• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

همم في القمم

محمد عبدالرحمن صادق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/2/2017 ميلادي - 8/5/1438 هجري

الزيارات: 43929

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

همم في القمم


إن الإنسان لا يخلو من آمال وطموحات وأهداف يود أن يحققها ويسلك في سبيل ذلك شتى السبل، وتختلف همة الإنسان حسب عِظم هذه الآمال والطموحات والأهداف، فكلما كانت الآمال طموحة وعظيمة عظمت الهمة وقويت الإرادة وجد السعي لتحقيقها، وكلما كانت الآمال والطموحات والأهداف دنيئة وضيعة حقرت الهمم ووهنت الإرادة وكان السعي حسيساً لا يحقق هدفاً ولا يبلغ آمالاً.

إن هناك من البشر من يُولد عالي الهمة، مُتقد الذكاء، لا يرضى بسفاسف الأمور، وهناك من يُولد ضعيف الهمة، محدود الذكاء، يرضى لنفسه بأي حال تضعه فيه الظروف، وبين هذا وذاك إنسان يحاول أن يطور من نفسه ويتغلب على ظروفه ويتحدى ما يواجهه من مصاعب وعراقيل ولا يرضى بالقمة بديلاً.

 

• يقول ابن الجوزي رحمه الله: " وقد عرفت بالدليل أن الهمة مولودة مع الآدمي، وإنما تقصر بعض الهمم في بعض الأوقات فإذا حثثت سارت ومتى رأيت في نفسك عجزاً فَسَلِ المنعم أو كسلاً فالجأ إلى الموفق، فلن تنال خيراً إلا بطاعته، ولن يفوتك خير إلا بمعصيته ".

إن صاحب الهمة العالية لا تتوقف آماله ولا تنتهي طموحاته فهو كالطائر الذي اعتاد أن يُحلق في فضاء رحب فسيح فهو لا يرضى بالدون مها كانت العقبات ومهما تكاثرت الملمات ومهما غلت التضحيات.

قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: " إنّ لي نفسا تواقة، وما حققت شيئًا إلا تاقت لما هو أعلى منه؛ تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها. ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها، والآن تاقت نفسي إلى الجنة. فأرجو أن أكون من أهلها ".

 

ولقد ذكر لنا التاريخ الإسلامي نماذج من علو الهمة صعب أن يجود الزمان بمثلها:

• فالصديق رضي الله عنه كان طموحه أن يدخل الجنة من أبوابها الثمانية.

• والصحابي الجليل عكاشة بن محصن يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعوا الله له ليكون مع من يدخلون الجنة بغير حساب.

• والصحابي الجليل ربيعة بن كعب الأسلمي لم تكن له غاية دون مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.

• والصحابي الجليل سواد بن غزية يحتال ليُقبل بطن النبي صلى الله عليه وسلم قبل غزوة بدر وعندما سأله النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: " ما حملك على هذا يا سواد؟ " قال: يا رسول الله، قد حضر ما ترى؛ فأردتُ أن يكون آخر العهد بك أن يمسَّ جلدي جلدك.

إن كل هؤلاء جعلوا الآخرة هي همهم الأول بل الأوحد فلم يتعلقوا بحطام الدنيا الزائل ولم يطلبوا سفاسف الأمور بل أحسنوا الظن بربهم وتشبثوا بمعالي الأمور. فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم.

 

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللَّهُ غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ، ومن كانتِ الدُّنيا همَّهُ جعلَ اللَّهُ فقرَهُ بينَ عينيهِ وفرَّقَ عليهِ شملَهُ، ولم يأتِهِ منَ الدُّنيا إلَّا ما قُدِّرَ لَهُ " [رواه الترمذي].

• يقول ابن القيم رحمه الله: " وهمَّة المؤمن مُتعلِّقة بالآخِرة، فكل ما في الدنيا يُحرِّكه إلى ذكر الآخِرة؛ ألا ترى أنه لو دخَل أرباب المِهَن والصَّنائع إلى دار مَعمورة مَشيدة، رأيت البنَّاء يَنظُر إلى البِناء، ورأيت النجَّار يَنظُر إلى النِّجارة، ورأيت البزَّاز يَنظر إلى الفُرُش، وهكذا، والمؤمن لو رأى ظُلمَةً تذكَّر ظلمة القبر، وإذا ذكَر مُؤلِمًا تذكَّر العِقاب، وإذا سمع صوتًا فظيعًا تذكَّر نفخَة الصور، وإذا رأى الناس نيامًا تذكَّر الموتى في القبور، وإذا رأى لذَّة ذكَر الجنَّة؛ فهمَّتُه مُتعلِّقة بأحوال الآخِرة، وأعظم ما عنده أن يتخيَّل دوام البقاء في الجنَّة، وأن مقامه لا يَنقطِع ولا يَزول ولا يَعتريه مُنغِّص، فإذا تخيَّل ذلك يَطيش فرحًا، ويَسهُل عليه كل ما في هذه الدنيا من آلام ومآسٍ، ومرضٍ وابتلاء، وفقْدِ أحبابٍ وهجوم الموت ومُعالَجة غُصَصِه؛ فالتائق إلى العافية لا يُبالي بمرارة الدواء، ثمَّ يتخيَّل المؤمن دخول النار والعُقوبة فيَتنغَّص عَيشه ويَقوى قلقه، فهو في الحالتَين مشغول عن الدنيا وما فيها، فقلبه هائم في بَيداء الشَّوق تارةً، وفي صَحراء الخَوف تارةً أُخرى، فإذا نازَلَه الموت قَوِيَ ظنُّه بالسلامة، ورجا لنفسِه النَّجاة، فإذا نزل القبر وجاءه مَن يَسألونه قال بعضهم لبعض: دعوه فما استراح إلا لساعةٍ ".

 

أولاُ: تعريف علو الهمة:

جاء في معجم المعاني الجامع: الهِمَّةُ: ما هُمَّ به من أَمر ليُفْعل. و عالي الهِمّة: أي: يسمو إلى معالي الأمور.

• قال الرّاغب الأصفهاني رحمه الله: " الكبير الهمّة على الإطلاق هو من لا يرضى بالهمم الحيوانيّة قدر وسعه فلا يصير عبد بطنه وفرجه بل يجتهد أن يتخصّص بمكارم الشّريعة ".

• وقال أيضاً: والكبير الهمّة على الإطلاق من يتحرّى الفضائل لا لجاه ولا لثروة ولا للذّة،. ولا لاستشعار نخوة واستعلاء على البريّة، بل يتحرّى مصالح العباد شاكرًا بذلك نعمة اللّه ومتوخّيًا به مرضاته غير مكترث بقلّة مصاحبيه فإنّه إذا عظم المطلوب قلّ المساعد، وطرق العلاء قليلة الإيناس.

• جاء في التعريفات للجرجاني رحمه الله: والهمة: توجه القلب وقصده بجميع قواه الروحانية إلى جانب الحق، لحصوله الكمال له أو لغيره ".

• عرف الإمام بن القيم - رحمه الله - علو الهمة في كتاب " مدارج السالكين ": بقوله: " علو الهمة ألا تقف -أي النفس- دون الله وألا تتعوض عنه بشيء سواه ولا ترضى بغيره بدلاً منه ولا تبيع حظها من الله وقربه والأنس به والفرح والسرور والابتهاج به بشيء من الحظوظ الخسيسة الفانية، فالهمة العالية على الهمم كالطائر العالي على الطيور لا يرضى بمساقطهم ولا تصل إليه الآفات التي تصل إليهم، فإن الهمة كلما علت بعدت عن وصول الآفات إليها، وكلما نزلت قصدتها الآفات ".

• قال الخضر حسين رحمه الله: علوّ الهمّة: هو استصغار ما دون النّهاية من معالي الأمور.

 

ثانياً: بعض الآيات التي وردت في القرآن الكريم بشأن الهمة العالية:

1- قال تعالى: ﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران 133].

2- قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران 200].

3- قال تعالى: ﴿ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام 90].

4- قال تعالى: ﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال 60].

5- قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر 99].

6- قال تعالى: ﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً ﴾ [مريم 12].

7- قال تعالى: ﴿ قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه 72 - 73].

8- قال تعالى: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج 78].

9- قال تعالى: ﴿ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور 37].

10- قال تعالى: ﴿ وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ [القصص 20].

11- قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت 14].

12- قال تعالى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾ [الأحزاب 23].

13- قال تعالى: ﴿ وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴾ [يس20 ].

14- قال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الأحقاف 35].

15- قال تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن 16].

16- قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً 5 فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً ﴾ [نوح 5 - 9].

 

ثالثاً: بعض الأحاديث النبوية التي وردت في شأن الهمة العالية:

1- عن حكيم بن حزام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اليد العُليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله " [رواه البخاري ومسلم].

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللَّهِ منَ المؤمنِ الضَّعيفِ، وفي كلٍّ خيرٌ، احرِص على ما ينفعُكَ، واستِعِن باللَّهِ ولا تعجِزْ، وإن أصابَكَ شيءٌ، فلا تقُل: لو أنِّي فعلتُ كان كذا وَكَذا، ولَكِن قل: قدَّرَ اللَّهُ، وما شاءَ فعلَ، فإنَّ لو تَفتحُ عملَ الشَّيطانِ " [رواه مسلم].

3- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " كثيرًا ما كُنتُ أسمعُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يدعو بِهَؤلاءِ الكلِماتِ اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ منَ الهمِّ والحزنِ والعَجزِ والكَسلِ والبُخلِ وضَلَعِ الدَّينِ وغلبةِ الرِّجالِ " [رواه الترمذي].

4- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من آمن باللهِ وبرسولِه، وأقام الصَّلاةَ، وصام رمضانَ، كان حقًّا على اللهِ أن يُدخِلَه الجنَّةَ، جاهِدْ في سبيلِ اللهِ، أو جلس في أرضِه الَّتي وُلِد فيها. فقالوا: يا رسولَ اللهِ، أفلا نُبشِّرُ النَّاسَ؟ قال: إنَّ في الجنَّةِ مائةَ درجةٍ، أعدَّها اللهُ للمجاهدين في سبيلِ اللهِ، ما بين الدَّرجتَيْن كما بين السَّماءِ والأرضِ، فإذا سألتم اللهَ فاسألوه الفردوسَ، فإنَّه أوسَطُ الجنَّةِ، وأعلَى الجنَّةِ - أراه - فوقه عرشُ الرَّحمنِ " [رواه البخاري].

5- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لو يعلمُ النَّاسُ ما في النِّداءِ والصَّفِّ الأوَّلِ، ثمَّ لم يجِدوا إلَّا أنْ يستهِموا عليه لاستهَموا، ولو يعلمونَ ما في التَّهجيرِ لاستبَقوا إليه، ولو يعلمونَ ما في العَتَمَةِ والصُّبحِ لأتَوْهُما ولو حبوًا " [رواه البخاري].

• التهجير: التَّهْجِيرُ إلَى الصَّلاةِ: الْمُضِيُّ إلَيْهَا فِي أوَّلِ أوقَاتِهَا.

6- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّ اللهَ تعالى جَميلٌ يحبُّ الجَمالَ، ويحبُّ مَعالِي الأَخلاقِ، ويكرَهُ سَفسافَها " [صححه الألباني].

7- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من خيرِ معاشِ الناسِ لهم، رجلٌ ممسكٌ عنانَ فرسِه في سبيلِ اللهِ. يطيرُ على متنِه. كلما سمع هيعةً أو فزعةً طار عليه. يبتغي القتلَ والموتَ مظانَّه. أو رجلٌ في غنيمةٍ في رأسِ شعفةٍ من هذه الشعفِ. أو بطنِ وادٍ من هذه الأوديةِ. يقيمُ الصلاةَ ويؤتي الزكاةَ. ويعبدُ ربَّه حتى يأتيَه اليقينُ. ليس من الناسِ إلا في خيرٍ " [رواه مسلم] وفي روايةٍ: في شعبةٍ من هذه الشعابِ ".

8- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " والَّذي نفسي بيدِه، لولا أنَّ رجالًا من المؤمنين، لا تطيبُ أنفسُهم أن يتخلَّفوا عنِّي، ولا أجدُ ما أحمِلُهم عليه، ما تخلَّفتُ عن سريَّةٍ تغزو في سبيلِ اللهِ، والَّذي نفسي بيدِه، لوددتُ أن أُقتلَ في سبيلِ اللهِ ثمَّ أحيا، ثمَّ أُقتلَ ثمَّ أحيا، ثمَّ أُقتلَ ثمَّ أحيا، ثمَّ أُقتلَ " [رواه البخاري].

9- عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: " كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصلِّي حتى تَرِمَ، أو تنتَفِخَ، قدَماه، فيُقالُ له، فيقولُ: [أفلا أكونُ عبدًا شَكورًا] " [رواه البخاري].

10- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: " صلَّيتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأطال حتى هممتُ بأمرِ سوءٍ. قال قيل: وما هممتَ به؟ قال: هممتُ أن أجلسَ وأدَعَه " [رواه مسلم].

 

رابعاً: بعض صور الهمة العالية من حياة الصحابة والتابعين: لقد ارتوى الصحابة والتابعين - رضوان الله عليهم أجمعين - من معين النبي صلى الله عليه وسلم ونهلوا من سيرته العطرة ما جعلهم ينطلقون في الحياة جاعليها مزرعة للآخرة فانقطعوا عن كل لذة دون لذة العمل لله تعالى ونصرة دينه. قال شهاب الدين أحمد بن محمد المقري التلمساني في كتابه [نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب]: " أهديت إليه - أي عبد الرحمن الداخل - جارية جميلة فنظر إليها وقال: " إن هذه من القلب والعين بمكان، وإن أنا اشتغلت عنها بهمتي فيما أطلبه ظلمتها، وإن اشتغلت بها عما أطلبه ظلمت همتي، ولا حاجة لي بها الآن، وردها على صاحبها ".

1- روى قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: " افتخرت الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة: حنظلة، ومنا الذي حمته الدبر: عاصم بن ثابت ومنا الذي اهتز لموته عرش الرحمن: سعد بن معاذ، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين: خزيمة بن ثابت. فقال الخزرجيون: منا أربعة نفر قرؤوا القرآن، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يقرأه غيرهم: زيد بن ثابت، وأبو زيد، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل. يعني بقوله: لم يقرأه كله أحد من الأوس، وأما من غيرهم فقد قرأه علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وعبد الله بن مسعود، في قول، وسالم مولى أبي حذيفة وعبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهم، ذكر هذا أبو عمر " [رواه أبو داود والنسائي والترمذي].

 

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: " يقولون: إن أبا هريرة يكثر الحديث، والله الموعد، ويقولون: ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثل أحاديثه؟ وإنَّ إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرأ مسكينًا، ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون، وقال النبي صلى الله عليه وسلم يومًا: " لن يبسط أحد منكم ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه، ثم يجمعه إلى صدره فينسى من مقالتي شيئًا أبدًا،فبسطت نمرة ليس علي ثوب غيرها، حتى قضى النبي صلى الله عليه وسلم مقالته، ثم جمعتها إلى صدري، فوالذي بعثه بالحق، ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا، والله لولا آيتان في كتاب الله، ما حدَّثتكم شيئًا أبدًا: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى ﴾ [البقرة 159] إلى قوله ﴿ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة 160] [رواه البخارى].

 

3- عن سعد رضي الله عنه قال: " رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر يتوارى، فقلت: ما لك يا أخي؟ قال: إني أخاف أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستصغرني فيردني، وأنا أحبُّ الخروج لعلَّ الله أن يرزقني الشهادة، قال: فعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فردَّه، فبكى فأجازه، فكان سعد رضي الله عنه يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره، فقتل وهو ابن ست عشرة سنة " [رواه ابن سعد فى الطبقات الكبرى].

 

4- عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: " بينا أنا واقفٌ في الصفِّ يومَ بدرٍ. نظرتُ عن يميني وشمالي. فإذا أنا بين غُلامَينِ من الأنصارِ. حديثةٍ أسنانُهما. تمنيتُ لو كنتُ بين أضلَعَ منهما. فغمزني أحدُهما. فقال: يا عمِّ! هل تعرف أبا جهلٍ؟ قال: قلتُ: نعم. وما حاجتُك إليه؟ يا ابنَ أخي! أخبرتُ أنه يسبُّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. والذي نفسي بيدِه! لئن رأيتُه لا يفارقُ سوادي سوادَه حتى يموتَ الأعجلُ منا. قال: فتعجَّبتُ لذلك. فغمزني الآخرُ فقال مثلَها. قال: فلم أنشبْ أن نظرتُ إلى أبي جهلٍ يزول في الناسِ. فقلتُ: ألا تريانِ؟ هذا صاحبُكما الذي تسألانِ عنه. قال: فابتدراه، فضرباه بسيفِهما، حتى قتلاه. ثم انصرفا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. فأخبَراه. فقال [أيكما قتلَه؟] فقال كلُّ واحدٍ منهما: أنا قتلتُ. فقال [هل مسحتُما سيفَيكما؟] قالا: لا. فنظر في السَّيفَين فقال [كلاكما قتلَه] وقضى بسلَبه لمعاذِ بنِ عمرو بنِ الجَموحِ. [والرجلانُ: معاذُ بنُ عَمرو بنُ الجموحِ ومعاذُ بنُ عَفْراءَ] [رواه مسلم].

 

5- عن أنس رضي الله عنه قال: " غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت المشركين؛ لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرينَّ الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين، ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ فقال: يا سعد بن معاذ، الجنة وربِّ النضر، إني أجد ريحها من دون أحد، قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعًا وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل وقد مثَّل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه، قال أنس: كنا نرى أو نظنُّ أنَّ هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ [الأحزاب: 23] إلى آخر الآية " [رواه البخارى].

 

6- عن خارجة بن زيد أن أباه زيدا أخبره أنه لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال زيد ذهب بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعجب بي فقالوا يا رسول الله هذا غلام من بني النجار معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة فأعجب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا زيد تعلم لي كتاب يهود فإني والله ما آمن يهود على كتابي قال زيد فتعلمت كتابهم ما مرت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه وأجيب عنه إذا كتب " [رواه أحمد].

 

7- جاء في " أخبار القضاة ": عن يزيد بن يحيى قال: " مرَّ شريك القاضي بالمستنير بن عمرو النخعي، فجلس إليه فقال: يا أبا عبد الله، من أدَّبك؟ قال: أدَّبتني نفسي والله، ولدت ببخارى من أرض خراسان، فحملني ابن عمٍّ لنا حتى طرحني عند بني عم لي بنهر صرصر، فكنت أجلس إِلى معلم لهم تعلَّق بقلبي يعلِّم القرآن؛ فجئت إِلى شيخهم فقلت: يا عماه، الذي كنت تجري عليَّ ها هنا أجره علي بالكوفة أعرف بها السنة والجماعة وقومي، ففعل؛ قال: فكنت بالكوفة أضرب اللبن وأبيعه؛ فأشتري دفاتر وطروسًا، فأكتب فيها العلم والحديث، ثم طلب الفقه فقلت: ما نرى؟ فقال المستنير بن عمرو لولده: قد سمعتم قول ابن عمكم وقد أكثرت عليكم، فلا أراكم تفلحون فيه، فليؤدِّب كلُّ رجل نفسه، ثم من أحسن فلها، ومن أساء فعليها ".

 

8- جاء في "طبقات الشافعية الكبرى" للسبكى رحمه الله - قال -: " كان النووي عالي الهمة في طلب العلم منذ صغره، فقد ذكر ابن داود العطار عن ياسين بن يوسف المراكشي قال: [رأيت الشيخ محيي الدين، وهو ابن عشر سنين بنوى، والصبيان يُكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم، ويبكي، لإكراههم، ويقرأ القرآن في هذه الحالة، فوقع في قلبي محبته، وجعله أبوه في دكان، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، قال: فأتيت الذي يقرئه القرآن، فوصيته به، وقلت له: هذا الصبي يُرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم، وينتفع الناس به، فقال لي: أمنجم أنت؟ فقلت: لا، وإنما أنطقني الله بذلك، فذكر ذلك لوالده، فحرص عليه، إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الاحتلام].

 

9- جاء في أسد الغابة في معرفة الصحابة؛ لابن الأثير - رحمه الله - أن السيدة أم حكيم بنت الحارث شهدتْ أُحدًا كافرة، ثمَّ أسلمت يوم الفتح، كانت تحت ابن عمها عكرمة بن أبي جهل، ولما أسلمت كان زوجها قد هرب إلى اليمن، فاستأمنت له من النبي صلَّى الله عليه وسلم واستأذنته في أن تسير في طلبه، فأذن لها، فردَّته فأسلَمَ، وقُتل عنها عكرمة [عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه الذي استشهد في موقعة أجنادين]، فتزوَّجها خالد بن سعيد، فلمَّا نزل المسلمون مَرْجَ الصُّفَّرِ عند دمشق، أراد خالد أن يعرس بها، فقالت: لو تأخَّرت حتى يهزم الله هذه الجموع؟ فقال: إن نفسي تحدِّثني أني أُقتل، فقالت: فدونك، فأعرس بها عند القنطرة التي بالصفر، فبها سمِّيَت قنطرة أم حكيم، وأولَمَ عليها، فما فرغوا من الطعام حتى تقدمت الروم، وقاتلوا وقُتل خالد، وقاتلت أم حكيم يومئذٍ فقَتلتْ سبعة بعمود الفسطاط الذي عرس بها خالد فيه.

 

10- السيدة أم سُليم بنة ملحان: قال ابن إسحاق: وحدثني عبدالله بن أبي بكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التفت فرأى أم سليم بنة ملحان، وكانت مع زوجها أبي طلحة وهي حازمة وسطها ببرد لها، وإنها لحامل بعبدالله بن أبي طلحة، ومعها جمل أبي طلحة، وقد خشيت أن يعزها الجمل[يقوى عليها]، فأدنت رأسه منها، فأدخلت يدها في خزامته مع الخطام، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أم سليم؟]، قلت: نعم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل الذين يقاتلونك؛ فإنهم لذلك أهل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أو يكفي الله يا أم سليم؟ ]، قال: ومعها خَنجر، فقال لها أبو طلحة: ما هذا الخنجر معك يا أم سليم؟ قالت: خنجر أخذتُه، إن دنا مني أحد من المشركين بعجته به، قال: يقول أبو طلحة: ألا تسمع يا رسول الله ما تقول أم سليم الرميصاء؟.

 

• إن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين الذين تربوا في مدرسة النبوة استوعبوا جيدا فضل الهمة العالية وعرفوا ما أعده الله تعالى لأصحابها فانتشروا في الأمصار والثغور في كل مكان لكي يظفروا بهذا الأجر ولكي يكونوا قدوة لمن بعدهم إلى يوم أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها.

انتشروا..

• ليموت أنس بن مالك رضي الله عنه بالبصرة.

• ويموت البراء بن عازب وأبو أمامة سهل بن حنيف رضي الله عنهما بالكوفة.

• ويموت عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ رضي الله عنه بالقدس في فلسطين.

• ويموت أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه بالأردن.

• ويموت شرحبيل بن حسنة ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما في طاعون عمواس بالشام.

• ويموت بلال بن رباح وأبو الدرداء الأنصاري رضي الله عنهما بدمشق.

• ويموت ثوبان بن بجدد رضي الله عنه - مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم - بحمص بالشام.

• ويموت جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه في بلدة "قرقيسيا" على نهر الفرات شرق سوريا.

• ويموت سلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهما بالمدائن.

• ويموت أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه في القسطنطينية باسطنبول.

• ويموت بريدة بن الحصيب رضي الله عنه بخرسان.

• ويبني عمرو بن العاص رضي الله عنه مدينة الفسطاط في مصر ويموت أيضاً بمصر.

• ويؤسس عقبة بن نافع رضي الله عنه مدينة القيروان ويموت في بلاد المغرب.

• ويكفينا أن نعرف أنه لم يُدفن في مكة والمدينة من المئة ألف صحابي الذين شهدوا حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا بضع آلاف فقط والباقي قد دفنوا في مشارق الأرض ومغاربها.

 

خامساً: أقوال في علو الهمة

1- قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " لا تصغرنَّ همتكم؛ فإني لم أرَ أقعد عن المكرمات من صغر الهمم ".

2- قال الحسن رحمه الله: " من نافسك في دينك؛ فنافسه ومن نافسك في دنياه؛ فألقها في نحره ".

3- قال سعيد بن العاص رضي الله عنه: "ما شاتمت رجلا مذ كنت رجلا، لأنّي لم أشاتم إلّا أحد رجلين: إمّا كريم فأنا أحقّ أن أجلّه، وإمّا لئيم فأنا أولى أن أرفع نفسي عنه ".

4- وقال مالك رحمه الله: " عليك بمعالي الأمور وكرائمها، واتقِ رذائلها وما سفَّ منها؛ فإنَّ الله تعالى يحبُّ معالي الأمور، ويكره سفسافها ".

5- يقول ابن القيم رحمه الله: " ولله الهمم! ما أعجب شأنها، وأشد تفاوتها. فهمة متعلقة بمن فوق العرش. وهمة حائمة حول الأنتان والحش. والعامة تقول: قيمة كل امرئ ما يُحسنه. والخاصة تقول: قيمة المرء ما يطلبه. وخاصة الخاصة تقول: همة المرء إلى مطلوبه. [الحش: مكان قضاء الحاجة].

• وقال أيضًا: " العلم والعمل توأمان أمهما علو الهمة ".

6- قال الإمام ابن عقيل رحمه الله: " إنَّه لا يحلُّ لي أن أضيِّع ساعة من عمري، حتى إذا تعطَّل لساني عن مذاكرة ومناظرة وبصري عن مطالعة؛ أعملت فكري في حال راحتي ".

7- قيل للربيع بن خيثم: أتعبت نفسك في العبادة وإصلاح أمر الناس. فقال: راحتها أريد، فإن أفره العبيد أكسبهم لمولاه.

8- قال ابن حزم رحمه الله: " لا تبذل نفسك إلا فيما هو أعلى منها، وليس ذلك إلا في ذات الله عز وجل في دعاء إلى حقٍّ، وفي حماية الحريم، وفي دفع هوان لم يوجبه عليك خالقك تعالى، وفي نصر مظلوم، وباذل نفسه في عرض دنيا، كبائع الياقوت بالحصى ".

9- وقيل:" ذو الهمة وإن حط نفسه تأبى إلا العلو، كالشعلة من النار يخفيها صاحبها وتأبى إلا ارتفاعاً ".

10- قال المتنبي:

إذا غامرت في شرف مروم
فلا تقنع، بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر صغير
كطعم الموت في أمر عظيم

 

وختاماً: إن صاحب الهمة العالية تراه دائماً مجاهداً لنفسه مشغولاً في كل ماهو مفيد، نافع لغيره ولدينه ولأمته، منظماً في شئونه ليس عنده مايسمى بالوقت الضائع ولا الطاقة المُهدرة فلكل لحظة عنده ما يناسبها من العمل.

• تراه ينصح هذا ويعظ ذاك ويمد يد العون لكل محتاج بل يقترح المزيد والمزيد من الأعمال النافعة ويطلب من الله تعالى العون والتوفيق والسداد.

• تراه بشوشاً مبتسماً متفائلاً يفيض على الآخرين من همته فينصهروا في بوتقته ويدوروا في فلكه كالجسد الواحد.

• تراه مخالطاً لأصحاب العزائم بل منافساً لهم، يتهم نفسه دائماً بالتقصير ويفطمها عن الدنايا حتى يروضها وتسلس قيادتها.

• تراه متوازناً في كل أموره فلا يطغى أمر على أمر فلا تراه مغرورا ولا تراه عاجزاً مهموماً، وهو لا يتعجل الثمار قبل نضجها ولا يرمي بنفسه في معترك خلافات وعداءات لا تجر عليه إلا التثبيط وانفضاض الناس عنه.

• تراه لا يقتصر على علم قديم حصله، ولا أسلوب واحد أتقنه، بل تراه واسع الاطلاع جديد الأسلوب يسع الجميع بعلمه وبخلقه ويعطي لكل فرد قدره وما يناسبه من مكانة وأسلوب.

• تراه دائماً على وجل من عدم القبول ومن تسرب الشرك أو اليأس فيكون دائماً يلهج بالدعاء غير منقطع الرجاء طامعاً فيما عند الله الذي هو خير وأبقى.

 

اللهم إنا نسألك همة المتقين ومنزلة الصديقين ومرافقة إمام النبيين





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ارفع طموحك واعلُ بهمتك
  • علو الهمة
  • أين المبتلون .. بالهمة؟!
  • همم فوق القمم
  • برنامج همم لجرد المطولات

مختارات من الشبكة

  • همم وقمم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علو الهمة في طلب الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هدم القمم طريق لهدم القيم(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • همم عظيمة مع صغر الأعمار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أبناؤنا في العطلة هموم أم همم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • همم الرجال في شرح تحفة الأطفال ويليه منظومة تحفة الأطفال للإمام سليمان الجمزوري رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • همم(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مخطوطة إيقاظ همم أولي الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • من صفات المنافقين التشكيك وإضعاف همم المسلمين(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • شيخ في التسعين.. يستنهض همم الشبان(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب