإن الله تعالى سيغفرها لنا، قال الله تعالى:﴿ إنما التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [النساء: 17-18].

 

فما أشار له القرآن الكريم هنا واضح للغاية، الله تعالى يريد منا أن نتوب بشكل واضح، نتوب ونحن نمتلك الإرادة عليها، وعندنا الخيار، ونحن في فسحة زمنية، هذه هي التوبة التي يريدها الله تبارك وتعالى منا والتي يقبلها، بل وسيبدل كل تلك السيئات التي اقترفت قبل التوبة إلى حسنات، يقول تعالى:  ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70[.

 

أما من يتوب مضطرًا، أو رياءً، فهي توبة غير مقبولة، وإن هذه التوبة من قبيل (توبة فرعون)، قال تعالى:

﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 90-91]، لقد أعلن فرعون إيمانه وأشهر إسلامه، لكن لا طائلة من كل ذلك فإن التوقيت ليس مناسبًا، فقد كان عليه أن يفعل ذلك قبل وقت كافٍ.

 

هل اختليت بنفسك وتذكرت ذنبًا فعلته، وتبت إلى الله تعالى منه، بينك وبين ربك؟

فحين تستطيع أن تُحقِّقْ هذا الفعل فأنت تسير على الطريق الصحيح، ثم بعد ذلك لا يهمك مواقف الناس، لأن مقام الله تعالى لا يقارن البتة في مقام الناس جميعًا.

 

نحن نتألم كثيرًا ونتأثر بشدة حين يجافينا الآخرون، ونتساءل عما بدر منا، فنحن لم نخطأ بحقهم، إنَّ الإنسان حين يجافيك فإنه لم يكن الوحيد المسؤول عن ما حدث، فأنت شريكه فيما حصل، أنت ساعدته على ذلك حين تعاملت في أول مشوارك معه على أنه ملاك، فبُحتَ له بكل ما لا يُباح، وقلت كل ما لا يُقال، وكشفت له ما لا يُكشف، وكنت تنظر له على أنه أفضل مخلوق في الوجود، وربما تجرأت لأن تقول أنه ملاك، ولكن الحقيقة ليست كذلك، لقد تطورت العلاقة حتى صارت لا تحتمل الأخطاء، فحين يصبحان قريبين من بعضهما يكتشفان أخطاء بعضهما بعضًا، فيحصل الجفاء.

 

غير أن عدم الملائكية عند الناس لا يعني بالضرورة عدم وجود علاقات على مستوىً عالٍ من النقاء والصلاح والجمال والإخلاص، بل إن مثل هذه العلاقات تملأ الدنيا، ولكن الهوَّة تزداد بين الناس في علاقاتهم كلما ازداد حجمها المادي أو النفعي، بمعنى أن مبررات الخلاف وعدم الملائكية التي نتكلم عنها تتوفر في مناخ من الماديات البحتة، بينما يوفر الوعي الكامل بعدم ملائكية الآخرين المناخ الملائم لإقامة علاقات رائعة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله عبادًا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الشهداء والنبيون يوم القيامة لقربهم من الله تعالى ومجلسهم منه»، فجثا أعرابي على ركبتيه، فقال: يا رسول الله، صفهم لنا وحلهم لنا.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: «قوم من أقناء الناس من نزاع القبائل، تصادقوا في الله وتحابوا فيه، يضع الله عز وجل لهم يوم القيامة منابر من نور، يخاف الناس ولا يخافون، هم أولياء الله عز وجل الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون»[4].

 

فهذه العلاقات البشرية وصلت مراتب الملائكية حين كانت لله وفي الله تعالى فحسب، وحسبما وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابها.

 

ولما لم يكن الأخرون ملائكة، فقد توجَّب علينا أن نعذرهم حين يخطؤون، ونذكرهم حين ينسون، ونساعدهم حين يحتاجون المساعدة بأشكالها كافة، ونقوِّم لهم سلوكهم حين يقعون في فهم خاطئ لشأنٍ من شؤون الحياة، وهكذا فعل عبد الله بن المبارك[5] رحمه الله لكي يُغيِّر قناعة الإمام الأوزاعي[6] عن أبي حنيفة النعمان رحمهم الله جميعًا؛ فقد قدم ابن المبارك للأوزاعي بعض مؤلفات أبي حنيفة هدية منه من غير أن يكون عليها اسمه الحقيقي، فلما أُعجب الأوزاعي بها، أخبره بأن هذا الذي قرأه من تأليف أبي حنيفة النعمان، فتغيرت فكرته عنه وصار يُجِلُّه، ووجدت من أجمل قواعد التعامل مع الآخرين، ما قاله حاتم الطائي بقوله:

فَنَفسَكَ أَكرِمها فَإِنَّكَ إِن تَهُن
عَلَيكَ فَلَن تُلفي لَكَ الدَهرَ مُكرِما
تَحَمَّل عَنِ الأَدنَينَ وَاِستَبقِ وُدَّهُم
وَلَن تَستَطيعَ الحِلمَ حَتّى تَحَلَّما
وَذو اللُبِّ وَالتَقوى حَقيقٌ إِذا رَأى
ذَوي طَبَعِ الأَخلاقِ أَن يَتَكَرَّما
فَجاوِر كَريمًا وَاِقتَدِح مِن زِنادِهِ
وَأَسنِد إِلَيهِ إِن تَطاوَلَ سُلَّما
وَأَغفِرُ عَوراءَ الكَريمِ اِدِّخارَهُ
وَأَصفَحُ مِن شَتمِ اللَئيمِ تَكَرُّما
وَلا أَخذِلُ المَولى وَإِن كانَ خاذِلًا
وَلا أَشتُمُ اِبنَ العَمِّ إِن كانَ مُفحَما
وَلا زادَني عَنهُ غِنايَ تَباعُدًا
وَإِن كانَ ذا نَقصٍ مِنَ المالِ مُصرما

 


[1] صحيح مسلم - كتاب التوبة - باب سقوط الذنوب بالاستغفار توبة .

[2] صحيح البخاري - كتاب تفسير القرآن، سورة البقرة - سورة والشمس وضحاها .

[3] صحيح ابن حبان - كتاب الحظر والإباحة-باب الغيبة - ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تفقد عيوب نفسه.

[4] المستدرك على الصحيحين للحاكم - كتاب البر والصلة .

[5] جاء في سير أعلام النبلاء للذهبي :عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ بنِ وَاضِحٍ الحَنْظَلِيُّ الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، عَالِمُ زَمَانِهِ، وَأَمِيْرُ الأَتْقِيَاءِ فِي وَقْتِهِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَنْظَلِيُّ مَوْلاَهُم، التُّرْكِيُّ، ثُمَّ المَرْوَزِيُّ، الحَافِظُ، الغَازِي، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَةٍ. وطَلَبَ العِلْمَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، فَأَقْدَمُ شَيْخٍ لَقِيَهُ: هُوَ الرَّبِيْعُ بنُ أَنَسٍ الخُرَاسَانِيُّ، تَحَيَّلَ وَدَخَلَ إِلَيْهِ إِلَى السِّجنِ، فَسمِعَ مِنْهُ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً، وَأَخَذَ عَنْ بقَايَا التَّابِعِيْنَ، وَأَكْثَرَ مِنَ التَّرْحَالِ وَالتَّطْوَافِ، َإِلَى أَنْ مَاتَ فِي طَلَبِ العِلْمِ، وَفِي الغَزْوِ، وَفِي التِّجَارَةِ، وَالإِنفَاقِ عَلَى الإِخْوَانِ فِي اللهِ، وَتَجهِيزِهِم مَعَهُ إِلَى الحَجِّ، سمع من الأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي حَنِيْفَةَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَشُعْبَةَ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَصنَّفَ التَّصَانِيْفَ النَّافِعَةَ الكَثِيْرَةَ، حَدَّثَ عَنْهُ: مَعْمَرٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ، وَأُمَمٌ يَتَعَذَّرُ إِحصَاؤُهُم، وَيَشُقُّ اسْتِقصَاؤُهُم ، قَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ يُكثِرُ الجُلُوْسَ فِي بَيْتِهِ، فَقِيْلَ لَهُ: أَلاَ تَسْتَوحِشُ؟ قَالَ: كَيْفَ أَسْتَوحِشُ وَأَنَا مَعَ النَّبِيِّ وَأَصْحَابِهِ؟! وعنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: الأَئِمَّةُ أَرْبَعَةٌ: سُفْيَانُ، وَمَالِكٌ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَابْنُ المُبَارَكِ. وسأَلَ رَجُلٌ سُفْيَانَ، فَقَالَ: مَنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: مَنْ أَهْلِ المَشْرِقِ. قَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُم أَعْلَمُ أَهْلِ المَشْرِقِ؟ قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ. قَالَ: وَهُوَ أَعْلَمُ أَهْلِ المَشْرِقِ؟! قَالَ: نَعَمْ، وَأَهْلِ المَغْرِبِ. قال أبو حاتم الرازي: حدثنا عبدة بن سليمان المروزي قال: كنا سرية مع ابن المبارك في بلاد الروم، فصادفنا العدو، فلما التقى الصفان، خرج رجل من العدو، فدعا إلى البراز، فخرج إليه رجل فقتله، ثم آخر فقتله، ثم آخر فقتله، ثم دعا إلى البراز، فخرج إليه رجل، فطارده ساعة فطعنه فقتله، فازدحم إليه الناس، فنظرت فإذا هو عبد الله بن المبارك، وإذا هو يكتم وجهه بكمه، فأخذت بطرف كمه فمددته، فإذا هو هو. تُوفي رحمه الله بهيت، وهي مدينة معروفة على الفرات في رمضان عام 181 هـ ، وهو ابن ثلاث وستين سنة .

[6] أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن محمد بن عمرو الأوزاعي ولد سنة ثمان وثمانين، والأوزاعي نسبة لقرية أوزاع في الشام، يقال إنه أدرك زهاء ألف من أصحاب رسول الله - رضي الله عنهما -، وكان الأوزاعي عظيم الشأن بالشام، وكان أمره فيهم أعز من أمر السلطان، وكان من فقهاء أهل الشام ومحدثيهم وقرائهم وزهادهم ومرابطيهم، قال عبد الرحمن بن مهدي: ما كان أحد بالشام أعلم بالسنة من الأوزاعي، ويقول الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: مَا رَأَيتُ أَكْثَرَ اجْتِهَاداً فِي العِبَادَةِ مِنَ الأَوْزَاعِيِّ. يحدث أهل بيروت، أن أمه كانت تدخل منزل الاوزاعي، وتتفقد موضع مصلاه، فتجده رطباً من دموعه في الليل، مات سنة سبع وخمسين ومائة، كان مرابطاً ببيروت فمات فيها، وقبره ببيروت مشهور.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ليسوا سواء!
  • ملائكة الياسمين (قصة قصيرة)

مختارات من الشبكة

  • التسمية بقاضي القضاة، ملك الأملاك، ملك الملوك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلاتان تجتمع فيهما ملائكة الليل وملائكة النهار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلاة الصبح تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالملائكة وثمراته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ليسوا سواء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: ألا إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تفسير آية: (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ليسوا سواء (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)

 


تعليقات الزوار
9- شكر الله لك اعمالك
عبد الحفيظ - الجزائر 28-02-2013 11:50 PM

بوركت اخي الكريم وكثًر الله من أمثالك والله يجزيك أحسن الجزاء على نصائحك الطيبة واللطيفة دمت في الأعمال الخيرة ومًت عليها وتقبًلها الله منك ثبًتنا الله وإياك وجميع المسلمين بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة ولا تنسانا من دعائك الصالح

8- توكل على الله
عبد الستار المرسومي - العراق 28-02-2013 02:04 PM

أخي الكريم عبد الحفيظ، الزمان زمان فتن ، وهي كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم كقطع الليل المظلم، توكل على الله فلا ملجأ إلا إليه، حدث نفسك بالثبات، أكثر من ذكر الله، كلنا خطاؤون ونساؤون ومقصرون، ولكن لنا رب يغفر ويرحم، تذكر هذا، فلا تعيقك هذه الوساوس عن العبادة وعن الأمر بالعروف والنهي عن المنكر، دع القلق فهو مهلكة، استعن بالله ولا تتردد في عمل الخير، ثبتك الله، وفقك الله، سددك الله

7- بوركت
عبد الحفيظ بن احسن - الجزائر 26-02-2013 11:56 PM

بارك الله فيك ونفعنا الله بعلمك ونفعك الله أنت ايضا لكن الحيرة باقية والقلق كثير والأمر ليس يسير وهو جد خطير حتى انه لا يستطيع المرء أن يتكلًم او يغيًر منكرا لأن نفسه تقول له أنت انجس و اضعف من هذا فأنت مدنس بالمعصية فكيف تغير المنكر

6- أخي عبد الحفيظ
عبد الستار المرسومي - العراق 24-02-2013 09:35 PM

أخي الكريم، فأما البلاء فهو امتحان المؤمن ولا بد له منه في الدنيا، قال تعالى {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} فمن يسير في طريق الحق لا بد أن يفتتن، وكان السلف يراقبون أنفسهم وأهليهم فمن لا يمر به بلاء يخشون عليه، والفائز من ينجح في الامتحان، والذي يقع فيه ثم يتوب ويعود فهو على خير، ولكن المصيبة فيمن تلفه دوامات الفتن وهو لايشعر بها ويحسب أنه يحسن صنعاً، فما دمت تأوب إلى الله أيها الأخ فأنت بخير، اثبت وكن مع الله وهو معك.

5- أخي عبد الستار
عبد الحفيظ بن احسن - الجزائر 24-02-2013 10:46 AM

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته بارك الله فيك أخي الكريم لي سؤال حيًرني وأربكني وأقلقني وأنا في حيرة منه أخي عبد الستار في بعض المرات تحدث للمرء هذه المصائب الكبرى والطامة العظمى وهي أن الإنسان يسيرثم يسيرثم يسير في الطريق الصحيح ثم تأتيه فتنة تذهب له المسير وتخرجه عن الطريق فيرجع إلى الطريق بفضل الله ورحمته ثم يفكًر الإنسان ماذا كنت أفعل وكيف وقعت لي هذه الفتنة وأين عقلي وكيف عقلي طاش وغاب وارتكب هذا المنكر ثم يفكر هل أنا أبطلت حسناتي بعد جهد جهيد وصبر طويل وجاء الشيطان فخرًب لي كل ما عملته هل هذا الأخطاء الذي ارتكبها تحبط له ما عمل وتضر بحسناته واعلم أخي أنها يلاحظها حتى في حياته قد تغيًرت بعض الأمور بارك الله فيك

4- جزاكم الله خيراً
عبد الستار المرسومي - العراق 23-02-2013 08:26 PM

وشكراً لك أيتها الأخت الكريمة وسددكم الله

3- وشكراً لك
عبد الستار المرسومي - العراق 23-02-2013 07:15 PM

أخي الكريم عبد الحفيظ يا رعاك الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأنا أشكرك بتفضلك بالتعليق، نعم أيها الأخ الوقت وقت فتن والله المستعان، ولكن الله تعالى جعل الخير في أمة محمد .واعتذر لتأخري لأني لم أرَ تعليقكم إلا الآن

2- شكر
نجلاء فتحى احمد - مصر 02-02-2013 10:25 PM

بارك الله فيك أخي العزيز وجزاك خيرا على ما ذكرتنا ورزقنا وإياك والمسلمين سلامة الصدر وإخلاص النية

1- شكرا
عبد الحفيظ بن احسن - الجزائر 01-02-2013 11:52 PM

اخي الكريم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء يرحمك الله أن الصورة التي ذكرته لعبد الله بن مبارك يتوقف المسلم عند هذا الأمر وذالك أقول لا توجد صورة ونية صادقة وإخلاص تام مثل ما لهذا الرجل في هذ الوقت

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب