• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية والتعليم
علامة باركود

شرح نصيحة المعلمي لأهل العلم (4)

شرح نصيحة المعلمي لأهل العلم (4)
بوعلام محمد بجاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/3/2017 ميلادي - 20/6/1438 هجري

الزيارات: 5863

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح نصيحة المعلمي لأهل العلم (4)


المسألة السادسة: غلبة "الإجماع" على "الخلاف":

والسبب ظهور الحق، والناظر في:

1- المكتوب المنقول من تراث الأمة.

2- الواقع المعيش.

يرى اختلافًا كثيرًا متباينًا، ومن لا يعرف أصول "الإسلام" - أدلته - أو عناية الله بشريعة أفضل أنبيائه وآخرهم، وهو القائل: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، وهو القائل أيضًا: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، الذين أدرَكوه صحبةً أو رؤية أو زمانًا، ومَن أتوا بعده إلى أن يرتفع التكليف بقيام الساعة دار الجزاء بالثواب والعقاب،﴿ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ﴾ [الأنعام: 19] - يظن السبب:

في "الأصول" من حيث تعيينها، وثبوتها في الجملة والعموم، وفي الآحاد، ودلالتها، وتوافقها وعدم تعارضها؛ أي: إنها محتملة في تعيُّنها وفي ثبوتها ودلالتها، متعارضة فيما بينها.

 

أو في "العلماء" المؤتمنين على الشريعة؛ أي: إنهم شرعوا للناس ما لم يأذَنْ به الله، فاختلفوا كما اختلف رهبان النصارى وأحبار اليهود[1].

ويجهل أن السبب في إيثار الهوى على الحق الواضح البين.

 

ختم البيهقي أبو بكر أحمد بن الحسين (ت: 458) الكلام عن "جمع القرآن" بقوله: وقد أشار أبو سليمان الخطابي [حمد بن محمد (ت: 388)] إلى جملة ما ذكرنا، وذكره أيضًا غيره من أئمتنا، والأخبار الثابتة المشهورة ناطقة بجميع ذلك، والحمد لله على ظهور دِينه، ووضوح سبيله، ثم على ما هدانا لمعرفته، ووفَّقنا لمتابعة الأئمة من أهل ملته في اعتقاد ما يجب علينا اعتقاده في شريعته؛ اهـ[2].

وشمل حفظه: "الشريعة" نفسها - أخبارًا وأحكامًا - و"أصولها"، وهي: أدلتها التي منها تؤخذ وتُستنبط.

 

حفظ "أصول الشريعة":

أولًا: حفظ الألفاظ:

المقصود: حفظ ألفاظ الكتاب والسنَّة في الصدور وفي الكتب؛ لأن التحريف أولَ ما يبدأ بتحريف المكتوب، كما هو صنيع اليهود والنصارى؛ لأنه الحجةُ الظاهرة التي تفضح كل تحريف لفظي أو عملي.

 

قال البيهقيُّ: وفي الكتاب ثم في أخبار السلف دلالةٌ على أن الأممَ السالفة كانوا إذا غيَّروا شيئًا من أديانهم، غيَّروه أولًا من كتبهم، واعتقدوا خلافَه بقلوبهم، ثم أتْبَعوا أهواءَهم أقوالَهم وأفعالهم.


وفي هذه الأمة قد حفِظ الله تعالى عليهم كتابه، وسنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم، وثبَّتهم على عقائدهم، حتى لا يغيروا شيئًا منها،وإن كان فِعلًا (فعل) وقال بعضهم بشهوة أو بغفلة خلافها، والحمد لله على حفظ دينه، وعلى ما هدانا لمعرفته، ونسأله الثبات إلى الممات، والمغفرة يوم تحشر الأموات، إنه سميع الدعاء، فعَّال لِما يشاء، والصلاة على نبيه محمد وعلى آله وسلم؛ اهـ[3].


1. حفظ القرآن[4]:

حفِظ الله "كتابه" بـ "التواتر" حفظًا في "الصدور"، وحفظًا في "الكتب"، فلا زال المسلمون يأخذون قرآنهم "اللاحق" عن "السابق" جيلًا بعد جيل، لا يختلفون - بحمد الله تعالى - في حرفٍ منه، وعرَف ذلك المبطِلون، فأيِسوا من تحريف ألفاظه: زيادة أو حذفًا أو تبديلًا، وتمسَّكوا بـ "تحريف المعاني" بعد أن سمَّوْه بغير اسمه "تأويلًا" حفظًا وإظهارًا لتأويلات أسلافهم من "الجهمية" و"المعتزلة" في باب "العقائد"، والتخريج عليها في باب "الأحكام"، وفي كل ما لم يصل إليه تحريف الأسلاف، فقام لهم علماء الشريعة، ينفُون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطِلين، وتأويل الجاهلين، فما أحسَنَ أثرَهم على الناس! وما أقبَحَ أثرَ الناس عليهم!

 

قال ابن تيميَّة أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام (ت: 728): ولما كانت ألفاظ "القرآن" محفوظةً منقولة بـ "التواتر" لم يطمع أحد في إبطال شيء منه ولا في زيادة شيء منه بخلاف الكتب قبله؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]؛ اهـ[5].

 

قال المعلمي[6]: فأما "القرآن": فأمروا بحِفظه بطريقين:

الأولى: حفظ الصدور:

وعليها كان اعتمادهم في الغالب، [ما من "صحابي" إلا وفي صدره آيات من "القرآن": لحاجته إليه في صلاته، مع حرص النبي صلى الله عليه وسلم على ترسيخه ونقشه في صدورهم، حتى ضرب به "الصحابة" المثل في حرصه صلى الله عليه وسلم على التعليم؛ قال "عبدالله بن مسعود": علَّمني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم - وكفِّي بين كفيه - التشهد كما يعلمني السورة من القرآن[7]،وليس خاصًّا بـ "ابن مسعود"؛ قال "ابن عباس": كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورةَ من القرآن[8]،وقال "جابر بن عبدالله": كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه "الاستخارة" في الأمور كلها كما يعلمهم السورة من القرآن[9]،ومن "الصحابة" من حفظ "سورة ق" من كثرة ما سمعها من فِي النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر[10]،وقال "عبدالله بن مسعود": قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعًا وسبعين سورة[11].

 

وجمعه أربعة من "الصحابة"، جميعهم من الأنصار، لم يجمعه غيرهم، بشهادة "أنس بن مالك": مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع "القرآن" غيرُ أربعة: "أبي بن كعب"، و"معاذ بن جبل"، و"زيد بن ثابت"، و"أبو زيد[12]" (أحد عمومته، مختلف في اسمه) - وناقش بعض أهل العلم هذا الحصر[13] - وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بأربعة يؤخذ عنهم القرآن: "عبدالله بن مسعود"، و" سالم بن معقل مولى أبي حذيفة "، و"معاذ بن جبل"، و"أبي بن كعب[14]"].

 

الثانية: بالكتابة:

فكان يكتب في "العهد النبوي" في قطع صغيرة من جريد النخل وغيرها [العسب و"الرقاع" و"اللخاف" حجارة بيض رقاق، وبالاعتماد على ما كتب في زمانه صلى الله عليه وسلم جمعه الصحابة رضي الله عنهم؛ فالقرآن كله قد كتب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لكن غير مجموع في موضع واحد، بل موزع ومفرق على الصحابة، وعليه غير مرتب السور، واختلف أهل العلم في ترتيب السور هل هو توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم أو اجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم؟ هذا الأخير هو الأقرب؛ ولهذا اختلفت مصاحف الصحابة في ترتيب السور[15]، وإنما لم يجمع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم للتعذُّر؛ لأنه كان ينزل غير مرتب، ولاحتمال النسخ، قال البيهقي: "ويشبه أن يكون رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إنما لم يجمعه في مصحف واحد لِما كان يعلم من جواز ورود النسخ على أحكامه ورسومه، فلما ختَم الله دِينه بوفاة نبيه صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي، قيَّض بخلفائه الراشدين عند الحاجة إليه جمعه بين الدفتين"؛ اهـ[16]، "فـ "أبو بكر" رضي الله عنه تتبع "المكتوب"، ولم يكتفِ بـ "المسموع"[17] والسبب التثبُّت، والتقيد بالرسم؛ لأن القرآن أُنزل على سبعة أحرف؛ أي: الجمع بين المسموع والمكتوب[18]؛ ولذلك توقف عن كتابة الآية من آخر "سورة براءة" حتى وجدها "مكتوبة" عند خزيمة بن ثابت، مع أنه كان يحفظها هو ومَن كلف بالجمع، لكن لم تقع له مكتوبة[19]].


[الجمع الأول:] فلما غزا المسلمون "اليمامة" [لقتال مسيلِمة الكذاب] بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بقليل، استحَرَّ القتل بـ "القراء"، [ومنهم: سالم مولى أبي حذيفة] قبل أن يأخذ عنهم التابعون، فكان ذلك مظنةَ نقص في الطريق الأولى [الجمع في الصدور]، فرأى "عمر" [رضي الله عنه] المبادرة إلى تعويض ذلك بـ "تكميل" الطريق الثانية؛ [لأنه كان "مكتوبًا"، لكن غير مجموع بين دفتين]، فأشار على "أبي بكر" [رضي الله عنه] بجمع "القرآن" في صحف، فنفر منه "أبو بكر" [رضي الله عنه]، وقال: كيف تفعل ما لم يفعله رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال "عمر" [رضي الله عنه]: "هو والله خير"، يريد أنه عمل يتم به مقصود الشرع من حفظ "القرآن"، وعدمُ فعل النبي صلى الله عليه وسلم له إنما كان لعدم تحقُّق المقتضي، وقد تحقق، ولا يترتب على الجمع محذور [الاستدراك على الشرع، مع التعذُّر]، فهو خير محض،فجمع "القرآن" في صحف بقيت عند "أبي بكر"، ثم عند "عمر"، ثم عند ابنته "حفصة أم المؤمنين" [رضي الله عنهم]، [هذا هو "الجمع الأول"، جمع "أبي بكر" بإشارة "عمر" وتنفيذ "زيد بن ثابت" رضي الله عنهم[20]].


[الجمع الثاني:] حتى طلبها "عثمان" [رضي الله عنه] في خلافته [بعد أن نبهه "حذيفة بن اليمان" رضي الله عنه لما رأى من تنازع الناس في القراءة: يا أمير المؤمنين، أدرِكْ هذه الأمة قبل أن يختلفوا في "الكتاب" اختلافَ "اليهود" و"النصارى"]، وكتب "المصاحف" [معتمدًا على الجمع الأول - الصحف[21] - قال البيهقي: وفيما روينا من الأحاديث المشهورة في ذكر جمع القرآن من الصحابة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ما روينا عن زيد بن ثابت: كنا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن[22]،ثم ما روينا في كتاب "السنن": أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة كذا سورة كذا: دلالة على صحة ما قلناه، إلا أنه كان مثبتًا في صدور الرجال، مكتوبًا في الرقاع واللخاف والعسب، وأمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين استحَرَّ القتل بقراء القرآن يوم اليمامة بجمعه من مواضعه في صحف، ثم أمر عثمان رضي الله عنه حين خاف الاختلاف في القراءة بتحويله منها إلى مصاحفَ مع بذل المجهود في معارضة ما كان في الصحف بما كان مثبتًا في صدور الرجال، وذلك كله بمشورة مَن حضره من علماء الصحابة؛اهــ[23]، وقال أبو شامة أبو القاسم عبدالرحمن بن إسماعيل (ت: 665): ثم إن عثمان رضي الله عنه نسخ مِن تلك الصحف مصحفًا جامعًا لها، مرتبة سورة سورة على هذا الترتيب...وعثمان جمع السور على هذا الترتيب في مصحف واحد ناسخًا لها من صحف أبي بكر.


وأما ما رُوي أن عثمان جمع القرآن أيضًا من الرقاع كما فعل أبو بكر فرواية لم تثبت، ولم يكن له إلى ذلك حاجة، وقد كُفِيَه بغيره؛ فالاعتماد على ما قدمناه أول الباب من حديث صحيح البخاري: (فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بـ "الصحف" ننسخها في "المصاحف"، ثم نردها إليك،فأرسلت بها "حفصة" إلى "عثمان"، فأمر "زيد بن ثابت" و"عبدالله بن الزبير" و"سعيد بن العاص" و"عبدالرحمن بن الحارث بن هشام" فنسخوها في "المصاحف")، وإنما ذكرنا ما بعدهزيادة كالشرح له، وجمعًا لما روي في ذلك، ويمكن أن يقال: إن عثمان طلب إحضار الرقاع ممن هي عنده، وجمع منها، وعارض بما جمعه أبو بكر، وعارض بتلك الرقاع، أو جمع بين النظر في الجميع حالة النسخ، ففعل كل ذلك أو بعضه، استظهارًا ودفعًا لوهم من يتوهم خلاف الصواب، وسدًّا لباب القالَةِ: إن الصحف غُيِّرت أو زِيدَ فيها ونقص"[24]، وبهذا أنكر البيهقي ما يروى أن عثمان كان يطلب البينة (الشهادة) على المكتوب[25]، قال: وفيه انقطاع بين مصعب [بن سعد] وعثمان رضي الله عنهما، وقد روينا عن زيد بن ثابت: أن التأليف كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وروينا عنه أن الجمع في الصحف كان في زمن أبي بكر رضي الله عنه، والنسخ في المصاحف في زمن عثمان، وكان ما يجمعون وينسخون معلومًا لهم، فلم يكن به حاجة إلى مسألة البينة؛ اهـ[26]،وكلف بذلك: "زيد بن ثابت"، والقرشيين: "عبدالله بن الزبير" و"سعيد بن العاص" و"عبدالرحمن بن الحارث بن هشام رضي الله عنهم، وأرشدهم إلى الرجوع إلى "لغة قريش" عند الاختلاف، وأرسل إلى كل أفق بـ "مصحف[27]"؛ إلى: الكوفة، والبصرة، والشام، وأبقى نسخة عنده، وقيل: سبعة، إلى: مكة، واليمن، والبحرين، قال الداني أبو عمرو عثمان بن سعيد (ت: 444): والأول أصح، وعليه الأئمة؛ اهـ[28]، وأمر بما سواه من "القرآن" المكتوب أن يحرق[29]، واجتمع الناس على هذا، وإن كان يروى عن "عبدالله بن مسعود" عدم الاستجابة، ودعوته الناس إلى عدم حرق مصاحفهم، لكن لم يتابع عليه، بل أنكر عليه، واستقر أمر الأمة على صنيع "عثمان" رضي الله عنه، ورأوا قول ابن مسعود "زلَّة عالم"، سببها ترك النظر في المقاصد، والترجيح بين المصلحة والمفسدة الناتجة عن استصحاب رخصة اختلاف القراءة، ويروى عنه الرجوع إلى "الوفاق"، والصحيح أن مخالفته إنما هي في الاقتصار على قراءة واحدة، أو لأنه رأى قراءته أولى، لا الطعن في جمع زيد ومن قرأ به، "والفرق بين "الصحف" و"المصحف": أن "الصحف" الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبي بكر (رضي الله عنه)، وكانت سورًا مفرقة، كل سورة مرتبة بآياتها على حِدة، لكن لم يرتب بعضها إثر بعض، فلما نسخت ورتب بعضها إثر بعض صارت مصحفًا[30]"]، ومعنى هذا أنه طول تلك المدة التي لم تبد حاجة إلى تلك الصحف، بل بقي القراء يبلغون القرآن من صدورهم، ومنهم من كتب من صدره مصحفًا لنفسه، فلما كان في زمن "عثمان" [رضي الله عنه] احتيج إلى تلك "الصحف"؛ لاختيار الوجه الذي دعت الحاجة إلى قصر الناس على القراءة به دون غيره - وكتب "عثمان" [رضي الله عنه] بضعة "مصاحف"، وبعث بها إلى "الأمصار"، لا لتبليغ "القرآن"، بل لمنع أن يقرأ أحدٌ بخلاف ما فيها؛ اهـ[31].


الخلاصة:

قال أبو شامة: واعلم أن حاصل ما شهِدت به الأخبار المتقدمة، وما صرحت به أقوال الأئمة أن تأليف القرآن على ما هو عليه الآن كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بإذنه وأمره[32]، وأن جمعَه في الصحف خشية دثوره بقتل قرائه كان في زمن أبي بكر رضي الله عنه، وأن نسخه في مصاحفَ حملًا للناس على اللفظ المكتوب حين نزوله بإملاء المنزل إليه صلى الله عليه وسلم، ومنعًا من قراءة كل لفظ يخالفه، كان في زمن عثمان رضي الله عنه، وكأن أبا بكر كان غرضه أن يجمع القرآن مكتوبًا مجتمعًا غير مفرق[33] على اللفظ الذي أملاه الرسول صلى الله عليه وسلم على كَتبة الوحي ليعلم ذلك، ولم يكِلْ ذلك إلى حفظ من حفظه خشية فنائهم بالقتل ولاختلاف لغاتهم في حفظهم على ما كان أبيح لم من قراءته على سبعة أحرف...فلما ولِيَ عثمان وكثر المسلمون وانتشروا في البلاد وخِيف عليهم الفساد من اختلافهم في قراءاتهم لاختلاف لغاتهم، حملهم عثمان على ذلك اللفظ الذي جمعه "زيد" في زمن أبي بكر، ونفي ما عداه، ليجمع الناس على قراءة القرآن على وفق ما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يكثر فيه التصرف، فيتفاحش تغيُّره، وتنمحق ألفاظه المنزلة...


فقد اتضح بما ذكرناه معنى ما فعله كل واحد من الإمامين أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما، وتبين أن قصد كل واحد منهما غير قصد الآخر؛ فأبو بكر قصد جمعه في مكان واحد، ذخرًا للإسلام يرجع إليه إن اصطلم - والعياذ بالله - قراؤه، وعثمان قصد بجمعه أن يقتصر الناس على تلاوته على اللفظ الذي كتب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يتعدَّوْه إلى غيره من القراءات التي كانت مباحة لهم، المنافية لخط المصحف من الزيادة والنقصان، وإبدال الألفاظ؛ اهـ[34].


تنبيهان:

الأول: نقل "القرآن": اجتمع فيه ضبط الصدر وضبط الكتاب.

ومن أقول السلف: "لا يأخذ القرآن من مصحفي" [ابن أبي حاتم:"نا" أبي وأبو زرعة قالا "نا" عبدالرحمن بن إبراهيم دحيم الدمشقي "نا" الوليد عن سعيد - يعني ابن عبدالعزيز - عن سليمان بن موسى أنه قال: لا تأخذوا الحديث عن الصحفيين، ولا تقرؤوا القرآن على المصحفيين.


حدثني أبي "نا" إسحاق بن الضيف، قال: سمعت أبا مسهر يقول: سمعت سعيد بن عبدالعزيز يقول: لا تأخذوا العلم عن صحفي، ولا القرآن من مصحفي[35]]، وبهذا تسقط شبهة من الشبه - وإن كان يغني عن ردها أنها شبهة - وهي: أن "القرآن" في أول الأمر لم يكن مضبوطًا بالإعجام - النقط - والحركات، وهذا يوجب الاختلافَ فيه.

 

وإلى اليوم لا زال "القرآن" وحفظه مستغنيًا بصدور المؤمنين عن الكتب، وإنما يحتاج إلى "الكتاب" مَن لا يحفظ.

الآخر: الأصل في فِعل عثمان رضي الله عنه: أن اختلاف القراءة "رخصة"، فلما أدت الرخصة إلى مفسدة، وجب تركها، والرجوع إلى العزيمة.

 

قال ابن رجب أبو الفرج عبدالرحمن بن أحمد بن رجب (ت: 795): وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرئ أمته القرآن في زمانه على أحرف متعددة؛ تيسيرًا على الأمة لحفظه وتعلمه؛ حيث كان فيهم العجوز والشيخ الكبير، والغلام والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابًا قط.

فطلب لهم الرخصة في حفظهم له أن يُقرئهم على سبعة أحرف؛ كما ورد في حديث أبي بن كعب[36]، وغيره.

 

ثم لما انتشرت [والحمد لله] كلمة الإسلام في الأقطار، وتفرق المسلمون في البلدان المتباعدة، صار كل فريق منهم يقرأ القرآن على الحرف الذي وصل إليه، فاختلفوا حينئذ في حروف القرآن، فكانوا إذا اجتمعوا في الموسم أو غيره اختلفوا في القرآن اختلافًا كثيرًا، فأجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في عهد عثمان على جمع الأمة على حرف واحد؛ خشية أن تختلف هذه الأمة في كتابها كما اختلف الأمم قبلهم في كتبهم، ورأوا أن "المصلحة" تقتضي ذلك، وحرقوا ما عدا هذا الحرف الواحد من المصاحف، وكان هذا مِن محاسن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه التي حمده عليها عليٌّ وحذيفة وأعيان الصحابة.

 

وإذا كان عمر قد أنكر على هشام بن حكيم بن حزام على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في آيةٍ أشدَّ الإنكار[37]، وأُبي حصل له بسبب اختلاف القرآن ما أخبر به عن نفسه من الشك[38]، وبعض من كان يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم ممن لم يرسخ الإيمان في قلبه ارتد بسبب ذلك حتى مات مرتدًّا[39]، هذا كله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم - فكيف الظن بالأمة بعده أن لو بقي الاختلاف في ألفاظ القرآن بينهم؟!؛ اهـ[40].



[1] هذا الأخير: الكلام عنه في غير هذا الركن.

[2] المدخل إلى السنن الكبرى 2 / 504.

[3] دلائل النبوة 7 / 60.

[4] اضطررت إلى الاختصار لأجل المقام " مسألة فرعية في البحث".

[5] الاستغاثة (الرد على البكري) 1 / 171.

[6] جعلت كلام المعلمي أصلًا، وميزته بسطر تحته، وأضيف عليه بين [ ].

[7] البخاري (6265) مسلم 59 - (402).

[8] مسلم 60 - 61 (403).

[9] البخاري 1166، 6382، 7390.

[10] مسلم 50 - (872).

[11] البخاري 5000، مسلم 114 - (2462)، 115 - (2463).

[12] البخاري 5003، 5004، (أبو الدرداء بدل أُبي)، مسلم 120 - (2465).

[13] فتح الباري 9 / 51 - 52.

[14] البخاري 3758، 3806، 3808، 4999، مسلم 2464.

[15] قال ابن جزي أبو القاسم محمد بن أحمد الغرناطي (ت: 741): فترتيب السور على ما هو الآن من فعل عثمان وزيد بن ثابت والذين كتبوا معه المصحف، وقد قيل: إنه مِن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك ضعيف تردُّه الآثار الواردة في ذلك؛ اهـ؛ التسهيل لعلوم التنزيل 4.

[16] المدخل إلى السنن الكبرى 2 / 504 عن أعلام الحديث 3 / 1856 - 1858.

[17] أعلام الحديث 3 / 1855 - 1856، المدخل إلى السنن الكبرى 2 / 499 - 500، 501، 503 - 504 ط: عوامة.

[18] أعلام الحديث 3 / 1858.

[19] جمال القراء وكمال الإقراء 1 / 87 - 88 - ط: التراث مكة، وعنه المرشد الوجيز 185 - 186.

[20] حديث الجمع الأول أخرجه: البخاري 4986، 7191، 7425.

[21] حديث الجمع الثاني أخرجه: البخاري 4987 - 4988، واقتصر على الرجوع إلى لسان قريش في موضعين: 3506، 4984.

[22] الترمذي (3954) من طريق يحيى بن أيوب، يحدث عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبدالرحمن بن شماسة، عن زيد بن ثابت، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طوبى للشام، فقلنا: لأيِّ ذلك يا رسول الله؟ قال: لأن ملائكة الرحمن باسطةٌ أجنحتها عليها، وقال: هذا حديث حسن غريب، إنما نعرفه من حديث يحيى بن أيوب.

[23] المدخل إلى السن الكبرى 2 / 503 - 504.

[24] المرشد الوجيز 75 - 76، طـ: صادر، وفي الطبعة المعتمدة (الذهبي) 215 - 216 تصحيف وسقط.

[25] المدخل إلى السنن الكبرى (1066): "فعزم على كل مَن كان عنده شيء من القرآن إلا جاء به، فجاء الناس بما عندهم، فجعل يسألهم عليه البينة أنهم سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[26] المدخل إلى السنن الكبرى 2 / 499 - 500.

[27] كما في الحديث.

[28] المقنع في معرفة رسوم مصاحف أهل الأمصار 162 - 163 - ط: التدمرية.

[29] كما في الحديث.

[30] فتح الباري 9 / 18.

[31] الأنوار الكاشفة 44 - 45.

[32] سبق الإشارة إلى "ترتيب السور"، هل هو توقيفي أو اجتهاد من الصحابة؟

[33] أثبت المحقق "متفرق".

[34] المرشد الوجيز 204 - 206.

[35] الجرح والتعديل 2 / 31، وقول سعيد بن عبدالعزيز: أخرجه ابن عدي في "الكامل في ضعفاء الرجال" (1 / 259)، والعسكري أبو أحمد الحسن بن عبدالله (ت: 382) في "تصحيفات المحدثين".

[36] صحيح البخاري 3219، 4991 - صحيح مسلم 819.

[37] البخاري 2419، 4992، 5041، 6936، 7550 - مسلم 818.

[38] صحيح مسلم 820.

[39] قال ابن حجر: وأولُ من كتب له بمكة من قريش: عبدالله بن سعد بن أبي سرح [تبعًا لابن قتيبة. الاستيعاب 1 / 68]، ثم ارتدَّ، ثم عاد إلى الإسلام يوم الفتح؛ اهـ فتح الباري 9 / 22، وقصته في طبقات ابن سعد 447 - 449 (الجزء المتمم لطبقات ابن سعد: الطبقة الرابعة: ممن أسلم عند فتح مكة وما بعد ذلك).

[40] الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة 2 / 620 - 621.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح نصيحة المعلمي لأهل العلم (1)
  • شرح نصيحة المعلمي لأهل العلم (2)
  • شرح نصيحة المعلمي لأهل العلم (3)

مختارات من الشبكة

  • العناية بشروح كتب الحديث والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا نكرر العلم؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • طبيعة العلم من المنظور الإسلامي(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • نصائح مهمة للمبتدئين في طلب العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نصف العلم لطالب العلم: بحث في علم الفرائض يشتمل على فقه المواريث وحساب المواريث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العمل ثمرة العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عناية العلماء بالعقيدة الواسطية(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • التمهيد شرح مختصر الأصول من علم الأصول (الشرح الصوتي)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الإمام عبد الرحمن بن يحيى المعلمي حياته وآثاره(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة مقتدى الشروح في الطب (شرح الموجز في علم الطب لعلي بن أبي الحزم)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب