• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

الإرشاد

الإرشاد
محمد عبدالعزيز الخولي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/12/2012 ميلادي - 1/2/1434 هجري

الزيارات: 7846

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإرشاد


عناصرٌ هامة:

♦ ماضي المسلمين وحاضرهم.

♦ الإرشاد وما له من التأثير والمكانة في الحياة الإسلامية.

♦ الصفات التي يجب أن تتوفر في المرشد.

♦ أدلة وجوب الإرشاد من الكتاب والسنة.

♦ من يصلح للإرشاد.

♦ أشهر طرق الإرشاد: الخطابة .

♦ الدرس.

♦ التمثيل.

♦ الأسوة الصالحة.

♦ الكتابة.

♦ كيف يتكون المرشدون.

 

كلما فكرت في أمر المسلمين وما كان لهم من عز وما أصبحوا فيه من ذل وما عرف لهم من الملك الواسع، وعنهم من العدل الشامل، وما صاروا إليه من كلمة متفرقة وممالك ملتهمة وبلاد مستعمرة

 

كلما جد بي التفكير في ذلك حضرتني كلمة "الإرشاد" وملكت علي نفسي واستولت على فكري وكيف لا تكون كذلك وبها قامت هذه الملة، وانتشرت هذه الشرعة، وتكون بها الملك الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها وشماليها وجنوبيها. فمحمد عبد الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - لم تكن له الجيوش المؤلفة، ولا الأساطيل القوية، ولا الغواصات الماخرة، ولا الطيارات السابحة ولكن بين جنبيه نفس طاهرة وروح مكملة حركت لسانه بالدعوة إلى الحق وإرشاد الخلق والأخذ بهم عن اللمم، إلى سبيل الأمم ففعلت نفسه بنفوسهم وروحه بأرواحهم ما لا تفعله القوى القاهرة، فإنها إن حركت الأجساد إلى حيث يريد المستعبدون الظالمون، فإنها لا تحرك القلوب نحو الغاصبين المستبدين بل ربما أيقظت نائمهم، وأجدت خاملهم، وبعثت ساكنهم إلى حيث يناوئ الغاصب ويقهر الغالب ويرد الكائد ثم يختط لنفسه من طرق السعادة وسبل العزة ما يمكن له في الأرض، ويستعيد به الملك الغابر والمجد السالف وسيطرة الأولين وعزة المؤمنين: قام سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - لا حول له ولا قوة إلا الدعوة إلى الخير ينطق بها قلبه قبل أن ينطق لسانه ويظهر أثرها في عمله وخلقه قبل أن تنظم في كلمه فكان الناس يسمعون مع صوته وحي قلبه، ويرون في خلقه وفعله أسوة حسنة وقدوة صالحة، فكل عضو من أعضائه داعية، وكل حاسة من حواس سامعيه مشغولة بدعوته منصرفة عن غيره فكيف لا يسيرها حيث يحب ويسخرها حيث يود ولا يحب إلا الخير ولا يود للناس إلا ما انطوت عليه نفسه وجبلت عليه روحه من معالي الأمور ومكارم الأخلاق، وكبار الآمال. وكذلك صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعون لهم بإحسان كانوا داعين بعملهم وقيلهم إلى هذا الدين فاستطاعوا أن ينشروه في قلوب الملايين من البشر قبل أن ينشروا سلطانه في معظم المعمور من الأرض إذ ذاك.

 

وكما كان بهذه الكلمة قيام الأمم، وبناء الدول كان بتركها وإهمالها دك هذه البناء الشامخ الذي بناه على أساس الحق والعدل آباؤنا السابقون، وسلفنا الصالحون وبعثرة هذا الملك العريض الذي توطن (سرة) الكرة الأرضية وخير ما فيها من بلاد فهي كلمة من فهمها، وقام بحقوقها وحفظ عليها حرمتها كانت له أكبر عون على آمال يريد تحقيقها وأماني يود حصولها، ومن ضيعها وحقر شأنها ونكث عهدها لم تؤاته على آماله بل سلبت منه ما كان جمعه وهدمت ما كان أقامه.

 

وإذ كانت هذه مكانة الإرشاد كان من الواجب علينا أن نعالج موضوعه ونلم بأبحاثه حتى نحرك آلاف العلماء ليقوموا بواجب النصح ويؤدوا العمل الذي كتب الله عليهم أن يؤدوه، وأخذ عليهم الميثاق أن يبينوه ولا يكتموه. وحتى يعرف الذين تصدوا للإرشاد – ولم يحسنوا الطريق السوي الذي يصلون منه إلى النفوس فيحركونها نحو ما يحبون، أو يكونونها كما يبغون.

 

وقد رأيت أن أقسم الموضوع إلى أربعة أقسام:

الأول: في وجوب الإرشاد.

الثاني: في بيان من يصلح للإرشاد.

الثالث: في طرق الإرشاد.

الرابع: كيف يتكون المرشدون.

 

وجوب الإرشاد:

قال تعالى ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104] وقال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 159- 160] وقال تعالى ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾ وقال ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة:78-79] وقال ﴿ لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [المائدة: 63] وقال تعالى ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71] وقال ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ وقال تعالى ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125] وقال ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ وقال تعالى ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132] وقال تعالى ﴿ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".

 

وروى الشيخان عن تميم الداري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "الدين النصيحة" قاله ثلاثاً. قال: قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

 

وروى مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل".

 

إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي ذكرنا كثيراً منها وإن كان المتروك أكثر لنبين لحضرات العلماء الذين يعيشون لأنفسهم دون أمتهم ودينهم: أن واجب الإرشاد ليس دون الصلوات والزكوات والفرائض المحتمة في الدين المعروفة بين جمهور المسلمين فهل رأيت من الحث في القرآن على الصيام الذي هو ركن من أركان الإسلام مثل ما رأيت من الحث على الإرشاد ووجوب التذكير والعظة والإنذار بسوء العاقبة لمن قعد عن القيام بهذا الواجب الذي من أجله بعث الله الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل والذي من أجله أنزل كتبه بين خلقه يستضيئون بنورها إذا أظلمت عليهم المقاصد والتوت طرق الحق وضل الناس المحجة وهل مدح الله العلماء بما مدحهم به في القرآن إلا لأنهم ورثة الأنبياء، يبلغون الشرائع للناس ويرشدونهم إلى طرق الفلاح والنجاح، يرشدونهم إلى أسباب السعادة والعزة في هذه الدار ﴿ ولله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8]وفي الدار الآخرة ﴿ وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ﴾ [العنكبوت: 64].

 

من يصلح للإرشاد:

ما خرج من اللسان لا يتجاوز الآذان، وما خرج من القلب وصل إلى القلوب فحرك دم الإصلاح فيها فحرك الأعضاء إلى الخير والعمل الصالح حركها إلى حيث السعادة للنفس والعشيرة والخلق فالنفس الطيبة لا تصدر إلا طيبا. النفس المكملة تستطيع أن تكمل غيرها والنفس الناقصة أولى بها أن تتدارك عيوبها ثم تتطلع بعد ذلك لإصلاح غيرها ولا يمكن أن يعطي الشيء فاقده بل ينفق كل امرئ من وجده.

 

إذا أردنا أن نعرف المثل الأعلى للمرشدين فعلينا بالأنبياء والمرسلين فمن صفاتهم نتعرف صفات المرشدين ومن طرقهم نتبين طرق المصلحين ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21] المرشد شخص كملت نفسه وتهذب خلقه ورشد عقله، عامل بما علم واقف عند ما رسمه له الشارع لا يلتوي عنه يمنة أو يسرة ملئ قلبه بخشية الله فلا يفعل ما يفعل ولا يترك ما يذر خشية من الناس أو من قانون وضعي تطبق عليه نصوصه بل يفعل الخير ويترك الشر لأنه يرى سلطان الله محيطا به من كل جانب، ويرى عين الله تبصره كل حين. تبصره وهو على ملأ من الناس قد غمره نور الشمس، وتبصره وهو في زوايا بيته في الظلام الدامس، والليل الحالك يحب ما يقربه إلى ربه ويبغض كل ما يبعده. عن سبيله يرى أن كتاب الله إمامه فلا يحكم بغير ما يحكم، ولا يقول غير ما يقول يجعله سلوته في غدواته وروحاته، وفي أوقات فراغه يعكف عليه يتعلم منه الحكمة ويتبصر منه طرق الهداية وموارد الرشاد. يتأسى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في أعماله وأخلاقه وعقائده وآدابه.


المرشد شخص بصير بأحوال الناس خبير بأمورهم ليس خبا ولا مغفلا يضحك عليه ويسخر منه، عليم بالطريق الذي يسوسهم منه ويأخذ بهم إلى حيث عزهم ومجدهم وعلوهم وسعدهم.

 

المرشد شخص جعل الصبر عدته، وتحمل الأذى في سبيل الحق خلته فما يصيبه من الآلام وما ينتابه من النائبات يتقبله بقلب ثابت وجأش رابط بل يستعذب المر في سبيل الدعوة ويستسهل الصعب في سبيل إعلاء كلمة الله كلما طعن بطعنة أو قذف بسبة تأسى بالأنبياء قبله وقال: هذا سيد الرسل رمي بالسحر والجنون والافتراء على الله ومس الشيطان وأوذي في سبيل الله أشد الإيذاء فما كان يقول إلا (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) ثم يقول لنفسه إن مرتبة الإرشاد من المراتب العالية التي لا تنال إلا بالجد والصبر على المشاق، ويتمثل قول الله تعالى ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24].


المرشد لا يعرف اليأس إليه سبيلا، وكيف يتسرب اليأس إلى نفسه وما عليه إلا البلاغ المبين، فإن عمل الناس بما دعا فتلك البغية، وإن أعرضوا عنه فإنما عليه البلاغ وعلى الله الحساب، إذا خاطبه ضعيف الإيمان وقال له مثبطا من عزمه: وماذا تبلغ كلمتك من نفوس الناس، وماذا عسى أن يكون أثرها فيهم؟ حكى له قول الله في قوم من بني إسرائيل قالوا مثل مقالته ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف: 164] .


المرشد شخص يعرف القرآن جد المعرفة، ويعرف أعمال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهديه في صلاته وزكاته وصيامه وحجه ومعاشرته لأهله وقومه وجهاده في سبيل نشر الدين.


المرشد سياسي حكيم يأتي الناس من جهة ما يعرفون ليصل بهم إلى ما ينكرون من حيث لا يشعرون فيسقيهم الدواء في كوب الشراب العذب مضيفا إليه من المواد ما يغطي مرارته، يدعوهم إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادلهم بالتي هي أحسن، فلا يشتد في موضع اللين، ولا يلين في موضع الشدة ولا يمنع الشر بالقوة إذا كانت الكلمة البالغة كافية.


يعظهم بالقول الرقيق، والأسلوب العذب الذي لا يعلو على أفهامهم، ويجري في مجاري حديثهم.


المرشد النابه يستطيع أن يعظ كل صنف من الناس، وإن كانوا حكاماً ظالمين وعتاة جبارين، وإن كانوا ممن ينفرون منه إذا رأوه، ويهرولون عنه إذا لاقوه، فهو بحيلته ودهائه يستطيع أن يرد شاردهم، ويكبح جامحهم إلى حيث يسمعون عظته البليغة، وقولته الساحرة الفاعلة في النفوس ما لا تفعله السيوف.


ولو أردنا أن نسوق لذلك الأمثال لكان من ذلك مؤلف ضخم وحسبنا في ذلك سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ففيها زاد المرشدين، وعدة الداعين.

 

طرق الإرشاد:

طرق الإرشاد كثيرة ولكن نجتزئ بمشهورها عن استقصائها فنقول: أشهر طرقه الخطابة والدرس والتمثيل والأسوة الصالحة والكتابة.


أما الخطابة فهي أشد هذه الطرق أثراً في النفوس إذا كانت صادرة من قلوب مخلصة طاهرة طيبة، وكان لصاحبها من طلاقة اللسان ما يحسن التعبير به عما يكنه الفؤاد. وكان الخطيب مراعياً مقتضيات الأحوال فيخطب في الحوادث النازلة، والوقائع الجديدة، ولا يسلك ما يسلكه خطباؤنا في هذا العصر ينهون عن جرائم كانت في سالف الأيام ولم يكن لها وجود بين الناس بل لا يعرفون اسمها إلا من طريق الخطباء، ويأمرون الناس بما هم به قائمون بدل أن يأمروهم بما هم فيه مقصرون، وينهوهم عما هم له مجترحون، نرى خطباءنا يخطبون بما يعلو على الأذهان، ولا يفهمه إلا العلماء، ويكثرون من المجازات والاستعارات والمحسنات، وإن كان في ذلك إضاعة المعنى، والتعمية في المغزى، وكان جديراً بهم أن يخاطبوا الناس بما يعقلون، ويتخيروا من الألفاظ ما يعرفون، فليس الغرض من الخطابة امتحان الخطيب ومعرفة بلاغته، وإنما الغرض إيصال المعاني إلى القلوب، فكل طريق يصل بالخطيب إلى هذه الغاية عليه أن يسلكه ولو كانت عبارته أقرب إلى العامية منها إلى العربية الفصحى، وليت هذه الخطب من صنع الخطباء ولكن أكثرها من صنع القدماء، على أني لا أحبذ في الخطيب أن يخطب من حفظه أو من ورق في يده ولكن أحب له أن يرتجل، وأن يأخذ من حال الحاضرين ما يجعله موضوع خطابته، فإن رأى منكراً أو بدعة ولو في أثناء الخطابة تحول بكلامه نحوها كما كان يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم.


ولا أقصد بالخطابة خطابة الجمع فحسب بل ما يشمل ذلك ويشمل إلقاء المحاضرات في الجامعات والمنتديات بل الخطابة على الجماهير في الميادين العامة والمتنزهات الجامعة، فإن قصر الخطابة على ما يكون يوم الجمع في المساجد ضئيل الأثر، قليل النفع فإن من يحضرون المساجد قليل بالنسبة لمن يغيبون؟ ثم أكثر الحاضرين نفوسهم عارفة للدين ولكن أولئك الذين لا يعرفون بيوت الله أولى بالعظة والتذكرة وربما كان فيهم نفوس متقبلة وأرواح مستعدة.


وحبذا لو عينت وزارة الأوقاف مرشدين في الميادين والمتنزهات والمنتديات والمجتمعات وأمرت وزارة الداخلية الجنود بأن يحافظوا على النظام ويسهلوا للواعظين القيام بهذه المهنة ولقد فكرت وزارة الأوقاف في إصلاح الخطابة فطلبت إلى المربين والمرشدين والواعظين والكاتبين أن يوافوها بخطب تناسب العصر وتقتلع من النفوس جراثيم الأمراض الخلقية، فتقدم إليها أولئك بما جادت به القرائح، ولا ندري ما صنعت بهذه الخطب التي وعدت المتفوقين فيها بمكافأة على أن هذه الطريقة في الإصلاح قليلة الفائدة فإن الخطيب إذا كانت نفسه مصدر خطابته وكانت زكية طيبة اجتمع كلامه وحاله وقلبه في التأثير على السامعين فكان لثلاثتها من التأثير ما ليس بكلمات يلوكها بلسانه، لا صلة بينها وبين قلبه، بل ربما كان جاهلا معناها، غير واقف على مغزاها، فلا جرم كان ما صاغه أفيد في العظة مما صاغه غيره لعالم غير عالمه.


وأما الوعظ من طريق الدرس فله في نفوس الطلبة آثار حسنة خصوصاً إن كانوا صغاراً لم تتلوث نفوسهم بعد بل كانت على الفطرة التي فطروا عليها، فإن المدرس الماهر يستطيع أن يصوغ هذه النفوس في القالب الذي يحب، وإذا عرفنا طول عشرة التلميذ لمعلمه أدركنا أن كلمات المعلم ربما سكنت القلوب ساعة تخرج لسابق المعرفة وطول التجربة، وإذا كان المدرسون أكثر الفئات الصالحة للوعظ علمنا أن واجبهم في الدعوة عظيم، ولاسيما أنهم يصاحبون الطالب بضع سنين، فلو أن مدرسي المدارس الأولية والابتدائية والثانوية والعالية والمعاهد الدينية عنوا ببث الأخلاق الفاضلة والعقائد الحقة في نفوس المتعلمين لغيروا هذه النفوس في الزمن اليسير إلى ما هو خير وأصلح وكل مدرس يستطيع أن يقوم ببث ذلك، ولو لم يكن العلم الذي يدرسه من علوم الدين أو الأخلاق فإن للطلبة أوقاتاً يسأمون فيها العلم المحتم، وتتعطش نفوسهم للمسائل الخارجية، فلو أن نفس المعلم عنيت بالإرشاد ما صدها عن غرضها صاد، وليس في هذا تقصير في القيام بالواجب، فإن تكوين الأخلاق والآداب أولى من حشو الأدمغة بالمسائل العلمية، وماذا تنتفع من علم شخص فسدت أخلاقه وآدابه وعاث في الأرض فساداً، فليتق الله حضرات المعلمين وليعلموا أن الله أودعهم ودائع وأوجب عليهم رعايتها والقيام بحقها فهم رعاتها وكل راع مسئول عن رعيته.


ولا يفوتني في هذا المقام أن أذكر حضرات المدرسين بأن يتخيروا الموضوعات التي تناسب العامة وتليق بالجمهور كشرح آية أو حديث بعبارة سهلة يكثر فيها ضرب الأمثال بالمعهود لهم.


رأيت مرة مرشداً يعلم الناس الصلاة فيقول: فرائضها كذا وواجباتها ثمان وسبعون وسننها ثلاثون وأوغل في الاختلافات المتضاربة في ذلك فهلا ترى – أرشدك الله – أن هذا في معرض الوعظ ومقام الإرشاد منفر لا داعية، ومعسر على الناس لا ميسر والله يقول ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78] ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185] ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "يسروا ولا تعسروا" وكان خيراً لهذا المدرس أن يشرح الصلاة ببيان صفتها بقوله وعمله فإن تلك سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتلك الخطة المناسبة لإفهام الجمهور ولبيان الاختلافات الفقهية مجالات غير مجالات العامة.


وأما الأسوة الصالحة فهي الداعي الصامت الذي يؤثر بصمته كما يؤثر المتكلم بكلمه، بل ربما كان الصمت أشد بلاغة من المنطق، يدعوك بعض الناس إلى الخير بكلامه وربما كان عمله على خلاف ما دعا إليه فمثل هذا لا يرجى من وراء وعظه خير وإنما الخير في كلام تعززه أعمال، وفي مثل هذا يقول الله ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44] ويقول ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف:2- 3].


يقول علماء الأخلاق:

إن البيئة والوسط الذي يعيش فيه الإنسان له تأثير كبير في تكوين أخلاقه، فإن كان صالحاً كان كل ما حواه صالحاً، وإن كان فاسداً انتشر الفساد منه إلى ما جاوره، وما يقولون حق، وذلك لأن أعمال المجتمع الطيب تسري في نفوس الأفراد من غير أن يشعروا، وكذلك الفرد الصالح يؤثر فيمن حوله بالصلاح، ولذلك آمن كثير من الناس بالرسول - صلى الله عليه وسلم - بمجرد أن عرفوا حاله وخلقه فكان منهما أكبر شاهد على صدقه. ويقول الله حقه ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21] ويقول في إبراهيم ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾ [الممتحنة: 4] فإذا كان بعض الناس يعييه الكلام والموعظة باللسان فليحسن خلقه وعمله، فإن ذلك إرشاد ودعوة وقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.


أما الكتابة فإنها وإن كانت أندى صوتاً وأبعد مدى لأنها تسمع القريبين والبعيدين والأجيال الحاضرة والقابلة، فأثرها دون أثر الخطابة. فإن الحال في الخطابة يساعد اللسان وربما فهم السامعون من الحال فوق ما يفهمون من المقال.


والكتابة التي تعتبر من طرق الإرشاد هي الكتابة الخطابية التي يقصد منها تحريك أوتار القلوب والتأثير في الأعصاب الحساسة. ومثالها الأعلى القرآن فإن طريقته خطابية ولكن مبناها الحق والواقع دون التصور والخيال. أما الكتابة العلمية فصلتها بالأخلاق ضعيفة وإن كانت علاقتها بالعقول وثيقة، وتكوين الأخلاق يجب أن ينتحي فيه نحو المشاعر والعواطف، دون الأفكار والعقول.


وقد أصبحت إذاعة الكتابة ميسرة فالمطابع انتشرت في كل مكان والجرائد والمجلات ذاعت في أقطار المعمورة فما على الكاتب إلا أن يكتب على نحو ما رسمنا فإذ بكتابته قد عبرت الفيافي والبحار ودوى صوتها في الآفاق وتلقفها ملايين البشر متلمسين خير ما فيها، والواعظ الحازم يستطيع أن يبلغ الناس من طرق كثيرة بما عرف منها ما جهلناه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.


مجلة الإصلاح، العدد الرابع، ربيع الثاني سنة 1347هـ، ص 12





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التربية عن طريق التوجيه والإرشاد

مختارات من الشبكة

  • مركز الإرشاد الإسلامي في سريلانكا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الإرشاد في شرح ثلاثين حديثا في الاعتقاد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الرشاد في شرح الإرشاد لعلاء الدين البسطامي الشهير بمصنفك(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الإرشاد إلى مدى صحة ما ينسب للإمام النَّووي من الأحزاب والأوراد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة الإرشاد في معرفة علماء الحديث (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة انتخاب أبي طاهر السلفي من كتاب الإرشاد لأبي يعلى الخليلي (ج6)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الإرشاد إلى توحيد رب العباد (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالرحمن بن حماد آل عمر)
  • سريلانكا: مركز الإرشاد الإسلامي ينظم برامج تدريبية لأسر المهتدين الجدد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الإرشاد إلى توحيد رب العباد (WORD)(كتاب - موقع الشيخ عبدالرحمن بن حماد آل عمر)
  • مخطوطة الإرشاد إلى مهمات علم الإسناد(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب