• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

منطق الإفساد.. عناد وإبعاد لأهل الطهر والرشاد!!

خميس النقيب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/12/2010 ميلادي - 4/1/1432 هجري

الزيارات: 6753

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

منذ أن خَلَق الله - سبحانه وتعالى - آدمَ - عليه السلام - والصِّراعُ بين الحقِّ والباطل على أَشُده، منذ أن رفَضَ إبليس الملعون أمرَ الله - عزَّ وجلَّ - بالسجود لآدمَ - عليه السلام - بدأ الصراعُ بين الخير والشر، بين الهدى والضلال، بين الحق والباطل، كان أول امتحان لآدمَ أن أمره الله ألا يأكل من الشجرة، إلاَّ أنه - عليه السلام - استمعَ لوسْوَسة الشيطان بالأكل من الشجرة، فأنزلَه الله إلى الأرض عقوبةً له على ذلك، وتوالَى الصِّراع بين الحق والباطل في الحسد بين أبناء آدم، انهارتْ إرادة الخير، وتغلَّب الباطل على قابيل؛ حيث قامَ بقتْلِ أخيه هابيل؛ لأجل قضيَّة دنيويَّة لا تستحق أن يكون عليها صراعٌ ، فالصراعُ قديمٌ قِدَم البشريَّة، ولنْ ينتهي هذا الصِّراع إلا بقيام الساعة!


البداية:

وبدأ طريقُ الفساد ومنطق المُفسدين مِن لَدُن آدمَ إلى يوم الدِّين؛ قَلْب الحقائق، وتزييف الأمور، وطَمْس الحق، وتزيين الباطل! كيف؟!!


يرون الحقَّ باطلاً، والباطلَ حقًّا، والإيمان كُفرًا، والكفر إيمانًا، والنصر هزيمة، والهزيمة نَصْرًا، والعُرْي فَنًّا، والفنَّ عُرْيًا، والذلَّ عِزًّا والعِزَّ ذُلاًّ، ولسان حالهم يقول كما قال سيدُهم في الإفساد وقُدْوَتهم في الباطل: ﴿ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾ [غافر: 29].


وتاريخ هذا الفريق - من الكُبراء، السادة، المُتْرَفِين، الملأ، البِطانة - يُعيد نفسَه، وما أشبه الليلة بالبارحة، إن الله لَم يجعلْ لهم نورًا يمشون به في الناس! طمَسَ على أعينهم، وجعل على قلوبهم غشاوة، فكان هذا حالُهم.


قوم لوط:

وهؤلاء قوم جيَّشوا كل طاقاتهم السياسيَّة والاقتصاديَّة والإعلامية ضدَّ نبيِّهم الذي كان يدعوهم لعبادة الله وحْدَه، وتَرْك ما هم عليه منَ الفاحشة، بل وصَلَ بهم الكِبرُ والْخُيلاء، وإعجابهم بسلوكهم الشاذ، ومَنطقهم الانحلالي، إلى أن سَعوا جادِّين لتلويث طُهْر أضياف نبيِّهم - عليه السلام.


استمرَّ نبيهم لوط - عليه السلام - في تذكيرهم بأهميَّة مراجعة النفْس، وإعمال العقْل بصِدْقٍ؛ لتصحيح المسار، وكَرَّره عليهم؛ ﴿ أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ﴾ [هود: 78].


إلا أنهم في ذلك المجتمع أخذوا يُفكِّرون في وسائل التغلُّب عليه وعلى مَن آمن معه، وتغييب ما جاء به عنْ حياة البشر، ثم فكَّروا وقدَّروا، فقد صدَّهم الكبرُ ومَنَعهم الخوفُ - على مناصبهم ومكانتهم ومصالحهم الشخصية - عن قَبول النور الذي جاء به النبيُّ لوط - عليه السلام - وأخذوا يحشدون الرأْي العام؛ للخروج بموقفٍ مُوحَّدٍ من الإصلاح والمصلحين المتمثِّل في لوط - عليه السلام - ومَن معه من المؤمنين الذين أصبحوا خطرًا على مجتمعهم الْحُرِّ، وعلى ثقافته المنفتحة ووحْدته الوطنيَّة، كما يزعمون ويروِّجون!!


فتبجَّحوا في كَسْب أصوات بعض المستضعفين السُّذَّج، فقالوا بصوت واحد: ﴿ أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ﴾ [الأعراف: 82]، لماذا؟ وما هو الذنب؟ وما هي الجريمة؟ قالوا: ﴿ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 82]!


أهل الباطل لا يوجد لديهم منطق وقُدرة على حوار أهل الحقِّ بالمنهج الموضوعي والعلمي والإنساني، إلا استخدام أدوات القوَّة، اللغة الوحيدة التي يفهمُها ولا يُتقنُ سواها.


بطانة الإفساد مُرتبطة بمصالح مُتداخِلة مع أهْل الباطل، كون الخير والحق ينادي بمفاهيم تتعلَّق بحياة الإنسان على الأرض؛ من عَدَالة وحريَّة ومساواة، وكَرَامة واستقامة، وبُعدٍ عن الفساد بأشكاله المختلفة، وهذه المعاني لا تُرْضي أهْل الإفساد في كثيرٍ من الأحيان؛ لأنَّ تطبيقَها في الواقع الإنساني قد يُبعدهم عن مواقعهم، ويَتَحدّون أهل الحقِّ بكافَّة الأساليب والوسائل، أو قد تَنطلي أساليبُ خداعِ أهل الباطل على أهْل الفساد بأنَّ أهْل الحقِّ يشكِّلون خَطَرًا حقيقيًّا عليهم بما يحملون من أفكار تجديديَّة وتغييريَّة، ومِن ثَمَّ يتَّخذون موقفَ العداء الصارخ من أهل الحق، تأمَّل كلمة (أخرجوهم)، فهي فعل أمْرٍ يُبيِّن الْحُكم النهائي لمصير لوط - عليه السلام - وأتباعه، وتدلُّ على أنَّ قائلها يتمتَّع بسلطة كبيرة في القرية.


الباطل يَخاف من الحقِّ وأهله، ولهذا يُحاول أنْ يصنعَ فاصِلاً ماديًّا بينه وبين أهل الحق؛ حتى لا يتأثَّرَ مجتمعُ أهل الباطل بفِكْر وسلوك أهل الحق، وهذا أيضًا من الضَّعْف الذي يعيشه أهل الباطل، فكلَّما كان أهل الحق بعيدين عن مواقع التأثير والاحتكاك، كانتْ فُرَصُهم في التغيير ضعيفة.


إن هذا الفاصل المادي يأخُذ أشكالاً مُتَعدِّدة في زمننا الحاضر، من إبعاد أيِّ إنسانٍ صالِحٍ مُصْلِح يحاول أن يغيِّرَ في فِكْر وسلوكيَّات المجتمع من مواقع التأثير؛ سواء بفَصْله عن موقعه ووظيفته، أو بذل كافة الوسائل والأساليب؛ لعدم وصوله إلى هذه المواقع.


لهذا يلجأ أهل الباطل - تطبيقًا لمنهج ﴿ أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 82] - إلى إبعاد أهل الحق؛ سواء بالطَّرْد من الوظيفة أو من الوطن، أو التصْفِيَة أو التغييب؛ تطبيقًا لقاعدة تجفيف منابع الطُّهْر والرَّشاد.


أصحاب مَدْيَنَ:

وانظر إلى قوله - تعالى - يُخبِرنا عن رَدِّ قوم سيدنا شُعيب - عليه السلام - عندما دعاهم إلى وحْدَانيَّة الله، وإيفاء الكَيل والميزان، وعدم بَخْس الناس أشياءَهم: ﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ﴾ [الأعراف: 88].


قوم صالح:

وهؤلاء مَلأٌ يَصِفون المصلحين بالسَّفَاهة، والإصلاح بالكذب؛ ﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [الأعراف: 66].


فكان ردُّ النبي الناصح، والرسول المصْلِح: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ* أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 67- 68].


إنَّ أهْل الباطل يرجون فقط مَن يسوِّغ معهم باطلَهم، ويَحبون فقط مَن يسير معهم على دَرْبهم، وينتهج منهجَ آبائهم؛ ﴿ قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴾ [هود: 62].


فرعون:

وهذا طاغية قديمٌ جديد، يريد أن يُعبِّدَ الطريقَ لإفساده!! ويؤمِّن المسيرة لثرواته وممتلكاته بالتخلُّص من الإصلاح وأهله؛ ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾ [غافر: 26].


عندما يعمُّ الطغيان، فيعمي الأبصار، ويصمُّ الآذان، ويُبَدِّد الإيمان، عندها يكون التهديد للخالق والمخلوق سِيَّان؛ ﴿ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ﴾! لماذا يا مَلْعون؟! ﴿ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾ [غافر: 26]! هل تصدِّق، فرعون الملعون يدَّعي الإصلاح، ويرمِي موسى - عليه السلام - بالإفساد؟ هذا منطق كان وكائن وسيكون! لكن أين فرعون؟! أين قارون؟! أين شارون؟! أين هامان؟! أين عاد؟ أين ثمود؟ أين...: ﴿ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 11 - 14].


ومنطق الطرْد والإبعاد دون الحوار والإرشاد منذ زمن بعيد؛ ﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ﴾ [هود: 27].


أصحاب الأنبياء أراذلُ وكذَّابون؛ ليس لهم إلا الطرْدُ والإبعاد! لكن انظر إلى الدعاة والمصلحين كيف يردون: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ * وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ * وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 28 - 31].


فالحوار لَم يعجبْهم ولَم يُمرر إرادتهم الباطلة؛ لذا ضاقوا به ذرعًا، وتحوَّل عندهم إلى جِدال؛ ﴿ قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [هود: 32].


هود - عليه السلام - يُجَادِل!! هل تُصَدِّق؟!


إن إبعادَ الصالحين جريمة، وإخراج المخلصين وطَرْد المصلحين ظُلْمٌ يعاقِب عليه الشرْع والمشرِّع، والمنظِّم للكون كلِّه، حتى ولو حدَثَ ذلك من أحبِّ الْخَلْق إليه - سبحانه - كيف؟ ﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 52]


يوسف - عليه السلام - وامرأة العزيز:

﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 25].


يوسف - عليه السلام - أراد سوءًا!! هل تصدِّق؟! وعقابُه السجن والإبعاد! والسجن في نَظَر المصلحين أفضلُ من الجنوح نحو الإفساد أو حتى الرضا به؛ ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [يوسف: 33].


والله يجيب هؤلاء: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [يوسف: 34].


وظهرت الحقيقة، وتحدَّثتْ واعترفتِ المتهمة الأصليَّة في مسرح الجريمة المفتعلَة؛ ﴿ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ * وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [يوسف: 51 - 53].


ماذا كانت النتيجة؟ تمكين ورحمة للمحسنين من أمثال يوسف في الدنيا؛ ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 56]، وفي الآخرة: ﴿ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يوسف: 57].


القرشيون:

وانظر أيضًا إلى تآمُر أهل قريش على حياة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30].


في موضعٍ آخرَ عَرَفوا الحقَّ وبدل من أنْ يَلتزموه، وينصروه، عاندوه وعارَضوه! ودَعوا الله لا أن يَهديَهم إليه، بل أن يُعَذِّبَهم ويُمْطرَهم بحجارة من السماء؛ ﴿ وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الأنفال: 32].


وهكذا مع كلِّ الرُّسل: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ﴾ [إبراهيم: 13].


لكن النتيجة التي لا يفهمها أهلُ الإفساد: ﴿ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ ﴾ [إبراهيم: 14].


أهل الباطل لا يوجد لَدَيهم حلولٌ وسْطَى في تعامُلِهم مع أهْل الحق؛ فإمَّا الالتزام بمنهج الباطل، أو الإخراج والطرْد من الوطن أو الوظيفة، أو أيِّ موقعٍ تأثيريٍّ في مؤسَّسات المجتمع!


وسببُ عداءِ أهل الباطل لأهْل الحق أنهم يتطهَّرون، وليس لأنهم طاهرون؛ أي: لا يكتفون أن تكونَ أنفسُهم طاهرة فقط، بل يمارسون نشْرَ الخير والطهارة والفضيلة بين أفراد المجتمع، وهذه طبيعة الإنسان المصلِح الذي يدعو الناس إلى الالتزام بمنْهج ربِّ العالمين، إنه كالماء الجاري طاهر في نفسِه مُطَهِّر لغيره، ينشر الخير بينهم، وينبِّه إلى مَخاطر الانحراف الأخلاقي والسلوكي؛ ولهذا قد يكتفي أهل الباطل من الآخرين أنَّهم صالحون وطاهرون؛ شريطة ألا يتدخَّلوا في شؤون المجتمع، بل وشؤون أهل الباطل، وأن تكون إدارة الحياة لهم فقط بالصورة التي يرونها مناسبة، وقد يصِل الأمر بأهْل الباطل أن يفعلوا بعضَ الخير؛ تغطِيَة لشرورهم الداخليَّة، وصورتهم الحقيقيَّة.


وقد يتلخَّص سبب كلِّ ذلك في الآتي:

المصلِح يبتِدئ مع قومه بنقْده للسائد لديهم، وهذا ما يستثير غضبَهم، وعندها تغلب الحميَّة على الرغبة في الحقِّ، ويتكوَّن الفِكْر المنغلِق الذي لا يؤمن بالرأْي والرأي الأخر، ويظن أنَّ كلَّ مَن يخالفه - ولو فقط بالكلام أنه منتهِجٌ لغير الحق.


لم يفكِّرْ قومُ لوط مثلاً، بل ولَم يُكَلِّفوا أنفسَهم بأنْ يفهموا ما عنده، بل واجهوه بالرفْض دون قَبولهم الحوارَ - مع أنَّ نبيَّ الله - عليه السلام - فتَحَ بابَ الحوار معهم، فقالوا: ﴿ أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 82].


لقد قُلِبَتِ المفاهيمُ، وأصبح التطهُّر والتطهير سببًا لإخراج المصلحين.


عنصر الكِبر:

كما صنَعَ فرعون مع موسى - عليه السلام - وهو وإنْ كان ظاهِرِه تَكبُّرًا عن قَبول حقٍّ بَيِّنٍ ومناقشته، إلا أنَّه في الحقيقة يُشْعِر بالخوف؛ ففرعون قَبْل أن يكون جَبَّارًا سَفَّاكًا لدماء بني إسرائيل، كان خَوَّافًا مُتخوِّفًا على مكانه أن يطاله بنو إسرائيل.


التبعيَّة:

وهي داءٌ خطير، ومرض مَرير، كثيرٌ من الناس لا فِكْرَ له مستقلاًّ، ولا بَحْث عن الحقيقة، وإنما حالُه كحال قوم فرعون مع فرعون، فيُحَارب الحقَّ لأجل أنَّ فرعون حارَبَه؛ خوفًا من شيءٍ، أو طمعًا في شيءٍ، وقد عابَ الله في كتابه على هذا الصِّنْف من البشر، وأخبر ببراءَة الذين اتُّبِعوا من الذين اتَّبَعوا، فلا نَفْعهم في الدنيا أجْدَى، ولا في الآخرة أفلحوا.


إنَّ منطقَ الإفساد ومنهج أتْباعه يقول لصُنَّاع الحياة ومُريدي الطُّهْر الإنساني والاقتصادي، والاجتماعي والسياسي، ومُرِيدي سعادة البشر من أتْباع الرسالة الخاتمة - على صاحبها أفضل الصلاة وأتمُّ التسليم -: ﴿ أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 82].


وصَدَق الله العليم بما يُسِرون ويُعْلِنون؛ حيث قال: ﴿ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾ [الذاريات: 53].


فكانت العاقبة والنصر للوط - عليه السلام - ومن آمَن معه؛ حيث أنجاهم الله، وأما المكذِّبون، فكانوا من الغابرين.


ما يحدث اليوم:

وها نحن اليوم نعيش في هذا العالَم، وهناك مجالات موجَّهة في الحياة من الذين يسيرون على غير نورٍ من الله، بِطانة لا تحبُّ الطُّهْر في الاعتقاد بأنَّ الله واحدٌ أحدٌ، فردٌ صَمَدٌ، خَلَق الْخَلْق لعبادته، وأوْجَد البشر لتوحيده، ولا تحبُّ الطُّهر في الحياة الاجتماعية، فنَحَرَتِ الحياء والعِفَّة بسكين الفنِّ العميل والحرية المغشوشة، وطَعَنَتِ السعادة والرِّيَادة بِخِنْجر الغَلاء والثراء، وضربتِ العِزَّة والكَرَامة بمدْفَع الذُّلِّ والاستبداد! ولا تحبُّ الطُّهْر الاقتصادي، فطَحَنَت الشعوب والأمم بِرَحى الرِّبا والاحتكار! ولا تحبُّ الطُّهْر السياسي، فأقصتْ شَرْعَ الله، وحَارَبَتْ عباد الله، وحَرَمَتِ الشعوب من عَدَالة الإسلام تحت ستار الإرهاب والكباب!!


إلى المؤمنين في أرض الله، وإلى دُعاتهم العاملين لنُصرة دين الله: لا تَهِنوا ولا تحزنوا إذا ما اتَّقيتُم وصَبَرتُم وأبشروا؛ فإن الله - تعالى - يقول: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [آل عمران: 120]، ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139].

 

أنتم الأعلون فلا تحزنوا، وأنتم الأعلون فلا تَهِنوا، أنتم الأعلون فلا تخافوا إذا حقَّقتُم شَرْط الإيمان، ولن يجعلَ الله للكافرين على المؤمنين - الذين حقَّقوا شرْطَ الإيمان - سبيلاً.

 

اللهم اجعلْنا من حُرَّاس الحق، وأصحاب الخير، وأهل الصلاح والإصلاح، اللهم ارزقْنا الإخلاصَ في القول والعمل، ولا تجعلِ الدنيا أكبرَ هَمِّنا، ولا مَبْلغ عِلْمنا، وصلِّ اللهم على سيدنا محمدٍ، وعلى آله وصَحْبه وسلَّم، والحمد لله ربِّ العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفاقم الإفساد في البر والبحر

مختارات من الشبكة

  • الإفساد في الأرض(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تحصين الأولاد ضد فيروسات الإفساد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آيات عن الإفساد في الأرض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإفساد في الأرض ( خطبة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صفات اليهود : الإفساد في الأرض(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • في التحذير من نقل الكلام على جهة الإفساد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإعلام بين الإفساد ونصر الإسلام(مقالة - ملفات خاصة)
  • حقائق ينبغي للمسلمة معرفتها(مقالة - ملفات خاصة)
  • تفسير: (وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عصرنا عصر منطق (قصيدة)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب