نقود على بند التقويم القرائي واللغوي (5)

نقود على بند التقويم القرائي واللغوي (5)

وأستمرُّ في إيراد النقودِ اللغويةِ في هذا الجزء الخامسِ الذي يحوي سبعةَ نقودٍ، هي كالآتي:

أ- الكسرة علامة جر "أسفل" الممنوعة من الصرف:

لا أدري أيلتزم الكتاب الخارجيُّ بوضع النص الوارد في كتاب الوزارة بنصه وفصه؟ أم يكتب هو المادة موافقة لكتاب الوزارة ويصحِّح أخطاءها؟ لا أدري ذلك؛ لأن ذلك الكتاب السَّيَّار المقرر على الصف الخامس الابتدائي أَورَدَ نص قصة (عقلة الإصبع) المقررة على الخامس الابتدائي في الفصل الرابع في مشهده الثاني المعنون بـ"سفينة الأعماق" ص60 النص الآتي: (إن سفينة الأعماق تهبط إلى أسفلٍ) بكسر اللام كسرًا ظاهرًا، ثم أورد بعد ذلك بسطر أو سطرين الكلمة نفسها بوجود الفتحة علامة جر الممنوع من الصرف وكررها: (وأخذا يهبطان إلى أسفلَ.. إلى أسفلَ.. إلى أسفلَ)، وقد تكرر ذلك في صفحة قبل ذلك.

أقول: أوردَ ذلك الكتاب السَّيَّار هذا النص كما هو من دون أن يغير كسرة "أسفل" الأولى إلى فتح.

ب- جر المضاف إليه:

في الموضوع السابق المعنون بـ(أسفل المجرورة في عقلة الإصبع)، سألت: هل يلزم الكتاب الخارجي بالمادة العلمية للكتاب الوزاري بأخطائها اللغوية؛ نتيجة لمسايرة الكتاب الخارجيِّ السَّيَّار الكتابَ الوزاري في الصف الخامس في عقلة الإصبع في خطأ كسر الممنوع من الصرف؟ لكنني هنا أبرز أنني دريت أنه لا إلزام.

لماذا؟

لأن ذلك الكتاب الخارجي السَّيَّار نفسه صحَّح خطأ في موضوع (الحياة دائمًا اثنان) للصف السادس الابتدائي.

كيف؟

أورد كتاب اللغة العربية الوزاري ط 2016 /2017م ص9 س8 (... إذ برع أحدهما في رسم اللوحةُ)، بضم تاء "اللوحة" وهي مضاف إليه، لكن الكتاب الخارجي أوردها صحيحة ص 152 س10 (... إذ برع أحدهما في رسم اللوحةِ)، بكسر تاء "اللوحة"؛ لأنها مضاف إليه.

ج- مقعد بكسر الميم لا بفتحها .. اسم الآلة واسم المكان في 5ب:

في موضوع "هناء على سطح القمر" المقرر على الصف الرابع الابتدائي في الفصل الدراسي الآخر، أورد الكتاب الوزاري ص35 وتابعه الكتاب الخارجي السَّيَّار ص 140- كلمة "المقعد" بفتح الميم لا بكسرها، على الرغم من أن الآلية أظهَرُ فيها من المكانية.

ماذا يقول الكتابان؟

يقول الكتاب الوزاري: (... فوقع بصرها على مَقعد به آلة عجيبة كأنه مركبة فضائية...)، ويقول: (... وأسرعت تجلس فوق المَقعد...)، ويظهر السياق أن كلمة "مقعد" هنا اسم آلة فيُكسَر أوله، لا اسم مكان فيُفتَح أوله.

د- التعقيد اللفظي في لغة المنشورات اللغوية

في مقدمات البلاغة يأتي مبحث الفصاحة الذي يبحث في الفصاحة ونواقضها، ومن نواقضها التعقيدُ اللفظي والمعنوي، اللذان عرَّفهما الخطيب القزويني في (الإيضاح في علوم البلاغة) بالآتي: "... والتعقيد ألا يكون الكلام ظاهرَ الدلالة على المراد به، وله سببان: أحدهما: ما يرجع إلى اللفظ، وهو أن يختل نظم الكلام، ولا يدري السامع كيف يتوصل منه إلى معناه؛ كقول الفرزدق:

وما مثله في الناس إلا مملكًا ♦♦♦ أبو أمِّه حيٌّ أبوه يُقاربُهْ

والثاني: ما يرجع إلى المعنى، وهو ألا يكون انتقال الذهن من المعنى الأول إلى المعنى الثاني الذي هو لازمه والمراد به ظاهرًا؛ كقول العباس بن الأحنف:

سأطلب بُعدَ الدار عنكم لتقربوا ♦♦♦ وتسكب عيناي الدموعَ لتجمدا

ومن يقرأ التعميم اللغويَّ الأخير الخاص بتعديل سؤال القصة، يجد التعقيد اللفظي المنافي الفصاحة ظاهرًا فيه.

كيف؟

يقول التعميم (الفاكس): (القصة ... في الصفوف من السادس الابتدائي حتى الثاني الثانوي يكون امتحان الفصل الدراسي الثاني فيها مثل الصف الخامس الابتدائي والصف الثالث الثانوي بدون فقرة وبدون أسئلة ...).

ماذا فيه؟

فيه التعقيد اللفظي المنافي الفصاحة.

أين؟

في عبارة: (مثل الصف الخامس الابتدائي والصف الثالث الثانوي).

لماذا؟

لأنها تُفهم أن الصف الخامس والثالث الثانوي كان امتحانهما كذلك قبل هذا التعميم، وستكون بقية الصفوف مثلهما، لكن الواقع غير ذلك؛ فالصفوف جميعها كان الامتحان فيها بفقرة وبمفردات ولغويات.

وقد يقول قائل: الصف الخامس والثالث مستثنيان من ذلك بسبب هذه الصياغة غير المحكمة؟

وهذا غير صحيح، لكنه فهم البعض الذي أذاعه، ولو أتت الصياغة (من الخامس الابتدائي حتى الثالث الثانوي ...)، لخلا الكلامُ من التعقيد اللفظي، ولاستقام المعنى.

هـ- معنى أولى ليس في بدائل السؤال في 6 ب:

تقرر نص جديد هذا العام الدراسي 2016 /2017م على الصف السادس الابتدائي، أخذ محتواه من قصيدة الطين لـ"إيليا أبي ماضي"، وعُنون بـ"في رحاب الإنسانية"، وقد كان آخر الأبيات المختارة هذا البيت:

أنا أَولى بالحبِّ منك وأحرى ♦♦♦ من كساء يبلى ومال ينفد

وقد ورد في الجزء الآخر من الكتاب الخاص بالأنشطة بشأنه في السؤال السادس ص61- بند يطلب من التلميذ اختيارَ البديل الصحيح من بدائل غير صحيحة لكلمة "أولى".

كيف؟

يقول السؤال: [اختر الإجابة الصحيحة مما بين القوسين: معنى أولى ... (أحضر- أضعف- أقل)].

ولا يوجد بديل صحيح على الرغم من توهم صحة "أحضر"؛ فهي لا تلائم السياق، أي ليست معنى سياقيًّا، وليست كذلك معنى معجميًّا للكلمة.

لمَ؟

يقول المعجم الوسيط (2/ 1057): (الأولى): أفعل تفضيل بمعنى الأحق والأجدر والأقرب، وفي الحديث: ((ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت السهام فلأَولى رجل ذكر): أقرب في النسب إلى المورث، (مثناه) الأَوْلَيَان (ج) الأَوْلَوْن) والأَوَالِي، وهي الوُلْيَا (ج) الوُلْيَيَات والوُلَى.

و- مضاد اللين الشدة أو القسوة لا القوة:

أورد ذلك الكتاب السَّيَّار في موضوع (في عالم الحيوان) للصف الرابع الابتدائي ص42، جدول الكلمة ومضادها: (القوة: اللين)، وهذا ليس بصحيح.

لمه؟

لأن اللينَ يعني الرخاوة والسهولة، التي ضدها الشدة أو القسوة، لا القوة، على الرغم من توهم احتواءِ اللينِ ضعفًا، واحتواءِ القسوة والشدة قوةً؛ يقول تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]، ويقول المعجم الوسيط (2/ 735): "قسا الجسمُ قسوًا وقساوة: اشتد وصلب. و- قلبه: اشتد وصلب فذهبت منه الرحمة واللين والخشوع؛ فهو قاسٍ وقسي، وهي قاسية وقسية. و- الأرض: لم تنبت شيئًا. و- اليوم أو العام: اشتدت أحداثه"، ويقول: "لان الشيء لينًا وليانًا: سهل وانقاد، فهو لين ولين (ج) أليناء. ويقال: لان لقومه، وفي التنزيل العزيز: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾ [آل عمران: 159]".

ز- طُول النظر بضم الطاء، لا طَول بفتحها.

أورد كتاب الوزارة في اللغة العربية للصف الرابع الابتدائي ص39 أبياتًا جميلة من شعر الدكتور معاطي نصر تحت عنوان (نور القمر)، كان بيتها الأخير هو:

كم سرَّنا طَول النظر ♦♦♦ كم سرَّنا ضوء القمر

وضبط طاء "طول" في الشطر الأول بالفتح، وهذا يجعل الكلمة لا تلائم السياق.

لم؟

لأن المرادَ هنا طُول (بضم الطاء) النظر، التي تعني امتدادَ زمن النظر.

ولا يشفع لتصحيح الفتحِ محاولةُ الربط بين كلمة (ضوء) وكلمة (طول) المتحدتين في الوزن؛ فإن الضم لا يكسر الوزن العروضي، بل الوزن العروضي فيهما واحد (/0/0//0 /0/0//0)، ولا يشفع دلاليًّا تمحل كون "فضل النظر" التي ينتجها الفتح يتضمن زيادة؛ فهذا غير مراد؛ بل المراد الإنعام. يقول المعجم الوسيط عن الطَّول بفتح الطاء: (الطَّوْل: الفضل والغنى واليسر، وفي التنزيل العزيز: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ [النساء: 25]. و-: المن)، ويقول عن الطُّول بضم الطاء: (الطُّول: مقابل القصر أو العرض، ويستعمل في الأعيان والأعراض كالزمان وغيره).