• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية والتعليم
علامة باركود

أطفالنا والمكتبات

عبدالعزيز بن محمد المسفر

المصدر: عالم الكتب، مجلد 23، العدد 3-4، 303 – 318.
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/5/2010 ميلادي - 21/5/1431 هجري

الزيارات: 44606

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقدِّمة:

الاهتمامُ بالأطفال والشَّباب، وما يُقدَّم لهم مِن رِعايةٍ وخِدْماتٍ بَنَّاءةٍ، وأنشطةٍ هادِفةٍ - يختلف مِن دولةٍ لأخرى باختلاف تَقدُّمِها، ونُموِّها، وارتفاعِ نِسبةِ التَّعليم والوعيِ فيها، ولا شكَّ أنَّ الدُّول التي تُولِي بناءَ الأطفال والشَّباب أهمِّيَّةً قُصوى هي دُولٌ أدركتْ ببُعدِ نظرِها، وثاقِب بصيرتِها، وعن وَعيٍ قوي، وقَناعة راسخةٍ - أهمِّيَّةَ دَورِهم في مستقبلِ الأُمَّة، وبِناءِ الوطن، ورَفْع شأنِه، وإعلاءِ مكانِه بينَ الشُّعوب؛ مُوقنةً أنَّ رجالَ الحاضر هم أطفالُ الماضي، وأنَّ أطفالَ اليومِ هُم شبابُ الغَدِ، ورجالُ المستقبل، وهُمُ الأملُ والرَّجاءُ - بعد الله - بمستقبلٍ زاهرٍ، تَنعَمُ فيه الأُمَّةُ بالأمن والخير والرَّخاء، نعمْ، إنَّهم يَلعبون دَورًا قويًّا، بل ومؤثِّرًا؛ إمَّا في تقدُّم الأُمَّة ورُقِيِّها وسعادتِها، أو في انحطاطِها وشقائِها.

 

مِن هنا جاءتِ المسؤوليَّةُ كبيرةً في حجمها، عظيمةً في تأثيرها ونتائجِها، فكما أنَّهم هدفٌ لأولياءِ الأُمورِ في البُيوت ومؤسَّساتِ التَّعليم والمجتمع؛ يَسعَوْن لتوعيتِهم، وتثقيفِهم، وإعدادِهم الإعدادَ السَّليمَ والصحيحَ لِمَا فيه مَصلحتُهم ومُستقبلُهم؛ بل ومستقبلُ أُمَّتِهم وأوطانِهم؛ فإنَّهم أيضًا هدفٌ للأعداءِ مِنَ الشَّياطين وأعوانِ الشَّياطين، الَّذين يَسعَوْنَ لِدَورٍ مُعاكِسٍ تمامًا؛ هو إنهاكُهم، وتحطيمُهم، وإذلالُهم، وإضعافُهم رُوحيًّا، وخُلقيًّا، وماديًّا، وصحيًّا.

 

إنَّ مَهمَّةَ إعدادِ أطفال اليوم وشبابِه وتربيتِهم ليستْ سهلةً، ولا هَيِّنةً؛ ولكنَّها في الوقتِ نفسِه واجبٌ دينيٌّ، ومَطلَبٌ وطنيٌّ؛ وهي ليست مسؤوليةَ الوالدَينِ فَحسبُ، بل هي مسؤوليةُ المجتمع كلِّه؛ فالبيتُ مسؤولٌ، ومؤسَّساتُ التربيةِ والتعليمِ مسؤولةٌ، والسُّلطةُ مسؤولةٌ؛ كلٌّ حَسبَ موقعِه وواجباتِه.

 

لقد حثَّ دينُنا الإسلاميُّ الحنيفُ على الاهتمام بالنشءِ الجديد، وحمَّلَنا مسؤوليةً عظيمةً تُجاهَه منذُ ولادتِه؛ فكلُّ راعٍ مسؤولٌ عن رعيَّتِه؛ وما الوصايا التربويَّةُ التي وردتْ في القرآن الكريم على لِسان لُقمانَ وهو يَنصَح ويَعِظُ ابنَه إلاَّ النَّموذجُ المِثاليُّ الذي ينبغي تطبيقُه، والحَذوُ حَذوَه.

 

إنَّ الاهتمامَ بالأطفال والشَّباب الذي يبدو في العالَمِ العربيِّ اليومَ رَغمَ ضَعفِه، وتَفاوُتِه بين دَولةٍ وأخرى - ليس وليدَ الصُّدفةِ، أو نتيجةَ الحضارة الحديثة؛ بل كان موجودًا منذُ فَجرِ الإسلام؛ إذْ حمَّل دينُنا الحَنيفُ أولياءَ الأُمورِ مسؤوليةَ إرشادِ أطفالِهم، وتأديبِهم، وتوجيهِهم التوجيهَ السَّليمَ؛ في كلِّ ما مِن شأنِهِ صلاحُ دينِهم ودُنياهم.

 

إذنْ؛ فللطِّفل المُسلِمِ حُقوقٌ حَفِظَها له دينُه، وعلى رأسِها التَّربيةُ السَّليمةُ، والتَّعليمُ النَّافعُ؛ فقد قال الله - تعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا...﴾[1]، والوِقايةُ هنا تعني حِمايةَ الطِّفل بتأديبِه، وتَربيتِه تَربيةً إسلاميَّةً، وتَعليمِه محاسنَ الأخلاق، وتحذيرِه مِن قُرناءِ السُّوء؛ قال - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -: ((أَكرِموا أولادَكم، وأحْسِنوا أدبهم))[2]؛ رواه ابن ماجه، وضعفه الألباني، وقد أدرك المسلمون الأوائلُ - رحمهم الله - قِيمةَ السَّنواتِ الأُولى مِن حياة الطِّفل، وأهميتَها في بناءِ شَخصيَّتِه؛ يقول ابنُ قَيِّم الجَوْزِيَّة: "فمَن أَهملَ تَعليمَ وَلدِه ما يَنفَعُه وتَرَكَه سُدًى، فقد أساءَ إليه غَايةَ الإساءةِ"[3].

 

إنَّ تربيةَ الأطفالِ وتعليمَهم إنَّما هو حقٌّ مِن حقوقِهم التي شَرَعها الإسلامُ؛ بَدءًا مِن مرحلةِ الرَّضاعةِ ومرحلةِ الطُّفولة المُبكِّرة، التي تُعتَبر الأساسَ والقاعدةَ التي يُشادُ عليها البُنيانُ؛ إذ هي أهمُّ عُهودِ الغَرْس الطَّيِّب الذي يُرشَّح لأفضلِ حَصادٍ[4].

 

مِن هنا نجد أنَّ الالتزامَ بتربيةِ الأطفال هو واجبٌ دينيٌّ قَبلَ أنْ يكونَ واجبًا وطنيًّا، وإذا كانت الأسرةُ الصغيرةُ – الوالدانِ - مسؤولةً عن أطفالها؛ باعتبارِها المؤسَّسةَ التربويَّةَ الأُولى - فإنَّ الأسرةَ الكبيرةَ – المجتمع - عليها مسؤوليةٌ هي الأخرى، كما أنَّ الدولةَ تتحَمَّل جُزءًا كبيرًا مِن المسؤوليةِ؛ عَملاً بقولِ النبيِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -: ((أَلاَ كُلُّكم راعٍ وكُلُّكم مسؤولٌ عن رَعيَّتِه))[5]؛ ذلك أنَّ الدولةَ هي التي تُوَجِّه التربيةَ والتَّعليم في مؤسَّسات التَّعليم الحُكوميَّة، بل وتختار لها المُعلِّمين والمُعلِّماتِ؛ كما أنَّ بَيدِها وتحتَ تَصرُّفِها إمكاناتِ الوطنِ الماديَّةَ، وتحتَ إشرافِها أيضًا وتوجيِهها وسائلَ الإعلامِ بكافَّةِ أشكالها وأنواعِها؛ المسموعةِ والمَرئيَّةِ والمقروءةِ.

 

إنَّ تكاتُفَ جُهود الأسرة، مع جهودِ المجتمع والدَّولة يَصُون - بعون الله وتوفيقه - الأطفالَ والشَّبابَ، ويَحمِيهم مِنَ الزَّلَل والانحراف، ويُهيِّئُ لهم نَشأةً صالحةً وسليمةً، تُحقِّق لهم جُملةً مِن القِيَمِ الأخلاقيَّةِ، والصِّفاتِ السُّلوكيَّةِ الحميدةِ، ولنا في سُلوكِ السَّلَف في مجال التَّربية أُسوَةٌ يَنبغي الاقتداءُ بها؛ فقد رُويَ: أنَّ عُتبةَ بنِ أبي سُفيانَ قال لعبدالصَّمَد، مؤدِّبِ أولادِه: "...وعَلِّمْهم كتابَ الله، ولا تُكرِههم عليه فَيَملُّوه، ولا تَتركْهم منه فَيَهجروه"[6]، ويقول ابنُ خلدون: "اعلمْ أنَّ تَلقينَ العُلوم إنَّما يكون مُفيدًا إذا كان على التَّدريج شيئًا فشيئًا، وقليلاً قليلاً..."[7]، ويُقال: إنَّ هارونَ الرَّشيدَ أرسل ابنَه الأمينَ إلى المؤدِّب، فقال مندوبُ الخليفة للمؤدِّب: "إنَّ أميرَ المؤمنين قد دَفعَ إليكَ مُهجةَ نَفْسِه، وثمرةَ قلبِه...أقرئِه القرآنَ، وعرِّفْه الأخبارَ، ورَوِّهِ الأشعارَ، وعلِّمه السُّنَن، وبصِّره بمواقع الكلام وبَدئِه، وامنعْه مِنَ الضَّحك إلاَّ في أوقاتِه...ولا تَمُرَّن بكَ ساعةٌ إلاَّ وأنت مُغتَنِمٌ فائدةً تفيده إيَّاها، مِن غيرِ أَنْ تُحزِنَه فتُميتَ ذِهنَه، ولا تُمعِن في مُسامحته فيَستحليَ الفراغَ ويألفَه..."[8]، وقال عبدُالملك بنُ مَرْوانَ يَنصَح مؤدِّبَ أولادِه: "عَلِّمهم الصِّدقَ كما تُعلِّمهم القرآن، واحمِلْهم على الأخلاقِ الجَميلة، وروِّهم الشِّعر...وجالِسْ بهم أشرافَ الرِّجال وأهلَ العِلم، وجنِّبْهم السَّفِلةَ؛ فإنَّهم أسوأُ النَّاس أدبًا... ووقِّرْهم في العلانيَّة، وأنِّبْهم في السِّرِّ..."[9].

 

إنَّ الدُّولَ العربيَّةَ تَعلَم عِلمَ اليقين أنَّ تأديبَ أطفالِ المُجتمعاتِ العربيَّةِ، وتربيتَهم التَّربيةَ السليمةَ - ليست وقْفًا على زمنٍ دونَ آخَرَ؛ بل هي قائمةٌ ومُستمِرَّةٌ إلى أنْ تقومَ الساعةُ، وإذا كان أطفالُنا في الماضي بحاجةٍ إلى التَّربيةِ الإسلاميَّةِ الواعيَّةِ، فإنَّهم في وقتِنا الحاضرِ أشدُّ حاجةً إلى هذه التربيةِ؛ يقول محمد سالِم: "إنَّ طَلبَ العِلم ليس وَقفًا على جِنسٍ دون آخَرَ؛ بل هو قَدْرٌ مُشاعٌ، ومَصلحةٌ لكلِّ مَن يَتَنسَّم نسماتِ الحياة، والمجتمع الَّذي يَنشأُ أفرادُه على وعيٍ ومعرفةٍ، وهدًى وبصيرةٍ هو المجتمعُ الحقُّ، الذي ينهض به أفرادُه، وينهض هو بأفرادِه"[10].

 

مِن هنا نجد أنَّ المسؤوليةَ عظيمةٌ، وحملَها ثقيلٌ، ولكنْ لا بُدَّ مِن تحمُّلِها، ومِن الجميع، كلٌّ حسبَ طاقاتِه وقُدراتِه وإمكاناتِه؛ فأطفالُنا أمانةٌ في أعناقنا أمامَ الله، بلْ إننا مُحاسَبون على أيِّ تقصيرٍ في حقوقِهم.

 

إنَّ طفل اليومِ يُواجِه تحدياتٍ جسيمةً، ومخاطرَ كبيرةً؛ فالحياةُ صارت أكثرَ صُعوبةً، والتِّقنياتُ الجديدةُ أخذتْ تغزو الإنسانَ في عُقر دارِه؛ فالأطباق تَنقُل إلى البُيوت الكثيرَ مِن البَرامج الهابطة، وهي بالطَّبع متاحةٌ للأطفال؛ كما أنَّ الاتصالاتِ الحديثةَ عَبرَ الهاتف، وشَبكات الإنترنت، وغيرها تُشكِّل هي الأخرى تَهديدًا لمستقبلِ أطفالِنا وشبابِنا؛ ما لم يَكن هناك وعيٌ وإدراكٌ، وتربيةٌ سليمةٌ، وتوجيهٌ سديدٌ، يُحصِّنُهم - بإذن الله - مِن الوقوع في المخاطر والمحذوراتِ، إنَّ الطِّفل إنسانٌ، والإنسانٌ رُوحٌ وجَسدٌ، وأحاسيسُ ومشاعرُ، وهو قابلٌ للتَّأثُّر، وإذا كان الكبارُ قادرِينَ - كما يُفترَض - على تمييزِ الجميل مِن القَبيح، والغَثِّ مِن السَّمين، والصالح مِن الطَّالح - فإنَّ الطِّفل قد لا يكون قادرًا على ذلك، خاصَّةً أنَّ الدِّراساتِ النَّفسيةَ تؤكِّد أنَّ تكييفَ الطِّفل في سِنِّه المبكِّرة يؤثِّر إلى حدٍّ كبيرٍ في عَلاقتِه بالأشياء.

 

التَّمهيد بهذه المُقدِّمة عن أهمِّية تربيةِ الأطفال، وعن حقوق أطفالنا التي كَفَلها لهم الدِّين الإسلاميُّ الحنيفُ - يقودُنا إلى الحديث عن المَكتباتِ التي تَخدُم الأطفالَ؛ لقدرتِها على المُساهمَةِ الفعَّالة في توجيه الأطفال، وتوعيتِهم، وشغْل فراغِهم بما يُحقِّق لهم - بعون الله وتوفيقه - الحمايةَ مِن الوقوع في المصائد التي تُنصَب لهم، والمؤامرات التي تُحاك ضِدَّهم وضِدَّ مستقبلِهم؛ ولكنْ قبلَ الحديث عن هذا النَّوع مِنَ المكتبات، ينبغي أن نعرفَ مَن هو الطِّفل.

 

تعريف الطِّفل:

الطِّفلُ: مفردٌ، وجمعُها أطفال؛ والطِّفل هو الصَّبيُّ مِن حينِ يولد إلى أنْ يَحتَلِم؛ قال الإمام النَّوويُّ: "الطِّفلُ والطِّفلةُ: هما الصَّغيرانِ ما لم يَبلُغا"[11]، وورد في لِسان العرب أنَّ: "الصبيَّ يُدعَى طِفلاً مِن حينِ يَسقط مِن بطن أُمِّه إلى أنْ يَحتلِم"[12].

 

يُقسِّم علماءُ النفس مراحلَ نُموِّ الطِّفل على النَّحو التالي:

1 - مرحلة المَهد، أو الرَّضاعة: وهذه تَبدأ مِن يومِ ميلادِ الطِّفل، وحتَّى بلوغِه السَّنةَ الثَّانيةَ.

2 - مرحلة الطُّفولة المُبكِّرة: وتبدأ مِن السَّنَة الثَّالثة، وحتَّى الخامسة.

3 - مرحلة الطُّفولة النَّاميَّة: وتبدأ مِن السَّنة السادسة، وحتَّى بَدءِ البُلوغ.

4 - مرحلة البُلوغ: وتبدأ مِن السَّنة الثانيةَ عَشْرةَ، حتَّى الخامسةَ عَشْرةَ.

5 - مرحلة المُراهقة: وتبدأ مِن الخامسةَ عَشْرَةَ، وحتَّى الثامنةَ عَشْرَةَ[13].

 

وبالرَّغم من أهمِّيَّة كلِّ مرحلة مِن هذه المراحل؛ إلاَّ أنَّ المرحلة الثَّانية، والتي تقع بين سِنِّ 3-5 سنواتٍ تُعتبر بحقٍّ أَهمَّ المراحل؛ فهي مرحلة الاستعداد، التي فيها يَتِمُّ التَّأسيس؛ إذ إلى جانب قُدرة الطِّفل في هذه المرحلة على التَّعرُّف إلى الحُروف والأرقام، فإنَّ باستطاعتِه تكوينَ كلماتٍ وجُملٍ مُفيدةٍ؛ لهذا فالأطفالُ بأَمسِّ الحاجة إلى الرِّعاية السليمةِ، والتوجيهِ السَّديدِ؛ خاصَّةً وأنَّ لديهم القابليةَ للتَّوجيهِ والتَّعليمِ، فينبغي - والحالة هذه - أنْ نغرِسَ في نفوسِهم في مراحل الطُّفولة الأُولى حُبَّ القِراءة، وحُبَّ أَوعِيةِ المعلومات، وإدراكَ أهميتِها وفوائدِها، وكيفيةَ الاستفادة منها؛ وهذا لا يَتَأتَّى أو يتحقَّق بالأمانيِّ والأقوال؛ بل بالأفعالِ البنَّاءة والمُثمِرة؛ ومنها: إقامةُ المكتبات التي يُمكن أنْ يرتادَها ويستفيدَ منها الأطفالُ والشَّباب، وتزويدُها بكلِّ ما تحتاجه مِن أَوعيةِ المعلوماتِ المناسِبةِ لمستوياتِهم التَّعليميَّةِ، وقُدراتِهم الذِّهنيَّةِ، ومُيولِهم القِرائيَّةِ، واحتياجاتِهم المَعرفيَّةِ والثَّقافيَّةِ؛ مع مُراعاةِ ألاَّ يكونَ في هذه الأوعيةِ ما يَتعارضُ وتعاليمَ دِيننا الحنيفِ، أو عاداتِنا وتقاليدَنا العربيَّةَ الإسلاميَّةَ الأصيلةَ؛ بل ما يُحقِّق الأهدافَ المَرجُوَّة منها، وهي إثراءُ حصيلتهم المَعلوماتيَّة، وزيادةُ معرفتِهم بالقِيَم الرُّوحيَّة والفِكريَّة والإنسانيَّة والاجتماعيَّة؛ هذا إلى جانبِ توفير العديد مِن الخِدْمات والأنشطة الضروريَّة والبنَّاءة، والتي تَهدف في مجموعها إلى تعزيزِ فُرَصِ الاستفادة الحَقَّة مِنَ المكتبات باستخدامِها الاستخدامَ الأَمثلَ والمُثمِرَ، مما يعود عليهم بالنَّفعِ والفائدةِ، وتكوينِ جيلٍ على قدرٍ كبيرٍ مِنَ الوعي والإدراكِ والعِلم والثَّقافة.

 

مكتبات الأطفال:

يَحظَى الأطفالُ في كثيرٍ مِن الدُّول بِخِدْماتٍ مكتبيَّةٍ مختلفةٍ، وأنشطةٍ عديدةٍ تُسهِم في بِنائها بناءً سليمًا، ومتوازنًا؛ سواءٌ مِن النَّاحية العلميَّة، أو الثَّقافيَّة، أو النَّفْسيَّة، أو الاجتماعيَّة، هذا إلى جانبٍ آخَرَ، وهو تخليصُهم مِن براثنِ اللَّهوِ الرَّخيص، ومَزالقِ الانحرافِ والفساد الذي يَنجُم عادةً عنِ الفراغ.

 

المكتباتُ التي تُسهِمُ في خِدمة الأطفال هي:

أوَّلاً: المكتبات المَنزليَّة:

المكتبات المَنزليَّة هي ما تُسمَّى بالمكتبات الخاصَّة، وهي مَكتباتٌ يُنشِئُها الأشخاصُ عادةً في منازلهم، ومكتبةُ المنزل تَعكِس - في الغالب الأعمِّ - اهتماماتِ الأبِ، أو الأمِّ، أو كِلَيهما، هذا لا يَعني أنَّه لا توجد مكتباتٌ مَنزليَّة لا تُستخدَم، ولا يُستفادُ منها، نعمْ، يوجد مكتباتٌ خاصَّة يكون الغرضُ الأساسُ مِن تكوينِها الزِّينةَ، أو التَّباهي، ومِثلُ هذه المكتباتِ لا تُحقِّق فائدةً تُرجَى منها لأهل المَنزل.

 

الطِّفل بطبيعتِه فُضوليٌّ، ويُحِبُّ التَّقليد، وأقربُ الناس إليه، وأكثرُهم التصاقًا به، وتأثيرًا عليه هُما والداه؛ فَهُما مَثَلُه الأعلى، ومِن هنا نَرى أهميةَ تكوينِ مكتباتٍ منزليَّةٍ مَهْما كان حجمُها؛ شريطةَ أن تُستخدَمَ بشكلٍ واضحٍ وفعَّال، وأنْ يكونَ للطِّفل فيها نَصيبٌ مناسب؛ إذْ إنَّ المكتبةَ المنزليَّةَ هي المكتبةُ الأولى التي يَفتحُ الطِّفلُ عَينَيهِ عليها، على أنَّه ينبغي اختيارُ أوعيةِ المعلومات الخاصَّة بالأطفال بعنايةٍ، فلا يجوز اقتناءُ كل ما هَبَّ ودَبَّ، أيضًا لا بُدَّ مِن تعويدِهم على الاستفادةِ مِن أوعيةِ معلومات هذه المكتبةِ، ومساعدِتهم في القِراءةِ، وحِكايةِ القِصَّة، ومناقشتِهم فيما سمعوه أو قَرؤوه؛ وتوجيهِهم التوجيهَ السَّديدَ في كيفية استخدام الأوعيةِ، والتَّعامُلِ السَّليمِ معها، وأهمِّيَّةِ احترامِها؛ لِتَظلَّ سليمةً تتجدَّد الاستفادةُ منها، وكما أشرتُ آنفًا، فالوالدَانِ هُما القُدوة، وهذا يؤكِّد أهمِّيَّةَ - بل ضرورةَ - استخدامِ الوالدَينِ للمكتبةِ بصفَةٍ مُنتظمَةٍ.

 

المكتبات المَنزليَّة "الخاصَّة" كانت مُنتشرةً في جميع أنحاء العالَم العربيِّ والإسلاميِّ منذُ القرونِ الأولى للهِجرة النَّبويَّة؛ فقد كان للخُلفاء في العهد الأُمويِّ والعبَّاسيِّ مكتباتٌ خاصَّةٌ، كما كان الوزراءُ، والوُلاةُ، والأغنياءُ، والعُلماءُ، والأدباءُ يَهتمُّون بتكوين مَكتباتٍ خاصَّةٍ بِهم، وهذا الاهتمامُ يَعكِس - غالبًا - حُبَّهم للعِلم والعُلماء، وحِرصَهم على الاستفادةِ مِن مُؤلَّفاتِهم، وإنتاجِهم العِلميِّ، وهو دليلٌ واضحٌ وجَلِيٌّ على نُموِّ الوَعيِ عندَهم، وبالتَّالي إدراكهم لأهمِّيَّةِ أوعيةِ المعلومات، ونَعني بذلك الكتبَ، وضرورةَ توافُرِها؛ للاستفادة منها.

 

تِلكَ الظَّاهرة التي كانتْ موجودةً، بل مُنتشرةً في صَدرِ الإسلام - وهي تَكوينُ مكتباتٍ منزليَّةٍ - لا نجد لها اهتمامًا يُذكر عندَ الكثيرين من أبناءِ الجيلِ الحاضر، نعمْ، يوجد في الوَقتِ الحالي مكتباتٌ خاصَّةٌ؛ إلاَّ أنَّها - مع الأسف الشَّديد - قليلةٌ، ولا يُمكن مُقارنتُها بما كان في صَدرِ الإسلام، كما أنَّ مُعظمَ المكتباتِ القائمةِ حاليًا لا يَستفيدُ منها أفرادُ الأسرة الفائدةَ المَرجُوَّةَ، أيضًا فإنَّ أغلبَ المكتباتِ المتوفِّرةِ حاليًا هي مكتباتٌ صغيرةٌ، مُقارنةً بمكتبات صدرِ الإسلام، كما أنَّ معظمَ محتوياتها خاصَّةٌ بالكبار، ونادرًا ما يكون للأطفالِ نصيبٌ يُذْكَر فيها؛ وهذا هو الخطأُ الجسيمُ الَّذي يَنُمُّ عن جهلٍ، أو تساهُلٍ بتربيةِ الأطفال، وأهميةِ تعويدِهم على القراءةِ والاستفادةِ مِن أَوعيةِ المعلوماتِ، مع أنَّ الإسلامَ قد مَيَّز بين العالِمِ والجاهل، وحمَّل الوالدَينِ مسؤوليةً كبيرةً حِيالَ تربيةِ وتَعليمِ أبنائِهم؛ خاصَّةً أنَّهم - أي: الأطفالَ - غيرُ مُدركِينَ، وبالتَّالي فَهُم بأمسِّ الحاجة إلى التوجيهِ السليمِ، والتعليمِ الهادِفِ والبنَّاءِ؛ فالأطفال أمانةٌ في الأعناق، وبالتَّالي فمِثلَما يحتاجون إلى تغذيةٍ بدنيةٍ، تتوافر فيها مُعظمُ المُقوِّماتِ الصِّحيَّةِ للجسمِ السَّليم - إنْ لم يكنْ كلُّها - فَهُم أيضًا يحتاجون إلى التغذيةِ الفِكرية التي تُنَمِّي عقولَهم، وتَشحَذُ أفكارَهم، وتُصقِل مواهبَهم؛ وهذا – لعمر الله - لا يَتأتَّى إلاَّ بالتَّعليم، والتوجيه، واختيار أوعيةِ المعلومات التي تُلبِّي هذه الاحتياجاتِ وتوفيرَها، وجعلَها في مُتناوَلِ أيديهم في المكتبةِ المنزليَّةِ.

 

ثانيًا: المَكتباتُ العامَّةُ:

المكتبات العامَّة تُقدِّم خِدْماتِها - كما هو واضحٌ مِن عُنوانها - لجميع فِئاتِ المجتمع؛ بما في ذلك الأطفالُ الَّذين يُشكِّلون شريحةً كبيرةً، بل ومُهمَّة مِن المجتمع، وبالتَّالي ينبغي أنْ يُحسبَ لهم ألفُ حِسابٍ، وأنْ يكونَ لهم نصيبٌ وافرٌ في أوعيتِها، وخِدْماتِها، وأنشطتِها، يقول محمد فتحي عبدالهادي: "والمكتبات العامَّةُ تُقدِّم خِدْماتِها للأطفالِ مِن مُنطلَقِ أنَّ المكتبةَ العامَّةَ خِدمةٌ عامَّةٌ تؤدِّيها الدَّولةُ لكلِّ أبنائها صِغارًا وكبارًا؛ بل يُعدُّ إنشاءُ مكتبات الأطفال مِن المَهامِّ الوطنيَّةِ في كثيرٍ مِن الدُّول"[14].

 

تهتمُّ المكتباتُ العامَّةُ بجميع مجالات المعرفة، ولها أربعُ وظائفَ أساسيَّةٍ، هي:

1 - الوظيفة التَّثقِيفيَّة.

2 - الوظيفة التَّعليميَّة.

3 - الوظيفة الإعلاميَّة.

4 - الوظيفة التَّرويحيَّة.

 

وبالنِّسبة للأطفال، فإنَّ للوظيفةِ التَّعليميَّةِ في المكتبةِ العامَّةِ جانَبينِ أساسيينِ:

الجانبُ الأَوَّل: هو دَورُها في استقبالِ الأطفال قَبلَ سِنِّ الالتحاق بالمَدرسَة، والجانبُ الثَّاني: هو توفيرُ أوعيةِ المكتبة، وإتاحتُها خِدماتِها، وأنَشطتَها لتلاميذِ المدارس، حينما لا تُوفِّر المكتبةُ المدرسيَّةُ هذه الأشياءَ لِسببٍ من الأسباب؛ كأنْ تكونَ مغلقةً في الفَترات المسائيَّة، أو العُطَل الرَّسميَّة، أو حينَ لا يكونُ هناك - أَصلاً - مكتبةٌ مدرسيَّة.

 

إنَّ خِدماتِ المكتبات العامَّةِ للأطفالِ لَيستْ حديثةً، تقول نعمات مصطفى: "إنَّ المكتبةَ العامَّةَ ظلت - ولفترة طويلة - المؤسَّسةَ التَّثقيفيَّةَ الوحيدةَ التي تُقدِّم خِدماتِها للأطفال"[15].

 

المكتبات العامَّة تستقبل الأطفالَ في سِنِّهم المُبكِّرة - أي: قَبلَ سِنِّ الدِّراسة - فَهُم يأتون إليها وَهُم في السَّنة الثَّالثة مِن العُمُر، أو حتَّى قبلَ هذه السِّن؛ وذلك بصحبةِ الأبِ، أو الأمِّ، وفي هذه السِّن المُبكِّرة تُغرَس فيهم عادةُ التَّردُّدَ على المكتبة العامَّة لاستخدامِها والاستفادةِ مِن مُقتَنياتِها وخِدماتِها وأنشطتِها.

 

إنَّ الأطفالَ الصِّغارَ - وإن لم يكونوا قادرِينَ على القراءة - فإنَّهم يُمارسون اللَّعِبَ ببعضِ أدواتِ التَّسليَّةِ البريئةِ المتوفِّرةِ في المكتبةِ، أو يُشاهدون أفلامًا هادفةً، أو يَستمِعون لقِصصٍ خاصَّة بهم، تُحكى لهم مِن قِبَلِ أشخاصٍ يَتقمَّصون شَخصياتِ أبطالِ القِصص، ويَحكُون فصولَها أمامَ الأطفال بِلُغةٍ سهلة وواضحةٍ، تَتناسب وقُدْراتِهم الذِّهنيةَ، أيضًا يَتعوَّدُ الأطفالُ في هذه السِّنِّ المُبكِّرة على كثيرٍ مِن الخِصالِ الحميدة؛ كالهدوء، وحُسنِ الإصغاءِ، واحترامِ مشاعرِ الآخرِينَ وحقوقِهم، هذا إلى جانبِ استعارةِ بعضِ القِصص القَصيرةِ والمُصوَّرة بواسطة آبائهم، أو أُمَّهاتِهم؛ حيثُ يَتولَّى الأبُ، أو الأُمُّ في المنزل قِراءةَ هذه القِصص لهم، ومناقشتَهم فيها.

 

ومِن الفوائد التي يَجنيها الأطفالُ مِن المكتبات العامَّة:

غَرْسُ حُبِّ المكتبة العامَّة، وعادةِ التردُّدِ عليها، فَيَكْبَر الطِّفلُ ويَكْبُر معه حُبُّه لها، واحترامُه لرسالتها، وتقديرُه لخِدْماتها؛ ذلك أنَّه سيتَذكَّرُ فيما بَعدُ أنَّها المكتبةُ الوحيدةُ التي استقبلتْه طَوَالَ مراحلِ طُفولتِه، وأنَّها لا تَزالُ تفتح أبوابَها له فيما تَبقَّى مِن عُمُره، حتَّى إن كان شيخًا كبيرًا، طالما أنَّه قادرٌ على الاستفادة منها.

 

مُعظم المكتباتِ العامَّة في المملكة العربيَّة السُّعودية وفي العالَم العربيِّ لا تهتمُّ - مع الأسف الشَّديد - كثيرًا بالأطفالِ، ولا تُفكِّر في احتياجاتِهم، وبالتَّالي نَجدُهم شِبهَ مُغيَّبِين مِن حساباتِها، الأمرُ الذي جَعلَ الأطفالَ أَنفسَهم لا يَرتادونَها؛ لأنَّهم لا يَجِدون فيها قَبولاً لهم، أو لأنَّه لا يَتوفَّرُ فيها ما يَتناسب واهتماماتِهم؛ بل إنَّ بعض المكتباتِ لا تَسمح لهم بارتيادِها؛ على أنَّه يُمكنُ أنْ يُستثنَى مِن هذا القولِ بالنِّسبة للمملكة العربيَّة السُّعودية مَكتبتانِ، الأولى: مكتبةُ المَلِك عبدالعزيز العامَّة بالرِّياض، والتي أخذتْ في الآونةِ الأخيرة تَبذُل جُهودًا طَيِّبةً ومُوفَّقةً لخدمة الأطفال، حيثُ أنشأتْ مَكتبتَينِ خاصَّتَينِ بالأطفال الصِّغار، مُلحقَتَينِ بالمكتبتَينِ النِّسائيَّتَينِ في كلٍّ مِن المكتبة المركزيَّةِ شَرقَ الرِّياض، وفي الفَرع الحديث في مَنطقِة المربَّع وَسَطَ مَدينةِ الرِّياض، أمَّا المكتبةُ الثَّانيةُ التي تَخدُم الأطفالَ بالرِّياض، فهي مكتبةُ الطِّفلِ التابعةُ لمركزِ المَلِك فَيْصل للبُحوث والدِّراسات الإسلاميَّة؛ إلاَّ أنَّه يُؤخذُ على مكتباتِ الأطفالِ هذه صِغرُ حَجمِها، وقلةُ أَوعيتِها، واقتصارُها على الأطفالِ الَّذين لا تَتجاوزُ أعمارُهم عَشْرَ سَنواتٍ؛ وهذا يعني أنَّ الأطفالَ الَّذين تَتجاوزُ أعمارُهم هذه السِّنَّ ليس لهم نَصيبٌ في مُقتنياتِها وخِدماتِها، وبالتَّالي فهذه الشريحةُ الكبيرة مِنَ الأطفال مَحرومةٌ مِن أيِّ خِدْماتٍ مكتبيَّةٍ عامَّة.

 

ثالثًا: المَكتباتُ المَدرسيَّة:

المكتباتُ المدرسيَّةُ هي أكثرُ أنواعِ المكتباتِ عددًا، وأوسعُها انتشارًا، وتُقدِّم خِدماتِها للأطفال منذُ التحاقِهم بالمدرسة، وتُشكِّل عُنصرًا هامًّا وأساسيًّا في العَملِيَّة التَّعليميَّة؛ لأنَّ مُعظمَ مُقتَنياتِها يَدعَم بالدرجةِ الأولى المناهجَ الدِّراسيَّةَ، أو هكذا يُفترض؛ لكنَّها تُشارِكُ المكتباتِ العامَّةَ في تَحمُّلِ مسؤوليةِ العملِ المُباشرِ في كثيرٍ من احتياجاتِ الطِّفل التَّثقيفيَّة، والتربويَّة، والترويحيَّة؛ بحيثُ يَكتسِبون العديدَ مِنَ الخِصالِ الحميدةِ، والعاداتِ الحَسنةِ، والقِيَمِ الإيجابيةِ؛ كاحترام الآخَرِينَ، والإيثارِ، والتَّعاوُنِ، والنِّظام؛ كما تَزرع فيهم المنافسةَ البنَّاءة في القراءة، واكتسابَ المعلوماتِ؛ باعتبارِ ذلكَ أهمَّ وَسائلِ كَسبِ المَعرفةِ وزِيادةِ التَّحصيلِ العِلميِّ والتَّكوينِ الثَّقافيِّ؛ لكنَّ المكتبةَ المدرسيَّةَ تَتميَّز عن العامَّة في أنَّها تُقدِّم خِدماتِها إلى مجموعةٍ مُتجانسةٍ مِن المستفيدِينَ، الَّذين يُمكِنُ تَحديدُ احتياجاتِهم وَفْقًا للمُستوى العُمُريِّ مِن ناحيةٍ، والمستوى التَّعليميِّ من ناحيةٍ أخرى؛ كما يُمكِن التَّنبُّؤ باحتياجاتِهم المستقبليَّة وَفقًا للمُتغيِّرَاتِ والتَّطوُّراتِ التي تَطرأُ على المناهجِ الدِّراسية، وطُرقِ التَّعليم، وإذا نظرْنا إلى مكتباتِ مدارسِ البَنينَ والبناتِ لا في المملكة فحسبُ، بل وفي مُعظمِ أرجاءِ العالَم العربيِّ - نجد أنَّها شِبهُ معدومةٍ، وخاصَّةً في المرحلتَينِ الابتدائيَّةِ والمتوسطة؛ مع أنَّهما الأساسُ والرَّكيزةُ التي تُبنى عليها مراحلُ التَّعليمِ اللاَّحقةُ؛ كما أنَّ الموجودَ من هذه المكتباتِ - وهو قليلٌ جدًّا - لا يُستفادُ منه؛ إذْ إنَّ الاعتمادَ هو - في الغالب - على الكُتبِ الدِّراسية المُقرَّرةِ، والتي تُوزَّع - عادةً - مجَّانًا؛ ناهيكَ عن عَدمِ إيجادِ أماكنَ مُلائمةٍ للمكتبات حتَّى في المباني الحديثة، أيضًا فإنَّ غالبيةَ أوعيةِ المعلوماتِ الموجودةِ في مُعظمِ المكتبات المدرسيَّة ليس لها ارتباطٌ بالمناهج، ولا يَتناسبُ واهتماماتِ الطُّلابِ ومُيولَهم، مما يَجعلُ هذه المكتباتِ القليلةَ غيرَ مُجدِيةٍ، وفائدتها إنْ وُجِدت، فهي مَحدودةٌ؛ مما يُؤكِّد عدمَ نُضجِ الوعيِ المَكتبيِّ، وإدراكِ أهمِّيَّةِ المكتبةِ ورسالتِها.

 

يقول محمَّد فتحي عبدالهادي: "مِن الواضحِ أهمِّيَّةُ المكتبةِ في حياةِ الطِّفل؛ فهي تَتحمَّلُ مسؤوليةَ العملِ المُباشِر في تكوينِ عَقلِه؛ إذْ إنَّ نشاطَها يبدأ حالما يَستطيعُ الطِّفلُ الإصغاءَ إلى الكلماتِ، أو التَّعرُّفَ على الصُّورِ...مما يُشجِّع الطِّفلَ على القراءةِ، ويَجعلُها مُحبَّبَةً إليه، كما تساعدُه على اكتسابِ المعلوماتِ، وَتَرُدُّ على أسئلتِه واستفساراتِه، وتُوَسِّعُ مَداركَه وآفاقَ ذاكرتِه عن العالَم مِن حولِه؛ إضافةً إلى كونِها تُنَمِّي فيه التَّعلُّمَ الذاتيَّ"[16].

 

ومِن المكتبات المُرتبِطَةِ بالمكتبات المدرسيَّة: ما يُسمَّى بـ"مكتبات الفُصول"، وهي مكتباتٌ صغيرةُ الحجمِ، تُؤسَّس داخلَ الفُصولِ الدِّراسيَّة، وخاصَّةً في المدارسِ الابتدائيَّة، تتكون مُحتوياتُ هذه المكتباتِ الفَصليَّةِ - غالبًا - مِن الموادِّ التي يَحتاجُها المُدِّرسون للتَّدريسِ؛ لكنَّها مع ذلك تَشتَمِلُ على بعض الكتب التي يُفضِّل الأطفالُ قراءتَها.

 

مُقتنياتُ مكتباتِ الفُصولِ مُتغيِّرةٌ؛ إذ تقومُ المكتبةُ المركزيَّةُ بالمدرسةِ بتجديدِ مُحتوياتِها وتحديثِها بين حينٍ وآخَرَ حَسبَ الحاجةِ، تُمثِّلُ مكتباتُ الفُصولِ أهميةً خاصَّةً في المدارس؛ إذ هي تُخفِّفُ العِبءَ عنِ المكتبة المركزيَّة، وتُقدِّم لطُلاَّبِ الفَصلِ بعضَ الخِدْماتِ التي تُقدِّمها المكتبةُ المركزيَّةُ بالمدرسة، إنَّ مكتباتِ الفصول تُساهم كثيرًا في خِدمة الطُلاَّب والمدرسين؛ لكنَّها مع ذلك لا تُغني أبدًا عنِ المكتبة المركزيَّة التي يَجِبُ ألاَّ تَخلُوَ منها أيُّ مدرسةٍ.

 

رابعًا: مَكتباتُ الأَندِيةِ:

يَتوفَّرُ في المملكة العربيَّة السُّعودية وفي غيرِها مِن دُولِ العالَم العربيِّ الكثيرُ مِنَ الأنديةِ الأدبيَّة والرِّياضيَّة؛ وفي مُعظمِها - إنْ لم يكنْ كلّها - مكتباتٌ، وقد تكون مكتباتٍ جَيِّدَةً، إلاَّ أنَّ المكتباتِ الموجودةَ في هذه الأنديةِ لا تَهتمُّ كثيرًا بالأطفال؛ فهي وإنْ راعتْ إلى حدٍّ مَا مُيولَ بعضِ الشَّباب واهتماماتِهم، مِمَّن يَنتمُون إلى ما يُسمَّى بالطُّفولة المُتأخِّرَة، إلاَّ أنَّها لا تَحسِب حسابًا يُذكَر للأطفال الصِّغار، كما أنَّ الَّذين يستفيدون مِن مكتبات الأنديةِ - وهم مع الأسف قِلَّةٌ - هُم مِن الذُّكور فقط؛ أمَّا الإناثُ فليس لهنَّ - كما يبدو - نصيبٌ يُذكر في هذه المكتبات.

مِن هنا؛ فإنَّ وَضْعَ مكتباتِ الأنديةِ الأدبيَّةِ والرِّياضيَّة يحتاج إلى إعادة نظرٍ؛ إذ مِن غَيرِ العدل والإنصاف، ومِن غَيرِ المفيد أيضًا تُجاهُلُ احتياجاتِ شرائحَ مهمةٍ وكبيرةٍ مِنَ المجتمع واهتماماتِها، وخاصَّةً الأطفالَ، مِن هنا فإنَّه ينبغي تَفعيلُ دَورِ هذا النَّوْع مِنَ المكتبات، وتوسيعُ خِدْماتِها وأنشطتِها؛ لتشملَ الأطفالَ مِنَ الجِنسينِ ومِن جميع الأعمار.

 

إنَّ اقتصارَ خِدْماتها على شريحةٍ مُعينةٍ مِنَ المجتمع، وإهمالَ الشرائحِ الأخرى رَغمَ أهمِّيَّتِها وكِبَرِ حجمها - هو تعطيلٌ واضحٌ لوظائفِ مكتباتِ الأنديةِ وأهدافِها، إنَّ الاختلاطَ بين الذُّكور والإناث - وفي جميع المستويات العُمريَّة - غيرُ مسموحٍ به في كثيرٍ من الدُّول المحافظة؛ وذلك تبعًا للتعليماتِ الشَّرعيَّة، وهذا شيءٌ طبيعيٌ؛ بل هو واجبٌ يَفرِضه الدِّين الإسلاميُّ الحنيفُ، لكن هذا لا يَعني إهمالَ حقوقِ الفتاة، أو التقليلَ مِن أهمِّيَّة دَورِها، وبالتَّالي فإنَّه لا بُدَّ مِن إيجاد حُلولٍ جَذْريَّة وفعَّالة ومُنصِفة تُسهم في القضاء على أوقاتِ فَراغ جميع فِئات المجتمع، وتُلبِّي احتياجاتِهم الهادفةَ والبنَّاءةَ، وتَستجيبُ لتطلعاتِهم السَّاميَّة، وهذا ليس بالصَّعب أو المستحيل، إذا ما تَوفَّرت الرَّغبةُ الأكيدةُ، والعزيمةُ القويَّةُ، والنِّيةُ السَّليمةُ والصادقةُ، والأهدافُ النَّبيلةُ والمُخلِصةُ.

 

خامسًا: مكتبات الهَيئات والمُنظَّمات الخَيريَّة:

في كثيرٍ مِنَ الدُّول، وخاصَّةً المُتحضِّرةَ منها يُوجد هَيئاتٌ، أو مُنظَّماتٌ خَيريَّةٌ، يُؤسِّسها فردٌ أو أكثرُ، تُعْنى بالفرد، سواءٌ كان كبيرًا أم صغيرًا، ذَكرًا أم أُنثى، وهذه العِناية بالفرد تختلف باختلاف الاهتماماتِ والأهدافِ العامَّةِ لهذه الهَيئة أو المُنظَّمة الخَيريَّة، ومِنَ الأشياءِ التي تُعنى بها: إنشاءُ مكتباتٍ تُسهم مع المكتبات الأخرى - إنْ وُجِدت - في خِدمة أفراد المجتمع في كُلِّ ما مِن شأنِه رَفْعُ نِسبةِ الوَعيِ عندَهم، وتطويرُ مستواهم الثقافيِّ، وتوثيقُ عُرى العَلاقاتِ الطَّيِّبَة بينَهم، وإشغالُ أوقاتِ فَراغِهم بِما يعود عليهم بالنَّفعِ والفائدة.

 

إنَّ رَفْعَ نِسبة الوعيِ عند أفراد المجتمع لهو هدفٌ نَبيلٌ؛ إذ به يُصانُ المجتمعُ - بتوفيق الله - مِن كلِّ ما قد يُعَرِّضُ كِيانَه أو مُستقبلَه للمَخاطرِ، أو يُنغِّص عليه حَياتَه اليَوميَّةَ؛ فالوعيُ خيرُ سِلاحٍ يَتحصَّن به الفردُ، ويُحصِّن به أُسرتَه ومُجتمعَه.

 

إنَّ لمكتباتِ الهَيئاتِ أو المُنظَّمات الخَيريَّة أهدافًا ساميةً، تَصبُّ في خِدمة المجتمعِ بجميع فِئاته، كِبارِه وصِغارِه، ذُكورِه وإِناثِه، وهذه الخِدمة الخيريَّة إنَّما تأتي نتيجةَ إدراكٍ للدَّورِ الذي تقوم به القراءةُ في حياةِ الأفرادِ بصفةٍ عامَّة، والأطفالِ بصفةٍ خاصَّةٍ، حيثُ بها يرتفع مُستواهم العِلميُّ والثقافيُّ، ويَتحقَّق بهذا التثقيفِ الذاتيِّ النُّموُّ المُتواصِلُ للحصيلةِ المعلوماتيَّة، وبِها تُصقَل المواهبُ والقُدْراتُ؛ مِمَّا يُكسِبُهم - بالتالي - الوعيَ الكافيَ، والإدراكَ القويَّ الَّذي يُمكِّنهم مِنَ التَّمييزِ بين الخَيرِ والشرِّ، وبين الحقِّ والباطل، والصوابِ مِنَ الخطأ، والرَّديءِ مِن الجَيِّد، والضارِّ مِنَ النافعِ؛ وغيرِ ذلك مِن الفوائد التي لا تَنعكِس إيجابيَّاتُها عليهم وعلى أُسَرِهم ومجتمعاتِهم فحسبُ؛ بل على الإنسانيَّةِ جَمعاءَ؛ هذا فَضلاً عمَّا تُحقِّقه القراءةُ مِن شغْلٍ لأوقاتِ الأفرادِ، وخاصَّةً الأطفالَ والشَّبابَ بِما يُفيد ويُمتع.

 

إنَّ أطفالَنا وشبابَنا يُعانون اليومَ مِن نقصٍ كبيرٍ في المراكز الثَّقافيَّة، بما فيها المكتباتُ، هذا إلى جانبِ ضَعفِ الإنتاج الفِكريِّ المُوجَّهِ لهم وَقِلَّتِه، سواءٌ في المَجلاَّتِ أم الكُتب، في وقتٍ هُم في أَمسِّ الحاجة إلى إنتاجٍ يَشْغَل فَراغَهم، ويَستجيبُ لميولهم واهتماماتهم، ويَتناسبُ ومُستوياتِهم التَّعليميَّةَ، وقُدْراتِهم الذِّهنيَّةَ، تقول تغريد محمد القدسي عَنِ احتياجاتِ الطِّفل العَربيِّ: "إنَّه يحتاج إلى التوجيه في عالَم اليومِ الذي نَعيشُه، والَّذي تَطوَّرَت فيه احتياجاتُ الأطفالِ تَطوُّرًا كَبيرًا؛ مما يَجعلُنا في مَأْزِقٍ يَتطلَّب الخُروجُ منه أنْ نُقرِّبَ الأطفالَ مِنَ القِراءةِ ومَصادرِها"[17].

 

هذا النَّوعُ مِنَ المكتباتِ - أي: مكتباتِ الهَيئاتِ والمُنظَّماتِ الخَيريَّة - لا يُوجد منه في المملكة - مع الأسف - حتَّى الآنَ - وَحَسبَ معلوماتي - سِوى مكتبةٍ واحدةٍ في مَدينةِ الرِّياض، وهي مَكتبةُ الطِّفلِ التَّابعةُ لمركز المَلِك فَيْصَل للبحوثِ والدِّراساتِ الإسلاميَّة، وهي مكتبةٌ لا بأسَ بها، ولكنْ خِدْماتُها تَقتصر على الأطفالِ الَّذين تَتَراوحُ أَعمارُهم ما بَينَ 5 - 12 سنةً، كما أنَّها لا تستطيع أنْ تَخدُمَ الجِنسَينِ - أي: الذُّكورَ والإناثَ - في وقتٍ واحد، كما لا يَتوفَّرُ لها فروعٌ، لا في مَدينةِ الرِّياض ولا في غَيرِها مِن مُدنِ المملكة.

 

ما الَّذي يَحتاجُه الأطفالُ مِنَ المَكتبات؟

تُشكِّل الطُّفولةُ هاجسًا لَدَى مُعظمِ المُربِّينَ؛ ولهذا فهي تَحظى في كَثيرٍ من دُول العالَم باهتمامٍ كبيرٍ في مجالاتٍ كثيرةٍ، يأتي ضِمنَ أَولوياتِها الاهتمامُ بالخِدْماتِ المَكتبيَّةِ التي تُقدَّم للأطفال، باعتبارها مِنَ الخِدمات الأساسيَّةِ التي يَجِبُ أنْ تُوَفَّرَ لهم، وباعتبارِها أيضًا حقًّا مَشروعًا مِن حُقوقِهم، ولأنَّها مِنَ العواملِ الهامَّة والمُؤثِّرة في تكوينِ جِيلٍ واعٍ، مُسلَّحٍ بالعِلمِ والمعرفة، والثَّقافةِ الواسعةِ، وإذا كانتْ مُؤسَّسات التَّعليم تَقوم بِدَورٍ كبيرٍ في بِناءِ شَخصيةِ الفَردِ، وإعدادِه لممارسةِ دَورِه في الحياة، فإنَّ مكتباتِ الأطفالِ بما تحتوي عليه مِن أَوعيةِ مَعلوماتٍ، وما تُقدِّمه مِن خِدْماتٍ، وما تَقومُ به مِن أَنشطةٍ تُسهِم إِسهامًا فاعلاً في تَحقيقِ أهدافِ التَّعليمِ، والخِدْماتُ المكتبيَّةُ للأطفالِ هي مَظهرٌ حَضاريٌّ، يَدُلُّ على رُقِيِّ الأُمَّة، وارتفاعِ وعي المجتمع، وتَقَدُّمِ مستواه التعليميِّ والثقافيِّ والفِكريِّ، يقول محمد فتحي عبدالهادي: "كُلَّما ارتقى النِّظامُ الاجتماعيُّ والتعليميُّ في جماعةٍ مِنَ الجماعاتِ، وتَطوَّرتِ البيئةُ الثَّقافيَّةُ، والاقتصاديَّةُ، والاجتماعيَّةُ؛ اتَّسعت خِدْماتُ المكتباتِ، وتَنَوَّعتْ، وشَمِلَت كُلَّ أفرادِ المجتمع بما فيهم الأطفال، الَّذين هُم رِجالُ الغَدِ، وعِمادُ المُستقبل"[18].

 

تستطيع مكتباتُ الأطفال أنْ تُحقِّقَ أهدافَها، وأنْ تَنالَ رِضا مجتمعِها إذا قامت بتوفير الآتي:

أوَّلاً: المُقتنيات:

لكي تتمكنَ المكتبةُ - أيُّ مكتبةٍ - مِن تَحقيقِ أهمِّ أهدافِها، وهو تفعيلُ استخدامِ مُقتنياتِها؛ ينبغي عليها أنْ تَبنيَ بشكلٍ جَيَّدٍ، ومُتوازنٍ، ومُتجدِّدٍ - مَجموعاتٍ كافيةً، ومُتنوِّعةً مِن أَوعية المعلوماتِ التي تُلبِّي احتياجاتِ المستفيدِينَ، وعلى رأسِهم الأطفالُ؛ على أنْ يُؤخذَ في الاعتبارِ تَناسُبُ هذه الأوعيةِ مِن اهتماماتِهم ومُيولِهم، ومُستوياتِهم التَّعليميَّةِ، والثَّقافيَّةِ، وقُدْراتِهم الذِّهنيَّةِ، هذه المقتنياتُ يُفترَض أنْ تَشتمِلَ على الكُتب، والدَّورِياتِ، والوسائلِ السَّمعِيَّة والبَصريَّة، والسَّمعِ بَصريَّة، بما في ذلك الأقراصُ المليزرة.

 

أيضًا لا بُدَّ مِن تَرتيبِ أَوعيةِ مَعلوماتِ الأطفالِ وتنظيمِها بطريقةٍ سهلةٍ، واضحةٍ وجَذَّابةٍ؛ بحيثُ تُثيرُ اهتمامَ الأطفالِ، وتُشجِّعُهم على استخدامِها؛ لِيَتمكَّنوا بالتالي مِنَ الاستفادةِ منها، والاستمتاعِ بما فيها مِن مَعلوماتٍ.

 

مِنَ الأُمورِ التي يَنبغي مُراعاتُها في كُتبِ الأطفالِ ومَجلاَّتِهم - وخاصَّةً صِغارَ السِّنِّ -: أنْ تكونَ مُجلَّدَةً، وكِتابتُها واضحةً، ولُغتُها سَهلةً، وأن تَكونَ مَدعومةً بِصُورٍ، يُفضَّل أن تَكونَ مُلوَّنَةً، على أنْ تَكونَ الصُّورُ والأسماءُ مِمَّا هو مألوفٌ ومُتعارَفٌ عليه، كذلكَ يَجبُ مُراعاةُ أنْ تكونَ القِصصُ قَصيرةً؛ ذلكَ أنَّ الطِّفلَ - بطبعه - مَلولٌ، ولا يُحِبُّ الإطالة.

 

يَختلِفُ حجمُ المقتنيات المُخصَّصة للأطفالِ مِن مَكتبةٍ إلى أخرى حَسبَ نَوعِ المكتبة، ونِسبةِ رُوَّادِها مِنَ الأطفالِ؛ فالمكتبةُ المَدرسيَّة - مثلاً - يُفترضُ أنْ تكونَ مُعظمُ أَوعيتِها للأطفال، سواءٌ منها ما يَدعَم المَناهجَ، أو ما يُخصَّص للتَّرويحِ والثَّقافةِ العامَّة؛ بينما يَنبغي أنْ تُشكِّلَ مَجموعةُ أوعيةِ المَعلوماتِ الخاصَّةِ بالأطفال في المكتبة العامَّةِ نِسبةً تتراوحُ ما بَينَ 20 - 30% مِن مجموع المُقتنياتِ، يقول حسن محمد عبدالشافي: "لا تُوجدُ مَعاييرُ عَددِيَّةٌ للمكتباتِ العربيَّةِ، وأَقترِحُ أنْ تكونَ النِّسبةُ المِئويةُ لعدد كُتبِ الأطفال بالمكتبات العامَّة 30% مِن جُملةِ عدد الكتب في المكتبة"[19]، وتُشيرُ نعمات مصطفى إلى أنَّ مكتباتِ الأطفالِ تَحرِص على تخصيص نِسبةٍ تصل إلى 20% مِن مِيزانِيَّةِ الاقتناءِ لِتَنمِيةِ مجموعةِ ثقافةِ الطِّفل كي تَبقى حَيَّةً مُتجدِّدةً، مُشيرةً إلى أنَّ مجموعةَ ثقافةِ الأطفالِ في مَكتباتِ إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية تَتجدَّدُ سَنويًّا بإضافةِ عددٍ مِنَ الكُتبِ يَصل إلى 500 عنوان سنويًّا"[20].

 

إنَّ أَيَّ مَكتبةٍ لن تَستطيعَ تَحقيقَ أَهمِّ أهدافِها، وهو كَسْبُ رِضا المُستفيدِينَ، وتَفعيلُ استخدامِ مُقتنياتِها - إلاَّ إذا كانت هذه المُقتنياتُ قَويَّةً كمًّا ونَوعًا؛ بحيثُ تَتمَيَّزُ بالجودةِ والتَّنوُّعِ والشُّمولِ، وتكونَ قادرةً على تَلبِيةِ احتياجاتِ الرُّوَّادِ الثَّقافيَّةِ، والتَّعليميَّةِ، والتَّربويَّةِ، على أنَّه يُمكِن التَّعرُّفُ على اهتماماتِ المُستفيدِينَ، ومُيولِهم عن طريق تَوزيعِ استبانات عليهم بَينَ الحِينِ والآخَرِ للاستئناسِ بآرائِهم، أو عن طريق سِجلاَّتِ الإعارةِ؛ حيثُ يُمكِنُ بواسطتها التَّعرُّفُ على المَوضوعاتِ الَّتي يَميلونَ إليها، ويُفَضِّلون قِراءتَها.

 

ثانيًا: الخِدْمات والأَنشِطَة:

مِنَ المعاييرِ الَّتي يُقاسُ بها نجاحُ المكتبات: نَوعُ الخِدْماتِ الَّتي تُقدِّمُها، وحَجمُها، والأنشطةُ الَّتي تقوم بها؛ فَكُلَّما تَعدَّدتِ الخِدْمات، وتَنوَّعتِ الأنشطةُ، وتَمَّ تَجديدُها، وتَفعيلُ دَورِها لِيَستجيبَ لاحتياجاتِ المجتمع الَّذي تَخدُمُه واهتماماتِه - كُلَّما كان ذلكَ أدعى إلى زِيادةِ الرَّوابطِ، وتَقويةِ الصِّلاتِ، ويُشكِّلُ الأطفالُ شريحةً كبيرةً مِنَ المجتمع، وبالتَّالي فلا بُدَّ مِن تَلبِيةِ احتياجاتِهم؛ أخذًا بعَينِ الاعتبارِ الفُروقَ الفَردِيَّةَ بَينَهم، وكذا اختلاف الاهتماماتِ والمُيولِ، وتَفاوُت القُدْراتِ الذِّهنيَّة، والمُستويات التَّحصيليَّة.

 

تُعتَبر المكتباتُ العامَّةُ والمَدرسيَّةُ أكثرَ أنواعِ المكتباتِ اهتمامًا بالأطفال، وهذا الدَّورُ لا يأتي مِن واقعِ الأهدافِ التي تَسعى إليها، أو المَهامِّ المَنُوطَةِ بها فَحسبُ؛ بل أيضًا لأنَّها المكتباتُ التي تَفتَحُ أَبوابَها له مُنذُ سَنواتِه الأُولى، وإذا كانتِ المكتباتُ المدرسيَّةُ تختلف عَنِ المكتبات العامَّةِ بالأهداف، حيثُ تُولِي اهتمامًا خاصًّا للوفاءِ بِمُتطلَّباتِ العَمليةِ التَّعليميَّة والتَّربويَّة للطُّلاَّب والطَّالباتِ واحتياجاتها؛ فإنَّ هذا لا يَعني إغفالَ الاهتماماتِ والاحتياجاتِ الفَرديةِ الأُخرى المُختَلِفَةِ لهم، ويأتي على رَأسِ أَولوياتِها اختلافُ المُيولِ القِرائيَّةِ، وهو ما تُركِّزُ عليه المكتبةُ العامَّةُ نَفسُها، وتُعطِيه كثيرًا مِنَ الأَولَوِيةِ والاهتمامِ، مِمَّا يُؤكِّدُ صِفةَ التَّكامُلِ، والتَّلاحُم بينَهما؛ وهو ما يَستوجِبُ التَّنسيقَ والتَّعاوُنَ في كثيرٍ مِنَ الخِدْمات والأنشطةِ المُوجَّهةِ للأطفال في كُلِّ ما يعودُ عليهم بالنَّفع والفائدة، ويُسهم في تَنشئتِهم تَنشِئةً سَليمةً تَدعَمُ تَكوينَهم العِلميَّ، والثَّقافيَّ، والتَّربويَّ.

 

هناكَ تَنوُّعٌ في أنماطِ الخِدْمات والأنشطةِ التي تُقدِّمُها المكتباتُ للأطفال وأشكالِها، ويُمكِن تَناوُلُ ذلك فيما يلي:

1 - الخِدْمات:

تَشملُ الخِدْماتُ الَّتي تُقدِّمُها المكتباتُ للأطفال المجالاتِ التَّاليةَ:

أ - تَأمينَ المُقتنياتِ التي تَتَناسبُ ومُستوياتِهم التَّعليميَّةَ، وقُدْراتِهم الذّهنيَّةَ، وتَتَّفِقُ مع مُيولِهم واهتماماتِهم، هذا مع عدمِ إغفالِ ما يَدعَم المناهجَ الدِّراسيَّةَ، ويَخدُم أبعادَها المُختلفةَ؛ ومنها: تَحويلُ التَّعليمِ مِنَ الطُّرُق التَّقليديَّةِ المُعتمِدَةِ على التَّلقينِ والحِفظِ إلى الطُّرُقِ الحديثةِ التي تدور حَولَ الفَهمِ، والنَّقدِ، والتَّحليل، ولأنَّ أَوعيةِ المعلومات في المَكتبةِ يَجبُ أنْ تَنموَ وتَتجدَّدَ؛ فإنَّه يُمكِن لِقِسمِ التَّزويدِ الاستئناسُ بآراءِ المُستفيدِينِ ومُقترحاتِهم أَو ذَوِيهم، هذا إلى جانبِ الرُّجوعِ إلى السِّجلاَّتِ الإحصائيَّةِ للإعارةِ الخَارجيَّةِ؛ مِن أَجْلِ التَّعرُّفِ على الميولِ القِرائيَّة للرُّوَّاد، وبالتَّالي العَمل على اختيارِ المُقتنياتِ الَّتي تُشبِعُ رَغباتِهم، وتُلبِّي اهتماماتِهم وَتُؤمِّنُها.

 

ب - تَدريبَ الأطفال على كَيفِيَّةِ العُثور على أوعيةِ المعلوماتِ، وعلى طُرُقِ الاستخدامِ السَّليمِ لهذه الأَوعيةِ، واستخراجِ المعلوماتِ منها، وتَنميةِ قُدْراتِهم البَحثِيَّةِ، وإِكسابِهم القُدْراتِ الذَّاتيَّةَ للاعتمادِ - بَعدَ الله تعالى - على أنفسِهم؛ مِثلُ هذه الخِدْماتِ تَفرِضُ على مكتباتِ الأطفالِ - وخاصَّةً العامَّةَ والمَدرسيَّةَ - إيجادَ مُوظَّفِينَ مُؤَهَّلِينَ، قادِرينَ على التَّعامُلِ مع الأطفالِ بِأَساليبَ مُميَّزةٍ، مُهذَّبةٍ، وخَلاَّقةٍ، وذات مَردودٍ سريعٍ، فعَّالٍ وإيجابيٍّ.

 

مِن هُنا؛ أوصتِ الدِّراساتُ التي أُجرِيَتْ حَولَ الخِدمةِ المَكتبيَّةِ للأطفالِ بألاَّ يَقومَ بخدمتِهم إلاَّ مَن تَتوفَّرُ لديه مُؤهِّلاتٌ دِراسيَّةٌ مُتخصِّصةٌ في مجالاتِ أَدبِ الأطفال، وعِلمِ نَفْسِ الطِّفلِ، وطُرُقِ التَّدريسِ، وتَوفَّرتْ له إمكاناتُ التَّدريبِ المِهنِيِّ الكافي في مجالِ الخِدمةِ المَكتبيَّةِ[21].

 

إنَّ تَعليمَ المَهاراتِ - أو مَا يُسمَّى بالتَّربيةِ المَكتبيَّةِ للأطفالِ - لَمِنَ الأهمِّيَّةِ بمكانٍ؛ لِمَا لها مِن فوائدَ كثيرةٍ، وهي أمانةٌ لا تقع مَسؤوليتُها على مُوظَّفِي المكتباتِ المَدرسيَّةِ فَحسبُ؛ بل وعلى مُوظَّفِي مَكتباتِ الأطفالِ في المكتباتِ العامَّة، ذلكَ أنَّ غَرْسَ الثِّقةِ بالنَّفسِ يُبعِدُ الأطفالَ عَنِ الاتَّكاليَّةِ، ويجعلُهم أكثرَ اعتمادًا على خِدمةِ أَنفسِهم بِأَنفسِهم؛ فَالمَثَلُ يقول: "إذا أَعطيتَ شخصًا سَمكةً، فإنَّه سَيجِدُ قُوتَ يَومِه، أمَّا إذا عَلَّمْتَه صَيدَ السَّمكِ، فإنَّه سَيجِدُ غِذاءَه طَوَالَ حَياتِه".

 

ج - الإعارةَ الخارجيَّةَ: مكتباتُ الأطفالِ مِثلُ مَكتباتِ الكِبارِ، يَنبغي أنْ تَتوفَّرَ فيها مُقتنياتٌ يُمكِنُ الوُصولُ إليها، والاستفادةُ مِنها؛ سواءٌ عن طريقِ القِراءةِ دَاخلَ المَكتبةِ، أم خارجَها، لِمَا يُمكِن استعارتُه.

 

ولأنَّ الأطفالَ لا يَمكُثونَ عادةً في المكتباتِ وَقتًا طويلاً؛ فإنَّه لَمِنَ المُهمِّ جِدًّا تَعويدُهم على القِراءةِ الخارجيَّةِ، والاستفادةِ مِن أوقاتِ فَراغِهم عَن طريقِ استعارةِ أَوعيةِ المَعلوماتِ الَّتي تُناسِبُ مُيولَهم واهتماماتِهم، وتَتَّفِقُ ومُستوياتِهم الثَّقافيَّةَ والتَّعليميَّةَ، على أنَّه لا يَنبغي أنْ تَقتصرَ الإعارةُ على الكُتبِ فقط؛ بل يَجبُ أنْ تَشملَ وسائلَ اللَّعِبِ التَّعليميَّةَ؛ لِمَا تُحقِّقُه مَجموعةُ اللَّعِبِ التَّعليميَّةُ مِن تَأثيرٍ إِيجابيٍّ وقويٍّ في تَنميةِ الحَصيلةِ المعلوماتيَّةِ، وتَقويةِ القُدْرات الذِّهنيَّة.

 

إنَّ تَشجيعَ الأطفالِ على استعارةِ أَوعيةِ المعلوماتِ مِنَ المكتباتِ ضَروريٌّ؛ ومِن أَجلِ هذا يَجبُ أنْ تَكونَ إِجراءاتُ الإعارةِ سَهلةً، ومُيسَّرةً، وألاَّ تُطَبَّقَ أنظِمةُ العُقوباتِ التي تُطبَّقُ على الكِبارِ - عادةً - على الصِّغار؛ فالحِرمانُ، أو دَفعُ غَرامةِ التَّأخيرِ قَد تَجعلُ الأطفالَ يَنفِرونَ مِنَ المَكتبةِ، أو يحجمونَ عَنِ الاستعارةِ، هذا لا يَعني التَّساهُلَ المُطلَقَ، أَوِ المُفرِطَ مَعهم في مُخالفةِ التَّعليماتِ وأَنظمةِ المَكتبةِ؛ ولكنْ يُمكِن للمكتبة أنْ تَقومَ بِتَرسيخ مَفهومِ التَّربيةِ المكتبيَّةِ في أذهانِ الصِّغارِ؛ كالهُدوءِ، والتَّعاوُنِ، واحترامِ مَشاعرِ الآخَرينَ وحُقوقِهم، والمحافظةِ على أَوعيةِ المعلوماتِ، والحِرصِ على سلامتِها، سواءٌ داخلَ المَكتبةِ أم خارجَها، هذا إلى جانبِ احترامِ القَوانينِ والأنظمةِ، والتَّقيُّدِ بالتعليماتِ، بِما فيها أَنظمةُ الإعارةِ الخارجيَّة.

 

د - الخِدمةَ المَرجعيَّةَ: تُعتَبرُ هذه الخِدمةُ مِنَ الخِدماتِ الأساسيَّةِ في جميع أنواعِ المكتبات؛ لِمَا لها من أَهمِّيَّةٍ بالغةٍ في الإجابةِ على استفساراتِ المُستفيدِينَ وأسئلتِهم عن حقائقَ ومعلوماتٍ مُعَيَّنةٍ، أوِ الإرشادِ إلى مَصادرَ تَتوفَّرُ فيها الإجاباتُ المطلوبةُ؛ لكنَّها بالنسبةِ للأطفالِ تَهدفُ إلى إرشادِهم، وتَدريبِهم على استخراجِ المعلوماتِ مِن مصادرِها، وبالتَّالي تَغرِسُ فيهم عَادةَ البَحثِ والاطِّلاعِ، والاعتماد - بعد الله - على النَّفسِ في استخراجِ المعلوماتِ، هذا إلى جانبِ تنميةِ المهاراتِ القِرائيَّةِ، وشَحذِ القُدْرات الذاتيَّةِ على تحديدِ مصادرِ المعلوماتِ المطلوبةِ للإجابةِ عن أَيَّةِ تَساؤلاتٍ قد تَعِنُّ لهم، أو مُشكلاتٍ تُواجهُهم، إنَّ الخِدمةَ المَرجِعيَّةَ هي في الحَقيقةِ خِدمةٌ فَنيَّةٌ مُتخصِّصةٌ، ذاتُ أَهمِّيَّةٍ عظيمةٍ، وفائدةٍ كبيرةٍ للمُستفيدِينَ؛ مِن هنا يَجبُ أَنْ تُوكَلَ مَهمَّةُ الخِدْمات المَرجعيَّة - وخاصَّةً في مكتباتِ الأطفالِ - إلى عَناصرَ مُؤهَّلةٍ تَأهيلاً فنيًّا، ونفسيًّا، وتربويًّا؛ ذلك أنَّ نجاحَ المكتبةِ يَتوقَّفُ أيضًا على قُدْراتِ العامِلينَ فيها، ومَهاراتِهم، وكَفاءاتِهم.

 

ولكي تُؤتيَ هذه الخِدمةُ ثِمارَها؛ فإنَّه لا بدَّ مِن بناءِ مَجموعاتٍ كافيةٍ، ومُتوازنةٍ مِنَ المَراجعِ، مع تَنميتِها وتَحديثِها بِشكلٍ مُنتَظمٍ ومُستَمرٍّ؛ لِتُواكبَ المُستجدَّاتِ، وتَستجيبَ للتَّطلُّعاتِ والاحتياجاتِ.

 

2 - الأنشطة:

الأنشطةُ التي تَقومُ بها مكتباتُ الأطفال هي في حقيقةِ الأَمرِ نَوع مِنَ الخِدْماتِ التَّكميليَّةِ؛ لكنَّها مُفيدةٌ وضَروريَّةٌ؛ لأنَّ تَوفيرَها للأطفالِ يُعمِّقُ الرَّوابطَ، ويُوثِّقُ الصِّلاتِ، ليس بَينَهم وبَينَ المكتبةِ فَحسبُ؛ بل وبَينَ العاملين فيها؛ مِمَّا يُوسِّعُ دائرةَ الاستفادةِ الحَقَّةِ والمَنشودةِ مِن خِدْماتِ المكتبة وأَنشطتِها، ومِنَ الأنشطةِ المُناسبةِ، والتي يَحتاجُ إليها الأطفالُ ما يلي:

 

أ - ساعةُ القِصَّة:

يُقصد بساعةِ القِصَّة الحكاياتُ القَصصيَّةُ، وخاصَّةً الشعبيَّةَ منها، والتي تُحكَى للأطفال خِلالَ ساعةٍ مُعيَّنةٍ يُحدِّدُها المسؤولونَ في مكتباتِ الأطفال، وهذه السَّاعةُ قد تُنفَّذُ يوميًّا، أو أُسبوعيًّا، وذلك حَسبَ الحاجةِ والإمكاناتِ، وظروفِ المكتبة.

 

تُعتَبرُ ساعةُ القِصَّة مِن أَكثرِ الوسائلِ فَاعليَّةً في إثارةِ حُبِّ الأطفالِ للكُتبِ والمكتباتِ والقراءةِ؛ ذلكَ أنَّ الطِّفلَ مُستمِعٌ جَيِّدٌ، ويَستمتِعُ ويَتفاعلُ مع القِصَّة وأحداثِها، خاصَّةً إذا كان الحاكي يُجيدُ فَنَّ الإلقاءِ، ويُتقِنُ تَلوينَ الأَصواتِ، وتَقمُّصَ شَخصياتِ القِصَّة؛ بحيثُ تُحكَى القِصَّةُ بأُسلوبٍ يُحبُّه الأطفالُ، ويجعلُهم يَنسجِمونَ معه، ويَتفاعلونَ مع مُجرياتِ أحداثِها؛ لهذا يجب أنْ يَتِمَّ اختيارُ القاصِّ، وكذا القِصص التي تُحكَى للأطفالِ بعِنايةٍ فائقةٍ؛ بحيثُ لا تَكونُ القِصصُ مُسلِيَّةً فقط، بل ومُفيدة، وتَتوفَّرُ فيها عَناصرُ الوُضوحِ، والتَّشويقِ، والجدة، وأنْ تَتلاءمَ وقُدْراتِ الأطفالِ الذِّهنيَّةَ، ومستوياتِهم التَّعليميَّةَ، وأنْ تكونَ ذاتَ هَدفٍ بَنَّاءٍ، وقد ثَبتَ أنَّ الأطفالَ يُقبِلونَ على قِراءةِ القِصصِ التي سَبقَ أن سَمِعوها، أو شاهدوها مُمَسرحَةً أَمامَ أَنظارِهم؛ كما أنَّها تَبقَى - في الغالب - عالِقةً في أَذهانِهم لِفَترةٍ طويلةٍ مِن حَياتِهم؛ مِمَّا يُؤكِّدُ على اكتسابِهم لمهاراتِ الإنصاتِ، وقوةِ الذَّاكِرَةِ، وهو ما يَعني أهمِّيَّةَ اختيارِ القِصصِ التي تُثري حَصيلةَ الأطفال بِمعلوماتٍ أَكثرَ عُمقًا، ونَفعًا، مع إكسابِهم الأخلاقَ الفاضلةَ، والعاداتِ الحَسنةَ التي يكونُ لها تأثيرٌ إيجابيٌّ على مُستقبلِهم العلميِّ، والثَّقافيِّ، والاجتماعيِّ[22].

 

مع الأسفِ الشَّديدِ، فإنَّ مُعظمَ القَصَصِ المُوجَّهِ للأطفالِ في العالَم العربيِّ - على قِلِّته - لا يَرقَى إلى المستوى المنشودِ، ولا يَفي بالمُتطلَّباتِ، أو يُلبِّي الاحتياجاتِ؛ ذلكَ أنَّ أكثرَه مُقتبَسٌ مِن قَصصٍ أجنبيٍّ، وخاصَّةً الغربيَّ؛ بل إنَّ بعضَه مُترجَمٌ حَرفيًّا بما في ذلكَ أسماءُ الأشخاصِ، والأماكن، وأسماء الحيوانات؛ مِمَّا يجعلُها بالتَّالي لا تُناسِبُ أطفالَنا، خاصَّةً وأنَّ فيها ما يَتناقَضُ وَعاداتِنا وتَقاليدَنا، بل أحيانًا مع عَقيدتِنا؛ ناهيكَ عن أنَّ الأسماءَ غَيرُ مألوفةٍ؛ سواءٌ أسماءُ الأشخاصِ، أو الحيواناتِ، أو الأماكنِ؛ مِمَّا يُنَفِّرُ الطِّفلَ منها، ويجعلُه لا يَستسيغ ُسَماعَها؛ وبالتالي تُصبِحُ عَديمةَ الجَدوَى.

 

تقول هيفاء شرايحة - وهي تَستعرِضُ الإنتاجَ الفِكريَّ المطبوعَ للأطفالِ في العالَم العربيِّ -: "نجد أنَّ أغلبَ الكتب لا تَتناسَبُ والهدفَ الَّذي وُضِعَت مِن أجلِه لِتَنميةِ قُدْرات الأطفال، ومَلكاتِهم الفِكريَّةِ؛ كما أنَّ التَّرجمةَ تُشكِّلُ عُنصرًا هامًّا في نَشرِ كُتبِ الأطفال، وخاصَّةً مِنَ اللُّغةِ الإنجليزية إلى اللُّغةِ العربيَّة"[23]، وفي موضعٍ آخرَ تقول: "إنَّ أدبَ الأطفال باللُّغةِ العربيَّةِ كُتِبَ دونَ دِراسةٍ أو تخطيطٍ لأَعمارِ الأطفال، ونُموِّهم، ونَفسياتِهم؛ أو حتَّى مراعاة للناحيةِ الفِكريَّةِ والذِّهنيَّةِ عندَهم، أو اهتمامٍ بقاموسِهمُ اللُّغويِّ"[24]، ومع أنَّ هيفاء شرايحة تتحدث عن معلوماتٍ مضى عليها أكثرُ مِن ثلاثين عامًا؛ إلاَّ أنَّ واقعَ الحالِ بالنِّسبةِ لِكُتبِ الأطفال العَربِ ما زال يَحبو عاجزًا عن إنصافِهم، وتحقيقِ تَطلُّعاتِهم واحتياجاتِهم؛ فالمكتبةُ العربيَّةُ تُعاني مِن نَقصٍ كبيرٍ في أوعيةِ المعلوماتِ المُخصَّصةِ للأطفال، ويأتي في أَولوياتِ هذا النَّقصِ الكُتبُ والمَجلاَّتُ الجَيِّدةُ والمُفيدةُ؛ مِمَّا يَضطرُها لِتَلقُّفِ أيِّ إنتاجٍ، حتَّى وإنْ كان هزيلاً، وهذا له انعكاساتٌ سَلبِيَّةٌ؛ إذ يُحَوِّلُ مكتباتِ الأطفالِ إلى مُستودَعٍ لإنتاجٍ رديءٍ، قد يَضُرُّ أكثرَ مِمَّا يَنفعُ.

 

مِن هنا؛ فإنَّه مِن واجبِ الدُّولِ العربيَّةِ، مُمثَّلَةً بالمؤسَّساتِ التي تُعنى بالطِّفل تربيةً، وتعليمًا، وتثقيفًا؛ وأعني بها مُؤسَّساتِ التَّعليمِ، وكذا مكتباتِ الأطفالِ المُختلفةَ، وخاصَّةً العامَّةَ والمدرسيَّةَ - أن تَدعوَ وتُشجِّعَ بِكُلِّ قُوَّةٍ وحماسٍ الكُتَّابَ العربَ المُوثوقَ بِقُدْراتِهم، وأمانتِهم، وإخلاصِهم لدِّينِهم وأُمَّتِهم، على الكتابةِ للأطفالِ في موضوعاتٍ مُفيدةٍ، اجتماعيًّا، وثقافيًّا، ورُوحيًّا، وتربويًّا، وتعليميًّا؛ بحيثُ تكونُ الموضوعاتُ مِنَ البيئةِ العربيَّةِ شكلاً ومضمونًا ولُغةً، وأنْ تَكونَ الإصداراتُ مُستمِرَّةً، سواءٌ على شكل كُتبٍ، أم مَجلاَّتٍ مُصوَّرةٍ ومُيسَّرةٍ.

 

ب - المُسابقات:

تُعتَبرُ المُسابقاتُ مِن أهمِّ الوسائلِ الفعَّالةِ في إنماءِ ثَقافةِ الأطفال، وإثراءِ حَصيلتِهم المَعلوماتيَّةِ، وإبرازِ مُيولِهم، واهتماماتِهم، وكَشفِ مَواهبِهم، وقُدْراتِهم.

 

تَتَّخِذُ المسابقاتُ أشكالاً مُتعدِّدةً؛ منها على سبيل المِثالِ لا الحَصر:

• مسابقةُ القِراءة.

• مسابقةُ الكِتابةِ والتَّلخيص.

• مسابقةُ النَّقد.

• مسابقةُ الإلْقاء.

 

يُنظر إلى المسابقاتِ باعتبارِها وسائلَ مُجدِيةً، تُمكِّنُ الطِّفلَ مِن زِيادةِ مَعلوماتِه، وإثراءِ ثَقافتِه؛ إلى جانبِ غَرْسِ عادةِ القِراءةِ والاطِّلاعِ؛ ناهيكَ عن إثارةِ رُوحِ التَّنافُسِ الشَّريفِ بينَ الأطفالِ، وقد ثبتَ أنَّ هذا التنافسَ الهادِفَ والبنَّاءَ يُسهِم في نُموِّ الطِّفلِ مِنَ الجوانب النَّفسيَّةِ، والتَّربويَّةِ، واللُّغويَّةِ، والاجتماعيَّةِ[25].

 

ج - إقامةُ المَسرحياتِ، والمُحاضراتِ، والنَّدواتِ:

يُمكن القولُ: إنَّ القِصصَ التي يُمكِن اختيارُها، وتمثيلُها على خَشبةِ المَسرحِ عَبرَ مجموعةٍ مِنَ الأطفالِ والشَّبابِ، يَتولَّى كُلُّ واحدٍ منهم القِيامَ بِدَورٍ مُعيَّنٍ فيها - له فوائدُ عديدةٌ؛ فإلى جانبِ ما يُحقِّقه مِثلُ هذا النَّشاطِ مِن تَرفيهٍ، وتَسلِيَةٍ بَريئةٍ، فإنَّه يُعالج مَشاكلَ وقضايا اجتماعيَّةً، ويُثري الحصيلةَ الثقافيَّةَ للأطفالِ والشَّبابِ، ويُكسبُهم مَهاراتٍ وخِبراتٍ هُم بحاجةٍ إليها، وذلكَ عَبرَ تعويدِهم على التَّعاونِ، والعَملِ بِرُوحِ الفَريقِ، ويُنمِّي قُدْراتِهم على الإلقاءِ الجَيِّدِ، والتَّعبيرِ المُؤثِّر؛ وهذا فيه صقْلٌ لِمَواهبِهم الأساسيَّةِ، مِمَّا يُعزِّزُ ثِقتَهم بأنفسِهم، وبِقُدْراتِهم الذَّاتيَّةِ، ويُخلِّصُهم مِنَ الخَجلِ.

 

أيضًا، فإنَّ المحاضراتِ، والندواتِ التي تُقيمُها مكتباتُ الأطفالِ والشَّباب تُحقِّقُ لهم فوائدَ جَمَّةً، خاصَّةً إذا أُحسِن اختيارُ موضوعاتِها، واختيارُ المشاركِينَ فيها؛ فهي تُسهِمُ في تَنميةِ معارفِهم، وتُحيطُهم بموضوعاتٍ نافعةٍ وقَيِّمةٍ، تُفيدُهم، وتُفيدُ مجتمعَهم في الحاضرِ والمُستقبلِ، كما تُسهِمُ في تَدريبِهم على الأساليبِ المُثلَى للحوارِ السَّليمِ، والمُناقشَةِ الهادفةِ، وكيفيةِ إبداءِ الآراءِ، وطَرحِ الأسئلةِ، والتَّعبيِر بوضوحٍ وجلاءٍ عَنِ الأفكارِ.

 

3 - المعارض:

مِنَ الأنشطةِ الهادفةِ لمكتباتِ الأطفالِ: إقامةُ المعارضِ المُختلفةِ؛ سواءٌ كانت معارضَ لِكُتبِ الأطفالِ، أم للبرامجِ والحاسباتِ الآليةِ، أم لإنتاجِ الأطفال مِن بُحوثٍ، أو مقالاتٍ، أو رُسوماتٍ، أو أَشغالٍ يَدويَّةٍ أُخرى، على أنْ يَشتركَ في هذه المعارضِ بَعضُ المُؤلِّفينَ المُهتمِّينَ بالكتابةِ للأطفال، وكذا دُورُ النَّشرِ التي لها نشاطٌ في مجال النَّشرِ الخاصِّ بالأطفال؛ ولا شَكَّ أنَّ مِثلَ هذه المعارضِ تُعتَبرُ فُرصةً ثَمينةً وقَيِّمةً للمكتبة كي تُبرزَ نشاطَها، وإسهاماتِها في مجال خِدمةِ الأطفال، إلى جانب وَضعِ بعض المُلصقاتِ التي تَحُثُّ على القراءةِ وتُبَيِّنُ أهمِّيَّتَها وفوائدَها في إثراءِ الحصيلة المعلوماتيَّةِ، ورَفْعِ المستوى العلميِّ والثَّقافيِّ، وتأثيرَ ذلك على حياةِ الفَردِ والمجتمع في الحاضرِ والمستقبلِ.

 

احتياجاتُ مكتباتِ الأطفال والشَّباب:

لكي تتمكَّنَ مكتباتُ الأطفالِ والشَّباب مِن أداءِ رِسالتِها، وتحقيقِ أهدافِها على الوجهِ المَطلوبِ؛ فإنَّه لا بُدَّ مِن تَوفُّرِ عَناصرَ ثلاثةٍ، هي:

أوَّلاً: المبنى والتَّجهيزات:

1 - المبنى:

ينبغي أنْ يتمَّ اختيارُ مبنى المكتبةِ ليكونَ في موقعٍ مُناسبٍ يُمكِن رؤيتُه، ويَسْهل الوصولُ إليه دونَ مَشقَّةٍ تُذكَر، كما أنَّ حجمَ المبنى يَستوجِبُ أوَّلاً دِراسةَ المجتمعِ نفسِه، فالتَّعرُّفَ على عددِ السُّكَّان، ونِسبةِ الأطفالِ والشَّباب، ومُعدَّلِ المواليد، وعددِ المكتباتِ القائمةِ - إنْ وُجِدت - وإمكاناتِها، وقدراتِها الاستيعابيَّةِ - كلُّ ذلك يَتطلَّبُ دِراسةً وافيةً وشاملةً؛ فإذا كان في المجتمعِ أكثرُ مِن مَكتبةٍ لخِدمةِ الأطفالِ والشَّبابِ، فهذا وَضعٌ، فإنْ لم يكن به سوى مكتبةٍ واحدةٍ، أو لا يوجد أصلاً مكتبة، فإنَّ هذا وضعٌ آخَرُ.

 

أيُّ دراسةٍ لإنشاءِ مكتبةٍ للأطفالِ والشَّباب تحتاج إلى دِراسةِ الواقعِ نفسِه، وتَقديرِ الاحتياجاتِ الأساسيَّةِ، سواءٌ في حَجمِ المبنى أم في موقعِه؛ أَخْذًا بِعَينِ الاعتبارِ إمكانيةَ التَّوسُّعِ المُستقبليِّ للمبنى والتَّجهيزات، والمُوظَّفِين، والرُّوَّاد.

 

إنَّ المكتبةَ تَضُمُّ أوعيةَ معلوماتٍ تَنمو، وتَزدادُ بشكلٍ مُنتظِمٍ؛ إلى جانب تَقديمِ خِدْماتٍ مُتنوِّعةٍ، وتوفيرِ أنشطةٍ مُختلفةٍ؛ وبالتَّالي فلا بدَّ مِن أَخذِ هذه الاحتياجاتِ الحاضرةِ والمستقبليَّةِ بالاعتبارِ.

 

لا ينبغي أنْ يكونَ تخطيطُ مكتباتِ الأطفالِ والشَّباب ارتجاليًّا، أو عشوائيًّا؛ بل لا بُدَّ مِن إسنادِ مَهمَّة تخطيطِ المبنى إلى مُهندسٍ مِعماريٍّ أو أكثرَ، ويُفضَّل أنْ يكونَ المهندسُ مِن أصحابِ الخِبرة في تصميم مباني المكتبات، على أنَّه لا بُدَّ أيضًا مِنَ التَّشاوُرِ المستمرِّ مع أمينِ المكتبة؛ ذلك أنَّ المكتبيَّ أدَرَى مِنَ المهندسِ بالاحتياجاتِ، وبالتَّوزيع المناسبِ لمواقعِ أَوعيةِ المعلومات، والخِدْمات، والأنشطةِ داخلَ المبنى، أمَّا مِساحةُ المبنى، فَتحكُمه مجموعةٌ مِنَ الضوابطِ؛ منها: عددُ المكتباتِ القائمةِ، وحجمُ السُّكَّانِ، وعددُ الأطفال في المجتمع، ونِسبةُ الرُّوَّادِ المتوقعِ استفادتُهم مِنَ المكتبة؛ عِلمًا بأنَّ مساحةَ مبنى مكتبة الأطفال طِبقًا للمعايير الدَّوليَّةِ تَتراوحُ ما بين 1672 - 1858 مِترًا مربَّعًا[26].

 

هناكَ ناحيةٌ فَنيَّةٌ لها أهمِّيَّةٌ قُصوَى، ألاَ وهي التصميمُ؛ إذ لا بُدَّ مِنَ الحِرص على التصميم الجميلِ للمبنى، واختيارِ الألوانِ المُناسبةِ، المُريحةِ وغيرِ المُنفِّرةِ؛ فالنَّفسُ تُحبُّ الجمال، وتَهوَى الأشكالَ الَّتي تَتوفَّرُ فيها لَمساتٌ فَنِيَّةٌ جَميلةٌ، كما تستريح لِرُؤيةِ الألوانِ الهادئة، وهذا يُحتِّمُ أخذَ هذه الأشياءِ بعَينِ الاعتبارِ عِندَ التَّنفيذِ.

 

مِنَ الأُمورِ التي يَجبُ الاهتمامُ بها في تَصميمِ مباني المكتباتِ: تَوفيرُ وسائلَ للسَّلامةِ؛ فلا بُدَّ مِن وجودِ وسائلِ إِطفاءٍ حَديثةٍ، ومخارجَ للطوارئِ، وأجهزةِ إنذارٍ، ومصابيحَ تُضيءُ تلقائيًّا عِندَ انقطاعِ التَّيَّارِ الكَهربائيِّ؛ لِتُساعدَ الرُّوَّادَ والموظَّفِينَ على مُغادرةِ المبنى عَبرَ المخارجِ المُخصَّصة لهذا الغرض.

 

2 - التَّجهيزات:

تَزويدُ مَكتبةِ الأطفالِ والشَّباب بالأثاثِ والأَجهزَةِ اللاَّزمةِ يَتطلَّبُ تَوفيرَ أَثاثٍ مُناسبٍ، ومُلائمٍ للمُستفيدِينَ، سواءٌ مِنَ الرُّوَّادِ، أم الموظَّفِينَ العاملين في المكتبة؛ بحيثُ يكونُ الأثاثُ مِنَ النَّوعِ الجَيِّدِ والمتين، وفيه تَناسُقٌ في الألوانِ مِمَّا تَقبلُه العين، وتَستريحُ له النَّفْس؛ فلا يَنبغي أنْ تكونَ الأرفف عاليةً، ولا المناضِدُ مُوحَّدةَ الشَّكلِ والحَجمِ، كما يجب أنْ تَكونَ المناضِدُ والكراسي مُناسبةً لأحجامِ القُرَّاءِ، أيضًا ينبغي تأمينُ الأثاثِ، والأجهزةِ، والأدواتِ المَكتبيَّةِ التي يحتاجُها الموظَّفونَ، لِيتَمكَّنوا مِن خِدمةِ الرُّوَّادِ على الوجهِ الأكملِ، وبالسُّرعَةِ المطلوبة.

 

3 - الموظَّفون:

يُعتَبرُ العُنصرُ البَشريُّ في المكتبةِ مِن أهمِّ العناصرِ المُؤثِّرَة والفاعلةِ في نجاحِ المكتبةِ أو فَشلِها، نعمْ، إنَّ نجاحَ مكتبةِ الأطفالِ أو فَشلَها إنَّما يَتوقَّفُ بالدَّرجةِ الأُولى على كفاءةِ مُوظَّفِيها، ومَدى قُدرتِهم على تَشغيلِها وإدارتها؛ لهذا لا بُدَّ مِن اختيارِ موظَّفِي مكتبةِ الأطفال بعِنايةٍ فائقةٍ.

 

مِن أهمِّ الصِّفاتِ والشُّروطِ المطلوبِ تَوفُّرُها في المسؤولِ عن مَكتبةِ الأطفالِ ما يلي:

أ - الحُصولُ على مُؤهِّلٍ عالٍ في تَخصُّصِ المكتباتِ والمعلوماتِ، إلى جانبِ مُؤهِّلٍ آخَرَ في التَّربية وعِلمِ نَفْسِ الطِّفل.

ب - الرَّغبةُ والحماسُ في العملِ مع الأطفالِ، والقُدرةُ على التَّأثيرِ عليهم، وكَسبِ وُدِّهم.

ج - المعرفةُ الجَيِّدةُ بِوظائفِ مكتبةِ الأطفال وأهدافها، والعَملُ بكُلِّ جِدٍّ وإخلاصٍ لتحقيقِ ذلك.

د - القدرةُ على تقييمِ أوعيةِ المعلومات الخاصَّة بالأطفال، ومِن ثَمَّ الاختيار، والتَّوصية بما هو صالحٌ منها.

هـ - القدرةُ على التَّخطيطِ للعمل، وتطويرِ الخِدْمات والأنشطة، وتنميةِ المُقتنياتِ بكلِّ جديدٍ ومفيدٍ.

و - الإلمامُ بالأمور الإداريةِ، والفَنيَّة، وإعدادِ التقاريرِ، والإحصائياتِ.

ز - القدرةُ على اتِّخاذِ القَراراتِ، وتَحمُّلِ المسؤوليات.

 

4 - أوعيةُ المعلومات:

تُشكِّلُ أوعيةُ المعلوماتِ التقليديَّةُ وغيرُ التقليديَّةِ في المكتبات حَجرَ الزَّاوية في بِنَاءِ مكتبةٍ مِثاليَّةٍ تَستجيبُ لمتطلَّباتِ الرُّوَّاد، وتُلبِّي احتياجاتِهم؛ باعتبارِها الرَّكيزةَ الأساسيَّةَ للجوانبِ الأخرى مِن الخِدمة المكتبيَّةِ، يقول حسن محمَّد عبدالشَّافي: "إنَّ قدرةَ المكتبة على الوفاءِ باحتياجات المستفيدِينَ تعتمد بالدَّرجةِ الأُولى على جَودةِ وتَنوُّعِ وشُمولِ المجموعات بها؛ أي: كُلَّما كانت المجموعاتُ قويَّةً، وبمعاييرَ كَمِّيَّةٍ ونوعيَّةٍ مناسبةٍ، كانت المكتبة في وضعٍ يُمكِّنها مِن تَلبيةِ احتياجاتِ المستفيدِينَ كافَّةً"[27].

 

مصطلحُ مصادرِ المعلومات يشتمِلُ على أوعيةِ معلوماتٍ تقليديَّةٍ - أي: مطبوعة على ورقٍ - ويأتي في مُقدِّمتِها الكتبُ والدَّورِياتُ، وهذه تُشكِّل - في الغالب - العَمودَ الفِقْرِيَّ في مجموعاتِ المكتبة، باعتبارها مِحورَ الأنشطة والخِدْماتِ المكتبية، وأوعيةً غيرَ تقليديَّة - أي: غير مطبوعة - وتَشملُ الموادَّ السَّمعيَّةَ، والبصريَّةَ، والسمعَ بصريَّة؛ كالأفلام، والشَّرائح، والأُسطوانات، وأشرطة الفيديو، وأشرطة الكاسيت، والأقراص المليزرة.

 

وهناكَ نوعٌ ثالث مِن أوعية المعلومات يُطلَق عليه الأوعيةُ المُتعدِّدةُ، وهي مَزيجٌ مِن أوعيةٍ تقليديَّةٍ وغيرِ تقليديَّةٍ، ويُستخدَمُ مِثلُ هذا النَّوعِ في المكتبات المدرسيَّة مِن قِبَلِ بعضِ المُعلِّمِين، واصطُلِح على تَسميتِه بـ"التوليفات"، أو "الأطقم"، أو "الحقائب التعليميَّة".

 

لكي تَتمكَّنَ مكتباتُ الأطفال مِن تحقيق أهدافِها، وإرضاءِ رُوَّادِها؛ لا بُدَّ مِن توفير أوعية المعلومات باختلاف أشكالِها وأنواعِها، والَّتي ينبغي أنْ يُراعى عِندَ تأمينِها استجابتُها لاهتماماتِ الرُّوَّاد، وتَناسُبُها لقُدْراتِهم الذِّهنيَّةِ والتَّعليميَّة.

 

بِناءُ أوعية المعلومات هذه لا بُدَّ أنْ يكونَ وَفْقَ سياسةٍ واضحةٍ ومكتوبةٍ، بحيثُ لا يكون هناك مجالٌ للاجتهادات الشَّخصيَّةِ، والتي قد تَضرُّ أكثرَ مِمَّا تَنفع.

 

تَهدف السياسةُ الواضحةُ والمكتوبةُ إلى تحقيق مجموعةٍ مِنَ الأهداف؛ مِن أهمِّها:

أ - مَنعُ الارتجال والعشوائيَّةِ، والاجتهادات الشَّخصيَّةِ في بِناءِ مجموعات موادِّ المكتبة.

ب - تأمينُ أوعية المعلومات المطلوبةِ والمُناسبةِ بشكلٍ مُستمِرٍّ؛ لِتَبقَى المكتبة حَيَّةً، ديناميكيَّةً، تَجد الإقبالَ القويَّ، والمُتجدِّدَ مِنَ الرُّوَّاد، الَّذين تَسعى المكتبة لِكَسبِهم، ونَيلِ رِضاهم.

ج - المحافظة على مستوى عالٍ مِنَ الكَمِّ والنَّوعِ، عَبرَ تأمين قدرٍ كبيرٍ مِن أوعية المعلومات الحديثة والمختلفةِ، والتي تُلبِّي احتياجاتِ المستفيدِينَ، وتتناسب وميولَهم وقُدراتِهم.

د - تحديدُ المسؤوليةِ في الاختيار والتَّأمين، وذلك بِوَضعِ معاييرَ يُمكِن الاسترشادُ بها عند اختيارِ أوعية المعلومات.

هـ - مَنعُ التَّكرَار والازدواجيةِ عندَ الشراء، والذي قد يُلحِق ضررًا بقُدْرات المكتبة الماديَّةِ والمعنويَّةِ.

 

عندَ اتِّخاذ قرارٍ بوضع سياسةٍ واضحةٍ ومكتوبةٍ لِتَنميةِ مُقتنياتِ المكتبةِ - أيّ مكتبة - فإنَّه يَنبغي أنْ يَسبِقَ مِثلَ هذا القرارِ مجموعةٌ مِنَ الخُطُواتِ، تتمثَّل فيما يلي:

• دِراسةٍ تقويميَّةٍ مُسبقَةٍ لواقع أوعية المعلومات في المكتبة؛ بُغيةَ التَّعرُّفِ إلى أوجهِ النَّقص، ومواطنِ القُوَّةِ والضَّعفِ في المُقتنياتِ الموجودة.

• التَّعرُّفِ إلى إمكاناتِ المكتبة الماديَّة، الحالية والمستقبليَّة؛ لأنَّ السياسةَ هي خُطَّةٌ تَسيرُ المكتبة وَفقَها للوصولِ إلى الأهداف المَرجُوَّة خِلالَ فَترةٍ زمنيَّةٍ مُحدَّدةٍ.

• جمعِ معلوماتٍ عن واقع مكتبات الأطفال الأخرى في المجتمع - إنْ وُجِدت - حتَّى يكونَ بِناءُ المجموعات في المكتبة تَكامُليًّا، بعيدًا عن التَّكرَار الذي يَحُدُّ مِن التَّعاوُنِ المُثمر والبنَّاء، ولا يَخدُم مصالحَ المستفيدِينَ.

 

السياسةُ التي تُوضع لتنميةِ مُقتنياتِ المكتبة هي في حقيقةِ الأمر مبادئُ استرشادِيَّةٌ مكتوبةٌ، يجب اتِّباعُها لبناءِ المَجموعاتِ في المكتبة وتنميتِها، على أنَّه لا بُدَّ مِنَ التَّنَبُّهِ إلى أنَّ هذه السياسةَ وقَتِيَّةٌ وليستْ دائمةً، وإنَّما يُعمَل بها - عادةً - لِبِضعِ سنواتٍ، يَتمُّ بعدَها مُراجعةُ هذه السياسةِ وتقويمُها، والاستفادةُ مِن أخطاءِ الماضي، وتجديدُ أو تحديثُ عناصرها بما يتلاءمُ ومُتطلَّباتِ المستقبلِ واحتياجاتِه ومستجدَّاتِه.

 

السُّؤال الذي يَطرحُ نفسَه هو: مَن الذي يَنبغي أنْ يضعَ هذه السياسةَ المكتوبةَ للتَّزويد؟

لكي نَضمنَ - بتوفيق الله - الجودةَ لأيِّ سياسةٍ تُوضع؛ فإنَّه يُفضَّل أنْ يَشترِكَ في وضعِ سياسةِ التَّزويد في مكتبات الأطفال - وخاصَّةً العامَّةَ والمدرسيَّةَ - مجموعةٌ مِنَ الأشخاص؛ منهم:

• أمينُ المكتبة، أو نائبُه.

• رئيسُ قِسم التَّزويد، أو أحدُ المسؤولِين المُتميِّزين في القِسم.

• عددٌ مِنَ المدرسِين، يتمُّ اختيارُهم بناءً على ترشيحٍ مِن مدير المدرسة.

• بعضُ أولياء أُمور الأطفال، مِمَّن تتوفَّرُ فيهم الثِّقة والكَفاءة.

• بعضُ المُربِّين المُتقاعدِينَ، مِمَّن عُرِفوا بالكَفاءة والإخلاص.

• بعضُ الطُّلاَّب المُتميِّزِينَ، عِلمًا وخُلقًا واستقامةً.

 

 

ــــــــــــــ

[1] [سورة التحريم: الآية 6].

[2] عبدالحليم عويس، نظام الأسرة في الإسلام، جدة، الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، 1985م، ص 113.

[3] المصدر السابق.

[4] المصدر السابق، ص 115.

[5] فضل إلهي، الاحتساب على الأطفال، الرياض، مط سفير، 1418هـ، ص 22.

[6] هيفاء شرايحة، أدب الأطفال ومكتباتهم، ط الثانية، عمان، الأردن، المطبعة الوطنية ومكتباتها، 1983م، ص57.

[7] عبدالرحمن بن خلدون، مقدمة ابن خلدون، ط الرابعة، بيروت، دار إحياء التراث العربي، (د، ت)، ص 533.

[8] عبدالله ناصح علوان، تربية الأولاد في الإسلام، ط (30)، بيروت، دار الفكر المعاصر، 1417هـ /1996 م، ص 115.

[9] المصدر السابق.

[10] محمد سالم، "حتى لا يكون ابنك إمعة تافهًا"، مجلة "الدعوة"، ع1804، جمادى الأولى 1422هـ، ص 66.

[11] فضل إلهي، مصدر سابق، ص 9.

[12] المصدر السابق، وانظر "لسان العرب" لابن منظور، مج11، ص401، مادة "طفل".

[13] فخري حسين عربي، ولطفي بركات أحمد، اتجاهات نفسية وتربوية، جدة، مطبوعات تهامة، 1404هـ، ص 14.

[14] محمد فتحي عبدالهادي، وآخرون، مكتبات الأطفال، القاهرة، مكتبة غريب، (د ت)، ص 13 .

[15] نعمات مصطفى، "الخدمة المكتبية للأطفال، تنظيمها وأنماطها"، مجلة المكتبات والمعلومات العربية، ع 3، س 1، يوليه 1981م، ص 67.

[16] محمد فتحي عبدالهادي، وآخرون، مصدر سابق، ص 17.

[17] تغريد محمد القدسي، "الكتاب الشهري للطفل إسهام فاعل في حقل الكتابة الحديثة للطفل العربي"، مجلة عالم الكتب، ع 3، مج 20 "ذو القعدة / ذو الحجة 1419هـ"، ص 216.

[18] محمد فتحي عبدالهادي، وآخرون، مصدر سابق، ص 11.

[19] المصدر السابق، ص 105.

[20] نعمات مصطفى، مصدر سابق، ص 72 - 73.

[21] المصدر السابق، ص 69.

[22] محمد فتحي عبدالهادي، وآخرون، مصدر سابق، ص 14.

[23] هيفاء شرايحة، مصدر سابق، ص 33.

[24] المصدر السابق، ص 41.

[25] محمد فتحي عبدالهادي، وآخرون، مصدر سابق، ص 148.

[26] المصدر السابق، ص 24.

[27] المصدر السابق، ص 89.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كيف تعود طفلك القراءة؟
  • أطفالنا وبدعة " الطاقة "
  • تاريخ الوراقين والمكتبات والمطبوعات

مختارات من الشبكة

  • هل أطفال هذا الزمان أسوأ من غيرهم؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • طفلك ليس أنت(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • القيم المستفادة من قصص الأطفال للكاتب "السيد إبراهيم"(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أوكرانيا: مبادرة من مسلمي القرم لمساعدة أطفال وأسر السجناء(مقالة - المسلمون في العالم)
  • روسيا: حفل إفطار للأيتام في قازان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال للجمزوري (المتوفى سنة 1227 هـ) ومعه منظومة تحفة الأطفال (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الأطفال يلعبون (قصيدة للأطفال)‏(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • همم الرجال في شرح تحفة الأطفال ويليه منظومة تحفة الأطفال للإمام سليمان الجمزوري رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • متن تحفة الأطفال المسمى تحفة الأطفال والغلمان في تجويد القرآن للشيخ سليمان بن حسين الجمزوري(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حاجات الأطفال الموهوبين ومشكلاتهم(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب