• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

صور إضاعة المال

صور إضاعة المال
الشيخ نشأت كمال

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/11/2011 ميلادي - 11/12/1432 هجري

الزيارات: 104336

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرَفِ المرسلين، محمدٍ وعلى آله وصَحبِه أجمعين.

 

وبعدُ:

فيمكن إيجازُ عَناصِر هذا البحث في ثلاثة مَطالِب:

المطلب الأول: الأدلة من الكتاب والسنة في النهي عن إضاعة المال (الإسراف والتبذير)، وفيه: هل في الصدقة إضاعة مال؟ ما معنى إضاعة المال؟ حرص الفُقَهاء في أحكامهم على صيانة المال.

المطلب الثاني: الإسراف والتبذير لغة واصطلاحًا والفرق بينهما، ومظاهر الإسراف والتبذير وأنواعهما، وأسباب الإسراف والتبذير، وكيفية الوقاية منهما.

المطلب الثالث: صور مختلفة لإضاعة المال.


أولاً: الأدلة من الكتاب في النهي عن إضاعة المال الإسراف والتبذير:

ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ المال عصبُ الحياة؛ إذ به مَعاش الناس، وبه قِوام الأبدان والعُمران؛ لذا جاء الإسلام بتنظيمٍ دقيق ومُحكَم ووافٍ للمال؛ سواء فيما يتعلق بكسبه وجمعِه، أو باستهلاكه وإنفاقه، وقد جعَلَه الله - عزَّ وجلَّ - كذلك زينةَ الحياةِ وقرَنَه بالبنين؛ فقال - سبحانه وتعالى -: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: 46]، ومن الطَّبَعِيِّ أنَّ الناس سيحرصون على جمعِه وكسْبه بجبلَّتهم المفطورين عليها؛ ﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾ [الفجر: 20]، وبالرغم من كونهم قد يَتْعَبون في تحصيلِه وكَسْبِه إلا أنهم قد يُضيِّعونه إسرافًا وتبذيرًا؛ فلذلك نهى الله - عزَّ وجلَّ - عن إضاعَتِه في كتابه الكريم فقال: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: 5]؛ حتى لا يُضيِّعوها ولا يُحسِنوا التصرُّف فيها، وقال: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأنعام: 141]، وقال: ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾ [الإسراء: 26، 27].

 

وأمَر بالاعتدال في النَّفقة حِفاظًا على المال من الضَّياع؛ فقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [الإسراء: 29]، وقال ممتدحًا أهل الوسطيَّة في النَّفقة، الذين لا يبخَلُون ولا يُسرِفون: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: 67].

 

ونظَرًا لأهميَّة المال في حَياة الناس فقد حرَّم الله الاعتِداءَ على الأموال بأيِّ صورةٍ من الصُّوَرِ؛ فقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]، كما حرَّم السَّرِقَةَ ووضَع حدًّا للسارق يُقام عليه بعدَ ثُبوت ارتِكابه السرقةَ: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة: 38].

 

ثانيًا: الأدلَّة من السُّنَّة في النَّهي عن إضاعة المال بالإسراف والتبذير:

لم تخلُ سُنَّةُ النبيِّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - من توجيه المسلمين في هذا الباب للتي هي أنفع وأحسن لهم في مَعاشِهم ومَعادهم:

ففي "صحيح البخاري" - رحمه الله - بابٌ مخصوصٌ فيما نحنُ بصدَدِه، قال - رحمه الله -: باب ما يُنهى عن إضاعة المال وقول الله - تعالى -: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة: 205]، و﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس: 81]، وقوله: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾ [هود: 87]، وقال: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾ [النساء: 5]، والحَجْرِ في ذلك، وما يُنهَى عن الخِداع، ثم روَى بإسناده عن ابن عمر - رضِي الله عنهما - قال: قال رجلٌ للنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: إنِّي أُخدَعُ في البُيوع، فقال: ((إذا بايَعتَ فقُل: لا خِلابةَ))، فكان الرجل يقولُه.

 

وروى أيضًا عن المغيرة بن شُعبة، قال: قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله حرَّم عليكم: عُقوقَ الأمَّهات، ووَأْدَ البنات، ومنْع وهات، وكَرِهَ لكم قِيل وقال، وكثْرة السُّؤال، وإضاعة المال)).

 

وعن أبي بَرْزَةَ الأسْلمي - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن عُمره فيم أفْناه، وعن عِلمه فيمَ فعل، وعن ماله من أين اكتسَبَه وفِيمَ أنفَقَه، وعن جِسمه فِيمَ أبلاه))؛ رواه الترمذيُّ في "سننه" (2417) وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

 

وعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضِي الله عنهما - أنَّه قال: إنَّ رجلاً أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: إنِّي فقيرٌ ليس لي شيءٌ، ولي يتيمٌ، قال: ((كُلْ من مال يَتِيمِك غيرَ مُسرفٍ ولا مُبذِّر ولا مُتأثِّل))؛ رواه أبو داود (2872) وصحَّحه الألباني.

وقوله: ((مُتأثِّل))؛ يعني: لا تجمَع المال وتكنزه.

 

ومن صُوَرِ حِرصه - صلَّى الله عليه وسلَّم - على انتِفاع المسلمين بالمال وعدَم إضاعته أنَّه أقامَ بالجيش يبحَثُون عن عِقد أمِّ المؤمنين عائشة - رضِي الله عنها - كما قال ابن بطَّال في "شرح البخاري": وفيه: النهى عن إضاعة المال؛ لأنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أقامَ على تفتيش العِقد بالعسكر ليلةً، وقد ذُكِرَ في غير هذا الحديث أنَّ العِقد كان لأختها، وكان ثمنه اثني عشر درهمًا.

 

ومن صُوَرِ ذلك أنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمَر المحرم بنزْع ثِيابه ولم يأمُرْه بشقِّها؛ قال ابن بطال: وجميعُ فُقَهاء الأمصار يقولون: مَن نَسِيَ فأحرَم وعليه قميص أنَّه ينزعه ولا يشقُّه، واحتجُّوا بأنَّ الرسولَ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمَر الرجل بأنْ ينزع الجبَّة ولم يأمُره بشقِّها، وقد ثبَت عنه - عليه السلام - أنَّه نهى عن إضاعة المال.

 

ثالثًا: من الآثار وأقوال العُلَماء والمفسِّرين الواردة في ذمِّ الإسراف والتبذير:

قال عمر بن الخطاب لجابر بن عبدالله - رضِي الله عنهم - لَمَّا مَرَّ عليه ومعه حامل لحم: "أمَا يريد أحدُكم أنْ يَطوِي بطنه لجاره وابن عمِّه؟ فأين تذهَبُ عنكم هذه الآية: ﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا﴾ [الأحقاف: 20]؟!".

 

وقال ابن عباسٍ - رضِي الله عنهما - في تفسير قوله - تعالى -: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [سبأ: 39]: يعني: في غير إسرافٍ ولا تقتير.

 

وقال عَطاء بن أبي رَباح في معنى قوله - تعالى -: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأنعام: 141]، نُهُوا عن الإسراف في كلِّ شيءٍ، وقال السُّدِيُّ - رحمه الله تعالى - فيها: ((لا تُعطوا أموالَكم فتَقعُدوا فقراء))، وقال ابن كثير - رحمه الله -: "لا تُسرِفُوا في الأكل؛ لما فيه من مَضَرَّةِ العقل والبدَن"، وقال إياس بن معاوية - رحمه الله -: "ما جاوَزتَ به أمرَ الله فهو سَرَفٌ".

 

قال ابن القيِّم: "إنَّ مُجاوَزة الحدِّ في كلِّ أمرٍ يضرُّ بمصالح الدُّنيا والآخِرة، بل يُفسد البدن أيضًا؛ إذْ إنَّه متى زادت أخلاطه عن حدِّ العدل والوسط ذهَب من صحَّته وقوَّته بحسَب ذلك، وهذا مُطَّرِدٌ أيضًا في الأفعال الطبيعيَّة؛ كالنوم والسهر، والأكْل والشرب والجِماع، والحركة والرياضة، والخلوة والمخالطة، وغير ذلك".

 

وقال أيضًا في قوله - تعالى -: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ [الفرقان: 67]: أي: ليسوا بمبذِّرين في إنْفاقهم فيصرفون فوق الحاجة، ولا بُخَلاء على أهْليهم فيُقصِّرون في حقِّهم فلا يكفونهم، بل عدلاً خيارًا، وخيرُ الأمور أوسَطُها، لا هذا ولا هذا.

 

عن علي بن أبي طالب - رضِي الله عنه - قال: ما أنفَقت على نفسك وأهل بيتِك في غير سَرَفٍ ولا تبذير وما تصدَّقت به فهو لك، وما أنفقتَ رياءً وسُمعةً فذلك حظُّ الشيطان.

 

وعن ابن عباسٍ - رضِي الله عنهما - قال: في قوله - تعالى -: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾ [الإسراء: 27]، قال: هم الذين يُنفِقون المالَ في غير حقِّه.

 

وعن عَطاءٍ عن ابن عباس - رضِي الله عنه - قال: لا تُنفِق في الباطل؛ فإنَّ المبذر هو المُنفق في غير حقٍّ.

 

وعن أبي العبيدين قال: سألت عبدَالله ابن مسعودٍ - رضِي الله عنه - عن المبذِّرين، فقال: الذين يُنفقون في غير حقٍّ.

 

وقال عبدالله بن مسعود - رضِي الله عنه -: المران: الإمساك في الحياة والتبذير عند الموت.

وعنه - رضِي الله عنه - قال: كُنا أصحابَ محمدٍ نتحدَّث أنَّ التبذير: النَّفقة في غير حقٍّ قال قتادة: التبذيرُ: النفقة في معصية الله - تعالى - وفي غير الحقِّ وفي الفساد.

 

وقال مجاهد: لو أنفَقَ إنسانٌ مالَه كلَّه في الحقِّ لم يكن مبذرًا، ولو أنفق مُدًّا في غير حقٍّ كان مُبذرًا.

 

وعن السُّدِيِّ قال في قوله - تعالى -: ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ [الإسراء: 26]: أي: لا تُعطِ مالَك كلَّه.

 

وعن وهب بن مُنبِّه قال: من السَّرَفِ أنْ يلبس الإنسانُ ويأكلَ ويشربَ ممَّا ليس عندَه، وما جاوَز الكفاف فهو التبذيرُ.

 

وعن شُعبة قال: كنت أمشي مع أبي إسحاقَ في طريق الكوفة، فأتى على دارٍ تُبنى بجصٍّ وآجُرٍّ، فقال: هذا التبذيرُ.

 

وقال ابن زيد - رحمه الله تعالى - في قوله - تعالى -: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ...﴾ [الإسراء: 26] الآية، قال: قولُه ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ [الإسراء: 26]؛ أي: لا تُعطِ في معاصي الله، وأمَّا قوله: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾ [الإسراء: 27]، فإنَّه يعني أنَّ المفرِّقين أموالَهم في معاصي الله المنفقيها في غير طاعته أولياء الشياطين.

 

وكذلك تقولُ العرب لكلِّ مُلازم سُنَّةِ قومٍ وتابع أثرهم: هو أخوهم.

 

وقال الطبري في تفسير قوله - تعالى -: ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ [الإسراء: 26]: المعنى: أي: لا تُفرِّق يا محمد ما أعطاكَ الله من مالٍ في معصيته تفريقًا.

 

قال القرطبي: مَن أنفق مالَه في الشهوات زائدًا على قدر الحاجات وعرَّضه بذلك للنَّفاد فهو مُبذِّرٌ، ومَن أنفق رِبح ماله في شَهواته وحِفظ الرَّقبة (أي: الأصل) فليس بمبذِّر.

 

وقال في تفسير قوله - تعالى -: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾ [الإسراء: 27] المعنى: أنهم في حُكمهم؛ إذ المبذِّر ساعٍ في إفساد كالشياطين، أو أنهم يفعَلُون ما تُسوِّل لهم أنفُسهم كما تُسوِّل الشياطين فِعل الشر، أو أنهم يُقرَنون بهم غدًا في النار.

 

قال أبو حيَّان في قوله - تعالى -: ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ [الإسراء: 26] نهى الله - تعالى - عن التبذير، وكانت الجاهليَّة تنحر إبلَها وتتياسَرُ عليها وتُبذِّر أموالها في الفخر والسُّمعة وتذكُر ذلك في أشعارها، فنهى الله - تعالى - عن النَّفقة في غير وُجوه البرِّ، وما يُقرِّب منه - تعالى.

 

وقال ابن الجوزيِّ: العاقل يُدبِّر بعقله معيشتَه في الدنيا، فإنْ كان فقيرًا اجتهَد في كَسْبٍ وصِناعةٍ تكفُّه عن الذلِّ للخلق، وقلَّل العلائق، واستعمل القناعة، فعاشَ سليمًا من مِنَنِ الناس عزيزًا بينهم، وإن كان غنيًّا فينبغي له أنْ يُدبِّر في نفقته خوف أنْ يفتقرَ فيَحتاج إلى الذُّلِّ للخلق، ومن البليَّة أنْ يُبذِّر في النَّفَقَةِ ويُباهي بها ليكمد الأعداء، كأنَّه يتعرَّض بذلك - إنْ أكثَرَ - لإصابَتِه بالعين، وينبَغِي التوسُّط في الأحوال، وكِتمان ما يصلح كِتمانه، ولقد وجَد بعض الغسَّالين مالاً، فأكثر النَّفَقةَ، فعلم به، فأُخِذَ منه المال، وعاد إلى الفقر، وإنما التدبير حِفظ المال، والتوسُّط في الإنفاق، وكِتمان ما لا يصلح إظهاره.

 

هل في الصدقة إضاعةُ مالٍ؟

قال البخاري في "صحيحه": بابُ لا صدقةَ إلا عن ظهْر غنًى، ومَن تصدَّق وهو محتاجٌ، أو أهله محتاجٌ، أو عليه دَيْنٌ، فالدِّين أحقُّ أنْ يُقضى من الصَّدقة، والعِتق والهبة، وهو رد عليه ليس له أنْ يتلف أموالَ الناس، وقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أخَذ أموالَ الناس يريدُ إتْلافها أتْلَفَهُ الله))، إلا أن يكون معروفًا بالصبر، فيُؤثر على نفسه ولو كان به خَصاصةٌ؛ كفعل أبي بكر - رضِي الله عنه - حين تصدَّقَ بماله، وكذلك آثَر الأنصارُ المهاجرين ونهى النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن إضاعة المال، فليس له أنْ يُضيِّع أموال الناس بعلَّة الصدقة.

 

وقال كعب بن مالك - رضِي الله عنه -: قلت: يا رسول الله، إنَّ من توبتي أنْ أنخلِعَ من مالي صدقةً إلى الله وإلى رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أَمسِكْ عليك بعضَ مالك فهو خيرٌ لك))، قلت: فإنِّي أُمسِك سَهمِي الذي بخيبر.

 

وعن أبي هريرة - رضِي الله عنه - عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((خيرُ الصدقة ما كان عن ظهْر غِنًى، وابدَأْ بِمَن تَعُول)).

 

وكانت أمُّ المؤمنين عائشة - رضِي الله عنها - لا تُمسِكُ شيئًا ممَّا جاءها من رِزق الله إلا تصدَّقت به، فقال ابن الزبير: ينبغي أنْ يُؤخَذ على يديها، فقالت: "أيُؤخذ على يدي؟! عليَّ نذرٌ إنْ كلَّمته"، وهجرَتْه عائشة لذلك؛ لأنَّ صاحب الصدقة لا ينبغي الحجرُ عليه من أجل صدقته؛ لأنَّه ليس في الصَّدقة - وإنْ نفست - إضاعةُ مال، وقد روى البخاري قصَّة ذلك في "صحيحه" برقم (6073) عن عوف بن مالك بن الطفيل هو ابن الحارث - وهو ابن أخي عائشة زوج النبي، صلَّى الله عليه وسلَّم، لأمِّها - أنَّ عائشة - رضِي الله عنها - حدَّثت: أنَّ عبدالله بن الزُّبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة: والله لتَنتهيَنَّ عائشة أو لأحجُرَنَّ عليها، فقالت: أهو قال هذا؟ قالوا: نعم، قالت: هو لله عليَّ نذرٌ ألا أُكلِّم ابنَ الزبير أبدًا، فاستَشفَع ابن الزبير إليها حين طالت الهجرة، فقالت: لا والله لا أُشفِّعُ فيه أبدًا، ولا أتحنَّث إلى نذري، فلمَّا طال ذلك على ابن الزبير، كلَّم المِسوَرَ بن مَخْرَمةَ، وعبدالرحمن بن الأسود بن عبديغوث، وهما من بني زُهرة، وقال لهما: أنشدُكما بالله لما أدخَلتُماني على عائشة؛ فإنها لا يحلُّ لها أنْ تنذر قطيعتي، فأقبَل به المِسوَر وعبدالرحمن مُشتَمِلين بأرديتهما، حتى استَأذَنا على عائشة، فقالا: السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته أندخُل؟ قالت عائشة: ادخُلوا، قالوا: كلُّنا؟ قالت: نعم، ادخُلوا كلُّكم، ولا تعلم أنَّ معهما ابن الزبير، فلمَّا دخَلوا دخَل ابن الزبير الحجابَ، فاعتنق عائشةَ وطَفِقَ يناشدها ويبكي، وطَفِقَ المِسوَرُ وعبدالرحمن يُناشِدانها إلا ما كلَّمته، وقبلت منه، ويقولان: إنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - نهى عمَّا قد عَلِمتِ من الهجرة، فإنَّه: ((لا يحلُّ لمسلمٍ أنْ يَهجُرَ أخاه فوق ثلاث ليالٍ))، فلمَّا أكثروا على عائشة من التَّذكرة والتَّحريج، طَفِقت تُذكِّرهما نذرَها وتبكي وتقول: إنِّي نذرت، والنذر شديدٌ، فلم يَزالا بها حتى كلَّمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبةً، وكانت تَذكُر نذرها بعد ذلك، فتبكي حتى تبلَّ دُموعها خمارَها.

 

ما معنى إضاعة المال؟

قال النوويُّ: وأمَّا إضاعة المال فهو صرفُه في غير وُجوهه الشرعيَّة، وتعريضه للتلف، وسببُ النهي أنَّه إفسادٌ، والله لا يجبُّ المفسدين، ولأنَّه إذا أضاعَ مالَه تعرَّض لما في أيدي الناس.

 

وسُئل سعيد بن جبير عن إضاعة المال فقال: أنْ ينفق الطيب في الخبيث.

وقال أيضًا: من إضاعة المال أنْ يَرزُقَك الله حَلالاً فتنفقه في معصية الله.

 

وقال ابن عليَّة: إضاعةُ المال إنفاقُه في غيرِ حقِّه.

 

وقال البيهقيُّ في كتابه "الآداب" (ص 34): بابٌ في كراهية إضاعة المال؛ وهو الإنفاق في معصية الله أو في معروفٍ:

روينا عن عبدِالله بن مسعودٍ - رضِي الله عنه - أنَّه قال: "النَّفقة في غير حقٍّ هو التبذير"، وروينا في معناه عن عبدالله بن عباس - رضِي الله عنهما -: "هو التبذير".

 

حِرص الفُقَهاء في أحكامهم على صيانة المال:

وقد حرَص الفُقَهاء في بعض الأبواب الفقهيَّة على صِيانة المال وعدم تعريضه للضَّياع:

فمن ذلك ما ذكَروه في باب القسمة وأنَّ الشيء المشترك بين الجماعة إذا احتَمَل القسمة، كان له ذلك ما دام ينتفع بما يخصُّه منه وإنْ قلَّ، فأمَّا ما لا يَنتفِعُ بقسمته أحدٌ من الشُّرَكاء كاللؤلؤة، والشيء الذي إذا فُرِّقَ بين أجزائه بطلت منفَعتُه، فلا تجبُ المقاسمة فيه؛ لأنه إضاعةٌ للمال، قالوا: بل يبيعونه، ويقتسمون ثمنَه.

 

وأمَّا أمرُ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بإراقة ما ولَغ فيه الكلب وكذا بإراقة القُدور يوم خيبر وكانت تغطُّ بلحم الحمر، فإنما ذلك بسبب نَجاسة ما ولَغ فيه الكلب ونجاسة لحم الحمر، وكذلك كان قد أمَر بكسْر القدور التي طُبِخت فيها لحومُ الحمر؛ فطلب بعضُ الصحابة تخفيفَ ذلك والاكتفاء بغسلها، فأجابهم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لذلك، وكذلك أمره بإراقة الخمر ليس تضييعًا للمال؛ لأنَّ الخمر غير محترمةٍ شرعًا وفي نجاستها خلافٌ كبيرٌ.

 

وكذلك باب الحجر إنما هو لصِيانة المال من الضَّياع؛ لأنَّ المحجور عليه قد يعرض ماله للضَّياع؛ لعدَم أهليَّته لإنْفاقه.

 

وكذلك باب الضَّمان في المتلفات هو من هذا الصَّدد؛ فإنَّ مَن أتلف شيئًا وجَب عليه ضَمانه؛ حِفظًا لحقوق الناس من الضَّياع.

 

المطلب الثاني

الإسراف والتبذير والفرق بينهما

الإسراف لغة:

مصدر أسرَفَ يُسرِفُ، وهو مأخوذٌ من مادَّة (س ر ف) التي تدلُّ على تعدِّي الحدِّ والإغفال للشيء، تقول: في الأمر سَرَفٌ؛ أي: مجاوزة القدْر، وقال الراغب: السَّرَفُ تجاوُز الحدِّ في كلِّ فعلٍ يفعَلُه الإنسان، وإنْ كان ذلك في الإنفاق أشهر، ويُقال تارَةً اعتبارًا بالقدر (الكمية) وتارَةً اعتبارًا بالكيفيَّة؛ ولهذا قال سفيان بن عُيَيْنَةَ: ما أنفقت في غير طاعة الله سَرَفٌ وإنْ كان قليلاً، وقول الله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ [الزمر: 53]، الإسرافُ هنا يتناوَلُ المال وغيره، والإسراف في القتل: أنْ يَقتُل ولي الدم غيرَ القاتل أو يتعدَّاه إلى مَن هو أشرف منه حسبما كانت الجاهليَّة تفعَلُه، وقِيل: السَّرَفُ ضد القصد، والسَّرَفُ الإغفال والخطأ، والإسرافُ في النفقة: التبذير، وقيل: السرفُ الغفلةُ، وقيل: هو من الإسراف والتبذير في النَّفقة لغير حاجةٍ، أو في غير طاعة الله.

 

الإسراف اصطلاحًا:

قال الجرجاني: الإسرافُ: هو إنفاقُ المال الكثيرِ في العرض الخسيس، وقيل: هو تجاوُز الحدِّ في النَّفقة، وقيل: هو أنْ يَأكُل الرجل ما لا يحلُّ له أو يَأكُل ممَّا يحلُّ له فوق الاعتِدال ومِقدار الحاجة، وقيل: هو تجاوُزٌ في الكميَّة، فهو جهلٌ بمقادير الحقوق، وقال المناوي: الإسرافُ: هو الإبعاد في مجاوزة الحدِّ.

 

والإسراف كما يكون من الغنيِّ فإنَّه يكونُ من الفقير؛ ولهذا قال سفيان الثوري - رضِي الله عنه -: "ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سَرَفٌ، وإنْ كان قليلاً".

 

وكذا قال ابن عباس - رضِي الله عنهما -: "مَن أنفَقَ دِرهمًا في غير حقِّه فهو سَرَفٌ".

 

مظاهر الإسراف وأنواعه:

قال الراغب: الإنفاقُ ضربان: ممدوحٌ ومذمومٌ، فالممدوح منه ما يكسب صاحبه العَدالة، وهو بذلُ ما أوجبت الشَّريعة بذله، كالصدقة المفروضة والإنفاق على العيال... إلخ، والمذموم ضربان: إفراطٌ وهو التبذير والإسراف، وتفريطٌ وهو التقتير والإمساك، وكلاهما يُراعَى فيه الكميَّة والكيفيَّة، فالأوَّل من جهة الكميَّة أنْ يُعطي أكثر ممَّا يحتَمِلُه حاله.

 

ومن جهة الكيفيَّة بأنْ يضعه في غير مَوْضِعِه، والاعتبار هنا بالكيفيَّة أكثر منه بالكميَّة، فرُبَّ مُنفِق درهمًا من أُلوفٍ وهو في إنفاقه مسرفٌ، وببذله مفسدٌ ظالم؛ كمَن أعطى فاجرةً درهمًا، أو اشترى خمرًا، ورُبَّ مُنفِق ألوفًا لا يملك غيرها هو فيها مقتصدٌ، وببذلها مجتهدٌ، كما رُوِي في شأن الصِّدِّيق أبي بكر - رضِي الله عنه - وقد قِيل لبعضهم: متى يكونُ بذلُ القليل إسرافًا والكثير اقتصادًا؟ قال: إذا كان بَذْلُ القليل في باطلٍ والكثير في حقٍّ.

 

أمَّا الثاني: وهو التقتير فهو من جهة الكميَّة أنْ ينفق دُون ما يحتَمِلَه حاله، ومن حيث الكيفيَّة، أنْ يمنع من حيث يجب، ويضع حيث لا يجب، وليس الإسراف متعلقًا بالمال وحدَه، بل في كلِّ شيءٍ وضع في غير مَوضِعِه اللائق به، ألا ترى أنَّ الله - تعالى - وصف قومِ لوطٍ بالإسراف لوَضْعِهم البذرَ في غير المحرث فقال: ﴿إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ [الأعراف: 81]، ووصف فرعون بقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الدخان: 31].

 

ومن أسباب الإسراف:

1- جهْل المسرف بتَعاليم الدِّين الذي يَنهَى عن الإسراف بشتَّى صُوَرِه، فعاقِبة المسرِف في الدُّنيا الحسرة والنَّدامة؛ ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [الإسراء: 29]، وفي الآخِرة العقاب الأليم والعَذاب الشديد؛ ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ...﴾ [الواقعة: 41 - 45].

 

ومن نتيجة جهْل المسرف بتعاليم الدِّين مجاوزةُ الحدِّ في تناوُل المباحات، فإنَّ هذا من شأنه أنْ يُؤدِّي إلى السمنة وضَخامة البدن وسَيْطرة الشَّهوات، ومن ثَمَّ الكسل والتراخي؛ ممَّا يُؤدِّي به إلى الإسراف.

 

جاء عن عمر بن الخطاب - رضِي الله عنه - قوله: "إيَّاكم والبِطنة في الطعام والشراب، فإنها مُفسِدة للجسد، مُورثة للسقم، مُكسِلة عن الصَّلاة، وعليكم بالقَصْدِ فيهما، فإنَّه أصلح للجسَد، وأبعد من السَّرَفِ...".

 

2- النَّشأة الأولى: فقد يكون السبب في الإسراف إنما هو النشأة الأولى؛ أي: الحياة الأولى، ذلك أنَّ الفرد قد ينشأ في أسرةٍ حالها الإسراف والبذخ، فما يكونُ منه سِوَى الاقتداء والتأسِّي.

 

3- الغَفلة عن طبيعة الحياة الدُّنيا وقد يكونُ السبب في الإسراف إنما هو الغَفلة عن طبيعة الحياة الدُّنيا وما ينبغي أنْ تكون؛ ذلك أنَّ طبيعة الحياة الدنيا أنها لا تثبُت ولا تستقرُّ على حالٍ واحدة، والواجب يقتَضِي أنْ نضَع النِّعمة في مَوضِعها، وندَّخر ما يفيضُ عن حاجَتِنا الضروريَّة اليوم من مالٍ وصحَّة إلى وقتٍ آخَر.

 

4- السَّعة بعد الضِّيق أو اليُسر بعد العُسر؛ ذلك أنَّ كثيرًا من الناس قد يعيشون في ضيقٍ أو حِرمان، أو شدَّة أو عسر، فإذا هم صابرون مُحتَسِبون، وقد يحدُث أنْ تتبدَّل الأحوال فتكون السَّعة بعد الضِّيق، أو اليُسر بعد العُسر؛ وحينئذٍ يَصعُب على هذا الصنف من الناس التوسُّط أو الاعتدال فينقلب على النَّقيض تمامًا، فيكون الإسراف والتبذير.

 

5- صُحبة المسرفين: وقد يكون السبب في الإسراف إنما هي صُحبة المسرفين ومُخالَطتهم؛ ذلك أنَّ الإنسان غالبًا ما يتخلَّق بأخلاق صاحِبِه وخليلِه؛ إذ إنَّ المرء كما قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((على دِين خَلِيلِه، فلينظُر أحدُكم مَن يُخالِل)).

 

6- حبُّ الظهور والتباهي: وقد يكونُ الإسراف سببه حبَّ الشُّهرة والتباهي أمامَ الناس رياءً وسمعةً والتعالي عليهم، فيُظهِر لهم أنَّه سخيٌّ وجَوَادٌ، فيَنال ثَناءهم ومدحَهم؛ لذا ينفق أمواله في كلِّ حينٍ وبأيِّ حال، ولا يهمه أنَّه أضاع أمواله وارتكب ما حرَّم الله.

 

7- المحاكاة والتقليد: وقد يكونُ سبب الإسراف محاكاة الغير وتقليدهم حتى لا يوصف بالبخل؛ فيُنفق أمواله كيفما كان من غير تبصُّر أو نظَر في العاقبة التي سينتَهِي إليها.

 

وقد أشار أبو الحسن الماوردي - رحمه الله - إلى كثيرٍ من صُوَرِ الإسْراف والتبذير فقال:

"من التبذير أنْ يُنفق ماله فيما لا يُجدِي عليه نفعًا في دُنياه ولا يُكسبه أجرًا في أُخراه، بل يكسبه في دُنياه ذَمًا ويحمِل إلى آخِرته إثمًا كإنفاقه في المحرَّمات وشُرب الخمر وإتيان الفَواحش وإعطائه السُّفَهاء من المغنِّين والملهين والمساخر والمضحِكين، ومن التبذير أنْ يشغَل المال بفُضول الدور التي لا يحتاج إليها، وعَساه لا يسكنها أو يَبنِيها لأعْدائه ولِخَراب الدَّهر الذي هو قاتله وسالبه، ومن التبذير أنْ يجعل المال في الفُرُشِ الوثيرة والأواني الكثيرة الفضيَّة والذهبيَّة التي تقلُّ أيَّامه ولا تتَّسع للارتِفاق بها...".

 

ثم يقول: "وكلُّ ما أنفَقَه الإنسان ما يكسبه عند الله أجرًا ويرفع له إليه منزلة، أو يكسب عند العُقَلاء وأهل التمييز حمدًا فهو جُود وليس بتبذيرٍ وإنْ عظُم وكثُر، وكل ما أنفَقَه في معصية الله التي تكسبه عند الله إثمًا وعند العُقَلاء ذمًّا فهو تبذيرٌ وإنْ قلَّ...".

 

فإنفاقُ المال على الدُّخان والمخدِّرات والمسكرات من أعظم صُوَرِ الإسراف والتَّبذِير، وإنفاقُه في فُضول الطعام والشراب بل ورمي الطعام والشراب في القمامة من صُوَرِ الإسراف والتبذير، والعجيب أنَّ بعض الدُّوَلِ الإسلاميَّة تبلغ نسبة فَضلات الأطعمة الملقاة في القمامة فيها 45%، أليس هذا إسرافًا وتبذيرًا؟!

 

ثم إنَّ من صور الإسراف والتبذير مُتابَعة الموضة والانشغال بجنون الأزياء والاستجابة لضُغوط الحملات الإعلاميَّة الصاخبة التي تحملُ كثيرًا من مُتابِعيها على شراء ما لا يحتاجون.

 

من مَضارِّ الإسراف:

1- يجلب غضَب الرب؛ لأنَّه ينافي كمال الإيمان.

2- التشبُّه بالشيطان في الإفساد.

3- إضاعة المال والفقر في المال.

4- الندم والحسرة على ما ضاعَ من غير فائدة.

5- يطبع المجتمع بطابع الانحِلال والبعد عن الجدِّ والاجتهاد.

6- يدع المجتمع عالةً على غيره، عاجزًا عن القيام بمهامِّه.

 

التبذير لغة:

مصدر قولهم: بذر يبذر تبذيرًا، وهو مأخوذٌ من مادة (ب ذ ر) التي تدلُّ - فيما يقولُ ابن فارس - على معنى واحدٍ؛ هو نثر الشيء وتفريقه، يُقال: بذَرتُ البذرَ أبذره بذرًا إذا زرعته، وبذرت المال أبذره تبذيرًا، إذا فرَّقته إسرافًا، ويُقال: رجل تِبذارة للذي يبذر ماله ويفسده، ورجل بَذُور: يُذِيع الأسرار، وجمعه بُذُر، وهم القومُ لا يَكتُمون حديثًا، ولا يحفَظُون ألسنتهم.

 

وقال ابن منظور: يُقال: تفرَّق القوم شَذَرَ بَذَرَ، و شِذَرَ بِذَرَ؛ أي: في كلِّ وجه، وتفرَّقت إبله كذلك، وبذر ماله أفسده وأنفقه في السَّرَفِ، وكل ما فرَّقته وأفسدته فقد بذَّرته، يُقال: فيه بَذَّارة بتشديد الراء وتخفيفها؛ أي: تبذير، والمُباذِر والمبذِّر هو المُسرِف في النَّفَقة.

 

التبذير اصطلاحًا:

قال المناوي: التبذير: تفريقُ المال على وجْه الإسراف، وأصلُه إلقاءُ البذر وطرحُه، فاستُعِير لكلِّ مُضيِّع لماله، فتبذير البذر تفريقٌ في الظاهر لِمَن لا يعرفُ مَآل ما يلقيه، ونقَل القُرطبي عن الإمام الشافعيِّ قوله: التبذير: إنفاقُ المال في غير حقِّه، ولا تبذيرَ في عمل الخير، ورُوِي عن الإمام مالك قوله: التبذير: هو أَخْذُ المال من حَقِّهِ ووضعُه في غير حَقِّهِ.

 

من مضارِّ التبذير:

1- فيه طاعةٌ للشيطان ومعصيةٌ للرحمن.

2- يُباعد من الجنَّة ويُقرِّب من النار.

3- المبذِّر أخٌ للشيطان.

4- في التبذير رُجوعٌ إلى الجاهليَّة وعاداتها القبيحة، وفيه مُفاخَرةٌ ممقوتةٌ.

5- في التبذير إتلافٌ للمال، وتضييعٌ له.

6- التبذيرُ عند الموت لا يُعَدُّ من الصَّدَقَة المقبولة، وهو مردودٌ على صاحبه.

7- التبذير يُؤدِّي للفقر ويحتاجُ صاحبه - فيما بعدُ - إلى الذُّلِّ للخلق.

8- المبذِّر مُعرَّض للعين والحسَد والحِقد عليه.

9- في التبذير اتِّباعٌ للهَوى وبُعدٌ عن الحقِّ.

10- التبذير يُشعِر الإنسان بالمرارة، خاصَّةً إذا اقترب الأجَل.

 

الفرق بين التبذير والإسراف:

قال الكفوي: الإسراف: هو صرفٌ فيما ينبَغِي زائدًا على ما ينبَغِي، أمَّا التبذير فإنَّه صرفُ الشيءِ فيما لا ينبغي وأيضًا فإنَّ الإسراف تجاوزٌ في الكميَّة؛ إذ هو جهلٌ بمقادير الحقوق، والتبذيرُ تجاوزٌ في موضع الحق؛ إذ هو جهلٌ بمواقعها - أي: الحقوق - يُرشِد إلى هذا قول الله - سبحانه - في تعليل النَّهي عن الإسراف: ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأنعام: 141]، وقوله - عزَّ وجلَّ - في تعليل النهي عن التبذير: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 27]، فإنَّ تعليل الثاني فوق الأوَّل.

 

لقد ذهَب بعضُ المفسِّرين إلى أنَّ الإسراف والتبذير قد يَرِدان بمعنى واحدٍ؛ ومن ثَمَّ فقَد يَرِدُ أحدُهما ويُراد به الآخَر، من ذلك ما ذكَرَه الماوردي من أنَّ التبذير هو الإسراف المُتلِفُ للمال، وروَى أشهب عن مالك أنَّ التبذير هو الإسراف.

 

وذكر القرطبي في تفسير قوله - تعالى -: ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ [الإسراء: 26] قال: معناه: لا تسرف في الإنفاق في غير حقٍّ.

 

وقال ابن كثير في نفس الآية الكريمة: لَمَّا أمَر الله - عزَّ وجلَّ - بالإنفاق نهى عن الإسراف فيه.

 

والخلاصة: أنَّ بين الأمرين عُمومًا وخُصوصًا؛ إذ قد يجتمعان فيكون لهما المعنى نفسه أحيانًا وقد ينفردُ الأعمُّ وهو الإسراف.

 

المطلب الثالث

صور إضاعة المال

إنَّ تجاوُز الإنفاق الحدَّ المتعارف عليه في المباحات يُصبِح إسرافًا وإضاعةً للمال، وقد يكونُ مَكروهًا مذمومًا وقد يبلغ درجة الحرمة:

ومن إضاعة المال إهمالُ الممتلكات سواء الخاصَّة أو العامَّة والتفريط بها، وذلك بعدَم حِفظها أو مُراقَبتها أو بعدَم صِيانتها، فإنَّ تفريط الإنسان في إتْلاف المرافق العامَّة أو عدم المحافظة عليها تبذيرٌ وغِشٌّ للمسلمين، وإنَّ دفْع المال إلى السُّفَهاء الذين لا يُحسِنون التصرُّف فيه أيضًا من صُوَرِ إضاعة المال؛ كما قال - سبحانه وتعالى -: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: 5].

 

فإذا ما نظَرْنا إلى حَياتنا الاجتماعيَّة الماليَّة فسنجدُ مُمارساتٍ غيرَ محمودةٍ وواقعًا غير مُرضٍ، فهناك عَبَثٌ من كثيرٍ من الناس بالأموال، سواء عند البِناء أو عند شِراء الأثاث، فتجدُ التكلُّف ظاهرًا في شَكلِه ومُحتواه، وقد تبلُغ تكاليف الديكورات والزَّخارف تكلفةَ العمران الأصلي.

 

وإذا ما انتقَلْنا إلى المأكل والمشرب نرى مَظاهِر التبذير والإسراف عند البعض؛ فشِراء بغير حُدود، ويُرمى من الأطعمة المتنوِّعة والنظيفة في براميل القمامة، وتكاليف المناسبات تخرُج عن الحدود المعقولة بغرَض المباهاة والمفاخَرة.

 

وفي شِراء السيارات: فمظاهر الإسراف تبدو من وجوهٍ عند الكثيرين؛ فقد تكون السيارة غاليةَ الثمن فيستَدِين لشرائها، ونجدُ من الشباب مَن لا يحسن استعمالها فيُدمِّرها قبل أنْ يُسدِّد أقساطها، فتكون الحوادث المروريَّة المهلكة التي تحصد الأرواحَ والممتلكات وتتسبَّب في كثيرٍ من حالات الإعاقة التي تُكلِّف المرء والدولة الكثيرَ.

 

ومن إضاعة المال أيضًا في هذا الجانب نجدُ مَن يُجدِّد سيارته كلَّ عام؛ فيشتريها بمبلغ باهظ ويبيعُها بنصف القيمة أو نحوه بعد سَنَةٍ من شِرائها، والبعض بلَغ به الأمرُ أنْ يقوم بشِراء سيارةٍ بالتقسيط وبيعها في زمنِ شِرائها ليُوفِّر تذاكر السفر وتكاليفه، ويتكبَّد هَمَّ الأقساط طِيلة الشُّهور المُقبِلة.

 

ولا شَكَّ أنَّ النفقة على باب التسلية والترفيهِ؛ سَواء في عالم التقنيات الحديثة، والرياضة، والسياحة في بلاد الغرب تستحوذُ على جُزءٍ كبيرٍ من ميزانيَّة الأفراد والأُسَر، وإنَّ كثيرًا من الأموال تُصرَف بلا وعيٍ ولا حِكمة؛ سَواء في شِراء السِّلَعِ المستوردة منهم أو في مجال استِثمار الأموال في بلدانهم ومُداومة السياحة لديهم، فتصبُّ هذه الأموال في جُيوب أعدائنا، فهم المستفيدون الحقيقيُّون من هذه الثروات، والمصيبة أنَّ إضاعة المال وتبذيرَه ليست مقصورةً على أهل الغِنَى والثَّراء، بل تشمَلُ شَرائح عديدة من المجتمع من مُتوسِّطي الحال أو ممَّن هم دُون ذلك، وإذا كان التبذير مَذمومًا حينما يَصدُر من الغنيِّ، فإنَّه يكونُ أكثر ذمًّا وبشاعة حينما يصدر من الفقير ومَن في حُكمه، فليتذكَّر كلُّ مَن أنعَمَ الله عليه بالغنى في المال أنَّ بلادهم بحاجةٍ شديدة الى هذا الفائض لتَسخِيره في العمران ونشر الخير والحقِّ والعِلم.

 

ومن صُوَرِ إضاعة المال: شِراء الميتة والأصنام؛ ففي الحديث: ((قاتَل اللهُ اليهودَ؛ إنَّ الله لَمَّا حرَّم شُحومها أجملوه، ثم باعُوه، فأكَلُوا ثمنَه))، قال ابن بطَّال: أجمعت الأمَّة على أنَّه لا يجوزُ بيع الميتة والأصنام، لأنه لا يحل الانتفاع بهما، فوضعُ الثمَن فيهما إضاعةُ المال، وقد نهى النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن إضاعة المال.

 

الذين يُنفِقون الأموالَ في القمار، أو يُنفِقونه في الأسفار والسِّياحات التي هي في معصية الله أو لا مَنفَعة فيها.

 

ومن صُوَرِ إضاعة المال: رميُ الطعام، وانظُروا لفائض الولائم والمناسبات ما يصنع به عند أكثَرِ الناس!

 

فينبغي على صاحب الطعام أنْ يُحافظ عليه؛ وذلك بأنْ يَأكُلَه في اليوم الآخَر، أو يُوزِّعه بين جِيرانه، أو يتصدَّق به على المحتاجين، أو يطعمه لبهيمةٍ، أو يُعطيه بعض الجمعيَّات الخيريَّة، وهم يَأخُذونه ويتصرَّفون به حسَب خِبرتهم ومعرفتهم.

 

ومن صُوَرِ إضاعة المال: إهدارُ الطاقة الكهربائيَّة، فالمكيِّفات تعمل، والمنزل يُضاء، ولا يوجد أحدٌ في المنزل، أو يجلس أحدُهم في غرفة، والمكيف يعمل في الأخرى!

 

ومن صُوَرِ إضاعة المال: إهدار الثروة المائيَّة، فالماء أساسُ خلقِ الإنسان وحاجتُه له شديدةٌ، ومع هذا نرَى فيه إسرافًا شديدًا، فبعضُ الناس يتوضَّأ أو يَغسِلُ يديه فيضيع ماء كثيرًا جدًّا، وترى أحدهم قد مَدَّ خرطوم الماء ليغسل سيَّارته بالماء المعد للسِّقاية والذي قد لا يجدُه البعض، وكذلك النساء في البيوت فإنهنَّ لعدم دِرايتهنَّ الشرعيَّة يهدرن كميَّات كبيرةً من الماء في غسل الملابس والأطباق.

 

ومن صُوَرِ إضاعة المال: شراءُ التحف والمحنَّطات التي ليس من ورائها فائدةٌ.

 

ومن صُوَرِ إضاعة المال: الإسراف في الأعْراس، ومن ذلك: الكوشات التي تُهيَّأ ويُجعَل خَلفها الديكورات وأصناف الورود، والتي تتكلَّف الآلاف، والفساتين التي تُفصَّل بعشرات الآلاف لأجل ليلةٍ واحدة بل ساعات محدودة، وأنواع البوفيهات والأطعمة الشرقيَّة والغربيَّة والهنديَّة والصينيَّة، كلُّ ذلك في ليلةٍ واحدة، ثم يُرمَى الفائض، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

 

ومن صور إضاعة المال: المبالغة في تزيين وتزويق بناء المساج؛ فقد نهى الشرع عن زَخرفتها؛ لأجل عدم صرف الناس عن الخشوع في الصلاة وإشغال المصلِّين، ولأجل عدم إضاعة المال.

 

قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زَخرفت اليهود والنَّصارى.

 

وكان عُمر - رضي الله عنه - يَأمُر ببناء المساجد ويقول: أكنَّ الناس من المطر، وإيَّاك أنْ تُحمِّر أو تُصفِّر فتفتن الناس.

 

قال أنس: يتباهون بها ثم لا يعمرونها إلا قليلاً.

 

ومن صُوَرِ إضاعة المال: المبالغةُ في تشطيب البيوت وله صُوَرٌ عديدة، منها: المبالغة في وضع الديكورات، والمبالغة في الدهانات بصور وأشكال وألوان تُكلِّف آلافًا مُؤلَّفة للغُرفة الواحدة، فضلاً عن الشقَّة أو العمارة أو غيرها.

 

ومن صور إضاعة المال: المبالغة في أثاث المنزل حتى يصل إلى مئات الآلاف.

 

علاج الإسراف والتبذير:

إذا عرَف العبد أنَّ الإسراف والتبذير ممَّا نهى عنه الشَّرع الكريم، فأوَّل طريق العِلاج والوقاية أنْ يعلم العبد أنَّ تركَه لهذين الخصلتين عبادةٌ وقُربة لله - تعالى - ويمكن علاجُ الإسراف بعلاج أسبابه، وبالتربية الصالحة للأبناء نحصل على جيل مقتصد واعٍ، وبالحزْم مع النَّفس الأمَّارة بالسوء نقضي على آفة الإسراف، وحتى لا يمل المسلم فعليه أنْ يتتبَّع سُنَّة المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحاله هو وأصحابه، وفي ذلك تنشيطٌ للنفس على مُواصَلة الطريق، ومن أجل عِلاج هذه الظاهرة يجبُ أنْ تتعاون الجهات المؤثِّرة في المجتمع في وضْع التدابير اللازمة لتَقلِيلها والحدِّ من انتشارها. من خِلال ما يلي:

1- زيادة الوعي الدِّيني والاجتماعي بضَرورة ترشيد الاستهلاك والإنفاق في كلِّ الأمور الحياتيَّة.

2- ضَرورة وجود نماذج قياديَّة يُقتَدى بها يتلقَّف الناس تصرُّفاتهم الحسنة كنماذج للسُّلوك السويِّ الصحيح.

3- زيادة عدد المشاريع الاقتصاديَّة الناجحة؛ لتدفع برُؤوس الأموال للخُروج إلى الأسواق وعدَم تكدس هذه الأرصدة لدى الناس؛ ممَّا يدفعهم لاستِخدامها في مظاهر عديدة للتَّرَفِ والبذَخ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • النهي عن الإسراف
  • الإسراف في الأموال والمتاع
  • الإسراف والتبذير
  • الإسراف وضرره في الدين والدنيا
  • تنظيم المال
  • حب المال بين إشباع الحاجة وحفظ الهوية

مختارات من الشبكة

  • حضور الجن في صورة الإنس والحيوانات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل الرياء يعد صورة من صور النفاق(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • حديث: من صور صورة في الدنيا...(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • صورة من صور الإيمان الحق في قبسات من كتاب الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عشر صور للاعتداء على المال العام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لقاء الجمعة - لقاء مفتوح مع الشيخ عبدالله آل خنين (صور أكل المال بالباطل)(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • حياتنا ووسائل التواصل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صور من ذكاء وكمال عقل الصحابة رضي الله عنهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صور أكل أموال الناس بالباطل(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • حرمة أكل أموال الناس بالباطل، وبيان شيء من صوره(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
4- شكر
محمد عبدالله الفقي - مصر 14-11-2023 12:11 AM

جزاك الله خيرا ..بحث شامل واف.

3- شكر
علي السوداني - السودان 08-09-2017 04:11 PM

أنا كنت أحد المبذرين.. حتى حقوق نهاية الخدمة قمت بتبذيرها !! لم أفق من غفلتي حتى كملت الفلوس ولم يبقى منها شيء ، وأصبحت ملوماً محسوراً ، ولكن بعدها أفقت وقررت أن أغير هذه العادة السيئة والمحرمة شرعاً وبدأت ، فتركت التدخين والأكل في المطاعم وحتى عند الذهاب للمقهى لا اطلب شيء من(قهوة وشاي وماء) أجلس مع أصدقائي في المقهى من أجل الترفيه وتجاذب أطراف الحديث فقط .
وكلامك هذا زادني دعماً معنوياً أكثر وتعرفت على أوجه تبذير وإسراف كنت أحسبها غير ذلك..
شكراً لك أخي وجله الله في ميزان حسناتك.

2- شكرا
بيسان النعيمي - الأردن 08-09-2013 09:38 PM

شكرا كتيرا على الموضوع

1- شكر
ريماس الخالدي - الأردن 07-09-2013 01:23 PM

شكرا استفدت كثيرا ما قصرت الله يوفقك لفعل كل الخير

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب