• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

الشجاعة الأدبية في الصدع بالحق

د. هاني الشتلة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/5/2011 ميلادي - 19/6/1432 هجري

الزيارات: 12674

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إنَّ الله هو الحق، فإذا ما التزمْنا فقدْ أرضيناه، ومَن يَرْض الله عنه فهو منيع في حماه، فماذا يكون الناس أمام الله؟ما بطشهم؟ حتى لو كان فرعون، ما جبروتهم؟ حتى لو كان هامان، ما قوَّتهم؟ حتى لو كان النمرود، ما قدرتهم؟ حتى لو كان أبا جهل أو أبا لهب، إذا تعارَض كلُّ هذا مع الحق، إذا خشيتَ الناس في الحقِّ فقد أغضبتَ ربك، وإذا أغضبتَ عليك ربَّك فأين تجد الملجأ والحِمى؟ ماذا يملك لك الناسُ إذا كنت تَدين بقُدرة الله حقًّا؟

الضر؟ هل هم كاشفوه عنك؟

النفع؟ هل هم محقِّقوه لك؟

الرزق؟ هل هم مكثروه أو مقلِّلوه؟

الأجل؟ هل هم مُطيلوه أو مقصِّروه؟

 

أبدًا، أبدًا، أبدًا.

 

فمِن المُثل العالية في التخلُّق بخلق الشجاعة الأدبية في الصَّدْع بالحق ما ساقَه القرآن الكريم مِن حديث الرجل الذي جاءَ من أقْصى المدينة يَسعى، يجاهر قومه بكلمةِ الحق التي لا تُبالي بعاطفة، ولا تضعُف أمامَ منفعة، ولا تنهزم خشيةً من مضرَّة، كما قال تعالى: ﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لاَ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لاَ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنْقِذُونِ * إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ * إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴾ [يس: 20 - 25]، فكان جزاء هذا الثبات في خُلق الشجاعة في قلبه ولسانه أحسنَ الجزاء مِن الله العظيم؛ قال تعالى: ﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِين ﴾ [يس: 26 - 27]، إنها استجابة الفِطرة السليمة لدعوةِ الحق المستقيمة، فيها الصِّدق والحرارة، واستقامة الإدراك، وتلبيةِ الإيقاع القوي للحقِّ المبين، فهذا رجلٌ سمِع الدعوةَ فاستجاب لها بعدَما رأى فيها مِن دلائل الحقِّ والمنطق ما يتحدَّث عنه في مقالتِه لقومه.

 

وحينما استشعَر قلْبه حقيقةَ الإيمان تحرَّكت هذه الحقيقة في ضميرِه، فلم يطقْ عليها سكوتًا، وتجيَّشتِ العاطفة الإيمانيَّة في كيانه؛ فاقشعَرَّ لها قلْبه، ولم يقبعْ في داره بعقيدته، وهو يرَى الضلال من حوله والجحودَ والفجور، ولكنَّه سعى بالحقِّ الذي استقرَّ في ضميره وتحرَّك في شعوره إلى قومِه، وهم يكذبون ويجحدون ويتوعَّدون ويُهدِّدون، وجاء مِن أقصى المدينة يسعَى ليقوم بواجبه في دعوة قومِه إلى الحق، وفي كَفِّهم عن البغي، وفي مقاومة اعتدائِهم الأثيم الذي يوشكون أن يصبُّوه على المرسلين.

 

وظاهر أنَّ الرجُل لم يكُن ذا جاه ولا سلطان، ولم يكن في عِزَّة من قومه أو منَعَة من عشيرته، ولكنَّها العقيدة الحيَّة في ضميره تدفعه وتجيء به مِن أقصى المدينة إلى أقصاها، تتملَّكه شجاعتُه غير مبالٍ بما سيحدُث له مِن جرَّاء ذلك فقال: ﴿ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴾.


إنَّ الذي يدْعو مثلَ هذه الدعوة، وهو لا يطلب أجْرًا، ولا يَبتغي مغنمًا، إنَّه لصادق، وإلاَّ فما الذي يحمله على هذا العناء إنْ لم يكن يلبِّي تكليفًا من الله؟ ما الذي يدفعه إلى حملِ همِّ الدعوة؟ ومجابهة الناس بغيرِ ما ألِفوا من العقيدة؟ والتعرُّض لأذاهم وشرِّهم واستهزائهم وتنكيلهم، وهو لا يجني مِن ذلك كسبًا، ولا يطلب منهم أجْرًا؛ ﴿ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [يس: 21]، وهداهم واضح في طبيعةِ دعوتهم، فهم يدْعون إلى إلهٍ واحد، ونهْج واضح، ويدْعون إلى عقيدةٍ لا خرافة فيها ولا غموض، فهم مهتدون إلى نهْج سليم، وطريق مستقيم.

 

ثم عاد يتحدَّث إليهم عن نفْسه هو، وعن أسباب إيمانه، ويناشد فيهم الفِطرة التي استيقظتْ فيه، فاقتنعت بالبرهان الفِطري السليم؛ ﴿ وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾؟ إنه تساؤل الفِطرة الشاعرة بالخالق، المشدودة إلى مصدرِ وجودها الوحيد ﴿ وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ﴾؟ وما الذي يَحيد بي عن هذا النهجِ الطبيعي الذي يخطُر على النفْس أوَّلَ ما يخطر؟

 

إنَّ الفِطَر مجذوبةٌ إلى الذي فطَرها، تتَّجه إليه أوَّلَ ما تتجه، فلا تنحرِف عنه إلا بدافِع آخَر خارج على فطرتها، ولا تلتوي إلا بمؤثِّر آخَر ليس مِن طبيعتها، والرجل المؤمِن يشعر بهذا في قرارةِ نفسه، فيعبر عنه هذا التعبير الواضحَ البسيط، بلا تكلُّف ولا لف ولا تعقيد، وهو يحسُّ بفِطرته الصادقة الصافية كذلك أنَّ المخلوق يرجِع إلى الخالِق في النهاية، كما يرجِع كلُّ شيء إلى مصدره الأصيل. فيقول: ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾، ويتساءَل: لِمَ لا أعبُد الذي فطَرني، والذي إليه المرجعُ والمصير؟ ويتحدَّث عن رجعتِهم هم إليه، فهو خالقُهم كذلك، ومِن حقه أن يعبدوه.

 

ثم يستعرِض المنهج الآخَر المخالف للمنهج الفِطري المستقيم، فيراه ضلالاً بيِّنًا: ﴿ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ ﴾ [يس: 23]، وهل أضل ممَّن يَدَع منطق الفِطرة الذي يدعو المخلوق إلى عبادة خالقِه، وينحرِف إلى عبادة غير الخالِق بغير برهان؟ وهل أضل ممَّن ينحرف عن الخالق إلى آلهة ضِعاف لا يحمونه ولا يَدْفعون عنه الضرَّ حين يريد به خالقُه الضر بسبب انحرافه وضلاله؟ ﴿ إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [يس: 24]، والآن وقد تحدَّث الرجل بلسان الفِطرة الصادِقة العارِفة الواضحة يُقرِّر قرارَه الأخير في وجه قومِه المكذِّبين المهدِّدين المتوعِّدين بشجاعة؛ لأنَّ صوت الفِطرة في قلبه أقوى مِن كل تهديد ومِن كل تكذيب: ﴿ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴾ [يس: 25] وهكذا ألْقى بكلمة الإيمان الواثِقة المطمئِنَّة وأشهدهم عليها، وهو يوحي إليهم أن يقولوها كما قالها، أو أنَّه لا يُبالي بهم ماذا يقولون.

 

ويسدل السِّتار على الدُّنيا وما فيها، وعلى القوم وما هم فيه، ويَرْفعه لنرَى هذا الشهيد الذي جهَر بكلمة الحق، متبعًا صوتَ الفِطرة، وقذف بها في وجوهِ مَن يملكون التهديدَ والتنكيل، نراه في العالَم الآخَر، ونطلع على ما ادَّخر الله له مِن كرامة، تليق بمقام المؤمِن الشجاع المخلِص الشهيد: ﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴾ [يس: 26، 27]، وتتَّصل الحياة الدُّنيا بالحياة الآخِرة، ونرى الموتَ نقلةً مِن عالم الفناء إلى عالَم البقاء، وخُطوة يخلص بها المؤمِن من ضِيق الأرْض إلى سَعة الجَنَّة، ومِن تطاول الباطِل إلى طُمأنينة الحق، ومِن تهديد البَغي إلى سلام النَّعيم، ومِن ظلمات الجاهلية إلى نور اليقين.

 

ونرى الرجلَ المؤمن وقد اطَّلع على ما آتاه الله في الجنَّة مِن المغفرة والكَرامة، جزاء ما تملكه مِن الشجاعة في الصَّدْع بالحق، يُذكِّر قومه طيِّبَ القلْب، رضِي النفس، يتمنَّى لو يراه قومه ويَرون ما آتاه ربُّه من الرِّضا والكَرامة؛ ليعرفوا الحقَّ معرفة اليقين!

 

ومِن السياق القرآني الكريم يتَّضح ما يلي:

• أنَّ بُعد المسافة لا يَنبغي أن يشكِّل حائلاً دون بذْل الناصِح نصحه إلى مَن يحتاج إليه، بل على الناصح أن يجتازَ المسافة البعيدة إلى أهل الغي، ما دام ذلك في استطاعته، فإنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله أحمزها؛ أي: أشقها وأشدها على النفس، مؤكِّدًا على ذلك قول الله تعالى: ﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ﴾ [يس: 20].

 

• على الناصِح أن يأتيَ ويَسعى هو إلى أهل الغواية؛ ولهذا كان الله تعالى هو الذي يُرسِل رسلَه بالهُدى إلى خلْقه، ولم يكُن ينتظر حتى يسألوه هم ذلك، وكان الرسلُ هم الذين يأتونهم ويَبتدئونهم بالدعوةِ إلى الله، فلو ظنَّ الناصِح أن الغوي آتيه بنفْس سرعة ذَهابه هو إليه  -جاز له أن ينتظر حيثُ هو، وذلك قوله تعالي: ﴿ رَجُلٌ يَسْعَى ﴾.

 

• المسارعة والتعجيل في سبيلِ فعْل الخير وإليه مطلوبة؛ لذا فقدْ وصَف الله تعالى زكريا ويحيى - عليهما السلام - بقوله تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ [الأنبياء: 90]، وقال تعالي: ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 61]، وحضَّ على ذلك حضًّا كريمًا جميلاً بقوله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].

 

• على الناصح أو الداعية أن يدعو الناس بالحسنى ولِين الكلام؛ لذا ناداهم الرجلُ بهذا النداء الودود: ﴿ يَا قَوْمِ ﴾؛ ليستميل فيهم ويَستثير عاطفةَ القُربى التي تربطهم به، يتألَّف بذلك قلوبهم ويُفهمهم أنَّ الرابطة التي بينه وبينهم توجب عليه الصدقَ في نُصحهم، والامتناع عن غشِّهم، فانظر إلى حِكمة الرجل وتلطُّفه وإرشاده لقومه حيث أجْرى جميع كلامه في الآيات الثلاث على نفسه: ﴿ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ﴾ [يس: 22]، ﴿ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ﴾ [يس: 23]، ﴿ إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [يس: 24]، ولم يُجرِ شيئًا من ذلك عليهم، مع أنَّهم هم المقصودون في الحقيقة بجميع ذلك؛ حرصًا بالغًا منه على مشاعرِهم أن يُواجِهها بما تكْره حتى لا تنفر وتستكبر، وهو إرْشاد حَكيم مِن الله تعالى إلى ما يَنْبغي للمصلِحين الناصِحين من استمالة القُلوب إليهم.

 

• على الداعية أن يمتلكَ الشجاعة في الدعوة إلى الله، واتِّباع المرسَلين مع حُسن العَرْض؛ حتى تُثمرَ دعوته ثمرتها المرجوَّة ولا ينفر عنها كلُّ من تُلقى إليه.

 

• على الداعية ألاَّ يطلبَ على تبليغ دعوته أجرًا، وأن يكون مهتديًا في نفسه صالحًا لأنْ يكون محلَّ القدوة لغيره، فبدون الشرط الأوَّل عدم طلب الأجْر يكون الداعية مُتَّهمًا في صِدقه بأنَّ مقصوده في الحقيقة الحُصول على الأجْر لا أن يهتديَ الضالون: ﴿ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا ﴾ [يس: 21]، وبدون توافُر الشرط الثاني اهتداء النفس: ﴿ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [يس: 21] - يكون منفِّرًا بسلوكه القبيح عن تصديقه: ﴿ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ﴾ [يس: 22]، ينكر أن يكون مِن حق نفسه، وبالتالي مِن حقِّ غيره بالقياس على نفْسه ألا يعبد اللهَ الذي خلقه مِن العدم، والذي يرجع إليه بعدَ موته.

 

• إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - هو المستحقُّ وحْده للعبادة؛ فهو القادِر وقُدرته تامَّة على ملْكه، ونِعمه جليلة في خَلْقه، وتفرَّد بمجازاة العباد على أعمالِهم يومَ يرجعون إليه؛ وذلك قوله تعالى: ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾.

 

• أنَّ كل ما سِوى الله لا ينفع ولا يضرُّ، وأنَّ هذا أقوى وأوضح دليل على بطلان ألوهيتها مِن دون الله، وذلك قوله تعالى: ﴿ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ ﴾ [يس: 23].

 

• إنَّ الانحراف عن عبادة الله تعالى إلى عبادة ما سواه - باطلٌ مضمحِلٌّ، وضلال مبين، لا يستقيم أمرُها حتى ولو شفَع لها الشافعون؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ [المدثر: 48]3.

 

• شأن الشجاعة في الصَّدْع بالحقِّ عند الله وعندَ خلقه جِدُّ عظيم، يكون ثوابها أعظمَ منها وأكبر، وإنَّ جميع ما سبق لَهوَ أبلغ شاهِد على بلوغ صاحِب هذا الخُلُق الكريم مِن الشجاعة في الصَّدْع بالحق منزلةً سامية عندَ الله تعالى؛ ﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ﴾ [يس: 26].

 

• المؤمِن الصحيح الإيمان يحبُّ أن يرى أهلَه دائمًا في خيرٍ ونِعمة، ويحب أن يراه أهلُه كذلك في تلك النِّعمة، وعلى العكس مِن ذلك أهل الكُفر والضلال المبين. فبعد أنْ بشَّره الله بالجَنَّة؛ ﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ﴾، أراد لقومه أن يَروا ذلك النعيمَ المقيم؛ مصداقًا لقول الله تعالى على لسان الرجل: ﴿ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴾ [يس: 26، 27].

 

• لطيفة في الآيات تتمثَّل في الموازنة بيْن قول الله تعالى: ﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴾ [يس: 20]، وقوله تعالى: ﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ [القصص: 20].

 

التَّقديم والتأخير في كلمة رجُل، ففي الآية الأولى: أخَّر كلمة "رجل"؛ لأنَّه رجلٌ معروف، وهو حبيب النَّجار، والمعرَّف تدلُّ عليه مجرَّد الإشارة، وفي الآية الثانية: قدَّم الله كلمة رجل؛ لأنَّه مؤمِن من آل فرعون نكرة غير معرَّف، والنَّكِرة ينبغي الدَّلالة عليه، ومِن اللافت للنظر أنَّ الآيتين تحملان نفْس الرقم 20؛ إشارة إلى الإعجاز العَددي للقرآن الكريم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشجاعة الأدبية في الحفاظ علي اللغة العربية
  • الشجاعة الأدبية في القرآن والسنة
  • الشجاعة الأدبية عند الأطفال
  • الشجاعة الأدبية في عرض الزواج
  • الشجاعة الأدبية في عفَّة النفس
  • الشجاعة الأدبية في النصيحة الابنية
  • العامل بالحق ناصح فصيح وإن سكت
  • صراحة الرأي
  • أسباب الصدود عن الحق
  • الصدع بالحق
  • الشجاعة الأدبية فى تطييب النفس الإنسانية
  • الشجاعة الأدبية في قول الصدق
  • الشجاعة الأدبية للفاروق

مختارات من الشبكة

  • الشجاعة الأدبية عند النساء(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الشجاعة الأدبية عند معاوية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشجاعة الأدبية عند القضاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشجاعة الأدبية عند العلماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشجاعة الأدبية في الإيمان بالله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشجاعة الأدبية في الاحتراز من الوقوع في أعراض المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشجاعة الأدبية في التحدي بإعجاز القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشجاعة الأدبية لرسول الإنسانية(مقالة - ملفات خاصة)
  • الشجاعة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الشجاعة والحلم من دروس غزوة أحد(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب