• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية والتعليم
علامة باركود

كيف تعود طفلك القراءة؟

ممدوح مصطفى حامد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/2/2009 ميلادي - 16/2/1430 هجري

الزيارات: 60423

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
الحمد لله الذي تفرَّد بالتعظيم تفصيلاً وإجمالاً، وسبحانه أمرنا بكلِّ خيرٍ وارْتَضى لنا سبل السلام، والصلاة والسَّلام على مَن أدَّبه ربُّه فأحسن تأديبَه، فكان - صلَّى الله عليه وسلَّم - بِجميل خصاله وعذْب مقاله قُرآنًا يَمشي بين النَّاس، ورضِي الله عن آلِه وصحْبِه والتَّابعين، هو القائل: ((لأَنْ يؤدِّب الرَّجُل ولدَه خيرٌ من أن يتصدَّق بصاع))، والقائل: ((الرَّجُل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيَّته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجِها ومسؤولة عن رعيَّتها)).

لا شكَّ أنَّ صناعة الأجْيال ليستْ مرهونةً بأمانٍ لا تعليها همَّة صادقة، وليستْ ضربةَ فأْس في أرْض سبخة مالحة غير صالحة للزِّراعة، وليست حشوَ عقول لم يعقد فيها جذوة مشتعلة لا تخبو نارها بِحادثات الدَّهر، ورغبات النَّفس، ووسوسة الشَّياطين.

إنَّ النَّاظر لواقع المسلمين يرسم صورةً من التخلُّف عن الرَّكْب والتأخُّر عن السبق؛ ولذلك فإنَّ أمَّتنا بحاجةٍ ماسَّةٍ إلى تربية جيلٍ مُبدع، وهذا ما يتمنَّاه كلُّ غيور على أمته، ولكنَّ الأمنيات وحدها لا تكفي؛ إذْ لا بدَّ من منهجٍ واضح، وجهد متواصل، ودعاء لا ينقطع، وهنا فقط نستحقُّ توفيقَ الله تعالى، وخطوة على هذا الطريق يأتي هذا البحث "كيف تعوِّد طفلك القراءة" ليشرح:

* أهميَّة القراءة.
* كيفيَّة تشجيع الطفل على القراءة.
* كيف ومتى وأين تقرأ لطفلك؟
* كيف تختار قصَّة لطفلك؟
* كيف تكوِّن مكتبة منزليَّة؟
* حكاية قبل النوم.
* مهارات القراءة.

أهمية القراءة.
قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5].

القراءة منهج حياة، والدليل على ذلك أنَّ أوَّل كلمةٍ تلقَّاها النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبدأ بها الوحْي هي "اقرأ" من بين ملايين الكلمات، ومع نبي أمي لا يقرأ، كانت البداية بكلمة "اقرأ"، ومع ردِّ النَّبيِّ بأنَّه لا يُجيد القراءة: ((ما أنا بقارئ)) يتكرَّر الأمرُ وبنفْس الكلمة: "اقرأ"، ومع اعتِذار النَّبيِّ للمرَّة الثالثة بأنَّه ليس بقارئ، يردُّ جبريل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، لقد طلب منه القراءة قبل أن يُخبره أنَّه نبي رسول، فكلمة "اقرأ" هي مفتاح الرسالة، وعنوان الأمَّة، ومنهج حياتِها.

ومن اللافت للنَّظر أنَّ القرآن الكريم به أكثر من سبعة وسبعين ألفَ كلمةٍ، ومع هذا فقد اختار هذه الكلمةَ ليكون أوَّل أمر من السَّماء إلى الأرض، والمعروف أنَّ وسائل التعلُّم تشمل الاستِماع والكتابة، فلماذا لم يأمُرْه إلا بالقراءة؟ أليس هذا دليلاً على أهميَّة القراءة مهْما انتشرت وسائل العلم وتنوَّعت مصادر المعرفة؟!

وتبرِز الآيات حقيقة التَّعليم، تعليم الرَّبِّ للإنسان بالقلَم، فالقلم كان وما يزال أوسعَ وأعمق أدواتِ التعلُّم أثرًا في حياة الإنسان، ولولا نعمةُ القلم لم يقُم دين ولم يصلُح عيْش، فعلم الكتابة فيه من المنافع العظيمة، فبدونه ما دوِّنت العلوم، ولا قيِّدت الحِكَم، ولا ضُبطت أخبار الأوَّلين وكتُب الله المنزلة، ثمَّ تبرز الآيات أن مصدرَ التَّعليم هو الله وحده، فمنه يستمدُّ الإنسان العلم وكل ما يفتح به الأسرار ومن أسرار هذه الحياة، فسبحان مَن علَّم بالقلم، ونقَل الإنسان من ظُلْمة الجهل إلى نور العلم.

 ابدأ بنفسك:
إنك لن تستطيع أن تقودَ غيرَك من أهلٍ أو ابنٍ أو طالبٍ أو صديق، لا تتخيَّل ذلك أبدًا، أنت تُهيِّئ الأجواء لقيادتِهم وتغْييرهم، وأوَّل هذه الأجواء أن تقود نفسك، أن تقود سفينتَك من داخلِك، من أعماقك يجب أن يراك ابنُك تقرأ أمامَه حتَّى يقلدك، ابدأِ الآن بنفسِك بوعي وتأمل، وإرادة نابعة من الدَّاخل لا مِن ردود أفعال؛ {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: 11]، إنَّ من أسهل الأمور أن تنظِّم للآخرين حياتَهم، وتترك الفوضى في قلبك، فإذا أردت أن يكون ابنُك قارئًا فيجب أن تقرأ، ابدأ من نفسك، فأنت لا تملك الآخرين، ابدأ من داخلك، تخلَّص من شعورِك بعدم الاستِطاعة، وتذكَّر قولَ النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لِلصحابة: ((قوموا فانحروا ثم احلقوا)) في صلح الحديبية، فلم يقُم منهم أحد، فأشارت أمُّ سلمة على الرَّسول أن يبدأ هو، فقام وبدأ، فلمَّا رأى النَّاس ذلك قاموا، حتَّى كاد بعضُهم يقتل بعضًا.

إنَّ كل الناس يعرفون ما يفعلون، ولكن قلة منهم يفعلون ما يعرفون، فالمعرفة المجرَّدة لا تكفي.

وإنَّ أفضل ميراثٍ نتركُه لأبنائنا هو علم جامع، وكتاب نافع، فكلُّنا نحفظ قوله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إنَّ العلماء ورثةُ الأنبياء، وإنَّ الأنبياءَ لَم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنَّما ورَّثوا العلم، فمن أخذَ بهِ أخذَ بحظٍّ وافر))، فالحظُّ الوافر لِمن ورِث عن والديْه كتابًا نافعًا أخذ عن طريقه علمًا نافعًا.

إنَّ توريث الكتُب بما فيها من علمٍ ينفع الأحياء والأموات على حدٍّ سواء، فأبناؤنا يقرؤون وممَّا في الكتُب يتعلَّمون، ونحن في القبور يأتينا الثَّواب، ويؤكِّد ذلك ما رواه مسلم في صحيحِه عن النبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إذا مات ابنُ آدم انقطعَ عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له))، فلعلَّ الكتُب التي تورِّثها ابنَك من العِلْم الذي يُنتفع به، وربَّما يُعيرون الكتُب لغيرهم فتكون صدقةً جارية، ومع تواصُل استِفادة أبنائِك وغيرِهم سيستغْفرون الله لك، ويدعونه من أجلك، فتكون في عالم القبور وثوابُك بين الناس موفور.

كيف تحبب القراءة إلى الطفل؟
- تعلُّق الطفل بالقراءة ينبع من تعلقه بالكتاب، فالمدخل هو أن نحبِّب إليه الكتاب، وأن يتعوَّد على قضاء بعض الوقت مع الكتاب، مثل توفير بعض الكتب التي تحتوي على الصور التي يحبُّها للحيوانات والطُّيور وغيرها، فيقوم بتصفُّحه، وتَمليكه الكتاب حتَّى يحرص عليه ويطلبه، ومصاحبة الطِّفْل لأحد الوالدَين لشراء هذا الكتاب واختِياره بنفسه من المكتبة، وعند دخول المدْرسة يفضَّل تكوين مكتبة صغيرة للطِّفل تَحتوي على الكتُب المصوَّرة، وبعض القصص المصورة، وبعض المجلات التي تصدر للأطفال، وتشجيع الطِّفل على قراءتِها ومناقشته فيها، واستِحْسان ما يقوله من حكايات نقَلَها من الكتُب؛ حتَّى يحرص على القراءة وحتى يُستمع له.

- يفضل تعويد الطفل الجلوس على مكتب منذ صغره، وخاصَّة بعد دخوله المدرسة؛ لأنَّ ذلك من أسباب التفوُّق في الدراسة، ويساعد على التَّركيز، وتقْدير الوقت المناسب للاستذكار، وإمْكان حساب الوقت وتنظيمه، وقد سأل طالب أستاذًا مربِّيًا في الجامعة، عن كيفيَّة تحقيق حلمه بأن يُصبح أستاذًا للأدب المقارن في الجامعة، فيحفظ عدَّة لغات ويتقِنُها، فأجاب الأستاذ بعد تفكير، فقال له: هل تستطيع الجلوس على مكتبِك ستَّ ساعاتٍ يوميًّا؟ إنِ استطعْتَ ذلك تحقَّق لك ما تريد.

- قد تُنْفِق على طفلك مبالغ طائلة في شراء أدوات التَّسلية واللَّعِب والتَّرفيه، وضمّه في النوادي، وترفض - في الوقْت نفسِه - إشراكَه في مجلَّة أطفال، أو شراء الكتُب له، فهل فكَّرت كيف سيكون انطِباع طفلك؟ هل فكَّرت كمْ كتابًا يُمكنك أن تشتريَ ببعض المال الذي تُنْفِقه في شراء أدوات التَّسلية واللَّعِب والترفيه؟ إنَّ مِن واجبنا كآباءٍ وأمَّهات أن نخصِّص مبلغًا شهريًّا مهْما كان قليلاً، ونُخصِّصه لشراء الكتُب لأطفالنا.

- خُذ أطفالَك إلى محلات بيْع الكتُب كلَّما استطعت ذلك، ودعْهم يشترون كتُبهم المفضَّلة، واغتنِمْ فرصة ذهابك لمركز التسوُّق الذي يحوي ركنًا للكتُب، واشترِ لكلّ ابنٍ من أبنائك كتابًا، ولو كان رخيصَ الثمن جدًّا، والهدف من ذلك أن نلفت انتِباه الأطفال إلى أننا لا ننفِق نقودنا على المأكولات فقط؛ بل على الكتُب أيضًا.

- إذا أبدى طفلَك الرَّغبة لشراء أو قراءة كتاب صعب؛ فأحْضِره له، وسوف تلمس نتائجَ مدهِشة، سوف ترى أنَّه يستغرِق ساعاتٍ في قراءة صفحاتٍ قليلة، وربَّما يكرِّر لفظ كلمة ما أكثر من مرَّة، والمدهش أنَّه يستطيع قراءة كلِمات كثيرة إذا ما توافرت لديه الرغبة، وقد يقرأ الطفل قسمًا يسيرًا من الكتاب في سنوات، ولا بأس في ذلك مادام يحب الكتاب.

- إذا اشترى ابنُك كتابًا أو أحضرتَه إليه فلم يقرأْه، فلا تقلق؛ فهو يقرؤُه فيما بعد، وكثيرًا ما يترُك الأطفال الكتُب مدَّة شهور أو سنين ثم يعودون لتناوُلِها وقراءتها، والطفل أحيانًا يقرأ قسمًا صغيرًا من كتاب، ثم يكمله فيما بعد، وقد يقرؤه كله دون أن يعلم أحد.

- شجِّع طفلك على قراءة الكتُب والقصص والروايات المسلْسلة، فعندما يتعلَّق طفلك بسلْسلة كتُب، ويقرأ كتابًا منها، فمن السَّهل العثور على الكتاب التَّالي لها، وإذا أحبَّ واحدًا منها فغالبًا ما يحب السلْسلة بأكملها، مع نهاية السلسلة سيكون - إنْ شاء الله - قدِ اكتسب عادةَ القراءة وأحبَّ شراء الكتب.

- علِّم طفلك كيف يختار كتابًا ليشتريه أو ليقرأه، ويتمّ ذلك عن طريق مسْح شامل للكتاب بسرعة وإتقان، فلكل كتاب أربعة أقسام رئيسة هي: الغلاف والمقدِّمة والخاتِمة والمحتوى، نبدأ بالغلاف، وفيه نقرأ عنوان الكتاب واسم المؤلِّف، الناشر وتاريخ النشْر، وهذا مهمٌّ في الكتُب العلميَّة وكتب الكمبيوتر؛ وذلك بسبب التطوُّرات السَّريعة والاكتِشافات الكثيرة والجديدة، ثم يأتي دور المقدِّمة أو المدخل، ستجِد فيها ملخَّصًا عن فِكْرة الكِتاب ولمن كتب، وفي الخاتمة تجد القاموس الذي يبيِّن مصطلحات موضوع الكتاب، والمراجع وفهرس محتويات الكتاب مرتَّبة هجائيًّا، وعليك أن تلقي نظرة على محتوى الكتاب، لاحظ العنوان والعناوين الفرعية: اقرأها أوَّلاً لتتكوَّن لديك صورةً عامَّة عن الكتاب، عند ذلك تقرِّر: هل سيكون الكتاب مناسبًا أو لا؟

اقرأ لطفلك:
تبدأ حياة الإنسان في الدنيا بسماع مَن يؤذِّن في أُذنه اليمنى ويقيم الصلاة في اليسرى، وتنتهي حياته بأنْ يُذكِّره أحدُهُم بالشَّهادتين، فحياة الإنسان تبدأ وتنتهي بسماع تلك الكلِمات الإيمانيَّة، وهذا معناه: أنَّ الاستماع جزءٌ أساسي ومعلم جوهري من معالم الإنسانيَّة، ومن هنا عليْنا - كآباء ومعلِّمين - أن نحرص على استِماع أطفالِنا للخيرات، وهنا تتبدَّى ضرورة القراءة للأطفال منذ نعومة أظفارهم، فالطفل عندما يشعر بجمال ما في الكتب من الفوائد وقصص شائقة وصور زاهية، فإنَّه سيتعلَّق بالكِتاب ويحبُّه، ويتطلَّع إلى إتقان القراءة واحترافِها، ولقد أثبتت الدِّراسات أنَّ أطفال الروضة الذين يُقرأ لهم معدل ذكائِهم أعلى من أقْرانِهِم الذين لم يُقرأْ لَهم، كما أثبتت الدِّراسات أنَّ أطفال الروضة الذين يُقرأ لهم أكثر إبداعًا وهدوءًا، وأكثر قدرة على المشاركة والتعلُّم من أقرانهم الذين لم يُقرأ لهم، كما تقرُّ أنَّ الحصيلةَ اللغوية والمفرداتِ لهؤلاء الأطفال عالية، ومستواهم في القِراءة والكتابة والتَّعبير أفضل، وقدرتهم على حلِّ المشكلات أعلى، والعجيب أنَّ القراءة تعزِّز من ثقة الطِّفل بنفسِه وبقدراتِه وبحبِّ الآخرين له، ويعزِّز شعوره بالحبِّ والأمان من قبل الأم القارئة، ويتعلَّم بعض المهارات السلوكيَّة والأدائيَّة، وكل ذلك يعمل متضافرًا على تعْزيز ثقة الطِّفل بنفسه، فقد اكتشفت دراسة مطوَّلة أنَّ الطلاب ذوي المهارات القرائيَّة غير المقبولة يفتقِدون الثِّقة بالنَّفس والهمَّة لتعديل المستوى الدراسي؛ لكن بعد القراءة الجهرية لهم لفترة امتدَّت إلى الأشهر الثلاثة بدأ التحسُّن في مستوى القراءة واضحًا، منعكسًا على مهارات التَّعبير الكتابي، كما سلطت الضوء كذلك على تحسُّن في مستوى القراءة، كذلك على تحسن دافعيَّة هؤلاء الطلاب نحو العلم، وزيادة ثقتهم بأنفسهم، وبشكل عام فإنَّ بعض الدراسات تجد ارتباطًا بين الضَّعف في القراءة وظهور بعض المشكلات السلوكيَّة، والتي يمكن السَّيطرة عليها بتحسُّن الأداء القرائي، ومن فوائد القراءة للطفل أنَّها تنمِّي العلاقة بين القارئ والطفل، فالقراءة ليست سرْدًا لبعض المعلومات المكتوبة في النص؛ بل إنَّها نقل الكلمات إلى الحياة بطريقة شائقة.

أيُّها المعلم الكريم، إنَّ تَخصيص خَمس دقائق فقط من وقْتِ الحصَّة لقراءة شيء مُمتع للطلاَّب – يؤدي إلى دفْع المهارات التحصيليَّة للطلاَّب في القراءة والكتابة والتعبير، كما أنَّها تقوِّي علاقة الطالب بالمدْرسة وتجعله أكثر قبولاً.

متى وأين تقرأ لطفلك؟
ذات يوم ورد في مجلة (فوكس أون هيلث) على لسان الطبيب (ميخائيل ميقار لادو) قوله: إن تعليم الأطفال للقراءة يبدأ منذ بلوغ الطفل سن 6 أشهر، وإن ارتباط الطفل بالكتاب يبدأ من شهور عمره الأولى، والقراءة تنفَع الأطفال حتَّى قبل أن يولدوا، أثبتت الدراسات في الولايات المتَّحدة الأمريكية أنَّ قراءة نفس القصص التي كان يسمعُها الرضيع من أمِّه تساعد على تهدئة الطفل حاد المزاج كثير البكاء، ولقد روت إحدى الأمَّهات أنَّها عندما كانت تقرأ القرآن بجوار ابنها يهدأُ ويسكُن.

- اقرأ لطفلك بعيدًا عن المشتِّتات المغرية له، فمثلاً لا تجلس أمام شاشة التلْفاز وتروي لطفلك إحدى القصص، فهو لن يلتفِتَ إليْك؛ بل ستجذبه الصور المختلفة بالتلفاز، وتجعله ينتظِر حتَّى يتفرَّغ لمشاهدة ما يحب.

- اقرأ لطفلك وهو شبْعان لا يشعر بالجوع، فإذا كان طفلك منتظرًا للطعام، فإنه لن يلتفت إلى ما تقول، حتى ولو كان أسلوبك جذَّابًا وممتعًا؛ بل سيفكر في الطعام أكثر من استمتاعه بالقصَّة.

- اقرأ لطفلك في الوقت الذي لا يشعر فيه طفلك بالإرهاق، فهو إن كان متعبًا فلن تكون للقراءة ثمرة.

- كن مراعيًا أنَّ وقت القراءة لا يحرمه من ممتع آخر يريد أن يشارك فيه، فهو يعلم أن قصتك يمكن تأجيلها، أمَّا هذا الممتع فقد ينتهي وقته، ولا يستطيع الاستِمْتاع به مرة أخرى، فعلى سبيل المثال إذا كان طفلك يشاهد برامج الأطفال أو يُمارس نشاطًا مُمتعًا، فلا تحرمْه من متعته كيْ تقصَّ عليه القصَّة.

- اقرأ لطفلك وأنت تشعُر بالارتياح وعدم الإرهاق؛ حتى تستطيع تقديم ما يُمتعه بصورة مناسبة وممتعة، وإيَّاك أن تُغْضِب طفلك وتقول له إنَّك مرهق ولن تقرأ له؛ بل حقِّق له ذلك بواسطة أحد أفراد الأسرة، فإن لم تَجد فاعتذِرْ له بطريقةٍ مشوقة، وشوِّقْه بطريقةٍ شائقة إلى قصَّة ستقدمها له في وقتٍ لاحق، وإيَّاك أن تنسى ذلك الموعد.

- قراءة ما قبل النَّوم أثرها يدوم، فالطفل سينام ليحلم بالقصة الرائعة التي حكيتها له.

- اقرأ لطفلك عندما يَطلب منك ذلك، فهو الآن مستعد تمامًا للاستفادة مما ستقرؤه له.

- اقرأ لطفلك أيَّ كتابٍ يرغب فيه، وقد يكون كتابًا تافهًا من وجهة نظرك أو مكرَّرًا، وقد تملُّ وتتذمَّر إن طلبوا منك قراءة قصَّة للمرة الثانية أو الثالثة، وقد تصرخ بِهم، ولكن عليْك التحلِّي بالصَّبر حتَّى تُشْعِرهم باحترامك لأذْواقهم، ورغبتك في إمتاعهم بالقراءة، واعلمْ أنَّ قراءة كتاب أكثر من مرَّة مفيدٌ، ويؤكد ذلك قول العقَّاد: "قراءة كتاب ثلاثَ مرَّات خير من قراءة ثلاثة كتب".

- لا مانع أن يُخصص المدرس الدقائق الأولى من حصَّة القراءة ليقرأَ لطلاَّبه شيئًا جديدًا، أو ليستمع منهم أجملَ ما قرؤوا خلال الأسبوع الماضي، فلقدْ أثبتتِ البُحوث والدِّراسات أنَّ الصَّفَّ الذي يلزم المدرس فيه القراءة الجهريَّة يظهر حبًّا أكثر للقراءة، وتتحسَّن مهارة القراءة لديه.

جلسات الحوار:
ذكرتْ بعضُ الدِّراسات أنَّ الإنسان لا يتذكَّر بعد شهرٍ سوى 13% من المعلومات التي حصل عليْها عن طريق السمع، في حين أنه يتذكَّر بعد شهر 70% من المعلومات التي حصل عليْها عن طريق البصر، أمَّا المعلومات التي حصل عليها عن طريق الحوار والنِّقاش والمشاركة فإنَّه يتذكَّر بعد شهر 95% منها، وهناك مقولة للحكيم الصيني كونفوشيوس: "قل وسوف أنسى، أرني ولعلِّي أتذكَّر، شاركني وسوف أتذكر".

إنَّ أعظم ما ينمي العلاقاتِ الإنسانيَّةَ ويطورها، تلك الجلسات العائليَّة الهادئة، وجلسات الحوار الهادف التي تكون مثلاً حول موضوع كتابٍ أو قصَّة قرأها أحدُ أفراد الأسرة، أو في المدرسة، حيث يقوم الأب في البيت بإدارة الحوار، والقيادة في الحوار المعنى الأصيل الذي نتعلمه من كتاب ربِّنا وسنَّة سيدنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - فالقرآن الكريم - مع جلال الله وعظمة قدره - يُخاطب البشر بأسلوب الحوار، ويعرض آراءَهم وبشكْلٍ مميَّز، مع أنَّه قادر على الإرْشاد الفوقي، أمَّا نحن البشَر على ضعفِنا وتقصيرِنا، فنعلِّم الآخرين وبيدِنا المطرقة، نُحاول بقوَّةٍ إقناعَ الآخرين بما نريد من معلومة، إنَّ الرفق سيد الأخلاق، وما دخل على شيء إلا زاده جمالاً وحسنًا، ويجعل المحاور ينظر إلى الأمور بقمَّة الهدوء النفسي مستشعرًا الشَّفقة على تلك الزَّاوية غير الصائبة، التي يطلُّ عليها عقْل الإنسان الآخر، فيأخذ بيد مخالفه من زاوية تفكيره الخاطئة؛ ليسير معه سويًّا بلطف المحب.

هناك حقيقة مهمَّة، إنَّ هناك مسافةً بين عقلي وعقْل الطرف الآخر، عليَّ أن أجتازَها باستخدام وسيلة المواصلات المناسبة، وطَرْق باب ذلك العقْل بلياقة تناسب صاحب الدار، ومنطق تَهشيم الباب لن يعطيني القوَّة بالدخول، وحتى لو دخلنا، لن أتملَّك بالقوَّة إحداث التَّحويل المطلوب في العقْل الآخر.

كيف تختار قصة مناسبة لطفلك؟
بداية يجب أن تعلم حقيقة أساسيَّة، ألا وهي أنَّ كلَّ ما تقرؤه لطفلك سوف يتأثَّر به، وسوف يكون عاملاً هامًّا في تَحْبيبِه القراءة، أو النُّفور منها؛ ولذلك يَجب أن تحرِص كلَّ الحرص وأنت تقرأ لطفلك، والاختيار السليم لمادَّة القراءة هو الهدف الأساسي لنجاح المقصِد من القراءة، وطفلك في المرحلة من 3 سنوات إلى 7 سنوات يحب القصص، وهي أكثر المواد مناسَبةً له؛ ولذلك يجب مراعاة ما يلي عند اختيار القصة لطفلك:

- اختر لطفلك القصَّة التي تدور حول ما يعرفه من حيواناتٍ وطيور ونبات، وكذلك الشخصيَّات المألوفة لديْه؛ كالأب والأمِّ والإخوة والأصدقاء، لا تأتِ له بالغريب من الأشْياء لتحدِّثه عنها.

- اختر لطفلك القصَّة التي يمتزج فيها الخيال بالواقع الذي يَحياه، فالعصفور - على سبيل المثال - عنصرٌ من عناصر الواقع الذي يحسُّه طفلُك، وهو عندما يتحدَّث في القصَّة من الأمور التي تشبع رغبته في التخيُّل عن الحقائق البيئيَّة التي تُحيط به.

- اختر لطفلك القصة قليلة الأحداث والأشخاص حتَّى يُمكِنه أن يُتابعَها ويتأثَّر بها، دون ملل وتشتُّت ذهني.

- اخترْ لطفلك القصَّة ذات الصُّور الجذَّابة التي تجذبه إليها؛ لذلك يجب أن تكون كبيرةَ الحجم، واضحة الألوان، معبِّرة عن الأحداث.

- اخترْ لطفلك القصَّة ذات الأسلوب السَّهْل السَّائغ، الذي يفهمه طفلك بغير مشقَّة أو عناء، وفي الوقت نفسِه تتوافر بها عوامل الإثارة والتَّشويق؛ كالطرفة والخيال والحركة.

- اختر لطفلك القصَّة التي تبتعِد عن إثارة فزع وقلق طفلِك، فلا تختر قصص العفاريت والغول والأشباح.

- لا تركِّز على نوعية واحدة من القصص لطفلِك؛ بل اهتمَّ بتنويع موضوعات القصص، فهناك القصص الدينيَّة والخياليَّة، والاجتماعية والتاريخية، والفنية والعلمية المُيَسَّرة.

- لا تنخدِعْ بما يعلنه بعض الناشرين عن أنَّ كتبَ وقصصَ سلسلةِ كذا مناسبة لأطفالِ ما قبل المدرسة، أو الفترة السِّنية كذا، بل كن ناقدًا لها قبل أن تقدِّمها لطفلك.

- حاول أن تَجعل طِفْلَك يُشارك في اختِيار قصَّته، فمثلاً ضعْ أمامه مجموعةً من القصص واجعله يختار.

كيف تقرأ لطفلك؟
تروي الكاتبة (كاترين باترسون): أنَّها قابلت طفلاً فسألها كيف أقرأ كلَّ كتُب العالم؟ وعندما بحثَتْ عن السَّبب الذي جعل هذا الطِّفْل يسألُها هذا السؤال، وجدتْ أنَّ معلمة هذا الطفل تقدِّم له القصص بطريقةٍ مشوقة جدًّا، ما جعله يحب القِراءة وهو في سنواته الأولى من عمره، ويريد أن يقرأ كلَّ كتُب العالم؛ لذلك أدعو مَن أراد أن يقرأ على أطفالِه من آباء أو مربِّين: أن يتعرَّف على الطُّرُق السَّليمة للقِراءة، الموجّهة للأطفال، وأتصوَّر أنَّها كما يلي:


- ابدأِ القصَّة بِحوارٍ مع طفلِك، واجعلْه يستنبط المعلوماتِ المختلفةَ بنفسِه، فعلى سبيل المثال اسألْه عن صورة الغلاف، كما يمكن أن تذكُر حدثًا من القصَّة، وتتركه يستكمل آخره.

- حاول إحضار أية أدوات أو أشياء من المنزل ذُكرت في القصَّة؛ من أجل ربْط القصَّة بالواقع.

- انفعل بحوادث القصَّة، وتقمَّص الشخصية عند الإلقاء، فعلى سبيل المثال: تغيُّرات الوجه ونبرات الصوت اجعلها تعبِّر عن مواقف الفرح والحزن، وكذلك أحداث القوَّة والشجاعة والتعاون تظهرها إشارات اليد.

- استخدم عند تقديم القصَّة لطفلك لغة مناسبة، لا هي بالعربية الفصحى التي لا يستطيع فهمَها، ولا هي بالمبتذلة الدارجة، فلُغتنا العربية يسْرٌ لا عسر، وبها الكثير من الألفاظ السهلة التي يُمكن أن يُعبَّر بها.
- لا تقدِّم الهدف أو الموعظة من القصَّة بصورة مباشرة؛ بل اسرد القصَّة كاملة، ثم ناقشْه فيها، واستخرج معه ما ينفعه من القيم.

- نوِّع في أسلوب القراءة واجعلها نوعًا من المتعة، وتعمَّد لفظ بعض الكلمات بطريقة خاطِئة حتى يصوِّبه طفلك، واستعمل أصواتًا مختلفة، واضحك مع طفلك، واجعل وقت القراءة وقت مرح وفرح وسعادة.

- أكمل القراءة بسرعة عندما يقلُّ انتباه طفلك، واختم القصَّة بنهاية يحبها ابنُك.

- ليكن هدفك الأخير أن تَجعل طفلك يقرأ بنفسِه، وأن يحبَّ القراءة؛ لذلك انسحِبْ أنت عندما يبدأ طفلُك يقرأ بنفسه، وتظاهر أحيانًا بالتعب قبل أن تكمل قراءة القصَّة؛ لتعوِّد طفلك على القراءة بنفسه.

قبل النوم:
(1) حكاية قبل النوم:
ناشدَ أطبَّاء النفس الأمَّهات في عالمنا المعاصر بضرورة العودة إلى حكاية قبل النوم، بدلاً من الاعتماد على ما يُعْرض من برامج التليفزيون وأشرطة الفيديو؛ لأنَّ وجود الأمِّ إلى جوار سرير ابنِها يزيد من ترابُطِه بها، ويجنِّبه أيَّ نوع من المخاوف أو الإحساس بالضِّيق، ويمنع عنه الأحلام المفْزِعة، إنَّ لحكاية قبل النوم أهميَّة خاصَّة؛ لأنَّها تظلُّ تَختمر في عقله، وتثبُت في مراكز الذَّاكرة في مخِّه أثناء النوم، فعلى الأم أن تلتزِم اختيار النهايات السعيدة، والابتعاد عن رواية قصص العنف أو قصص أبطالُها حيوانات خُرافية؛ لأنَّه قد ينطبع شكلُها المخيف في ذاكرة الطِّفْل، فيتسرب الخوف إلى قلبه، ويسبب له القلق، وعلى الأب أن يحرص على مشاركة أبنائِه هذه اللحظات الرَّائعة، وذلك باستماعه إلى ما تحكيه الأم أو بمشاركتها في الحكاية، بأن يحكي نصفها وهي تحكي النصف الآخر، أو يقوم هو بحكايتها كلها.

(2) قصة جماعية:
من المفيد جدًّا أن يشارك كلُّ أفراد الأسرة - بقيادة الأب - في رواية القصَّة، ويتم ذلك بأن يقترح الأب جملة تمثل نهاية حكاية، مثل: (لم يكن أحد يتوقَّع أن يقوم أحمد بهذا العمل)، أو على سبيل المثال: (وهنا قالت الأم: الحمد لله الذي استجاب لدعائي)، ثم يبدأ كل أفراد الأسرة برواية جملة واحدة من القصَّة، وعلى الآخر أن يكمل الجملة التالية لها، وهكذا حتَّى تصل الأسرة للنهاية التي وضعها الأب في بداية روايتِه للقصَّة، ويمكننا تدوين هذه القصَص الجماعية في دفتر خاص، ونطلق عليه بستان الحكايات العائلية.

(3) لنكتب مذكراتنا:
من أجمل الأشياء التي يمكن أن يشترك فيها الأب مع أبنائه: كتابة المذكرات في نهاية اليوم، فيقوم معهم قبل النَّوم بعشْر دقائق بكتابةِ مُختارات ممَّا حدث طيلة اليوم، وهذا في دفتر خاصٍّ بكلِّ فرد من أفراد الأسرة، ثم يجلس أفراد الأسرة معًا قبل النوم ليحكي كلٌّ منهم ما يختاره من مذكَّراته.

(4) دعه يقرأ ويحكي:
أحيانًا يكون الوالِدان غير قادرين على حكاية القصَّة المعيَّنة؛ لشعورهما بتعب، أو انشغالهما بالتفكير في شيء ما، وفي هذه الحالة يفضَّل إعطاء أحدِ الأبناء الفرصةَ ليقوم بحكاية القصَّة هذا اليوم، ونترك له الحريَّة في طريقة الحكاية، فإمَّا أن يختار قصَّة من ذاكرته أو من أحداثه اليومية، وإمَّا أن يقرَأها لنا من كتاب مناسب، وعلينا أن نتقبَّل القصَّة بالاستحسان والشكر، دون نسيان التوجيه والإرشاد.

تجربة ناجحة: 
روى نضر بن الحارث قال: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: قال لي أبي: يا بني، اطلب الحديث، فكلَّما سمعت حديثًا وحفظته، فلك درهم، فطلبت الحديث على هذا.
تأمَّلْ هذه التجربة واستفِدْ منها في تشجيع الطفل على القراءة.

كرسي القراءة: 
يقول الدكتور محمد الوهابي - وهو أديب وطبيب للأطفال -: بينما أنا عائد من هولندا إلى بلجيكا في القطار، كان بجانبي سيدة هولندية بمعيَّة ابنها الصغير، فجأة طفق الطفل في البكاء، فتحت الأم حقيبةً في يدها وسلَّمت له كتابًا، وراح يقرأ بحيويَّة وارتياح، وانقطع عن البكاء، واستغربت من هذه الحادثة؛ لأنني ظننتُها ستعطي ابنها الحلوى، فإذا بها تعطيه زادًا نفسيًّا لا ينضب معينُه، وهو الزاد الفكري الذي يحتاجه أطفالنا كثيرًا.

أيها الوالد الكريم، بعد أن قرأت هذا الموقِف هيا بنا إلى العمل، ولنبدأْ مع أبنائِنا بهذه الفكرة المثيرة التي جرَّبتها إحدى الأمَّهات، لقد وضعت في أحد أرْكان المنزل كرسيًّا مريحًا وله وسادة للقدمين، ومزوَّد بإضاءة موضوعة بجانبِه، وعرف هذا الكرسي بكرسي القِراءة، وإلى جانبه مجموعة من الكتب المنوَّعة والصحف.

كيف نوظِّف مكتبة الطفل؟
إنَّ الكثير من الآباء والأمَّهات يؤمنون بأهميَّة المكتبة المنزلية في تربية أطفالهم، تربيةً إيمانيَّة وعلميَّة وثقافيَّة؛ بل إنَّهم كانوا عمليِّين فحرصوا على تكوين المكتبة وتنمِيتِها، ولكن هناك سؤال يتردَّد في عقولهم وعلى ألسنة العديد منهم، هو: كيف نوظِّف مكتبتنا في تربية أطفالنا وتعويدهم القراءة؟ لكي نجيب عن هذا السؤال بصورة فعَّالة، فإنَّنا سنقدم مجموعة من الوسائل العمليَّة التي يمكن - بمشيئة الله - من خلالِها أن يتحقَّق لأطفالنا أقصى استِفادة ممكنة من المكتبة المنزليَّة.

مكتبة الطفل:
إنَّ الطفل بطبيعته يميل إلى الجمع والادِّخار، ويرغب في التملك والاقتناء، ولكي نحسن توجيه وتوظيف هذا الميل وهذه الرغبة، فإنَّ عليْنا أن نشجِّع أطفالَنا - بل نساعدهم - على امتلاك الكتب واقتنائِها، حتَّى يكون لكلِّ طفلٍ مكتبته الخاصَّة به، وبهذه الطريقة فإنَّنا سنغرس في نفس الطفل شعور الاحترام نحو الكتاب، فيحافظ عليه وعلى نظافته، وهنا سؤال يطرح نفسه:
كيف نختار الكتاب المناسب لأطفالنا؟

أوَّلاً: من حيث الموضوعات:
أن تتناسب موضوعات الكتاب مع خبرات الطِّفْل وحاجاته، وأن تكون مناسبةً لمستوى الإدْراك لديْه، وأن تتناول الموضوعات التي يهتمُّ بها.

ثانيًا: من حيث الأسلوب:
أن يكون أسلوب الكتابة مناسبًا لسنِّ الطفل، وتكون الجمل والفقرات قصيرةً، مع تجنب الأسلوب الصعب، واستِخْدام الأسلوب الموحي المثير للخيال.

ثالثًا: من حيث المفردات:
أن تكون المفردات عربيَّة فصيحة، والأكثر شيوعًا، أمَّا المفردات الجديدة، فتعرض داخل جمل معروفة للطفل.

رابعًا: من حيث الخط:
أن يكون الخط كبيرًا يناسب مستوى المرحلة العمريّة التي فيها الطفل.

خامسًا: من حيث وسائل الإيضاح:
ينبغي أن يكون الكتاب مزوَّدًا بالصورة والرُّسومات الجميلة، والألوان الجذَّابة التي تُثيرُ شوق الطفل إلى القراءة.

مهارات القراءة:
لكل مرحلة من المراحل العمريَّة مهارات خاصَّة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالقراءة، كما ترتبط في ذات الوقت بمستوى النمو الفكري واللغوي للطفل؛ لذلك ينبغي أن تكون محلَّ اهتِمام الآباء والمربِّين والمعلمين؛ لأنَّ إتقان الطفل لهذه المهارات تَجعل منه قارئًا مبدعًا ناقدًا، كما تساعدُه في مجال التعليم، ومن هذه المهارات والتي تناسب المرحلة العمريَّة لطالب التعليم قبل الثانوي، وهي على سبيل المثال لا الحصر:

- فهم الفكرة العامة من الموضوع المقروء.
- نقد ما يقرأ أو تقويمه.
- معرفة طريقة الكشْف عن الكلمات التي يصعب فهمها في المعاجم والقواميس.
- تعرُّف علامات الوقف والوصل ونظام الفقرات، وتعديل طرُق القراءة وأساليبها وفقًا لما يقرأ.
- استخدام علامات التَّرقيم.
- تصنيف الحقائق وتنظيمها، والتفرقة بين الحقائق والآراء.
- تكوين رأي فيما يقرأ، وتقليب النَّظر فيه على أسس موضوعيَّة.

المراجع:
* العشرة الطيبة مع الأولاد وتربيتهم، محمد حسين، دار التوزيع والنشر الإسلامية 1998 م.
* أطفالنا خطَّة عملية للتربية الجمالية، عبدالله عبدالمعطي، دار التوزيع والنشر الإسلاميَّة، 2003 م.
* صناعة النجاح، د. طارق السويدان، فيصل باشراحبيل، دار الأندلس الخضراء، 1421 هـ.
* كيف تصنع طفلاً مبدعًا، عبدالله عبدالمعطي، دار التوزيع والنشر الإسلاميَّة، 2006 م.
* كشف المواهب ورعايتها، مجدي هلال، المصرية للنشر والتَّوزيع، 2001 م.
* كيف تكون أبًا ناجحًا، عبدالله عبدالمعطي، دار التوزيع والنشر الإسلاميَّة، 2002م.
* المعين في تربية البنين، عبدالله الوكيل، دار الهداية الإسلاميَّة، 1992 م.
* منهج الطفل المسلم، الشحَّات الطحَّان، دار الكلِمة للنشر والتوزيع، 2001 م.
* المهام التربويَّة للآباء، علي لبن، د. جمال عبدالهادي، المركز المصري للطفولة، 1998 م.
- قبل أن تقرأ لِطفلك اقرأ أنت القصَّة حتَّى لا تقابلك - في أثناء تقديمها - كلماتٌ صعبة لا تستطيع أن تعبِّر عن معناها؛ لذلك يُفضل تعاون الوالدين في تحضير القصَّة.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • افتحي عيني طفلك على الكتاب
  • كيف تجعل طفلك قارئا؟
  • طفلك والقرآن
  • أبناؤنا والقراءة، ترغيبًا ورقابة
  • صفات كتاب الطفل
  • توظيف الطاقة اللغوية لدى الشبل
  • بين التمدد والضمور
  • أمة اقرأ
  • مشروع (القراءة منهج حياة)
  • هل أصبحت السعادة صناعة الكترونية؟
  • حوار مع الأديب أيمـن بن أحمد ذوالغـنى الحائز على جائزة (القارئ النهم)
  • أغلق مكتبة وافتح...
  • أطفالنا والمكتبات
  • إلى القراءة من جديد
  • دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة (1)
  • القراءة
  • هل توقف الكاتب عن القراءة؟
  • إضاءة حول موضوع القراءة السريعة
  • تعليم طفلك الإيمان خلال العامين الأولين
  • أهمية القراءة بقلب وفوائدها
  • اقتراحات لاستثمار القراءة مع أطفالنا
  • القراءة في المواصلات والأماكن العامة
  • لا تقرأ فقط
  • الكتاب بين الغني والمتراب!
  • القراءة (1)
  • القراءة (2)
  • علمي طفلك توحيد الله
  • لذة قراءة الكتب
  • تنمية روح القراءة لدى الطفل
  • أسئلة طفلك الحرجة .. لكل سؤال جواب
  • 10 طرق تهيئين طفلك بها للذهاب إلى المدرسة
  • العزوف عن القراءة: الأسباب، النتائج والحلول
  • إنها القراءة

مختارات من الشبكة

  • ملخص مفاهيم القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أهمية القراءة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • قراءة موجزة حول كتاب: قراءة القراءة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مقدار القراءة في صلاة الصبح وبيان أن تخفيف القراءة فيها لا يكره (PDF)(كتاب - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • القراءة البطيئة مع التدبر، أم القراءة السريعة لتكثير الأجر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القراءة القراءة أيها المعلمون(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • قياس وتدريبات القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • وقل رب زدني علما(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ملخص كتاب كيف تقرأ كتابا: الطريقة المثلى للاستفادة من القراءة(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • كيف أشجع أولادي على القراءة؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
8- كيف تعود طفلك القراءة؟
darou saroura - ghana 22-07-2011 10:30 PM

جراك الله خيرا على هذا الموضوع الرائع

7- مقال أكثر من رائع
ياسر - مصر00السعودية 05-03-2009 12:11 PM
أشكر الأخ ممدوح على هذا المقال المتميز , نفع الله به وأكثر الله من أمثالك وجزاك الله خيرا.
6- جزاكم الله خيراً
أحمد ماهر - مصر 03-03-2009 11:54 AM
جزاكم الله خيراً ، وفى انتظار المزيد
5- اشادة
أم فراس - السعودية 01-03-2009 10:18 PM
مقال مفيد لكل أب وأم وأجمل ما فيه هو لغته السهلة والتي تتناسب مع كافة المستويات
4- مقال علمي
mohamed mosad - egypt 01-03-2009 09:17 PM
حقيقة هذا القال جميل ومفيد لما احتواه من حقائق علميه وواقعيه وبالفعل مقال مفيد جدا ونرجو المزيد ******جزاكم الله كل خير (مع تحيات مصطفي وابراهيم ومعتصم)
3- القراءة
محمد بابكر - اليمن 01-03-2009 05:51 PM
جراك الله خيرا على هذا الموضوع الرائع ونرجو نشر بريدك الألكتروني والاستفادة
2- وفقكم الله
نصر الاسلام - جمهورية مصر العربية 20-02-2009 04:51 PM
بالفعل فلا يجادل اثنان في أهمية القراءة بالنسبة للطفل فهى تفيده في تنمية مداركه وتوسيع خبراته ونشكركم على هذا الموضوع الرائع
1- جزاكم الله خيرا
مصطفى أحمد - مصر 12-02-2009 11:33 PM
السلام عليكم أخي الفاضل

موضوع جميل جدا عسى الله أن ينفع بك وبه آمين.. وشكرا جزيلا على الإفادة

وكنت أنا حضرت بعض المحاضرات في مكان ما في القاهرة كانت بتتكلم عن نفس الموضوع بس بتوسع أكثر وإن كانت هنا بعض النقاط اللي ما قالها الأستاذ والتي أحييك عليها بصراحة شديدة.

أكرمك الله
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب